الأحد، 13 أبريل 2008

خريطة الطريق وانتفاضة الأقصى والسلام المفقود كتاب للمؤلف الدكتور كمال علاونه

الإثنين,شباط 18, 2008
خريطة الطريق وانتفاضة الأقصى والسلام المفقود - كتاب للدكتور كمال علاونه
خريطة الطريق وانتفاضة الأقصى
والسلام المفقود
كتاب للمؤلف الدكتور كمال علاونه
===============
بقلم د. كمال إبراهيم علاونه
دكتوراه علوم سياسية
-----------------------------
صدر للدكتور كمال إبراهيم علاونه كتاب سياسي بعنوان ( خريطة الطريق وانتفاضة الأقصى والسلام المفقود ) ، يشتمل الكتاب على مقدمة وأربعة فصول تتوزع على 280 صفحة من القطع المتوسط . وتصدرت الصفحة الأولى من الغلاف الخارجي الأول : خريطة فلسطين الكبرى في قلب المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس الشريف ، وتعرجات للجدار العنصري الصهيوني الفاصل والعازل بين الأراضي الفلسطينية . وقد طبع هذا الكتاب في صفر 1425 هـ / نيسان 2004 . افتتح المؤلف الكتاب بآيات قرآنية كريمة ، نطقت بكلام الله جل جلاله وهي : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} . ( القرآن المجيد ، آل عمران ) . وقد ورد في هذا الكتاب الفقرات والعبارات والنصوص والمضامين الآتية :
تعرض الشعب العربي الفلسطيني إلى كافة أصناف العذاب والقهر ، المتمثلة في المعاناة المادية والمعنوية ، منذ الحرب العالمية الأولى ووعد بلفور 1917 ، وطيلة سنوات القرن العشرين الماضي ، وانقضاء السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين الحالي ، جراء حرمانه من أبسط حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وتسلط المحتل الأجنبي على مقدرات الشعب بشتى الطرق والوسائل . فقد حرم الشعب الفلسطيني من حق تقرير مصيره وحق إقامة دولته الفلسطينية المستقلة ، وهجر من أرض وطنه وحرم من حق العودة والتعويض معا بسبب التهجير الظالم منذ عقود زمنية بدأت عام 1948 .
وقد صمد الشعب الفلسطيني فوق أرضه مدافعا ومجاهدا من أجل الخلاص الوطني ولكن تكالب الاستعمار بكافة أشكاله أبقى هذا الشعب تحت الاحتلال الأجنبي تحت ذرائع ومبررات واهية . ومنذ وعد بلفور البريطاني وحتى الآن والمشاريع السياسية تطرح لعل وعسى أن تجد قضية فلسطين حلا دائما وشاملا ولكن دون جدوى ، فالتسلط الأجنبي ما زال ممتشقا سيفه يتصدى للكلمة واليد الفلسطينية الحرة المدافعة عن الذات والهوية الفلسطينية .
على أي حال ، أقرت العديد من القرارات الدولية اعتبارا من قرار تقسيم فلسطين وطرحت العديد من مشاريع التسوية السلمية طوال السنوات المائة السابقة ، الا أن هذه الطروحات والقرارات كانت نتيجة الحاجة الإستعمارية الغربية والصهيونية متناسية حقوق أهل البلاد الأصليين . وهب الشعب الفلسطيني في كل مرة يدافع عن حقه في البقاء والحياة ، وخاضت الشعوب العربية عدة حروب مدافعة عن الحق العربي والإسلامي في فلسطين ولكن في كل مرة تتعقد الأمور أكثر من السابق ويجني المحتل مزيدا من المكاسب جراء حالة عدم التوازن العسكري الاستراتيجي بين أهل البلاد الأصليين والمحتلين .
وفي 20 كانون الأول 2002 ، إثر تصاعد حدة انتفاضة الأقصى الفلسطينية المطالبة بالحرية والاستقلال وانسحاب الإحتلال من الأراضي الفلسطينية ، تنادت الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة إلى طرح مبادرة سلام جديدة على الأطراف المتنازعة ، بين أهل البلاد الأصليين ، والمحتلين الغرباء عن الأرض . وقد عرفت هذه المبادرة بخطة ( خريطة الطريق ) لتسهيل طريق التسوية السلمية بين الجانبين ، واكتسب هذا المشروع السلمي الجديد صفة دولية ، ونادى لأول مرة بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ضمن خطة سلام تتألف من ثلاث مراحل متعاقبة ، مرتبطة ببعضها البعض .
ومن أهم بنود خريطة الطريق : إقامة دولة فلسطينية مستقلة جنبا إلى جنب مع الدولة العبرية ( إسرائيل ) ، ووضع حد لأعمال المقاومة والعنف بين الجانبين ، واستئناف المفاوضات السلمية والتعاون الأمني ، وانسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة من الأراضي الفلسطينية عام 1967 ، واعتراف السلطة الفلسطينية بحق ( إسرائيل ) في العيش بسلام وأمن ووقف إطلاق النار ووقف التحريض على العنف وامتناع السلطات الإسرائيلية عن الأعمال العقابية ضد الفلسطينيين مثل وقف هدم البيوت وإجراءات مصادرة الأراضي ووقف قرارات الإبعاد وغيرها . وقيام الفلسطينيين بإنشاء بنى ديموقراطية وإعادة افتتاح المؤسسات الفلسطينية المغلقة في القدس الشرقية من قبل القوات الإسرائيلية . ومن ثم تركيز الجهود لإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة بين حزيران وكانون الأول عام 2003 ( مضت دون احترام مواعيدها ) ، وتأمين إسرائيل للتواصل الجغرافي لهذه الدولة . وكذلك دعوة اللجنة الرباعية إلى عقد مؤتمر دولي بالتشاور مع الأطراف المعنية لتحريك جهود السلام الشامل في المنطقة . ومن ثم تعزيز الدولة الفلسطينية المؤقتة وتدعيم مؤسساتها والأمن وإطلاق مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية بشأن الحل النهائي للصراع . وعقد مؤتمر دولي ثان في مطلع 2004 لإقامة دولة فلسطينية بحدود نهائية بحلول عام 2005 ، ويضم جدول أعمال هذا المؤتمر الدولي الثاني مناقشة قضايا الحل النهائي وهي : مصير مدينة القدس ، واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات الإسرائيلية ، وحدود الدولة الفلسطينية ، إيذانا بتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي مع الطلب من الدولة العربية إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل .
وقد جاء طرح خريطة الطريق ، لعدة عوامل وأسباب مهمة لكل جانب من جوانب الصراع ، وتلبية حاجات إسرائيلية وفلسطينية وأميركية وروسية وأوروبية ودولية من أبرزها :
أولا : على الصعيد الفلسطيني : استمرار أعمال الانتفاضة والمقاومة المسلحة لتحقيق الحرية والاستقلال وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية ، وإزالة المستعمرات اليهودية من الأراضي الفلسطينية .
ثانيا : على الصعيد الإسرائيلي : تتمثل في رغبة الدولة العبرية في التخلص من أعمال المقاومة الفلسطينية الشاملة ( الإرهاب – حسب المفهومين الإسرائيلي والأمريكي ) ، وذلك إثر الفشل العسكري والأمني الإسرائيلي الذريع في القضاء على الانتفاضة الفلسطينية التي جاوزت الألف يوم . وإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي المتدهور ، ومراهنة الإسرائيليين على اندلاع حرب أهلية بين الفلسطينيين بسبب طرح خريطة الطريق كمتاهة سلام جديدة . وكذلك الرغبة في إنهاء حالات التوتر الاجتماعي والنفسي بين الإسرائيليين ، وتصاعد حدة المطالبة الشعبية الإسرائيلية لإنهاء الانتفاضة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية . كما أن المنافسة الانتخابية الإسرائيلية تلعب دورا في الموافقة الإسرائيلية الرسمية على خريطة الطريق وان كانت بشكل مشروط ورغبة ارئيل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية في دخول أبواب التاريخ . هذا بالإضافة إلى التخطيط الإسرائيلي مع الولايات المتحدة للعب دور جديد في المنطقة يقوم على أسس سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية جديدة اثر اجتياح قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق والاستعداد لاجتياح سوريا وإيران ولبنان تحت ذرائع متعددة .
ثالثا : على الصعيد العربي والإسلامي : تتمثل في رغبة العرب والمسلمين في إنهاء حالة الصراع العربي – الإسرائيلي ، والتخلص من التبعات السياسية والاقتصادية للمأساة الفلسطينية النازفة منذ نحو قرن من الزمن . وكذلك تزايد المطالبة الشعبية العربية لنصرة شعب فلسطين والمقدسات الإسلامية كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة ، والحفاظ على أرض الإسراء والمعراج ، كأرض إسلامية مقدسة ، وبالتالي رغبة الأنظمة العربية والإسلامية في تخفيف الدعوات المنادية بالتطوع للجهاد المقدس في فلسطين ، وإطفاء شعلة التوتر .
رابعا : على الصعيد الأوروبي : تتمثل في تزايد حملات المطالبة المسيحية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وبالتالي وضع حد للتعقيدات التي تواجه مسيرة الحجاج المسيحيين إلى الأرض المقدسة ، والمطالبة بحرية الوصول إلى كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة البشارة في الناصرة . إضافة إلى رغبة الأوروبيين كدولة اتحادية فتية في منافسة سياسية واقتصادية مصيرية مع الولايات المتحدة والتسابق على الأسواق العربية . ومحاولة تصحيح الأخطاء الأوروبية القديمة تجاه قضية فلسطين وشعب فلسطين ، وتصاعد مطالبة حركات السلام الأوروبية للدفع بهذا الاتجاه .
خامسا : على الصعيد الأمريكي : رغبة الولايات المتحدة في دخول المنطقة العربية بشكل فعال وقوي في كافة المجالات ، والتغني بالدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية ووضع حد ( للإرهاب ) الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي وخاصة بعد أحداث 11 أيلول 2001 . وكذلك رغبة الولايات المتحدة في إنقاذ حليفتها الاستراتيجية ( إسرائيل ) من الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية المزرية التي وصلت إليها بفعل أعمال المقاومة والانتفاضة الفلسطينية المسلحة ، بالإضافة إلى الرغبة الأمريكية في التفرغ للشؤون العراقية بعد احتلال القوات الأمريكية والبريطانية للعراق في نيسان 2003 ، والإعداد لشن هجوم أميركي استعماري مستقبلي على إيران وسوريا ولبنان . إضافة إلى عدم السماح لروسيا والاتحاد الأوروبي من ترسيخ أقدامهم في المنطقة العربية من جديد . وتقليل موجات الغضب والكراهية العربية والإسلامية تجاه الولايات المتحدة بسبب فشل الحلول على المسارات الفلسطينية والسورية واللبنانية . والتمهيد للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة ، وتخليص دافعي الضرائب الأميركية من عبء المساعدات المالية الدورية للدولة العبرية .
سادسا : على الصعيد الروسي : السعي الروسي الحثيث لاستعادة النفوذ الذي خسرته بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى ، واثبات وجودها في المنطقة وبالتالي الحفاظ على المصالح النفطية والاقتصادية ، ومعارضة وتحدي السياسة الأمريكية في المنطقة العربية .
سابعا : على الصعيد الدولي : رغبة الأمم المتحدة في أخذ دورها السياسي دوليا وتلافي الإحراج بسبب سياسة الكيل بمكيالين في قضايا العرب والمسلمين مقارنة مع قضايا دولية أخرى ، وتزايد ضغط المنظمات الإقليمية عليها لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي الطويل مثل دول عدم الانحياز والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي .
وكل هذه الأهداف والدواعي والعوامل والأسباب لطرح خطة خريطة الطريق جاءت متنافسة مع بعضها البعض أو متضاربة أو متشابهة أو متقاطعة وكل طرف يهدف إلى تلبية حاجاته ومصالحة الوطنية والقومية والعالمية السياسية والاقتصادية والعسكرية .
وأما بشأن انتفاضة الأقصى فهي انتفاضة شعب فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي ، اندلعت في 28 أيلول عام 2000 في المسجد الأقصى المبارك بعد اقتحام شارون لباحات المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة ، للمطالبة بالحرية والاستقلال والخلاص الوطني .
ومن أهم أسباب اندلاعها : أسباب سياسية تمثلت في فشل اتفاقية أوسلو ، وفشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية ، في تحقيق الحقوق الفلسطينية ، ورفض حكومة الاحتلال الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 . واستمرار تطبيق سياسة التمييز الإسرائيلية العامة ضد الفلسطينيين . وأسباب اقتصادية كمصادرة أراض فلسطينية جديدة ، واستمرار إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي . وأسباب عسكرية منها قمع الاحتلال لشعب فلسطين عسكريا وأمنيا . وأسباب اجتماعية كاستحالة التعايش المشترك مع الاحتلال الصهيوني ، وزيادة الاغتراب الفلسطيني . وأسباب دينية تمثلت في الصحوة الإسلامية المنادية بالجهاد لتحرير فلسطين من المحتلين . وأسباب نفسية تتمثل في رفض الإذلال اليهودي اليومي .
وبالنسبة لأهداف انتفاضة الأقصى فهي : التحرير الوطني العام ، وتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية ، والانفصال الاقتصادي التام عن الاقتصاد الإسرائيلي ، وحسم الصراع السكاني ، وتحقيق السلام الآمن المفقود في البلاد ، وإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني .
وقد تعددت مراحل انتفاضة الأقصى لتشمل : النذير المدني ، والرمي الحجري ، والتبادل العسكري الأولي ، والاشتراك العسكري القوي ، والنفير التفجيري البشري ( الاستشهادي ) ، ومرحلة التفخيخ المركبي والانطلاق الصاروخي . وأما صور وأساليب الانتفاضة فهي : الانتفاضة المدنية ، والانتفاضة العسكرية المسلحة ، والانتفاضة السياسية ، والانتفاضة الاقتصادية ، والانتفاضة الاجتماعية ، والانتفاضة الثقافية .
وقد واجه الاحتلال الإسرائيلي انتفاضة الأقصى بإجراءات تعسفية وهي : القمع والتخريب العسكري للمنشآت والأبنية الفلسطينية ، وارتكاب مجازر متعددة ضد المدنيين العزل ، والإغلاق الأمني للأراضي الفلسطينية ، ومصادرة أراض فلسطينية جديدة ، والحصار السياسي للشعب الفلسطيني ، وافتعال فتن داخلية ، وحملات دعاية يهودية – صهيونية مبرمجة ، والاعتقال والأسر ، والتعذيب والتنكيل البشري بالفلسطينيين ، وهدم آلاف البيوت الفلسطينية ، وحالات الإبعاد ، ومنع السفر .
وأما الآثار العامة لانتفاضة الأقصى فتمثلت على الصعيد الفلسطيني : بالآثار السياسية : تراجع مكانة السلطة الوطنية الفلسطينية ، والحظر السياسي الإسرائيلي على مؤسساتها وإدراج منظمات المقاومة الفلسطينية الرئيسية على قائمة ( الإرهاب ) الأمريكية والأوروبية ، وتعطيل الاحتلال إجراء الانتخابات الفلسطينية . والخسائر البشرية خلال الاثنين والأربعين شهرا الأولى الماضية ، زادت عن 3500 شهيد ، و50 ألف جريح وعشرات آلاف الأسرى والمعتقلين . والآثار الاقتصادية : خسائر مادية تقدر بأكثر من 12 مليار دولار ، من تدمير لفروع الاقتصاد الفلسطيني ، وتراجع الدخل القومي ، وزيادة العجز في الميزانية السنوية ، وتدمير بنى تحتية كشبكات الماء والكهرباء والشوارع وشبكات الهواتف ، ومصادرة الأراضي وتناقص عملية دفع الضرائب والاعتماد على المعونات المالية العربية والدولية لدفع رواتب موظفي القطاع العام . والآثار العسكرية : تحجيم النواة الصلبة للمقاومة ، وتدهور الأوضاع الأمنية . والآثار الاجتماعية : تدهور الأوضاع التعليمية العامة والجامعية ، وسوء الرعاية الصحية والاجتماعية ، وإرباك الحياة الاجتماعية العامة وانتشار الأمراض الاجتماعية كالتعامل مع الأعداء لتصفية نشطاء الانتفاضة ، وزيادة الإقبال على تعاطي المخدرات والتناحر العائلي . والآثار الثقافية : تراجع الإنتاج الإبداعي الثقافي والأدبي والعلمي . والآثار النفسية : تزايد الخوف والهلع والرعب والحزن والأسى الفلسطيني .
وأما آثار الانتفاضة إسرائيليا فهي : الآثار السياسية مثل تغيير عدة حكومات إسرائيلية ، وتنافس حزبي صهيوني متصاعد ، وذوبان أحزاب وبروز أخرى . والمناداة الإسرائيلية بالحل السياسي بعد فشل الحل العسكري للانتفاضة عبر خطة خريطة الطريق ، والانفصال التام عن الفلسطينيين ، ورغبة المستعمرين في إخلاء المستوطنات في الضفة غزة ، ووقف فعاليات التطبيع السياسي . والخسائر البشرية اليهودية : وصلت إلى نحو ألف قتيل ، و6 آلاف جريح . والآثار الاقتصادية : وصلت إلى أكثر من 85 مليار شيكل أو ما يعادل 25 مليار شيكل سنويا في فروع الاقتصاد الإسرائيلي ، وتراجع الدخل القومي وزيادة العجز في الميزانية السنوية . والآثار العسكرية كانعدام الأمن الإسرائيلي ، وتقلص مبيعات الأسلحة للخارج جراء تفجير دبابات إسرائيلية متطورة بعبوات ناسفة فلسطينية . والآثار الاجتماعية : تزايد اليأس والإحباط الإسرائيلي ، وتزايد الهجرة اليهودية المعاكسة إلى الخارج . والآثار النفسية : زيادة الخوف والهلع والرعب . والآثار الثقافية كتراجع التعاون والتبادل الثقافي مع الخارج ، وقلة الإنتاج الثقافي اليهودي الداخلي .
وأما بالنسبة لمقومات استمرارية انتفاضة الأقصى لفترة طويلة فهي : المقومات الذاتية الفلسطينية العامة : تمثلت في المقومات السياسية : الإصرار الفلسطيني على الحرية والاستقلال ووجود القيادة والسلطة الفلسطينية في أرض الوطن ، والحماسة والمشاركة الفاعلة ، وتوفر الحد الأدنى من الدعم ، والتراجع السياسي الإسرائيلي ، والاعتماد العسكري الفلسطيني على الذات ، وتوازن الرعب . والمقومات الاقتصادية : الاعتماد الفلسطيني المالي بشكل كبير للصمود البشري والانتفاضي باقتطاع 15 % من رواتب العاملين في القطاع الحكومي شهريا البالغ عددهم نحو 150 ألف موظف بالإضافة إلى زيادة المعونات الخارجية ، واستخدام تقنية اتصالية جديدة كالهواتف النقالة . والمقومات الفكرية والأيديولوجية : تنشئة وتعبئة فكرية عقائدية على الجهاد والكفاح والتضحية والفداء . والمقومات الاجتماعية والنفسية : التكافل الاجتماعي وقمع الاحتلال الإسرائيلي لشعب فلسطين ، ورفض الإذلال واتباع مبدأ الثأر العائلي والقومي . والمقومات الإعلامية : تغطية إذاعية وتلفزة مباشرة بالصوت والصورة . وأما المقومات العربية والعالمية لاستمرارية انتفاضة الأقصى فتمثلت في : تواصل الدعم المالي والسياسي والإعلامي رسميا وشعبيا . بالإضافة إلى المقومات القمعية الاحتلالية العسكرية واضطرار الفلسطينيين للرد عليها أولا بأول .
وقد تميزت انتفاضة الأقصى بعدة ميزات من أهمها : وجود القيادة السياسية والعسكرية وسط المعركة ، والصمود والمرابطة ، والديمومة الطويلة ، والذاتية المدنية والعسكرية الفلسطينية ، والإجماع الوطني الفلسطيني ، والرد المباشر والقوي على الهجوم الإسرائيلي ، وتعريب قضية فلسطين ، والطرح العالمي لقضية فلسطين ، وحصانة خدمات أساسية .
وهناك حلولا مقترحة لمواجهة قمع الاحتلال لانتفاضة الأقصى من أهمها : الوحدة الوطنية الفلسطينية ، والتعاون والتكافل الاقتصادي ، وبناء المنازل المهدمة بسرعة ، والتعاضد الاجتماعي الفلسطيني ونبذ الفتن الداخلية ووضع خطط تعليمية مدرسية وجامعية جاهزة للتنفيذ ، ومواجهة الحرب النفسية والدعائية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين .
وأما بالنسبة لإنجازات انتفاضة الأقصى لشعب فلسطين فمن أبرزها : الإنجازات العسكرية : تدمير أسلحة إسرائيلية متطورة كالدبابات الحديثة الصنع ، وأحداث تمرد داخل جيش الاحتلال ، وتصنيع حربي فلسطيني جديد . والإنجازات السياسية والإعلامية : إعادة قضية فلسطين إلى الأحداث العربية والدولية الساخنة ، وتعاظم الإيمان بحتمية زوال الاحتلال عن أرض فلسطين . والإنجازات الاقتصادية : مقاومة التطبيع الاقتصادي بين الفلسطينيين والعرب من جهة واليهود من جهة أخرى . والإنجازات الاجتماعية : تعزيز ثقة الفلسطيني بنفسه ، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر ، والتراجع النفسي اليهودي .
وفيما يتعلق بخريطة الطريق وانتفاضة الأقصى ، فبعد موافقة القيادة الفلسطينية على خريطة الطريق طلبت الدول الراعية للخريطة والدول العربية المؤثرة ، من الرئاسة الفلسطينية وقف انتفاضة الأقصى ، فأعلنت هذه الهدنة المؤقتة مبدئيا لمدة ثلاثة اشهر اعتبارا من 29 حزيران 2003 مع قابليتها للتجديد ، واشترطت قوى المقاومة الفلسطينية الإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين السياسيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي .
ومن جهتها ، رفضت الحكومة الإسرائيلية الهدنة الفلسطينية المؤقتة وأصرت على حل بنى المقاومة الفلسطينية ، ثم خرقتها بتزايد أعمال الاستيطان الاستعماري وبناء الجدار العنصري الفاصل . واستأنفت عمليات التصفية والاغتيالات ضد نشيطي الانتفاضة . مما أضطر حركة حماس وفتح للرد بعمليات تفجير جديدة في 12 آب 2003 . فاتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا بوقف تطبيق خريطة الطريق . وشنت عمليات عسكرية مكثفة ضد الفلسطينيين . ردت عليها المقاومة الفلسطينية بعملية تفجير في القدس أسفرت عن مقتل 20 يهوديا وجرح عشرات آخرين . وفي 21 آب اغتالت طائرات أباتشي إسرائيلية المهندس إسماعيل أبو شنب أحد قياديي حماس فأعلنت حركة حماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى إلغاء الهدنة جراء تزايد الخروقات الإسرائيلية .
وفي أيلول 2003 شن الاحتلال حملة ضد المقاومة الفلسطينية وحاول اغتيال أبرز قادة حماس . كما قررت الحكومة الإسرائيلية التخلص من الرئيس ياسر عرفات بدعوى أنه عقبة في طريق السلام فأوصدت سبل تطبيق خريطة الطريق . وعادت الضغوطات على المقاومة الفلسطينية لإعلان هدنة جديدة فاقترح 12 فصيلا فلسطينيا في القاهرة في كانون الأول 2003 ، هدنة جديدة متبادلة تقضي باستثناء المدنيين من الجانبين من حلبة الصراع الا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك ، وبذلك أوصد الباب مرة أخرى أمام تطبيق خريطة الطريق وطرحت الحكومة الإسرائيلية خطة جديدة أحادية الجانب للانفصال التام عن الفلسطينيين وضم مستوطنات جديدة ويهود جدد وفق مسار الجدار العازل واقترحت في مطلع شباط 2004 إخلاء مستوطنات في قطاع غزة . من جهة أخرى ، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي مؤسس وزعيم حركة حماس الشهيد أحمد ياسين في 22 آذار 2004 ، وعشرة آخرين معه كانوا عائدين من صلاة الفجر ، واغتالت قوات الاحتلال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد حركة حماس في غزة في 17 نيسان الماضي الأمر الذي عقد الأمور . وفي الثاني من ايار2004 أجرى أرئيل شارون عملية تصويت داخل حزب الليكود اليميني الإسرائيلي الحاكم بشأن عملية الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة فمني بفشل ذريع بصورة مزدوجة سواء من جهة الاقبال على الاقتراع الذي لم يصل إلى نسبة ثلث الذين يحق لهم الاقتراع أو من جهة فشل شارون في تمرير مخططاته السياسية من طرف واحد ، الأمر الذي لا يبشر بخير ، وما زال مسار خطة خريطة الطريق متعثرا .
وقد تعددت المواقف المحلية والإقليمية والدولية حيال خطة خريطة الطريق : فمنها من أيد هذه الخطة دون اعتراض ، ومنها من أيد هذه الخطة بتحفظ لعدم وجود بديل لها ، ومنها من أصر على تنفيذ هذه الخطة دون تغيير أو تعديل . الا أن عملية تنفيذ هذه الخطة تبقى على المحك الإسرائيلي المحتل ، وأن الفلسطينيين هم المتأثرين سلبا وإيجابا أكثر من غيرهم .
فالشعب الفلسطيني هو المحروم من الحرية والاستقلال ومحروم من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، ومحظور على اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى أراضيهم التي تسلطت عليها الدولة العبرية .
على أي حال ، تشتمل خطة خريطة الطريق على إيجابيات وسلبيات لكلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، وكل له رأيه ورؤيته العامة والخاصة وله أسبابه وظروفه للموافقة عليها ومراحل تنفيذها . ومن أهم إيجابيات خطة خريطة الطريق كما يراها الجانب الفلسطيني هي : تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال تطبيق بنود مراحل هذه الخطة الدولية للسلام . وكذلك التخلص من الحصار العسكري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي المفروض على الأراضي الفلسطينية ، وتكبد الفلسطينيين خسائر كبيرة في الأرواح من الشهداء والجرحى والأسرى وخسائر اقتصادية وغيرها . أما المآخذ الفلسطينية على خريطة الطريق فتتركز في الاشتراطات الأمنية المتعددة المطلوب من الجانب الفلسطيني تنفيذها ، وتأخير البت في قضايا الحل النهائي مثل قضية مصير القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات اليهودية وحدود الدولة الفلسطينية إلى ما بعد قيام الدولة الفلسطينية بحدود مؤقتة وغيرها .
وعلى الجانب الإسرائيلي ، فإن إيجابيات خطة خريطة الطريق كما يراها الإسرائيليون ، تتركز في التخلص من تبعات انتفاضة الأقصى الفلسطينية في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية ، فاصبح المجتمع الإسرائيلي يعاني من توتر دائم على جميع الأصعدة . فالحاجة الإسرائيلية ملحة لوقف فعاليات الانتفاضة الفلسطينية ، وإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من حافة الهاوية والانهيار التي وصل إليها ، خاصة في ظل فشل الحل العسكري ، فدعت الحاجة إلى التفتيش عن الحل السياسي وما اسماه القادة الإسرائيليون ( تقديم تنازلات مؤلمة ) للتخلص من حالة الدوران في الدائرة المفرغة . وقد اشترطت الحكومة الإسرائيلية لموافقتها على خطة خريطة الطريق الأخذ بعين الاعتبار 14 تحفظا على بنود هذه الخريطة السياسية ، وتقديم الوعود الأمريكية بأخذ هذه التحفظات بنظر الاعتبار .
خلاصة القول ، إن خطة خريطة الطريق تعتبر تعديا على حقوق الشعب العربي الفلسطيني إذ تتنكر لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بسيادة كاملة ، وبالتالي من الممكن أن تشهد هذه الخطة الوفاة كما شهدت مثيلاتها خطط السلام السابقة التي طرحتها أطرافا أميركية أو غربية ، أو قرارات الأمم المتحدة مثل قرار رقم 181 عام 1947 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ، وإنشاء الدولة اليهودية وحرمان العرب الفلسطينيين من إنشاء دولتهم ، وقرار رقم 194 الصادر عام 1948 القاضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم ، وقرار 242 عام 1967 ، وقرار 338 عام 1973 ، واتفاقيات كامب ديفيد ، وذلك إذ شعر الشعب الفلسطيني أنه لم يتحقق له شيئا من خطة خريطة الطريق التي كثرت مطباتها في الشوارع والأزقة التفاوضية والإملاءات الخفية والعلنية كما حدث مع إعلان مبادئ السلام الفلسطيني – الإسرائيلي فيما عرف باتفاقية أوسلو عام 1993 ، وما تلاها من اتفاقية القاهرة في أيار عام 1994 ، والقرار الدولي رقم 1397 عام 2002 ، وما بينهما وما بعدهما وما يلي خريطة الطريق مستقبلا ، فهل خريطة الطريق ستصبح كغيرها من التفاهمات والاقتراحات السابقة ؟ وهل ستوضع في رف الوثائق السلمية المنسية ، فالشعب الفلسطيني في الأرض المباركة يتوق إلى السلام العادل والشامل والدائم القائم على إحقاق الحقوق الثابتة وعدم الولوج في ترهات سلام مزيفة . فهناك أكثر من ثلاثة ملايين ونصف فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، ويعيش بجوارهم في أراض صودرت منهم عنوة نحو 220 ألف مستوطن يهودي يتوزعون على نحو 160 مستعمرة . وهناك 25ر1 مليون فلسطيني يعيشون في الدولة العبرية المعلنة عام 1948 ، تمارس عليهم سياسة تمييز يهودية عرقية عنصرية مزعجة . وما زالت الأسئلة تتوارد في الأذهان عن خطة السلام المسماة ( خريطة الطريق ) هل هي طريق للخلاص ؟ أم هل هي الخلاص ذاته ؟
على العموم ، هناك ثلاثة خيارات أو سيناريوهات مركزية وأساسية ، لبعضها فروع متعددة ، مطروحة بشأن خطة خريطة الطريق وهي :
أولا : تطبيق خريطة خطة الطريق جزئيا ، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية وفقا لسياستها في التملص والمماطلة والتسويف وبالتالي كسب المزيد من الوقت ، استعدادا للقضاء على بؤر المقاومة الفلسطينية الوطنية والإسلامية بكافة أشكالها .
ثانيا : عدم تنفيذ خريطة الطريق : وهو خيار قائم ، ودلائله متوفرة على أرض الساحة والفعل ، فالدولة العبرية تحاول إيجاد المبررات للانسحاب من تنفيذ خريطة الطريق ، بعد تحقيق عمليات التهدئة وتطبيق الهدنة ين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والقرار الإسرائيلي المتهرب من تنفيذ استحقاقات الاستقرار معروف في هذا المجال . فالإسرائيليون يستغلون فترة الهدنة ، أي هدنة معلنة أو مستترة ، من أجل الإعداد لجولة جديدة من حصار الشعب الفلسطيني والسعي المتواصل للقضاء على البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية ( الإرهاب ) بكافة أشكالها وأنواعها . وبالتالي تشجيع تنفيذ خيارات جديدة منها : شن حرب إسرائيلية شاملة ضد الفلسطينيين ، أو الانسحاب الإسرائيلي من جزء من الأراضي الفلسطينية من جانب واحد ، أو طرح خطط أو مبادرات سلام فلسطينية إسرائيلية مشتركة مثل خطة الهدف ، ومبادرة جنيف ، أو مبادرات أحادية مثل مبادرة شارون للانفصال عن الفلسطينيين أو مبادرة قريع لإعلان دولة واحدة في فلسطين ذات قوميتين : عربية ويهودية ، أو طرح مبادرات سلام إقليمية أو دولية جديدة أو العودة إلى اتفاقيات أوسلو ، أو فرض وصاية دولية أو أمريكية على الشعب الفلسطيني أو استكمال الاحتلال الغربي ( أمريكي – بريطاني – إسرائيلي ) للهلال الخصيب بصورة مباشرة وقلب موازين المنطقة بطريقة تختلف عن خريطة الطريق الحالية عند فشلها ووضعها في رفوف النسيان ووضع خرائط طرق جديدة لكل منحنى ومسار في المشرق العربي . وربما تبرز خيارات جديدة مثل قيام اتحاد كونفيدالي أو فيدرالي بين دولتي فلسطين و ( إسرائيل ) أو تصفية الكيان الصهيوني وإقامة دولة إسلامية جديدة حال توفر مقومات النجاح والتفوق العربي والإسلامي على الاستعمار اليهودي – الغربي الراهن .
ثالثا : تطبيق خريطة الطريق كاملة : وهو خيار ضعيف على الأقل في المدى المنظور ، وتطبيق هذا الخيار بحاجة إلى تضافر الضغوط الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية على الجانبين الإسرائيلي والأمريكي لتنفيذ الخطة بكافة مراحلها وعدم التوقف عند الجوانب الأمنية التي تبعثر الجهود وتركز على قضايا هامشية غير حيوية لتحقيق السلام في المنطقة .
على أي حال ، من خلال استعراض خطة خريطة الطريق ، نصوص بنودها ، وآليات تنفيذها على أرض الواقع ، والإشتراط الإسرائيلي والتهرب الإسرائيلي من تطبيقها ، ومواقف الولايات المتحدة الراعي الحقيقي لهذه الخطة ، والدول الأوروبية وروسيا والأمم المتحدة ، وإيجابيات وسلبيات هذه الخطة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، يتبين لنا أن خطة خريطة الطريق ثمرة سياسية غير ناضجة لانتفاضة الأقصى الفلسطينية ، لا تلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني ، وأن حل الصراع العربي – الإسرائيلي يجب أن يرتكز على أسس عادلة ودائمة وشاملة . وأن الجانب الإسرائيلي يماطل في تنفيذ متطلبات الأمن والسلم مما يؤدي إلى عدم الاستقرار والتوتر في المنطقة والعالم . وأن الصراع العربي – الإسرائيلي أبقى المنطقة في حالة من الاستعداد المستمر للحرب وبالتالي ضرورة ممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للانسحاب كليا من الأراضي الفلسطينية المحتلة لتحقيق الاستقرار والأمن والسلم في المنطقة . وأن الأطراف الأربعة التي صاغت وأقرت خطة خريطة الطريق ليست حيادية ولذا فان الحل لن يكون حياديا ومنصفا للفلسطينيين بل منحازا للطرف الإسرائيلي الأقوى .
وأخيرا ، فإن الذين وضعوا خطة خريطة الطريق من الأميركيين واليهود وشركاءهم ، وكتبوها في قراطيس مكتوبة يبدونها ظاهريا ويبطنونها باطنيا يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون . فهم يسرفون في الظلم ويستبدلون الذي هو أدنى وهو الظلم والتحيز للمعتدين الظالمين الطغاة بالذي هو خير وهو العدل والإنصاف وإحقاق الحق وإبطال الباطل ، لأنهم ينحازون للمحتلين اليهود ضد الشعب العربي الفلسطيني في أرض وطنه ، أرض الآباء والأجداد ، علما بأن إصلاح ذات البين بين المسلمين والنصارى ،أهل البلاد الأصليين ، من جهة واليهود القادمين الجدد ، من جهة أخرى يتطلب نزاهة وعدالة حقيقية ، وهو ما لم يحدث حتى الآن ، وهذا ما لا يرضي الشعب الفلسطيني على المدى البعيد ، ويبعد المنطقة عن دار السلام المنشودة ، ويجعل الشعب الفلسطيني دائما متأهبا لخوض جولات جديدة من جولات الدفاع عن النفس مستعيضا على جولات المفاوضات والمساومة بخيار السلاح والمقاومة .

ليست هناك تعليقات: