الاثنين، 30 يونيو 2008

وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا .. المصارف الإسلامية

وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ..

المصارف الإسلامية

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي جعل الإسلام هاديا للبشرية جمعاء في كافة الشؤون العامة والخاصة ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد ،
أيها الإخوة والأخوات الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أهلا وسهلا ومرحبا بكم في هذه الحلقة من المجلة الإسلامية ( آفاق إيمانية ) .
في هذا الطرح الإسلامي : ابتعدوا عن الربا واتجهوا إلى المصارف الإسلامية إن لزم الأمر .. وإلجأوا للقرض الحسن افضل بكثير لكم ولأموالكم ولإسلامكم العظيم .. وابتعدوا عن البنوك الربوية مهما كانت الظروف .. لنتعرف على أبرز معالم البنوك الإسلامية الواقع والأسس والمنطلقات .
في الوقت الحاضر ، كثرت الحاجة الماسة للمال لتسيير شؤون الناس الاقتصادية والاجتماعية من الزواج أو متابعة التعليم العالي ، أو إنشاء المشاريع الاقتصادية الاستثمارية أو بناء المساكن والشقق أو شراء الآلات أو السيارات الفارهة وما إلى ذلك . وفي حالات كثيرة يلجأ الإنسان إلى الاقتراض أو الاستدانة من البنوك التقليدية الربوية أو الشركات المنتشرة هنا وهناك في مختلف المواقع ، وتطلب هذه البنوك أو الشركات الربا أي الزيادة في المال المدفوع مقابل استخدام الشخص للمال لفترة زمنية محددة سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات أو أكثر ، وغالبا ما يتم اقتطاع نسبة الربا أو ما تسمى بالفائدة بصورة مسبقة من إجمالي المبلغ المطلوب كقرض ربوي أو ما يطلق عليه قرض إنتاجي أو استثماري .
والإسلام العظيم عالج هذه المسالة ، مسألة الربا ، وحرمها من جذورها ، فقال الله العزيز الحكيم سبحانه وتعالى من القرآن الكريم : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) } ( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله الحي القيوم سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) }( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 9 / ص 315) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ) . وجاء بمسند أحمد - (ج 8 / ص 74) وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ ) . كما ورد بمسند أحمد - (ج 8 / ص 153) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ قَالَ وَقَالَ مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) .
وورد بصحيح البخاري - (ج 7 / ص 215) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ ) .
فلنكن أخي المسلم الكريم ، أختي المسلمة الكريمة ، ممن يعملون على اكتساب الرزق والمال من الأبواب الحلال وهي كثيرة لأن فيها بركة ، أما أموال الربا وأموال السحت والاحتكار والخطيئة والسرقات المباشرة وغير المباشرة من الآخرين ، فيمحقها الله محقا ولا يربيها . ولا بد من الإشارة إلى أن الإنسان قد يظن أن الربا يعمل على تسهيل بعض أمور الإنسان للوهلة الأولى ألا انه سرعان ما يكتشف أن الربا مهلك لجهده وماله ويعمل على زيادة التوتر الإنساني والنفسي للفرد وللجماعة وللمجتمع بعامة على حد سواء . فتبدو العلاقات وكأنها قائمة على الاستغلال البشع لحاجة الإنسان الآخر ، ولنعمل على إتباع مبدأ القرض الحسن لأن أجره عند الله عظيم .
وجاء بصحيح البخاري - (ج 1 / ص 72) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُولُ : ( إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا ) . كما جاء بسنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 276) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ ) . فطوبى للذين يقرضون الناس من ذوي الحاجة دون تبعات مالية زائدة وإنما يبتغون وجه الله وتفريج الكرب على المسلمين . فقد جاء بصحيح مسلم - (ج 13 / ص 212) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) . وأما الذين يرغبون في الاستثمار فنقول لهم اتبعوا النظام الاقتصادي الإسلامي أفضل لكم ولأسركم ولمجتمعكم ، والله يرزق من يشاء بغير حساب .
أيها الأخوة والأخوات الكرام ..
أحل الله العزيز الحكيم البيع وحرم الله الربا تحريما قطعيا ودعانا للالتزام بذلك ، ولكن البيع أيضا له معايير ومحددات وحثنا الله جل جلاله على ترك البيع وقت الصلاة ، يقول الله الحميد المجيد : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}( القرآن الحكيم ، الجمعة ) . وجاء بصحيح البخاري - (ج 7 / ص 252) عن البيع ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ) .

المصارف الإسلامية
أيها الإخوة والأخوات الكرام ..
في أتون الأنظمة المصرفية في العالم ، برز النظام المصرفي الإسلامي العصري الحديث المستند إلى الكتاب الرباني ( القرآن الكريم ) والسنة النبوية الشريفة وأصول القواعد الشرعية المنبثقة عن الاجتهاد والقياس .
وفكرة العمل المصرفي الحديث وإنشاء المصارف أو البنوك الإسلامية على أرض الواقع ظهرت بصورة واضحة لا لبس ولا غموض فيها في أعقاب بيان صادر عن المؤتمر الثاني لوزراء مالية الدول الإسلامية في مدينة جدة السعودية بين 22 – 25 رجب 1394 هجرية الموافق ما بين 13 - 16 آب 1974 ميلادية حيث تمت الموافقة في هذا المؤتمر على إنشاء ( البنك الإسلامي للتنمية ) وانشأ هذا البنك بشكل حقيقي في تشرين الأول عام 1975 وبدأ عمله على تنفيذ العمليات المالية برأسمال معلن قدره ألفا مليون دينار إسلامي .
والبنك الإسلامي ، أي بنك إسلامي له أهداف وغايات جليلة ، فحسب ما جاء في أهداف وغايات البنك الإسلامي للتنمية يهدف البنك إلى : دعم التنمية الاقتصادية والتقدم لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقا لمبادئ الشريعة .
على أي حال ، إن الوظائف والأعمال الأساسية المصرفية تتمثل في المالية والتجارية والاستثمارية والسياحية والأثرية الإسلامية وإنشاء المشاريع والتصنيع وإنشاء المدارس والجامعات الخاصة والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وسواها بصورة عامة شاملة . وتعمل المصارف الإسلامية على توزيع الزكاة على المصارف الشرعية الثمانية عند نهاية العام وبهذا فان المصرف الإسلامي ينفرد بهذه الخاصية وهو إخراج نصيب الزكاة للفقراء والمحتاجين وابن السبيل وباقي مصارف الزكاة الإسلامية الشرعية .
وللمصارف الإسلامية فلسفة مصرفية مميزة عن بقية المصارف التقليدية الرأسمالية أو الاشتراكية الأخرى المنتشرة هنا وهناك ، ومن أبرز مبادئ النظام المصرفي الإسلامي :
أولا : الرغبة في الالتزام بالأحكام الشريعة الإسلامية والعمل بمبدأ الربح الشرعي ونبذ الربا المحرم شرعا ، فالربح ينجم عن البيع والأعمال المصرفية بعكس الربا الذي حرمه الله عز وجل وقال في القرآن المجيد : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} ( القرآن المجيد ، البقرة ) . وهذا كلام إلهي واضح ، بتحليل البيع والربح وتحريم الربا قطعيا لمشكلاته وتبعاته الظالمة القاهرة لطرف محتاج للمال من الطرفين .
ثانيا : إتباع عدة طرق مصرفية للتمويل المصرفي الإسلامي ومن أهمها : المرابحة والمضاربة والمشاركة .
1. المرابحة
هي إن يشتري المصرف الإسلامي بضاعة محددة أولا وبعد ذلك يقوم ببيعها نقدا أو بالتقسيط لشخص طبيعي أو شركة أو غيرها بسعر أعلى . وهذه الطريقة اعني المرابحة هي أكثر الطرق الإسلامية للكسب الحلال دون اللجوء إلى التعامل الربوي المحرم ، وهناك عدة شروط ومعايير يشترط توفرها لتنفيذ طريقة المرابحة التي تمر بمرحلتين .
2. المضاربة
تعني المضاربة تعاون وتشارك طرفين في العملية المالية المصرفية ، الطرف الأول يساهم بالخبرة والمؤهل العلمي أو كليهما ويساهم الطرف الثاني بالتمويل المالي بالاتفاق على نسبة ربح معروفة محددة ، كأن تكون النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من النسب المئوية .
3. المشاركة
تعني تشارك الطرفين في المال والخبرة أو كليهما وفق مبدأ تشاركي تعاوني يأخذ كل واحد من الطرفين نصيبه من الربح العام ويتحمل نسبة من الخسارة حسب نسبته المتفق عليها في الربح .
ثالثا : المصرف الإسلامي يكون ذا شخصية اعتبارية مستقلة : أي لا يكون فرعا لأي مصرف ربوي رأسمالي مهما كان اسمه أو مكان التأسيس والإنشاء .
رابعا : رغبة المصرف الإسلامي في تنفيذ الأحكام المالية الشرعية للمسلمين للتسهيل عليهم في شؤون حياتهم اليومية العامة ، وهذا نابع من أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض المصارف العالمية قامت بإنشاء فروع لهذه المصارف على أسس إسلامية نظرية أو عملية ، لزيادة أرباحها في العالم ، ونقول بهذا الصدد إن الإسلام دين الفطرة ، وهو دين حضاري وعصري في الوقت ذاته إلا انه يرفض أن تكون أنظمته المصرفية فرعا أو هامشا لأي نظام اقتصادي أو مصرفي فالنظام الاقتصادي الإسلامي بعامة والمصرفي بخاصة هو نظام مستقل وله الأحكام والقواعد الشرعية ولن يكون جزءاً من أي نظام اقتصادي أو مالي بئيس .
وأخيرا ، إن بعض علماء المسلمين أو المسلمين العاديين يتوجسون خيفة من التعامل بالنظام المصرفي الإسلامي إلا أن جمهور العلماء المسلمين الأفاضل أفتوا بجواز العمل المصرفي الحقيقي بصورة فعلية وليس اسمية ، ومن ضمنها الفتوى الشرعية التي أصدرها مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين الذي يبيح التعامل بالنظام المصرفي أو البنكي الإسلامي المستند للقرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة .
وبهذا فان المعاملات المالية وفق النظام المصرفي الإسلامي المحدد والمبرمج هو شرعي ولا إثم من التعامل به ، ويجب على كل واحد فينا نحن أبناء الإسلام أن نكون حذرين من التعامل بالربا الذي يوتر العلاقات المالية بين الناس ويساعد على ظهور التباين المالي بين الأغنياء والفقراء ويستغل فيه الإنسان لأخيه الإنسان أبشع استغلال . ويجب أن نلتزم بكتاب الله في هذا المجال الذي يحرم التعامل بالربا بصورة قطعية باتة بتاتا مطلقا .
وغني عن القول ، إن الأنظمة الإسلامية المصرفية هي أنظمة تسعى إلى تحقيق العدل والاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وإدخال الطمأنينة إلى الفرد والجماعة والمجتمع المسلم بعامة ، فلنكن حذرين من التعامل مع الأنظمة الربوية سواء في الإيداع أو التوفير أو الاقتراض ، ولنعمل على إحقاق النظام الإسلامي الشامل غير الربوي في كافة شؤون حياتنا العامة والخاصة لننال رضى الله في الدارين : الدنيا والآخرة ونساهم في بناء لبنات المجتمع الإسلامي .

وهكذا أيها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات في كل مكان نأتي إلى نهاية هذا الموضوع الإسلامي القويم . بارك الله فيكم على المطالعة والمتابعة . مع أطيب تحياتي من الإعداد والتقديم . إلى الملتقى في موضوع إسلامي جديد لاحقا إن شاء الله ، وحتى ذلك الحين نترككم في أمان الله ورعايته . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: