الاثنين، 2 يونيو 2008

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ

نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ

وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ

بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ

ابنتي أمل الزهراء ... ورزقها الأول

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) }( القرآن الحكيم ، الأنعام ) . ويقول الله السميع البصير تبارك وتعالى : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) . ويقول الله اللطيف الخبير : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)}( القرآن الكريم ، الذاريات ) . ويقول الله الرزاق ذو القوة المتين : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)} ( القرآن المجيد ، الذاريات ) .
الله العزيز الحكيم هو مقدر أرزاق العباد ، وهناك الملك ميكال ( ميكائيل ) هو المكلف بمتابعة إنزال أرزاق الناس جميعا من السماء إلى الأرض وتسهيل وصولها لأصحابها مهما كانت صفاتهم وسماتهم ، ، الذكر والأنثى ، الصغير والكبير ، المؤمن والكافر ، المقيم والمسافر وغيرهم . والدنيا هي دار الامتحان للدخول الأبدي في الحياة الآخرة التي هي خير وأبقى ، فالرزق يأتي لتمكين الإنسان من مواصلة الحياة الطبيعية ، ويشمل المال والغذاء والدواء واللباس والعقارات والأموال المنقولة والسائلة ، وكذلك أرزاق الكائنات الحية الأخرى من الأشجار والحيوانات والطيور والحشرات وسواها . والإيمان بمحدودية الرزق للكائنات الحية لا يجب أن يتواكل عليها وإنما يسعى في طلبها حثيثا لجنيها والاستفادة منها قدر الإمكان . وهناك من لا يؤمن بأن الرزق مكفول من رب العباد خالق الخلق أجمعين ، لجميع الكائنات الحية ، ويرجع ذلك للجهد الذي يبذله ، ويلجأ إليه ، وهو بهذا ينكر فضل الله عليه وعلى الجميع بصورة عمدية أو عن حسن نية ، وكلاهما يصب في مصب نكران الجميل والابتعاد عن شكر الله الشكور ، فالله يحب الشاكرين ويحب المحسنين . ولنسأل أنفسنا عن كيفية رزق الحيوانات والطيور الداجنة والبرية والحشرات وغيرها من الكائنات الحية ، حيث تروح خماصا وتعود بطانا أي مليئة المعدة بالطعام الذي رزقها الله إياه ، سبحانه وتعالى عما يصفون .
ولا بد من القول ، إن الرزق معين ومقدر للكائن الحي ، ومن بين الكائنات الحية ، الإنسان من صلب آدم وحواء ، ولكن طريقة الحصول على الرزق متروكة لإنتقاء واختيار الكائن الحي هل يأخذ رزقه بالحلال أم بالحرام ؟ والحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ، فالإنسان السوي هو الذي يبحث عن رزقه ورزق عياله وأطفاله ومن تجب نفقتهم عليه عن طريق السبل الحلال التي لا غبار عليها ويجتنب سلوك الطريق الحرام الذي يوبق صاحبه ويجعله يتطفل على الآخرين دون وجه حق أو مبرر أخلاقي او ديني أو ضميري أو إنساني .
وطرق الحصول على الرزق لها عدة أشكال نذكر من أهمها :
أولا : العمل اليدوي . وبموجبه يقوم الإنسان باستعمال جوارحه كاليدين والرجلين والرأس وغيرهما من أجزاء الجسم .
ثانيا : العملي العقلي الفكري . يعني استخدام العقل والفكر باللجوء إلى العقل والمخ واللسان عبر التخطيط والتنفيذ فيتحصل على رزقه من خلال هذه الأجزاء من الجسم .
ثالثا : العمل اليدوي والعقلي في الآن ذاته . وهو يشمل كلتا الطريقتين السابقتين وفق تناسق وتناغم توافقي تحدده طبيعة العمل المنوي تنفيذه . يقول الله جل وعلا يحض على السعي في طل بالرزق الحلال : { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}( القرآن المجيد ، الملك ) .
رابعا : التقوى والصلاح : فيأتي الرزق بلا تعب أو سعي ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، فبعضنا يلهث ويلهث خلف الرزق ، فلا يجده بينما يأتيه رزقه رغدا من حيث لا يحتسب وهو جالس في بيته . يقول الله الغني المغني ، الأحد الصمد : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) }( القرآن المبين ، آل عمران ) .
خامسا : رزق الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون : يقول الله عالم الغيب والشهادة : { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
وفيما يتعلق بكيفية الحصول على الرزق ، فهناك طرق حميدة قويمة يستطيع الإنسان فيها تحصيل رزقه المحتوم له عبر استخدام جوارحه وأعضاء جسده في الأعمال الحلال البعيدة عن الهيمنة والتسلط على الآخرين . وتتمثل الطرق المستقيمة في تحصيل الرزق وإخراجه من خبايا الأرض في العمل اليدوي والعقلي واللساني .
وهناك طرقا يلجأ إليها من ذوي النفوس المريضة يستخدمون فيها أساليب الضلال والتضليل والسرقات والفساد وهي أعمال الكسب غير المشروع إسلاميا ، المنهي عنها من ناحية أولية ، فهي تؤدي إلى جمع الأموال من الناس بطرق اللف والدوران والسيطرة العنيفة غير العفيفة والاحتيال والنصب وغيرها من الصفات الذميمة . ويحاول هؤلاء الضالون من اللصوص والحرامية استغلال الوقت القصير للحصول على أكبر كمية من الأموال النقدية والعينية وتجميعها وكنزها في البيوت والبنوك والعقارات والأراضي . وهناك تأكيد إسلامي على حتمية الرزق ، ولكن يختار الإنسان بين الحلال والحرام ، فعلينا أن نختار الحلال .
وقد جاء بصحيح البخاري - (ج 10 / ص 485) حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
وتجدر الإشارة إلى أننا جميعا فقراء إلى الله ، فهو الغني المغني الحميد المجيد مالك الملك ذو الجلال والإكرام ، والكائن أو الإنسان الفقير هو فقير العقل والصحة وليس فقط هو فقير الحال المادي . والإملاق هو الرزق المتواصل الذي يصب نفسه صبا صبا ليتناوله الإنسان حسب ما يطلبه وقدره له الخالق سبحانه وتعالى ، عبر اللجوء للسبل لحصده وتحصيله .
وغني عن القول ، إن الطرق الحلال هي أفضل الطرق لتحصيل الرزق لكي يتمكن الإنسان أو الكائن الحي من البقاء يمارس الحياة ، يستهلك الأيام وتستهلكه الأيام عبر السنين التي يعيشها الإنسان في دار الفناء للمرور منها إلى حياة البرزخ ثم حياة البقاء وهي الخير والأفضل . والرزق الحلال ينقسم بدوره إلى قسمين هما القسم الأول : الرزق بالسعي والمشي الشخصي في مناكب الأرض . وهذا القسم هو أفضل وأتقى أنواع الرزق . والقسم الثاني : هو أخذ مال الصدقات والزكاوات والهبات والتبرعات من الغير . وفي هذا القسم يكون الإنسان عالة على غيره ، سواء بشكل عمدي أو عفوي ، عمدي يكون بالانتظار صدقات وأعطيات الآخرين ، وعفوي بان يكون الإنسان غير قادر على العمل لأسباب خلقية تكوينية أو كسول ينتظر صدقات الآخرين .
يقول الله الغني الحميد مالك الملك ذو الجلال والإكرام : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) . فسبحان الله رب العالمين ورازقهم بغير حساب ، بغير حساب ، بغير حساب ، لا إله إلا هو العزيز الوهاب ، الذي يهب لمن يشاء ذكورا ويهب لمن يشاء إناثا ويبقي آخرين بلا إنجاب .

أبنتي الصغرى أمل الزهراء .. والرزق الأول

أبنة انتفاضة الأقصى المجيدة

يقول الله الغني الوهاب : { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}( القرآن المبين ، الشورى ) .
وكمثال على استجلاب الرزق للأطفال الجدد ، لي تجربة شخصية ، في كيفية تحصيل أرزاق الأطفال الصغار بمجرد خروجهم من بطون أمهاتهم ، وكيفية رزق الله الرزاق ذو القوة المتين للأحياء الصغار وهم لا يقدرون على شيء ، ولا يتكلمون ولا يميزون ، ولا يعرفون ولا يفهمون من شؤون الحياة الدنيا أي شيء . فقد طلبت من ربي مرة عندما ولدت ابنتي الصغرى أمل الزهراء في مستشفى رفيديا الحكومي بنابلس في فلسطين في 24 كانون الثاني 2004 ، طلبت منه أن يريني كيف يرزق الطفل قبل ميلاده أو اثناءه أو بعده ، ولساني حالي يقول : رب أرني كيف ترزق الأطفال بغير حساب ؟ كنت أعمل أستاذا للعلوم السياسية على ملاك وزارة التعليم العالي بجامعة فلسطين التقنية في طولكرم وسط فلسطين ، وأنا وأسرتي من سكان قرية عزموط على بعد 5 كم شمال شرق نابلس ، وهي قرية صغيرة يبلغ عدد سكانها 4 آلاف نسمة ، وضعت زوجتي الطفلة المباركة أمل الزهراء ، في ساعة متأخرة من يوم 24 كانون الثاني في فصل الشتاء عام 2004 ، إبان انتفاضة الأقصى المجيدة الساخنة . وإيماني الكبير بأن كل طفل يولد وله رزق معلوم غير محروم رزق الله مسبوق أو ملاصق أو متبوع . ذهبت لجامعة النجاح الوطنية في نابلس ، على بعد 2 كم عن المستشفى لتمضية وقت ما حتى يأتي طبيب المستشفى المشرف على الولادات ويأذن بخروج الأم والطفلة ( زوجتي الغالية عطاف وأبنتي أمل الزهراء ) حيث كنت أعطي محاضرات كأستاذ غير متفرغ في تدريس مادة الدراسات الفلسطينية وهي مساق إجباري لجميع طلبة البكالوريوس ، ولم أكن متوقعا أن يقدم لي قسم العلوم السياسية التابع لكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بالجامعة أي مساق لتدريسه في ذلك الفصل الدراسي من العام الأكاديمي 2003 – 2004 ، ولكن طلب مني عميد الكلية مشكورا وهو من الناس الطيبين الأجلاء ، ان أوافيه بأوقات الفراغ لدي ، وهو يعرف أنني أستاذ جامعي كموظف حكومي يقدم المحاضرات في جامعة ثانية تبعد عن جامعة النجاح الوطنية 35
كم غربا ، وافيت العميد بأوقات فراغي فما كان منه إلا أن أمر رئيس قسم العلوم السياسية بتخصيص شعبتين للدراسات الفلسطينية لأقوم بتدريسهما أسوة بزملائي أساتذة العلوم السياسية علما بأنني أصغرهم ، ومنهم من كان أستاذي عندما كنت طالبا في تلك الجامعة قبل 24 عاما تخرجت من قسم العلوم السياسية والصحافة بالجامعة التي أحبها حبا جما . قلت في نفسي هذه رزق الله الكريم لأمل الزهراء قبل أن أصطحبها لأول مرة في سيارتنا والعودة للبيت في قريتنا عزموط . كانت تلك رزقة صغيرتي أمل الزهراء ، من خلالي ، وتوفير فرصة عمل إضافية جديدة غير تلك التي كنت أعمل بها في الجامعة التي أداوم بها دواما رسميا . مقدار رزق أمل كان عبارة عن نحو ألفي دولار ( 2000 دولار ) بواقع ألف دولار لكل شعبة ، يتم صرفها بالعملة الأردنية بواقع 720 دينارا لكل شعبة تدريسية ، أقوم ببذل جهدي وتعبي في التدريس الجامعي والتعبئة الفلسطينية العربية الإسلامية القويمة لأبناء شعبي في الآن ذاته ، ويكون إجمالي رزق أمل هو 1440 دينار ، خلال أربعة أشهر هي فترة الفصل الأكاديمي للعام الدراسي المذكور ، سبحان الله الرزاق ذو القوة المتين هذا ما رددته في نفسي ولزوجتي وأهلي ، لقد سبق الرزق دخول الفتاة الصغيرة التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر والجلد ، فقد كنا نعرف أنا والأم والأخوة والأخوات عبر التقنية الالكترونية أنه ستأتي أنثى صغيرة لتملء حياتنا أملا وتفاؤلا ومرحا وسرورا ، وكنا متفقين على تسميتها ( أمل ) ويعني ذلك أمل في الحرية والاستقلال لحصد نتيجة انتفاضة الأقصى لشعبنا العظيم المجاهد المرابط والمدافع عن الحمى ، وأمل بالفتح المبين والنصر والفوز العظيم في الدنيا والآخرة ، والأمل الكبير في الحياة الطبيعية لنا ولشعبنا الفلسطيني المرابط فوق ثرى الوطن الغالي خاصة في ظل انتفاضة الأقصى المجيدة في فلسطين . جاء رزق أمل بعد أن أذنت في أذنها اليمنى ، الأذان للصلاة المكتوبة ، كما هو حال المسلم الذي يولد له ولد أو بنت ، وأقمت نداء الإقامة في أذنها اليسرى لتكون صالحة وداعية لله تبارك وتعالى . ما أجمل أمل في حياتنا ، فرحنا جميعا ، أمها أم هلال ، وأخويها هلال وحازم ، وأختها الكبرى آية التي كانت تطلب مني ومن والدتها أن ننجب لها أختا تلعب معها وتؤنسها ، فكان لها ما طلبت ، واستجاب لنا الله جميعا ، وكنت أسأل ربي الله العظيم الكريم ذو الجلال والإكرام أن يختار لنا الأفضل والأحسن فكانت ولادة أمل الزهراء التي نحبها جميعا حبا جما ، ونتسابق على حملها وملاعبتها ومداعبتها ، وهي الآن التحقت بالروضة ( روضة السنابل ) في نابلس لتنضم لقافلة المسلمين الذين يقرأون القرآن ويتعلمون القراءة والكتابة والرسم وغيرها من المعلومات اللازمة للحياة الدنيا والآخرة على السواء .
لقد جاء رزق أمل من حيث لا نحتسب ولا تحتسب هي أيضا ، يا الله العظيم الكريم ، يا من ترزق الأحياء الصغار والكبار دون تعب أو وصب ، ولكنك جعلت لكل شيء سببا ، سبب رزق أمل هو أمها أولا عبر تهيئة الرضاعة والعناية لها ، ثم أنا والدها ، فمن خلالي يأتيها رزقها رغدا وهي صغيرة لا تميز شيئا من الحياة سوى أنها تبكي لطلب الرضاعة لاستجلاب البقاء عبر الرضاعة الطبيعية . كم سعدنا بأمل واستغربنا من كيفية رزقها من حيث لا نعلم ولا نعمل ، هذه هي الحياة الدنيا وهذه هي الأرزاق التي تنزل من السماء على اسم صاحبها أو صاحبتها دون عناء أو مشقة ، ولكن يجب الأخذ بأسبابها كي تكون دولة بين الناس يتداولونها عبر أساليب وأسباب شتى . يقول الله الكبير المتعال : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}( القرآن العظيم ، الطلاق ) .
وبناء عليه ، نقول بالفم الملآن ، لا تخافوا أرزاق أولادكم ، ذكورا أو إناثا ، صغارا أو كبارا ، فكل ميسر لما قسمه الله له ، ولكن بالتوكل على الله وليس بالتواكل او بندب الحظ ، أو بإسوداد الوجه عندما يبشر الأب بالأنثى فهو كظيم ، كما يفعل الجهلة والطغاة والظالمين الذي لا يحبون إنجاب البنات ، ويفضلون الذكور عليها . يقول الله عز وجل عن الظالمين والكافرين الذين لا يحبون إنجاب الإناث : { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}( القرآن المبين ، النحل ) . ويقول الله تبارك وتعالى في سورة أخرى : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)}( القرآن الكريم ، الزخرف ) .
فالبنات طيبات كريمات يجب العناية بهن ، فهن كائنات حية ، يجب احترامها والوقوف بجانبها والسعي لتنشئتها التنشئة الإسلامية السلمية لتكون سراجا منير مليء بالهداية والإحسان في ظل حياة كريمة طبيعية ، فلا فرق بين ذكر وأنثى ، في الرزق وفي المعاملة وفي الإنفاق ، ولكن طريق استجلاب الرزق أو تهييجه هي طريقة مختلفة من شخص لآخر ، ومن مكان لآخر ومن زمان لآخر أيضا في معادلة ربانية لا يعلمها إلا هو جل جلاله . فصدق الله العظيم الحليم حين يقول في محكم التنزيل : { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) }( القرآن الحكيم ، الأنعام ) . ففي هذه الآية الأولى الداعية لعدم قتل الأطفال سر رباني عظيم ، طلب إلهي من الآباء والأمهات بعدم قتل أولادهم وهم الأبناء خوفا من الفقر والفاقة ، والعوز والحاجة ، حيث يحتاج الأطفال للإنفاق والصرف عليهم لتلبية احتياجاتهم من المأكل والملبس والمشرب والمأوى . فجاءت الآية لترد على الجهلة والأغبياء الذين كانوا وما زالوا يقتلون ابناءهم أو يتخلون عنهم بدعاوى أنهم يجلبون لهم الهم والغم والتعب والنصب في تحصيل قوتهم ، وهذا الرد مباشرا بأن الله هو الكفيل برزق الآباء والأمهات وكذلك الأبناء جميعا . وأكدت ذلك آية رزق أخرى في قول الله الكريم الحليم : { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) . وهي أيضا نداء إلهي عظيم للآباء والأمهات بعدم قتل الأبناء ، سواء أكانوا ذكورا أو إناثا ، بحجة الخشية أو الخوف من الفقر والعوز لأن الله هو الرزاق العليم ، فهو الذي يرزقهم من خلالكم وعبركم ، فما أعظم هذا البيان الإلهي لتمكين الأرزاق والإنفاق للبشر أو اتفاق أو وفاق مسبق أو تالي .
وإسلاميا ، كان الخليفة المسلم يقدم مساهمات مالية وعينية للمسلمين الذين يتكاثرون ، فيخصص مبلغا معلوما من المال النقدي او العيني للأمهات الوالدات والمرضعات والأطفال والطفلات على السواء تشجيعا على التكاثر الطبيعي لتكثير سواد المسلمين . وهي سياسة قويمة مستقيمة عين الصواب للأخذ بيد المواليد الجدد والأمهات والآباء وترسيخ مبدأ العيش الكريم لأبناء المسلمين . ولكننا في هذا العصر نلاحظ عدم الاهتمام بالمواليد الجدد لدى أبناء الأمة الإسلامية ونرى أن الجاليات اليهودية في فلسطين تشجع التكاثر والولادة بين اليهود لزيادة عددهم وتخصص مبالغ مالية لاعانتهم وتمكينهم من توفير الحياة الكريمة منذ ولادة الطفل ، فحري بنا نحن العرب والمسلمين أن نطبق ما طبقه الإسلام العظيم في صدره الأول .
وهناك وصية فاضلة باقية ليوم القيامة ، تتمثل في السعي لتحصيل رزق الحياة الآخرة الباقية لأنها خير وأبقى ، وعدم إيثار الحياة الدنيا عليها ، يقول الله الرحمن الرحيم كما نطقت بذلك آيات أخرى : { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}( القرآن المجيد ، غافر ) .
وأخيرا نقول ، اللهم أحينا سعداء لا أشقياء ، وأحينا وأمتنا شهداء ، وأبعدنا عن الجهل والجهلاء ، وقونا على الحق وجنبنا السفهاء ، وأنأى بنا عن الغباء والأغبياء ، ولا تقربنا من البخل والبخلاء ، وأجعلنا من أهل الكرم والكرماء و ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . لا نقول وداعا ولكن إلى لقاء آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات: