الأحد، 13 أبريل 2008

انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 - 1994 ( 2 - 3 )

الخميس,شباط 21, 2008

انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى
1987 - 1994
( 2 - 3 )
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
ملاحظة هامة : يرجى من القراء الكرام ، قراءة الجزء الأول أولا ... ( 1 - 3 ) .
7. مشاركة شعب فلسطين بالانتفاضة الكبرى
بدأت انتفاضة فلسطين الكبرى بشكل عفوي في بداية الأمر ، منذ بداية ردة الفعل والهبة الجماهيرية الشعبية على مجزرة بيت حانون في 8 كانون الأول 1987 ، من مظاهرات تشييع جثامين شهداء المجزرة الصهيونية ضد العمال الفلسطينيين ، ثم تشعبت فعالياتها بعد تبنيها وبرمجتها والتخطيط لها من الحركات والجبهات والأحزاب الفلسطينية . فقد نعت منظمة التحرير الفلسطينية هؤلاء العمال القتلى واعتبرتهم شهداء ، وأصدرت البيانات السياسية لتبيان ذلك . وكذلك الحال اعتبرتهم الحركات الإسلامية شهداء وعملت على تكريم عائلاتهم . وتركزت القوى المنظمة والمبرمجة للانتفاضة بثلاث قوى أساسية وقوى أخرى جانبية وهي :
أولا : القيادة الوطنية الموحدة ( ق . و . م ) : مثلت أربع قوى سياسية وعسكرية وطنية فلسطينية هي : حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ، وحزب الشعب الفلسطيني ( الشيوعي سابقا ) . وهي القوى الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، كانت بياناتها تصدر بالتعاون والتنسيق مع الفصائل الأم خارج فلسطين . وأكدت القيادة الوطنية الموحدة مرارا وتكرارا على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، بل إن نداءاتها صدرت بتوقيع واحد مذيلا باسم منظمة التحرير الفلسطينية ثم القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة . وقد شكلت فصائل القيادة الموحدة ميليشيات شعبية أو قوات ضاربة ميدانية لتنفيذ قراراتها فقد أنشأت حركة فتح عدة تشكيلات شعبية ، منها عسكري والآخر شبه عسكري أو مدني مثل : القوات الضاربة ، الجيش الشعبي ، فرقة الفهد الأسود ، وفرقة صقور فتح ، وكتائب الشهيد أبو جهاد ( بعد استشهاده في 16 نيسان 1988 حيث اغتالته قوات الاحتلال بغارات وهجوم بري وجوي على قيادته في تونس ) . كما أنشأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فرقة النسر الأحمر كجناح ميداني ضارب لها ، وفرقة النجم الأحمر للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين .
وفيما يتعلق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ، فقد اتخذت أشكال المقاومة في مراحل الانتفاضة ثلاثة أشكال هي [1] :
1. إصدار التعاميم : وهي عبارة عن منشورات عامة توضح كيفية المواجهة مع الاحتلال الصهيوني باستخدام وسائل شعبية للمقاومة ، وتبين كيفية تصنيع واستخدام القنابل الزجاجية الحارقة ، وكرات اللهب المشتعلة ، وقطع الحديد المسننة وكرات الرصاص والزجاج والقوس . مما اثر على معنويات جنود الاحتلال سلبيا .
2. تشكيل الجهاز العسكري الذاتي للانتفاضة : تم فرز أعضاء اللجان أو القوات الضاربة كجهاز عسكري ذاتي للانتفاضة من بين أعضاء الشبيبة الفتحاوية في كافة المواقع والأحياء كونها نواة صلبة لمرحلة العصيان الشامل .
3. الدوريات القتالية : وهي عبارة عن خلايا للمقاومة المسلحة تستخدم الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية ضد الأهداف العسكرية الصهيونية النوعية والمنتخبة خارج النطاق الجغرافي للانتفاضة . أطلقت صواريخ كاتيوشا على مستعمرات العدو الصهيوني من لبنان باتجاه فلسطين المحتلة ، ومهاجمة مواقع في النقب جنوب فلسطين . ففي اليوم التسعين للانتفاضة تمكنت وحدة فدائية عسكرية فتحاوية من ضرب هدف عسكري في قلب منطقة المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة بالنقب ( وعلى إثرها قررت الحكومة الإسرائيلية تصفية خليل الوزير ( أبو جهاد ) فاغتالته في 16 نيسان 1988 ) بمشاركة طاقم مؤلف من مئات الأشخاص .
ثانيا : حركة المقاومة الإسلامية (حماس ) . أنشأت حركة حماس جناحا عسكريا لها لمقاومة الاحتلال أطلقت عليه في مرحلته الأخيرة ( كتائب عز الدين القسام ) عام 1993 . الذي عمل على تنفيذ فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى . لقد مارس الجناح الجماهيري لحماس مهمة إصدار البيانات والنشرات والدعوة للاضرابات والمواجهات والتظاهرات وتدبير الشؤون الحياتية اليومية للانتفاضة وذلك بالتعاون مع الأجهزة الأخرى في الحركة . ولم تبد حماس استعدادا لدخول القيادة الوطنية الموحدة بل آثرت المشاركة في الانتفاضة وحدها ، كونها حركة إسلامية جهادية فتية ، قرنت نشأتها وتحولها من جماعة الإخوان المسلمين إلى حركة إسلامية فلسطينية تجاهد من أجل الحرية وتخليص فلسطين الإسلامية من براثن الصهيونية .
ثالثا : حركة الجهاد الإسلامي . عملت حركة الجهاد الإسلامي على تنظيم أجنحتها العسكرية والجماهيرية لخوض معركة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية بمختلف الصور والأشكال ما استطاعت إلى ذلك سبيلا . ولم تفضل الجهاد الإسلامي الدخول في وحدة تنظيمية تحت إطار القيادة الوطنية الموحدة كونها هي الأخرى تنطلق من منظور إسلامي وتريد إثبات وجودها وفعاليتها على الساحة الفلسطينية العامة . وقد أنشأت حركة الجهاد الإسلامي جناحا عسكريا ضاربا لها أطلقت عليه ( سرايا القدس ) ولا بد من القول ، إن فعاليات الجهاد الإسلامي في الانتفاضة رسخت وجودها على أرض الواقع كحركة إسلامية فلسطينية مقاتلة .
وفي الوقت ذاته ، كان هناك تنسيق بين الجهاد الإسلامي وحركة حماس في بعض البيانات المشتركة وتنظيم دعوات مشتركة للإضراب العام والمواجهة مع الاحتلال .
رابعا : القوى المشاركة الأخرى : مثل جبهة التحرير العربية ، والصاعقة ، والجبهة الشعبية - القيادة العامة وجبهة النضال الشعبي وغيرها من المنظمات الفلسطينية الصغيرة الأخرى .
وأحيانا كانت تصدر هذه القوى الإسلامية والوطنية نداءات موحدة ، وأحيانا كانت تصدر حركتا حماس والجهاد الإسلامي بيانات مشتركة للدعوة لأيام فعاليات شعبية للمقاومة العامة . وقد اندفع أبناء الشعب الفلسطيني في مظاهرات ومسيرات ضخمة في الشوارع والطرقات منددين بسياسة الاحتلال ومطالبين بالحرية والاستقلال . فرفعوا اللافتات والأعلام الفلسطينية ورددوا الأناشيد والأهازيج الوطنية والتراثية الفلسطينية ، وألقيت الكلمات الحماسية في المؤتمرات والمهرجانات والمظاهرات ، وأضرمت النيران في إطارات السيارات المستعملة ، ووضعت المتاريس والحواجز الحجرية في الشوارع العامة ومداخل المستعمرات اليهودية . وسلمت المطالب والعرائض والوثائق لمكاتب الصليب الأحمر في البلاد تحتج على الإجراءات القمعية الصهيونية ضد أبناء شعب فلسطين .
على أي حال ، ضمت الانتفاضة جميع الفئات الاجتماعية في الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة مجسدة شكلا ثوريا متقدما للوحدة الوطنية بمشاركة كافة القوى الوطنية الفاعلة والشخصيات والفعاليات والتيارات والاتجاهات الوطنية والإسلامية .
ولم تقتصر الانتفاضة على فلسطين المحتلة عام 1967 فحسب وإنما امتدت إلى مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل حيث نظمت التظاهرات وعمليات التصدي والمواجهة لتثبت أن شعب فلسطين شعب واحد في أرض فلسطينية تاريخية واحدة .
8. برنامج انتفاضة فلسطين الكبرى
وضعت منظمة التحرير الفلسطينية ، برنامجا استراتيجيا ، وآخر مرحليا ، لتحقيقه من انتفاضة فلسطين الكبرى ، للسير قدما من الأصغر للأكبر ، حيث أسقطت انتفاضة فلسطين النظريات التخاذلية العربية اللاهثة خلف سراب الحل السلمي وانتزاع الأرض العربية من الاحتلال الصهيوني . وكان هذا البرنامج يتلخص – كما كشف عنه – مهندس الانتفاضة الفلسطينية ، خليل الوزير بقوله : " نحن لن نهدر أي فرصة مواتية للتخفيف عن آلام شعبنا الفلسطيني ، وإزاحة وطأة الاحتلال الهمجي من على كاهله ، باعتبارها خطوة مرتبطة بالتصفية الكاملة للاحتلال . ولذلك لا نرهن هذا الهدف المرحلي بأهدافنا الاستراتيجية البعيدة ، فكل مكسب ينتزع من سلطات الاحتلال هو مسمار جديد في نعشه ، وهو خطوة جديدة نحو التحرير والحرية . نحن مع شعبنا نناضل من أجل انتزاع وتحقيق برنامج الانتفاضة المرحلي الذي يجسد يوما بعد يوم ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية التي تترسخ على أنقاض سلطة الاحتلال الإسرائيلي . وفي الوقت نفسه نعمل على تركيب معادلة فلسطينية – عربية – دولية لانتزاع شروط أفضل لشعبنا ليواصل في ظلها انتفاضته ونضاله حتى يرغم الاحتلال على السير في الطريق المحتوم لهزيمته ورحيله النهائي عن بلادنا " [2] .
9. مراحل انتفاضة فلسطين الكبرى
مرت انتفاضة فلسطين الكبرى الثانية الطويلة بعدة مراحل متسلسلة ومتداخلة أحيانا ، إلا أنها امتنعت عن استخدام السلاح في المراحل الأولى لها . وتمثلت هذه المراحل بست مراحل ثورية متشابكة مع بعضها البعض ، تسلسلت تدريجيا على النحو التالي :
أولا : مرحلة التمهيد العفوية : تمثلت هذه المرحلة بمشاركة شعبية عفوية غير منظمة ، ناجمة عن الحماسة والاندفاع الوطني والشعور بالحاجة للانطلاق لمقاومة الاحتلال الصهيوني بأي وسيلة متاحة . فبدأت بتشييع جثامين شهداء المجزرة في 8 كانون الأول 1987 والدعوة للانتقام لمقتلهم بهذه الطريقة الوحشية عن طريق الدهس المقصود . ولا نعني بمرحلة العفوية أنها هبة عاطفية سرعان ما تختفي بل هي امتداد تاريخي لانتفاضات فلسطينية أخرى ، جاءت ردة فعل مباشرة على العدوان الإسرائيلي : " إن هذه الانتفاضة الباسلة داخل الوطن المحتل ليست هبة عاطفية بل نتيجة لتراكمات نضالية وحركة تفاعل منظم " [3] .
ثانيا : الإعداد والتنظيم العام : تمثلت هذه المرحلة بالانتقال من مسالة العفوية التي بدأت فيها الانتفاضة للتنظيم المؤطر بإشراف القوى السياسية الوطنية والإسلامية لقيادة فعاليات النضال ضد الاحتلال الأجنبي . فنظمت القوى السياسية نفسها بإنشاء الأجنحة الميدانية لها لتطبيق قراراتها وتوجيهاتها على أرض الواقع . وهذه المرحلة مهمة كونها نقلت مرحلة النضال من الارتجال إلى تصميم البرامج والخطط وطرحها لجمهور الشعب .
ثالثا : المشاركة الشعبية : حيث عمت الاضرابات العامة ، والتظاهرات الشاملة مختلف أرجاء فلسطين بأعداد كبيرة قدر عدد المشاركين في بعضها بعشرات الآلاف من المواطنين ، تحدوا قرارات قوات الاحتلال بمنع التجول . دعت قوى الانتفاضة في هذه المرحلة بداية لمقاطعة منتجات يهودية منتقاة وتقليل الاعتماد على البضائع الإسرائيلية ثم امتدت وتطورت لتشمل مقاطعة أجهزة الحكم العسكري والإدارة المدنية وهيئات الحكم المحلي التي يشرف على إدارة شؤونها ضباط عسكريون يهود أو شخصيات موالية للاحتلال .
رابعا : بناء المؤسسات الجماهيرية . دعت فعاليات الانتفاضة في هذه المرحلة إلى الاعتماد على الذات الفلسطينية لإدارة الشؤون المحلية من المياه والكهرباء وحل المنازعات ( لجان الإصلاح الاجتماعي ) ، واستقالة الموظفين العرب في الدوائر الحكومية العامة التي يسيطر عليها الاحتلال مثل قطاع الشرطة ومسؤولو الإدارات البلدية المعينة من الاحتلال ، واستقالة العاملين في الضرائب ، والمناداة بملء فراغ المؤسسات المحلية بالبناء الشعبي الوطني . وهذه المرحلة شهدت إقامة نظام التعليم الشعبي للرد على إغلاق المدارس وشهدت بناء اقتصاد فلسطيني ناشئ قائم على الزراعة وتربية الأغنام والدواجن والتصنيع المحلي . ويمكن وصف هذه المرحلة بأنها مرحلة إنشاء الإدارة المدنية الوطنية الفلسطينية كمؤسسات جماهيرية .
خامسا : تصاعد الكفاح المسلح : شهدت هذه المرحلة تزايد العمليات العسكرية ضد الاحتلال ، لأن المقاومة المدنية كالتظاهرات والمسيرات والمقاطعة أخذت دورها وجاء دور متقدم عنها تمثل في التشكيل العسكري من فصائل الثورة الفلسطينية والحركات الإسلامية المجاهدة . بدأت هذه المرحلة مطلع عام 1992 ، في أعقاب عدم جدوى الفعاليات السلمية ، والحاجة للرد العسكري على بطش وجبروت الاحتلال ، وتراجع وتيرة مؤتمر مدريد للسلام في المنطقة وعدم التوصل لحل سلمي حقيقي يلبي الطموحات والأماني الوطنية الفلسطينية .
سادسا : مرحلة التراجع العام : بدأت مرحلة الانكفاء على الذات وعدم المشاركة في فعاليات انتفاضة فلسطين الكبرى لعدة عوامل وأسباب من أبرزها [4] :
1. الإرهاب العسكري الإسرائيلي : اعتقال عشرات الآلاف وجرح عشرات الآلاف الآخرين ، مما أفقد القوى السياسية للمبادأة والاستمرارية الطويلة . فقد أدت عملية اعتقال قيادات الانتفاضة الأولى إلى ظهور صف جديد ثاني ، اعتقل لاحقا ، فظهر صف قيادي ثالث اقل كفاءة وجماهيرية ، وأثناء انتقال الانتفاضة من صف إلى صف تعرضت لهزات أمنية وعسكرية وشعبية أفقدها الكثير من الزخم الشعبي والتنظيمي والعملي مما سبب تراجعا ملحوظا .
2. الصراع التنظيمي الميداني بين القوى الإسلامية والوطنية . فالقيادة الموحدة دبت في ثناياها الخلافات ، ونشبت الخلافات مع القوى الإسلامية والوطنية حول فعاليات معينة وبرامج سياسية متباينة . أدت هذه الصراعات الجانبية إلى مقتل وجرح عشرات الفلسطينيين على أيدي فلسطينيين آخرين نتيجة التناحر السخيف على هذه المسألة أو تلك .
3. فترة الانتفاضة الطويلة : إن طول فترة الانتفاضة أدى إلى تضعضع نفسيات الشعب ورغبته في إنهائها في ظل تصاعد الخلافات واستعار حدة المناكفات العشائرية والتنظيمية .
4. الاختراق الأمني الإسرائيلي وافتعال الفتن الداخلية في صفوف أبناء شعب فلسطين . فبرزت الطائفية التنظيمية والحزبية الضيقة فتصادمت هذه القوى فيما بين أعضائها وقياديها ودست بيانات مزورة مما أفقد ثقة الناس بهذه القوى السياسية المتصارعة . وأدت هذه الاختراقات الأمنية للقوى السياسية الفلسطينية إلى شن حرب نفسية على الفلسطينيين بصورة سلبية مؤثرة على النفسية العامة .
5. الإعلام الصهيوني المبرمج : استند الإعلام الصهيوني على حرب دعائية سياسية اقتصادية أثارت البلبلة والفوضى في نفوس الناس بترويج سلبيات الانتفاضة من العشائرية والطائفية التنظيمية ، وتدهور الوضع الاقتصادي للجمهور وتزايد الغنى لدى القائمين على الانتفاضة .
6. طرح مبادرات سياسية يائسة من فلسطينيين ينادون بالتخلي عن بعض الثوابت الوطنية . فساهمت هذه الطروحات السياسية المتخاذلة في بث بعض اليأس والإحباط لدى عامة الناس .
7. اندلاع حرب الخليج الثانية ، فقد شهدت انتفاضة فلسطين الكبرى ، استيلاء الجيش العراقي على الكويت في 2 آب 1990 وجعلها محافظة من المحافظات العراقية ، ثم قيام التحالف الغربي – العربي – الدولي لاسترجاع الكويت وإخراج الجيش العراقي منها . وقد مرت الانتفاضة بمرحلة سكون شبه تام أثناء شن الحرب على العراق لاستعادة الكويت في مطلع عام 1991 وما لاحق ذلك من تشريد نحو 350 ألف فلسطيني كانوا في الكويت .
8. تناقص الدعم العربي والإسلامي للشعب الفلسطيني بعد حرب الخليج الثانية 1991 . فقد شهد هذا العام حالة صراع سياسي بين قيادة الشعب الفلسطيني والقيادة العربية الممولة للانتفاضة كالسعودية والكويت والإمارات المتحدة وقطر وغيرها .
9. تزايد المد العشائري حيال قتل عملاء ومأجورين للاحتلال . فلم يتم التعامل مع قضايا قتل العملاء بشكل مناسب على الصعيد العائلي الاجتماعي فظهرت الفزعات والمشاحنات بين العائلات والحمائل على خلفية بعض التجاوزات لبعض قياديي الانتفاضة الميدانيين ومحاولة سيطرتهم على كل شيء علما بأنه ليس من اختصاصهم .
10. بدء فعاليات مؤتمر مدريد للسلام ، عام 1991 ، وتصادم البرامج السياسية بين الحركات والفصائل الفعالة في الانتفاضة ( الانتفاضة والسلام ) و ( الانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة ) .
11. سيطرة بعض قيادات الانتفاضة على مشاريع عامة ليست من مهامها كالسيطرة على مؤسسات خدمات المياه والكهرباء وفرض الإتاوات المالية الإجبارية على المواطنين عامة والتجار خاصة مما ساهم في إفراغ مضمون الانتفاضة من مضمونها إلى حد ما .
10. نماذج من نداءات الانتفاضة الأولى الكبرى
أصدرت القيادة الموحدة للانتفاضة عشرات البيانات والنداءات لقيادة فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى طيلة مدتها فظهر البيان الأول للانتفاضة عن القيادة الموحدة في 8 كانون الثاني 1988 . وكانت تصدر بيانات قبل 8 / 12 / 1987 بتوقيع القوى الوطنية الفلسطينية ، والحركة الوطنية .
على العموم ، صدر عن القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ( ق . و . م ) حتى 30 نيسان 1991 ، 69 بيانا مركزيا منها 31 بيانا في السنة الأولى للانتفاضة حيث كان يصدر نداء أسبوعي ، ثم صدر نداء كل أسبوعين . وصدر حتى عام 1991 عن حركة حماس 73 بيانا منها 33 بيانا في السنة الأولى ، ولم تكن بياناتها مرقمة أو مؤرخة في البداية ، وظهر أول بيان لحماس يحمل رقم ( 21 ) لتصعيد الانتفاضة . ولبيانات حماس المركزية سلطة التوجيه والأوامر العامة ، وضمت بيانات حماس توجيهات إسلامية مثل أداء الصلاة والزكاة والعودة إلى أصول الدين الإسلامي والالتزام بقوانين السير وفق المبادئ الإسلامية . وافتتحت حماس بياناتها بالبسملة ، ثم آية قرآنية ( هذا بلاغ للناس لينذروا به ) واختتمتها بآية قرآنية وبهتاف ( الله أكبر والنصر للإسلام ) [5] .
من جهة أخرى ، صدر أول بيان للانتفاضة عن حركة الجهاد الإسلامي في 12 كانون الأول 1987 حيث أصدرت 20 بيانا حتى نهاية عام 1989 ، وكانت هذه البيانات تصدر تارة باسم حركة الجهاد الإسلامي أو الجهاد الإسلامي أو سرايا الجهاد في فلسطين أو بيت المقدس وهذا ناجم عن عدم وحدة التوجهات السياسية بسبب حالة السرية المطبقة التي تتبعها الحركة [6] .
كانت نداءات القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ، تدعو لأيام تصعيد وأيام للغضب الفلسطيني ضمن برامج التصعيد الفلسطينية ومواجهة الإرهاب والاحتلال الصهيوني . وحملت النداءات عدة شعارات في بدايتها مثل : لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة ، لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين ... وشعارات في نهايتها مثل عاشت فلسطين حرة عربية ، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار ، المجد والنصر لجماهير شعبنا ، عاش يوم الأرض الفلسطيني ، ليسقط الاحتلال . وحملت النداءات أرقاما متسلسلة ، النداء رقم واحد ، النداء رقم اثنان ... وهكذا . واعتبارا من النداء رقم 10 أصبح النداء يحمل رقما واسما .
وفيما يلي أسماء النداءات ( البيانات السياسية ) من 10 – 40 التي أصدرتها القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة : نداء يوم الأرض ، ونداء يوم الأسير ، ونداء القسطل ، ونداء العمال ، ونداء فلسطين ، ونداء الطفل الفلسطيني ، ونداء معتقلي الانتفاضة ، ونداء القدس ، ونداء الأقصى المبارك ، ونداء الأضحى المبارك ، ونداء المبعدين ، ونداء شهداء الانتفاضة خلف القضبان ، ونداء شهداء المجازر ، ونداء المجلس الوطني ، ونداء الاستقلال ، ونداء عرس الدولة الفلسطينية المستقلة ، ونداء الانتفاضة ، ونداء السلام الفلسطيني والحقوق الوطنية الثابتة ، ونداء الثورة والتواصل ، ونداء التحدي والمواجهة ، ونداء م . ت . ف عنواننا الوحيد ، ونداء شعب واحد وقيادة واحدة ، ونداء الكرامة ، ونداء الأول من أيار ، ونداء شهداء نحالين ، ونداء البطولة والصمود . وكنموذج عن النداءات أو البيانات السياسية ما يلي :
أولا : نداء القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة في الأراضي المحتلة ، في 20 نيسان 1988 ، " النداء رقم ( 14 ) للانتفاضة المباركة – نداء الشهيد القائد والمعلم الرمز الأخ خليل الوزير أبو جهاد " [7] ، برنامج الانتفاضة النضالي في نيسان 1988 ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء ... نداء ... نداء
لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة ،
لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين ، شعب منظمة التحرير الفلسطينية .
يا جماهير انتفاضتنا المجيدة ، انسجاما مع برنامج الانتفاضة النضالي نؤكد ما يلي :
أولا : نؤكد أهمية الالتزام الكامل بعدم دفع الضرائب لمصاصي دم شعبنا .
ثانيا : نثق جدا بدور أهلنا ولجاننا الزراعية والشعبية ولجان الأحياء على استجابتهم لنداء الأرض والقيام بالزراعة البيتية وقطع الأراضي عبر التعاونيات الزراعية . وندعو كافة لجاننا وأهلنا إلى تعميق وتوسيع نطاق الزراعة والتعاونيات حتى تشمل كافة أجزاء وطننا الحبيب .
ثالثا : ندعو جماهيرنا وأهلنا إلى الاستمرار في الترشيد الاقتصادي والاختصار في النفقات خلال شهر رمضان المبارك ، شهر التضحية والتعاون والعطاء .
رابعا : ندعو عمالنا إلى المزيد من مقاطعة العمل في المستوطنات الصهيونية ومقاطعة العمل فيها مقاطعة تامة .
خامسا : توسيع مجال العمل لكافة اللجان الصحية والإسراع في مد يد العون لأهلنا في كافة أماكن تواجده وزيادة تنظيم دورات الإسعاف الأولى والطب الوقائي ، والتوعية الصحية وندعو الأطباء إلى تخفيض رسوم كشفياتهم دعما لجماهير شعبنا .
سادسا : الالتزام بقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية القاضي بدعم المستقيلين من جهاز الشرطة والضرائب وعمالنا البواسل الذين قاطعوا العمل في المستوطنات اليهودية ، ستقوم اللجان الشعبية واللجان المختلفة بمد يد العون والمساعدة لهؤلاء جميعا .
سابعا : نحيي جماهير الجولان البطلة ، ونؤكد على النضال بيننا ، ونحيي الجماهير الفلسطينية والعربية داخل الكيان الصهيوني وفي الدول العربية على مساندتهم لانتفاضتنا ، ولنهب جميعنا ضد الاحتلال والظلم وندعو الحكومات العربية إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين والعرب في معتقلاتها خدمة لانتفاضة شعبنا .
ثامنا : ندعو المدراء العامين في دوائر الإدارة المدنية في قطاع غزة للاستقالة الفورية من مناصبهم .
تاسعا : نؤكد على ضرورة أن تتحمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالة الغوث الدولية مسؤولياتها تجاه توفير المواد التموينية والطبية للمدن والقرى والمخيمات المحاصرة والخاضعة لمنع التجول .
يا جماهير انتفاضتنا العملاقة التزاما في البرنامج النضالي للقيادة الوطنية الموحدة ، الذراع الكفاحي لمنظمة التحرير الفلسطينية ندعوكم إلى ما يلي :
أ) إعلان أيام الجمع والآحاد أيام صلوات على روح شهيدنا الرمز وكل شهداء فلسطين ، والقيام بالمسيرات والجنائز الرمزية ، ترفع خلالها الرايات السوداء والأعلام الفلسطينية .
ب) إعلان يوم 23 / 4 / 1988 بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد القائد أبو جهاد يوم غضب مميز تشارك فيه كافة الفعاليات النضالية .
ج) إعلان يوم 28 / 4 / 1988 يوما للمبعدين واستنكارا لسياسة الإبعاد التعسفية .
د) تعتبر باقي الأيام أيام غضب وتصعيد استنكارا لسياسة القتل والاغتيال وفرض منع التجول الطويل الأمد ، وقتل الأطفال بالغاز السام ، والاعتقالات الجماعية التعسفية تشارك فيه كافة الفعاليات بوتيرة نضالية مميزة .
هـ ) ندعو كافة الأطر الشعبية واللجان العاملة إلى تنفيذ كافة الفعاليات الكفاحية والنضالية وتوظيف كافة الإمكانيات والوسائل تنفيذا لقرار القيادة الوطنية الموحدة لجعل الأيام من تاريخ 22 / 4 / 1988 للكيان الصهيوني وقواته وقطعان مستوطنيه ، أياما للتصعيد في وجه قاتل شهدائنا الأبرار .
يا جماهيرنا ويا أخوة شهيدنا الحبيب أبو جهاد وكل الشهداء الأبرار ...
مزيدا من العطاء ، مزيدا من التضحية ، مزيدا من الوحدة والتلاحم ، مزيدا من توظيف كل الإمكانيات والطاقات ، ومزيدا من إلقاء الحجارة المقدسة والمولوتوف والضرب من حديد في جسد الكيان الفاشي المترهل ولتزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة ، شلال الدم الفلسطيني لن ينضب ، وعهدا لشهيدنا البطل أبو جهاد وكل شهدائنا الأبرار أنه سيأتي اليوم الذي يزغرد فيه الكلاشنكوف في كل بقعة من بقاع فلسطين ، ويحصد شعبنا حقوقه الوطنية المشروعة بقائده منظمة التحرير الفلسطينية ، والعهد هو العهد ، والقسم هو القسم ، فإما النصر وإما الشهادة ، في سبيل فلسطين حرة مستقلة ... وإنها لثورة حتى النصر .
منظمة التحرير الفلسطينية
القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة في الأرض المحتلة
20 / 4 / 1988
================
ثانيا : بيان حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )
( الإسراء والمعراج - آذار 1988)
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسراء والمعراج تصعيد للمقاومة المباركة
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً . عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا } . الإسراء 4 – 8 .
شعبنا المسلم المرابط على أرضنا المباركة ، يا أبناء الانتفاضة العزيزة ، أيها الصابرون الرافضون لكل أنواع القمع والذلة والإستسلام . ها هي انتفاضتكم تعيش شهرها الرابع لتعانق ذكرى الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب ... وإطلالة الإسراء والمعراج في هذه الأيام المشهودة لتضع بين أيدي شعبنا المسلم هدية الذكرى العطرة موجزة في أسس ثلاث :
الأول : مكانة بيت المقدس وفلسطين عند المسلمين . فهل من بقعة بعد مكة والمدينة ترفرف حولها الأفئدة المسلمة في أرض الله أكثر من بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى والتي تشد الرحال من أرجاء الأرض من أجل العبادة والقربة لله : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) . والصلاة على أرض الأقصى تعدل خمسمائة صلاة فيما سواه غير الحرمين .. هي مهبط الرسالات ، مأوى الأنبياء ... وكانت حادثة الإسراء والمعراج تتويجا من الله لأرض فلسطين بخاتم النبيين وسيد الأنام .. لم يكن الإسراء لأي عاصمة في الدنيا أو أي مدينة في العالم .. إلا إلى القدس لتكون أخت مكة في التاريخ وليعلم المسلمون أن التفريط في القدس تفريط بمكة والمدينة سواء بسواء ..
الذي باركنا حوله : ففلسطين كل لا يتجزأ .. شمالها وجنوبها وساحلها وجبلها ، بحرها ونهرها كل متكامل ذات منزلة رفيعة باركها الله ، وأنبياء الله .. وملائكة الله .. بركتها قرآن يتلى إلى يوم الدين .. بركة في الأرض .. بركة في الشجر والثمر .. بركة في الهواء والمطر .. بركة ليس لها حد ولا ند .
الثاني : فساد بني إسرائيل : ( لتفسدن في الأرض مرتين ) إفساد حكم وسلطان في الأرض المباركة . وأي إفساد أعظم من هذا الجبروت والتسلط فهم القتلة حتى لأنبيائهم ، فكيف يرأفون بنا أو يرحمون ؟ ونحن عندهم الأميون وهم يقولون " ليس علينا في الأميين سبيل " ، أي لا حرج من إيذائهم وذبحهم . يفسدون اقتصاديا : فالاحتكار والغش والربا من إنتاجهم وتصديرهم وجزء من جبلتهم .. الضرائب المتنوعة ، الجمارك المختلفة .. الملاحقات المادية للسكان إلى درجة الانهيار .. مفسدون في الأرض : يسجنون ، يضربون ، يشتمون ، يستعملون السلاح المحرم دوليا ، يضربون النساء والأطفال والشيوخ . يكذبون ، يفترون ، يحتالون ، يخادعون ، تلكم هوية اليهود .
الثالث : لا تحرير ولا نجاة إلا بالإسلام . إن الأرض المباركة التي شرفت بإسراء محمد .. وفتحها عمر والصحابة الكرام بطهارتهم وعدلهم وحررها صلاح الدين بالإسلام ، وأضاعها الغافلون من الحكام عبر التاريخ في سيء الظلام والتقهقر .. لا تسترجعها إلا الأيدي الطاهرة والنفوس الصالحة ، هذه قناعة دينية تاريخية .
فمن الدين : ( إن تنصروا الله ينصركم ) ، ( بعثنا عليكم عبادا لنا ) . ومن التاريخ : متى انتصر قومنا بغير دين ؟ ومتى غزوا بغير عقيدة ؟ ومتى إتحدوا دون إسلام ؟ وواقعنا خير شاهد ، فالإعلام العربي يستمتع بعرض أشرطة جراحنا وجنازاتنا وكسر عظامنا ومطاردة نسائنا وأطفالنا .. ويحصي عدد شهدائنا ، كم سقط اليوم على أيدي الصهاينة وهم بهم يجتمعون وهم يخلصون وحولهم يحرسون .
يا شعبنا المسلم المرابط : ويسيل اللعاب العربي لما يسمى بالسلام العادل والدائم والمبادرة الأمريكية وسواها ، وأسمى أمانيهم المؤتمر الدولي للسلام ويقضي بما شاء ، فأي كلام يرضيهم وأي كلام يعجبهم .. ويكتفون من كلمة سلام ولو بنصفها الأول . ولشعبنا والعالم نعلن موقفنا من السلام وردنا على كل المتشدقين به والحالمين به بانعقاده لا للسلام مع الكيان الصهيوني :
1. لأن طبيعتهم المماطلة والطمع . ومثال المماطلة ( طابا ) سنين من المفاوضات والنتيجة فقاعات .. والوفود .. لا زالت تجتمع .. ولن تعود طابا بالمباحثات .
2. لأن الله ما كتب لهم سلاما في الأرض : ( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) ، فأين السلام الدائم . وأين العدل وهم يملكون شبرا على شاطئ حيفا وعكا ؟.. وصاحبه في مخيمات لبنان بالضفة والقطاع والأردن .. فأي عدل يشرد أصحاب الحق ويملك الغاصب ؟ فلتقطع كل يد توقع على ذرة من تراب فلسطين لأعداء الله وأعدائنا تملكهم أرض الإسراء والمعراج .. الأرض المباركة .
يا أبناء شعبنا البطل : تحية إكبار وإعزاز لصمودكم وتضحياتكم وصبركم ومواصلتكم الإنتفاضة العزيزة المباركة ، ولنا فيكم أمل لتنفيذ الآتي :
1. التراحم : لتعم الرحمة الناس .. بين الجيران ، الغني والفقير ، البائع والمشتري ، وليكن الشعار ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . وهذا نداء إلى دائرة الأوقاف الإسلامية وإلى كل البلديات نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة ، أن يتم إعفاء المستأجرين من دفع الإيجارات المستحقة عليهم .. ونذكرهم أن هذا من الرحمة . والرحمة وطنية والوطن من الإسلام .. ولن ينسى شعبنا لكم هذا الفضل ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) .
- وإلى كافة المؤجرين : من كان منكم موسرا فليفرج كرب المستأجرين بإعفائهم ما أمكن وضمائرهم كفيلة بالحكم في هذا الأمر . وإلى المستأجرين : من كان منكم قادرا أو موسرا فلا يماطل في إعطاء الحقوق لأصحابها .. ولا تأكلوا أموال الناس بالباطل .
2. الإنتاج وعدم الاستغلال : إلى مصانعنا وشركاتنا وكل المنتجين ، مزيدا من العمل والإنتاج لتقوم صناعتنا في وجه إنتاج العدو الغاصب .. وحذار من استغلال إخوانكم الصابرين .
وإلى المستورد والمستهلك : ليمتنع كل شعبنا عن شراء أي نوع من أنواع الإنتاج اليهودي الحاقد .. فكل قرش يدفع لهم هو رصاصة ترتد إلى أعناقنا وقنبلة غاز تخنق أطفالنا ونسائنا وإن الله سائل كل عن ( ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ) . وإليكم هذه الفتوى : ( يحرم على كل مسلم شراء أي بضاعة من إنتاج اليهود إذا وجد لها بديلا وطنيا ولنضرب السوق اليهودية الحاقدة ) ولنقتصد في نفقاتنا ونكتفي بالضروريات .
3. احذروا سياسة التجهيل : دأب العدو الغاصب إلى إغلاق مؤسسات العلم لنشر الجهل بين أبنائنا وليعلم الجميع أن العمل ضد الاحتلال لا يتناقض مع العلم .. ولكن يمشي معه جنبا إلى جنب فلنتسلح بالعلم .. ولنؤمن بالعودة إلى مواقع دراستنا : جامعاتنا ومدارسنا ، مدرسين وطلبة .. وإلا فليتوجه المربون والأبناء إلى المساجد للتعليم ولتعد البرامج التعليمية لقادة المستقبل .
4. صيام يوم : ليكن يوم الخميس القادم 29 رجب الموافق 17 / 3 يوم صيام لله تعالى في أرجاء فلسطين بمناسبة الإسراء والمعراج ولندع الله أن يفرج كرب الأمة .. ولنعلم أن للصائم دعوة لا ترد . وفي ذكرى الإسراء والمعراج نعلن : لا للسلام المزعوم ، لا للتفريط في شبر من ارض فلسطين المسلمة ، لا للبضاعة اليهودية ، لا لسياسة التجهيل .. نعم للتراحم بين الناس .. نعم للصبر والثبات على درب الانتفاضة المباركة .. نعم للوحدة والتآلف .
على كلمة ( الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر .. لا إله إلا الله )
وليكن هتافنا : باسم الله ، الله أكبر .. باسم الله قد حانت خيبر .
حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )
فلسطين : 25 رجب 1408 هـ / 13 آذار 1988 م
====================
ملاحظة هامة : يتبع ... انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى .. ( 3 - 3 )
[1] أبو جهاد ، أحاديث عن الانتفاضة ، مرجع سابق ص 119 – 121 .
[2] أبو جهاد ، أحاديث عن الانتفاضة ، مرجع سابق ، ص 113 .
[3] بيان حركة فتح في الوطن المحتل ، في أبو جهاد ، أحاديث الانتفاضة ، مرجع سابق ، ص 03 .
[4] جواد الحمد ، مرجع سابق ، ص 415 -417 .
[5] محمد سليمان ، إعلام الانتفاضة ، تكاملية الأداء فاعلية النتائج ، مرجع سابق ، ص 61 – 62 .
[6] مجلة النفير ( لسان حال الجهاد الإسلامي ) ع 7 شباط 1990 ، نقلها محمد سليمان إعلام الانتفاضة ، مرجع سابق ، ص 64 .
[7] الإعلام الموحد – منظمة التحرير الفلسطينية ، نداءات الانتفاضة ، الملحمة النضالية الفلسطينية من خلال نداءات القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ، مطبعة تونس قرطاج ، ص 63 – 67 .

ليست هناك تعليقات: