الثلاثاء، 13 مايو 2008

رسالة مفتوحة لأهل لبنان 2008

رسالة مفتوحة لأهل لبنان 2008
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (191 القرآن المجيد ، البقرة ، )
وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ( القرآن المجيد ، البقرة ، 195 ) ) .
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ( القرآن المجيد ، البقرة ، 217 ) .
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}( القرآن المجيد ، الأنفال ) . ويقول الله تبارك وتعالى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله الحي القيوم : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) } ( القرآن المجيد ، البقرة ) .
أيها اللبنانيون الأحرار والشرفاء .. من أبناء الإسلام العظيم ، وابناء النصارى ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،
فإن لبنان هو توأم فلسطين الشمالي ، وهو يتعرض للضغوط الأجنبية الاستعمارية من إمبراطورية الشر والأشرار الأمريكية ومن والها من الدول الاستعمارية من فرنسا واسبانيا وبرطانيا وغيرها من الدول التي تطمح بالحفاظ على مناطق نفوذ لها في المشرق والمغرب العربي ، وهو ما نطلق عليه نحن ابناء العرب والمسلمين ( الوطن العربي الكبير ) ، وقد طرحت الولايات المتحدة المشروع الاستعماري فيما يعرف بالشرق الأوسط الموسع والكبير والجديد ، ومن أولى بنود هذا المخطط الاستعماري السرطاني الخبيث في المنطقة العربية ، تقسيم الدول العربية إلى دويلات طوائف صغيرة يسهل ابتلاعها ، فهناك مخطط لتقسيم لبنان بين طوائفه المختلفة المتباينة في الأصول والمنابت ، كما هو الحال لتقسيم العراق الشقيق ايضا ، وكما هو الوضع في فلسطين حاليا . وتقضى الخطة الجهنمية الغربية عامة والأمريكية خاصة إلى تقسيم لبنان الكبير الشقيق بمساحته الصغيرة البالغة 400 ر 10 كم2 ، وسكانه الأربعة ملايين ، إلى دويلات طائفية صغيرة ومصغرة ، سنية وشيعية ودرزية ومسيحية وذلك تسهيلا للسيطرة عليه وشرذمته ، وتأتي هذه الحملة الأخيرة ضد أهل لبنان وشعبه الأبي ، نكاية بالمقاومة الإسلامية التي يتزعمها حزب الله اللبناني ، فلم تنجح محاولات بني صهيون في القضاء على شعلة المقاومة اللبنانية التي أخرجت قوات الاحتلال اليهودي من لبنان تجر أذيال الخيبة ، مرات ومرات ، المرة الأشد مرارة عندما هزم جيش الاحتلال وهرب ايهود بارك زعيم الحكومة اليهودية في ايار عام 2000 ، ثم صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 ومحاولات تصفية الوجود اللبناني الإسلامي المسلح في لبنان ، لجعله لقمة سائغة للعدوان الصهيوني دون دفاع يذكر عن حمى لبنان ، والمرة الأخيرة كانت في حرب صيف تموز - 15 آب 2006 ) وقد فرض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 أنهى القتال الذي دار بين قوات حزب الله وقوات الاحتلال الصهيوني قتل فيها نحو 1200 شهيد لبناني ، وقتل فيها نحو 60 يهوديا .
ولا بد من القول ، إن حزب الله خاض الحرب الضروس ضد الاحتلال الصهيوني في صيف 2006 بعد عملية الوعد الصادق وقتل تسعة جنود يهود ، وأسر اثنين ، لا زالا في ايد المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله اللبناني ، وجاءت تلك الحرب لإفشال مخططات الامبراطورية الأمريكية الشريرة والوتد اليهودي في المنطقة العربية الهادفة لتقسيم الوطن العرب وخاصة المشرق لدويلات وكان الاختيار الأمريكي للبنان للبدء به كونه يحوي فسيفساء طائفية متناحرة دينيا وسياسيا وفكريا وإلى حد ما عسكريا . وتأتي عملية افتعال الفتنة الطائفية الأخيرة في لبنان في الثلث الأول من ايار 2008 ، لتقويض قوة حزب الله والقضاء على إنجازاته ، ومحاولة نزع سلاح المقاومة منه ، علما بأن حزب الله لا يتدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية اللبنانية بشكل عسكري ، ويمارس حقه بالتغيير السياسي المنهجي وقد نذر نفسه للدفاع عن لبنان ، كل لبنان الصمود والتصدي والتحدي والصبر والمصابرة والمرابطة ، وعن كل المسلمين في لبنان ولم يدافع عن طائفة دون طائفة من الغزو العدواني اليهودي الجوي والبري والبحري ، فقد اثبت حزب الله تعقله وعدم انجراره خلف الفتنة الطائفية عدة مرات وهذا يسجل لصالحه وصالح المقاومة الإسلامية ، التي دحرت الاحتلال وألحقت به خسائر جسيمة في المرات السابقه ، ويكفيه تسجيلا للتاريخ الجهادي المشرف له بأنه حزب أعد العدة بقواته الصغيرة العدد ليقف أمام جيش صهيوني عرمرم مسلح بأحدث الأسلحة الفتاكة التقليدية والنووية والكيماوية الصهيونية والأمريكية ، وتلك المحرمة دوليا . وهناك من يحاول إلباس حزب الله اللباس الشيعي الطائفي ، وهذا نأى الحزب بنفسه عنه طيلة السنوات السابقه ، ولعله أيضا سينأى عن تلك الدعوات الحزبية والطائفية والقبلية والفئوية والعنصرية والعرقية القبيحة الحالية لأنها تضر لبنان كل لبنان ، بجميع طوائفه وأحزابه الوطنية والدينية والقومية .
فيا ايها اللبنانيون ، ابتعدوا عن الفتنة ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، فالفتن ما ظهر منها وما بطن تلجأ لها سياسات الاستعمارية للتفريق بين الصف اللبناني الواحد وفق سياسة ( فرق تسد ) المعروفة تاريخيا ، وهناك الدستور اللبناني الذي يفترض أن يطبق في لبنان الأرز الجميل ، للتجميع وليس التفريق فعليكم بسياسة ( جمع تنتصر ) التوفيقية لمواجهة السياسة الاستعمارية الخبيثة ، للابتعاد عن حمى الطائفيه والبقاء في خندق المقاومة ، ونقول لكم يا ابناء الشعب اللبناني العظيم ، لقد وقفتم وقفة شرف وإباء وكرامة في حروب الفلسطينيين وبني صهيون الآتين من شتى بقاع العالم لاستعمار فلسطين كارض عربية إسلامية مقدسة ، وإرهاب كل جيران فلسطين . فنرجو منكم الابتعاد عن الفتن والبغضاء والحزبية الضيقة والمقيتة ، وأن تبقوا يدا واحدة على أعداءكم جميعا أعداء لبنان المتمثل بالاستعمار والمستعمرين فابقوا على الوحدة الوطنية والاعتصام بحبل الله المتين ، وأبتعدوا عن التفرق والتنابذ والتابز بالألقاب ، حافظوا على أرواح ابناءكم ، وحافظوا على وحدتكم ابناء وطن واحد متحابين غير متحاربين ، فأنتم المستهدفين من بني صهيون جميعا ، فلا تنجروا لبراثن ومستنقعات الفتنة الطائفية كما يخطط لكم الأعداء من الأمريكان والفرنسيين والأسبان والبريطانيين ومن لف لفهم من هنا وهناك . فقدركم أن تعيشوا معا وسويا بوحدة واحدة من شمال البلاد لجنوبها ومن شرقها لغربها ، فلا تقعوا في الفخ السياسي والعسكري المنصوب لكم ، القاضي بتفسيخكم وشرذمتكم ، في الخطوة أو المرحلة الأولى لتسهيل عملية القضاء عليكم وابتلاعكم في المرحلة الثانية من الاستعمار والمستعمرين . فالجميع تحت السكين ، سنة وشيعة ودروز ومارونيين وكاثوليك وبروتستانت وأرمن وغيرها من الطوائف . فابقوا متماسكين تبقوا لأعداءكم قاهرين وغالبين ، وابتعدوا عن النعرات الطائفية ، فليأخذ كل ذي حق حقه ، ولا تغتروا بالوعود الأمريكية المعسولة التي تحاول زرع الفتنة والشقاق بينكم تمهيدا للقضاء عليكم لاحقا ، فالحذر الحذر والانتباه الانتباه ، لا تتخاصموا ولا تتنافروا وكونوا عباد الله أخوانا ، حرموا سفك الدماء بينكم ، ولا ترضوا بالقتل واشهار السيوف فيما بينكم فتلك الفتنة الحالقة التي تحلق الوجود ولا تحلق الشعر ، لا تتنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكم ، ولا تقدموا خدمة لأعداءكم عبر تبني الفتنة الطائفية فالجميع خاسر من جميع الطوائف ، ودعوا ، دعوا العصبية الطائفية والحزبية ، فإنها منتنة ، ابقوا على انتصارتكم والحفاظ على حماكم ، لا تقتربوا من الحرب الأهلية أو الاقتتال الداخلي .
، وأنتم يا ايتها القيادة اللبنانية بجميع مستوياتها وألوانها الدينية والسياسية والحزبية والاقتصادية لا تجروا الوبال على أبناء الشعب اللبناني الشقيق ، حافظوا على الهمة ولا تلقوا بأنفسكم في الفتنة والغمة ، فالفتنة نائمة لعن الله موقظيها .
لا تستخدموا السلاح فيما بينكم ، وحافظوا على قنوات الحورا المفتوح الجدي الايجابي واجعلوا السلاح لمن يستحق أن يقتل به والدفاع عن الحمى والأرض والعرض والأهل والمال وليس لأبناء جلدتكم ، لا تخافوا من الأعداء ، رغم أنهم لكم بالمرصاد واعتمدوا على الله العزيز الوهاب ، إياكم والفتنة إياكم والفتنة إياكم والفتنة ، لا تقعوا في مستنقعات الحرب الأهلية مرة ثانية ، فقد تعافيتم من الحرب الأهلية عام 1990 في اتفاقية الطائف ، بعد أن استمرت 15 عاما ، فلا ترجعوا تضربوا رقاب بعضكم البعض ، بل حرموا سفك الدم اللبناني العزيز ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، كونوا من أصحاب الهمة العالية ، في بيروت والجنوب والشمال والوسط والبقاع والجبل ، ولا تترصدوا لبعضكم البعض غوائل الفتن والحرب والقتل .
أيها اللبنانيون من مختلف الشرائح والطوائف والأحزاب ، حافظوا على أرواحكم وارواح ابناكم ولا تسفكوها هدرا بغير حق ، ابقوا على الحق القويم والصراط المستقيم وشدوا بالنواجذ على وحدتكم اللبنانية الكاملة ، واتفقوا على توزيع المهام والمسؤوليات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، ودعوكم من مصطلحات : موالاة معارضة ، الجميع يجب أن يكون مواليا للبنان ناصرا لأهله جميعهم ، ومعاديا لإمبراطورية الشر الأمريكية ومن والاها . فمن المفروض انتخاب رئيس للجمهورية ، وتوزيع الحقائب الوزارية كما تم تحديدها في المرات السابقة ، وفق معايير متفق عليها ضمن سياسة الوفاق والاتفاق ، لا سياسة الاقتتال والنفاق ، ابتعدوا عن النفاق وأقلعوا شوككم بأيديكم بعيدا عن الأساطيل الأجنبية القادمة والراسية في البحر الأبيض المتوسط ، فهذه البوارج هي نذير شؤوم عليكم وعلينا في فلسطين جميعا ، لا فرق بين مواطن وآخر ، وحزب وآخر ، وطائفة وأخرى ، فالسلاح الأمريكي المسموم القادم لكم من وراء البحار لا يميز بين لبناني وآخر ، راجين أن نسمع منكم أخبارا سارة ، وتذكروا أنكم هزمتم أقوى جيش أجنبي في المنطقة الإقليمية وهو جيش الاحتلال الصهيوني واستنفرتم النفير الجهادي الإسلامي المبين ، وفزتم برضى رب العالمين ، ثم برضى الفلسطينيين أجمعين وألحقتم خسائر فادحة بالأعداء فعجزوا عن منازلتكم ويريدون الآن إشعال نار الفتنة بينكم ، بشكل مباشر أو غير مباشر ففوتوا الفرصة على الأعداء ، ولا تلقوا بالا لهؤلاء الآتين من وراء البحار فقد هزمتموهم في السابق وفي الوقت الحالي وفي الوقت اللاحق إن شاء الله الحي القيوم إذا بقيتم على وحدتكم متماسكين غير متنافرين .
نوصيكم ونسالكم بالله عليكم أن لا تنجروا لمتاهات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن تبقوا على العهد ، وأمل شعبكم بكم كبيرا جدا وأمل شعب فلسطين بكم كمقاومة كثيرا فقد لقنتم الأعداء دروسا صعبة لن ينسوها في صيف 2006 ، ولن ينسى شعب فلسطين النفير العام لكم في شمال فلسطين المحتلة وصواريخكم الأربعة آلاف صاروخ التي دكت مستعمرات الأعداء من الشمال حتى الوسط ووصلت حيفا وما بعد حيفا ، الآتية من الشمال فلا ترتدوا على أدباركم مهزومين خاسئين من ويلات الفتنة لا سمح الله ، نطالبكم بأن تبتعدوا على الخلافات والخصومات وابقوا على المحادثات والمناقشات الجادة لحل خلافاتكم ولا تلجأوا إلى السلاح وافشوا السلام بينكم .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: