الخميس، 3 أبريل 2008

المخدرات.. رجز من عمل الشيطان فاجتنبوها

الَْمْخدرِاتُ ... رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوها
( 1 - 2 )
آفة المخدرات .. في الوطن العربي والعالم
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية – فلسطين

يقول الله جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)}( القرآن الحكيم ، المائدة ) .
المخدرات هي أم الخبائث .. وأم المهلكات ..
والإسلام هو أولى الطرق المنجيات
لا للمخدرات .. ولا للمهلكات .. نعم للمنجيات الباقيات ..
نعم لصحة وافية بين الأرض والسماوات
1 . ماهي المخدرات ؟
المخدرات هي التخدير الجسمي والعقلي والعاطفي وتكسيل الجوارح عن العمل الطبيعي اللائق بالإنسان السوي القويم السائر على الصراط المستقيم في حياته ، والمخدرات هي من الضارات المهلكات فتدميرها للبشرية يعادل الحروب العسكرية إن لم يكن أكثر فتكا وتأثيرا . فالمخدرات تهلك جسميا وعقليا بصورة تنفيذية وتقتل روح الإبداع والأخلاق الفاضلة وتنبذ القيم والمثل العليا في المجتمع . ويكون تأثير المخدرات بميل الإنسان للنعاس أو النوم لاحقا ثم غياب الوعي أي النوم بشخير كبير ، وبالتالي فإن المخدر هو مادة مسكرة مضرة لها تأثير غير محمود على طبيعة الإنسان الخَلقية والخُلقية . وتأتي عملية تناول آفة المخدرات في محاولة بشرية للهروب من الحياة ومنغصاتها وشجونها وهمومها وهذا الهروب من الحياة هو فرار هروبي سلبي يدل على ضعف شخصية الشخص المتعاطي للمخدرات ، وهذا الضعف يعكس نفسه على سلوك الفرد وحياته الخاصة والعامة . وتعاطي المخدرات هي ظاهرة سلبية مدمرة في المجتمع أي مجتمع كان ، حيث تقود هذه الظاهرة غير السوية إلى شرود ذهني وعصبي وعضوي وعقلي وعاطفي للإنسان فيحاول متعاطي المخدرات إقناع نفسه بأنه قد هرب من الحياة ، ولجأ إلى من ينسيه الهموم والمشاكل التي يعاني منها . فيتصور الشخص المخدر نفسه بأن السعادة قد ملئت قلبه وحواسه فيغرق في أحلام كثيرة لا أساس لها من الصحة ، بل يفقد عبرها الصحة والسعادة والتوازن الجسدي والعقلي فيصير يهذي هذيانا ما بعده هذيان ، فيصل والحالة هذه إلى جنون العظمة والجنون الفعلي طيلة تأثير المخدر عليه .
والتخدير السلبي أو تناول الأوراق أو النباتات والأعشاب الضارة هو الاسترخاء العفن الذي يلجأ لعفونته كل من يئس أو قنط من الحياة أو فشل في امتحان أو تجربة أو زواج أو اخفق في الحصول على درجة علمية أو مركز أو جاه اجتماعي فيلجأ إلى الهروب ، وفق مبدأ ( الهريبة ثلثين المراجل ) أو أراد الشخص المتعاطي المخدرات أن يقلد الآخرين أو وجد بجيبه بعض المال ؟ وجدير بالذكر إن تعاطي المخدرات يبدأ كدلع ثم يتحول إلى ولع ، من الصعب التخلص منه بسهولة ويسر ، بل يحتاج لمشقة وإرادة قوية قادرة على مواجهة التحديات وتصحيح الأخطاء والخطايا .
وعملية تعاطي المخدرات تبدأ بهلوسة وما يسمونها نشوة غامرة سرعان ما تتحول لأرق يجتاح ويغزو جميع أركان الجسد الإنساني الذي بلى به الإنسان نفسه ، فمتعاطي المخدرات يريد أن يخرج نفسه من هموم الدنيا فتلزمه وتصاحبه هموم مضاعفة دون أن يدري فيتحول من إنسان عاقل بالغ وراشد إلى شخص مائل مميل متسكع ومهووس فيصدر أقوالا وتخاريف يضحك منها هو نفسه لو كان غير مخدر أو واع لما يفعله بنفسه وبالآخرين فيتخيل الإنسان المتعاطي المخدرات وكأنه بطل العالم فهو الآمر الناهي له وفي حقيقة الأمر إن ما يفعله يخرجه عن أطوار الإنسان إلى أطوار الحيوان البهيمي الذي يحس أنه الأقوى من الجميع وهو في حقيقة الأمر أضعف وأصغر إنسان عقلا وقلبا وعاطفة وجسدا وشكيمة . فلا يميز الخبيث من الطيب وكل شيء يجده مباحا له فيصبح مهووسا ومهلوسا في جميع أفعاله وأقواله ، فيطمح متعاطي المخدرات للسعادة ولكنها تعاسة في حقيقتها .
على العموم ، إن سياسة تعاطي المخدرات هي عملية مبرمجة تخريبية يلجأ إليها الأعداء للنيل من قوة وعزيمة وإرادة الشخص أولا ثم الشعب ثانيا والأمة العربية أو الإسلامية ثالثا ورابعا . فمن يروج هذه الآفة الاجتماعية يساهم في تدمير لبنات المجتمع الإسلامي لبنة لبنة سواء عن قصد مع سبق الإصرار والترصد عن سوء نية ويكون مجرما قتالا لبني قومه مناصرا للأعداء ، وقد يكون نشر المخدرات عن حسن نية بغية الحصول على مبالغ مالية زهيدة أو كبيرة لا فرق ، ويكون في هذه الحالة إمعة يقلد الآخرين ، ويدمر نفسه ويساهم في تعطيل جزء هام من المجتمع ويلقي به على قارعة الطريق دون أي رحمة أو شفقة لهؤلاء الناس .
والمراهقون هم أكثر الفئات والشرائح الاجتماعية التي تتعاطى المخدرات ، كون هذه الفئة تكون في مرحلة المخاض بين الطفولة والرشد ، وهي مرحلة عصيبة على الإنسان فإذا لم يجد من يقف بجانبه فيهلك ويهلك الآخرين من حوله سواء بسواء ، والإهلاك قد يكون جزئيا أو كليا في معظم الأحيان ينتهي إلى حتف الإنسان .
وحسب بعض التقديرات الدولية هناك نحو 180 مليون في العالم يتعاطون المخدرات بإدمان منتظم منهم نحو عشرة ملايين عربي ، وتكلف عملية مكافحة المخدرات العالمية وقائيا وعلاجيا نحو 120 مليار دولار ، وتزرع وتسوق وتصدر المخدرات لمعظم أنحاء العالم في نحو 170 دولة من دول العالم . وتعتبر قارة أمريكيا الجنوبية هي المنتج الأول للكوكايين ، وتنتشر مخدرات الحشيش والأفيون والمنشطات المهدئة في قارتي آسيا وأفريقيا وكذلك تزرع مادة الحشيش في كل من باكستان وأفغانستان وميانمار بالإضافة إلى دول عربية كمصر والمغرب وكذلك في تركيا . ورغم المطاردات والملاحقات الدولية لآفة المخدرات فإن العالمين ببواطن الأمور يقدرون أن ما يضبط من مواد مخدرة لا تتجاوز نسبته 33 % من ما ينتج ويصدر ويوزع على المتعاطين الجدد والمدمنين السابقين أو المنضمين لهذه المهزلة الاجتماعية حديثا وبالتالي فإن الحملة الدولية الهادفة إلى حماية المواطنين في كل دولة أو إقليم أو قارة أو على مستوى العالم نسبة قليلة إذ أن نحو ثلثي المواد المخدرة تصل عبر طريقه التدمير للأفراد والمجتمع على السواء . ويقدر ما ينفق على المخدرات الممنوعة في قارة أمريكا الشمالية بنحو 40 مليار دولار سنويا .
من جهة أخرى ، تطلق منظمة الصحة العالمية على المخدرات ( المواد النفسية ) لاستخدام المواد المخدرة في علاج الأمراض النفسية والعصبية كونها تكون كمهدئات أو منشطات معينة ، لتحاشي ذكر كلمة المخدرات وهي تسمية ليست في مكانها الصحيح فيجب أن تسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية لمكافحتها وتقليل تأثيرها ما استطاع العالم إلى ذلك سبيلا .
2. أنواع المخدرات
المخدرات والخمر متشابهان في التحريم الإسلامي لهما ، فهما من الموبقات المهلكات قلبا وعقلا ، وروحا وجسدا ، فهما اللتان توقعان الإنسان في متاهات جمة وتيه اجتماعي وصحي ومالي كبير . يقول الله جل جلاله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}( القرآن الحكيم ، البقرة ) .
وتتعدد أسماء أنواع المخدرات المستخدمة في العالم فمنها ما هو طبيعي من أصول نباتية ومنها ما هو طبيعي ويتم تصنيعه ومنها ما هو صناعي عبر مزج أصناف معينة من المواد الكيميائية لتصنيع مواد مخدرة تنهك جسم الإنسان من غير الأصول النباتية ، وأهم هذه الأنواع الآتي :
1. الأفيون . يستخلص منها مادة المورفين المخدرة ذات التأثير الفعال .
2. الحشيش . وهو المادة المخدرة الأكثر انتشارا في العالم .
3. الكوكايين . الكوكا : تتركز المواد المخدرة في أوراق هذه النبتة .
4. الماريجوانا وهي نباتات سامة تزرع بكثرة في مختلف بقاع العالم من الأشرار .
5. الهرويين : وهي مادة مصنعة يعاد تصنيعها لتكون سهلة الحمل عظيمة الفعالية التخديرية .
6. الخشخاش . تتركز المواد المخدرة القوية التأثير في ثماره الفجة غير الناضجة
7. القنب : تتركز المواد المخدرة بأوراقه وأزهاره .
8. القات . تتركز المواد المخدرة في الأوراق التي تمضغ أو تصنع حسب ما يراه المدمنون . وينتشر في اليمن والصومال وبعض الدول الأفريقية .
9. جوزة الطيب : تتركز المواد المخدرة في بذور النبتة نفسها .
10. مادة الغراء . حيث يبتلعها بعض المهووسين الهادفين إلى ضياع العقل والعاطفة للهروب من هموم الدنيا ، فيصابون بهموم وغموم مضاعفة .
11. البنزين : حيث يشرب المدمن البنزين أو يتردد على شم المادة الطيارة التي تنتج عنه فيغيب عن الوعي والإدراك .
12. الأسيتون : يستخدم للشم بواسطة الأنف .
6 . كيفية نقل المخدرات
هناك العديد من الطرق والأساليب التي تعبر بها المخدرات الحدود بين الدول ، إن كانت هناك رقابة فعلية للقضاء على هذه الآفة الاجتماعية ، ومن أهم طرق نقل المخدرات :
1. زراعتها بمكان الهدف المنشود للتدمير أو التجارة الحرام .
2. المركبات والشاحنات الكبرى ، إذ يتم إخفاؤها في أي جزء من السيارة وقد وجد بعضها في إطارات السيارات أو في الخزائن المغلقة داخل ظلمات معينة كمادة دقيقة كالطحين أو الحليب المجفف أو مادة سائلة أو حبوب وكبسولات وغيرها من الأنواع .
3. داخل جسد الإنسان : عبر بلع المادة المخدرة ووضعها في أكياس بلاستيكية لا تهضم فيبلعها الإنسان ثم يخرجها عن طريق الفتحة الخلفية للجسم بالبراز . وقد اكتشف رجال ونساء يهربون المخدرات في الشرج أو المهبل للنساء أو غيرها من مادة الهرويين . وكذلك وجد من يضع المخدرات في حقائب نسوية وتحت الإبط وشعر النساء الطويل .
4. المعابر الحدودية : فتعبر المخدرات مع البضائع بصورة سلمية ورسمية وعادية بشراء ذمم بعض العاملين على الحدود والمعابر .
5. الأنفاق الأرضية : في الكثير من الدول وجدت أنفاق لتهريب السلع والبضائع ومن بينها المخدرات الخفيفة الوزن .
6. الحقائب الدبلوماسية للسفراء والقناصل وأصحاب النفوذ من أصحاب الجوازات الدبلوماسية الميسرة للعبور بين الدول .
7. أضرار المخدرات
المواد المخدرة هي سموم قاتلة تنهك الجسد وتفتك بأعضائه بشكل جزئي أو كلي ، وعندما يصبح الشخص مدمنا فإنه تصبح لديه القابلية للقتل أو الهجوم على الآخرين بشراسة إن لم تتوفر له المادة السامة التي يطلبها جسمه لأنه تعود عليها . وبالتالي فإن المخدرات ومدمنيها تشكل خطرا على الأمن والاستقرار الداخلي للبلاد ، وتجعل الفرد والأسرة والجماعة والشعب والأمة في حالة توتر شديد ، فالعلاقات داخل الأسرة والمجتمع تصبح مخلخلة بسبب التقلبات المزاجية للمتخدرين ، وبسبب الحاجة المتزايدة من الأموال لتذهب سدى على حساب حياة الأسرة في توفير الطعام والشراب والكساء المناسب ، وهذا الأمر يتطلب تشديد الرقابة الأمنية والشرطية والأهلية على المدمنين وإنقاذهم من براثن الهلاك لينعموا بنعيم الحياة بعيدا عن السموم المخدرة والتصرفات الهوجائية البغيضة . فالمدن على المخدران يفقد التوازن الجسدي أولا ويغيب التوازن العقلي والعاطفي ثانيا فلا يدي كي يتصرف ولماذا تصرف هكذا لأن عقله غائب على ممارسة دوره الطبيعي في توجيه الجسم التوجيه الأمثل والأفضل فيتجه نحو الجنوح الأخلاقي فيعتدي على نفسه أو الآخرين في حالات كثيرة حسب مزاجه العصبي المتهور بفعل تأثير الجرعات والكميات السامة التي حقنها أو بلعها أو مضغها . ولا ننسى حوادث السير التي تتسب بها حالات الإدمان على تعاطي المخدرات لدى الأشخاص الذين يقودون المركبات وهم في حالة هستيرية بسبب نقص كمية المخدرات لديهم أو بسبب تأثيرها السلبي على أجسادهم وعقولهم فيتصرفون بشكل سيء يسئ لهم ولغيرهم في الآن ذاته .
ومن باب أولى نقول ، إن المخدرات تفقد الإنسان الشهية فيقل طلبه للطعام والشراب وبالتالي يصبح ضعيفا هزيلا مائلا مترنحا يتمايل على اليمن والشمال ويصفر وجهه أو يسود ويصاب بدوار شديد وصداع في الرأس ، وتآكل ملايين الخلايا الدماغية والعصبية ، واحمرار في العينين ، وتزداد نبضات القلب ويحدث نقص أو زيادة في مستوى السكر بالجسم ، واضطرابات في المعدة والقلب والعقل وارتفاع ضغط الدم وفقر الدم بسبب تكسر كريات الدم الحمراء ، وكذلك فإن القدرة الجنسية للجسم تقل بدرجة ملحوظة ، وتقل درجة مقاومة جسمه للأمراض الفتاكة ، ويصيبه الكسل وقلة النشاط والهرم السريع حسب تأثير المخدر الذي تعاطاه كما ونوعا ، فيصبح فريسة سهلة للأوبئة المعدية . وكذلك يعاني المدمن من التهابات رئوية حادة وصعوبة التنفس بسبب تأثر الجهازين الهضمي والتنفسي من فعالية المخدر الجالب للهزال والضعف العام . ولا بد من القول ، إن تناول المرأة الحامل للمخدرات يسبب تشوها خلقيا للمولود الجديد مع ما يرافق ذلك من مشاكل اجتماعية فيأتي الطفل مشوها دون ذنب اقترفه فيدفع ثمن أخطاء أحد الأبوين .
وتؤدي المخدرات إلى الوهن العصبي والانحلال الخلقي واللامبالاة بالنفس والآخرين والقلق والأرق والهذيان وإهمال العمل وعدم الاهتمام بالمظهر العام والإصابة بتشنجات عضلية وعقلية وصعوبة المشي والنطق والسمع والبصر وكثرة الغثيان والاكتئاب النفسي والانعزال عن الآخرين بعد برهة بسيطة من المرح فتغيب السعادة والصحة ويحل السقم والبوار في جسد المدمن النحيف النحيل والخمول والإرهاق والخوف من كل شيء حوله . إضافة لذلك فقد تبين حسب علماء الطب أن الإدمان على المخدرات يسبب السرطان ولهذا نرى أن السرطان ينتشر بنسبة كبيرة بين المدخنين أو المتأثرين بالتدخين بالقرب من المدخنين أو المتعاطين للمخدرات . وغني عن القول إن التخدير المفرط للجسم يسبب الهلاك والموت بالانتحار السريع أو الموت البطئ أو السريع كنتيجة حتمية للإدمان .
ومن الناحية الاجتماعية فإن الفرد الذي يتعاطى المخدرات يبتعد عنه الناس ويصبح في معزل نفسي وذهني وجسدي خائر القوى ، فلا يقربوه ولا يحسبون حسابه ، وإذا كان عازبا فلا يزوجوه وإذا كان متزوجا فلا يقربوا أسرته بالمصاهرة والزواج فيسبب مشكلة اجتماعية أسرية وانغلاقا عن نفسه وأسرته .
وعليه نستطيع القول ، إن للمخدرات تأثيرات مدمرة نفسيا وأسريا واجتماعيا وصحيا واقتصاديا وأمنيا وأخلاقيا على الفرد والأسرة والمجتمع . وكذلك إذا اتحد واجتمع المهربون والمتعاطون وتجار المخدرات فإنهم يشكلون مافيا المخدرات التي تسبب إخلالا بالنظام العام الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تزايد الجنح والجرائم المتعددة الأشكال والأنواع مما يرهق أجهزة الشرطة في الدولة ويزهق أرواح الكثيرين .
8. طرق مكافحة المخدرات
تحتاج عملية مقاومة انتشار المخدرات في المجتمع إلى طواقم كاملة من الشرطة والأطباء والمتطوعين الخيرين والمعالجين ، فتكثر المصحات الوقائية والعلاجية من العيادات الخاصة وتخصيص أقسام في المشافي للمعالجة . فالشرطة تعمل على الرقابة والملاحقة والمطاردة لهؤلاء الشاذين في المجتمع من مدمنين ومروجين ومهربين وتجار وبالتالي افتتاح السجون لردع هذه الفئة المنحلة التي تعيث فسادا وإفسادا في المجتمع ثم إشغال المحاكم في إصدار الحكم على هؤلاء الساقطين المنغمسين في أوحال الرذيلة والموبقات المدمرة والمهلكة لهم ولغيرهم . وتلجأ بعض الدول إلى وضع أجهزة الكترونية حساسة لاكتشاف مادة المخدرات فتعطي الآلة الالكترونية نبضات معينة ، وكذلك يتم استخدام حاسة الشم من قبل أناس مختصين مدربين أو الاستعانة بكلاب حراسة مدربة على ذلك . ولمعالجة ظاهرة انتشار المخدرات القاتلة في المجتمع الإسلامي لا بد من تطبيق البنود الآتية :
أولا : تنمية الشعور بالإسلام العظيم وتأكيد شخصية الفرد في المجتمع . وتأكيد الفتاوى القاضية بتحريم المخدرات من ناحية إسلامية دينية واجتماعية وصحية . ومواصلة مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة .
ثانيا : دور الأسرة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في مقاومة آفة المخدرات الملعونة .
ثالثا : شن حملات إعلامية في وسائل الإعلام المتعددة المطبوعة والمسموعة والمرئية وما بينهما موجهة للقضاء على المخدرات وتبيان تأثيراتها السلبية ومضارها وأخطارها على الفرد والأسرة والشعب والأمة .
رابعا : تخصص جهاز أمني خاص في مكافحة المخدرات بحيث يكون أعضاء هذا الجهاز والعاملين فيه من ذوي الخبرة والدراية لملاحقة وقمع المدمنين والمتعاطين والمروجين من عصابات المافيا التي تتخذ من المخدرات مهنة خاصة بها .
خامسا : تخصيص عيادات ومشافي ومصحات نفسية وجسمية خاصة لمنع ترويج المخدرات وعقرها ووأدها في بدايتها وإعداد دورات تأهيلية صحية ونفسية متقنة لفطم المدمنين عن تعاطي المخدرات بصورة علمية لإنقاذ هذه الفئة الضارة والمضرة في المجتمع .
سادسا : وضع تشريعات قانونية صارمة لردع متعاطي المخدرات ، كالأحكام العالية والمؤبدات والإعدام لتجار ومروجي المخدرات ومدمنيها وفرض غرامات مالية باهظة على كل من يتعامل مع المخدرات بزراعتها أو تهريبها أو تعاطيها لخلق مجتمع خال من المخدرات .
سابعا : تخصيص سجون تأهيلية منفصلة عن السجون الأخرى لإعادة دمج المدمنين بالمجتمع المحلي . ويكون ذلك بتخصيص متخصصين في مقاومة المحرمات الإسلامية ، وتعليم نزلاء المصحات هذه ضحايا السموم القاتلة على مهنة تناسب كل واحد منهم لدمجهم في العمل والمجتمع على السواء .
ثامنا : مراقبة الصيدليات لمنع بيع العقاقير المخدرة إلا بوصفات طبية معينة ، فهناك مواد مخدرة تستخدم لمعالجة بعض الأمراض العصبية ، فيستغلها البعض كمادة مخدرة وليس كمادة علاجية .
9. معالجة المدمنين
هناك عدة طرق لفطم أو علاج المدمنين على المخدرات حسب فئات أعمارهم ودرجات تعليمهم . تتمثل في التدريج العلاجي ، وتنظيم دورات تثقيفية مباشرة ووضع المدمنين تحت المراقبة المشددة في المصحات والمشافي ومنع تعاطي هذه السموم المخدرة للأجسام البشرية . وتتطلب عملية معالجة المدمنين ميزانيات مالية باهظة التكاليف ، وإشراف حكومي مختص ، وهي غير متوفرة لدى الكثير من الدول العربية والإسلامية وغيرها ، ولهذا لا بد من قيام الأسرة والمؤسسات والجمعيات الخيرية بأخذ زمام المبادرة والعمل الجدي في هذا المجال . فالمخدرات عدو متأهب لغزو مجتمعاتنا وأوطاننا فلنتحد في مكافحتها الآن قبل الغد ، ولا بد من تعزيز مهارات ومهن مناسبة للمدمنين لتحل المهنة محل مهنة المخدرات وليمارس كل شخص دوره في الحياة يقدم واجباته ويأخذ حقوقه .
10 . التحصين الدائم من المخدرات
عملية الوقاية أو العلاج أو كليهما لآفة المخدرات تأخذ العديد من الأبعاد الإسلامية الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وسواها . وذلك عبر الآتي :
1. العلاج الطبي الميسر بإشراف حكومي ودعم الجمعيات الخيرية .
2. معالجة أسباب تعاطي المخدرات من فشل دراسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو غيرها .
3. ملاحقة عصابات زراعة وإنتاج وتسويق وترويج وتصنيع المخدرات .
4. تخصيص مخصصات بطالة للمدمنين لفترة محددة ليتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم مستقبلا .
5. وضع تشريعات صارمة للحد من الإقبال على المخدرات وإجبار المتعاطين على الإقلاع عن تعاطيها والتعامل بها بأي طريقة من الطرق . .
6. وضع أنظمة تفتيش الكترونية دقيقة على المطارات الجوية والموانئ البحرية والمعابر الحدودية للحد من دخول المخدرات .
7. تدمير كل أماكن توزيع المخدرات ، فمثلا في قارة أمريكا الجنوبية قصف الجيش الفنزويلي مطارات يستخدمها مروجي المخدرات بكثرة .
وفي نهاية المطاف بنا في هذا الموضوع الخطير على الأفراد والجماعات والأمة الإسلامية والعالم أجمع لا بد من التذكير بضرورة أن يأخذ كل إنسان سوي نصيبه في مكافحة ظاهرة انتشار المحرمات الإسلامية وفي مقدمتها آفة المخدرات والمسكرات والخمر للحفاظ على فرد صالح وجماعة طيبة ، ومجتمع خال من هذه الأمراض الفتاكة والاعتداء على المكرمات المحرمات من النساء والأطعمة غير المباحة حسب الشريعة الإسلامية السمحة التي تنزل منزلة الإنسان من إنسان كرمة الله وخلقه في أحسن تقويم والحيلولة دون نزوله وتحوله لأسفل سافلين . ولا بد من أن يأخذ الدعاة المسلمون دورهم الحقيقي المناط بهم في التصدي الوقائي والعلاجي للمخدرات والدعوة لتطبيق الحدود على المخالفين كل حسب نوعية المخالفة لردع الضالين المضلين المروجين والمتاجرين بهذه الآفات الخبيثة التي تنهك جسم المجتمع العربي والإسلامي والإنساني العام . ومن الضروري بث الفتوى الإسلامية المجمعة من قبل الفقهاء المسلمين بتحريم المخدرات من جهة زراعتها وتجارتها والترويج لها وتعاطيها وضرورة تجريم من يتعامل مع المخدرات بأي شكل كان . فالمخدرات هي آفة العصر الحالي التي تضر بجميع مكونات المجتمع الإنساني من أقصاه إلى أقصاه .
انتهى .

ليست هناك تعليقات: