الخميس، 12 يونيو 2008

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى .. دموع فلسطين ليست للشرب ؟؟ !


وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى .. دموع فلسطين ليست للشرب ؟؟ !

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}( القرآن الحكيم ، الإسراء ) . وجاء بسنن ابن ماجه - (ج 12 / ص 236) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا " . وورد بسنن ابن ماجه - (ج 4 / ص 235) كذلك ، كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا " .
الضحك والبكاء نقيضان لبعضهما البعض ، إلا أنهما قد يتلازمان أحيانا ، في سرمدية دائمة تدل على إسلام واع ، وإيمان عميق راسخ في قلوب المؤمنين ، وهناك أمور قد يضحك منها الإنسان أو يتضاحك كالمسرحيين أو الممثلين ، وهناك أمور يبكي لها الإنسان بكاء مرا دون سابق إنذار ، أو توجيه . فالإنسان من لحم ودم وأعصاب وعظام ، يؤثر ويتأثر بما حوله إن خيرا خير وإن شرا فشر . هذا على الجانب النفسي والاجتماعي ، وأما على الجانب السياسي والعسكري والاقتصادي ، ففي فلسطين ، في ظل العدوان اليهودي – الصهيوني على أهل البلاد الأصليين ، منذ إنشاء المستعمرة الأولى في الأرض المقدسة ، عام 1868 وهي مستعمرة ملبس ( بتاح تكفا ) بالقرب من السهل الساحلي الفلسطيني بكاء فلسطيني مستبين منذ عدة عقود وسنين . لقد جاءوا يهود كمساكين مطرودين من بلادهم الأصلية في قارات أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا وآسيا وأفريقيا وأمريكيا الجنوبية ، وبهذا فقد أتوا من جميع من قارات العالم ليستعمروا فلسطين الوطن الشعب العظيم في أرض الله المباركة . ولم يحترموا حق الضيافة بل هم كالضيف الحامل بيده سيف ؟؟؟ نعم إنه سيف الإرهاب الصهيوني ضد شعب فلسطين العربي المسلم الأبي . والعدوان تلو العدوان والإرهاب تلو الإرهاب والقتل والتشريد لمن استضعف وعذب في الأرض ما زال متواصلا في بلاد كنعان ، من أحفاد نوح عليه السلام ، وأحفاد أجيال المسلمين المتتابعة على أرض الآباء والأجداد إرهاب من بني صهيون الآخرين الذين سيغلبون في بضع سنين وهم من بعد غلبهم سيُغلبون ويذوقوا وبال أمرهم السمين .
لقد أصبحت الدموع الفلسطينية لا تفارق وجوه أبناء الشعب الفلسطيني العربي المسلم ، خاصة الأمهات والأخوات والبنات وحتى بكاء الأطفال والرجال على السواء دون تحرك أو شجب أو استنكار ولا هم ما يحزنون من بني البشرية أجمعين ؟ ترى لماذا هؤلاء يبكون ؟ هل يبكون من أجل البكاء ، أم من أجل التنفيس عن النفس ؟ أم هو بكاء احتجاج وجلب المنافع ودرء المفاسد واستعطاف الرأي العام العربي والإسلامي وحتى الأجنبي لما جرى ويجري يوميا على أرض كنعان ، بلاد الكنعانيين العرب الأصليين ؟ أم هو بكاء التماسيح كما سماه السفاح الصهيوني ، عفوا الفتاة الشقراء الصهيونية ، أيهود باراك وزير جيش الاحتلال ذات يوم حين وصف الفلسطينيين الذين يبكون بأنهم لا يبكون وإنما هم يأكلون فريستهم وتنزل دموعهم كالتماسيح وهي الحيوانات البحرية العملاقة !! ترى أي فريسة يلتهمون ؟؟ لقد بكى ويبكي المسلمون في كل حين خوفا وطمعا بجنة النعيم عند رب العالمين ، فقد جاء بصحيح البخاري - (ج 2 / ص 370) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ فَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ " .
أتعرفون لماذا يبكي الفلسطينيون ؟
إنهم يبكون ولا يلطمون الوجوه ولا ينوحون فالنواح إسلاميا غير محمود ، بل يبكون بصوت منخفض رغبة ورهبة وطلبا للنصر والنصرة والفتح المبين ... وإنا على فراقك وضياعك منا يا فلسطين لمحزونون ..
إنهم يبكون ولا يتباكون من هول المصائب والضغائن فهم من الماجدين ..
إنهم يبكون خشوعا لرب العالمين عند قراءة القرآن المبين ...
إنهم يبكون لفقدان قوافل الشهداء ، وعذابات الجرحى ، وأنات الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني اللعين ، المتواصلة منذ الاحتلال الأول للبلاد رغما عن إرادة المتقين المجاهدين في الله حق جهاده من جيل المنكوبين المجاهدين لا المستسلمين .
وكذلك يبكون عند تفريغ سموم القنابل المشتعلة وانبعاث ثاني أكسيد الكربون من الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها فكانوا كالحمار يحمل أسفارا .. أو الذين حملوا القرآن ثم لم يحملوه ، وكذلك يبكون رغما عنهم عند إلقاء القنابل المسيلة للدموع إبان تشييع جثامين الشهداء الطاهرين ، واقتحام بيوت الأمنيين ليلا ونهارا بدعوى مطاردة المجاهدين .. وكذلك يبكون عند إطفاء قنابل الغاز المسيلة للدموع ، دموع العينين ، ودموع القلب الحزين أثناء نثرها سما زعافا بين الموجودين ..

فهل يا ترى يبكي الفلسطينيون كبكاء التماسيح البحرية كما يقول الأفاكين مثل باراك وغيره من الأرذلين .. كلا يا باراك ! يا من سماك بني جلدتك بالفتاة الشقراء ، التي زرعت وتزرع الموت في أرض فلسطين ؟ إنها ليست دموع التماسيح بل هي دموع المظلومين في أرض الآباء والأمهات والأجداد والجدات المؤسسين ، وليست دموع الإرهابيين ، هل تذكر عندما أصدرت قرارا باعتقالي الإداري شخصيا مرتين في انتفاضة فلسطين الكبرى المجيدة الأولى عندما كنت فيما يسمى ب( قائد المنطقة الوسطى ) وهي ارض الضفة الغربية الفلسطينية العربية المسلمة كجزء من فلسطين ؟ من الإرهابي يا ترى ؟؟ من يجمع المافيا والعصابات الإرهابية ويرهب أهل البلاد الأصليين ، هل هو الضحية أم المعتدي العدواني ؟؟ لم نبك ولن نبك خوفا من جيش الاحتلال الصهيوني وكل من يبكي من الأمهات والأطفال ، ونساء فلسطين ، يبكين لأنهن تجرعن المرارة والألم والحسرة على فقدان أحد أبناء العائلة أو أبناء الجيران أو الأقارب أو أبناء الشعب . هذا هو سر الدموع الساخنة الهادرة كالشلالات الصغيرة غير الصالحة للشرب ، تتساقط كحبات المطر الندي على وجنات المقهورين الذين سيقهرون الدموع ويقهرون الدروع والدبابات والطائرات والبوارج قريبا بعد حين .
لا تظنون أن الثكالى والأرامل والأيتام والجوعى والمرضى والمتضررين والمفجوعين من القمع والنذالة والاعتداء والبلطجة والوحشية والعنجهية اليهودية الصهيونية اللئيمة يبكون حبا في البكاء لترطيب الوجه أو العيون أو لأنهم يبتلعون فريستهم ؟ وهل من يعيش في غزة أو نابلس أو القدس أو أي بقعة من فلسطين يبكي من أجل البكاء ، أو هل هي دموع الفرح والضحكات المتعالية بعدما يفقد الأخ أخاه أو تفقد الأم ابنها أو ولي أمرها أو زوجها أو أخيها أو غير ذلك . تبا لكم يا تماسيح فلسطين ، يا بني صهيون ، أنتم التماسيح البحرية والأفاعي البرية ذات الألسنة النيرانية التي تلسع لسعات قاتلة لأهل فلسطين الطيبين ، لأنكم ببغيكم وظلمكم واستعماركم الهمجي الوحشي قلبتم الأمور رأسا على عقب فنشرتم الموت في كل مكان ، فويل لكم أيها الظالمون البغاة العتاة في زمن القحط العربي والإسلامي الهزيل .
شعب فلسطين لم يبكِ ولن يبكي من أجل البكاء ، بل يبكي دعاء للمظلوم الذي يطلب حقه من الظالم ، ويستغيث برب العالمين ، فهو القادر على نصرة المستضعفين ، ولا ولم ولن تفلح دعوات الاستغاثة الفلسطينية في استجلاب عطف المناصرين لها من شتى بقاع العالم ، على طريقة الإسلام العظيم ، أنصر أخاك ظالما أو مظلوما .. واإسلاماه ... وامعتصماه . بل نرى بعض قيادات بني جلدتنا ينسقون مع الأعداء ويتوسطون بين أهل قطاع غزة والتماسيح اليهودية في فلسطين ؟ فهل هذه طريق نصرة الفلسطينيين المظلومين المغلوبين على أمرهم !! يا عرب هل انقلبتم على أعقابكم ؟؟ وأصبحتم تفطرون وتتغذون وتتعشون على وجبات الإرهاب والتخويف اليهودي في أرض الإسراء والمعراج ؟؟ ما لا لكم لا تنطقون ؟ هل أخرستكم تهديدات بني صهيون ؟ وبلطجة العم سام أبو السموم ؟؟ لقد أصبح بعض قيادة العرب صم بكم عمي فهم لا يفقهون ، ولا يفهمون ولا يستفيقون من غطيط سباتهم ونومهم العميق ليلا وفي القيلولة والنهار ، فهم يتراجعون وعلى أدبارهم ينكصون ، وأعجبتهم كثرتهم وألهاهم التكاثر والملاهي واستكانوا للحياة الدنيا الفانية واستحبوا العمى على الهدى .
لقد أصبح النوم الأبدي خير من الدنيا وما فيها ، وتحت الأرض أفضل من فوقها ؟ فلا بكاء ولا هم يحزنون ، ولا دموع فرح و لا دموع بكاء . الوضع الطبيعي للإنسان أن يكون مرتاحا بدون منغصات لا أن يكون يعاني الأمرين من شدة الفزع ومن كثرة التعب والنصب والوصب . لقد بكت الأمهات وبكت الأخوات وتعالت الآهات لتصل إلى الخالق وتملأ سبع سماوات . وهناك نوع آخر من الدموع وهي دموع القلب الحزين ، ودموع الجسم التي تئن الأنين ، فتنزف دما أحمر قاني كدموع دماء شهداء فلسطين الذين يقضون نحبهم في كل وقت وحين .
يا شعب النشامى في فلسطين ، لا تخافوا الإرهاب والإرهابيين ولا تجزعوا ولا تقنطوا من رحمة رب العالمين ، فالخالق هو أعدل العادلين وهو أحكم الحاكمين وسينصفكم وتأخذون حقوقكم وتكونون جزءا مهما من أمة الخالدين .. من خير أمة أخرجت للناس في الأولين والآخرين . فصبرا لا تهنوا ولا تحزنوا ، وسيتم التحرير إن عاجلا أو آجلا ، ولا تكونوا من اليائسين أو المحبطين ولو ذرفتم الدموع لتكيدوا الكائدين ، فحتى البكاء يستكثرونه عليكم يا أيها المرابطون ، وسيأتيكم النصر والفتح المبين . أتذكر شخصيا قول أمير المؤمنين الشهيد الفاروق عمر بن الخطاب حينما استرد فلسطين من الغاصبين الرومان وبكى البطرك صفرونيوس ممثل الاحتلال الروماني ، فقال مقولته الشهيرة لتهدئة البطرك : " لا تبك هون عليك ، فالدهر يومان : يوم لك ويوم عليك " . وقال له البطرك : والله لا أبكي خوفا على ملك لي ، ولكن ابكي لأنكم أيها المسلمون ستبقون في الخالدين ، فأنتم من العادلين ، ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة . ونقول هذا لأن الفاروق الشهيد كان من المتقين الذين يخافون الله كثيرا ، وكان كثير البكاء ولكن بطريقة أخرى حيث يبكي خوفا من الله القوي المتين ، وتعظيما للرحمن الرحيم ، فكان لتعاليم القرآن من الممتثلين لا من القالين : { وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}( القرآن الحكيم ، الإسراء ) .
لا بكاء حزن ولا بكاء فرح ، يا أيها الفلسطينيون هكذا يريد الأعداء الغاصبين ، ونحن لا نمتثل ولن نتمثل لهؤلاء المعتدين ، سنمارس حياتنا وآهاتنا وأفراحنا وأتراحنا كما يحلو لنا ، ونقول ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) مقبلين غير مدبرين ، اللهم أجرنا في مصائبنا وأخلف لنا خيرا منها . ونقول لكل امرأة وفتاة من نساء فلسطين المستضعفين ، لا تستنجدن بالمعتصم فقد ولى المعتصم وجاء بعده صلاح الدين وهزم الفرنجة الصليبيين ، ثم جاء سيف الدين قطز وهزم المغوليين وسيأتي قريبا المهدي المنتظر من الأولياء الصالحين وسيهزم الجمع ويولون الدبر بأرض فلسطين ولو بعد حين وهذا ما يعرفه بني صهيون في حيفا في ساحل فلسطين فيما يسمون ( جبل مجدو - هار مجدون ) . لا تجزعوا يا أهل فلسطين المباركة ، ولا تهنوا ولا تيأسوا وأبقوا على الحق والإسلام قابضين لعدوكم قاهرين . ولا تلقوا بالا للذين يدعون البكاء ويبكون عند ما يسمى حائط المبكى والبكائين في بيت المقدس بالقرب من المسجد الأقصى المبارك الحزين ، الذين يتباكون على أساطير الأولين والآخرين .
يا أبناء ابنة صهيون ، الفلسطينيون ليسوا مثلكم ، فهم ليسوا من يكيد الكيد ليسقط به الآخرين ، وحالكم كحال أبناء يعقوب المدمرين ، فأنتم وأن كنتم غير يعقوبيين أو إسرائيليين ، إنكم يهود خزرييين من البحر الأسود قرب القياصرة والقيصريين بروسيا والمانيا السابقة والحالية ولستوا من الأوابين ، إلا أنكم تتشابهون معهم في الكيد والتآمر على الصالحين ، كما حدث مع يوسف وأخوته . يقول الله تبارك وتعالى : { فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}( القرآن المجيد ، يوسف ) . فهذا حالكم في الإجماع المتمثل بالتآمر والحقد والحسد والكره الدفين على الأوابين في فلسطين ، ولكن العاقبة للمتقين .

إنها دموع فلسطين .. دموع الفلسطينيين .. أهل البلاد الأصليين .. دموع الغلابى والمقهورين فيلجأون لرب العالمين ، ولا يشكون لعربي أو مسلم في هذه الدنيا من الآخرين ، فزمن الرويبضة قد ساد وطغى في البلاد والعباد ، وانتشرت الكبائر والموبقات ومن بينها القتل ضد الفلسطينيين وعم البكاء والحزن في السهل والجبل والوادي وفي كل البوادي ولن يكون بكاء الفلسطينيين للتشفي أو الاستهزاء أو الاستخفاف من السكان الأصليين ولن تكون دموع أهل فلسطين للشرب أو الرياء يا محتلين وستعلمن نبأه بعد حين . فدموع أهل فلسطين الساخنة تستلهم حرارتها من شمس الحرية وبيارق الثورة الإسلامية النقية من دماء حمراء تلونت باللون الأبيض النقي الناصع البياض وليست دموع باردة .
ولا يبكي الفلسطيني المعذب المستضعف في الأرض ولسان حاله يسال الله التخفيف واللطف في المقادير ، ويدعو بدعاء أبينا الكريم إبراهيم عليه السلام ، عند الوجع والمرض والألم والمناجاة ، ولا عزاء لكم يا أهل فلسطين الأصليين . يقول الله العزيز الحكيم الشافي الكافي المعافي جل جلاله ، ناصر المستضعفين ، في الأولين والآخرين : { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) }( القرآن المجيد ، الشعراء ) .
أعظم الله أجركم ، يا أهل فلسطين الأصليين ، وسلمت رؤوسكم وسلم إيمانكم برب العباد أجمعين . ويا نساء فلسطين لقد قالت مريم قبلكن المسلمة الفلسطينية ، مستغيثة برب الخلق في السابقين : { يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} ( القرآن المجيد ، مريم ) . فالنصر مع الصبر يوما بيوم ، والفرح سيتبع الترح ، والتمكين في الأرض من نصيب الأتقياء الأنقياء الأخيار والصالحين . والبكاء من علامات الشكوى والأنين ، كانت في الأولين وستبقى للآخرين ، الذين يبكون للرحمن خاشعة قلوبهم .
وكما جاء بقول الله تبارك وتعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)}( القرآن المبين ، النجم ) . فليضحك من يضحك هروبا من الواقع المرير الأليم ، أو تشفيا ، وفرحا وحبورا بما يجري للآخرين ، وليبك من يبكي ومن يريد البكاء حزنا وهما وغما وألما ومرضا وسنة الله في خلقه بالحياة الدنيا لن تجعل أحدا فيها من الخالدين ، فلن يضيع الله مثقال ذرة من حسنات وسيئات الناس العابدين وغير العابدين ، ومن المحسنين والمسيئين ، والصالحين والطالحين ، فطوبى للمرابطين على كتاب الله المبين .
والله ولي التوفيق .
سلام قولا من رب رحيم ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات: