الخميس، 17 أبريل 2008

الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية

الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية
شهداء مع وقف التنفيذ ...
في يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان السنوي
وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله جل جلاله : { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}( القرآن المجيد ، الأنبياء ) . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فُكُّوا الْعَانِيَ يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ " ، صحيح البخاري - (ج 10 / ص 257) .

أصبحت فلسطين الكبرى سجن يهودي كبير لأهل البلاد الأصليين ، فهناك ملايين الفلسطينيين يعيشون حالة من القهر والظلم والاستغلال العسكري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي ، وبشكل اصغر هناك سجون اصغر من السجن الكبير يتمثل في السجون الصغيرة المنتشرة هنا وهناك كبؤر عذاب دائمة لأحرار فلسطين . وقد اسر واختطف هؤلاء الأسرى بعد الغزوة الصهيونية لفلسطين . وقضية أكثر من أحد عشر ألف أسير وأسيرة من الشعب الفلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني البغيض كغيرها من القضايا السياسية الأساسية ، ما زالت الشغل الشاغل لقطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني في أرض الوطن ، هذه الشريحة الاجتماعية من الشعب الأبي ، التي قدمت الغالي والنفيس وأعز ما تملك قدمته ( ضريبة الحرية ) في سبيل الخلاص الوطني من براثن الاحتلال الصهيوني الذي أعتقل أكثر من 700 ألف أسير فلسطيني منذ عام 1967 ولغاية الآن من أصل 3 ر 5 ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين الكبرى .
لقد عمدت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى توسيع السجون والمعتقلات التي دشنتها في ارض فلسطين المباركة ، وقامت بفتح العديد من السجون لاستيعاب المزيد من المعتقلين المناضلين المجاهدين الذي يقاومون الاحتلال الصهيوني – اليهودي بشتى الوسائل والطرق المشروعة والممكنة في سبيل الحرية ورد كيد الغزاة الطامعين في أرضنا الفلسطينية . فبعد عام 1948 ورثت قوات الاحتلال الصهيوني السجون البريطانية في مختلف المدن الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني وزجت فيها المناهضين للاحتلال من مختلف الشرائح الاجتماعية والدينية الإسلامية والمسيحية . وبعد عام 1967 أوجدت سلطات الاحتلال الصهيوني السجون والمعتقلات والزنازين ولم تخل أية مدينة من المدن الفلسطينية المحتلة من سجن أو معتقل للاستجواب والتحقيق والاعتقال ، بسبب ودون سبب حسب النظرية الصهيونية ( كل فلسطيني متهم حتى تثبت براءته ) ، وليس كما هو متعارف عليه في القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ( كل مواطن برئ حتى تثبت إدانته ) .
وفي أعقاب الاحتلال الصهيوني لجأت ما تسمى بالأجهزة العسكرية والأمنية الصهيونية إلى التفنن في اختراع الأساليب والتقنيات الحديثة للإيقاع بالمواطنين الفلسطينيين واعتقالهم عبر أساليب خبيثة وملتوية ، وإخضاعهم لعمليات تعذيب وتنكيل جسدية ونفسية واجتماعية لإنتزاع الاعترافات بالقوة من الضحية الفلسطينية التي تقع بين أيدي أجهزة الأمن والمحققين اليهود الذين يتم اختيارهم بعناية من محترفي الإجرام لإذلال الفلسطيني أينما كان وحيثما وجد .



النائب الأسير مروان البرغوثي
عضو المجلس التشريعي الفلسطيني 2006
أمين سر حركة فتح في فلسطين
النائب الأسير د. عمر عبد الرازق
وزير المالية الفلسطيني السابق - حركة حماس
عضو المجلس التشريعي الفلسطيني 2006

النائب الأسير د. عزيز الدويك
رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني 2006


وكانت بدايات الاعتقال والتحقيق إبان سنوات الاحتلال الأولي في فلسطين عام 1948 ، بعد قيام الكيان العبري الصهيوني على أرض فلسطين ، كان في غاية الصعوبة على المعتقل الفلسطيني وأسرته وعلى قريته أو مخيمه أو مدينته ، يتعرض لها أفراد الأسرة للإهانات والتنكيل وتكسير البيوت وخلط المواد الغذائية ببعضها البعض ، وفرض حظر التجول على الحي في القرية أو المخيم أو المدينة ، والقيام باستعراض عسكري مخيف لحظة الاعتقال لإرهاب المواطنين ، بحشد عسكري يصل تعداده أحيانا إلى عشرة جيبات عسكرية تضم عشرات الجنود الصهاينة ، وكان المعتقل سواء الموقوف بانتظار المحاكمة أو المحكوم يجبر على القيام بالعمل في المرافق الاقتصادية الصهيونية في غرف إنتاج مخصصة داخل السجون حيث أعدت المرافق الاحتلالية الاستغلالية في البداية في معتقل الرملة ، وتوالى تأسيسها في معتقلات بيت ليد وكفار يونا وعسقلان ، وبئر السبع وغيرها ، تنفيذا لسياسة موشية دايان وزير الحربية الصهيوني عام 1967 حيث قال إنه : " سيحول الأيدي العربية ( المخربة ) التي عملت على مقاومة الجيش الصهيوني إلى أيدي عاملة منتجة تدعم الاقتصاد الإسرائيلي ) . وأجبر المعتقلون آنذاك على العمل في المهن المختلفة ، مثل الحدادة والنجارة والخياطة والبناء وصناعة الأدوات الكهربائية والكرتون المقوى والتحف ومعظم السلع التي يدخل البلاستيك أو النايلون كمادة خام في تصنيعها وأجبروا أيضا على العمل في صناعة شباك الدبابات والسيارات العسكرية الصهيونية داخل غرف سجون الاحتلال . ففي ساعات الصبح ، كان هناك جرس الإنذار للأسرى الفلسطينيين يدعوهم للانتظار على أبواب غرف السجن للتوجه للعمل من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثالثة عصرا وكانت ( الأجرة ) عبارة عن صفعات ولكمات وشتائم توجه للأسرى الفلسطينيين والعرب ، إضافة إلى بعض لفافات السجائر ذات النوع الرديء والتي لا يزيد عددها عن عشر سجائر ، وعدد معين من أكواب الشاي ، وكان يمنح بعض المعتقلين والأسرى زيارة أهلية ( خاصة ) كأن يسمح للمعتقل العامل أن يصافح ذويه ، وأن يجلس معهم لمدة نصف ساعة كل أسبوعين أو شهر . وهي نفس الزيارة العادية إلا أن الزيارة العادية كانت تقضي بأن يسلم عليهم ببعض أصابعه كنوع من المكافأة الاستغلالية الماحقة للإنسانية إضافة إلى السماح للأسرى المعتقلين العاملين بالنزهة ( الفورة ) وذلك بالخروج إلى ساحة السجن العامة لمدة 30 دقيقة يوميا أو 30 دقيقة صباحا ومثلها عصرا ، أو زيادة بعض أصناف الطعام .
وقد رفض الأسرى الفلسطينيون هذه المعاملة الصهيونية اليهودية الإسرائيلية العنصرية اللئيمة ، فلجأت سلطات الاحتلال إلى إتباع كافة أنواع التعذيب والتنكيل والإرهاب كالضرب المبرح والعزل في الزنازين الإنفرادية والحرمان من الزيارات العائلية ومنع إدخال الملابس الداخلية ، واتخذ شكل رفض الحركة الأسيرة الفلسطينية للعمل الإجباري في مرافق العمل الاستغلالية في السجون الصهيونية عدة صور وأشكال من أبرزها :
البقاء داخل غرف السجون وعدم الانصياع لأوامر إدارة السجن الصهيوني .
2. قيام بعض المعتقلين بضرب المشرف اليهودي أو الدرزي على العمل .
3. التدمير الاقتصادي لوسائل الإنتاج الثابتة والتشغيلية .
على أي حال ، استمر إجبار الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين على العمل في هذه المرافق الاقتصادية الصهيونية الملازمة للسجون منذ بداية الاحتلال الصهيوني للجزء الثاني من فلسطين عام 1967 ولغاية 1973 . ويقدر عدد الأسرى المجاهدين الذين عملوا في هذه المرافق أكثر من خمسة عشر ألف أسير مع مراعاة أن هناك مئات المعتقلين الفلسطينيين حكموا من قبل المحاكم العسكرية الصهيونية لفترات طويلة تتراوح ما بين العشر سنوات والسجن المؤبد ( مدى الحياة ) حيث أجبر هؤلاء على العمل مدة ست سنوات متتالية ، وبهذه الطريقة البشعة عاملت سلطات الاحتلال اليهودي الأسرى الفلسطينيين والعرب وكأنهم ( مجرمين ومخربين ) لا كأسرى حرب يناضلون من أجل الحرية ونيل الاستقلال الوطني .
وقد نجح الأسرى الفلسطينيون في السجون والمعتقلات الصهيونية في تنظيم أنفسهم ، وكانت بداية ( التنظيم السياسي ) داخل السجون في معتقل بئر السبع عام 1973 ، فأعلنوا الإضراب عن العمل في كافة المرافق الاقتصادية الاستغلالية الظالمة ، وأضربوا عن الحمام والخروج للساحة وعن الزيارة العائلية ، وعن الحلاقة ، حلاقة الوجه والرأس ، واستمر هذا الإضراب تسعة اشهر متواصلة . وجاء الإضراب عن العمل في محاولة من الأسرى لتحسين ظروفهم السياسية والاجتماعية والصحية قدر الإمكان ، ووضع حد لامتهان كرامتهم كمجاهدين من أجل الحرية وحرمانهم من القراءة والكتابة وممارسة العمل الثقافي والحد من سياسة التجهيل التي كانت تتبعها إدارة مصلحة السجون الصهيونية القمعية .
ولا شك إن الحركة الأسرة الفلسطينية في السجون الصهيونية تكبدت عشرات الشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل عزة وكرامة الأسير ، وأصيب العشرات من المعتقلين بعاهات دائمة بسبب الظروف السيئة التي عانوا منها أثناء احتجازهم داخل المعتقلات اللئيمة .
عدد الأسرى الفلسطينيين طيلة سنوات الاحتلال الصهيوني
أعداد متزايدة .. الداخل مفقود والخارج مولود
حسب التقديرات الإحصائية الفلسطينية بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين منذ حزيران 1967 ولغاية كانون الأول 1987 حول 350 ألف أسير تراوحت فترات اعتقالهم ما بين الأسبوع والمؤبد ( مدى الحياة ) . أما بالنسبة لعدد الأسرى الفلسطينيين طيلة فترة الانتفاضة الفلسطينية الوطنية المجيدة منذ 8 كانون الأول 1987 ولغاية إنسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من المدن الفلسطينية الست في كانون الأول 1995 بلغ حوالي 100 ألف مواطن فلسطيني ، وارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني منذ 1967 حتى الآن نحو 700 ألف مواطن فلسطيني ، من اصل 3 ر 5 ملايين فلسطيني في فلسطين الكبرى الآن ، منهم أكثر من خمسين ألف أسير ، بينهم 500 اسيرة و5000 طفل ، في انتفاضة الأقصى المجيدة منذ 28 أيلول 2000 – حزيران 2006 . وما زال أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني من فئات المحكومين والإداريين والموقوفين ، يتوزعون على مختلف فئات الأعمار من الأطفال والشباب والنساء والكهول ، ومنهم 120 أسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني حتى يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان 2008 . وهؤلاء الأسرى محتجزون في زنازين وسجون صهيونية خلف القضبان الحديدية في بئر السبع والرملة وعسقلان وكفار يونا ومجدو وعتليت وسجن النقب ( أنصار 3 ) سجن كتسعوت في صحراء النقب الملتهبة الحرارة . وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية أغلقت سجون الاحتلال في المدن الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة وتحولت لمراكز تأهيل للأسرى المدنيين الفلسطينيين في ظل الحكومة الفلسطينية .
وحسب الدراسات الاعتقالية المتعلقة بشؤون الحركة الأسيرة في فلسطين فإن هناك أكثر من 90 % من أسرى فلسطين قد خرجوا من ظلمات السجون الصهيونية بأمراض أو عاهات مؤقتة أو دائمة بسبب قلة الإهمال الصحي بالأسرى .

فئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني
هناك ثلاث فئات من الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا طيلة سنوات الاحتلال الصهيوني العجاف الماضية منذ 1948 – 2008 ، أي خلال ستين سنة متواصلة على بدء الغزوة الصهيونية اليهودية لفلسطين ، أو ما زالوا محتجزين لغاية الآن :
الفئة الأولى : وهي التي عانت من الاعتقال أو السجن الاحترازي لفترات تتراوح ما بين 96 ساعة أو أربعة أيام أو ما بين الأسبوع والثمانية عشرا يوما ، والثلاثة شهور وهي الفئات الأكثر عددا .
الفئة الثانية : وهي الفئة التي اعتقلت وحوكمت من قبل المحاكم العسكرية الصهيونية الصورية المزيفة والزائفة ابتداء من حكم شهر واحد وحتى المؤبد مدى الحياة . وكثيرا ما يتم الحكم بالسجن الفعلي لفترات طويلة إضافة إلى السجن مع وقف التنفيذ . ومن الممكن أن تتلازم عملية فرض الغرامة المالية الباهظة مع فترة المحكومية الصهيونية ، وتشكل هذه الفئة رقم 2 من ناحية عددها .
الفئة الثالثة والأخيرة : هي الفئة التي تعرضت للاعتقال الإداري وفق قانون الطوارئ البريطاني المشؤوم الصادر عام 1945 . وتتراوح فترات الاعتقال الإداري بين الثلاثة اشهر والسنة الواحدة وقد تمتد لخمس سنوات أحيانا مع إمكانية التجديد لستة شهور أو سنة كل مرة حسب مزاج الأجهزة الأمنية الصهيونية ولعدة مرات .
ويكون المعتقل الإداري محكوما بشكل إداري بتهمة التحريض بشكل غيابي ثم ينفذ الاعتقال بعد صدور الحكم ، وقد يؤجل الإعلان عن الاعتقال الإداري للمواطن الفلسطيني بعد أن يخضع للإستجواب والتحقيق ، فيجمع بين عقابين في فترة زمنية واحدة
وقد شملت الحركة الأسيرة الفلسطينية ، الأطفال والفتيان والشباب والفتيات والشيوخ والطلبة العاديين ، طلبة المدارس ، والطلبة الجامعيين والعمال والتجار والمعلمين وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والنواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة فتح وحركة حماس والجبهة الشعبية ووزراء في الحكومة الفلسطينية خاصة عام 2006 بعد تولي حركة حماس زمام قيادة الحكومة الفلسطينية ، وقد توزعت هذه الفئات الاجتماعية على مختلف فئات الأسرى .

تعذيب السجانين اليهود للأسرى الفلسطينيين

تمثل رأي المحتلين اليهود الصهاينة في جعل السجون والزنازين والمعتقلات قبورا ومدافن جماعية للأسرى الفلسطينيين وهم أحياء يتخللها ضرب وجرح وحرب نفسية وهز عنيف وشنق وحرق وحرمان من الطعام والنوم . فقد لجأت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى إتباع عدة أساليب وطرق تقليدية وحديثة لتعذيب الأسير والمعتقل الفلسطيني والعربي والتنكيل به أثناء الاعتقال ووضعه في الزنازين وإتباع أسلوبي الترغيب والترهيب المشهورين . ومن ابرز هذه الأساليب الخبيثة على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
الضرب التقليدي المبرح : بالعصي والجنازير والضرب بالحجارة على الرأس والركل بالأرجل والضرب بالأيدي والأحذية .
الشبح على الكراسي : أو على الحائط أو على مواسير المياه أو الأوتاد المخصصة للتعذيب قياما وقعودا وعلى جنوبهم ، وذلك بتغطية الرأس بكيس سميك نتن متسخ ، وربط اليدين للخلف ، ووضع الأصفاد في اليدين والرجلين وقد يم ربط معتقلين اثنين أو أكثر مع بعضهم لزيادة الحسرة والألم بنفوس الأسرى .
التعذيب التقني باستخدام الأجهزة والمعدات المتطورة المعدة خصيصا لذلك ، منها المعدات العادية والأجهزة الالكترونية والكهربائية مثل أسلوب ( الهز العنيف ) المتواصل حيث يتم هز جسم المعتقل والتركيز على الرأس فيصل عدد الهز الالكتروني مئات المرات في الساعة الواحدة ، وقد نجم عن هذا التعذيب اللعين إصابة المئات من الأسرى باختلال جسمي وعقلي أو كليهما . وهناك أسلوبا لعينا تقنيا للتعذيب والتنكيل بأسرى فلسطين في سجون الاحتلال وهو أسلوب ( القنبلة الموقوتة ) حيث يقوم السجانون والجلادون الصهاينة بتعذيب المعتقل الفلسطيني بشكل متواصل ومنتظم على أساس جدول زمني معين ، وعدم السماح له بالنوم طيلة أسبوع . ويجري تكثيف التعذيب بشكل تصاعدي حتى يؤدي إلى انفجار المعتقل مما يضطره إلى الاعتراف بشيء لم يرتكبه أو الاستشهاد من شدة التعذيب الهمجي .
التعذيب النفسي : وهو يتركز على شن حرب نفسية على الأسير المعتقل بتهديده بالاعتداء عليه جنسيا أو جلب أقاربه كأمه أو زوجته أو أخته والاعتداء عليهما أمام ناظريه ، وكذلك اعتقال أحد أقاربه وتهديده أما الاعتراف أو سجن أقاربه معه حتى يعترف على فعل لم يرتكبه أصلا .
الأسلوب الالكتروني : يتمثل بعرض الأسير المعتقل على جهاز كشف الكذب المزعوم واستجوابه بنعم أو لا في سجن المسكوبية وذلك أثناء حجز المعتقل في زنازين قذرة .
التعذيب بالحمامات الباردة في فصل الشتاء والحمامات الساخنة في فصل الصيف أو بكليهما في الوقت ذاته ، وحجزه بزنزانة بدرجة حرارة عالية وتعريضه لتيار هوائي بارد عند مكيف للهواء ولكن كل صنف على حدة وتعريض الأسير إلى الهواء الطلق في السجن مما يسبب له الأمراض المزمنة .
الحرق : ويكون بأعقاب السجائر حيث يتبارى المحققون الجلادون في إطفاء أعقاب سجائرهم في جسم المعتقل .
الشنق : ويكون بخنق المعتقل والقضاء عليه نهائيا والإدعاء بأنه مات بذبحة صدرية أو جلطة أو انتحر بنفسه وغير ذلك من المزاعم الكاذبة .
نقل المعتقل من سجن لآخر ومن زنزانة لأخرى في ظروف حرارة مرتفعة أو باردة .
تقليل وجبات الطعام أو منعها كليا ، ومنع الخروج للحمامات لقضاء الحاجة .
منع زيارات الأهل والأصدقاء والمحامين وطاقم الصليب الأحمر .
تحطيم أجهزة التلفاز والمذياع وكافة الأدوات الكهربائية ومصادرة المواد والكتب الثقافية التي حققها الأسرى عبر نضالاتهم المطلبية بالإضراب عن الطعام خلال العقود الأربعة الماضية .

المحاكم العسكرية الصهيونية ..
محاكم صورية نازية وفاشية ومزاد علني في الحكم

الاعتقالات العشوائية والمنظمة والمطاردات الساخنة للمجاهدين الفلسطينيين في مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ما زالت تمارس ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ، حتى بعد إعلان مبادئ ما يسمى بالسلام الفلسطيني – الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، التي ما زالت محتلة فعليا ، والمحاكمات العسكرية الصهيونية للمعتقلين الفلسطينيين هي محاكمات مسرحية صورية لا تستند إلا إلى مزاج الضباط العسكريين الصهاينة ( القضاء والنيابة العامة والمخابرات الصهيونية ) والأوامر العسكرية التعسفية .
يتم إحضار المعتقل الفلسطيني ( الضحية ) معصوب العينين مصفد اليدين والقدمين ، ويفك أثناء كيل التهم باتجاهه التي ما أنزل الله بها من سلطان ، اتهامات بارتكاب أعمال وطنية ومقارعة الاحتلال اليهودي الصهيوني المسماه لديهم ( أعمالا تخريبية وإرهابية ) ومن مهزلة المهازل أنه في حالات كثيرة كان النائب العسكري الصهيوني وهو ممثل المخابرات الصهيونية ( الشين بين أو الموساد ) يطالب بحكم المعتقل الفلسطيني بمدة معينة مثلا عشر سنوات ، أما القاضي العسكري الصهيوني فيقوم بإصدار أكثر من المدة المطالب بها ، وقد تكون خمسة عشر سنة بالسجن الفعلي إضافة إلى سنوات أخرى مع وقف التنفيذ ودفع غرامة مالية باهظة بآلاف الدولارات . وهذا مزاد عسكري في الأحكام الصهيونية العسكرية غير موجود إلا في الكيان الصهيوني ، ومحامي الدفاع الشكلي سواء أكان محاميا فلسطينيا أو صهيونيا أو يهوديا مناصرا للحق الفلسطيني ( كونه من بعض حركات السلام ) يقف مشدوها ومستغربا أمام هذا التصرف الاستفزازي العنصري . ومجمل القول ، إن الحكم العسكري الأمني الصهيوني على الأسير الفلسطيني تفوح منه رائحة العنصرية والتجبر من جنبات الأوامر والمحاكم العسكرية الصهيونية الصورية ضد الأسرى الفلسطينيين في أعقاب التحقيقات الفاشية والنازية الصهيونية المتواصلة في السجون الصهيونية ومظهر المحكمة العسكرية الصهيونية مظهر نازي وفاشي كما وصفه أحد المحامين اليساريين اليهود المناصرين لما يسمى بالسلام مع الفلسطينيين ، وصفه بالغريب المستهجن لا يسلم منه طفل أو فتى أو رجل أو امرأة من صلفها وتعسفها المزري ، التي تحاول القضاء على كل ما هو فلسطيني وطني إسلامي وعربي أصيل .
وحال محاكم الاستئناف العسكرية الصهيونية ليس بأحسن من حال المحاكم العسكرية الأولية ، وفي سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها قررت ما تسمى ب ( المحكمة العليا الإسرائيلية ) جواز تعذيب المعتقلين الفلسطينيين للحفاظ على الأمن المزعوم حيث أتاحت المجال أمام الأجهزة العسكرية الصهيونية تعذيب من تراه وما تراه مناسبا للتعذيب !!! وذلك للحصول على اعترافات من المعتقل الفلسطيني بشتى الصور الخبيثة والأساليب القذرة . وبهذا فإن السلطات الصهيونية الثلاث : التنفيذية والتشريعية والقضائية ، أيضا تتكالب على المواطن الفلسطيني وتستخف به ، فها هم وزراء جيش الاحتلال الحربي الصهيوني يساهمون في منع زيارات الأسرى الفلسطينيين من أقاربهم حيث صدرت عدة قرارات متسلسلة تاريخيا تقضي بحرمان الأسرى الفلسطينيين من زيارات أهاليهم مثل حرمان ذوي الأسرى الذين لم يتموا سن الأربعين عاما ومن ضمنهم الآباء والأمهات والذين تجاوزوا من العمر 16 عاما من أخوة وأخوات المعتقل تحت طائلة منع الحصول على تصاريح زيارة لدخول مناطق السجون الصهيونية في فلسطين المحتلة عام 1948 حيث نقل أسرى فلسطين من سجون الاحتلال في الضفة الغربية إلى سجون الاحتلال في مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 بعد إعادة انتشار قوات الاحتلال اليهودي في الضفة الغربية وقطاع غزة في أواخر عام 1995 .

تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية
واجب إسلامي .. وقومي .. ووطني .. وإنساني
جرت عدة عمليات تبادل لأسرى فلسطينيين بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني عام 1978 و1985 حيث أطلق سراح 1150 أسيرا عام 1985 من مختلف الحركات والفصائل الفلسطينية المقاومة للاحتلال الصهيوني . وقد خاض أسرى فلسطين عدة اضرابات مفتوحة عن الطعام لتحقيق مطالب مطلبية حياتية معاشة وبعض المطالب السياسية والإدارية داخل المعتقلات الصهيونية ، استشهد فيها عشرات الأسرى ، وتمكنت الحركة الأسيرة من تحقيق بعض الإنجازات تمثلت بتحسين الأوضاع الاعتقالية على نحو أفضل من السابق المزري ، وإن لم تكن على المستوى المطلوب فحصلوا على أجهزة راديوهات وتلفزيونات وأدوات كهربائية . وبعد توقيع إعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي في 13 أيلول 1993 واتفاقية القاهرة في 4 أيار 1994 وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ( سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني – كما يسميها الصهاينة ) فوق جزء من ارض فلسطين جرى تحرير حوالي خمسة آلاف أسير ومعتقل فلسطيني من أصل أحد عشر أسيرا فلسطينيا بين أسير محكوم ومعتقل إداري وموقوف في الحجز العسكري الصهيوني بانتظار المحاكمة . وقد تملصت سلطات الاحتلال الصهيوني من تحرير الأسرى من ذوي الأحكام العسكرية العالية والمرضى والأسيرات الفلسطينيات الماجدات الفاضلات المجاهدات ، ومعظم الذين أفرج عنهم كانوا من ذوي المحكوميات العسكرية الخفيفة التي تراوحت ما بين السنة والثلاث سنوات ، وبعضهم قارب على إنهاء مدة محكوميته الفعلية وبقي له شهر أو شهران أو ثلاثة إلا أن المساعي الفلسطينية ما زالت جارية على قدم وساق لإطلاق سراح الأحد عشر ألفا الباقين . وقد دخل على الخط في 25 حزيران 2006 ملف الجندي الصهيوني الأسير في غزة هاشم والمفاوضات حول تبادل الأسرى ما زالت تراوح مكانها ، وهناك رؤى وأمل من حزب الله اللبناني الذي اختطف جنديين يهوديين صهيونيين في 12 تموز 2006 بأن يتم تبادل أسرى لبنانيين وفلسطينين مقابل هؤلاء الجنود الصهاينة .

الاتفاق الفلسطيني – الإسرائيلي حول الأسرى الفلسطينيين
{ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}( القرآن المجيد ، البقرة )

الاتفاقية الفلسطينية – الإسرائيلية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة التي تم التوصل لها في طابا ( اتفاقية أوسلو 2 ) ووقعت في واشنطن في 28 أيلول 1995 وشكلت لجنة ارتباط فلسطينية – إسرائيلية مشتركة لتنفيذها وتضم عددا متساويا من الأعضاء لم تفلح في الإفراج عن أسرى فلسطين حتى الآن . واتفاقية السلام يتم فيها عادة تحرير الأسرى وإطلاق سراحهم إلا أن اليهود الصهاينة لا زالوا يماطلون ويماطلون ولا يرغبون في الإفراج عن الأسرى من ذوي المحكوميات الصورية العالية بدعوى أن هؤلاء أسرى ملطخة أيديهم بدماء يهودية ؟ ويستوي في ذلك حكومات الاحتلال الصهيوني التي يتزعهما أحزاب العمل أو الليكود أو كاديما منفردة أو مجتمعة مع بعضها البعض في ائتلاف صهيوني يهودي شوفيني متطرف لا يرغب في رؤية الفلسطينيين أحرارا .

مطالبات واحتجاجات فلسطينية واسعة وساخنة لتحرير الأسرى

نظمت الفعاليات الوطنية والشعبية في فلسطين طيلة الفترة السابقة الاحتجاجات تلو الاحتجاجات عبر المسيرات والاعتصامات أمام مقار الصليب الأحمر في المدن الفلسطينية الرئيسة والاضرابات التجارية والعامة الشاملة والجزئية للضغط باتجاه إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في سجون الاحتلال الصهيوني . وكان الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية نفذوا اضرابات مفتوحة عدة مرات على مدار الأعوام السابقة التي قضوها في السجون اللئيمة الصهيونية وقد شملت هذه الاضرابات جميع الأسرى والأسيرات في جميع سجون الاحتلال الصهيوني في وقت واحد استمرت عدة أيام أو أسابيع لإبقاء قضيتهم ساخنة منطلقين من مبدأ ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) . وقد واجهوا نتيجة ذلك ظروفا قاسية صعبة حيث نقل المئات منهم من سجن لآخر ووضع البعض في الزنازين كالمعتاد كعقوبات مضاعفة ضدهم كما تلجأ مصلحة السجون الصهيونية لكسر الإضراب ، ويتضامن مع الأسرى الفلسطينيين أبناء شعبهم في أفضل صورة مطالبين بفك قيودهم وأصفادهم المجرمة اللعينة . وفي هذه الأيام التي تصادف يوم الأسير الفلسطيني في 17 نيسان من كل عام يلجا الأسرى الفلسطينيون لإعلان الاضراب المفتوح أو الجزئي عن الطعام لإثارة قضيتهم أمام الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي والعالمي لعل وعسى أن يتم تحريرهم أو تحرير جزء منهم على الأقل فهم محرمون من الزيارات العائلية بسبب الحصارات العسكرية المتعاقبة على ارض فلسطين ويرفض اليهود إطلاق سراح أسرى فلسطين كافة دون قيد أو شرط أو تمييز بل يلجأون للتلاعب في معايير إخراج السجناء السياسيين . على العموم ، يجب أن يسعى المسلمون في حالة وجود أسرى لهم في سجون الأعداء على إخراجهم بشتى الطريق عبر المبادلة أو الفدية أو التخليص العسكري وغيرها من الطريق . وقد جاء ذكرى الأسرى في القرآن المجيد كالأتي : { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)}( القرآن المجيد ، الإنسان ) . ويقول الله تعالى : { وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .

حرب نفسية صهيونية ضد الأسرى الفلسطينيين

كثيرا ما تلجأ سلطات الاحتلال الصهيوني إلى التلويح تارة والتصريح تارة أخرى ، عبر أبواب الدعاية الصهيونية اليهودية أنه سيتم إطلاق سراح بضع مئات من الأسرى التابعين لفصيل أو حركة سياسية فلسطينية معينة مؤيدة للمسيرة السلمية والإبقاء على آخرين أعضاء في منظمات فلسطينية إسلامية معارضة في محاولة لتمزيق وحدة وتلاحم الحركة الأسيرة الفلسطينية داخل سجون الاحتلال الصهيوني من كافة التيارات السياسية
والتنظيمية ولكن خاب ظنهم كما كان يخيب دائما ، فالأسرى كافة رفضوا هذه السياسة العنصرية المقيتة التي لا تنم إلا عن حقد دفين لاستمرار السياسة الصهيونية العامة السادرة في غيها تجاه الشعب الفلسطيني وفق المبدأ الاستعماري ( فرق تسد ) . فوحدة الحركة الأسيرة كانت بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها أمواج السياسة الصهيونية حيث تتبع الحركة الأسيرة مبدأ مناقض للفرقة وهو مبدأ ( جمع تنتصر ) .
وقد لعب نادي الأسير الفلسطيني بالتعاون مع الفعاليات والأطر والمؤسسات الوطنية والإسلامية والشعبية والنسوية خاصة دورا مهما في مواصلة كفاح الحركة الأسيرة داخل المجتمع الفلسطيني للخروج من عنق الزجاجة المتمثل بالسجن الصهيوني التي تنذر بالانفجار في كل يوم ملقية بظلالها على الوضع السياسي العام على المستوى الرسمي والشعبي في الآن ذاته . والحركة الفلسطينية الأسيرة وبحق قدمت وساهمت بدرجة كبيرة في تعبيد طريق الحرية والاستقلال حيث قارعت الاحتلال الصهيوني وأجهزته القمعية قبل دخولها السجن وأصبح كفاحها هذه المرة صراعا مع الاحتلال داخل ردهات السجن عبر الاضرابات المفتوحة عن الطعام ومعركة الأمعاء الخاوية للسعي الحثيث للخروج من براثن السجون والأصفاد ومتاهاتها القذرة .
ومهما يكن من أمر ، فإن استمرار احتجاز أحد عشر ألف أسير فلسطيني من أبناء شعبنا كرهائن واستمرار الاعتقالات العشوائية والمنظمة من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني يترك آثارا سلبية مؤثرة في ارض فلسطين الكبرى فأصبح الشعب الفلسطيني لا يثق بطريقة السلام أو الشلام الصهيونية التي تحاول اخذ كل شيء من الفلسطينيين دون تقديم أو دفع شيء ولو هزيل وبهذا فإن مقولة السلام مقابل السلام لن تجدي نفعا والسادية والنازية والفاشية الصهيونية تجاه شعب فلسطين الأصيل في ارض آبائه وأجداده يجب أن تتوقف .

الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية
غليان متصاعد في فصول السنة الأربعة

يتعرض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني لظروف نفسية ومعيشية قاسية فهم لا يمارسون حقهم في الحياة الحرة الكريمة في وطنهم الذي ضحوا من أجله ، ونتج عن ذلك حالة من الغليان المستمر وبخاره منتشر في الأفق في ظل هذا الربيع ، فلماذا لا يخرجون من ظلمات قبور السجون والمعتقلات الصهيونية إلى بر الأمن والأمان ؟
وإدارة السجون الصهيونية تصعد من حملاتها المسعورة ضدهم ، فتارة تزج بهم في الزنازين وتارة تصادر ممتلكاتهم وتصادر الراديوهات والتلفزيونات والأدوات الكهربائية وتعزلهم عن العالم الخارجي فيصبحون في سجن صغير داخل سجن أكبر قليلا . ويبدو أن السجانين الصهاينة لا يدركون أن السجين والسجان في سجن واحد ؟؟ فهم لا يتورعون عن كيل كل الاهانات للأسرى وحرمانهم من العلاج الطبيعي الطبي ، والأكامول هو الوصفة الطبية الطبيعية لجميع أنواع الأمراض بصورة غالبة ، والممرض الصهيوني السجان ( الحوفيش ) لا يستمع لأنات المرضى من الأسرى ، وقال بعض الأسرى : أن أسرى مرضى طلبوا أزرارا لقمصانهم الممزقة فقال لهم الممرض الصهيوني خذوا حبات أكامول لوجع الرأس بدلا من الأزرار . ترى إلى متى ستستمر هذه المهزلة المتمثلة في احتجاز فلذات أكبادنا وإخواننا وأخواتنا على مرأى ومسمع منا ؟ لا بد من قرع ناقوس الخطر دائما ، من الأسرى أنفسهم ومن المجتمع والشعب الفلسطيني على حد سواء لتبقى قضية الأسرى حاضرة وحية في النفوس ، فالإنسان هو أغلى ما في الوجود ، فلنعمل سويا لفك أسر الأسرى الذين يجب أن يمارسوا حقهم في الحياة الحرة الطبيعية بين الأهل والأسرة ، أكتب هذا وأنا ألمس وأشاهد يوميا المأساة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية الحقيقية التي تعيشها أسر الأسرى من الحرمان الاقتصادي والقلق والتوتر النفسي والعصبي على مصير هذه الشموع التي أنارت درب الحرية الفلسطينية وعبدت طريقها ونزعت الشوك منها .
إدعاءات صهيونية لإستمرار احتجاز أسرى فلسطين ..
الأمن أولا وآخرا

الإدعاءات الصهيونية التي تعمل بموجبها العقلية العسكرية والسياسية الصهيونية لإستمرار اعتقال واحتجاز أحد عشرا ألفا من المواطنين يأخذ كل واحد منهم دوره وفق سياسة الباب الدوار من سموم السجون هي نظرية الأمن الصهيونية الغثة المزعومة فاليهود لا زالوا يعيشون في ظل الهوس الأمني كل شيء أمن أمن ؟؟؟ والتبجح بالسلام ليس له مدلول على أرض الواقع من هذه الناحية فهم يقولون ما لا يفعلون فاللسان الصهيوني يكذب واليد تبطش بالطائرات والبوارج والمدافع والدبابات . ولكن ألا يعتقد اليهود الصهاينة أن استمرار التنكر لحقوق شعب فلسطين وفي مقدمتها منع إقامة دولة فلسطين المستقلة ، واحتجاز أحد عشر ألف أسير فلسطيني ذكورا وإناثا ، يحمل في ثناياه قنبلة موقوتة ستنفجر في براميل من البارود شديد الفعالية والإنفجار أو بركان ثائر سيحطم الظالمين وتنتشر مخلفاته وشظاياه فوق رؤوس الجميع ، ولا تؤتي أكلا طيبة إن عاجلا أو آجلا ، فالتأخير في تحرير أسرى فلسطين يبقي حالة التوتر والفزع وعدم الثقة وسط الضغوطات العسكرية والاقتصادية والاستيطانية الاستعمارية المتزايدة وتجعل الإنسان الفلسطيني متأهبا لإطلاق صرخات الغضب والانتفاضة المتجددة باتجاه شطر التحرير الوطني .
الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية
وحياة أسرهم في ظل غيابهم
هناك وزارة في الحكومة الفلسطينية تعني بشؤون الحركة الأسيرة هي وزارة شؤون الأسرى والمحررين ، تساعدهم وتساعد عائلاتهم وتقدم يد العون لهم المعنوية والمادية ضمن الامكانات المتاحة عبر تخصيص مخصصات مالية أو عينية شهرية أو كليهما ولكن هذه المعونات النقدية والعينية قليلة لا تكفي حد الكفاف ولهذا لا بد من زيادتها كي يعيش الأسرى وأهلهم ضمن الحد الأدنى من الحياة الطبيعية . وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي المتردي في فلسطين فإن عائلات الأسرى وكذلك الشهداء تقول إن المخصصات المالية الشهرية يجب أن تنتظم أولا ثم ينبغي زيادتها لتلبي حاجيات أهل الأسرى وأبنائهم وذويهم كالوالدين والأخوة والأخوات الصغار ، وبهذا يجب وضع خطة شاملة لاستمرار تدفق النزر اليسير من قيمة المعاشات الشهرية لتتمكن أسرة الأسير وأولاده من مواصلة الحياة كحق من حقوق الأسير وليس منة من أحد كائنا من كان ، ومن المفروض زيادة المخصصات الشهرية وفق جدول غلاء المعيشة ليتمكنوا من العيش الكريم بحده الأدنى .
وغني عن القول ، فإنه مهما دفع للأسير من مخصصات مالية وعينية فإن ذلك يعد واجبا إسلاميا وفق مبدأ التكافل الاجتماعي وواجبا قوميا ووطنيا كذلك وواجبا إنسانيا نبيلا أولا وقبل كل شيء وقد عملت وزارة الأسرى والمحررين وقبلها وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية رغم الامكانات الشحيحة بدعم من بعض الدول العربية والغربية المانحة على تقديم عدة خدمات للأسرى وعائلاتهم سواء الذين ما زالوا محتجزين خلف قضبان الاحتلال الصهيوني الحديدية أو الذين تم تحريرهم . ومن ابرز هذه الخدمات : التأمين الصحي الشامل ، وبرنامج تأهيل الأسرى المحررين في ميادين التدريب المهني والتعليم الجامعي وإعطاء القروض المالية لإقامة بعض المشاريع الإنتاجية الصغيرة ، ودعم وظائف الأسرى المحررين . ويدعم هذا البرنامج بعض دول الاتحاد الأوروبي كسويسرا والنمسا .

وأخيرا لا بد من القول ، إن الأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات وزنازين الاحتلال الصهيوني يتمتعون بمعنويات عالية وبعزيمة وشكيمة قوية وإرادة فولاذية قادرة على امتصاص كل الصدمات حيث يتمتعون بالصبر والجلد فهم يتعرضون للسجن والاعتقال الصهيوني في سبيل الدفاع عن مبادئ الحرية والعزة والكرامة الوطنية والإسلامية والاستقلال الفلسطيني والإيمان بحتمية النصر إلا أنه لا بد من السعي المتواصل لتحرير الأسرى ، لأن تحريرهم واجب إسلامي ديني ووطني قومي وإنساني عالمي في الآن ذاته ، ولتتضافر كافة الجهود لتخليصهم وتحريرهم بجميع السبل والطرق المتاحة . وكل يوم أسير في السابع عشر من نيسان الربيع ، وأسرانا البواسل في سجون الاحتلال الصهيوني بألف خير . وكما يقول الشاعر العربي : ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر .
ونقول للأسرى وذويهم ولشعبنا الفلسطيني المسلم ، كما يقول الله تبارك وتعالى : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) . وكما يقول الله جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) } ( القرآن المجيد ، آل عمران ) . ولا تنسوا أن هناك نبيين سجنا وعانيا من شظف الحياة المرة : الأول وهو النبي يوسف عليه السلام حيث سجن في سجون فرعون الطاغية بضع سنين ، ثم خرج وأكرمه الله ذو الجلال والإكرام . يقول الله العزيز الحميد : { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}( القرآن المجيد ، يوسف ) .
والنبي الثاني هو النبي يونس عليه السلام حيث دعا ربه ليخرجه من سجن بطن الحوت بعدما ابتلعه فترة من الزمن ، حيث يقول الله جل جلاله : { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}( القرآن المجيد ، الأنبياء ) . { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)}( القرآن المجيد ، الصافات ) .
وقد دعا رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم إلى فك أسر الأسير ، بأي طريقة من الطرق المتاحة ، فقد جاء بصحيح البخاري - (ج 10 / ص 257) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فُكُّوا الْعَانِيَ يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ " . والسجين السياسي الفلسطيني يجمع بين المثلث النبوي المذكور فهو العاني بمعنى الأسير المحجوز ، وهو الجائع فلا يذوق طعام الأعداء إلا بما يبقيه حيا ، فأطعمتهم سموم ، وهو مريض أيضا بحاجة إلى من يزوره ويقف معه في محنته .
فيا شعب فلسطين الأبي ، يا شعب الجبارين ، سيكون لكم التمكين من رب العالمين ولكن المطلوب منكم أن تبقوا على الصراط المستقيم وستعلمون نبأه بعد حين ، فأبقوا على الحق فأنتم من المرابطين ليوم الدين لعدوكم قاهرين . ومسيرة الحرية والتحرير لا بد لها من ضوء ساطع وفجر لامع في نهاية النفق المظلم .
تحياتنا لأسرانا البواسل خلف القضبان الصهيونية ، والفجر قادم لا محالة إن شاء الله العزيز الحكيم . ولن ننساكم من دفاعنا ودعائنا . فأنتم رمز العزة والمجد والعنفوان والتحدي والتصدي من أجل الانعتاق الوطني والتحرير ونيل الأماني العامة .
نترككم في أمان الله ورعايته ، نستودعكم الله تبارك وتعالى الذي لا تضيع ودائعه . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: