الاثنين، 7 أبريل 2008

انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
يقول الله العزيز الحكيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)}( القرآن الحكيم ، النساء ) .
المناورات العسكرية والسياسية والاقتصادية في المشرق العربي مشتعلة كاشتعال النار في الهشيم اليابس ، فالمشرق العربي اصبح منطقة ساخنة يهدد بالإنفجار في اي لحظة ، فقوات الاحتلال الصهيوني مستنفرة وتجري تدريبات شاملة عسكرية تقليدية وكيميائية وربما نووية مستترة مكثفة . وقد تعودنا على هذا الاحتلال العسكري اليهودي - الصهيوني في فلسطين أن يشن هجوما بالمفرق أو بالجملة في أعقاب كل مؤتمر قمة عربي ، وها قد أنقشع مؤتمر القمة العربي الذي عقد بدمشق الشام في أواخر آذار الماضي ، والاحتلال اليهودي في فلسطين يتربص الدوائر بالعرب والمسلمين ويتحين التوقيت المناسب له ليفاجئ بالضربة الجديدة في المنطقة ، ولن تكون مفاجئة ، فهل يا ترى ستكون هذه الضربة في فلسطين أم في لبنان أم في سوريا أم في إيران ؟ كل هذه المناطق والبلدان العربية والإسلامية مستهدفة من الطيران الحربي الصهيوني والأمريكي كونها تشكل ما يسمى ( بؤرة الشرق الأوسط الجديد أو الموسع أو الكبير ) حسب المصطلحات الصهيونية - الأمريكية . وكل الدلائل تشير إلى قرب احتدام المواجهة بين العرب والمحتلين اليهود في فلسطين . وسوريا من جهتها تعد العدة فالمناورات العسكرية واستدعاء الاحتياط قد لم شمله هذه المرة ، وحزب الله اللبناني محرر الجنوب اللبناني يعد العدة للانتقام لمقتل قائده العسكري الشيخ رضوان مغنية الذي اغتيل في دمشق مؤخرا . إذا فالفتيل جاهز لإندلاع الشرارة الملتهبة ، من سنأ البرق المتوهجة ، وكما جرت العادة فإن حزب الله إذا قال فعل والشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إذا وعد لا ولم ولن يخلف كما هي عادته ، كما حدث بعملية الوعد الصادق في تموز 2006 ، وعد حزب الله بالرد المجلجل ، فهل سيكون هذا الرد مجلجلا ومزلزلا هذه المرة ؟ متى وكيف وما هي الوسائل ، في فلسطين أم خارجها ؟ نحن جميعا في فلسطين الكبرى والوطن العربي والعالم ، وحتى في الولايات المتحدة وأوروبا بانتظار الفعل ورد الفعل ، ليس من المغامرين كما يوصفون وإنما من المنتقمين المدافعين عن أنفسهم كدفاع شرعي عن النفس ، وهناك تخوفات صهيونية بأن حزب الله سيقوم باختطاف أو قتل بعض القادة اليهود الكبار سواء في فلسطين ساحة الصراع الرئيسة أو في خارجها وهي ساحة الصراع الخارجية الثانوية .
وهذا الربيع المشرقي سيكون ربيعا ساخنا هذه المرة ، وهناك تخوفات يهودية من أن حزب الله اللبناني ذو الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى سينفذ عملية غير مسبوقة ، فعلى سبيل المثال يتخوفون من أن حزب الله سيقوم بتحرير مزارع شبعا أو جزء من شمال فلسطين المحتلة كاسترجاع منطقة الخالصة وليكن ما يكون ، وفيما إذا حدث ذلك فإن عشرات آلاف الفلسطينيين سيتدفقون إلى منطقة فلسطين الشمالية المحتلة فيما يعرف بأصبع الجليل ، كما حد في الثلث الأخير من شهر كانون الثاني من العام الجاري 2008 في غزوة رفح وبداية شرارة انتفاضة فلسطين الثالثة ، عندما دخل مصر نحو 750 الف فلسطيني من قطاع غزة عبر رفح آمنين مطمئنين غير خائفين من الأعداء وكوابيسهم التفجيرية الحربية الجوية والبحرية والبرية .
وغني عن القول ، إن الوضع الفلسطيني لا يحسد عليه من الصراع المحتدم بين حكومة الطوارئ الفلسطينية التي تحولت لحكومة تسيير أعمال ولكن مدتها طالت وهناك مطالبات من قيادات بارزة من حركة فتح بإدخال تعديلات على الحكومة التي يسير أعمالها قائمة الطريق الثالث الصغيرة الحجم في عضوية المجلس التشريعي الفلسطيني ، وهناك مناكفات بين نقابات العاملين في القطاع الحكومي العام وحكومة الطريق الثالث والأمر ينذر بتأجيج الوضع النقابي المطلبي . وفي حالة إندلاع مواجهات بين الاحتلال الصهيوني وطرف عربي أو إسلامي فإن الأوضاع في فلسطين سوف تتدهور كما يتوقع المراقبون ويمكن أن تسرى بليل شرارة انتفاضة فلسطين الثالثة ، للخروج من الوضع الفلسطيني غير المستقر بسبب التجاذبات السياسية ومراوحة المبادرة اليمنية لإصلاح ذات البين بين حركتي فتح وحماس . وفي هذه المرة سيكون هناك تصعيد فلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني وستختلط الأوراق مرة ومرات وهناك صفارات إنذار تنذر بهذا الوضع الجديد للخروج من المأزق الفلسطيني الداخلي ونكاية بالمماطلة الصهيونية في الاعتراف بحقوق شعب فلسطين الشرعية وفي مقدمتها إعلان قيام دولة فلسطين بحق وحقيق على تراب الوطن الفلسطيني المحتل من بحره لنهره ومن شماله لجنوبه . فهل يا ترى ستأزف الآزفة قريبا ؟ وما هي طبيعة الواقعة الجديدة التي ستلقي بظلالها على أرض فلسطين ؟ وكيف ستحرق المراحل السياسية وتعود حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ؟ كل هذه التساؤلات مرهونة بالتصعيد على الوضع الفلسطيني الداخلي والأوضاع المجاورة التي تكون فيها الشرارة والطائرة الحربية والدبابة اليهودية والبوارج الحربية اليهودية على أهبة الإستعداد لتفجير بركان جديد في المنطقة ، وسوف تتصاعد حدة اللهجة الجهادية من حزب الله ، فكما كان يهدد بضرب حيفا وما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا ، يمكن أن تنفذ هذه المرة التهديدات ضد الأهداف اليهودية في فلسطين المحتلة في عقر دار بني صهيون ، وسترتد الهجرة اليهودية من الخارج لفلسطين إلى هجرة عكسية كما حدث إبان السنوات الثلاث الأولى من انتفاضة الأقصى المجيدة .
التوقعات والتنبؤات المستجدة على الأوضاع الراهنة تنبي بمولود جديد ، سياسي أو حربي ، والسياسي ضعيف الحدوث والمولود العسكري هو المرشح الذي رشح ويرشح من أنوف المناورات العسكرية في المنطقة هنا وهناك ، وتصاعد التهديدات والوعيد ، ولكن من سيبدأ هذه المرة ؟ المفاجأة ستكون قريبة ، وعلى أغلب الظن ستكون قبل أواسط ايار 2008 لجعل الاحتفالات بقيام الكيان اليهودي في فلسطين مرة ومريرة تتجرع العلقم .
فالنفير العام مطلوب والاستعداد لما هو آت لا ريب فيه جار على قدم وساق مستعجلة كسرعة البرق ، ويبقى توقيت البدء في الهجوم والفعل ورد الفعل في عالم الغيب ، عند الله عالم الغيب والشهادة ولكن الاستقراء الأولي ينذر بوضع جديد ونزيف جديد ، ولسان حال المقاومة اللبنانية والفلسطينية يقول ، كما يقول الله العلي العظيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}( القرآن الحكيم ، التوبة ) . فالنفير العام السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي مهيأ لاستقبال حرب جديدة صغيرة او محدودة ، في فلسطين والمشرق العربي المقدم على بركان حربي ساخن ، يستعد للطوارئ فرادى وجماعات وذلك وفق التعاليم الإلهية الجهادية بالكلمة والسيف والمصحف ، كما يقول الله جل جلاله : { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}( القرآن الحكيم ، التوبة ) .
والنفير الفلسطيني والعربي المقصود هو الاستعداد النفسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري لما هو قادم ، قوافل من الشهداء الذين سيقضون نحبهم ويلتحقون بالرفيق الأعلى في أعلى عليين ، والجرحى الذين سيزورون المشافي والأسرى الذين سينزلون في غياهب السجون والزنازين لدى الاحتلال اليهودي - الصهيوني لفلسطين . والنفير العربي سيكون بالاستعداد لإسقاط طائرات حربية صهيونية من طراز إف 15 وإف 16 كما حدث في حرب رمضان - تشرين الأول 1973 ، فهل ستتكرر عملية إسقاط طائرات معادية للعرب في ربيع 2008 ؟ ؟ وهل هناك صواريخ عربية ستضرب قلب تل ابيب وحيفا وبيسان وطبرية من جديد . وفي حالة سقوط أول صاروخ عربي أو إسلامي على تل ابيب أو حيفا أو ربما ديمونا سيهج ويفج من كل فج عميق يهود من المستعمرات اليهودية في فلسطين الكبرى لخارج البلاد .
لسنا متشائمين ولكننا متفائلين ، وإنا لصادقون ، وإن غدا لناظره قريب وليس ببعيد .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: