الأربعاء، 28 مايو 2008

فِلَسْطِينُ الْعَرَبِيَّة ُالْمُسْلِمَة ُ





فِلَسْطِينُ الْعَرَبِيَّة ُالْمُسْلِمَة ُ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
يقول الله السلام المؤمن المهيمن العزيز الحكيم جل جلاله :
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً . ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً . وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً . عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا . إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً . وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } . ( القرآن المجيد ، الإسراء ، الآيات 1 – 10 ) .
و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى " . رواه الجماعة .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " . مسند أحمد ، الجزء 45 ، ص 281 .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا ابْنَ حَوَالَةَ : إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ، فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ " . مسند أحمد ، الجزء 45 ، ص 471 .

وبالنسبة لاسم ( فلسطين العربية المسلمة ) فإنني اجتهدت في أن أطلق التسمية من الصغير للكبير فالأكبر . فكما ينسب الإنسان نفسه : اسمه فإسم الأب فإسم الجد فالعائلة ، والأصل أو الجذر هو العائلة . وكذلك فلسطينية فلسطين هي الدائرة القطرية الصغرى الأولى ، وعروبة فلسطين هي الدائرة الإقليمية الثانية ، وهي الوسطى ، وإسلامية فلسطين هي الدائرة العالمية الكبرى . وبذلك فإن التعامل مع فلسطين الأرض المباركة يجب أن يبدأ من أهلها فالعرب فالمسلمين . ولكن هذه البلاد هي إسلامية أولا ثم عربية ثانيا ثم فلسطينية ثالثا إن شاء الله تبارك وتعالى . وهذه هي فلسفة النصر الآتي في المستقبل بالمعالجة الكبرى فالوسطى فالصغرى ، لأن هذه البلاد لم تتحرر يوما من الاحتلال الأجنبي إلا بالإسلام أولا وآخرا .

1) مساحة فلسطين
فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي . فهي جزء من بلاد الشام ( سوريا والأردن ولبنان وفلسطين ) ، والهلال الخصيب الذي ضم بلاد الشام والعراق . تبلغ مساحة فلسطين التاريخية نحو 027 ر27 كم2 . تتألف من اليابسة والبحيرات : ( اليابسة 320 ر 26 كم2 + مساحه المياه 704 كم2 : بحيرة الحولة 14 كم2 ، وقد جففت . وبحيرة طبرية 175 كم2 ( طولها 20 كم وعرضها 10 كم تقريبا ) وجزء من البحر الميت ( مساحته الإجمالية 1050 كم2 ) . وفلسطين مستطيلة الشكل طولها من الجنوب للشمال 430 كم ، وعرضها ما بين 51 كم و70 كم . وعرضها في الوسط ما بين 72 – 95 كم وعرضها جنوبا حوالي 117 كم . وطبيعيا تنقسم فلسطين لأربعة أقسام هي : الساحل والسهول غربا وشرقا وشمالا ( السهل الساحلي وسهل الحولة ومرج ابن عامر وبيسان وبحيرة طبرية ) ، والجبال في الوسط ( جبال الجليل والكرمل ونابلس والخليل ، وأعلى جبال فلسطين جبل الجَرمَق 1208 م قرب صفد ) والأغوار الفلسطينية شرقا ( وفيها البحر الميت – بحر لوط - أخفض بقعة عالمية 395 م تحت سطح البحر . طوله 76 كم وعرضه 17 كم ، شديد الملوحة ) وصحراء النقب جنوبا . ونهر الأردن ( الشريعة ) الذي يخترق الحولة ثم بحيرة طبرية ويصب في البحر الميت هو الفاصل بين الأردن وفلسطين .
تضم أرض فلسطين التاريخية إداريا مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني والضفة الغربية وقطاع غزة . وتبلغ مساحة الأجزاء المحتلة من فلسطين عام 1948 من الاحتلال الصهيوني نحو 770 ر 20 كم2 فيما يطلق عليه الجليل والمثلث والنقب والساحل وهذا الجزء يعادل 4 ر 77 % من مساحة فلسطين التاريخية بينما تبلغ مساحة الضفة الغربية 878 ر 5 كم2 ، وتشكل 3 ر20 % من مساحة فلسطين التاريخية ، ومساحة قطاع غزة 363 كم2 وتعادل 3 ر2 % من مساحة فلسطين التاريخية وهاتان المنطقتان احتلهما الاحتلال الصهيوني في حزيران 1967 ، ثم أعاد الانتشار منهما في اتفاقية أوسلو عام 1993 واتفاقية القاهرة في 1994 . ثم انسحب الاحتلال الصهيوني من محافظات قطاع غزة في أيلول 2005 فيما عرف بفك الارتباط أو الانفصال الأحادي الجانب عن الفلسطينيين .
2) موقع فلسطين
أولا : الموقع الفلكي : تقع فلسطين الكبرى ( التاريخية ) ، بين دائرتي عرض 30ر29 – 15 ر 33 شمالا ، وخطي طول 15 ر34 – 40 ر 35 شرقا .
ثانيا : الموقع الجغرافي : تقع فلسطين شرق البحر الأبيض المتوسط وتمتد حدودها لنهر الأردن شرقا ، وتتميز البلاد بموقع استراتيجي هام يربط بين قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا . وهي قلب الوطن العربي إذ تربط الجناح الأفريقي بالجناح الآسيوي .
ثالثا : الحدود : يحد فلسطين شمالا سوريا ولبنان ، وجنوبا مصر وخليج العقبة الأردني ، ويحدها شرقا الأردن وغربا البحر الأبيض المتوسط . ويبلغ طول الحدود الشمالية مع سوريا 70 كم ، ومع لبنان 79 كم ، والحدود الشرقية مع الأردن 360 كم ، والحدود الغربية على ساحل البحر الأبيض المتوسط 224 كم ، والحدود الجنوبية مع مصر 240 كم ، وعلى ساحل خليج العقبة الأردني 5 ر10 كم . وهذه الحدود هي التي عرفت بها منذ عهد الاحتلال ( الانتداب ) البريطاني على فلسطين في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين الماضي .
3) أهمية فلسطين
تتمتع فلسطين بأهمية متعددة الأشكال في مختلف المجالات على النحو التالي :
1. الأهمية الدينية : تشكل فلسطين مهد الأديان السماوية الثلاث : اليهودية والنصرانية والإسلام . فتعتبرها هذه الأديان الأرض المقدسة أو المباركة ، وبالتالي تجذب الاهتمام الروحي العالمي من أتباع الديانات الثلاث . فقد احتضنت هذه البلاد في قلبها عدد من الأنبياء ، مثل : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط ، ويعقوب ويوسف وداود وسليمان ، وعيسى ومحمد ( في معجزة الإسراء والمعراج ) عليهم السلام جميعا وغيرهم . وتضم فلسطين مقابر الأنبياء : قبر إبراهيم عليه السلام في الخليل وزوجته سارة ، وقبر شعيب عليه السلام في حطين ، وقبر يونس عليه السلام في حلحول . وقبري زكريا ويحيى في سبسطية قرب نابلس ، وقبر راحيل أم يوسف عليه السلام في بيت لحم . وفي فلسطين الكنائس النصرانية الثلاث : البشارة في الناصرة والمهد في بيت لحم ، والقيامة بالقدس التي يحج إليها النصارى من جميع أنحاء العالم . كما أنها تشكل أهمية كبرى للمسلمين فبيت المقدس أولى القبلتين وفيها المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين وارتبطت بها معجزة الإسراء والمعراج بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى وفرض الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية فهي بوابة الأرض إلى السماء . كما أن اليهود يتطلعون لها في العالم كونها احتضنت مملكتي داود وسليمان ورفاتهما عليهما السلام .
2. الأهمية التاريخية : لفلسطين أهمية تاريخية مميزة حيث أهتم بالسيطرة عليها مختلف الشعوب والأمم عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر ، بدءا من الشعوب المهاجرة إليها سلما وانتهاء بالدول العظمى التي احتلتها عنوة عبر العصور والأزمان منذ بداية التاريخ ، من العرب الكنعانيين والفلسطينيين والعبرانيين والبابليين والكلدانيين والآشوريين والرومان والفرس والمسلمين والمصريين والبريطانيين والصهاينة مع بقاء أهلها الأصليين في جميع الحقب الزمنية المذكورة . وفي فلسطين أقدم المدن العالمية كأريحا ويبوس ( بيت المقدس ) .
3. الأهمية الجغرافية الاستراتيجية : تتمتع فلسطين بموقع استراتيجي هام بين مختلف قارات العالم القديم والحديث . ففلسطين هي قلب الوطن العربي ، والوطن العربي يشكل قلب العالم . وبهذا فإن فلسطين ملتقى القارات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا .
4. الأهمية الاقتصادية : كون فلسطين تشكل ملتقى قارات العالم ، فإنها تتمتع بمكانة اقتصادية تجارية ، فهي محور التجارة البرية بين البحر الأبيض المتوسط غربا والخليج العربي شرقا . كما أنها سوقا استهلاكيا للسلع الأجنبية عبر التجارة البرية الأوروبية والأمريكية لتصل إلى الهند والمناطق المجاورة لها خاصة في العصور القديمة والحديثة . والبحر الميت بفلسطين غني بالبوتاس والأملاح الأخرى والنفط بعد اكتشافه حديثا ، وساحل غزة غني بالغاز الطبيعي .
5. الأهمية المناخية : فلسطين منطقة معتدلة المناخ صيفا وشتاء يتراوح متوسط درجات الحرارة فيها ما بين 5 – 30 درجة مئوية في تعاقب فصول السنة ألأربعة .
6. الأهمية العسكرية : تتمتع فلسطين بموقع عسكري هام في العالم ، فموقعها الجغرافي يتيح لها توسط منطقة كبيرة وهامة . وكل دولة تسيطر عليها أو تحتفظ بقواعد عسكرية أو بتواجد عسكري فيها تتمتع بنفوذ قوي في المنطقة والعالم ، وهذا ما ثبت عبر التاريخ البشري القديم والحديث والمعاصر .
4) السكان
تعاقب على أرض كنعان عدة هجرات بشرية ، تصارعت فيما بينها لحكم البلاد وتسيير شؤون الحياة العامة فيها ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها . فتجمع سكان هذه البلاد من اختلاط بشري عبر تاريخ طويل ممتد منذ سبعة آلاف سنة . فقبل نحو سبعة آلاف عام كانت أريحا مركزا زراعيا مستقرا . ومنذ عام 3500 ق . م تنقلت جماعات سامية عبر موجات بشرية متلاحقة من شبة الجزيرة العربية إلى بلاد الشام ومنها فلسطين ، حيث استقر الكنعانيون في أرض ما بين البحر والنهر أو على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، والعموريون في سورية والفنيقيون في لبنان . فجاءت الهجرة الكنعانية من أضخم الهجرات البشرية إلى الساحل الغربي من البحر الأبيض المتوسط ( فلسطين ) قبل التاريخ الميلادي في الفترة ما بين 4 – 3 آلاف ق . م ، وهناك منطقة في ساحل سلطنة عمان تدعى كنعان أيضا . وفي الأصل من الناحية الدينية ، يعد الساميون قبائل انحدرت من سام بن نوح ، وهو الإبن البكر لنوح عليه السلام . وأطلق لفظ سامي على الأمم والشعوب السامية التي خرجت من مهدها الأول من شبة الجزيرة العربية والتي تحدثت باللغة السامية وهي : الآشورية والبابلية ، والكنعانية ، والفنيقية ، والآرامية ، والعبرية ، والعربية ، والإثيوبية حيث توجد علامات تماثل بين لغات وملامح أجسام هذه الشعوب ، فالتشابه بين اللغات السامية تعود إلى اللغة السامية الأم وهي اللغة العربية الفصيحة . على أي حال ، تمكن الكنعانيون من السيطرة على مقدرات البلاد بشكل شامل وأطلقوا اسمهم على البلاد التي سكنوها بعد هجرتهم المذكورة كما وردت في التوراة اليهودية . وفي سنة 3000 ق . م استطاعت البلاد أن تتقدم حضاريا فأقيمت المدن التي تحكمها حكومات مدينية أي حكم قبيلة لمدينة معينة ، وبنيت عدة مدن ، من أبرزها : يبوس ( القدس اليوم ) وشكيم ( نابلس ) ، ومجدو ، وأريحا ، وبيسان وعكا ويافا وسواها ، فبلغ عدد المدن الكنعانية أكثر من مائتي مدينة ، وأقدم نقش لهم في هيكل الكرنك في الأقصر بمصر العليا إذ وردت أسماء 119 مدينة لهم في البلاد . وتشير المصادر التاريخية والأثرية في البلاد إلى أنه منذ العصر الحديدي الذي تراوح ما بين 1200 – 586 ق . م تتالى على المسرح السياسي للبلاد عدة قوى سياسية من الشرق والغرب والجنوب والشمال . ففي العصر الحديدي الذي بدأ في عام 1200 ق . م تقريبا شرع الإنسان الكنعاني باستخدام أدوات حديدية في مواقع فلسطينية بعدما كانت هناك حضارة برونزية استعمل فيها البرونز لصنع الأدوات وبناء الأسوار والبيوت والقصور وحفر الأنفاق المائية وصنع الخزف والأقمشة . ثم دخلت قوى بشرية جديدة للبلاد ( أرض كنعان ) في القرن 13 ق . م مثل الفلستينيين ( قبائل البلست Pelest ) حيث أسسوا عدة مدن من بينها غزة وعسقلان وأسدود وتل الصافي وسواها . وكانت للفلستينيين ( الفلسطينيين فيما بعد ) حضارة مدنية ومعمارية ، فخارية وهندسية في عدة مواقع كنعانية متقدمة . وبعد قدوم قبائل الفلسطينيين ( كإحدى شعوب البحر الغربي ) من جزيرة كريت اليونانية إلى بلاد كنعان ، أصبح السكان الأصليون وهم الكنعانيون في صراع حضاري وسياسي متواصل مع الفلسطينيين ، إلى أن غلب الطابع الفلسطيني على الطابع الكنعاني . وكان أول من أطلق اسم الفلسطينيين على القبائل البلستية القادمة من بحر ايجيه الإغريقي ( اليوناني ) هو هيرودوت المكنى بأبي التاريخ . ثم جاء العبرانيون في بداية العصر الحديدي بقيادة يوشع ( يشوع ) بن نون وكان قائدا إسرائيليا عنيفا حيث قرر إبادة جميع سكان البلاد ، كما تقول التوراة ، فدخل أقدم مدينة في التاريخ ، مدينة أريحا من جهة الشرق فحاصرها بنو إسرائيل وأحرقوها وقتلوا سكانها ثم سيطروا على جنوب فلسطين ، ولكن بقي جزء من شعب الكنعانيين في جزء منها . وتنتشر في فلسطين الآن عدة ديانات : الإسلام وهو الدين الغالب للسكان الأصليين ، والنصرانية ، والسامرية إضافة إلى الطوائف اليهودية المتعددة التي تحتل البلاد وتسيطر عليها .
وفي عام 2008 ، بلغ عدد الفلسطينيين في ارض الوطن والمنافي أكثر من 10 ملايين نسمة . منهم أكثر من 50 بالمائة في أرض الوطن ، بما يعادل نحو 3 ر 1 مليون نسمة في مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، و4 ملايين نسمة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ونحو 5 ملايين نسمة في العالم ، معظمهم في الدول العربية وفي مقدمتها : الأردن ثم سوريا ولبنان ، ومصر وغيرها ، والجزء الآخر منهم في أوروبا وخاصة ألمانيا ، وفي أمريكا الشمالية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفي أمريكيا الجنوبية كتشيلي وفنزويلا ، وكذلك الحال في قارة استراليا وغيرها . ولا بد من الإشارة إلى أن عدد اليهود في فلسطين الكبرى في العام ذاته بلغ نحو 4 ر5 مليون نسمة يعيشون في فلسطين المحتلة بقسميها المحتل عام 1948 والمحتل عام 1967 .
وغني عن القول ، إن هناك حركات وأحزاب وجبهات فلسطينية وطنية وإسلامية تسعى لتحرير فلسطين من أهمها : حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ، وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ، وحركة الجهاد الإسلامي وجبهات قومية وماركسية وغيرها . وقد خاض شعب فلسطين الثورات والانتفاضات لتحرير فلسطين منذ 1918 عندما بدأت الفدائية بأولى عملياتها ضد الاحتلال البريطاني ، ثم ثورات يافا والقدس والبراق وثورة فلسطين الكبرى ما بين 1936 - 1939 ، ثم انتفاضات الأعوام 1976 ، و1987 - 1994 ، وانتفاضة الأقصى المجيدة ما بين الأعوام 2000 - 2006 .
وتاريخيا أطلق على أرض كنعان ( فلسطين العربية المسلمة ) عدة أسماء منها : بلاد ما بين البحر والنهر ، وارض كنعان ، وفلسطين ، وهو الاسم الغالب لها حتى الآن ، والأرض المقدسة ، ومملكة داود ، ومملكة سليمان ، وهاتين المملكتين مسلمتين موحدتين لله العزيز الوهاب ، والأرض المباركة ، والمملكة اللاتينية وهي مملكة صليبية إبان استيلاء الصليبيين على فلسطين ، وسوريا الجنوبية ، وهي تسمية عثمانية لفلسطين ويطلق يهود على فلسطين زورا وبهتانا اسم ( أرض الميعاد ) أو ( إسرائيل ) ولمناطق فلسطين أسماء فرعية أخرى مثل : الجليل والمثلث والنقب والساحل والضفة الغربية وقطاع غزة . ويطيب للبعض تسميتها الدولة الإبراهيمية ونادى البعض كالقذافي في كتابه الأبيض بتسميتها ب ( إسراطين ) .

ليست هناك تعليقات: