الأحد، 13 أبريل 2008

انتفاضة الأقصى في فلسطين 2000 - 2006 ( 4 - 4 )

السبت,شباط 23, 2008

انتفاضة الأقصى في فلسطين
2000 - 2006
( 4 - 4 )
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
ملاحظة هامة : يرجى قراءة الجزء الثالث أولا ( 3 - 4 ) .
ثالثا : المقومات الاقتصادية
وذلك بالاعتماد المالي على الشعب الفلسطيني : سنت قرارات رئاسية وحكومية فلسطينية باقتطاع مخصصات مالية من موظفي القطاع الحكومي العام مثل دعم صندوق الطوارئ ، والتبرع لمتضرري الإغلاق العسكري الإسرائيلي والتي استمرت منذ تشرين الأول عام 2000 حتى نهاية أيار 2003 بلغت ما نسبته أكثر من 15 % من رواتب موظفي القطاع الحكومي العام البالغ عددهم نحو 150 ألف موظف .
رابعا : المقومات الفكرية والأيديولوجية :
تمثلت بالتعبئة الأيديولوجية الإسلامية ، فقد تم اللجوء للتعبئة الفكرية الإسلامية الجهادية بالجهاد في سبيل الله ، ونيل الشهادة لدخول الجنة فبرزت كتائب الاستشهاديين والفدائيين في صفوف الفصائل الفلسطينية وتنفيذ عمليات تفجير بشرية كبدت الاحتلال خسائر فادحة ، وفق شعار ( علي وعلى أعدائي ) . نجم كردة فعل عقائدية مضادة نتيجة كراهية الاحتلال اليهودي وانتقام ثأري ضد قمعه لأهل فلسطين . كما إن الاهتمام بعائلات الشهداء والجرحى والأسرى وتخصيص رواتب شهرية لذويهم ، وتخصيص مقاعد دينية محددة لكل أسرة شهيد من شهداء فلسطين في بعثة الحج الفلسطينية السنوية إلى الديار الحجازية ساهمت في ديمومة انتفاضة الأقصى إلى حد ما كعامل رديف .
خامسا : المقومات الاجتماعية والنفسية
1. الصبر والمصابرة على الاحتلال فالشعب الفلسطيني صبر وتحمل كل شظف الحياة وإعتداءت جند الاحتلال ومستعمريه في فلسطين .
2. التكافل الاجتماعي : تجلت وتعززت قيم التكامل الاجتماعي ومساعدة الآخرين الذين هم بحاجة إلى مساعدة بشكل واضح في المجتمع الفلسطيني في ظل الحصار الشامل وتضرر الملايين منهم جراء سياسة التجويع والتقريع الإسرائيلية .
3. قمع الاحتلال لشعب فلسطين عبر الهجوم الوحشي على المناطق الفلسطينية المأهولة بالمواطنين باستخدام أسلحة ثقيلة فتاكة جوا وبرا كالصواريخ المنطلقة من الطائرات الحربية وقذائف المدفعية من الدبابات ، وما نجم عنها من مجازر جماعية ضد المواطنين الآمنين ، وتزايد الفعل ورد الفعل النفسي بين الجانبين المتحاربين الفلسطيني والإسرائيلي .
4. الثأر العائلي والقومي : خاصة لدى اعتقال أو جرح أو استشهاد أحد أفراد الأسرة أو العائلة ، أو أعضاء الفصيل السياسي . فعند تعرض أحد أبناء الأسرة أو الحركة السياسية لإجراء قمعي إسرائيلي تظهر الحاجة للثأر والانتقام من قوات الاحتلال وتكبيدها ثمنا غاليا . وقد ساهمت هذه الحالة الثأرية كردة فعل في توليد نقمة عامة لمواجهة الاحتلال .
سادسا : المقومات الإعلامية :
تغطية إعلامية مسموعة ومرئية ومطبوعة ، متقدمة وشاملة ، من إذاعة صوت فلسطين ، وتلفزيون فلسطين وقناة فلسطين الفضائية إضافة لأكثر من 40 محطة إذاعة وتلفزيون محلية في المدن الفلسطينية كنابلس ورام الله وغزة والخليل وبيت لحم وجنين وطولكرم وأريحا وقلقيلية وغيرها .
ب) مقومات عربية وإسلامية :
1. دعم عربي وإسلامي عالمي لقضية فلسطين ، سياسيا ودبلوماسيا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأفريقي وسواها .
2. دعم اقتصادي عربي وإسلامي حكومي متواصل . تمثل بدعم السلطة الفلسطينية ماليا في أول مؤتمر قمة عربي لنصرة انتفاضة الأقصى خريف عام 2000 ، وتخصيص مليار دولار لشعب فلسطين . وما تلاه من مؤتمرات عربية متلاحقة . وتخصيص مبالغ مالية معينة لأسر الشهداء والجرحى والأسرى . فمثلا ، خصصت السلطة الفلسطينية مبلغ ألفي دولار لكل أسرة شهيد ، وخصص العراق ( أيام حكم صدام حسين ) مبلغ مليار يورو ( 700 مليون دولار ) لدعم صمود شعب فلسطين ، وخصصت مبالغ مالية لأسر الشهداء 10 – 15 ألف دولار . و25 ألف دولار لأسر منفذي العمليات الاستشهادية الذين هدمت بيوتهم ، قدمتها جبهة التحرير العربية وحزب البعث العربي الاشتراكي نيابة عن الرئيس صدام حسين [1]. بالإضافة إلى الدعم السعودي والإماراتي والقطري وغيرها لإعادة أعمار ما دمره الاحتلال من مساكن ومحلات تجارية كبناء البيوت المدمرة في مخيم جنين ومشروع الشيخ زايد للإسكان من الإمارات العربية المتحدة [2] . وكذلك التبرع ببناء المشافي وتوسيع القائم منها ، وتقديم عشرات سيارات الإسعاف ، وتقديم الأدوية والعلاجات والمواد الغذائية التموينية العربية والإسلامية لدعم صمود شعب فلسطين .
3. دعم اقتصادي وسياسي عربي وإسلامي شعبي لانتفاضة الأقصى تمثل بتقديم معونات مالية وعينية واستيعاب المنتجات الفلسطينية في الأسواق العربية .
4. دعم إعلامي عربي وإسلامي : لعبت القنوات الفضائية العربية والإسلامية دورا فاعلا في تغطية القصف الإجرامي الصهيوني وعمليات القتل والترويع للمدنيين الفلسطينيين ، بالصوت والصورة معا . كما لعبت الإذاعات والصحف والمجلات العربية والإسلامية دورا كبيرا في توفير مادة إعلامية فورية ومباشرة لأحداث وفعاليات انتفاضة الأقصى .
ج) مقومات قمعية إسرائيلية :
تمثلت في رفض حكومة الاحتلال سحب قواتها من الأراضي الفلسطينية ورفض الاعتراف بالحقوق السياسية الفلسطينية كإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة ، وقمع الاحتلال لبنى المقاومة الفلسطينية . وتصاعد القمع الاحتلالي المتنوع لشعب فلسطين . وإصرار شعب فلسطين على رفض الظلم والاضطهاد والاستعباد والاستبعاد من خريطة العالم ، فكانت ردت فعل فلسطينية مضادة .
د) المقومات العالمية :
الدعم الإنساني والمالي والمعنوي والإعلامي العالمي للمتضررين الفلسطينيين من أساليب الاحتلال الوحشية كهدم منازل ومساعدات صحية وغذائية وإعادة إعمار البنى التحتية الفلسطينية كشبكات المياه والكهرباء والشوارع والهواتف والصرف الصحي وغيرها .
9. ميزات انتفاضة الأقصى
تميزت انتفاضة الأقصى الفلسطينية بعدة ميزات من أهمها :
1) القيادة وسط المعركة : بنوعيها القيادة السياسية والعسكرية . فالقيادة الفلسطينية الرسمية موجودة بين ظهراني الشعب تمثلت بالرئيس ياسر عرفات ثم محمود عباس ، ووجود أبرز القيادات السياسية والعسكرية الفصائلية كحركة فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية كقيادات من الصف الأول وقيادات ميدانية متحركة .
2) الحرب المقدسة : الدعوة للتمسك بخيار الجهاد لتحرير فلسطين ، وقد أخذت انتفاضة فلسطين الكبرى الثانية اسم ( انتفاضة الأقصى ) نسبة للمسجد الأقصى المبارك وثبت اسمها على انتفاضة الأقصى كمدلول إسلامي مبارك يستقطب الفلسطيني خاصة والمسلم عامة .
3) الصمود والمرابطة في الوطن : فقد صمد ورابط شعب فلسطين في أرض وطنه ، أرض الآباء والأجداد ، ولم تفلح سياسة الترغيب والترهيب في تهجير الفلسطينيين إلى خارج الوطن عبر سني الانتفاضة المتواصلة ، رغم الحصار والألم والمعاناة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية المرهقة .
4) الديمومة الطويلة ، بالتواصل والاستمرارية المتجددة . إذ اندلعت انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000 واستمرت ست سنوات تقريبا بفعل عوامل ومقومات عديدة : فلسطينية وعربية وإسلامية : أيديولوجية وسياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية وثقافية ونفسية عامة .
5) الذاتية العسكرية والمدنية بالاعتماد على الذات الفلسطينية عسكريا ومدنيا . وتطور وتدرج مراحل التصدي والمقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي .
6) الإجماع الوطني الفلسطيني : توحيد صفوف الشعب بفلسطين في : مناطق الاحتلال الأول 1948 ومناطق الاحتلال الثاني عام 1967 بالمشاركة في الانتفاضة عبر مراحلها المتداخلة ، رغم استخدام الاحتلال سياسة ( الجزرة والعصا ) ضد الفلسطينيين . فقد شارك فلسطينيو الداخل بانتفاضة الأقصى خاصة المدنية والاقتصادية ، مما أرهب اليهود في عموم البلاد . فتزايدت حالات التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين جناحي الشعب في شقي فلسطين المحتلين وبرهنت أن الشعب الفلسطيني هو شعب واحد رغم كل الظروف على جميع الجبهات الجغرافية الداخلية [3].
7) الرد المباشر والقوي على العدوان : تمثل بالرد الفوري الفعال ، على اجتياح قوات الاحتلال للأراضي الفلسطينية لتحقيق توازن الرعب ، من خلال الرد التفجيري البشري والاشتباك العسكري القوي وزرع العبوات الناسفة أمام آليات العدو ، للرد على كل عملية توغل إسرائيلية لأية محافظة فلسطينية . وأحيانا كان الرد الفلسطيني بمنطق الصاع صاعين ، وقد ساهمت العمليات التفجيرية المتتالية في إحداث نوع من الردع الفلسطيني لصلف وعنجهية الاحتلال .
8) تعريب قضية فلسطين : من خلال المشاركة الجماهيرية لنصرة الانتفاضة بمسيرات شعبية مليونية في مختلف عواصم الوطن العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي .
9) الطرح العالمي لقضية فلسطين : إعادة طرح قضية فلسطين في صدارة القضايا السياسية الساخنة في العالم واضطرار أطراف دولية لطرح مبادرات سلام لحل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي مثل خطة خريطة الطريق وغيرها .
10) استبعاد خدمات أساسية : استبعاد قطاعات : التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء من حلبة الصراع الثنائي في معظم الأحيان . فاستمرت الدراسة فعليا في المدارس والجامعات الفلسطينية رغم القهر والتسلط الإسرائيلي وفرض منع التجول على بعض المدن وإغلاق مدارس وجامعات لفترات معينة .
10 . حلول مقترحة لمواجهة إجراءات الاحتلال
هناك بعض الحلول العامة المقترحة لمواجهة عمليات الاجتياح لقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة . ومن أهمها :
أولا : الحلول السياسية : توحيد الصف الفلسطيني خلف قيادة سياسية وعسكرية واحدة . من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة قادرة على اتخاذ القرارات المصيرية وإتباع سياسة تبادل الأدوار وتقاسم العمل الموحد .
ثانيا : الحلول الاقتصادية : زيادة التعاون والتكافل الاقتصادي بين أبناء الشعب الفلسطيني لمعالجة الآثار السلبية لاستفزازات وإجراءات الاحتلال ، وخاصة بعد تقلص المعونات الاقتصادية : المالية والعينية العربية والخارجية . عبر تشجيع عملية إيتاء الزكاة وإخراج الصدقات والتبرعات لإغاثة الملهوفين .
ثالثا : الحلول الاجتماعية : بناء البيوت المهدمة من الاحتلال بسرعة ، وترميم البيوت المتصدعة أو المنكوبة . والاهتمام الكافي بالأسر المنكوبة سياسيا وطبيعيا . والإعداد المسبق لقضايا التعليم الفلسطيني للتعويض عن الاغلاقات والحصارات للمدن ، فالبدائل التعويضية يجب أن تكون جاهزة دائما . ومن أبرز الحلول المقترحة للتعويض عن التعليم : وضع خطة الطوارئ ، وتشجيع الدراسة الذاتية ، وإنشاء وسائل اتصال تلفزيونية وإذاعية حديثة ، والتعلم عبر الكمبيوتر والإنترنت . وهذه الحلول تقع عملية تنفيذها على عاتق الحكومة الفلسطينية أولا والفصائل الفلسطينية ثانيا ومنظمات المجتمع المدني واللجان الشعبية ثالثا .
رابعا : الحرب النفسية : التصدي للإعلام الصهيوني القائم على الدعاية المضللة ، ومحاولة قتل الروح المعنوية لشعب فلسطين ، وبالتالي العمل الجاد على الاهتمام بالصحة النفسية للمواطنين .
11 . إنجازات انتفاضة الأقصى
أثبتت انتفاضة الأقصى وجودها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ونفسيا ، في فلسطين والمجتمع اليهودي والمجتمع العالمي . وحققت انتفاضة الأقصى إنجازات كبرى للشعب الفلسطيني ، عجزت عن تحقيقها جيوش نظامية عربية ، رغم تواضع القدرات الذاتية العسكرية والاقتصادية الفلسطينية . ومن أبرز إنجازات انتفاضة الأقصى الآتي :
أ) الإنجازات العسكرية :
1) تدمير أسلحة إسرائيلية متطورة : تدمير عسكري فلسطيني لأسلحة إسرائيلية متطورة استخدمها جيش الاحتلال الصهيوني كتدمير الدبابات الإسرائيلية الأحدث تطورا ( ميركافا 4 ) بتفجيرها بعبوات ناسفة إلكترونيا عن بعد ، أثناء اجتياح دبابات الاحتلال للمدن الفلسطينية في قطاع غزة . وهذا التدمير أبطل عقد صفقات أسلحة إسرائيلية متطورة كما حصل مع تركيا والهند . وضربت الانتفاضة عناصر نظرية الأمن الإسرائيلية ، وشلتها عن مواكبة الأحداث ، فالضربات الموجعة نفذت في عقر دار الاحتلال بمدن عديدة في القدس المحتلة وتل أبيب وحيفا ونتانيا وكفار سابا وصفد والعفولة وبئر السبع وغيرها ، وضرب المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
2) إخلاء الحكومة الإسرائيلية بزعامة شارون للمستوطنات اليهودية بقطاع غزة في أيلول 2005 و4 مستوطنات شمال الضفة الغربية وأتجهت النية لإخلاء أكثر من 60 مستوطنة بالضفة الغربية .
3) إحداث تمرد في جيش الاحتلال : رفضت وحدات من الجيش الإسرائيلي تأدية الخدمة الإجبارية والاحتياطية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 . كالطيارين أل 29 ، ورفض جنود من وحدات عسكرية إسرائيلية مختارة الانصياع للأوامر العسكرية كرفض أل 13 عضوا من وحدة الأركان الخاصة .
4) تصنيع حربي فلسطيني جديد : مثل تصنيع صواريخ قسام 1 وقسام 2 ، وهاون وإطلاقها على مستعمرات ومواقع عسكرية إسرائيلية وإدخال الرعب في صفوف قوات الاحتلال والمستعمرين اليهود ، وتصنيع العبوات الناسفة والأحزمة الناسفة والمركبات المفخخة .
5) إنشاء مجلس الأمن القومي ، وتعزيز العمل الأمني الجماعي الفلسطيني .
ب) الإنجازات السياسية والإعلامية :
1) إعادة قضية فلسطين عالميا ، ومحاصرة حكومة الاحتلال وتسابق الدول الغربية والعربية والأحزاب والقوى الإسرائيلية والفلسطينية الأحادية الجانب أو المشتركة ، لطرح مبادرات حل سلمية كخطة خريطة الطريق من اللجنة الرباعية ، وخطة الهدف ، ووثيقة جنيف ، ومبادرة السلام العربية عام 2002 ومبادرة الرئيس الليبي معمر القذافي ( دولة إسراطين ) ، وخطة الفصل الجغرافي والاقتصادي أحادية الجانب التي طرحها ارئيل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية ، وخطة يولي تمير العمالية وسواها .
2) استحداث منصب رئيس الوزراء الفلسطيني : شغل هذا المنصب لأول مرة محمود عباس ( أبو مازن ) عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في نيسان 2003 ، وتبعه أحمد قريع ( أبو العلاء ) في تشرين الأول 2003 . ثم تبعه إسماعيل هنية في آذار 2006 . وقد طرحت مسألة استحداث رئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني في خريطة الطريق بضغط أميركي ، وكان للانتفاضة دور مهم في استحداث هذا المنصب الفلسطيني الجديد .
3) التأييد العربي والدولي الواسع : زيادة التعاطف السياسي العربي والإسلامي والدولي مع قضية فلسطين . وقد ساهمت القنوات الفضائية في نقل الأحداث مباشرة إلى العالم . مثل قناة فلسطين الفضائية ، وقناة الجزيرة الفضائية في قطر ، وقناة أبو ظبي الفضائية ، وقناة العربية الفضائية من دبي ، والقناة الفضائية السعودية ، وقناة ( أم . بي . سي ) ، وقناة السي . أن . أن الأجنبية وغيرها من القنوات الفضائية العاملة في فلسطين . وهذه الدعاية والتغطية الإعلامية الحقيقية ساهمت في خروج مظاهرات مليونية في عواصم عربية كالرباط وبيروت ودمشق وعمان وبغداد والقاهرة والخرطوم وصنعاء وطرابلس الغرب بدعوة حكومية أو شعبية . ومظاهرات شعبية في أمريكا وأوروبا .
4) حتمية زوال الاحتلال الظالم : بعد الفشل العسكري اليهودي في القضاء على الانتفاضة ظهر يقين استحالة بقاء الاحتلال الظالم المتسلط على حياة شعب فلسطين . وقد تنبهت الحكومات اليهودية المتعاقبة إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للنزاع بعد فشل الخيار العسكري .
5) الوحدة العربية الحكومية والشعبية : لدعم الشعب الفلسطيني بالعمل على عقد قمة عربية دورية سنويا في عاصمة عربية ، بعد أن كانت مسألة عقد مؤتمرات القمة العربية قد توقفت لمدة عشر سنوات ، بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990 وما تلاها . وقد توحدت القوى الشعبية العربية والإسلامية المناهضة للاستعمار الأمريكي والاحتلال الإسرائيلي .
ج) الإنجازات الاقتصادية :
مقاومة التطبيع الاقتصادي بين الفلسطينيين والعرب من جهة واليهود من جهة أخرى . والمقاطعة الفلسطينية والعربية والإسلامية للاقتصاد الإسرائيلي عبر مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية . فظهرت دعوات المقاطعة من على المنابر السياسية والإعلامية والدينية في المساجد خاصة في صلوات الجمع والمدارس والجامعات . وبالتالي تكبيد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة في الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والخدمات .
د) الإنجازات الاجتماعية والنفسية :
1) تعزيز ثقة الفلسطيني بنفسه : أعطت انتفاضة الأقصى شعورا باعتزاز الفلسطيني بنفسه ، فأصبح لا يهاب الاحتلال ولا يهاب الموت ، خاصة بعد تنفيذه عمليات مجلجة ضد أهداف الاحتلال الصهيوني في عموم فلسطين . وبهذا فإن الجيل الذي يقاوم الاحتلال هو الجيل الفلسطيني الذي ولد خلال سني الاحتلال يرفض التعايش المشترك مع الاحتلال مهما تغير جلده وألوانه كالحرباء المتلونة .
2) تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي القوي : فقد حطمت الانتفاضة أسطورة جيش الاحتلال الذي لا يقهر ، فأصبح الفلسطيني والعربي والمسلم لا يهاب هذا الجيش لأن فعاليات التفجير البشرية نسفت نظرية الأمن الإسرائيلية ، وأثبتت أن لا شيء يقف أمام الإرادة الفلسطينية المقاومة وفق مبدأ الدفاع الشرعي عن النفس لتحقيق الكرامة الوطنية والقومية . كما تعالت الأصوات الإسرائيلية المنادية بأن الاحتلال يحطم الجيش . وقهرت وحطمت نفسية أفراد الجيش الإسرائيلي النظامي والاحتياطي ، فزاد اللجوء إلى رفض الخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية في الضفة وغزة وتضاعفت عمليات الانتحار في صفوف الجيش والسكان اليهود .
3) التراجع النفسي اليهودي : تحطيم معنويات السكان اليهود في عموم البلاد ، فأصبح اليهودي خائفا في البيت والمركبة والطائرة ومكان العمل وفي الشارع وفي المطعم والمقهى والمنتجع والملهى وغير ذلك ، مما ولد نوعا من اليأس . مما ولد توجهات يهودية متزايدة طالبت بالحل السلمي السياسي بعد العجز العسكري الإسرائيلي في تصفية المقاومة الفلسطينية . ورفعت الانتفاضة مستوى العنف في المجتمع الإسرائيلي بسبب تعود جنود الاحتلال على قمع الفلسطينيين فعندما عادوا إلى بيوتهم أصبحوا يقمعون عائلاتهم . وفي استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أجاب 45 % من المستطلع آراؤهم بأن الاحتلال يفسد المجتمع الإسرائيلي ، وأكد 43 % منهم أن الاحتلال يزيد مستوى العنف داخل المجتمع الإسرائيلي [4] أي أن الإرهاب الخارجي انقلب إلى إرهاب وعنف داخلي .
12. تنفيذ خريطة الطريق وانتفاضة الأقصى
بعد فشل الحكومة الإسرائيلية في وضع حد عسكري للانتفاضة الفلسطينية لجأت إلى أصدقاءها لطرح خطة سلام بمثابة حل سياسي يضع حدا لهذه الانتفاضة المستعصية على الاحتلال . فجاءت خطة خريطة الطريق ، التي نبعت من أطراف دولية منحازة كليا للحكومة الإسرائيلية كالولايات المتحدة أو منحازة جزئيا كالاتحاد الأوروبي أو متعاطفة كروسيا والأمم المتحدة . أي أن خطة خريطة الطريق كانت ثمرة سياسية فجة غير ناضجة لفعاليات انتفاضة الأقصى ، يمكن أن تنضج في مرحلة قادمة من مراحل الصمود والتصدي الفلسطيني لاضطهاد وطغيان الاحتلال الإسرائيلي . وجاءت عملية البدء بمسيرة السلام الجديدة بعد استبسال الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم ورفضهم الاستسلام للاحتلال اليهودي .
على العموم ، وضعت خطة خريطة الطريق في 20 كانون الأول عام 2002 أي بعد نحو 27 شهرا من اندلاع انتفاضة الأقصى ضد الاحتلال والمحتلين الصهاينة . وسلمت بنود الخريطة للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في 30 نيسان 2003 ، أي بعد أكثر من خمسة اشهر من إقرارها دوليا .
والشعب الفلسطيني عبر منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية ، والفصائل والأحزاب الوطنية والإسلامية تعاطوا ويتعاطون بحذر وقلق واضحين مع خطة خريطة الطريق ، سواء بالموافقة أو الرفض ، من منظور المصلحة الوطنية العليا المتمثلة في إحقاق الحقوق الوطنية . فالحرية والاستقلال مصلحة وحاجة فلسطينية ملحة تفرض وجودها في كل ومكان وأوان وخاصة في ظل عدم وجود تدخل أو ضغط دولي حقيقي على الجانب الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة .
وبعد الموافقة الرسمية الفلسطينية على خريطة الطريق ، طلبت الولايات المتحدة والدول الأخرى أعضاء اللجنة الرباعية التي صاغت خطة خريطة الطريق وقف انتفاضة الأقصى وإعلان الهدنة وتعليق العمليات العسكرية ضد الإسرائيليين فاضطرت القيادة الفلسطينية ( الرئاسة ورئاسة مجلس الوزراء ) إلى الطلب من فصائل الانتفاضة المقاومة للاحتلال إلى إعلان الهدنة ، فأعلنت الهدنة في أواخر حزيران 2003 .
13. إعلان الهدن العسكرية
أ) الهدنة الأولى المؤقتة ( 29 / 6 – 21 / 8 / 2003 )
بعد موافقة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ( عندما كانت الحكومة مشكلة من حركة فتح ) ، على خطة خريطة الطريق ، جرت عمليات ضغط عربية وأمريكية وأوروبية على قيادة الشعب الفلسطيني لإعلان الهدنة وتعليق العمليات العسكرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتطبيق خريطة الطريق . وأدت جهود الوساطة العربية والدولية إلى إعلان الهدنة المؤقتة في 29 حزيران 2003 لمدة ثلاثة شهور مبدئيا قابلة للتجديد ، وجاء إعلان الهدنة من الطرف الفلسطيني كموقف رسمي ومواقف فصائلية ( وطنية وإسلامية ) منفصلة أو مشتركة أو مجتمعة تحت أسماء إعلان الهدنة أو تعليق العمليات الاستشهادية والعسكرية لأجل محدود أو تجميد عملية مقاومة الاحتلال . وهذه الهدنة المؤقتة جاءت كخطوة من خطوات تطبيق بنود خريطة الطريق ولالتقاط الأنفاس أيضا . وقد انسحبت قوات الاحتلال من مناطق شمالي قطاع غزة كانت احتلتها قبل عدة أسابيع ، عقب إعلان الهدنة الهشة .
واشترطت الفصائل الفلسطينية ، الوطنية والإسلامية ، الموافقة على الهدنة المؤقتة لثلاثة أشهر أو تعليق العمليات العسكرية لفترة معلومة ، بالإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين السياسيين الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي ورفع إغلاق المدن والقرى الفلسطينية والالتزام بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق المحتلة ورفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات في مدينة رام الله [5]. إلا أن أيا من هذه المطالب لم يتحقق وتم الإفراج عن عشرات الأسرى الفلسطينيين ثم أوقفت الحكومة الإسرائيلية عملية تطبيق خريطة الطريق .
وفلسطينيا ، أعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد اجتماعها بمدينة رام الله ، أن مسألة وقف إطلاق النار الفلسطيني يتوجب أن يتبعه التزام إسرائيلي تام بخريطة الطريق ، إذ يحتاج إلى إجراءات شاملة والى تعهد والتزام إسرائيلي تام بوقف كافة أعمال الاستيطان اليهودية والعدوان والاغتيالات ضد أبناء الشعب الفلسطيني ووقف جرائم الحرب وهدم وتدمير المنازل وتجريف الأراضي الفلسطينية والإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال تنفيذا لخريطة الطريق وإتاحة المجال للرئيس ياسر عرفات بالتحرك في أرض الوطن وخارجه [6].
وإسرائيليا ، بعد إعلان الهدنة ، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لا تعلق آمالا على هذه الهدنة أو وقف إطلاق النار أو تعليق العمليات العسكرية من الفصائل الفلسطينية وأن ما يعنيها هو قرار السلطة الفلسطينية . فطالبت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحل منظمات المقاومة الفلسطينية وليس إعلان هدنة مؤقتة أو دائمة .
وقد التزمت المنظمات الفلسطينية : حركة فتح وحركة حماس والجهاد الإسلامي بشكل عام بالهدنة ووقف العمليات ضد الإسرائيليين مع استمرار بعض هجمات شنتها مجموعات فلسطينية ، وعلق الجيش الإسرائيلي عمليات تصفية ناشطين فلسطينيين " إلا إذا شكلوا قنبلة موقوتة " . وانهارت الهدنة المؤقتة الأولى ، من قبل

ليست هناك تعليقات: