الجمعة، 30 مايو 2008

حوار د. كمال علاونه مع وكالة قدس للأنباء


حوار د. كمال علاونه
مع وكالة قدس نت للأنباء
علاونة لـقدس نت: تهرب إسرائيل من الهدنة يهدف لعدم استقرار الفلسطينيين ورغبتها في استمرار الحصار والقمع التاريخ: 1429-5-20 هـ الموافق: 2008-05-24 20:48:11
أوضاع صعبة يعيشها المواطنون جراء الحصار


غزة- وكالة قدس نت للأنباء

قال الدكتور كمال علاونه أستاذ العلوم السياسية في فلسطين ، إن السياسة الإسرائيلية تتمثل في عملية إبقاء قطاع غزة تحت الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والإغلاق الشامل.

و أوضح علاونة في حوار مع وكالة قدس نت للأنباء ، أن هدف رئيس وزراء الإحتلال أيهود اولمرت من طرح قضايا الحدود والمعابر وتبادل الأراضي مؤخرا هو إشعال لهيب الجبهة الداخلية الفلسطينية ، عن مساحة الدولة الفلسطينية وكيفية السيطرة والتحكم بالمعابر ، وتبادل الأرضي ، أين وكيف وبأي وسيلة.

نص الحوار:-

** كيف تنظرون إلى رفض شمل معبر رفح ضمن التهدئة؟

معبر رفح هو البوابة الجنوبية الغربية لفلسطين مع الشقيقة الكبرى مصر فهو المتنفس الجنوبي لأهل فلسطين الأصليين ، حيث يتحكم بمصير نحو مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة هاشم الصامد المرابط في فلسطين المباركة ، فالحدود الفلسطينية – المصرية هي الشريان الرئيس للتواصل مع الوطن العربي والعالم الخارجي في كل شؤون الفلسطينيين القاطنين في هذه البقعة الجغرافية من بقاع فلسطين ، وهذا المعبر هو توأم معبر أريحا على الحدود الفلسطينية الأردنية للمواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية.

وقوات الاحتلال الصهيوني ترفض شمل معبر رفح في التهدئة لعدة أسباب لعل من أهمها : التحكم بمصير الداخلين والخارجين من وإلى قطاع غزة من الفلسطينيين والتحجج بحجج أمنية صهيونية بدعاوى أن المعبر يمكن أن ينقل عبره أشياء تضر بما يسمى بالأمن اليهودي في ارض فلسطين الكبرى و استمرار إذلال الفلسطينيين وإهاناتهم بصورة مباشرة ، فالمعبر يجب أن يكون معبرا حرا مستقلا عن التدخل الاحتلالي . والتملص من التهدئة وذر الرماد في العيون وعدم تمكين أبناء الشعب الفلسطيني من الإحساس بالاستقرار والطمأنينة والأمن والأمان . وكذلك رغبة حكومة الاحتلال في استمرار الحصار والقمع بشكل متواصل عبر استبعاد المعبر من التهدئة . وأصلا لا يوجد تهدئة أو هدنه وكل ما يتواتر عبر وسائل الإعلام هذه عبارة عن أوراق عمل أو مقترحات لم ولن ترى النور إطلاقا كما خبرنا في السنوات العجاف الماضية . وحتى الهدن أو التهدئة السابقة كانت من طرف واحد وهو الطرف الفلسطيني ولم تلقي لها الحكومة الإسرائيلية بالا لا من قريب ولا من بعيد .

** هذا الفشل للتهدئة ماذا يمكن أن نتوقع بعده؟

برأيي السياسة الصهيونية تتمثل في عملية إبقاء قطاع غزة تحت الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والإغلاق الشامل المبرمج لخدمة حرب نفسية شعواء تصب جأم غضبها الظالم على أهل فلسطين الأصليين وعدم إتاحة المجال أمامهم لالتقاط الأنفاس ومواصلة الصمود والدفاع عن النفس حيال الإرهاب الصهيوني برا وبحرا وجوا . وقد جرب شعب فلسطين الهدن المؤقتة والتهدئة الجزئية أو الكلية ولكن قوات الاحتلال هي من تخترق في كل مرة هذا الإتفاق أو ذاك ، فهم يتمتعون بصفة أصيلة فيهم وهي النفاق وعدم الصدق والإخلال بالمواعيد والمسائل المتفق عليها فلا مواعيد ولا اتفاقيات مقدسة لديهم ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) . والتوقعات القادمة هي الطوفان العسكري والنزال الحربي البري والبحري والجوي ، في عدوان جديد متجدد على محافظات غزة وأهلها ، تتمثل في خطة اجتياح قطاع غزة بالكامل المبرمجة والمعدة منذ زمن ليس بالقصير في الأدراج الإسرائيلية المعدة للتنفيذ حينما تسنح الفرصة الداخلية الإسرائيلية لها . فسياسة الاحتلال هي عدم تمكين الشعب الفلسطيني من الاستراحة وتجديد الدم المقاوم وبناء الذات ، وبهذا فإن التهدئة إذا ما طبقت وأنا أشك في تطبيقها من جانب الاحتلال فلن تستمر طويلا بل لفترة قصيرة لأن هناك خطة إسرائيلية لاجتياح محافظات غزة بالكامل والضوء الأخضر الأمريكي اتضح في مشاركة الرئيس الأمريكي بالذكرى الستين لاقتلاع وتهجير شعب فلسطين خارج وطنه على شكل لاجئين وداخل وطنه على شكل نازحين . لن تكون هناك تهدئة أو هدنة ، وكل من يتوقع غير ذلك فهو واهم أصلا . فالتهدئة حسمبا تفسرها الدوائر الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية ليست لصالحها وخلط الأوراق وجلب الفوضى والدمار والقتل تعني عدم السماح باستقرار الفلسطينيين أينما كانوا وحيثما حلوا .

** التصعيد الإسرائيلي المستمر هل من شانه أن يعيد خلط الأوراق للأسوأ ؟

التصعيد اليهودي – الصهيوني - الإسرائيلي متواصل يوما بعد يوم ، فهذه هي السياسة الإسرائيلية الدائمة الهادفة إلى إعادة خلط الأوراق السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة لإبقاء العرب في حالة توتر دائم ، وإلهاء الإسرائيليين في جميع أرجاء فلسطين المحتلة عن مشاكلهم الداخلية ، فخلط الأوراق تجني منه الحكومة الإسرائيلية منافع شتى على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الفلسطيني في الآن ذاته . . والأوضاع المكهربة المتأزمة في الشأن الإسرائيلي تحتم عليهم افتعال صراع مستمر مع الفلسطينيين وخاصة قضايا الفشل في حرب صيف 2006 والفساد المالي والأخلاقي التي تلاحق حكام تل أبيب من قيادات حزب كاديما والمتحالفين معه .

** اولمرت طلب مؤخرا أن يبحث قضايا الحدود والمعابر وتبادل الأراضي ما هي قرأتك لذلك ؟

أيهود أولمرت زعيم حزب كاديما ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يريد إلهاء منافسته تسيفي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية ورئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض مع الفلسطينيين أولا ، ثم إبقاء الفلسطينيين يفكرون بالحل والابتعاد عن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التي تلوح في الأفق ثانيا ، حيث وافق أولمرت على بحث قضايا الحدود والمعابر وتبادل الأراضي لتفجير وتأجيج الصراع الداخلي الفلسطيني فيما بينهم عبر بث الفقاعات الإعلامية المتناثرة عبثا وعبئا والنتيجة لا شيء ستعطيه الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين ، فهي مجرد إعادة بحث ويمكن البحث والتفاوض يستمر ردحا طويلا من الزمن . الهدف من طرح أولمرت هو إشعال لهيب الجبهة الداخلية الفلسطينية ، عن مساحة الدولة الفلسطينية وكيفية السيطرة والتحكم بالمعابر ، وتبادل الأرضي ، أين وكيف وبأي وسيلة ؟؟ فهذه غايات يهودية تتملص من الواقع ، وتحاول الهروب تارة للأمام وتارة للخلف لتصعيد الحملة على الفلسطينيين والتسويق الإعلامي أن حكومة الاحتلال وافقت على مناقشة القضايا المطروحة ولكن من يرفض هو الفلسطينيين والحقيقة هي عكس ذلك.

** مؤتمر فلسطين للإستثمار هل يمكن أن يعود بالفائدة على الاقتصاد الفلسطيني أم يندرج في التطبيع الاقتصادي ؟

كل المؤتمرات الاقتصادية والسياسية التي تعقد في فلسطين هي مؤتمرات نتائجها حبر على ورق ، ولا يتم تنفيذ توصياتها ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، هذا المؤتمر الاقتصادي للاستثمار في فلسطين لا يمتلك مصاريف عقده ، فما بالكم هل يستطيع أن يوفر فرص عمل لنحو 50 ألف وظيفة جديدة أو فرصة عمل جديدة ، كما يطرحون فيه مستقبلا أنا أشك في كل هذه المؤتمرات ، والهدف منها هو التسويق الإعلامي والسياسي لا أكثر . فأين تطبيق نتائج المؤتمرات السابقة ؟ وأين دعم الدول المانحة وهي بالأساس دولا مانعة وليست مانحة . نحن في فلسطين نتمنى أن نرى قرارات وتوصيات مؤتمر الاستثمار الفلسطيني المعقود في هذه الأيام تنفذ على أرض الواقع الفعلي . هذا المؤتمر كالمؤتمر الإقليمي الذي سبقه في شرم الشيخ في مصر هذا الأسبوع ( المنتدى الاقتصادي العالمي ) هو مجرد بوابة كبيرة للتطبيع الاقتصادي مع الإسرائيليين ، فالإسرائيليون يأخذون دوما ولا يريدون أن يعطوا أصحاب الحق وأصحاب البلاد جزءا من حقوقهم وليس كلها .

** بعد مرور 60 عاما على النكبة واستمرار الانقسام الحاصل كيف يمكن أن نعيد اللحمة الداخلية الفلسطينية من أجل مواجهة التحديات التي تواجهه القضية الفلسطينية ؟

الذكرى الستون للاقتلاع والتهجير لنحو مليون فلسطيني ما زالت تلقي بظلالها الكئيبة على فلسطين : الوطن والشعب ، ذكرى أليمة بسبب العدوان الصهيوني المستمر وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية والطبيعية ، فلم نستطع رد الظالم لأصحابها ولم نستطع التحرير حتى الآن ومما زاد الطين بلة هو التناحر والانقسام والاقتتال والخصام الداخلي والفتن ما ظهر منها وما بطن بين الحركات الكبرى والصغرى في البلاد . ويجب العودة لتطبيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وبناء الذات الوطنية لتعزيز الصمود ونبذ الخلافات والانقسامات والتشرذم ، والاستمساك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والتمسك والاعتصام بحبل الله المتين ، ويجب تحريم سفك الدم الفلسطيني من أبناء الوطن الواحد والدم الواحد والشعب الواحد واللغة الواحدة والمصير الواحد والعقيدة الواحدة . لا بد من إتباع سياسة الوئام بدلا من الخصام والابتعاد عن التنابذ والتنابذ ولنكن يدا واحدة لتهييج النصر والفتح المبين على الأعداء المحتلين ، وفق سياسة توزيع الأدوار الشاملة بين الحركات والأحزاب الوطنية والإسلامية على السواء وليس عيبا أن نستفيد من تجربة الأعداء الذي يحرمون الاقتتال العسكري فيما بينهم في حين أنهم على طرفي نقيض سياسي وحزبي . ينبغي علينا الابتعاد عن الفتن الداخلية والحرب الأهلية لنتمكن من صد الهجمات والعدوان المتكرر الإسرائيلي علينا على مدار العام . فالاختلاف الفكري والسياسي والتنظيمي لا باس به ولكن يجب تحريم اللجوء للحرب الأهلية لأن الحرب الداخلية تؤدي بالشعب الفلسطيني إلى مهالك الردى وتأكل الأخضر واليابس وهي الحالقة . فنحن أقوياء بوحدتنا الوطنية الفلسطينية .

** حلم الدولة الفلسطينية عام 2008 يدور الحديث عن فشل لماذا هذا برأيك ؟

دولة فلسطين يسعى لها كل فلسطيني مخلص ، وقد طرح موضوعها لأول مرة في الكتاب الأبيض البريطاني لأهل فلسطين عام 1939 ، ثم أعيد طرحها في قرار تقسيم فلسطين الظالم عام 1947 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي قسم فلسطين لشطرين غير متساويين نحو 5 ر 56 % منها لليهود من الجاليات الأوروبية الغربية الطارئة ، وأبقى لشعب فلسطين الأصلي في هذه البلاد نحو 5 ر43 % من مساحة فلسطين التاريخية الكبرى البالغة 27 ألف كم2 . ثم أعادت خطة خريطة الطريق عام 2002 طرح دولة فلسطينية مؤقتة خلال ثلاث سنوات ( 2002 – 2005 ) وفق ثلاث مراحل ، وقد ذهبت أدراج الرياح بسبب التآمر الأمريكي الصهيوني على أهل فلسطين الأصليين ولم تطبق حتى الآن . وفي كل مرة تتذرع السياسية الأمريكية والإسرائيلية أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة يهدد الوجود الصهيوني في البلاد . فلسطين تمتلك مقومات إقامة دولة فلسطينية مستقلة في فلسطين الصغرى والكبرى على السواء ، فهناك أكثر من 4 ملايين فلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، أو ما يعرف بمحافظات الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهناك ارض فلسطينية في الضفة والقطاع تصل إلى ستة آلاف كم2 ، وهناك وحدة ترابط لغوي وديني وتاريخي ومصيري ومستقبل واحد ، وهناك نواة دولة فلسطين وهي السلطة الوطنية الفلسطينية التي تمتلك ثلاث سلطات : تنفيذية وتشريعية وقضائية ، وهذا يؤكد وجود مقومات دولة فلسطين العتيدة إلا أن الاحتلال البغيض يرفض منح شعب فلسطين حقوقه السياسية وفي مقدمتها حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على تراب وطنه ، ويرفضون عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى مواطنهم الأصلية في الجليل والمثلث والنقب والساحل فلسطيني في المدن والقرى المحتلة عام 1948 .

باختصار حكومة الاحتلال الإسرائيلي ترفض الانصياع للقرارات الدولية وترفض تسجيل إقامة دولة فلسطينية في تاريخ السيطرة اليهودية الصهيونية على ارض فلسطين حيث يعتبرون في أدبياتهم وكتبهم أن فلسطين هي ارض الميعاد ولا يجوز التنازل عنها للفلسطينيين ، بل ومن السخرية بمكان أن يتم اعتبار شعب فلسطين هو شعب يحتل ( أرض إسرائيل ) ويجب طرده منها ، هذه هي الإستراتيجية الصهيونية في الصراع الدائر في فلسطين الكبرى . لا أريد أن القي ظلالا قاتمة على الوضع الحالي ولكن هذه هي الحقيقة التي ينطلق منها زورا وبهتانا وتزييفا بني صهيون . وكل هذه المحادثات والمفاوضات التي بدأت سرا وعلنا منذ عام 1974 وحتى الآن ما هي ألا مضيعة للوقت ، ودجل وكذب أمريكي وصهيوني على العرب ليبقوا يراوحون مكانهم مكانك قف وليس مكانك سر فقط .

ليست هناك تعليقات: