الأحد، 13 أبريل 2008

وصايا فلسطينية لتهييج النصر المبين

الأربعاء,شباط 20, 2008

وصايا فلسطينية لتهييج النصر المبين
=============
د. كمال علاونه
دكتوراه علوم سياسية
=============
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الله جل جلاله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } ( القرآن المبين ، الروم ، 47 ) .
إن سبل تحقيق النصر ، ودحر أسباب الهزائم المتلاحقة ، في فلسطين وخارجها ، لأهل فلسطين الأصليين ، وللعرب والمسلمين أجمعين ، ففلسطين أرض مباركة ومقدسة ، لدى أكثر من عشرة ملايين فلسطيني ، وأكثر من 300 مليون عربي وأكثر من 2 ر1 مليار مسلم ، ويكون ذلك بالأخذ بأسباب التغيير لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فيجب تغيير ما في النفوس أولا ، والإتكال على الله العزيز الجبار لتحصيل النصر المبين ، كفتح يجلجل الأرض ، لأن النصر من عند الله بعد الأخذ بعين الاعتبار سبل التمكين في الأرض والتكافل العام وتفضيل الحياة الآخرة الباقية على الحياة الدنيا الفانية .
وإن التغيير والإصلاح الوطني والإسلامي الشامل يمكن في تفعيل وتعزيز المؤسسات الفلسطينية في كافة الميادين الحياتية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والنفسية العامة على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية وعلى صعيد المؤسسات المحلية الداخلية والإقليمية والعالمية ، لتعمل في بوتقة واحدة وتحت قيادة واحدة ، لأن المصير واحد والعدو واحد ، والأهداف واحدة تتمثل في الصبر والصمود والتحدي والمرابطة والتحرير . وهذا يحتاج لآلية فلسطينية - عربية – إسلامية ، يكون فيها شعب فلسطين رأس الحربة في ميدان الصراع المحتدم الحالي والمستقبلي القادم بشكل لا ريب فيه . وهذا التغيير والإصلاح يرتكز على عدة مرتكزات أساسية من أبرز بنودها ما يلي :
1. اعتماد الإيديولوجية الإسلامية :
فالإسلام دين حي ، يقوم على الجهاد والتضحية والفداء وهو مناسب للوضع الفلسطيني المعاصر ، لأن الأيديولوجيات الأرضية القومية والعلمانية والماركسية أثبتت فشلها عبر سني التاريخ السابق في تحقيق النصر على الأعداء ، فضرورة التغيير والإصلاح حتمية وآن الأوان لترسيخها في نفسية الإنسان الفلسطيني والعربي والمسلم ، وتعزيز الاعتصام بحبل الله المتين .
والحركات الوطنية والقومية في فلسطين إذا لم تغير نظرتها وتعيد حساباتها من جديد فإنها ستندثر مستقبلا إن عاجلا أو آجلا ، ولهذا لا بد من إعادة تقييم أوضاعها من جديد ومن الضروري لها إذا أرادت أن تعود لها عافيتها وفعاليتها من تبني الإسلام قلبا وقالبا ، لأنه دين العصر ، وهو العنصر الصالح للنصر ، وهو القادر على إنهاض الحركة من تراجعها وتشتتها ، وإحداث انطلاقة جديدة ثانية لها ، خاصة وأن نسبة كبيرة من أبنائها اخذوا يعيدون حساباتهم ونجد نسبة كبيرة منهم أخذت تعود للإسلام كدين وحياة لأن الأيديولوجيات الأرضية أثبتت فشلها سواء أكانت ماركسية أو رأسمالية غربية بينما يعتبر الإسلام هو الرسالة السامية المنصفة للجميع والقادرة على تحقيق الحرية والتحرير . فقد وعد الله سبحانه وتعالى المسلمين بالنصر المبين ، كما جاء في القرآن الكريم : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ . وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ . فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ . وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ . أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ . وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ . وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ . سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }( القرآن المبين ، الصافات ،171 - 182 ) .
وجند الله هم المسلمون الذين يتبعون تعاليم القرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة الواعدة ، بشكل كامل متكامل لتحقيق النصر الحتمي ، هم الغالبون حتما لا محالة وهذا وعد رباني ، كما انتصر المسلمون في الأرض المباركة أيام عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي والمماليك بقيادة قطز وبيبرس ففتحت فلسطين وأظلها الإسلام بظله فعاشت في نعيم وسلام وأمن مقيم . فالإسلام يعمل على تربية الفرد والجماعة والشعب تربية إيمانية صادقة وتنشئة سياسية قائمة على التفاني والإخلاص والشفافية والعزة والكرامة لتحصيل مغانم الدنيا وثواب الآخرة في الوقت ذاته . ومن نافلة القول ، إن الطريقة التي اتبعت لتحرير فلسطين من مختلف الحركات الفلسطينية طيلة العقود الأربعة الماضية أخفقت أيما إخفاق لبعدها عن الإسلام وتصارعها مع بعضها البعض بينما استطاعت الحركات الإسلامية الفتية أن تصعد بقضية فلسطين خطوات متقدمة للأمام باتجاه بوصلة التحرير وقيادة جموع شعب فلسطين في ارض الرباط المقدسة . ولا بد من تجميع جميع قوى فلسطين ، لتحرير فلسطين من الغاصبين الصهاينة لأن يد الله مع الجماعة ، ومن الضروري الابتعاد عن الصراعات الداخلية والحرب الأهلية لأنها لا تبقي ولا تذر من قوة الشعب وتمكن الأعداء من غرس أنيابهم في الجسد الفلسطيني لفترة أطول من الفترة الحالية .
2. تفعيل وتطوير المؤسسات :
إصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، وضم الحركات الإسلامية لمؤسساتها ، وترسيخ الوحدة الوطنية الشاملة ، فعلا وقولا ، كما يلي :
أولا : المجلس الوطني الفلسطيني :
1. تقليل عدد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني إلى النصف .
2. توزيع مقاعد المجلس الوطني مناصفة بين فلسطيني الداخل والخارج ، فنصف شعب فلسطين داخل الوطن والنصف الآخر خارج البلاد بفعل التهجير القسري .
3. تمثيل جميع الحركات والفصائل الوطنية والإسلامية في المجلس الوطني الفلسطيني .
ثانيا : المجلس المركزي : جعل عدد أعضائه 100 عضو ، تكون مناصفة بين الداخل والخارج .
ثالثا : اللجنة التنفيذية : شمولية عضويتها لجميع الحركات والجبهات والأحزاب كل حسب حجمها إضافة إلى مستقلين . وأن تشمل عضويتها الفلسطينيين في : فلسطين والأردن وسوريا ولبنان والخليج العربي وقارة أوروبا وأمريكا وغيرها . وفصل عضويتها عن رئاسة ووزارات السلطة الفلسطينية ، لتجنب التشابك والعمل على توزيع المسؤوليات والحفاظ على بنية المنظمة السياسية والتنظيمية والإدارية والاقتصادية .
رابعا : جيش التحرير الفلسطيني : تفعيل قوات جيش التحرير الفلسطيني عددا وعدة وتدريبا .
3. ذاتية التمويل المالي : الاعتماد بدرجة كبيرة على التمويل الذاتي الفلسطيني ، عبر إنشاء المشاريع الاقتصادية والخدمية المحلية والإقليمية والعالمية .
4. تجديد القيادة السياسية باستمرار : عدم احتكار المواقع القيادية العليا ، فمؤسسات الثورة والمنظمة والدولة يفترض أن تضم قيادات شابة بشكل دوري وعدم التمسك بالمناصب والمواقع القيادية الأمامية بل تفعيلها بقيادات فعالة جديدة .
5. تعزيز قوة السلطة الوطنية الفلسطينية : فالسلطة الوطنية الفلسطينية كيان وذراع وطني محلي شامل لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ونواة لدولة فلسطين العتيدة ، ويكون تعزيزها مؤسسيا وشعبيا ورسميا .
6. توثيق علاقات المهاجرين بالأنصار : ينبغي تعميق العلاقات وتوزيع الأدوار بين اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين الفلسطينيين والعرب والمسلمين في فلسطين وخارجها ، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنظيمية والعسكرية .
7 . تفعيل مشاركة الأقليات الفلسطينية : وذلك بما يعزز قوتهم النضالية ويقوي علاقاتهم بأبناء الشعب الفلسطيني الأم ، في إطار منظمة التحرير ليكون الولاء لفلسطين أولا وليس للغرب .
8. تعزيز المثل العليا في المجتمع : مثل الفداء والتضحية والعطاء المتواصل ، وإعطاء قدوة حسنة من المسؤولين والزهد المالي والسياسي في المناصب والمواقع وتقديم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وعدم تولية المنافقين لمقدرات الشعب .
9. الإعداد الشامل للمستقبل : فالصراعات والحروب مع الأعداء لم تنتهي ولن تنتهي إلا بتحرير البلاد وإقامة دولة فلسطين عليها . والإعداد يشتمل : السياسي والاجتماعي والعسكري والاقتصادي والثقافي والنفسي المتواصل وعدم التراخي . وعدم التناحر والاقتتال والابتعاد عن الفتنة الداخلية .
10. التعاون الخارجي : بالتعاون مع الحركات التحررية في العالمين العربي والإسلامي وتوزيع الأدوار بينهما بالدرجة الأولى وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لنصرة فلسطين وشعبها باعتبارها بؤرة صراع إسلامية – صليبية – يهودية دائمة طالما بقي الكيان اليهودي المغروس في جذور الأرض المباركة .
يقول الله العزيز الحكيم ، ناصر عباده المخلصين ، سابقا ، وحاليا ولاحقا ، ولكن بعد الإعداد السليم والتخطيط القويم لتهيج رياح النصر القادم لا محالة :
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) { القرآن المبين ، الأنفال )

ليست هناك تعليقات: