الخميس، 29 مايو 2008

مستقبل الحكم المحلي في فلسطين

مستقبل الحكم المحلي
في فلسطين
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

مقدمة
يمكن استشراف أهم احتياجات ومتطلبات تطوير نظام الحكم المحلي في فلسطين ليرتقي إلى مستويات عالمية متقدمة . هذه الاحتياجات توجب اللجوء إلى استخدام طرقا عصرية متطورة تتجدد باستمرار لمواكبة احتياجات كل مرحلة من مراحل نمو واتساع أنظمة وهيئات الحكم المحلي . من صلب هذه الاحتياجات التطويرية الدائمة وضع الخطط والبرامج المتعلقة بنظام الحكم المحلي الثابتة والمؤقتة بين الحين والآخر، ومن أهم هذه الاحتياجات ما يلي : الإبقاء على قانون الحكم المحلي الجديد ، وتأسيس مجلس أو جهاز مركزي أعلى للحكم المحلي ، وإنشاء معهد الحكم المحلي الفلسطيني ، وتعزيز برامج هيئات الحكم المحلي الفلسطيني ، وتنمية شاملة ومتكاملة للريف الفلسطيني ،والتنمية الإدارية والسياسية لقيادة هيئات الحكم المحلي الفلسطيني ، وتسمية الشوارع وترقيم المساكن والعقارات الفلسطينية والإنارة العامة في المدن والقرى الفلسطينية وتشكيل مجالس مساعدة للهيئات المحلية ، إنشاء مناطق صناعية خارج المناطق السكنية ، إعادة تنظيم مواقف المركبات والأسواق التجارية والاهتمام بالسياحة الداخليةالفلسطينية .وسنتناول هذه الاحتياجات المستقبلة بشكل موجز في الفقرات التالية :
(1) الإبقاء على القانون الجديد للحكم المحلي
نظام التمثيل النسبي في الانتخابات المحلية
يعتمد القانون السابق للانتخابات المحلية الفلسطينية على الأغلبية النسبية في انتخابات مجالس الهيئات المحلية في فلسطين . هذا النظام الانتخابي يؤدي في كثير من الأحيان إلى استبعاد قطاع لا بأس به من ممثلي المواطنين الفلسطينيين في إدارة شؤونهم الداخلية المحلية في الريف الفلسطيني خاصة ، كما يؤدي إلى تحكم العشائرية والعائلية في نتائج الانتخابات المحلية بسيطرة العائلات الكبيرة على أغلب عضوية إن لم يكن كل مقاعد مجلس الهيئة المحلية وبالتالي حرمان قطاع واسع من الجمهور من حق التمثيل الإداري مع ما يسببه ذلك من امتعاض وتهميش دور فعاليات مجتمعية أو مهنية أو أكاديمية خلاقة في رفد التنمية المحلية في البلاد . فتصبح المحليات والحالة هذه عبارة عن مركز قوة عائلية – عشائرية وحرمان الفئات الصغيرة أو التي لم تستطع الحصول على عدد كبير من الأصوات في صناديق الاقتراع من المشاركة في التنمية المحلية العامة وخاصة الريفية. وبهذا فإن الأمر استدعى إجراء تعديلات على قانون رقم (5) لسنة 1996 والذي أصبح يعتمد على نظام التمثيل النسبي في الانتخابات المحلية الدورية لمجالس الهيئات المحلية مما ساعد في رفد الهيئات المحلية بدماء جديدة يمكن أن تعطي في مجال الخدمة المحلية والحيلولة دون تهميش هذه الفعاليات التنظيمية أو الإدارية أو العائلية ذات الحجم العائلي الصغير، كما إن نظام التمثيل النسبي يساهم في دخول قوائم تنظيمية نقابية مفروزة عن حركات أو أحزاب سياسية فلسطينية وطنية أوإسلامية في مجال الخدمة العامة ، وعدم التنافس الثنائي بين تنظيمين أو حركتين سياسيتين وهما في الغالب حركة فتح وحركة حماس في السيطرة على مقدرات الهيئات المحلية مع ما ينتج عن ذلك من صراع ثنائي وإبعاد الآخرين عن مجالات الخدمة الوطنية العامة في إدارة المحليات الفلسطينية، كما أتاح التعديل على قانون الإنتخابات ، فرصة لتطوير مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة العامة من خلال تخصيص مقعدين لها كحصة محجوز وفقاً للقانون .
(2) إنشاء مجلس مركزي للحكم المحلي الفلسطيني
من الممكن أن يسمى هذا التنظيم المحلي الأعلى ، المجلس الأعلى للحكم المحلي أو الجهاز المركزي للحكم المحلي في فلسطين ، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزير الحكم المحلي ووزراء تختص وزاراتهم بالخدمات ومشاريع التنمية المحلية مثل وزارة المواصلات، وزارة التخطيط ، وزارة الحكم المحلي ، وزارة الطاقة وسلطة المياه ورؤساء بلديات كبرى واتحاد الهيئات المحلية ، ومستشارين وخبراء في الحكم المحلي وسواهم . وتكون مهمة هذا المجلس رسم السياسة المحلية العامة ووضع الخطط والبرامج لتفعيل وتطوير الخدمات الحيوية والأساسية، واقتراح قوانين وأنظمة ولوائح تنظيمية جديدة وتحويل مزيداً لاختصاصات من الحكومة المركزية للهيئات المحلية ، ومراقبة فعاليات الهيئات المحلية وتقديم النصح والإرشاد لها بمالا يخل باستقلاليتها ، والعمل على تطوير مواردها المالية الداخلية والخارجية.
(3) إنشاء معهد الحكم المحلي الفلسطيني
ويقع في أولى أولويات هذه الاحتياجات إنشاء معهد الحكم المحليالفلسطيني للمواءمة بين العلوم النظرية والتطبيقات العملية لأنظمة الحكم المحلي، فالحكم المحلي ما بين النظرية والتطبيق بحاجة إلى مواكبة التطورات العصرية المستجدةفي العالم للأخذ من ينابيع العلوم المتقدمة ليبدأ الفلسطينيون من حيث انتهى الآخرونوعدم إتباع المبدأ التقليدي القائم على التجربة والخطأ، فشعب فلسطين، وارض فلسطين عانيا من مخلفات استعمارية جمة تلاحقت عبر العصور السالفة بشتى أنواع وأشكال الاستعمار الأجنبي، الأوروبي والصهيوني. ولهذا لا بد من البدء ببداية جديدة تواكب التطورات الحضارية في مجالات الحكم المحلي للنهوض بأوضاع المجتمع المحلي الفلسطيني إلى الأمام دائما. وتكتسب عملية التدريب العملي أهمية كبرى في مجالات التنميةالمحلية في ربوع فلسطين ، وهذا التدريب لا بد من قيام معهد أو مؤسسة علمية تشرفعليه ليصون العملية العلمية قلبا وقالبا.
فالحاجة ماسة جدا لإنشاء معهد الحكم المحلي الفلسطيني أو المرصد الفلسطيني للحكم المحلي، ليكون تابعا لإحدى الجامعات الفلسطينية الكبرى ، في أحد مجالات العلوم السياسية أو الإدارة أو القانون العام، لتعزيز وتدعيم سياسة التنمية العامة والشاملة في فلسطين . ومن أهم أهداف وغايات هذا المعهد المحلي الفلسطيني المتعددة ما يلي:
أولا: تقديم الخدمات الاستشارية المتعلقة بالحكم المحلي للقائمين على هيئات الحكم المحلي في البلاد.
ثانيا: تقديم دورات دراسية نظرية وتدريبية عملية للقائمين على تدريس مواضيع الحكم المحلي أو الأفراد والقيادات التي تشارك في إدارة هيئات الحكمالمحلي في فلسطين والخارج .
ثالثا: تشجيع إجراء الأبحاث العلمية الخاصة بالحكم المحلي في فلسطين وخارجها واختيار النماذج الأنسب لفلسطين . وبهذا يصبح معهد الحكم المحلي الفلسطيني مركزا لتوثيق ودراسة أوضاع الحكم المحلي بشكل أكاديمي وعملي على أرضالواقع كأكاديمية لبحث شؤون الحكم المحلي الإدارية.
على أي حال، انسجاما مع أهداف وغايات معهد الحكم المحلي الفلسطيني، يفترض فيه أن يقوم بنشاطات تشتمل على الدورات التدريبية العملية والتدريسية النظرية في الآن ذاته لكبار موظفي الحكم المحلي في فلسطين ، وذلك ضمن برامج تدريبية مرة أو مرتين سنويا تستمر كل دورة منها مدة تتراوح مابين أربعة أسابيع وثمانية أسابيع لأولئك الذين يشغلون المراكز الأساسية في الحكم المحلي الذين لا تقل أعمارهم عن 25 سنة ولا تزيد عن 50 سنة . فمثلا يمكن أن تعقد الدورة الأولى في ربيع كل عام، والثانية في صيف أو خريف السنة ذاتها. أما بشأن هذه البرامج التدريبية في الحكم المحلي فمن الممكن أن تتضمن العمليات الإدارية في الحكم الحلي باستعمال أساليب متنوعة في التدريس والتدريب باستعمال الأفلام والحالات العملية في الحكم المحلي، أي دراسة حالات واقعية بالإضافة إلى القيام بزيارات ميدانية والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والحلقات الدراسية أو ورش العمل المتخصصة. وتهدف هذه البرامج التدريبية إلى توسيع مدارك المعارف الإدارية للمشتغلين بشؤون الحكم المحلي بصورة عملية وترجمة دور العاملين في الحكم المحلي إلى سلوك تنظيمي تبعا للظروف البيئية المتغيرة للحكم المحلي فالبرنامج التدريبي ينبغي أن يكون مرنا قابلا للإضافة والتغيير والحذف إذا اقتضت الضرورة ذلك . وكذلك تهدف الدورات التدريبية العملية والدراسية تنمية مواهب المشتغلين في إدارة هيئات الحكم المحلي في المدن والبلدات والقرى والخرب والعزب الفلسطينية. فمهمة هذه الدورات هي عملية تجديد المعلومات والتطبيقات العملية لدى الأعضاء المنتخبين لرئاسة وعضوية هيئات الحكم المحلي في فلسطين.
من جهة أخرى ، فانه ينتظر من معهد الحكم المحلي الفلسطيني أنيساعد في حل مشكلات إدارية أو عامه تواجه هيئات الحكم المحلي من خلال مساهمات الخبراء أو على شكل فريق عمل عبر دراسة حالة محلية وإيجاد حلول ملائمة لها وتقديم اقتراحات جاهزة لتفعيل الحكم المحلي عبر مجلس تدريب الحكم المحلي Local Government Training Boardأو عبر اللجان المحلية المشكلة من البلديات الكبرى في المدن الفلسطينية.
كما أن معهد الحكم المحلي الفلسطيني ( الجامعي ) يعمل على تشجيع إجراء البحوث المتعلقة بشتى أنظمة الحكم المحلي العالمية كدراسات رسائل أوأطروحات علمية أكاديمية وتنظيمية إدارية يمكن أن تتيح أمام معديها الحصول على درجاتعلمية عليا كدرجة الماجستير أو الدكتوراه من الجامعة التي ينشئ بها هذا المعهد أو بالتنسيق والتعاون الأكاديمي مع جامعات عربية أو عالمية. وهذا الأمر يتطلب منالمعهد المذكور تعزيز علاقاته العلمية والإدارية مع الأقسام والكليات الأخرى داخل الوطن وخارجه مع المعاهد والمؤسسات الدولية المماثلة حيث تتم عملية تبادل الخبرات والزيارات مع أعضاء هيئات التدريس والتدريب العالمية واستقطاب أفضل الكفاءاتالعلمية في ميادين الحكم المحلي . وكذلك يفترض السعي لتعيين عدد مناسب من الكفاءات العلمية المدربة من الخارج.
غني عن القول، إنه من المنتظر من معهد الحكم المحلي الفلسطيني أن يقوم بإصدار مجلات علمية متخصصة وكتب تهتم بمعالجات الحكم المحلي في الوطن وخارجه، ويمكن أن تكون هذه المجلات العلمية المتخصصة تصدر فصليا أي بمعدل أربع أعداد سنويا، وكذلك إصدار تقرير سنوي عن الحكم المحلي الفلسطيني. ويمكن أن تأخذهذه الدوريات العلمية أسماء مثل دراسات الحكم المحلي الفلسطيني Palestinian Local Government Studies أو اسم التعاون التخطيطي للحكم المحلي Corporate Planning: A Review of Corporate Planning and Management in Local Government وذلك لنشرالبيانات والدراسات واللقاءات المتعلقة بشؤون الحكم المحلي للتخطيط الجماعي في الحكم المحلي وسواها . وفي هذا المجال يمكن الاستفادة من تجربة ( معهد دراسات الحكم المحلي والإدارة ) بجامعة برمنجهام في بريطانيا الذي أسس في كانون الأول 1963 موأخذ اسم Institute of Local Government Studies & Administration. ويمكن أخذما يناسب الحكم المحلي الفلسطيني من المواد الدراسية والتدريبية النظرية والعملية التي تناولها معهد دراسات الحكم المحلي والإدارة في بريطانيا ( المملكة المتحدة) لتمكين الدارس أو الباحث من نيل درجة الماجستير في الإدارة العامة بعد أن يختار 4 مواد تدرس في الشعبتين، والذي ضم شعبتي الدول النامية والمملكة المتحدة. حيث ضمت شعبة الدول النامية: تخطيط وإدارة التنمية الريفية والاستراتيجيات الإدارية الضرورية للتنمية، وديناميكية التغيير في الدول النامية، والعملية الإدارية في الدول النامية ، ودور القطاع العام في التنمية ، والإدارة المقارنة للمدن والعواصم الكبرى . في حين ضمت شعبة المملكة المتحدة : دراسة وضع السياسات العامة في الحكم المحلي وإدارة الخدمات الصحية المؤممة ، ونظرية التنظيم وتطبيقاتها في الحكم المحلي، ونظرية تمثيل القرارات الإدارية ، ودراسة البيئةالمحيطة بالحكم المحلي ، وتمويل الإدارة المحلية، وإدارةالأفراد في الحكم المحلي .

(4) تعزيز برامج هيئات الحكم المحلي
لا بد من الاستفادة من تجارب أنظمة الحكم المحلي العربية والعالمية المعاصرة، لتبدأ فلسطين من حيث انتهى الآخرون، ولا تبدأ من تجربة الصفر ، بغية الانطلاق خطوات واسعة للأمام بدلا من إتباع سياسة التجربة والخطأ التي تكلف فلسطين ، كشعب ونظام سياسي ومحلي الوقت والجهد والمال الكثير ، فتوفيراً لكل ذلك يفترض أن توضع خطط تنمية فلسطينية اقتصادية واجتماعية شاملة ، تكون وحدات الحكم المحلي سواء المدينة أو البلدة أو القرية أو المخيم والمحافظة على نطاق أوسع ثم الانطلاق نحو النظام السياسي العام بصورة موسعة ، فالبدء بالجزء أكثر جدوى من الكل، فهناك محافظات منكوبة بشكل كبير وأخرى بشكل أقل فأقل. ويمكن الاسترشاد بتجربة البرامج العربية كنموذج مماثل قابل للتطبيق وأن كان بشكل شبه متوازن.
وأهم بنود السياسة العامة الفلسطينية لإنجاح وتقوية نظام الحكم المحلي ما يلي:
أولا: تعزيز نظام الشورى الديمقراطي لحل مشكلات الحكم المحلي عبر تطوير الهيئات المحلية ( قرى ومدن ومحافظات ) كونها تختص قانونيا بتخطيط وتنفيذ مشاريع جهود ذاتية وتتعاون في تنسيق الخدمات الحكومية العامة.
ثانيا: تنمية وتشجيع أساليب الخدمة الذاتية لتنمية الريف الفلسطيني بالمشاركة الشعبية – الحكومية حيث يقدم الأهالي عنصر العمل وتقدم الحكومة التجهيزات والخامات اللازمة لإنجاز المشاريع التطويرية بدلا من الاعتماد الكلي على الحكومة المركزية.
ثالثا: تركيز الخطة المطروحة على مشكلات اقتصادية واجتماعية أساسية للمجتمع المحلي الفلسطيني بدلا من التركيز على مشكلات فردية أو تهم جماعات صغيرة ، فيفترض وضع أولويات معينة لمستويات المجتمع المحلي بالاستعانة بخبراء ومهتمين بمجالات تطوير وتنمية المجتمعات المحلية ، وانتقاء المشاريع والأنشطة الملائمة. فإصلاح نظام الحكم المحلي الفلسطيني بجناحه الريفي المهمل منذ عشرات السنين خلال العهود السابقة وتبني المشاركة الشعبية يحد من هجرة المواطنين من الريف للمدن عبر تعزيز الثقة بالنفس وإيجاد مشاريع ضمن وحدات المجتمع المحلي .
(5) تنمية شاملة ومتكاملة للريف الفلسطيني
يشكل الريف الفلسطيني جزءا مهما من المجتمع الفلسطيني . وغني عن القول ، إن الريف الفلسطيني عانى من إهمال واضح ومبرمج طيلة العقود السابقة لسبب أو آخر، إما لأسباب سياسية أو عسكرية أو اقتصادية تتمثل بقلة أو انعدام التمويل لمشاريع التنمية. وعلى كل الأحوال ، يعتبر الريف الفلسطيني من القطاعات التي لم تأخذ بعد العناية المطلوبة حتى في العهد الوطني الفلسطيني الراهن بسبب ظلم الاحتلال وتسلطه على ثروات ومقدرات شعب فلسطين من المياه والكهرباء والصحة والاقتصاد وشبكات الصرف الصحي والهواتف وما إليها. فالريف في فلسطين كله أو غالبيته أو نصفه أو أكثر من ذلك أو اقل، يفتقد للخدمات الحيوية: وفيما يلي أهممتطلبات التنمية الفلسطينية الشاملة عموما والريفية على وجه الخصوص:
أولا: المياه : هناك قرى لا تصلها شبكات المياه ، كما إن المياه الفلسطينية تسيطر عليها قوات الاحتلال وتقوم ببيع هذه المياه لأصحابها الأصليين وهم أبناء شعب فلسطين بأثمان باهظة، كما أن كميات المياه المخصصة للمواطنين لا تكفي بينما يتم تخصيص كميات مياه وافرة للزراعة والصناعة اليهودية في أرض فلسطين. فالحاجة ماسة لتمديد شبكات مياه جديدة وصيانة القائم منها لتحاشي تسرب المياه بلا فائدة.
ثانيا : الكهرباء : يتلقى السواد الأعظم من المواطنين الفلسطينيين التيار الكهربائي من شبكة الكهرباء القطرية الإسرائيلية التي تعتبرالشركة المحتكرة للكهرباء في فلسطين مع ما يلازم ذلك من تحكم في الأسعار وفي قوة التيار الكهربائي الذي يصل للبيوت وقوة التيار الكهربائي الذي لا يكفي للصناعات وخاصة في القطاع الريفي. وقد بدأت بعض شركات الكهرباء في مدن فلسطينية تستعد لممارسة مهامها إلا أنها لم تزل تراوح مكانها عمليا . والأمر بحاجة إلى متابعة حثيثة لتزويد مدن وقرى فلسطين بتيار كهربائي فلسطيني المنشأ والأصل ، فأهل فلسطين أدرى بشعابها.
ثالثا: بناء المجمعات القروية : تعاني معظم قرى فلسطين من عدم وجود مجمعات قروية لخدمات حيوية إسكانية وصحية وتعليمية وثقافية وذلك رغم وجودموظفين في القطاع الحكومي العام. فهناك قرى بها أكثر من نصف عدد أرباب الأسر يعملون في القطاع الحكومي إلا أنهم لا يستفيدون من خدمات التأمين الصحي الذي يخصم من رواتبهم شهريا دون استفادة حقيقية من خدمات هذا التأمين الصحي الشامل نظريا ، فالحاجة ماسة لإنشاء عيادات صحية في كل قرية مما يساهم في تقريب المسافات وفي تخفيف الآم المرضى.
رابعا: بناء المدارس الثانوية : هناك الكثير من القرىا لفلسطينية التي لا يوجد بها صفوف أساسية كاملة ، أو صفوف للمرحلة الثانوية سواء للذكور أو الإناث. وهناك قرى لا يوجد بها صفوف للفرع العلمي علما بأن هناك عددا مقبولا كحد أدنى لافتتاح صفوف دراسية جديدة لتلبية احتياجات هؤلاء الطلبة مع ما يوفره ذلك على الأهالي ويشجع الفتيات الفلسطينيات على استكمال التعليم العام في ظروف جيدة. وعدم وجود فروع علمية في المدارس الريفية للإناث والذكور يقلل من فرصهم في متابعة مسيرتهم التعليمية في الجامعات المحلية والعربيةوالأجنبية . ومما يزيد الطين بله وجود المستعمرات اليهودية بين القرى والمدن واضطرار هؤلاء الطلبة إلى دراسة تخصصات لا تلبي رغباتهم ، كي لا يصطدموا مع قوات الاحتلال التي تتربص بهم الدوائر كلما ذهبوا أو أتوا للمدرسة خارج منطقتهم.
خامسا : شبكات المجاري والصرف الصحي : تعاني غالبية إن لم يكنكل قرى وبلدات الريف الفلسطيني من انعدام شبكات المجاري والصرف الصحي التي تساهم فيالحفاظ على الصحة والنظافة العامة . فهناك قرى وبلدات قريبة أصلا منالأودية التي تجري فيها المياه العادمة الآتية من شبكات الصرف الصحي للمدن الكبرىوالمخيمات القريبة منها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعاني قرى شرق نابلس مثل عزموط ودير الحطب وسالم وبيت فوريك وبيت دجن والتي يبلغ تعداد سكانها أكثر من ثلاثين ألف نسمة، من عدم وجود شبكة صرف صحي علما بأن وادي الشاجور الذي تمر به المياه العادمة القادمة من مدينة نابلس ومخيمات بلاطة وعسكر القديم والجديد، يمر من أراضي قرية عزموط ولا يبعد عن القرية إلا بعض عشرات من الأمتار، وهذا الأمر يشكل عبئا ثقيلا إضافيا على أعباء العيش في الريف الفلسطيني مع ما يكلف ذلك من تبعات مالية شهرية وسنوية متصاعدة . والأجدى بهيئات الحكم المحلي مجتمعة بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي والمجلس الاقتصادي الفلسطيني المبادرة لتنفيذ هذاالمشروع الحيوي لسكان المنطقة المذكورة.
سادسا : إنشاء النوادي الاجتماعية والثقافية والرياضية : تعاني معظم قرى فلسطين من قلة أو انعدام خدمات النوادي الاجتماعية والثقافية والترفيهية والرياضية ولهذا تبرز الحاجة إلى إنشاء مكتبات عامة تابعة لمجلس خدمات مشتركة ، وتنظيم مخيمات صيفية وترفيهية وخاصة في فصل الصيف للكبار والصغار للترويح عن المواطنين الفلسطينيين.
سابعا: تشجيع الاستثمار في الريف : وذلك عبر سن قوانين محفزة، فعملية تشجيع الاستثمار في بلدات وقرى فلسطين تساهم في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين، وتساعد في تنمية الريف بصورة عامة وبالتالي المساهمة في دعم صمود المواطنين فوق أرضهم، أرض آبائهم وأجدادهم . ويمكن أن يشمل تشجيع الاستثمارالصناعات الريفية والعصرية والتنمية الزراعية الأفقية والرأسية والإسكان الجماعي.
ثامنا : تطوير المخططات الهيكلية الريفية بإضافة مساحات جديدة لها، والسماح بتعدد الطوابق للمباني لتشجيع حركة العمران، فأنظمة الأبنية الريفية ما زالت قديمة عفا عليها الزمن وبحاجة إلى تطوير والأخذ بطريقة ترخيص المباني على النمط الحضري في المدن لتقليل استعمال الأراضي الزراعية للبناء، والحفاظ علىالزراعة الفلسطينية.
وكل هذه المشكلات والمعوقات التي تواجهها بلدات وقرى فلسطين تجعل الشباب الفلسطيني فريسة سهلة للهجرة الداخلية والخارجية وتفريغ الريف من فئات المتعلمين والمثقفين ، فبعض هؤلاء الشباب ، وحدهم أو مع أسرهم يتركون الريف ويذهبون للسكنى في المدن، مع ما يسبب ذلك من تفريغ للأرض الفلسطينية وجعلها لقمة سائغة أمام طموحات وجشع المستوطنين اليهود الغرباء على هذه البلاد.
ولهذا لا بد من تضافر كافة الجهود الشعبية والرسمية من المواطنين والحكومة بوزارتها المختلفة وهيئات الحكم المحلي والجهات المانحة للعمل على إعطاء التنمية الريفية حقها بصورة فعلية لا نظرية، فالوضع الآن لا يتحمل المماطلة والتهرب من تحمل المسئوليات لتعزيز صمود أبناء فلسطين في أرض فلسطين كأرض عربية إسلامية.

(6) تنمية قيادة هيئات الحكم المحلي الفلسطيني
من المفترض وضع برامج تدريبية لرؤساء وأعضاء مجالس هيئات الحكمالمحلي في فلسطين ، وذلك بغية رفع كفاءتهم بتزويدهم بالمعارف والمهارات والخبراتالضرورية لإنجاح عمل نظام الحكم المحلي في . ويمكن أن يتم التدريب من خلالتزويد المشاركين في دورات الحكم المحلي المقترحة بالكتب المتعلقة بأنظمة الحكم المحلي العالمية وخاصة نظام الحكم المحلي الفلسطيني الجديد ، وتنظيم محاضرات وندوات ومؤتمرات وحلقات دراسية ومجموعات عمل تتلقى علوما نظرية وتدريبات عملية على كيفية إدارة هيئة الحكم المحلي، والتدريب الميداني يشمل زيارات لهيئات محلية كبرى ناجحة في فلسطين والدول العربية والخارج بتمويل محلي ووطني فلسطيني وعربي وأجنبي للاستفادة من تجارب الآخرين في المحليات. ومن المفضل أن تشتمل المحاضرات والندوات والمؤتمرات الدورية الكبرى على نطاق المحافظة أو على الصعيد الفلسطيني العام (سنوية مثلا ) أهداف الحكم المحلي، وخصائص أنظمة الحكم المحلي وخاصة النظام المحلي الفلسطيني ، وقانون الهيئات المحلية وقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية ،والشؤون المالية والإدارية ، وإعداد الموازنات والقوائم المالية للهيئة المحلية ، وتطوير المهارات الفنية بالهيئة المحلية مثل، جدول أعمال المجلس، طرق تنظيم جلسات مجلس الهيئة المحلية، وأساليب المناقشة والحوار الداخلي وكيفية اتخاذ القرارات المحلية الناجحة ، وأساليب المتابعة والتقييم والتقويم وتشكيل اللجان الفرعية للهيئة المحلية ، والمجلس الاستشاري وطرق القيادة المحلية الناجحة والإشراف على المشاريع القائمة والجديدة، ودور المجالس المحلية في تنمية المجتمع بالتمويل الاستثماري في المشاريع الحيوية وسواها من المواضيع . وكذلك ترتيب زيارات ميدانية وتشكيل خلايا بحث علمي كل خلية يشرف عليها موجه مختص بقضايا الحكم المحلي.
(7) الإنارة العامة في المدن والقرى الفلسطينية
برأينا، هناك عشرات الشوارع في المدن، ومعظم إن لم يكن كافة الشوارع في الريف الفلسطيني غير مضاءة وهي بحاجة إلى إنارة من جديد ، فبعض مصابيح هذهالشوارع أتلفت وكثير من الشوارع لم تكن مضاءة أصلا ، وهذا الأمر بحاجة إلى تفكيرجدي لمتابعته ، وهناك مجمعات قروية بحاجة لإضاءة لتسهيل وصول الناس لها ليلا. ويقع ذلك على عاتق الهيئات المحلية الفلسطينية، فهي صاحبة الاختصاص والصلاحيات ولديها الموازنات السنوية الخاصة بالخدمات الحيوية والعامة . وهذه المسالة لا تحتاج إلى كثير من الأموال بل تحتاج إلى إدارة صحيحة ومتابعة من ذوي العلاقة ، فهناك أقساما فنية في كل هيئة محلية في البلاد يمكن أن تقوم بهذا الدور في غضون فترة زمنية قصيرة إذا ما توفرت الإرادة والتمويل اللازم . ورب قائل يقول ، إن شبكات المياه والكهرباء بحاجة إلى تبديل وتغيير وهذا الأمر صحيحا إلا أننا لا يمكن أن لا نولي هذه المسألة الاهتمام اللازم وخاصة في ظل انتشار الفوضى في ظل الاحتلال الصهيوني المتسلط على رقاب أبناء شعب فلسطين.
(8) تسمية الشوارع وترقيم المساكن والعقارات
نرى أنه من ضمن أولويات عمل الهيئات المحلية الفلسطينية المقبل ، يفترض أن يكون إطلاق أسماء على الشوارع وترقيم المساكن والعقارات في مختلف المدنوالبلدات والقرى الفلسطينية وذلك لمواكبة احتياجات المرحلة العصرية من حياة أبناءشعب فلسطين، وهي مسألة بسيطة يفترض أن تنفذ بسرعة فهي مظهر من المظاهر الحضارية للمدن والقرى الفلسطينية . فهناك مدن بلا أسماء شوارع ، وأما البلدات وهي المدن المتوسطة الحجم والقرى الفلسطينية فلا أسماء بتاتا لشوارعها وطرقها وأزقتها. فكماهو الحال في المدن في العالم، يجب أن تراعى كافة الخصائص من خصائص تاريخية وجغرافية وطبوغرافية عصرية وتركيب معماري وتوقعات التوسع العمراني والظروف الاجتماعية والبساطة والمرونة وفق أنظمة التخطيط العامة للمدن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والقرى في فلسطين بإتباع طرق عصرية لهذه الغاية . ويجدر الأخذ بعين الاعتبار المناطق المستحدثة في الأسماء وفق التصميم الشبكي والتسلسل الهرمي للشوارع واعتماد المدارس والمساجد والأبنية الحكومية للتمييز في نقاط التركيز والبداية والخطوط القاعدية. وفيما يتعلق بالمساكن أو البيوت والعقارات فالأفضل أن تسمى المساكن والعمارات والمنشآت بكل شارع أرقاما متسلسلة فردية وزوجية . وتأتي هذه التسمية للشوارع والبيوت والعقارات لتسهيل عمليات التنظيم والتخطيط الحضري والعمراني للمرحلتين الراهنة والمستقبلية كنواة من أنوية التنمية الشاملة.
ويمكن تقسيم المدن المتوسطة ( البلدات ) والقرى الفلسطينية إلى قطاعات، وتقسيم القطاعات إلى أحياء على أن تكون هناك فواصل بين هذه القطاعات طبيعية جغرافية أو شوارع وطرق رئيسية . وهذه المسألة تعطي المواطن الفلسطيني أهمية بالأمكنة والشوارع ، وترمز أسماء هذه الشوارع إلى أسماء شهيرة في التاريخ الإسلامي والعربي والفلسطيني . كأسماء الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين والعثمانيين وغيرهم. وأسماء صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين والتابعين، وقادة الفتح العربي الإسلامي والأئمة والفقهاء والمعارك الإسلامية الشهيرة، وشهداء فلسطين والوطن العربي ، وأسماءالعلماء والشعراء ، وأسماء المدن والقرى الفلسطينية والعربية والإسلامية ، وأسماء الأودية والأنهار والبحار والجبال الفلسطينية.
ويمكن أن يشتمل مشروع تسمية الشوارع والبيوت والعقاراتعلى تنفيذ لوحات أسماء الشوارع الفلسطينية الرئيسية ولوحات الشوارع الفرعية وترقيم العقارات الفلسطينية ، واللوحات التوجيهية والإرشادية على مرحلة أو مراحل متعددة تسهيلا لتنفيذها وفق أسس علمية ، وسعي الهيئة المحلية للحفاظ على هذه الأسماء . ويمكن أن تقوم بهذه المهمة الهيئات المحلية بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي الفلسطينية ، والمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والأعمار باشتراك خبراء محليين في هذا المجال .
وتهدف هذه التسميات والترقيمات إلى عدة غايات توفر الوقت والجهد والمال في الآن ذاته، ومن أهم هذه الأهداف والغايات المتوخاة من عملية تسمية الشوارع والأحياء وترقيم البيوت والعمارات والمنشآت ما يلي :
(1) تعريف المواطن بمكان سكنه ، ورمزية ذلك المكان والاسم الذي يتخذه الشارع أو البيت.
(2) تسهيل عملية وصول الخدمات العامة للمواطنين مثل الماء والكهرباء والزيارات من خارج المنطقة المأهولة.
(3) تسهيل وصول خدمات الطوارئ والدفاع المدني والإسعاف الأولي في حالة وقوع كارثة طبيعية .
(4) تسهيل عملية توزيع قوى الأمن والشرطة الفلسطينية ووصول قوى الأمن والشرطة لحل نزاعات ومشكلات معينة.
(5) تسهيل وصول خدمات البناء والصيانة العامة .
(6) تسهيل وصول البريد العادي.
(9) تشكيل مجالس مساعدة للهيئات المحلية- مجالس استشارية
تتمثل في إنشاء مجلس استشاري من مسئولي المؤسسات والفعالياتا لاجتماعية والاقتصادية والطلابية والعمالية والنسوية وغيرها، ومجلس بلدي الأطفال لكل هيئة محلية . تهدف هذه المجالس المساعدة، لمعاونة الهيئات المحلية في تنفيذ برامجها التطويرية والخدمية العامة، وتكون لهذه المجالس صفة استشارية فقط وليس لها حق اتخاذ القرارات فيما يتعلق بفعاليات ونشاطات الحكم المحلي في كل وحدة إدارية في المدن والقرى الفلسطينية . وهناك بعض الهيئات المحلية التي عملت على تطبيق هذه السياسة المحلية لضمان مشاركة جماهيرية أفضل من قطاعات رديفة للهيئة المحلية تعمل على إنجاح النشاطات والمشاريع بشكل إيجابي وتقليل الحساسيات العائلية والحزبية وغيرها.
(10) إنشاء مناطق صناعية أو حرفية خارج المناطق السكنية
يلاحظ أن معظم الصناعات كورش الحدادة والنجارة ومعامل الطوب والبلاط ومناشير الحجر في المدن الكبرى والمتوسطة تقوم في وسط الأحياء السكنية ، فهذه فوضى صناعية تؤدي إلى إزعاج كبير للمواطنين بوساطة الضجيج والضوضاء وتلوث الهواء داخل الأسواق والمكارة الصحية، والأمر يستدعي إيجاد مناطق صناعية متكاملةقريبة من المدن خارج هذه الأحياء السكنية لتكون ملائمة للمتطلبات الصحية والمهنية على أكمل وجه ممكن.
(11) إعادة تنظيم مواقف المركبات والأسواق التجارية
تنتشر مواقف السيارات العامة والخاصة في مختلف أرجاء المدن بدون تنظيم هندسي مناسب ، ومن الضروري العمل على إعادة تنظيم هذه المواقف أوالمحطات للتسهيل على المواطنين ، وهناك تجارب بلدية في هذا المجال نفذته بلدية البيرة وبلدية نابلس يساهم في التخفيف عن كاهل المواطنين وتتمثل هذه التجربةالجديدة في بناء بناية كبيرة تتألف من عدة طوابق كما حدث في مدينة نابلس حيث تمتشييد بناء مؤلف من تسعة أدوار تعمل على تجميع محطات المركبات والحافلات في أماكن قريبة من الأسواق لإيجاد الراحة والطمأنينة لدى المواطنين . وكذلك فإن الأسواق المحلية في المدن والقرى بحاجة إلى إعادة تنظيم على أسس هندسية عصرية ملائمة ومعالجة شؤون البسطات التي تنتشر هناك وهناك على أرصفة الشوارع الرئيسية، وهذاالأمر بحاجة لحل جذري وليس مؤقتا وذلك لإضفاء المنظر الجمالي والحضاري على أسواقالمدن والقرى الفلسطينية ، والحد من أزمة السير التي تسببها هذه البسطات التي تباعفيها الألبسة والمأكولات والخضار والفواكه وسواها .

(12) الاهتمام بالسياحة الداخلية الفلسطينية
يفترض أن يتم ايلاء السياحة الداخلية الفلسطينية اهتماما خاصا من قبل الهيئات المحلية الفلسطينية بإنشاء متنزهات محلية وقومية والاهتمام بترميما لأماكن الدينية وإقامة النصب التذكارية والتي تساهم في الترويح عن المواطنين من جهة وتغذي فرعا مهما من فروع الاقتصاد الوطني الفلسطيني المتمثل بالسياحة.
واعتمادا على ما عرض وتمت مناقشته نظريا وعمليا ، من بيانات ونتائج واستخلاص ، في دراسة الحكم المحلي في فلسطين، عبر التاريخ الماضي والحاضر،فإنه لا بد من استشراف المستقبل ، هناك عدة توصيات عامة يرى الباحث أن عملية تنفيذها على ارض الواقع تعمل على تحقيق المصلحة الوطنية العليا على الصعيد المحلي الفلسطيني والنهوض بأوضاع الهيئات المحلية العامة في فلسطين، والارتقاء بمستوياتالأداء المحلي وزيادة إنتاجية الهيئات المحلية الكبرى والمتوسطة والصغرى، في مجالات الخدمات العامة كالماء والكهرباء والصرف الصحي ، والتخطيط الحضري والريفي ، وبناء المرافق البلدية العامة ، والمكتبات البلدية العامة وسواها .
ومن أهم التوصيات التي يمكن إيرادها
أولا : جعل المهمة الأساسية لوزارة الحكم المحلي العمل على وضع السياسة العامة والتخطيط ومتابعة عملية التنفيذ العام. وكفالة الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري للهيئات المحلية. وتدعيم سياسة التوجه نحو اللامركزيةعلى خريطة الحكم المحلي في فلسطين ، بمنح هيئات الحكم المحلي صلاحيات عامة في مجالات الخدمة البلدية المحلية . وتعزيزا لدور اتحاد الهيئات المحلية لتكون الهيئات المحلية تحت إشراق قيادة مركزية موحدة. وإنشاء وزارة خاصة بالمهجرين الفلسطينيين ( اللاجئين والنازحين عن ديارهم الأصلية) في ارض الوطن والشتات، يكون من مهام هذه الوزارة متابعة شؤون المهجرين الفلسطينيين في المخيماتالفلسطينية في الداخل والخارج، ومن بينها الإشراف على لجان المخيمات الفلسطينية، خدميا وتنمويا وإداريا وتنظيم الانتخابات المحلية للمخيمات الفلسطينية لتكون بمثابة رديف لوزارة الحكم المحلي المختصة بالهيئات المحلية في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية .
ثانيا : منح البلديات الكبرى صلاحيات واسعة في مجالات التخطيط العمراني وتنفيذ مشاريع البنى التحتية .
ثالثا : تشكيل أمانة جديدة للقدس الشريف تقوم بمتابعة الخدمات للمواطنين في هذه المدينة باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية.
رابعا : زيادة الاعتماد المالي على الذات المحلية الفلسطينية، من خلال إيجاد مشاريع خدمية تدر تدريجيا دخلا متزايدا على هيئات الحكم المحلي،وتقليل الاعتماد على الآخرين على المديين المتوسط والبعيد.
خامسا : تفعيل مؤسسات الحكم المحلي عبر تنظيم دورات تدريبية لرؤساء وأعضاء الهيئات المحلية والعاملين في المرافق التابعة لهذه الهيئات. وأتباع نظام الحوافز المادية والمعنوية للمبدعين في تقديم الخدمات المحلية العامة.
سادسا : تعزيز العلاقات البلدية الداخلية بتقوية أواصر التعاون البلدي والقروي الفلسطيني لتأخذ المجالس البلدية الصغيرة والمجالس القروية خبرات متزايدة من الهيئات الكبرى لما يحققه ذلك من منافع جمة في خدمة جمهور شعب فلسطين في كافة أرجاء البلاد.
سابعا : تعزيز دور الهيئات المحلية في المجتمع ، وتطويرالخدمات المقدمة للمواطنين في مجالات الكهرباء والماء وفتح وتعبيد وإضاءة الشوارع والطرقات والخدمات الصحية العامة وإنشاء شبكات صرف صحي للبلدات المتوسطة والقرى القريبة من الأودية السحيقة التي تجري بها مجاري المياه العادمة . وزيادة الاهتمامبمراقبة الأغذية والأطعمة.
ثامنا : تعميق أواصر التعاون البلدي والقروي الفلسطيني مع الهيئات المحلية العربية والإسلامية والعالمية وزيادة حالات التوأمة البلدية والتآخي بين المدن والقرى الفلسطينية ومثيلاتها في العالم. وكذلك تقوية اتحاد الهيئات المحلية الفلسطيني.
تاسعا : إجراء انتخابات محلية دورية منتظمة حرة ونزيهة لتسييرشؤون هيئات الحكم المحلي وعدم الاعتماد على طريقة التعيين العشائري والمحسوبية. ورفد الجسم المحلي الفلسطيني بدماء جديدة وأخرى ذات خبرة ودراية فيمجال إدارة الشؤون المحلية، وعدم التصارع التنظيمي البعيد عن الشفافية.
عاشرا : سن القوانين العصرية لتنظيم شؤون هيئات الحكم المحلي في البلاد.
حادي عشر : إنشاء مكتبات بلدية عامة، وتطوير القائم منها لرفد الثقافة الفلسطينية بجيل فلسطيني قادر على مواجهة التحديات.
ثاني عشر : تقوية أسس التعاون مع المجلس الفلسطيني للتنمية والأعمار، وتوزيع متوازن للخدمات على مستوى فلسطين ، مع التركيز على المدن والقرىا لفلسطينية المنكوبة كمناطق تطوير ( أ).
ثالث عشر : إنشاء معهد الحكم المحلي الفلسطيني ، ودعم وتشجيععملية إجراء الأبحاث المتعلقة بهيئات الحكم المحلي معنويا وماليا بصورة منتظمة.
رابع عشر : تعزيز خدمات الدفاع المدني الفلسطيني التي تقوم بهاالبلديات، وإنشاء مراكز دفاع مدني جديدة في كافة مراكز الهيئات المحلية.
خامس عشر : وضع المخططات الهيكلية المستقبلية للمدن والقرى والخرب والعزب الفلسطينية لتلبية احتياجات شعب فلسطين خلال الخمسين سنة المقبلة. وإعادة تنظيم الشوارع لمواكبة احتياجات المرحلة ، والعمل على تنظيم المرور عبرالإشارات الضوئية عند مفترقات الطرق والشوارع الرئيسة، والمواظبة على تنظيمالأسواق العامة، وإيلاء الصحة العامة أهمية مناسبة.
سادس عشر : إتباع نظام المحاسبة الدورية والشفافية المالية في الهيئات المحلية الفلسطينية وفق مبدأ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
سابع عشر : إطلاق أسماء على الشوارع في الريف الفلسطيني من بلدات وقرى وعزب وخرب.
ثامن عشر : ترشيد عمليات استخدام المياه، والحفاظ على البيئة لتبقى فلسطين خضراء وجميلة.
تاسع عشر:العمل على الاهتمام بالموظفين العاملين في مرافق الهيئات المحلية في البلاد، بشكل يحفظ لهم حقوقهم كاملة ، والعمل على إنصاف المظلومين منهم ، وتثبيتهم، وأتباع نظام التقاعد والضمان الاجتماعي للعاملين فيهذه الهيئات.
عشرون:استخدام طريق الحوار المفتوح بين مسئولي الهيئات المحلية والمواطنين بشكل دوري منتظم .
واحد وعشرون : تأسيس المعهد الوطني للحكم المحلي ، والعمل على إدراج تدريس مادة الحكم المحلي في فلسطين في الجامعات الفلسطينية ، وتشجيع الدراسات والأبحاث المتعلقة بالحكم المحلي ، لما لذلك من أهمية في زيادة تفعيل هيئات الحكم المحلي.
ثاني وعشرون : زيادة الاهتمام بالسلطات المحلية العربية في فلسطين المحتلة عام 1948 (الجليل والمثلث والنقب والساحل) ودعمها في المجالات المادية والمعنوية والحفاظ على أواصر التعاون والتعاضد بينها وبين بقية الهيئات المحلية الفلسطينية في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس من جهة والهيئات المحلية العربية والإسلامية والعالمية من جهة ثانية.
ثالث وعشرون : تطوير برامج التنمية والتعمير الوطني ليكون نطاق عمل الهيئة المحلية نواة صلبة لها، عبر برنامج تشجير فلسطين الخضراء، والتحريج الوطني، وإنشاء المتنزهات الوطنية الكبرى.
رابع وعشرون : الاهتمام بجوده المياه الجوفية واستغلالها وتحسين نوعيتها.
خامس وعشرون : سن النظام التشريعي الأمثل لهيئات الحكم المحلي عبر تطوير القوانين الموجودة بما يخدم المصلحة المحلية والمصلحة الوطنية العليا.
وتوزيع السلطات الإدارية بين الهيئات المحلية والحكومة المركزية الفلسطينية وتمكي نالهيئات المحلية من ممارسة صلاحيات أكثر شمولا وعمقا.
سادس وعشرون : تطوير النظام الإداري للحكم المحلي في فلسطين بوساطة زيادة عدد مجالس الخدمات المشتركة لتوحيد الخدمات الحيوية والاستفادة منالأجهزة ذات الكفاءة. وتشكيل لجان متخصصة متعددة لمعاونة المجالس البلدية، بغية زيادة الإنجاز وتطبيق نظام الحوافز المادية عبر استقطاب الكفاءات الإدارية والفنية وتوظيفهم في الهيئات المحلية كمتفرغين أو كأعضاء فاعلين في مجلس الهيئة المحلية. وتقديم جوائز تقديرية للعاملين في الهيئات المحلية تقديرا لجهودهم الإبداعية المتفانية لتفعيل نشاطات الهيئات المحلية.
سابع وعشرون : إيلاء التنمية الريفية اهتماما أكبر في المجالاتالاقتصادية والاجتماعية، لتكون ضمن الخطة الوطنية العامة الشاملة.

* دكتوراه علوم سياسية
جامعة فلسطين التقنية / طولكرم

نشرت في جريدة الحياة الحياة ، رام الله - فلسطين ، يوم السبت 12/8/2006 صفحة 7 ، وفي 13/8/2006 صفحة 10 ، و14/8/2006 صفحة 8 ، و15/8/2006 صفحة 10 .

ليست هناك تعليقات: