الأحد، 13 أبريل 2008

حراثة المياة الراكدة في فلسطين .. إلى أين .. وإلى متى ؟؟ !

الثلاثاء,شباط 19, 2008

حراثة المياة الراكدة في فلسطين ..
إلى أين .. وإلى متى ؟؟ !
===============
د. كمال علاونه
دكتوراه علوم سياسية - فلسطين
====================
اجتماعات ولقاءات سياسية قصيرة ومطولة وعلى مستويات فوقية وتحتية متعددة الأشكال والوجوه ، ومفاوضين اعتلوا عرش التفاوض في فلسطين الكبرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ أمد بعيد .. ولا نبتعد قبل مؤتمر مدريد في أواخر تشرين الأول بخريف 1991، ومفاوضات مباشرة وغير مباشرة بالوكالة ومحادثات سرية وعلنية أسفرت عن ما تمخضه الجبل حسب المثل الشعبي الفلسطيني تمخض الجبل فولد فارا ، وهذه المفاوضات واللقاءات مع قادة الصهاينة من قبل ملوك التفاوض الفلسطينيين الذي احتلوا هذه المراكز ابا عن جدا كوراثة ورثوها كابرا عن كابر إلى متى ؟ ألا يكفى من اجتماعات ومفاوضات ومحادثات وعقد الاتفاقات والتلكؤ في تنفيذها بدءا من أوسلو ومرورا بخريطة الطريق التي جعلت طريق الفلسطينيين وعرة المسالك والمسارب عند أبواب ومداخل المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية .. ألا يكفى مهاترات وسرابات تتدلى كقطوف العنب التي امتصتها دبابير الصهاينة ، فهل نجني من الشوك العنب ؟ بالتأكيد لن نجنيه أبدا وهل نتوقع ممن دمر البنى التحتية الفلسطينية السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يسمح لنا بأن نبدأ ببناء دولة فلسطين العتيدة المنتظرة بفارغ الصبر ؟! هل ننتظر أن تعيد قوات الاحتلال ما دمرته وردمته وقتلته من بشر وشجر وحجر ؟ أصبحنا نحن الفلسطينيين نحرث في مياه راكدة ، كلما اقتربنا منها تفوح رائحتها النتنة ، ونغرس في أوحالها المقرفة ، هذه الأوحال تظهر وتختفي بين الحين والآخر ، من حواجز على الطرقات بدل تعبيد الطرقات ، واعتقالات بالجملة بدل الإفراجات ، وإن حصلت إفراجات جزئية فإنها قليلة لا تسمن ولا تغني من الممات النفسي والكيدي والاجتماعي والسياسي لأبناء فلسطين البررة الذي حملوا الأمانة وتقدموا الصفوف للدفاع الشرعي عن النفس مضحين بالغالي والنفيس . بالله عليكم أبقوا على المياه الراكدة على حالها ولا تغوصوا في أوحالها لأنها تجلب رائحة نتنة تزكم منها الأنوف وتمجها القلوب ، فالاحتلال الإسرائيلي صم بكم عمي فهم يعمهون ولا يفقهون من كلامكم شيئا سوى أن تقولوا لهم : نعم ( كين وتوف باللغة العبرية ) وتمام ( بسيدر باللغة العبرية ) كفاكم نطقا لهم بهذه الكلمات ، فاستخلصوا العبر والعظات من تجارب الماضي ، فلم تتحرر فلسطين لا بالأوف ولا بالتوف ولا بالكين وإنما تحررت بطريقة الوحدة والسبل الكفيلة بذلك ، إن نسيتم أسالوا الفاروق عمر بن الخطاب في فتح بيت المقدس ( إيلياء ) عام 636 م ، واسألوا صلاح الدين الأيوبي في حطين فلسطين قرب طبرية عام 1187 م ، وأسألوا محمود الممدود ( سيف الدين قطز ) في عين جالوت في بيسان فلسطين الأبية عام 1260 م ، هذه هي الملاحم العربية الإسلامية التي حررت البلاد والعباد من ربقة الاحتلال الأجنبي ، لا داعي للاستجداء ولا داعي للمناقشات وتبادل التحيات غير المباركات والقبلات الباردات والساخنات . كفانا استهتارا بدماء شهداء فلسطين ، كفانا استهتارا بعذابات الأسرى وآهات الأمهات يا بني جلدتنا ، يا بني فلسطين المرابطين في هذه الديار المقدسة ، فالوصف الإلهي لهؤلاء العصابات الطارئة التي جاءت من كل حدب وصوب من 102 من دولة من دول العالم هو الوصف الدقيق ، كما جاء في القرآن المجيد : { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } . وغني عن القول ، إن الاجتماعات الدورية وغير الدورية ، المعد لها مسبقا أم دهرا طويلا أو قصيرا ، نتيجتها هي هي ؟ لا شيء على الأرض يذكر ، لا تتغير ولا تتبدل عبارة عن وعودات معسولة ومواعيد غير مقدسة في الانسحاب من جزء من أرض فلسطين أو حتى الإفراج عن جزء من الأموال أو الإفراج عن جزء من الأسرى ، فكيف بمواضيع الحل النهائي من دولة فلسطين ومصير القدس والحدود وعودة اللاجئين وتحرير المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك ، وإزالة المستوطنات اليهودية . وها هي الحواجز العسكرية الصهيونية تشتد وطأة قبل وبعد عقد اللقاءات . وها هي عصابات المافيا الرسمية والأهلية الصهيونية بدأت ببناء كنيس قرب حائط البراق ، عند مبكى البكائين . فهل هذه مقدمة لإنشاء ما يسمى بالهيكل الثالث المزعوم الذي لا أساس له تاريخيا أو دينيا أو سياسيا وإنما اندثر مرتين زمن نبوخذ نصر عام 586 ق . م وعام 70 م زمن القائد الروماني طيطس ؟؟ فهل بعد الكفر ذنب ؟!! نرجو أن تريحونا من أوحال المستقبل القريب والبعيد ، ابقوا على الدرب صابرين مرابطين ، فانتفاضة الأقصى المباركة والباسلة عملت على توزان الرعب بين الفلسطينيين والغرباء الطارئين في هذه البلاد المقدسة ، لأن التوازن العسكري ليس متوقعا في المستقبل المنظور . فإلى المهرولين إلى الاجتماعات العقمية التي لا تنجب حلولا ولا سلاما وإنما تكرس الواقع الأليم وتحبط الناس وتبث اليأس والقنوط في نفسيات الشعب الصابر المرابط بدل بعث الأمل والتفاؤل لدى الشعب ، يفترض وضع حد للمحادثات واللقاءات في الغابة الاستعمارية لأن الغابة تسودها شريعة الغاب التي تتزعمها الولايات المتحدة بدءأ بقرار تقسيم فلسطين وقرارات الأمم المتحدة التي تناثرت أشلاء في شوارع نيويورك وتل أبيب وخطة خريطة الطريق التي أوجدت المطبات والحفر السحيقة في نفسيات الفلسطينيين في داخل الوطن الفلسطيني وخارجة لأنها لا تقدم بل تؤخر بوصلة الحرية والانعتاق الوطني سنوات وسنوات إلى الوراء ، إلى الخلف در . لنفيق من سباتنا العميق ونبادر إلى رص الصفوف في وحدة وطنية فلسطينية شاملة جامعة بعيدا عن الترهات وبعيدا عن الكراسي والمناصب الزائفة المصطنعة التي لا وجود لها إلا في الهواء الطلق ، ولا تشغل حيزا حقيقيا في مسيرة الدولة والنهوض الوطني الشامل . ولنبتعد عن الخلافات والصراعات الداخلية مهما كانت أسبابها فيد الله مع الجماعة ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ، لا تقصونا عن الأقصى في هذه الاجتماعات التي تضفي نوعا من العلاقات العامة مع الجانب الآخر الذي يدك ويقتحم عورات البيوت الفلسطينية يوميا تحت مرأى وسمع من هذه المفاوضات والمحادثات قبلها وأثناءها وبعدها . اريحونا اراحكم الله من كل هم وغم ، وأشفوا غليل قلوبنا ، وابتعدوا عن الفنادق وعودوا إلى جادة الصواب إلى الخنادق ، كفاكم نبشا وحرثا في مستنقعات الفنادق ، لنرتاح من الروائح النتنة التي نعاني من ويلاتها على حواجز الاحتلال العسكرية ، ومن روائحها الكريهة جدا مهما رش عليها من عطور الدنيا الفواحة ، فلا مسك يغير من رائحتها ولا هم يحزنون .
يقول الله تبارك وتعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( القرآن المجيد ، آل عمران ، 200 ) .

ليست هناك تعليقات: