الأحد، 13 أبريل 2008

انتفاضة الأقصى في فلسطين 2000 - 2006 ( 3 - 4 )

السبت,شباط 23, 2008

انتفاضة الأقصى في فلسطين
2000 - 2006
( 3 - 4 )
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
ملاحظة هامة : يرجى قراءة الجزء الثاني أولا ( 2 - 4 ) .
ثالثا : الآثار الاقتصادية
تمثلت في خسائر اقتصادية فلسطينية من : مصادرة مساحات واسعة من الأراضي ، وتدمير آلاف البيوت ، وتدمير البنية التحتية من الشوارع وشبكات الكهرباء والمياه والمجاري وشبكات الهواتف ، وتدمير مئات المحلات التجارية في كافة محافظات فلسطين .
فقد بلغ عدد البيوت والمباني المدمرة نحو 27 ألف بيت ومبنى فلسطيني ، منها 3700 منزل دمر كاملا والباقي دمر جزئيا ، وأصبح نحو 15 ألف فلسطيني بلا مأوى ، وبلغت قيمة الأضرار عن ذلك 375 مليون دولار ، وبلغ عدد المقار الحكومية والمواقع الأمنية والمنشآت العامة والخاصة المدمرة 1193 مقرا ومنشأة ، وغير 56 ألف فلسطيني أماكن سكناهم بسبب الحصار ، وذلك حتى نهاية أيار 2003 [1]. وتدمير نحو ألف منزل في مخيم جنين عند اقتحام الدبابات ومهاجمة الطائرات للمخيم .
وكذلك تدمير الصناعة والزراعة الفلسطينية ، ومنع العمال الفلسطينيين من التوجه لمراكز عملهم في المنشآت والمصانع والمزارع اليهودية . وقدرت خسائر عمال فلسطين نحو خمسة مليارات شيكل ( 2 ر1 مليار دولار ) خلال السنوات الثلاث من انتفاضة الأقصى ، نجمت عن الاغلاقات الإسرائيلية ، وحرمان نحو 400 ألف عامل فلسطيني من الالتحاق بأماكن عملهم [2]. ومثلت عملية بناء جدار العزل العنصري الإسرائيلي بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والأراضي المحتلة عام 1967 خسارة اقتصادية فلسطينية كبيرة جراء مصادرة جديدة لأكثر من 200 ألف دونم من الضفة الغربية . كما أدى الحصار الاقتصادي الإسرائيلي المتواصل على الأراضي الفلسطينية إلى شل الحياة الاقتصادية في معظم المناطق ، وتدني مستويات الدخل بسبب ارتفاع نسبة البطالة وضعف القدرة الشرائية للأسرة . واضطر أصحاب العمل لتخفيض أجور العاملين أولا ثم فصل الآلاف منهم كما حصل في مصانع نابلس والخليل وغيرها . بالإضافة إلى تدمير وتجريف عشرات آلاف الدونمات المزروعة بالأشجار المثمرة ، وحرمان المزارعين من قطف ثمار أشجارهم ومزروعاتهم مما سبب خسائر فادحة .
فقد تبين أن خسائر القطاع الزراعي الفلسطيني زادت عن مليار دولار ، وبلغ عدد أشجار الزيتون المقتلعة 343 ر412 ر 2 شجرة ، وأشجار الحمضيات 739 ر325 شجرة ، وأشجار النخيل 461 ر20 شجرة ، وأشجار متنوعة أخرى 130 ر922 شجرة . وبلغ عدد الدواجن وطيور المزارع التي قتلت جراء العدوان الإسرائيلي نحو 5 ر1 مليون طير ، وعدد الأغنام 713 ر3 رأس ، والأبقار وحيوانات المزرعة 637 رأسا ، وتدمير 505 ر7 خلية نحل ، وبلغ عدد آبار المياه والبرك المهدمة 806 ، وعدد المخازن الزراعية المهدمة 296 مخزنا . كما بلغت عدد المدارس المغلقة 580 مؤسسة تعليمية ولم يتمكن 240 ألف تلميذ ونحو 9700 معلم من الإلتحاق بمدارسهم . والأعباء المالية الإضافية التي تحملتها السلطة الوطنية الفلسطينية والمستحقات المالية المحتجزة لدى الحكومة الإسرائيلية بلغت أكثر من 960 مليون دولار عام 2004 واحتجاز آخر من آذار – أيلول 2006 بلغ نحو 600 مليون دولار . وبلغت الخسائر الإجمالية في الناتج المحلي نحو 8 مليارات دولار ، إضافة إلى 4 ر2 مليار دولار خسائر العمال الفلسطينيين العاملين داخل الجليل والمثلث والنقب والساحل . وارتفعت نسبة الفقر في المجتمع الفلسطيني من 21 % أو ما يعادل 637 ألف قبل الانتفاضة إلى نحو 60 % بعد الحصار الإسرائيلي الشامل أو ما يعادل 5 ر2 مليون فلسطيني ، حسب معطيات البنك الدولي التي تساوي خط الفقر بمبلغ 2 دولار يوميا للشخص بينما كانت لدى هؤلاء الفلسطينيين قبل الانتفاضة 47 ر1 دولار للفرد انخفضت إلى 32 ر1 دولار للفرد بعد الحصار وذلك حتى نهاية أيار 2003 [3].
كما أن عمليات الاستيراد والتصدير قلصت عبر الموانئ الإسرائيلية وساهم الإغلاق الكلي في نقص كميات الخضار والفواكه وبالتالي زيادة أسعارها . ودمرت آلاف المركبات العمومية والخاصة والحافلات الكبيرة نتيجة تعرض الدبابات والطائرات الإسرائيلية لها أثناء القصف والتحرك . كما أن هناك خسائر اقتصادية طبية تمثلت في تدمير 36 سيارة إسعاف وإصابة أكثر من 424 سريرا من الأسرة الطبية العاملة [4]. وعلى صعيد العرب الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والساحل فقد فرضت الطائفة اليهودية الكبرى في البلاد حربا ومقاطعة اقتصادية شاملة عليهم وزادت المناداة بحرمان العرب من الحقوق السياسية والاقتصادية والمدنية في البلاد .
رابعا : الآثار العسكرية
قضى الاحتلال على جزء كبير من البنية العسكرية ( النواة الصلبة ) للأجنحة العسكرية من قوات الأمن بمختلف تشكيلاتها : الشرطة والأجهزة الأمنية وميليشيات الفصائل الوطنية والإسلامية ، ونفاذ السلاح من أيدي المجاهدين الفلسطينيين . وعدم تمكن العرب من توصيل السلاح الفعال لفعاليات انتفاضة الأقصى مما أدى إلى الاعتماد على الذات الفلسطينية .
خامسا : الآثار الاجتماعية
تمثلت الآثار الاجتماعية السلبية ، في خسائر قطاعات متعددة وهي : التعليم العام والتعليم العالي ، والإسكان ، والصحة والرعاية الاجتماعية . فقد تأثرت المسيرة التعليمية المدرسية والجامعية سلبيا وعدم تمكن الطلبة من التوجه إلى المدارس حيث تبين في بحث ميداني فلسطيني أن 47 % من الطلبة المبحوثين تضرروا في الدوام المدرسي و42 % منهم انخفضت معدلاتهم عن السابق [5]. وتمثلت كذلك الآثار السلبية في حرمان طلبة التعليم العالي من الوصول إلى جامعاتهم ، فقد تضرر أكثر من ثمانين ألف طالب على مقاعد الدراسة الجامعية يلتحقون ب 11 جامعة فلسطينية و25 كلية متوسطة وجامعية ، وأغلقت قوات الاحتلال جامعتي الخليل وبوليتكنك فلسطين لسبعة شهور منذ مطلع عام 2003 [6]، ودمرت مباني جامعة الأقصى في غزة بطابقين ذات مساحة 3 آلاف م2 ضمن مساحة 5 ر5 دونم أواسط آذار 2004 [7]. وكذلك عدم تمكن الموظفين من الدوام في الوزارات والمؤسسات الحكومة والأهلية مما أربك الحياة العامة . بالإضافة إلى بروز بوادر هجرة جماعية فلسطينية نتيجة ضغط الاحتلال . وصحيا ، لم تتمكن الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف من الوصول إلى مراكز العمل الطبية ، مما ساهم في تدهور الحالة الصحية العامة في البلاد ، وزيادة انتشار الأوبئة ، وتلوث البيئة وغيرها . وكذلك عدم تمكن آلاف الشباب الفلسطينيين من الالتحاق بفرص عمل تعزز صمودهم وبالتالي تناقص نسبة الزواج في المجتمع . وهناك آثار اجتماعية تتمثل في الحزن والحسرة على أصدقاء وأقارب قضوا نحبهم في الانتفاضة . كما تمثلت في تقلص الزيارات العائلية ، وقلة صلة الأقارب والأصدقاء بسبب الحصار المشدد على فلسطين . فقد فرض الحصار المتعدد الأشكال والألوان حالة من الانغلاق الاجتماعي العامة بين أبناء الشعب الفلسطيني في داخل البلاد وخارجها . ومن الآثار الاجتماعية السلبية تدمير آلاف البيوت الفلسطينية واضطرار العائلات التي تقطن هذه البيوت إلى المبيت في العراء ، وفي الخيم فترات معينة .
ومن الآثار الاجتماعية السيئة انتشار ظاهرة العملاء والجواسيس المندسين في صفوف الشعب الذين باعوا أنفسهم للاحتلال والشيطان ، حيث ساعدوا الاحتلال في التصفيات الجسدية لكوادر انتفاضة الأقصى . وقد اعتلقت السلطة الفلسطينية العشرات من هؤلاء الخونة ووضعتهم في سجونها وبعد اجتياح قوات الاحتلال للمناطق الفلسطينية خرجوا من السجون . وتعتبر هذه المعضلة الأمنية من أخطر الآثار الاجتماعية على فلسطين .
سادسا : الآثار الثقافية
تراجع الإنتاج الثقافي الفلسطيني وجرى التركيز على توفير الاحتياجات الرئيسية للأسرة الفلسطينية ، وتقلصت الإبداعات الأدبية والثقافية العامة .
سابعا : الآثار النفسية
تزايدت حالات الخوف والهلع والرعب من الإرهاب القمعي الإسرائيلي الذي تعرض له شعب فلسطين ، وخاصة إرهاب طلبة المدارس والجامعات الفلسطينية ، واعتداءات جنود الاحتلال المشاة وفي الآليات العسكرية الخفيفة كالجيبات والمدرعات والدبابات والطائرات الحربية والهيلوكبتر على سائر المواطنين .
ب) الآثار العامة على الصعيد الإسرائيلي
تكبدت قوات الاحتلال خاصة والمجتمع اليهودي عامة لخسائر متعددة سياسيا وبشريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ونفسيا بفعل انتفاضة الأقصى العنيفة . ومن أبرز هذه الخسائر الآتي :
أولا : الآثار السياسية
1) ساهمت انتفاضة الأقصى بتغيير عدة حكومات إسرائيلية ، وإجراء انتخابات لرئاسة الحكومة ، وتنافس حزبي يهودي - صهيوني – إسرائيلي متصاعد على كيفية التصدي للانتفاضة ، فغابت شخصيات يهودية – صهيونية قيادية عن الصف الأول أو كليا ، فهزم حزب العمل بزعامة أيهود باراك ، وجاء ارئيل شارون على قيادة حزب الليكود وتزعم الحكومة الإسرائيلية . وذابت أحزاب وقياداتها وبرزت أخرى . وقد قللت انتفاضة الأقصى دور حزب العمل الإسرائيلي وأقصته عن رئاسة الحكومة بزعامة أيهود باراك ، وهو الحزب الذي دعا إلى عدم التعامل مع القيادة الفلسطينية كشريك للسلام .
2) ضعضعت انتفاضة الأقصى أركان المجتمع اليهودي ، فأطلقت عليها بعض وسائل الإعلام في البلاد ( مجزرة الأقصى – انتفاضة الدم والغضب ، حرب الأيام الستة رقم 2 ) لأنها شاملة وممتدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا [8].
3) العودة اليهودية للمناداة بالحل السياسي بعد فشل الحل العسكري . فقال افرايم سنيه وزير النقل السابق : " لا بديل لحل سياسي حتى وإن بدا مثل هذا الحل بعيدا جدا " [9]. وتطرق للحل السياسي زئيف ماعوز عالم السياسة في جامعة تل أبيب بقوله : " تم عمل كل شيء ممكن من الناحية العسكرية والحل الحقيقي للمشكلة ليس عسكريا إنما هو سياسي " [10].
1) مطالبات يهودية مؤثرة بالفصل الجغرافي بين العرب واليهود داخل فلسطين المحتلة ( الكيان الإسرائيلي ) ، وبين يهود الكيان الإسرائيلي وفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب انعدام الأمن العام لليهود في البلاد . فقد أظهرت استطلاعات للرأي العام الإسرائيلي أن 60 % من الإسرائيليين أيدوا الفصل بينهم وبين الفلسطينيين . فمجلس السلام والأمن الإسرائيلي طرح فصل وإخلاء 40 – 50 مستعمرة يهودية ، مع إقامة جدار الفصل العنصري ، وتبنى حزب ( الخيار الديموقراطي ) ، وحزب شينوي فكرة الفصل من طرف واحد ، بين الفلسطينيين والإسرائيليين في برنامجيهما السياسيين ، وبدأ مجلس السلام والأمن الإسرائيلي ( حملة المليون توقيع ) بين الإسرائيليين لمناصرة فكرة الفصل أحادية الجانب [11].
2) أدت انتفاضة الأقصى إلى تغيير كلي في رؤية المستعمرين اليهود للبقاء في مستعمراتهم في الأراضي المحتلة عام 1967 رغم التوسع في بناء المستوطنات العشوائية في فلسطين ، ووجود قرار إسرائيلي بمنح المستثمرين في مستوطنات الضفة والقطاع هبات مالية بنحو 24 % [12]. فحسب استطلاع للرأي العام للمستوطنين اليهود في الضفة وغزة أجرته ( حركة السلام الآن ) الإسرائيلية أواسط عام 2003 ، تبين أن 66 % منهم أيدوا إزالة المستوطنات العشوائية ، و71 % منهم أكدوا ضرورة عقد سلام مع الفلسطينيين ، و83 % من المستوطنين قبلوا ترحيلهم عن مستوطناتهم لقاء تعويض مالي ، وهي نسبة كبيرة عن استطلاعات سابقة ، إذ أعربت نسبة الثلث تقريبا في السابق عن استعدادها لمغادرة المستوطنات اليهودية . وبهذا فإن أغلبية كبيرة أيدت الرحيل الجماعي الطوعي عن المستوطنات [13] وجاء هذا بفعل انتفاضة الأقصى للمستعمرين الجدد في فلسطين .
3) وقف كافة أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين شعب فلسطين واليهود في فلسطين من جهة ، وبين دول عربية وإسلامية من جهة أخرى . فقد دعت انتفاضة الأقصى لوقف سياسة التطبيع مع اليهود في البلاد . فمثلا عقد المؤتمر الشعبي الفلسطيني الأول لمقاومة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني بفلسطين في كانون الثاني 2001 ، مؤكدا على رفض جميع أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني لأنه يخدم أهداف الأعداء ، وحق شعب فلسطين في المقاومة الشعبية والمسلحة ، ودعوة شعب فلسطين للعمل على مقاطعة البضائع الصهيونية والأميركية التي لها بدائل وطنية أو عربية أو يمكن الاستغناء عنها والابتعاد عن النزعة الاستهلاكية التي يحاول الاحتلال وأعوانه ترسيخها ، ووضع خطة تنمية وطنية فلسطينية لتمكين العمال من الاستغناء عن العمل في مشاريع الأعداء والعمل على إنجاز الاستقلال الفلسطيني الشامل ، والتحذير من التطبيع الفلسطيني والعربي : الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي مع الأعداء [14].
4) إلزام الجانب الإسرائيلي للتعامل مع مبادرات سلام جديدة مثل خطة خريطة الطريق . وطرحت مبادرات حل سياسية من أحزاب الليكود والعمل وكاديما . ووقعت ( اتفاقية سويسرا ) بين مجموعتين سياسيتين فلسطينية وإسرائيلية ، للخروج من انتفاضة الأقصى وتزايدت الدعوات الإسرائيلية إلى الانسحاب أحادي الجانب أو بالاتفاق مع القيادة الفلسطينية ، من الضفة الغربية وقطاع غزة . وهذا ما كان حيث انسحبت قوات الاحتلال ورحلت المستوطنين اليهود كليا من قطاع غزة في أيلول 2005 .
ثانيا : الخسائر البشرية
بعد مرور ثلاث سنوات على انتفاضة الأقصى بلغ عدد القتلى اليهود 867 قتيلا ، بينهم 608 مدنيين و259 من الجنود ورجال الأمن ، غالبيتهم قتلوا في رجفات أو عمليات تفجير بشرية . وبلغ عدد الجرحى اليهود 878 ر5 جريحا منهم 184 ر4 مدنيا و694 ر1 جنديا من بينهم مئات الإعاقات الدائمة . وبلغ عدد العمليات 876 ر18 عملية بمعدل يومي 6 ر17 عملية ، نفذ 96 % منها في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهي الأكثر فتكا إذ حصدت أكثر من نصف القتلى والجرحى . وبلغ عدد منفذي عمليات التفجير البشرية 127 شخصا وزعمت قوات الاحتلال أنها اعتقلت 179 شخصا آخرين قبل اللحظات الأخيرة للتفجير [15]. وحتى نهاية شهر آذار 2004 بلغ عدد القتلى اليهود المعلن عنهم 948 قتيلا ونحو ستة آلاف جريح .
وكذلك أسفرت فعاليات المقاومة الفلسطينية عن مقتل عسكريين وسياسيين يهود كبار في الكيان الإسرائيلي كمقتل رحبعام زئيفي وزير السياحة المتطرف في 17 / 10 / 2001 ، حيث قتلته الجبهة الشعبية ردا على اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى . وقتل جنرالات وعقداء وضباط وخبراء متفجرات كبار في جيش الاحتلال . وقدر عدد القتلى اليهود في انتفاضة الأقصى بعد مرور ست سنوات نحو 1200 قتيل .
ثالثا : الآثار الاقتصادية
تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة في الزراعة والصناعة والسياحة والتجارة والخدمات . ومع صعوبة وضع إحصاء دقيق للخسائر الاقتصادية الإسرائيلية إلا أن تقديرات الأضرار خلال السنوات الثلاث لانتفاضة الأقصى منذ 28 أيلول 2000 وحتى 29 أيلول 2003 ، بلغت نحو 75 مليار شيكل ، بمعدل 25 مليار شيكل سنويا ( الدولار يساوي 45 ر4 شيكل إسرائيلي ) كما انخفض مستوى المعيشة بأكثر من 6 % [16]. وأشارت تقارير المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي و( بنك إسرائيل ) المركزي إلى أن الجدوى في الاقتصاد الإسرائيلي تراجعت وهبطت عمليات التصدير وارتفعت البطالة وارتفع عدد الشيكات الراجعة وتقلص حجم الاستثمارات الأجنبية إلى الصفر وتقاضى العاملون في القطاع الحكومي العام رواتب مقلصة وازدادت اقتطاعات الأجيرين لصناديق التقاعد والمخصصات الاجتماعية بنسبة كبيرة . وقمعت انتفاضة الأقصى رغبة الشراء والاستثمارات والسياحة وألحقت خسائر مادية جسيمة قدرت بمليارات الشواكل من الدخل القومي وأثرت سلبيا على القرارات الاقتصادية والاستهلاك والتجارة ، فزادت حاجة اليهود للخروج من الوضع الاقتصادي المتدهور منتظرين لحظة الأمل [17] .
وأخذ التدهور الاقتصادي في البلاد منحى متزايدا إذ تبين أن 53 ألف شركة ومصلحة تجارية أغلقت عام 2002 و50 ألف مصلحة تجارية أقفلت عام 2003 وتم إغلاق 770 شركة أسبوعيا ، ورجع 400 ألف شيك لأنها بلا رصيد في كانون الأول 2002 . وتراجع الناتج القومي إلى ما قبل سبع سنوات وارتفعت البطالة في المجتمع الإسرائيلي إلى 10 % [18] . وانخفضت الأسعار خلال عام 2002 بمعدل 3 ر0 % وهو الانخفاض الأدنى منذ تشرين الأول عام 1967 ، وازداد الكساد الاقتصادي والعجز في ميزانية الدولة العبرية عام 2003 بنسبة 6 % من إجمالي الإنتاج القومي بنحو 32 مليار شيكل إسرائيلي علما بان الحكومة توقعت أن يبلغ العجز في الميزانية حوالي 2 ر 15 مليار شيكل بما يعادل 3 % مما اضطر الحكومة الإسرائيلية إلى تخفيض ميزانية العام 2004 بأكثر من عشرة مليارات شيكل [19]. وكذلك أدى تصاعد حدة وعدد عمليات اقتحام الفلسطينيين للمستعمرات اليهودية إلى تزايد الإنفاق الاقتصادي بملايين الدولارات لحماية المستعمرات اليهودية عبر تسييجها بالأسلاك الالكترونية الشائكة ، حيث سيج أكثر من 40 مستعمرة حتى تموز 2002 [20].
كما تبين في استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أجراه ( معهد داحف ) في نهاية حزيران 2003 على 503 أشخاص ، أن 95 % منهم أكدوا أن الأوضاع الاقتصادية الإسرائيلية غير جيدة وأكد 5 % أنها جيدة ، وهذا مؤشر على تردي الأوضاع الاقتصادية الإسرائيلية إبان الانتفاضة الفلسطينية [21] .
رابعا : الآثار العسكرية ( الفشل الأمني والعسكري ) : تمثلت في :
1) زلزلة نظرية الأمن الإسرائيلية بتوجيه ضربات قوية مفاجئة في عقر دار المجتمع اليهودي . فازدادت مطالبة اليهودي لحكومته بتوفير الأمن العام في البلاد .
2) تغيير عناصر نظرية الأمن الإسرائيلية لمواجهة انتفاضة الأقصى لتضم عناصر جديدة تمثلت في : الإغلاق الشامل والحصار السياسي والاقتصادي والاجتياح العسكري وتصفية نشطاء الانتفاضة وبناء الجدار العازل وجلاء جيش الاحتلال عن مناطق فلسطينية مكتظة . فقد فشلت عناصر نظرية الأمن الإسرائيلي السابقة تجاه الانتفاضة المتمثلة بتصفية خلايا المقاومة الفلسطينية ( الإحباط المركز ) ، وأخفق الإغلاق والحصار وحراسة الأماكن العامة والخاصة بأجهزة تقنية متطورة والرد الانتقامي على التفجيرات الفلسطينية ، ولم ينجح التهديد بإعادة احتلال قطاع غزة في وقف فعاليات الانتفاضة [22] .
3) قلصت انتفاضة الأقصى مبيعات السلاح الإسرائيلي إلى الخارج ، وذلك بعد تدمير المقاومة الفلسطينية دبابات الاحتلال المتطورة ( ميركافا 4 ) التي تصدر للخارج مثل الهند وتركيا وغيرها . وطلبت بعض الدول التي تشتري السلاح الثقيل من المصانع الإسرائيلية إدخال تحسينات جديدة عليه مما زاد التكلفة بمئات ملايين الدولارات .
خامسا : الآثار الاجتماعية
1) أوصلت الانتفاضة المجتمع الإسرائيلي إلى حالة يأس وإحباط وذهول اجتماعي ، فبعد ثلاث سنوات من المقاومة فقد اليهود الأمل ، نتيجة تعنت قيادتهم التي تعامل أهل البلاد الأصليين ، وفق سياسة متعجرفة ، فأستشرى اليأس الاجتماعي والإدمان على المخدرات ، وتفككت أواصر الأسرة في المجتمع اليهودي . ففي استطلاع يهودي عند رأس السنة العبرية التي تزامنت مع مطلع السنة الرابعة للانتفاضة ، في نهاية أيلول 2003 ، تبين أن 43 % من اليهود في البلاد يعرفون أنفسهم كيائسين و73 % منهم يشعرون أن ليس للجيل الشاب مستقبل أفضل ، كما ساد المجتمع اليهودي التشاؤم والاكتئاب جراء تبدد فرص السلام ، وأطلق اليهود على سنوات الانتفاضة الثلاث ( السنوات الملعونة ) [23].
2) تناقص عدد المهاجرين اليهود القادمين إلى البلاد من الخارج : فحيثما تصاعدت حالة الغليان والتوتر تناقصت أعداد اليهود القادمين الجدد وهذا شكل نسفا لنظرية التفوق السكاني اليهودية على العرب . ففي عام 2000 تناقص عدد القادمين اليهود من 200 ر60 مهاجر إلى 600 ر43 مهاجر يهودي عام 2001 ، مشكلا نسبة تراجع 28 % عن العام الفائت ، وهو أقل عدد مهاجرين من الخارج منذ 1990 . وبالتالي تناقصت الزيادة السكانية اليهودية بنسبة 4 ر1 % فبلغ عدد اليهود في ( إسرائيل ) 2 ر77 % من مجمل عدد السكان البالغ 592 ر6 مليون نسمة ، بينما شكل العرب 1 ر19 % ( منهم 4 ر15 % مسلمين و 1 ر2 % مسيحيين و6 ر1 % دروز ) وهذا تراجع عن العام السابق لليهود إذ وصلت نسبتهم عام 2000 نحو 8 ر77 % وهذا شكل كثافة سكانية بواقع 294 نسمة / كم2 حسب دائرة الإحصاء الإسرائيلية [24].
سادسا : الآثار الثقافية
لقد أصبح هم الاحتلال هو المسيطر على الثقافة اليهودية المعاصرة ، فكثرت المؤلفات السياسية وقل الإنتاج الأدبي الثقافي ، وتراجعت المشاركة الإسرائيلية في المؤتمرات الثقافية الإقليمية والدولية ، وفترت عملية تنظيم المؤتمرات والندوات والمهرجانات الإسرائيلية في البلاد نتيجة الانتفاضة . وتضاعفت الحاجة للحماية الأمنية للمؤتمرات في حالة عقدها .
سابعا : الآثار النفسية
خلفت انتفاضة الأقصى آثارا نفسية مدمرة ومؤثرة ، في المجتمع اليهودي فأصبح اليهودي غير آمن في أي مكان يتواجد فيه فأضطرب الأمن الإسرائيلي ، وخضع للزلازل والبلابل السياسية والعسكرية ، بعكس الوضع السابق الذي كان فيه الفلسطيني فقط لا يحس بالأمن والأمان بفعل ممارسات الاحتلال القمعية . وهذا الانعدام الأمني نجم عن فشل نظرية الأمن الإسرائيلية مما ساعد على زيادة التوترات العصبية ومضاعفة حوادث الجريمة المنظمة وحالات الانتحار بين العسكريين والمدنيين اليهود . عن ذلك يقول فهمي هويدي : "… إن هذه الانتفاضة هددت الحلم الإسرائيلي ذاته ، حين نقلت الخوف إلى قلب إسرائيل ، التي ظلت منذ ظهرت إلى الوجود تصدر الخوف إلى الآخرين مطمئنة إلى أنها وفرت الأمن لسكانها " [25]. فمثلا ، عرضت ( الرابطة من أجل الطفل ) في الكنيست ، نتائج بحث أشتمل على ثلاثة آلاف طفل ، أجرته جامعة تل أبيب ، تبين فيه أن 40 % منهم عانوا من أزمات نفسية وخوف وهلع وأن حوالي 70 % قالوا بأن فعاليات المقاومة الفلسطينية ( الإرهاب ) أثر عليهم [26] .
على أي حال ، إن إجراءات الاحتلال الوحشية أثرت سلبيا على حياة شعب فلسطين في وطنه ، إلا أنها ظواهر اجتماعية ومتاعب طارئة ومؤقتة لن تدوم ، كما يقول فهمي هويدي :
" رب قائل يقول إن نشرات الأخبار وصحف الصباح تقول إن الإسرائيليين في ظل حكومة شارون بوجه خاص سحقوا الفلسطينيين ودمروا حياتهم وكسروا شوكتهم ، هذا صحيح بصورة نسبية ، لكني أذكر بثلاثة أمور من الأهمية بمكان : الأول : إن الفلسطينيين لم يهزموا ولم يركعوا ، والحروب جولات كما أن الأيام دول . والثاني : إن هذه ليست نهاية الحلم ولا نهاية التاريخ الفلسطيني ، وإنما هناك مستقبل ممتد ومفتوح لمختلف الاحتمالات . أما الثالث ، فهو أنه مهما طال الأجل بالظلم ، فلن يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف وإلا انقلبت سنن الحياة واختلت موازين الكون " [27].
وهذا تأكيد على أن شعب فلسطين شعب حي لم يخضع لاملاءات المحتلين مهما تعاظمت التضحيات ، ولم يعلن الاستسلام ، وأن المعارك تخضع لحالات الكر والفر والمد والجزر ، وأن كافة الاحتمالات لا زالت مفتوحة أمام المقاومة والتصدي للاحتلال لتحقيق الحلم الفلسطيني بالحرية والاستقلال مستقبلا .
8. مقومات استمرارية انتفاضة الأقصى
امتدت انتفاضة الأقصى في فلسطين المحتلة لفترة طويلة الأمد ، وصلت ست سنوات تقريبا مع ما تخللها من حالات تهدئة كاستراحة المحاربين والتقاط الأنفاس جراء توفر مقومات ذاتية عقائدية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية ومساندة عربية وإسلامية ورد فعل مقاوم على قمع الاحتلال . وقد ساهمت هذه المقومات في إطالة أمد انتفاضة الأقصى ساعية لتحقيق الثوابت الفلسطينية . وأهم هذه المقومات :
أ) مقومات فلسطينية ذاتية عامة ، من أهمها :
أولا : المقومات السياسية :
1) المطالبة بالحرية والاستقلال : إيمان شعب فلسطين بحتمية النصر على الأعداء ونيل الحرية والاستقلال الوطني والتخلص من الاحتلال الأجنبي وتبعاته العسكرية والسياسية والاقتصادية .
2) وجود القيادة والسلطة الفلسطينية : إن وجود القيادة الفلسطينية وقيادة الفصائل الوطنية والإسلامية في رحى المعركة الدائرة ، ووجود ( السلطة الفلسطينية ) نواة دولة فلسطين ، ساهمت في الصمود والتصدي التنظيمي والشعبي لهجوم الاحتلال . فوفرت المناطق ( أ ) في السنتين الأولى والثانية لانتفاضة الأقصى قبل اجتياح قوات الاحتلال لها ( عملية السور الواقي عام 2002 ) قاعدة انطلاق آمنة إلى حد بعيد للإعداد لهجمات ضد الأهداف الإسرائيلية .
3) الحماسة والمشاركة الفاعلة : تمثلت بمشاركة جميع فئات المجتمع الفلسطيني في الانتفاضة ، كثورة مباركة ضد المحتلين ، للانعتاق من التحكم الأجنبي . وتركزت المشاركة الفاعلة في الانتفاضة في فئة الشباب . فقد تبين أن هناك 8 ر66 % من الشباب الفلسطينيين ، من فئة 18 – 30 عاما شاركوا في فعاليات الانتفاضة المتعددة ، منهم 8 ر15 % شاركوا بفعالية ، و51 % كانوا مشاركين عاديين ، وأجاب 7 ر31 % بأنهم غير مشاركين . وأفاد 4 ر60 % من فئة الشباب المذكورة أن المشاعر التي اجتاحتهم عند توغل قوات الاحتلال للمناطق الفلسطينية تمثلت في الرغبة بالخروج إلى الشوارع ومواجهتها . وتبين أن أعمال عنف الاحتلال ضد شعب فلسطين تولد الرغبة في الانتقام أكثر من الرغبة في السلام إذ أتضح أن 8 ر56 % من المبحوثين عند مشاهدتهم مجازر مباشرة أو بوساطة وسائل الإعلام تتولد لديهم رغبة في الانتقام المباشر وأفاد 2 ر20 % بأنهم يشعرون بالحزن والعجز عن الرد و5 % يشعرون بالخوف . أما الرغبة في السلام فإنها مثلت 1ر 16 % من الشباب الفلسطيني . كما تبين أن الاهتمام السياسي للشباب ازداد ليصل 5 ر71 % نتيجة الانتفاضة بينما أفاد 27 % منهم بأن الاهتمام السياسي لم يتأثر ، وأفاد 8 % أن اهتمامهم السياسي تقلص ، وأجاب 3 ر52 % أن الانتفاضة غيرت مواقفهم السياسية عموما ولم يتأثر 8 ر21 % من المبحوثين [28].
4) توفر الحد الأدنى من الدعم : تمثل بالدعم الفلسطيني : الداخلي والخارجي ، الشعبي والحكومي للصمود في الوطن ، ومشاركة أهل فلسطين عام 1948 في رفد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بالمعونات المالية والعينية .
5) وجود الجامعات الفلسطينية : ساهم في سهولة فرز القوى السياسية المؤيدة والمعارضة والمحايدة للانتفاضة ، وبالتالي إتباع طرق التعبئة العامة لمقارعة الاحتلال الصهيوني .
6) وجود البنى التنظيمية الفصائلية : مثل حركة الشبيبة ، والكتلة الإسلامية ، والجماعة الإسلامية وجبهة العمل وكتلة الوحدة وغيرها من المنظمات الشبابية . فقد تبوأت الحركة الطلابية بأجنحتها قيادة الانتفاضة الميدانية وتولت عملية التعبئة القومية والإسلامية لدحر الاحتلال الظالم .
7) التراجع السياسي الإسرائيلي . عبر طرح خطط سياسية يهودية متضاربة ، فأصبحت الأحزاب الصهيونية تتخبط لا تدري ماذا تفعل . وتسابقت في طرح مبادرات سياسية جديدة للخروج من أزمة الانتفاضة الفلسطينية .
ثانيا : المقومات العسكرية
1. التعاون العسكري الذاتي : تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والفصائلية ، وفق شعار ( الوحدة الوطنية ) . فجرى التصدي لعمليات الاحتلال بصورة مشتركة بين ميليشيات المقاومة من الأجنحة العسكرية والمتطوعين ، في الاشتباكات وتصنيع المتفجرات والتعاون وتبادل الخبرات بين أجنحة المقاومة العسكرية .
2. وجود قواعد سرية آمنة للفصائل الوطنية والإسلامية في الضفة وغزة وخاصة قبيل اجتياح قوات الاحتلال للضفة الغربية في نهاية آذار 2002 .
3. توازن الرعب : تمثل في هجوم عسكري وإغلاق أمني وحصار اقتصادي شامل من قوات الاحتلال على فلسطين المحتلة ورد المقاومة الفلسطينية بعمليات عسكرية مضادة نوعية وكمية على شكل دورة انتقام متبادلة ، شبة منتظمة ، أذهلت قوات الاحتلال والمجتمع اليهودي . وقد أثبتت الأجنحة العسكرية الفلسطينية : الوطنية والإسلامية مقدرة كبيرة على الرد الفعال ، بتوقيت قصير وبوتيرة متصاعدة ، أظهر وكأن الجانبين يدوران في دائرة عسكرية متسلسلة ، كإجراءات وقائية أو رادعة .
4. استخدام التقنية الحديثة في الإتصال كالهواتف الخلوية والجوالة وما تمثله من تسهيل فوري لعملية التواصل العسكري الميداني والتواصل المدني بين الفلسطينيين .
ملاحظة هامة : يتبع ... ( انتفاضة الأقصى في فلسطين 2000 - 2006 ( 4 - 4 ) .
[1] رندة حماد وعماد الإفرنجي ، " الجيش الإسرائيلي قتل 191 فلسطينيا وهدم 220 وحدة سكنية خلال الأشهر الثلاث الأخيرة " ، القدس ، 7 / 7 / 2003 ، ص 30 .
[2] زكي أبو الحلاوة ،" خسائر العمال منذ بداية الانتفاضة وحتى الآن .. خمسة مليارات شيكل " ، القدس ، 23 / 9 / 2003 ، ص 11 .
[3] رندة حماد وعماد الإفرنجي ، مرجع سابق ، ص 30 .
[4] سمر شاهين ، مرجع سابق ، ص 10 .

ليست هناك تعليقات: