السبت، 26 أبريل 2008

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

الأحد,نيسان 20, 2008
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة


يقول الله جل جلاله : { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }( القرآن المجيد ، الحشر ) .
لقد أمرنا الله خالق الخلق أجمعين بأن نطيعه ونلتزم بأوامره ونجتنب نواهيه ، الواجبة علينا في كلام الله المقدس بالقرآن الحكيم ، الذي لا ياتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه ولا من بين يديه ، وقد تعهد الله جل جلاله بحفظ كلامه المقدس لأبد الآبدين حتى يرشد الناس للخير العام ويبعدهم عن الشر والأشرار من الكافرين والفاسقين والمارقين والظالمين والعصاة والمنافقين . وكذلك أمرنا لله جل شأنه أن نقتدي برسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للناس أجمعين ، إذ كلفه المولى عز وجل بحمل الأمانة والرسالة الإسلامية السامية للعالمين كافة . وتدرجت التعاليم الإلهية مخاطبة المؤمنين خاصة وليس المسلمين إذ أن درجة الإيمان أعلى من درجة المسلمين قبل غيرهم في الطاعة الإسلامية فمن طاعة الله تبارك وتعالى عبر الالتزام الطوعي والالتزام الأدبي الذاتي للإنسان المؤمن بتعاليم القرآن الحكيم ، ثم طاعة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذه الطاعة تتمثل في حياته ومماته ، عبر التقيد بالتعاليم النبوية الشريفة الموضحة والشارحة لكلام الله تجلت قدرته ، ثم ثالثا الالتزام بطاعة أولي الأمر من المؤمنين وليس من ذوي صفة المسلمين فقط . وبهذا فإن الطاعة تشمل أولا طاعة الإله سبحانه وتعالى الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، وثانيا طاعة النبي العربي الأمي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وثالثا طاعة أولي الأمر من الخلفاء والولاة والأمراء والوزراء المؤمنين لا الفاسقين والطغاة الذين يحملون اسم الإسلام قولا لا عملا .
وبهذا فإن الطَّاعَةُ العامة : هي الالتزام والإلزام في الوقت ذاته . ويكون الالتزام بمحض الإرادة بينما الإلزام بالطلب الإلهي من البشر لإطاعة الله ثم إطاعة رسوله الكريم ثم أولي الأمر من المسلمين . فالطاعة واجبة وملزمة على المسلم لتحقيق أهداف الإسلام العظيم والنهوض بأوضاع الأمة . وتكون الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ فقط . والمطواع : من يسرع إلى الطاعة . ونقيض الطاعة العِصْيانُ والنفور . والإِنَابَةُ: الطّاعَةُ والرُّجُوْعُ ، أَنَابُوا إلى اللهِ . والإذعان هو الإسراع مع الطاعة . والطاعة كذلك هي التَّلْبِيَةُ والإِجابةُ الحسنة . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [1] . وهذا الخطاب الإلهي الكريم موجه للمؤمنين المخلصين خاصة الذين ارتقوا في أعلى درجات الإسلام وهي الإيمان الذي وقر في القلب وصدقه العمل وتبعته الجوارج بالتنفيذ في شتى شؤون الحياة ولم يأت هذا الخطاب الإلهي للمؤمنين من فراغ بل جاء للمصلحة الإسلامية العليا وهي عبادة الله في الأرض وإسعاد البشرية بتنفيذ تعاليم الكتاب الإسلامي المقدس الأول وهو القرآن العظيم . وقال تعالى : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [2] . ونطقت آيات أخرى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } [3] . و { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا . وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } [4] . وقال تعالى : { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } [5] . وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ . فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ " [6] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ " [7] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن طاعة الأمراء والمسؤولين : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ " [8] . وقال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ " [9] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ " [10] . وفي رواية أخرى ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ " [11] . وأوضح رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِسْلامُ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لا سَهْمَ لَهُ : شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَهِيَ الْمِلَّةُ . وَالثَّانِي : الصَّلاةُ ، وَهِيَ الْفِطْرَةُ . وَالثَّالِثُ : الزَّكَاةُ ، وَهِيَ الطُّهُورُ . وَالرَّابِعُ الصَّوْمُ : وَهُوَ الْجُنَّةُ . وَالْخَامِسُ الْحَجُّ ، وَهُوَ الشَّرِيعَةُ . وَالسادسُ : الْجِهَادُ ، وَهُوَ الْغَزْوُ . وَالسابعُ : الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْوَفَاءُ . وَالثامِنُ : النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهِيَ الْحُجَّةُ . وَالتاسعُ : الْجَمَاعَةُ ، وَهِيَ الأُلْفَةُ . وَالْعَاشِرُ : الطَّاعَةُ ، وَهِيَ الْعِصْمَةُ " [12] .
وأخير ا نقول للمؤمنين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية إنه يجب طاعة الله خالق الخلق أجمعين ثم طاعة رسوله المبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم ، ثك طاعة أولي الأمر من المؤمنين الذي يحكمون بالشريعة الإسلامية ، والذين يسعون لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى وليس الذين يطيعون المحتلين والمستعمرين والظالمين والكافرين والعصاة والفاسقين والمشركين .
وغني عن القول ، إن الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر من المؤمنين تعمل على إسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة وتصل به إلى مراتب الدرجات العلى في الدارين : الحياة الدنيا والآخرة ، وتساهم في تمكين المسلمين في الأرض وتطبيق شرع الله القويم ، والابتعاد عن الفساد والفاسدين والسفهاء الذي نزلوا في اسفل سافلين . وبهذا يكون للأمة الإسلامية الهيبة والوقار والتكريم من الأمم الأخرى وليس كما يجري في هذا الأوان من إذلال وهوان متتابعين لإبتعاد المسلمين المؤمنين عن جادة الصواب السليم وترك الجهاد في سبيل الله وهجران القرآن العظيم والغرق في مستنقعات الذنوب والأخطاء والخطايا ، وكذلك غياب الخليفة المسلم ولد ويولد الإحباط لدى البعض ، ويجعل الأمة بلا راعي كبير أو أمير عام أو خليفة عام يرعى مصالحها ويوجهها الوجهة السليمة بمعاونة الوزراء والبطانة الصالحة . أيها المسلمون المؤمنون ثوبوا إلى رشدكم والتزموا بتعاليم القرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة لتكونوا من المفحلين والناجحين والذين تحسب لهم الأمم الأخرى ألف حساب وحساب عن بعد وعن قرب كذلك . وتسيطروا على أوطانكم وثرواتكم الطبيعية وتحكموا أنفسكم بأنفسكم ، وترضوا ربكم ، وتحكموا العالم اجمع بالقرآن المبين الصالح لكل زمان ومكان ، وتدرأوا عن أنفسكم غوايات شياطين الإنس والجن وأنانيات الأنفس الأمارة بالسوء الي تجعل الأمة مستكينة مستعمرة ذليلة بعيدة عن العزة والكرامة العامة . فالإسلام القويم هو الحل لجميع مشكلات العصر .
نترككم في أمان الله ورعايته ، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه . سلام قولا من رب رحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

[1] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 59 .
[2] القرآن الكريم ، سورة النور ، الآية 54 .
[3] القرآن الكريم ، سورة محمد ، الآية 33 .
[4] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآيات 80 – 81 .
[5] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 46 .
[6] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 52 .
[7] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 50 .
[8] صحيح مسلم ، الجزء 9 ، ص 384 .
[9] مسند أحمد ، الجزء 55 ، ص 256 .
[10] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 218 .
[11] صحيح مسلم ، الجزء 9 ، ص 371 .
[12] المعجم الكبير للطبراني ، الجزء 10 ، ص 38 .

ليست هناك تعليقات: