الأحد، 13 أبريل 2008

الجمعة,شباط 22, 2008

أعطوا الموظف أجره قبل جفاف عرقه

د. كمال علاونه
منسق اللجنة العليا لنقابات العاملين
في الجامعات والكليات الحكومية
فلسطين
=================
يعاني قطاع الموظفين العموميين في القطاع الحكومي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من تدهور وتردي شديد في أوضاعهم المادية والمعنوية جراء التأخير في دفع المستحقات المالية المتبقية لهم على الحكومة الفلسطينية . ويبلغ عدد هؤلاء الموظفين نحو 165 ألف موظف ، من القطاعين المدني والعسكري ، جزء صغير منهم تم تسديد راتبه ومستحقاته بشكل كامل والسواد الأعظم بقي له مبالغ مالية كبيرة توازي ديونه من البنوك والأقارب والأهل والأصدقاء .
والموظفون والعاملون في الجامعات والكليات الحكومية يعانون من الاضطهاد الأكاديمي والمالي والإداري والنفسي مرتين أكثر من فئات العاملين في القطاع الحكومي العام الأخرى . فهم لم يتلقوا جميع رواتبهم الشهرية ومستحقات العمل الإضافي عن الأشهر الثمانية عشرة الماضية . بالإضافة إلى الظلم الواقع عليهم أصلا مقارنة مع زملائهم بالجامعات الفلسطينية العامة والخاصة الأخرى . فالعاملون في جامعة فلسطين التقنية ( خضوري ) بطولكرم وجامعة الأقصى بغزة وكليات فلسطين التقنية في العروب بالخليل وبنات رام الله ودير البلح وكلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس والبالغ عددهم أكثر من 1300 موظف من حملة مختلف الشهادات الجامعية : الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس والدبلوم والعاملين في الخدمات العامة يعملون على تسيير شؤون أكثر من عشرين ألف طالب جامعي لدرجتي البكالوريوس والدبلوم قد ضاقوا ذرعا بسياسة المماطلة والتسويف التي تتبعها حكومة تسيير الأعمال برئاسة د. سلام فياض في تسديد المستحقات المالية لهؤلاء العاملين في الجامعات والكليات الحكومية خاصة والعاملين في القطاع الحكومي العام عامة .
وقد انتظر هؤلاء العاملون في الجامعات والكليات الحكومية في فلسطين الفرج القريب بعد إنفراج الوضع الاقتصادي وتبديد الحصار المالي بفعل إفراج حكومة الاحتلال عن عوائد الضرائب والجمارك المستحقة للفلسطينيين للحكومة الفلسطينية الثانية عشرة برئاسة فياض ، إلا أن الأمال والتفاؤل سرعان ما ذهبت أدراج الرياح بعد مرور أكثر من ستة شهور على تشكيل هذه الحكومة الفلسطينية التي وعدت بدفع كافة المستحقات المالية للموظفين حتى نهاية شهر كانون الأول المقبل ، ولكن لا يبدو في الأفق أن هذه الوعود مقدسة بل هي وعود هلامية غير واقعية إلا إذا حدثت المعجزة وقامت هذه الحكومة بتسديد ودفع جميع المستحقات المالية للموظفين خلال الشهر القادم وهو ما لا يبدو أنه سيتحقق . وقد جاء بصحيح البخاري - (ج 8 / ص 36) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ }.
وتتمثل مطالب العاملين في الجامعات والكليات الحكومية بعدة مطالب قانونية شرعية تشتمل على مطالب : أكاديمية ومالية وإدارية ومعنوية في الآن ذاته ، من أهمها : دفع المستحقات المالية المتبقية وحل كل المسائل العالقة ، وتطبيق الكادر الوظيفي الجامعي المعمول به في الجامعات الفلسطينية على العاملين بالجامعات والكليات الحكومية ، ودفع العلاوة الإدارية المتوقفة منذ آذار 2006 ، ودفع غلاء معيشة مناسب ، ففي الجامعات الفلسطينية تم الاتفاق على زيادة قدرها 9 % وفي التعليم بوكالة الغوث تم زيادتها إلى 14 % ، بينما لم تزدد شيئا بالجامعات والكليات الحكومية . ويطالب العاملون بدفع بدل مالي حقيقي للمواصلات ، فمثلا هناك جزء من الموظفين يدفعون نحو 600 شيكلا شهريا للذهاب والإياب لمؤسسة التعليم العالي الحكومية ولا يدفع لهم سوى أربعمائة شيكل شهريا . وهناك مطالبة بدفع بدل مخاطرة للموظفين الذين تنطبق عليهم هذه الخدمة المقرة بقانون الخدمة المدنية الفلسطيني ، والعمل الإضافي أيضا فيه الدفع المالي الحكومي شبه معدوم تماما وأجرة الساعة المدفوعة زهيدة مقارنة بالبدل المالي في الجامعات الفلسطينية ، والترقيات العلمية للأكاديميين من رتبة أستاذ مساعد إلى مشارك أو أستاذ كامل والترقيات الإدارية متوقفة بوزارة التعليم العالي . والابتعاث الأكاديمي للعاملين بالجامعات والكليات الحكومية ضئيل لا يتناسب مع الحاجة الماسة للتطوير الجامعي ، والمفروض أن يكون لهم الأولوية ، فهم أولى من الفئات الأخرى لأنهم يعملون في مؤسسات تعليمية عليا تابعة للحكومة . وهناك مطالب أخرى تتمثل بالتأخير في تنفيذ دفع بدل المخصصات الاجتماعية كدفع مخصصات الطفولة والأمومة والخصم الضريبي للأبناء الدارسين في الجامعات وإعاشة الأقارب كالوالدين وسواهما. كما إن سنوات الخبرة والخدمة الواجب احتسابها للعاملين يتم المماطلة فيها ولا تحتسب أو تدفع بمعايير حقيقية مناسبة . وهناك مطالبات لجامعة الأقصى مثلا تتمثل بزيادة سن المتقاعدين الأكاديميين حتى 70 سنة وليس 60 سنة كما هو معمول به الآن ، وإعادة العمل ببرنامج الدراسات العليا للدكتوراه بالتعاون مع جامعة عين شمس المصرية وغيرها .
على أي حال ، إن اليأس والقنوط والتشاؤم يسود أوساط العاملين في القطاع الحكومي عامة والعاملين في الجامعات والكليات الحكومية بفلسطين خاصة بعد تبديد الوعود تلو الوعود ولم يروا طحنا بعد كل السيل الكلامي الإعلامي السابق المتدفق بلا رصيد مالي فعلي ليداوي الجراح ، والنفوس المكلومة ، وقد رفعوا عرائض ومذكرات لوزيرة التربية والتعليم العالي المشرفة والمنظمة لشؤون التعليم العالي الرسمي الحكومي ولا لم يتلقوا أي رد ، ورفعوا هذه العرائض والمذكرات لرئيس مجلس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض ولكن دون رد أيضا مما أضطرهم لإعلان الإضراب التحذيري المحدود في بعض الأيام الدراسية الأكاديمية لعل وعسى أن يستجاب لطلبهم . وغني عن القول ، إن المتأخرات المالية للموظفين هي ديون ممتازة على الحكومة الفلسطينية واجبة ومستحقة الدفع منذ أحيان سابقة ، وكما جاء بسنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 294) ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) . فلتدفع أجور ورواتب الموظفين دون تأخير لأن الوضع متأزم لم يعد يحتمل التأخير أكثر من ذلك .
وهناك معاناة شاملة وعامة حقيقية أخذت بالبروز في الجامعات والكليات الحكومية بفلسطين ، تهدد المسيرة التعليمية العليا بالخطر الشديد إذا بقيت بلا حل مناسب أو تجاوب فعلي من المسئولين ، وهي جنوح بعض الموظفين لترك هذه المؤسسات التعليمية العليا سواء بتقديم الاستقالة من العمل والهجرة خارج الوطن أو العمل في القطاع الخاص أو العمل الإضافي في القطاع الخاص إلى جانب العمل بالقطاع الحكومي أو الخروج بإجازة بدون راتب لمدة سنة ، وهذا ما شهدته مؤسسات كثيرة في هذا المجال ، كما إن هناك تذمرا شديدا بين أوساط العاملين وقلت إنتاجية الكثير منهم ، جراء الديون المتراكمة عليهم ، فالهواتف البيتية مفصولة عن البعض ، وفواتير المياه والكهرباء وصلت أرقاما مالية مرتفعة دون المقدرة على التسديد فقطعت الكهرباء عن بعضهم ، وهناك من ترك مواصلة التعليم العالي للدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه ، كما توقف عشرات الطلبة من أبناء العاملين في الجامعات والكليات الحكومية من تسجيل المساقات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية بسبب التسجيل الالكتروني على الانتر نت وعدم مراعاة لظروف آبائهم أو أقاربهم ، وهناك من أصيب بجلطات وشلل وأصيب البعض بعاهات نفسية واكتئاب نفسي بسبب ضيق ذات الحال . وإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا . وطوبى للقابضين على الجمر الصابرين المرابطين في ارض فلسطين المقدسة رغم الحصار والإغلاق السياسي والعسكري والاقتصادي والنفسي الظالم .

ليست هناك تعليقات: