الأحد، 13 أبريل 2008

في مواجهة الاستشراق والإهانات الغربية لخير أمة أخرجت للناس

,شباط 18, 2008
في مواجهة الإستشراق والإهانات الغربية لخير أمة أخرجت للناس
في مواجهة الاستشراق والإهانات الغربية
لخير أمة أخرجت للناس
=====================
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
------------------------------------
يقول الله جل جلاله بالقرآن المجيد مخاطبا جميع العالمين : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) } ( البقرة ) .
كثرت عمليات التهجم على الإسلام والمسلمين في العالم وخاصة في قارة أوروبا ، بتحريض وتأييد بعض شياطين الإنس وتمثلت الهجومات على الأصول والأركان الإسلامية من : الذات الإلهية والعقيدة الإسلامية والقرآن الكريم والنبي العربي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والمعاملات الأسلامية وغيرها . وقد جاءت هذه التهجمات القولية وعبر الرسومات لإذلال وإهانة أبناء الإسلام العظيم ، ونسي أو تناسى هؤلاء المهووسين بمعاداة الإسلام ، أن الدين الإسلامي هو الذي بنى ويبني ويصقل الشخصية الإسلامية الداعية إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي والظلم والظلام الدامس الذي عاشت فيه أوروبا عامة والدول الإسكندنافية خاصة التي تظهر هؤلاء المهووسين وتبرز لهم أقوالهم وأعمالهم الدنيئة التي تستهدف الرسالة الإسلامية العالمية الساعية لنشر العدل والعدالة الإلهية بين الأمم والشعوب والناس كافة . وكذلك للتعارف والتآلف تحت مظلة ربانية إسلامية حقيقية ، يقول الله العزيز الحكيم : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }( القرآن المجيد ، الحجرات ، 13 ) .
على العموم ، الاستشراق هو الدراسات الغربية للعلوم الشرقية من : اللغات والاديان والتاريخ والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية وما الى ذلك . وقد بدأ الاستشراق القديم منذ الفتوحات الاسلامية ووصولها الى الاندلس ( اسبانيا ) ومشارف دولة الفرنجة آنذاك حيث اخذ بعض رجال الدين الغربيين بدراسة علوم الفاتحين المسلمين الذين بذلوا جهودهم لنشر الرسالة الاسلامية العالمية السمحة .
وفي اعقاب الحملة الصليبية الاولى في اواخر القرن الحادي عشر( 1099 م ) ، وضعت الخطط الغربية بعامة والاوروبية بخاصة لغزو الشرق ، وأكدت هذه الخطط على ضرورة ايجاد وسائل سلمية تساند الوسيلة التقليدية الحربية العسكرية للسيطرة على الوطن العربي وما يسمى ب " اقاليم الكتاب المقدس " أو الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الموسع حسب ما ادعى الصليبيون القدامى والجدد، واقتضت تلك الخطط التوسع في الدراسات الاستشراقية وتوفير كافة السبل الفكرية والإعلامية والاقتصادية والنفسية لها . وقد اشرف على هذه البرامج والخطط بعض رجال الكنيسة والاكاديميين المتخصصين في شتى العلوم وبعض الصحافيين وانطلقوا في بداية الأمر نحو ترجمة الكتب العربية الاسلامية .
وتقاطعت والتقت في الاستشراق اهداف جمعيات ومؤسسات التبشير واهداف الدوائر الاستعمارية ، فشكلت مثلثاً متكامل الاضلاع ( استشراق - تبشير - استعمار ) وأسست معاهد الاستشراق وجمعيات للمستشرقين وادخلت الدراسات الشرقية في الجامعات الغربية الكبرى .
وفي هذا العصر ، تطورت وتقدمت العلوم الشرقية اذ تسابق المستشرقون تحت ذرائع ودوافع مختلفة لسبر اغوار الشرق واوضاعة الدينية والدنيوية . ويمكن القول إن الاستشراق بلغ اعلى ذروتة في نهاية القرن العشرين ، ومطلع القرن الحادي والعشرين الحالي لتلبية رغبات وأماني المؤسسات والجمعيات لاختراق الوطن العربي الكبير واستمرار اخضاعه للهيمنة الغربية وفقسياسة ( فرق تسد ) و " سياسة التفريغ والملء " ، تفريغ الحضارة العربية الاسلامية من مضمونها واحلال الثقافة الغربية مكانها . وبغض النظر عن النتائج فان الاستشراق لعب دورا فاعلاً في ربط الوطن العربي بشكل او بآخر بالركب الغربي . وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبي العربي الأمين أن يصدع بالدعوة الإسلامية ، للوصول بالناس إلى بر الأمان ، وتجنب الغرق في متاهات ومتاعب وهموم وآلام ،الحياة الدنيا الفانية ، فجاء بالكلام الإلهي المقدس : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )( القرآن المجيد ، الأعراف ، 158 ) .
وفي هذه العجالة نسلط الضوء بصورة مختصرة على مفهوم ونشأة وتطور الاستشراق ودوافعه واهدافه وتمويل الاستشراق ووسائل المستشرقين في تحقيق مآربهم وميادين الاستشراق الاساسية وسبل مواجهة الموجات الاستشراقية المتلاحقة .
ما معنى الاستشراق ؟
الاستشراق هو الدراسات التي أجراها ويجريها الغربيون على الشرق ومعارفه مشتملاً على الدراسات اللغوية والدينية والتاريخية والاوضاع الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية وسواها . ولم يقتصر مفهوم الاستشراق على تعريف واحد ، وإنما تعددت التعريفات ، ومنها : الاستشراق هو السعي للمعرفة بكافة صورها واشكالها فيما يختص بالعلوم الشرقية ، وحسب الغربيين فان الشرق يشمل الوطن العربي وتركيا وايران وباكستان والهند والصين والمناطق البحرية البعيدة . ويطلق على الاستشراق في بعض الاحيان ( الاستعراب ) للدلالة على الابحاث والدراسات المختصة بالوطن العربي وحضارته منذ غابر الازمان وحتى العصر الحالي .
وعرف ادوارد سعيد الاستشراق بعدة تعريفات من ابرزها [1] : الاستشراق هو عبارة عن طريقة للوصول الى التناسب مع الشرق على أساس ان للشرق مقاما خاصا في العقلية والتجربة الغربية ، كون ان الاستشراق يشكل للاوروبيين المستعمرات السابقة الغنية بثرواتها وحضارتها وثقافتها وأكثر الصور العميقة المتكررة بين آن وآخر . وكذلك فان الاستشراق يعتبر نهج من الانشاء الكتابي معززا ومدعوما من المؤسسات والجمعيات والافراد في مجالات التراث والبحث والصور والمعتقدات المذهبية والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . اما التعريف الثالث للاستشراق حسب ادوارد سعيد فهو اسلوب من الفكر قائم على اساس التمييز الوجودي والمعرفي بين الجانبين الشرق والغرب ، ويشارك في هذا الاسلوب الكتاب والشعراء والروائيون والفلاسفة والاقتصاديون والاداريون والاستعماريون . وقد اهتمت بالشرق والدراسات المتعلقة به عدة فئات منها : المبشرون ، الاكاديميون ، الرحالة ، المغامرون العسكريون ، اللغويون ، رجال التاريخ ومسؤولو الدوائر والمؤسسات الغربية الاستعمارية [2] .
وهناك ثلاثة انواع من المستشرقين ، كل له اهدافه وغاياتة من اعداد الدراسات الشرقية الخاصة باقليم معين ، وهي : الفريق الاول : وهو الفريق الذي اتقن اللغة العربية فعمل على نشر الكتب وخاصة القديمة واهتم بمسائل شكلية . والفريق الثاني : كان يهدف من دراساته التمهيد لغايات سياسية استعمارية حيث فسروا الاسلام والقيم والعادات والتقاليد العربية كما يحلو لهم ان يفسروها فتهجموا على الحضارة العربية الاسلامية ، وهذا الفريق جعل العرب والمسلمين ينظرون الى الاستشراق بعامة بشيء من الشك والريبة .
والفريق الثالث : وهذا الفرق الاستشراقي عدد دارسيه قلائل ، اذ تعمق في اللغة العربية واتبع الاسلوب البحثي المنهجي العلمي الموضوعي فحاز على احترام العرب والمسلمين .
نشأة وتطور الاستشراق
لا يتفق الباحثون والمؤرخون والمفكرون على تاريخ بداية الاستشراق ، والمؤرخون المسلمون يقولون ان الاستشراق بدأ بعيد الفتح العربي الاسلامي للاندلس حيث تدفق الرهبان الاوروبيين الى هناك للدراسة وطلب العلم عبر علماء المسلمين كالعلوم الفلسفية والرياضيات والطب والاسلام بصورة عامة ، وبعد مدة من التحاقهم بالمدارس العربية وتمكنهم من اللغة العربية ( اللغة العالمية الاولى آنذاك ) عملوا على ترجمة القرآن الكريم والكتب العربية الى لغاتهم . ومن امثال هؤلاء الرهبان : الفرنسي جربرت الذي انتخب بابا لكنيسة روما عام 999 م بعد ان درس في الاندلس ، والراهب بطرس المحترم ( 1092 - 1156 م ) والراهب جيرار دي كريمون ( 1114 - 1187 ) ، وقد ساهمت هذه المجموعة من المستشرقين بنقل الثقافة العربية الاسلامية الى اوروبا ، اذ عملت على تأسيس المعاهد للدراسات العربية وشرعت بتدريس المؤلفات العربية المترجمة الى اللغة اللاتينية [3] . الا أن البدايات الاولى للاستشراق الرسمي يقول بعض المؤرخين انها بدأت بصدور قرار مجمع فينا الكنسي عام 1312 م وذلك عندما تم ايجاد عدة كراسي للغة العربية في خمس جامعات اوروبية هي : جامعة باريس ، اكسفورد ، بولونيا ، سلمنكا والمدينة البابوية [4] . ومهما يكن من امر ، فان الاستشراق او الاستعراب ، بدأ منذ وصول الفتح العربي الاسلامي الى ابواب القارة الاوروبية ، حيث عمد الاوروبيين الى معرفة دوافع واسباب النهضة الاسلامية التي بلغت القوة الاولى في العالم ، اثر هزم الامبراطوريتين الفارسية والرومانية من قبل المسلمين ، وبالتالي السعي الغربي لوقف المد الاسلامي في تلك الحقبة من الزمن . وقد استمر الغرب في دراسة تراث الحضارة العربية الاسلامية بشكل مدروس على نطاق الدولة الواحدة حتى عام 1873 م حيث تداعى المستشرقون الى عقد مؤتمر رسمي هو ( المؤتمر الاستشراقي الاول ) في باريس الذي هدف الى ترسيخ بنية تقاليد واسس للدراسات الاستشراقية وتوريثه من جيل لآخر على اساس افتراضات معينة بعضها واقعي والآخر يشط كثيرا باتجاه سلبي نحو الحضارة العربية الاسلامية ولوضع ركائز الفلسفة الاستشراقية الاقتصادية والسياسية والفكرية والدينية .
وتتابعت الدراسات الاستشراقية عبر القرون الخالية لتصل الى القرن العشرين ، ضمن الحدود الفكرية والتخيلية للامبراطويرات الحديثة الفرنسية والبريطانية والاميركية باستخدام عدة انماط من الاسئلة والطاقات الفكرية والجمالية والبحثية والثقافية الي دخلت في خلق تراث استعماري كتراث الاستشراق [5] . ويقسم المؤرخون الاستشراق الى ثلاثة مراحل : الاستشراق التقليدي ، الاستشراق الحديث والاستشراق المعاصر ، ويعتبر المستشرق سلفستر دوساسي اول مستشرق اوروبي حديث ومؤسساتي درس الاسلام والادب العربي والديانة الدرزية والفارسية وغيرها .
دوافع الاستشراق
تنوعت وتشعبت اسباب ودوافع الدراسات الاستشراقية بعامة و الاستعرابية بخاصة منذ بداياتها ، واهم هذه الدوافع والاهداف ما يلي :
اولا : الدوافع الدينية ( التبشير والرد على الاسلام ) ، واعادة " الهيبة " للكنيسة الغربية وتنفير المسلمين ، القادمين الجدد الى اوروبا [6] عن دينهم بالتزوير والتلفيق وعدم الاعتراف بالنبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بانه خاتم الانبياء والمرسلين ، ووصل الامر ببعض الكتاب الغربيين الى الادعاء بان الاسلام " عبارة عن مزيج من الديانتين اليهودية والنصرانية " وكان هذا الدافع المبرمج غير الواقعي هو السبب المباشر للاستشراق في بدايته ونهايتة .
ثانيا : الدوافع الاقتصادية : التميهد للغزو الاقتصادي واخضاع الاسواق العربية للسيطرة الاقتصادية الغربية وابقائها اسواقا استهلاكية للمنتجات الغربية والاستئثار بالثروات الطبيعية بأبخس الاثمان ، وقد تنامت الدراسات الاستشراقية بعد اكتشاف النفط والمعادن في الوطن العربي .
ثالثا : الدوافع الاستعمارية الاستراتيجية : لجا الغرب الى اعداد الدراسات الاستشراقية لبث الفرقة والخلاف في نفوس العرب والمسلمين واحلال النعرات الطائفية الضيقة في لبنان(مسلمين : سنة وشيعة ، موارنة ، دروز) ومصر(اقباط ) والعراق( سنة وشيعة واكرد ) والسودان( مسلمين ومسيحيين ووثنيين ) والمغرب والجزائر( عرب وبربر) وتصوير الطائفية وكأنها فسيفساء متباينة الاهداف والغايات ونهج الحياة وهي دعاية سارت وتسير وفق مبدا ( فرق تسد ) لجر الاقليات اللغوية والدينية والاثنية الى صراعات جانبية بدعوى الحرية والديموقراطية والاستقلال عن الوطن الأم .
رابعا : الدوافع السياسية : كل دولة عادة تلجأ الى انشاء سفارة وقنصليات في اطار التبادل الدبلوماسي مع الدول الاخرى ، ورأت الدولة الغربية ان الحاجة ماسة لتعريف طواقم السلك السياسي والدبلوماسي [7] بكافة المعارف والعلوم الفلسفية والعادات والتقاليد في البلدان العربية كي يتمكنوا من التأقلم والتكيف مع الواقع الجديد ، والترويج للفتن الداخلية وتشجيع النعرات القبلية وتقديم الدعم المالي اللازم لتنفيذ السياسة الغربية تجاه مسالة مهمة والظهور بمظهر الدفاع عن الديموقراطية والحرية الشخصية للفئات الممالئة لسياسة هذه الدولة الغربية او تلك .
خامسا : الدوافع العلمية : شكلت الحضارة العربية الاسلامية مادة دسمة للباحثين الغربيين في كافة المجالات العلمية والانسانية في الطب والجبر والرياضيات والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والدين والاقتصاد ونظام الحكم السياسي . وتعتبر الدوافع العلمية من الدوافع الضعيفة التي حدت بالغرب الى طرق الدراسات الاستشراقية ، والفريق الذي اجرى دراسات استشراقية عن الوطن العربي بتأثير الدافع العلمي كان عدده ضئيل جدا ، ومن خلال اجراء بعض الغربيين الابحاث الموضوعية عن العرب والمسلمين آمن عدد منهم واعتنق الاسلام . وحول الدافع العلمي للاستشراق يقول نجيب العفيفي ، وهو عربي يعد نفسه مستشرقا تحت عنوان المدرسة المارونية في كتابه ( المستشرقون ) إن الدافع العلمي الذي يقف خلف الجهود الاستشراقية هو امر يصعب تصديقه من خلال الممارسات الميدانية والنوايا الاستعمارية لمعظم الدراسات الاستشراقية .
على أي حال ، ان بعض الباحثين ادرج قائمة بدوافع الاهتمام بالدراسات الشرقية من قبل الغربييين ، وخاصة تلك المتعلقة بالوطن العربي والحضارة العربية الاسلامية وهي : " الدوافع الاستعمارية ، السياسية ، العلمية ، التجارية ، الجغرافية ، الاستراتيجية بالاضافة الى النفط العربي " [8] .
على العموم ، هدف المستشرقون على اختلاف جنسياتهم ومشاربهم وميولهم الفكرية والسياسية الى محاولة تفريغ الحضارة العربية الاسلامية المجيدة والعريقة من مضمونها عبر محاولات التشكيك بركائز هذه الحضارة الدينية والمادية ، يقول عن ذلك محمود زقزوق في كتابه الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري : " لقد نجحت العقلية الاوروبية بداية في السيطرة على مصادر التراث العربي الاسلامي ، وعن طريق الاستشراق والمستشرقين بادرت الى التحقيق والتمحيص والطبع والنشر لمجموعة من أكبر وأهم المصادر التراثية ، وعلى الرغم من أن بعض الدراسات كانت تقترب من صفة النزاهة والحياد ، إلا انها في النهاية وبكل المقاييس تبقى من مظاهر الاحتواء الثقافي " [9] . وبلغ عدد مراكز البحوث والدراسات الاستشراقية الغربية بشتى انواعها نحو تسعة الآف مركز منها 50 مركزا كبيرا تخصص في الدراسات الاسلامية لرصد كل ما هو جديد وسبر اغوار الاصول الاسلامية للاستفادة منها في اتخاذ القرارات السياسية وعملية وضع الخطط والاستراتيجيات ازاء العالمين العربي والاسلامي . وعن اهتمام المستشرقين باللغة العربية ، يقول المستشرق جيوم بوستل ان اللغة العربية يستطيع الانسان استخدامها بشكل قوي للتعبير عما يريد بكلمات قليلة ويضرب مثلا ان ابن سينا كان يقول في صفحة واحدة او صفحتين اكثر ما يريد قوله جالينوس في خمسة او ستة مجلدات كبيرة [10] .ورغم كل الإعداد الغربي الإستعماري للنيل من المسلمين فإنهم لن يستطيعوا ذلك . يقول الله العزيز الجميد :{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ } ( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
نماذج من المستشرقين
تعددت نماذج المستشرقين الذين استخدمتهم دولهم وجمعياتهم لخدمة الاهداف الاستعمارية في مختلف بقاع الوطن العربي ، وفيما يلي قائمة باعمال بعض المستشرقين البارزين وذلك على سبيل المثال لا الحصر :
1. المستشرق الاسباني رايموندلول ( 1235 - 1316 م) انشأ كراسي للغة العربية في عدة اماكن بهدف التبشير وتنصير المسلمين .
2. المستشرق الفرنسي دي ساسي ، ساهم في توجية السياسة الاستعمارية الفرنسية في شمال افريقيا حيث كان مستشارا لوزارة المستعمرات الفرنسية ، فمثلا ترجم البيان العسكري الفرنسي الاول للجزائريين عام 1830 عند احتلال فرنسا للجزائر .
3. المستشرق الهولندي سنوك هور جرونية ، اقام في مكة المكرمة ستة اشهر عام 1885 منتحلا اسما مستعارا هو عبد الغفار ، وكان يتقن اللغة العربية بطلاقة ، لعب دورا بارزا في توجيه السياسه الاستعمارية الهولندية في اندونيسيا .
4. المستشرق اليهودي الالماني جوزيف هوريفتش ( 1874 - 1931 ) تم تعيينه عضوا في ادارة الجامعة العبرية عام 1925 في مدينة القدس المحتلة ، وكان يعمل مسؤولا عن النقوش الاسلامية في الحكومة البريطانية .
5. المستشرق الفرنسي فولتير ( 1694 - 1778 ) الف مسرحية ضد النبي محمد علية السلام ورسالة الاسلام بعنوان " المتعصب " وهي نماذج استشراقية مضللة تتحدث عن ذاتها بذاتها ، وعنصريتها بكل صفاقة وبلا اخلاق بحثية او ادبية .
6. المستشرق العنصري البريطاني سلمان رشدي ، ألف كتاب " آيات شيطانية " عام 1988 ، صب فيها جأم غضبه وحقده على الاسلام والمسلمين اذ حاور تزويير وتشوية حياة النبي ابراهيم علية السلام والملائكة والنبي محمد علية الصلاة والسلام والصحابة ونساء النبي ووصف الجميع بفاحش القول زورا وبهتانا ولم يتورع عن نعتهم باخس الكلام واقبحه بافتراءات واباطيل لا اساس لها من الصحة ، مخالفا كافة الحقائق الاخلاقية والانسانية لهم جميعا ، كبرت كلمة تخرج من فمه وقلمه ان يقول الا كذبا ، وقد اصدر الامام آية الله الخميني مرشد الثورة الاسلامية الايرانية آنذاك فتوى باهدار دمه .
7. المستشرق الموضوعي الفرنسي رجاء جارودي ، كان من الشيوعيين البارزي في اوروبا ثم اسلم وأخذ يدعو للاسلام ، وهو من المستشرقين القلائل الذين انصفوا الاسلام ، الف كتاب " تباشير الاسلام " ، وقال : " ان في مقدور الاسلام ان يحيي ( بضم الياء ) من جديد الامل في المجتمعات الغربية التي حطمتها الانفرادية وانموذج النمو الكمي الذي يقود العالم الى الانتحار " ، ودعا الى تحويل الجمعية الاسلامية بمدينة جنيف السويسرية الى مركز للاشعاع الاسلامي الثقافي واقامة مركز اسلامي في باريس .
8. المستشرق الاسباني بدرو مونايث الاستاذ بجامعة مدريد : يقول ان اسبانيا دخلت التاريخ الحضاري بسبب القرون التي عاشتها في ظل الاسلام وحضارته حيث كانت هذه الحضارة مصدر اشعاع نوراني للثقافة في البلدان الاوروبية التي كانت تتخبط في ظلمات التخلف والامية والجهل الواضح . وهو من المستشرقين الذين قالوا الحقيقة وانصفوا الاسلام .
وسائل المستشرقين في تحقيق مآربهم
تعددت المدارس الاستشراقية التي اهتمت بدراسة الحضارة العربية الاسلامية بكافة جوانبها ، القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة ، اللغة العربية ، الفلسفة العربية الاسلامية ، التاريخ والجغرافيا ، والاقتصاد والاوضاع الاجتماعية وسواها ، من حيث الترجمة الى اللغة اللاتينية واللغات الاوروبية الاخرى ، والتاليف والتعليق على كافة جوانب الحضارة العربية الاسلامية وفق منظور الباحث او الجمعية او المؤسسة الاستشراقية ، واهم هذه المدارس : المدرسة التبشيرية - النصرانية ، المدرسة اليهودية - الصهيونية ، المدرسة الالحادية الشيوعية ، والمدرسة الاسلامية ( التي جاءت عن طريق الباحثين الذين اعتنقوا الاسلام بشكل حقيقي وألفوا كتبا ونظموا مهرجانات وندوات تدعو الى بث الرسالة الاسلامية في المجتمعات الغربية ) . وقد اتبعت هذه المدارس الاستشراقية على اختلاف اشكالها وصورها عدة وسائل للدعوة الى غاياتها واهدافها الاستعمارية المتنوعة ، ومن اهم هذه الوسائل :
1. تاليف الكتب والمعاجم والموسوعات : وذلك باحدى اللغات الغربية المتفرعة عن اللغة اللاتينية : الانجليزية ، الفرنسية ، الالمانية ، الاسبانية ، الايطالية وسواها .
2. جمع المخطوطات وفهرستها : حسب بعض الاحصاءات الغربية سيطر الاستعمار الغربي على نحو 250 الف مخطوطة عربية اسلامية في كافة المجالات العلمية والانسانية . ومن امثلة ذلك ، ان مكتبة برلين ( الالمانية ) وضعت فهرسا دقيقا للمخطوطات العربية والاسلامية في عشرة مجلدات كبيرة حيث يصل عدد المخطوطات في مكتبات الجامعات والمكتبات العامة الى مئات الالاف [11] .
3. الترجمة من اللغة العربية الى اللغات الغربية . وشمل ذلك : القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة ، القواميس اللغوية والادب والفلسفة والتاريخ والجغرافيا وكافة الشؤون الحياتية للعرب والمسلمين .
4. تشكيل الجمعيات الاستشراقية . مثل جمعية فلسطين عام 1801 والجمعية الجغرافية الملكية والبريطانية عام 1830 وصندوق استكشاف فلسطين عام 1865 لايجاد مرتكزات مادية للمشروع الصهيوني في فلسطين ومولت هذه الجمعية جامعتي اكسفورد وكمبردج والجمعية البريطانية ... والمحفل الماسوني الاكبر وبعض الافراد وعملت على نشر كتب استشراقية [12] .
5. اصدار المجلات المتخصصة : تعددت اسماء وعناوين هذه المجلات الاوروبية الاستشراقية ، مثل : المجلات الالمانية - مجلة المستشرقين الالمان ، 1847 ، مجلة الاسلام عام 1910 ، مجلة فكر وفن عام 1963 - ومجلة ينابيع الشرق في فينا عام 1809 ، ومجلة العالم الاسلامي عام 1906 التي اصدرتها البعثة الفرنسية في المغرب ، ومجلة العالم الاسلامي في بريطانيا عام 1911 ، وقد بلغ عدد هذه المجلات نحو 300 مجلة متخصصة في العالم العربي والاسلامي .
6. امداد الارساليات التبشيرية النصرانية واليهودية بالخبراء من المستشرقين . وكانت الارساليات التبشيرية عبارة عن مجموعات عمل رسمية حكومية او مجموعات اهلية خاصة ، وقد اهتمت الارساليات التبشيرية اليهودية بالثقافة اليهودية ونظمت رحلات استطلاعية الى فلسطين بالاستعانة بالمستشرقين من نادي المكابيين الذي تأسس في لندن عام 1891 ، وكانت اول رحلة استطلاعية بمشاركة 21 شخصا ساهمت بتزويد المؤتمر الصهيوني الاول في بال السويسرية عام 1897 بالصور والمعلومات عن فلسطين تمهيدا لاقامة " الدولة اليهودية " فيها [13] .
7. تأسيس معاهد الاستشراق وكراسي الاستشراق في الجامعات الغربية : وكان من اولى اهمامات المستشرقين العمل على انشاء معاهد وكراسي استشراقية في اوروبا في كل من فرنسا وبولونيا وروما وروسيا بريطانيا وسواها ، ولا بد من الاشارة الى ان مجمع فينا الكنسي عام 1312 عمل على انشاء عدة كراسي للغة العربية في خمس جامعات غربية في اوروبا . ولا ننس مراكز الابحاث والدراسات بالجامعات الاسرائيلية التي تهتم بدراسة التراث العربي الاسلامي وتحاول تغيير وتحوير الحقائق التاريخية حول فلسطين عبر التاريخ .
8. تنظيم الندوات والمؤتمرات الاستشراقية : عقد المؤتمر الاستشراقي الاول في باريس عام 1873 ، ووصل عدد هذه المؤتمرات نحو ثلاثين مؤتمرا توزعت على العواصم الاوروبية ، وعقدت بصورة دورية ومنتظمة .
9. انخراط بعض المستشرقين في المجمعات اللغوية العربية : مثل جب ومرجليوث الانجليزيين ، وماسينيون الفرنسي ونيكولسون وجريفني ونالينو الايطاليين وهارتمان وهوتمان الالمانيين وبعضهما جمع العضوية بين المجمعين اللغويين في دمشق والقاهرة ابان الاستعمار .
10.الوجوه المستعارة : من خلال تاليف كتب ونسبها الى اسماء مستعارة ، والتجسس على العالم العربي والتستر خلف نشاطات استشراقية والامثلة كثيرة في هذا المجال .
11.نشر المقالات والدراسات الاستشراقية في الصحف والمجلات العربية .
12. استخدام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة ( الاذاعة والتلفاز ) والفضائيات والانترنت ، عبر محطات الاذاعة الموجهة للوطن العربي والاسلامي على الموجتين القصيرة والمتوسطة ، والفضائيات التلفزيونية المتعددة ، والتي تنطلق من العواصم الغربية لتصل الى مسامع ومشاهد المواطنين العرب ، عبر الاقمار الصناعية ومن المعروف ان وسائل الاتصال الجماهيرية تتمتع بالسرعة والتقنية الحديثة لبث الافكار وترويجها صباحا ومساء ليلا ونهارا ، والامثلة كثيرة في هذا المجال في عصرنا الراهن .
13. انتاج الافلام والمسلسلات وعرض المسرحيات : وهي وسائل مهمة في التأثير على المواطنين في الوطن العربي ، بتمويل هذه الوسائط التعليمية المؤثرة وانتاجها وعرضها في مختلف المناسبات .
تمويل الدراسات الاستشراقية
هناك عدة اطراف شعبية ومؤسسية ورسمية غربية عملت على تقديم الدعم المالي لنشر الدراسات الاستشراقية طيلة المسيرة الاستشراقية الحافلة بالاباطيل والتشويهات للحضارة العربية الاسلامية ومنجزاتها الفذة وقيمها الانسانيةالراقية، وتتمثل الجهات التي دعمت وما زالت تدعم الاستشراق في ما يلي :
المؤسسات الدينية التبشيرية ، الدعم الحكومي الغربي والصهيوني ( الوزاري ، النيابي ، المجالس البلدية ) ، الدعم الاهلي الشعبي من اصحاب رؤوس الاموال والجمعيات المتعددة الاغراض والمحافل الماسونية ومراكز الابحاث والدراسات ، بالاضافة الى التمويل الذاتي من قبل الباحث المستشرق وهو تمويل ضعيف .
كلمة لا بد منها
لقد دأب المستشرقون بعامة والمستعربون بخاصة ، على مطالعة ومراجعة كافة العلوم الدينية والدنيوية لدى المسلمين والعرب ، وتعددت الفرق والمذاهب الاستشراقية ، ارتدى بعضها ثوب العلم او الامانة العلمية والتجرد وارتدى البعض الآخر الثوب التبشيري او اللاديني واخذوا يطرقون كل الابواب فاصبحت كتاباتهم خليطا من العمل الاستشراقي الصالح والطالح على حد سواء ، وهو في معظمه طالحا لا يمت للحقيقة بصلة .
ولهذا من الواجب ان يعمل العرب والمسلمون على ما يلي :
إتباع سياسة التآلف العربي الإسلامي ، والابتعاد عن التخالف والخلاف المهلك ، وذلك بالاسترشاد بمبدأ ( جمع تنتصر ) لمواجهة سياسة فرق تسد الغربية الاستعمارية .
مراجعة ذاتهم بذاتهم اولا وقبل كل شىء . والتأكيد على ذاتية وتقدم الحضارة العربية الإسلامية واستقلاليتها وتعزيز الثقة بها . لأن تعزيز الانتماء للذات العربية الإسلامية يقع في صلب الوقوف بحزم أمام إعتداءات الآخرين .
من ثم استيعاب الانتاج الاستشراقي تمهيدا للرد عليه في كل فن من الفنون الاستشراقية بما يناسبها بالدليل والبرهان العلمي من ذوي الاختصاص وكل في مجاله حتى يفكر كل مستشرق ويعد للمئة قبل ان يشرع بمهاجمة الحضارة العربية الاسلامية عبر التاريخ في أي من المجالات .
لا بد من ايجاد السبل المتعددة الكفيلة بصد الهجمة الاستشراقية عن الحضارة العربية الاسلامية لتكون حاجزا منيعا اماميا يصعب اختراقه وتنفيذ الدراسات على ارض الواقع .
يتطلب هذا فيالق من الجيش المثقف ثقافة عربية اسلامية لابراز الصورة المشرقة للعالمين العربي والاسلامي ، والتأليف في مجال العلوم الغربية ونقدها لتشمل كافة مجالات العلوم الدينية والانسانية العامة والادب واللغة والتاريخ والفلك والكيمياء والصيدلة واصدار الترجمات المتواصلة لكل علم من العلوم بالاستعانة مع المستشرقين الذين اعتنقوا الاسلام .
تخصيص الموارد المالية اللازمة بشكل ملائم سنويا ، وذلك لتقليل تاثير الاستشراق كاحد الوسائل الاستعمارية المعاصرة التي تحاول السيطرة على العقول واجراء ( غسيل دماغ ) متواصل بهدف الاساءة الى الاسلام والعرب والمسلمين كلما استطاعوا الى ذلك سبيلا .
استعمال وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية لتعزيز وجود الحضارة العربية الإسلامية في نفوس أهلها والأصدقاء والأعداء على السواء .
لا بد من النهوض العربي – الاسلامي من السبات العميق الذي تغط فيه المؤسسات والافراد لكي يأخذ كل واحد دوره المناط به في البحث والتطوير للسير باتجاه الامام وفق الاسس العلمية الحضارية التي تواكب العصر الراهن .. وليبرز فرسان الامة للذود عن منجزاتها واسترجاع الايام المجيدة التليدة ، لتعود للامة هيبتها وكرامتها كما كانت في السابق ، فهذه الامة هي التي هزمت امبراطورتي فارس والروم في صدر الاسلام العظيم .. ومن المفروض ان تسترجع الذكريات وتحاول تطبيقها على ارض الواقع .. نحو التقدم والتطور الدائم والعدل والأمن والأمان .. والامة العربية، في هذا العصر ، تمتلك المقومات التي تمكنها من ذلك .. ولكننا بحاجة إلى إرادة ، إرادة قوية . وقد حض الإسلام على اتباع سياسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال الله تبارك وتعالى بمحكم التنزيل :{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
[1] ادوارد سعيد ، الاستشراق : المعرفة – السلطة – الإنشاء ، تعريب : كمال أبو ديب ( بيروت : مؤسسة الأبحاث العربية ، 1984 ) ، ص 37 .
[2] إبراهيم عبد الكريم ، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ( عمان : دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية ، 1993 ) ، ص 20 .
[3] عبد الرحمن حسن الميداني ، أجنحة المكر الثلاثة : التبشير – الاستشراق – الاستعمار ( دمشق : دار القلم ، 1975 ) ، ص 90 .
[4] ادوارد سعيد ، مرجع سابق ، ص 80 .
[5] المرجع السابق ، ص 49 .
[6] عبد الرحمن حسن الميداني ، مرجع سابق ، ص 91 .
[7] المرجع السابق ، ص 93 .
[8] ميشال جحا ، الدراسات العربية الإسلامية في أوروبا ، ص 19 .
[9] محمود حمدي زقزوق ، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ( قطر : رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية ، 1983 ) ، ص 9 .
[10] المرجع السابق ، ص 20 ، 29 – 30 .
[11] محمود زقزوق ، مرجع سابق ، ص 62 .
[12] محمود وادي المرائي ، بريطانيا : صندوق الاستكشافات الفلسطينية ، شؤون فلسطينية ، العدد 9 ، بيروت ، مركز الأبحاث ( م . ت . ف ) ، أيار 1972 ، ص 197 .
[13] إبراهيم عبد الكريم ، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ، مرجع سابق ، ص 37 – 38 .

ليست هناك تعليقات: