الثلاثاء، 3 يونيو 2008

العدوان الصهيوني على العرب عام 1967


العدوان الصهيوني على العرب عام 1967
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
استمرت الحكومة الصهيونية في فلسطين بعد احتلال الجزء الأكبر من فلسطين عام 1948 ، بتعزيز قواتها العسكرية من السلاح البري والبحري والجوي استعداد للمعارك القادمة مع العرب لما يطلق عليه توسيع حدود دولة اليهود لتشمل جميع ( أرض إسرائيل التوراتية – أرض الميعاد ) . ولإرهاب العرب وفرض صلح معهم عنوة للاعتراف بالكيان الصهيوني لتقليل النفقات العسكرية التي أرهقت الصهاينة بسبب سياسة ( الحرب الدائمة ) وكذلك فتح الأسواق العربية أمام المنتجات والبضائع الصهيونية ووضع حد للمقاطعة العربية والحد من البطالة والأزمة المالية التي تعاني منها الدولة العبرية في المشرق العربي . وسنرى في الصفحات القادمة أسباب الحرب العدوانية اليهودية على العرب عام 1967 ، وأوضاع الأنظمة العربي ، ومجريات العدوان ( النكسة ) ونتائج الحرب ، وأسباب هزيمة العرب وأنتصار الأعداء ، وغيرها . أبقوا معنا للمتابعة وأخذ العبر والعظات من الهزيمة الكبرى المدوية .
أ) أسباب حرب 1967
هناك عدة أسباب وضعتها الحكومة الإسرائيلية ديموغرافية وعسكرية وأمنية واقتصادية وسياسية ودينية ، استندت عليها لتبرير شن هجومها على بقية أجزاء فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) والأردن ومصر وسوريا ، وتعبئة السكان اليهود في فلسطين المحتلة عام 1948 وفي الخارج في مختلف قارات العالم . من أهمها :
أولا : الأسباب السكانية ( الديموغرافية ) : استيعاب المهاجرين اليهود الجدد وضم أراضي جديدة تمكن من استيعاب المزيد من يهود العالم مستقبلا . فقد وضعت خطط لاستيعاب نحو 15 مليون مهاجر يهودي في المشرق العربي أو ما يسميه اليهود الصهاينة ( أرض إسرائيل – ارض التوراة – ارض الميعاد ) ، وحسب قيادتهم فإن الأرض التي سيطروا عليها عام 1948 البالغة نحو 770 ر 20 كم2 لا تكفي للأعداد الهائلة من اليهود الذين سيتم جلبهم للمنطقة حسب خطط دائرة الهجرة والاستيعاب .
ثانيا : الأسباب العسكرية – الأمنية : تتمثل بعدة جوانب منها :
1. ضمان توفير الأمن العسكري اليهودي عبر السيطرة على مساحات واسعة من الأرض تمكن الكيان الصهيوني من توفير الأمن الجماعي الكلي ليهود الدولة العبرية في المنطقة العربية . وحسب التقديرات العسكرية الصهيونية فإن المساحة التي سيطروا عليها لا تؤمن التواصل العسكري الاستراتيجي لليهود ، وخاصة أن الضفة الغربية في وسط فلسطين تجعل من الدفاع عن الكيان اليهودي على المدى البعيد صعب المنال .
2. تنفيذ عمليات فدائية فلسطينية مسلحة من حركة فتح وغيرها عبر حرب العصابات واستنزاف قوى الجيش الإسرائيلي . وقد ألحقت هذه العمليات خسائر بشرية ومادية فادحة بالكيان الصهيوني .
3. التوتر بين القوات السورية والصهيونية عند الجبهة السورية حيث قصف سلاح الجو الصهيوني عدة مواقع سورية ، وقصفت القوات السورية بالمدفعية عدة مواقع إسرائيلية في إصبع الجليل ومنطقة بحيرة طبرية ، فجاء الهدف الإسرائيلي باحتلال هضبة الجولان السورية كمنطقة مرتفعة تطل على المواقع الصهيونية في فلسطين .
4. نقل أرضية المعارك إلى الأراضي العربية وليس للأرض التي سيطر عليها اليهود .
5. الإرهاب العسكري الصهيوني للعرب وجعلهم يشعرون بصورة دائمة بأن شوكتهم العسكرية ضعيفة أمام الجيش الإسرائيلي .
6. حرب عسكرية استباقية للقضاء على القوت العسكرية العربية الفتية قبل إتمام عملية التسليح والتدريب والإعداد العام .
ثالثا : الأسباب الاقتصادية : تتمثل بالآتي :
1. استغلال مياه نهر الأردن ، فقد جففت الحكومة الإسرائيلية بحيرة الحولة شمال فلسطين ، في منتصف العقد الخامس من القرن العشرين ، وترغب في تحويل مياه نهر الأردن للاستفادة منها في منطقة النقب ، جنوبي فلسطين ، فوضعت الخطط بهذا الخصوص منذ عام 1963 .
2. إنهاء المقاطعة الاقتصادية العربية للكيان الصهيوني التي ألحقت خسائر مادية فادحة بالاقتصاد اليهودي ، وتزايدت حدة البطالة لتزيد عن 10 % .
3. فتح الأسواق العربية أمام السلع والبضائع اليهودية .
4. الحصول على المواد الخام ، والنفط العربي بأسعار رخيصة .
5. الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كانت تمر بها للحصول على معونات دولية أمريكية وغربية ويهودية وصهيونية جديدة .
رابعا : الأسباب السياسية : تتمثل بالآتي :
1. إنهاء المقاطعة السياسية العربية والبدء بتطبيع العلاقات مع العرب ، بعقد اتفاقيات صلح أو سلام مع الدول العربية المجاورة .
2. تبوأ مكانة سياسية بارزة في المنطقة العربية . عبر دخول الأحلاف والتكتلات السياسية الإقليمية ، والسعي المتواصل للاعتراف العربي بالدولة اليهودية تمهيدا للاعتراف العالمي الأوسع بها .
خامسا : الأسباب الدينية التوراتية : تتمثل بما يلي :
1. الاستجابة لمطالبة الأحزاب الدينية اليهودية المنادية ب( تحرير أرض إسرائيل التوراتية – أرض الميعاد ) من الاحتلال الأجنبي العربي . وهي مفارقات عجيبة إذ تطلق الأحزاب اليهودية الدينية المتزمتة على شعب فلسطين ، وشعب مصر شعوبا أجنبية ، وتريد استرجاع أرض المملكة اليهودية القديمة وطور سيناء التي مكث بها بني إسرائيل زمن التية اليهودي الذي استمر 40 سنة . ويزعمون أن التوراة تعطيهم حقوقا تاريخية صريحة في سيناء وكل فلسطين والجولان .
2. جذب يهود العالم للدولة العبرية خاصة بعد تقلص أعداد المهاجرين لها ، مع ما يجلب ذلك من دعم مالي وفير من الجاليات اليهودية في العالم ومن الدول الاستعمارية الكبرى .
ب) الأوضاع العربية قبل الحرب
كانت الأنظمة العربية في عام 1967 ، في تصارع سياسي وفوضى سياسية وضعف عسكري ظاهر للعيان . فقد عصفت الانقلابات والثورات في بلدان الوطن العربي ، علما بأن كل انقلاب أو ثورة عربية كان أول بيان يصدره يتضمن تحرير فلسطين من الصهاينة فكان هذا هو شعار العرب أجمعين . بمعنى أنه كان هناك اهتمام عربي رسمي وشعبي بقضية نكبة فلسطين الكبرى التي أثرت بشكل أو بآخر على النفسية الفردية والذاكرة الجماعية العربية . ففي الفترة الممتدة من عام 1948 – 1967 عاشت التغيرات السياسية العربية في وهم التحرير الشامل لفلسطين والتصدي للغزوة الصهيونية العالمية لبقعة مقدسة من بقاع الوطن العربي . وعلى الجانب الآخر ، تقلص حجم الهجرة اليهودية لفلسطين ففي شباط 1967 أوضح وزير العمل الإسرائيلي أن البطالة تزايدت لتصل إلى 10 % وقلت رغبة الهجرة اليهودية للبلاد فلم يصل لفلسطين المحتلة إلا نحو 15 ألف يهودي عام 1966 . وهذا يستدعي الحكومة الصهيونية في فلسطين إعلان حرب فجائية تستبق تقلص الهجرة اليهودية فأخذ جيش الاحتلال يمارس الاستفزازات ويشن العدوان تلو الآخر والغارة العسكرية تلو الأخرى لافتعال حرب جديدة كشن الهجوم على مدن الضفة الغربية مثل جنين وقلقيلية في أيار 1965 ، ومهاجمة مشروع استغلال مياه نهر الأردن في تموز 1966 وشن الهجوم على قرية السموع في 13 تشرين الثاني 1966 بحجة تعقب الفدائيين الفلسطينيين راح ضحيتها نحو 200 شهيدا . وفي نيسان 1967 قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي اشكول زراعة الأراضي المنزوعة السلاح على الجبهة السورية فأطلق الجيش السوري النار على المعتدين ، فحدثت معركة جوية خسر فيه الطيران الحربي السوري ست طائرات ميغ سوفياتية الصنع ، ثم أخذت قوات الجيش الإسرائيلي تتجمع باتجاه الحدود السورية فإثر ذلك طالبت رئاسة الأركان المصرية من قيادة قوات الطوارئ الدولية سحب قواتها من منطقة شرم الشيخ في 16 أيار 1967 فاستجابت القوات الدولية لهذا الطلب حالا بعد مكوث هذه القوات 12 عاما . ثم أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر إغلاق خليج العقبة باعتباره خليجا عربيا وخليج تيران باعتباره مضيقا مصريا أمام الملاحة الإسرائيلية في 23 أيار 1967 ، وشرعت القوات المصرية تتدفق إلى سيناء . في حين كانت الحكومة الإسرائيلية ترى أن مضيق تيران هو مضيق دولي بتأييد أمريكي وبريطاني . وكذلك أعلنت الولايات المتحدة أن خليج العقبة ومضيق تيران هما دوليان ، ودعت إلى حرية الملاحة في مضائق تيران والمحافظة على الاستقلال السياسي لكافة دول الشرق الأوسط وسلامة أراضيها ، ومعارضتها أي اعتداء من أية جهة ، وأن حل الأزمات القائمة يكون سلميا وفق الأعراف الدولية .
ج) مجريات عدوان 1967 ( النكسة – حسب المفهوم العربي )
دأبت الدعاية الصهيونية لتهيئة الرأي العام الدولي لشن الحرب ضد العرب ، مطلقة الإشاعات بأن العرب يريدون خنق إسرائيل وتدميرها وإلقاء اليهود في البحر . ومما زاد الطين بلة تحريف وتحوير تصريحات لقادة عرب ، فأخذت تقتنص الفرص فاستغلت سحب قوات الطوارئ الدولية وإغلاق مضائق تيران ، فكانت السياسة الإسرائيلية تهدف لجر العرب لحرب جديدة والخروج من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بها ، وتنامي مقدرتها العسكرية بفعل الدعم العسكري الفرنسي والألماني . وتضعضع مقدرة الجيش المصري بسبب اشتراكه في حرب اليمن . فرأت الحكومة الإسرائيلية شن حرب استباقية ضد العرب لشل حركتهم العسكرية في ظل تسترها بالحماية الذرية الأمريكية . وفي 30 أيار 1967 وقعت اتفاقية دفاع مشتركة بين الأردن ومصر وقعت في القاهرة تنفذ حال شن قوات الجيش الإسرائيلي أي هجوم على أي منهما . واستقدمت قوات سودانية وكويتية للمشاركة في المعركة . وكان في مصر 246 ألف جندي ، وتمتلك نحو 450 طائرة و1200 دبابة عدا عن القوات العربية الأخرى الأردنية والسورية واللبنانية ، في حين امتلكت إسرائيل 300 طائرة و800 دبابة [1] . وفي الوقت ذاته نصحت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي العرب بعدم البدء بالهجوم على الكيان الإسرائيلي . وفي الجانب الإسرائيلي تشكلت وزارة ائتلاف في 1 حزيران 1967 شملت كافة الأحزاب ما عدا الحزب الشيوعي وتم تعيين موشيه دايان وزيرا للحرب ( الدفاع ) ، بينما أكدت مصر لبريطانيا والولايات المتحدة أنه ليس لديها نية مهاجمة إسرائيل وفضلت إعطاء الجهود الدبلوماسية فترة من الوقت للوصول إلى حل سلمي فاستعد زكريا محي الدين نائب الرئيس المصري لزيارة واشنطن ضمن مساعي الحل الدبلوماسي للأزمة ، بعد زيارة الممثل الشخصي للرئيس الأمريكي جونسون ( تشالز يوست ) للقاهرة في 3 حزيران وغادر القاهرة في اليوم ذاته مؤكدا لمصر بأن إسرائيل لن تشن هجوما عليها طالما بقيت المفاوضات الدبلوماسية مستمرة . وعلى العكس من ذلك ، شن الطيران الحربي الإسرائيلي هجوما كاسحا على المطارات المصرية فحطم الطائرات المصرية على الأرض خلال ثلاث ساعات . واستمرت الحرب ستة أيام متواصلة هزمت فيها الجيوش العربية على الجبهات الأردنية والمصرية والسورية ، ووصلت القوات الإسرائيلية لقناة السويس محتلة جميع شبة جزيرة سيناء ، واحتلت بقية أجزاء فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة بما فيها القدس الشرقية ) ومرتفعات الجولان السورية [2] . ويمكن القول ، إن قوات الجيش المصري وقوات جيش التحرير الفلسطيني في قطاع غزة البرية قاومت الهجمات العسكرية الصهيونية ببسالة إلا أن سماء المعركة كان مكشوفا مما أدى إلى خسارة المعركة . كما أنه في الجبهة الأردنية دار قتال بري مع القوات الغازية في منطقتي القدس وجنين ثم انسحب الجيش في اليوم اللاحق وعاد شرقا باتجاه خط الدفاع الثاني وهو خط نهر الأردن .
د) نتائج حرب 1967
نجم عن حرب حزيران عام 1967 ، عدة نتائج غيرت المعالم البشرية والجغرافية والطبيعية والاقتصادية على الأرض العربية ، تمثلت بما هو آت [3] :
1. استيلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق عربية واسعة شكلت أكثر من 68 ألف كم2 من الأراضي العربية منها : 200 ر61 كم2 شبه جزيرة سيناء ، ومن فلسطين ( الضفة الغربية 878 ر5 كم2 ، وقطاع غزة 363 كم2 ) وهضبة الجولان 150 ر1 كم2 . وهذا يعادل ثلاثة أمثال مساحة الكيان الصهيوني عام 1948 . فدخل نحو مليون فلسطيني جديد تحت الاحتلال الصهيوني . وبذلك كانت هذه الحرب بمثابة انتصار يهودي - صهيوني – إسرائيلي ساحق على العرب للمرة الثالثة ( الأولى 1948 والثانية 1956 ) . وقد مثل هذا النصر اليهودي تكريس لأسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر .
2. تدمير معدات حربية عربية بقيمة حوالي ملياري دولار ، وتحطيم القوات العسكرية المصرية والسورية والأردنية ، وتوقف قناة السويس عن العمل ثم فتحها للملاحة الإسرائيلية . فقد دمرت 393 طائرة من أصل 416 طائرة خلال أول 80 دقيقة من المعركة كانت على الأرض وتحطيم 80 % من عتاد الجيش المصري .
3. سقوط أكثر من 17 ألف شهيد عربي وآلاف الجرحى والأسرى من المدنيين والعسكريين . منهم 10 آلاف مصري ، و6100 أردني وفلسطيني ، و1000 سوري .
4. هجرة فلسطينية وعربية جديدة بفعل الإرهاب الصهيوني . فقد لجأ نحو 330 ألف لاجئ فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن وسوريا ولبنان ومصادرة الحكومة لأراضيهم وتوزيعها على اليهود . كما لجأ نحو 150 ألف سوري من القنيطرة ومرتفعات الجولان إلى العاصمة دمشق والمدن السورية الأخرى . وهكذا توحد الفلسطينيون العرب ، نحو 5 ر1 مليون فلسطيني ، لأول مرة بعد عشرين عاما من الإغتراب والتهجير القسري تحت ظلال الحراب الصهيونية في أرض فلسطين الكبرى ( فلسطين المحتلة عام 1948 - الجليل والمثلث والنقب والساحل – وفلسطين المحتلة عام 1967 - الضفة الغربية وقطاع غزة ) .
5. هزيمة نفسية للأمة العربية : لقد كانت حرب عام 1967 المفروضة على العرب حربا كارثية للمرة الثالثة جراء الخسائر الفادحة التي لحقت بالعرب ماديا ومعنويا ، تضاف إلى سجل الهزائم العربية ، خلال عقدين من الزمن ، ألحقها بها الجيش الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا بالعتاد والسلاح ، وبسبب الحيلة الأمريكية التي كانت في آخر لحظة توهم العرب بأن الحكومة الإسرائيلية لن تشن عليهم حربا فجاءت المباغتة الفجائية لتدمر الأسطول الجوي العربي خلال ساعات وجيزة . وبعد هذه الحرب أصبح العرب ينادون بتحرير مناطق فلسطين المحتلة عام 1967 ونسوا فلسطين المحتلة عام 1948 .
6. استيلاء قوات الاحتلال على مياه نهر الأردن ومنابعه في جبل الشيخ . وإنشاء مئات المستعمرات اليهودية في الأراضي الفلسطينية الجديدة المحتلة .
7. توفير عمق استراتيجي جغرافي عسكري وأمني للكيان العبري وإدخال العرب في متاهات السلام المقبلة .
8. الإعلان عن توحيد القدس ( الغربية والشرقية ) وإعلانها عاصمة للكيان الصهيوني في 27 حزيران 1967 .
ومن الغريب أن هذه النكبة العربية الكبرى الثالثة ، التي حلت بالأرض العربية والمواطن العربي والخلافات العربية كانت مستعرة فيما بين الأنظمة الحاكمة . فحتى أن السلاح العسكري العربي أصابه الصدأ في المخازن العربية ، وسلاح النفط الاقتصادي كسلاح استراتيجي فعال لم يستخدم ، فقد صادف يوم شن الصهاينة الحرب على الدول العربية الثلاث ، يوم انعقاد مؤتمر النفط العربي في بغداد في 5 حزيران 1967 فاتخذ المؤتمرون قرارا بالإجماع يقضي بقطع النفط بشكل مباشر أو غير مباشر عن الدول المعتدية أو المشاركة في الاعتداء لكن هذا القرار لم ينفذ إلا جزئيا . فأصيب العرب بالذهول جراء الهزيمة الكبرى الثالثة ، فقد تبين أن القيادات العربية لم تكن تريد شن الحرب وإنما كانت تمارس دعاية سياسية وإعلامية استهلاكية لدى شعوب الأمة العربية . ورغم هذه الهزيمة المدوية للعرب فقد حاول الإعلام العربي التقاط أنفاسه فأطلق عليها ( النكسة ) أي نكسة 1967 ، فإذا كان هذا هو حال النكسة بمعنى هزيمة صغيرة أو انتكاس بسيط للخلف فكيف حال الهزيمة الكبرى . واستقال الرئيس المصري جمال عبد الناصر فنزلت أجهزة المخابرات المصرية للشوارع تقود جماهير الشعب تنادي بعدوله عن الاستقالة ، فاستجاب لهم ، وعاد للقيادة المصرية ، فكانت مسرحية من مسرحيات ما بعد حرب 1967 . القيادة المهزومة عادة تتنحى جانبا في حالة فشلها ، وأما عند القيادة العربية فيزداد التمسك بالكرسي القيادي والقمع الرسمي للشعب . برأينا ، إذا أرادت الأمة أن تنتصر فيجب أن تعترف بالهزيمة وتسميها باسمها لتأخذ بالإعداد السوي القومي القويم لتنطلق نحو عالم النصر الرحب الذي ينتظر العرب . ولا داعي للتخفي وراء أسماء لا تجسد الواقع الأليم للشعب الفلسطيني خاصة والأمة العربية عامة . وعلى الجانب الآخر ، يطلق اليهود على حرب 1967 ( حرب الاستقلال الثانية ) وحرب الأيام الستة وهي عدد أيام الحرب التي استولى على إثرها الجيش الإسرائيلي على مساحات واسعة من ألأرض العربية . وفي تموز 1967 ، عقد مؤتمر القمة العربي في الخرطوم وقرر ثلاث لاءات هي : لا للصلح ، لا للتفاوض ، لا للاستسلام ، مع الاحتلال الصهيوني ثم ألغيت كلها فيما بعد [4] .
هـ) أسباب هزيمة العرب وانتصار الأعداء
برأينا ، انتصرت قوات الاحتلال الصهيوني في حرب حزيران 1967 بفعل ثلاثة عوامل أساسية هي :
أولا : عوامل ذاتية صهيونية : تتعلق بالكيان الصهيوني الراغب في :
1. تصدير الأزمة الداخلية ، وكانت بوادر الحرب معلنة منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الموسعة .
2. الدعاية الإعلامية والتعبئة القومية للجندي اليهودي : التي تشير إلى أن العرب يريدون إبادة أو تدمير إسرائيل وبالتالي يجب على الجنود اليهود المحافظة على كيانهم السياسي .
3. الأسلحة الحديثة : فترسانة الأسلحة المخزنة في المستودعات كانت معدة حديثا من المصانع العسكرية الأمريكية ، والتركيز على سلاح الجو الإسرائيلي الذي دمر كل المطارات والطائرات المصرية في ساعات الصباح الأولى ثم انتقل لتدمير الطائرات الأردنية والسورية ، في ساعات اليوم الأول .
4. المفاجأة القوية المذهلة للعرب لأن الحرب خدعة ، وقت تبديل النوبات العسكرية ما بين الساعة السابعة والتاسعة صباحا ، ووقت تناول طعام الإفطار الصباحي ، فافطرتهم الطائرات الحربية الصهيونية بالقنابل والمتفجرات الثقيلة قبل أن يفطروا طعاما .
ثانيا : عوامل ذاتية عربية : تتمثل بما يلي :
1. الضعف العربي الشامل ، عسكريا وإعلاميا وتعبويا ، من قلة السلاح وقدمه وفساده .
2. عدم الإعداد الحقيقي للمعركة بعد المعركتين التي هزم بهما في حرب فلسطين عام 1948 وحرب السويس عام 1956 . فقد كانت هناك فرقتان مصريتان تقاتلان في اليمن في ذلك الوقت . وكذلك سادت فترة ما قبل الحرب حالة التشرذم وعدم التوحد العربي عسكريا وسياسيا .
3. الانتظار العربي للوعود الأمريكية والسوفياتية وطلبهما من العرب عدم البدء بشن الهجوم ، فكانت حيلة ومكيدة ومؤامرة دولية على العرب .
4. القيادة العربية الموحدة لم يكن لها إلا وجود شكلي .
5. الدعاية العربية غير الجدية للحرب ، وبذلك فإن الدعوات للقضاء على الوجود الصهيوني في المشرق العربي كانت عبارة عن مناورة سياسية - إعلامية غير محسوبة النتائج .
6. ضعف الروح المعنوية للجندي العربي .
7. ضعف التعبئة الإسلامية وعدم تفضيل الجهاد في سبيل الله على الاستسلام في أتون المعركة .
8. عدم سيطرة القيادة على مفاصل الدولة الرئيسية وخاصة الجيش كما حدث مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر [5] .
ثالثا : عوامل خارجية : تمثلت بالدعم الأمريكي خاصة ماليا وعسكريا وسياسيا حتى آخر لحظة قبل الحرب والدعم الفرنسي والألماني للكيان الصهيوني ماليا وعسكريا . فرغم الدعم الأمريكي الكبير للكيان الصهيوني إلا أن قوات الجيش الإسرائيلي ( الطوربيد والطائرات ) هاجمت في 8 حزيران 1967 السفينة الأمريكية ( ليبرتي ) التابعة للمخابرات الأمريكية التي رابطت على مسافة حوالي 24 كم من شواطئ سيناء في البحر الأبيض المتوسط مما الحق بها أضرارا جسيمة حيث قتل 10 أمريكيين وجرح 75 آخرين كانوا على متنها وقد كانت تقوم بعمليات تشويش على أجهزة الرادارات العربية وتسجيل والتقاط كافة الإشارات السلكية واللاسلكية في المنطقة . وكان هذا الهجوم متعمدا رغم علم الجيش الإسرائيلي بأن السفينة أمريكية وذلك خوفا من كشف رموز الشيفرة السرية الإسرائيلية [6] .
بعد عدون حزيران 1967 الطاحن للعرب ، عاش الفلسطينيون في فلسطين الكبرى تحت الحكم العسكري اليهودي – الصهيوني – الإسرائيلي ، في ظل قمع شديد وقبضة حديدية ، شلت الحياة العامة في البلاد لعدة سنوات ، وجرت ملاحقات لهؤلاء الفلسطينيين فحكمت المحاكم العسكرية على المئات منهم بالأحكام العسكرية العالية والغرامات الباهظة ، واعتقل المئات اعتقالا إداريا بلا محاكمة . وأصبحت كل الشؤون الفلسطينية بيد الإدارة العسكرية الإسرائيلية ، فالحاكم العسكري هو الآمر الناهي في البلاد ، حيث مثل السلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية على السواء وبذلك بدأ فصل جديد من الحكم العسكري والأحكام العرفية .
وحتى الأماكن المقدسة لدى المسلمين لم تسلم من التسلط الصهيوني ، ففي 21 آب 1969 ، أحرق يهود المسجد الأقصى المبارك بشكل عمدي . وفي أثناء الحريق الهائل الذي دب بمباني المسجد الأقصى المبارك ، قطعت سلطات الاحتلال الصهيوني الماء عن منطقة الحرم القدسي ومنعت المواطنين وسيارات الإطفاء العربية القادمة من جميع المدن الفلسطينية من الوصول لساحات المسجد الأقصى إلا أن المواطنين العرب تمكنوا من السيطرة على الحريق . وقد تبين أن شابا يهوديا يدعى ( دينيس مايكل وليم موهان ) عمره 28 عاما قدم من أستراليا قبل أربعة اشهر قام بإشعال الحريق ، وقاد عملية ارتكاب الجريمة البشعة ، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن هذا الشاب معتوه وأطلقت سراحه كما ادعت سابقا زورا أن الحريق نجم عن تماس كهربائي [7] . ولا بد من القول ، إن شعب فلسطين رفض الاحتلال الصهيوني وقاومه بإمكانياته الضعيفة المتوفرة ، ورفض الإجراءات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي طبقها على أبناء الشعب وما تبع ذلك من اضطهاد ديني وقومي واستغلال اقتصادي وقهر سياسي ومحاولة تدجين ثقافي وتربوي . كما انطلقت فعاليات الثورة الفلسطينية بعد حرب حزيران عام 1967 ، وكثف العمل الفدائي والكفاح المسلح ضد الاحتلال ، وفق حرب الاستنزاف وشكلت فصائل وحركات سياسية – عسكرية فلسطينية جديدة وتبارت الأنظمة العربية في تشكيل أجنحة لها ضمن الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير لإخضاع المقاومة الفلسطينية لسيطرتها .
و) قرار مجلس الأمن الدولي رقم ( 242 )
بالنسبة لدور هيئة الأمم المتحدة ، التي تسيطر عليها خمسة دول دائمة العضوية ( الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا والصين ) فقد أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 242 في 22 / 11 / 1967 ، بعد العدوان الإسرائيلي على ثلاث دول في الوطن العربي هي مصر والأردن وسوريا ، فيما عرف بحرب حزيران عام 1967 ، وقد نص القرار 242 على ما يلي :
إن مجلس الأمن ، إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط ، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب ، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمان ، وإذ يؤكد أيضا أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقا للمادة 2 من الميثاق :
1) يؤكد أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويستوجب تطبيق كلا المبدأين التاليين :
أ) سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير .
ب ) إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام والاعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة ، واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها ، وحرة من التهديد أو أعمال القوة .
2) يؤكد أيضا الحاجة إلى :
أ) ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة .
ب) تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين .
ج) ضمان المناعة الإقليمية والاستقرار السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق إجراءات بينها إقامة مناطق مجردة من السلاح [8]
وقد صيغ القرار رقم 242 ، من مجلس الأمن الدولي ، بشكل غامض عمدا في بند الانسحاب فقد تضمن النص الإنجليزي ( سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراض احتلتها أو من أراض احتلت في النزاع الأخير ) متجاهلا أل التعريف في كلمة الأراضي ليشمل الانسحاب أراض وليس كل الأراضي بينما استخدمت أل التعريف في النصين الفرنسي والأسباني المعتمد رسميا في الأمم المتحدة ليشمل الانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 [9].
ومن خلال قراءة أولية بسيطة لنص القرار الدولي رقم 242 الصادر عام 1967 ، نرى العديد من المتناقضات والتنازلات الدولية لصالح الجانب الإسرائيلي المحتل للأرض الفلسطينية وفي المقابل هضم للحقوق الوطنية الفلسطينية . ومن أبرز هذه التناقضات والتنازلات :
أولا : دعوة مجلس الأمن الدولي في القرار 242 إلى إقامة سلام عادل ودائم في المنطقة ، وانسحاب قوات الاحتلال من الأراضي المحتلة . وكان الأحرى الدعوة إلى تطبيق قرار 242 فورا – لو كانت هناك نوايا حسنة أصلا - ودون تأجيل ووضع آليات لتنفيذه بعد مرور فترة طويلة عليه بعد أن أجرى الاحتلال الإسرائيلي تغييرات جمة على ارض الواقع من مصادرة أراض فلسطينية وإنشاء عشرات المستعمرات اليهودية . فالدول المصدرة للقرار الأممي تظهر والحالة هذه متآمرة بشكل ملفت للنظر ضد العرب عامة وشعب فلسطين وأرضه خاصة .
ثانيا : دعوة القرار 242 إلى تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين ، وهي تسوية غير معروفة وغير محددة ، كما أنها عبارات مبهمة لا تفيد شيئا على أرض الواقع . وغني عن القول ، إن التسوية العادلة لمشكلة اللاجئين تكمن في عودتهم إلى ديارهم مباشرة وإتخاذ الترتيبات اللازمة لإعادتهم من المهاجر بينما لم يتم التطرق إلى هذه العدالة الحقيقية بتاتا .
ثالثا : تباعد الفترة الزمنية بين قرار 242 وحرب عام 1967 ورغم ذلك لم يطبق القرار 242 حتى الآن . فإذا لم يطبق قرار دولي صادر عن أعلى مؤسسة أمنية دولية منذ أربعة عقود من الزمن فكيف يثق العرب بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وبقية مؤسساتها .
رابعا : تراجع مجلس الأمن عن قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947 . وبهذا فان هذه الدول تراجعت عن مواقفها السابقة الداعية إلى لإقامة دولة عربية فلسطينية لأهل فلسطين كشعب معذب في الأرض .
وبالنسبة لتحيز الدول التي طرحت القرار 242 فيبدو الأمر واضحا إن هذا القرار المتبنى من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وخاصة الولايات المتحدة ، تدعو إلى :
1. إنجاز الاعتراف الرسمي من الشعب الفلسطيني والدول العربية بالكيان الإسرائيلي الذي تأسس بناء على قرار من الأمم المتحدة عام 1947 ، إلا أن هذا الكيان لا يعترف بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تطالبه بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف .
2. الانحياز الأمريكي لليهود الصهاينة بأخذ تحفظاتهم الكثيرة وعدم الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم وبيوتهم ووطنهم والانتقاص من سيادة فلسطين . وتتمثل قضية الاعتراف بالدولة الإسرائيلية بشكل واضح للعيان في بندي : إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب والاحترام والاعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد أو أعمال القوة ، وضمان المناعة الإقليمية والاستقرار السياسي لكل دولة في المنطقة .
3. مطالبة مجلس الأمن صراحة بالاعتراف بحق الدولة العبرية ( إسرائيل ) في العيش بسلام وأمن ودعوة إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار .
4. عدم التطرق إلى الإرهاب الصهيوني - الإسرائيلي ، في قرار مجلس الأمن الدولي 242 فالدولة العبرية تمارس عمليات الإرهاب اليومية ضد المواطنين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية . وشملت عمليات الإرهاب اليهودية : مصادرة الأراضي ، وإرهاب الفلسطينيين نفسيا ، والسيطرة على الموارد الطبيعية الفلسطينية ، والحصار العسكري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي الشامل إضافة لعمليات العقاب الجماعي والقتل الجماعية والفردية والاعتقال الإداري وإصدار الأحكام العسكرية التعسفية على المواطنين الفلسطينيين ، والحد من حرية التنقل ...الخ .
5. عدم تحديد الأراضي العربية والفلسطينية التي يجب على قوات الاحتلال الانسحاب منها في قرار 242 ، وهذا يسبب إرباكا وتعديا على الأرض الفلسطينية وشعبها في القرار الدولي الأمر الذي يتيح لقوات الاحتلال عملية التحكم في مساحة الأراضي التي ستتم إعادتها .
والسؤال الذي يطرح نفسه بنفسه ، هل سيقوم وينهض العرب من كبوتهم الكبرى بل كبواتهم ويستفيدوا من تجارب الماضي ؟ وهل سيجعلون الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام هو المقدم ، ويبتعدون عن سياسة ( تعليق أو استثناء الجهاد في سبيل الله ) الشاملة الجامعة لاسترداد الحقوق وتحرير فلسطين والأرض العربية المحتلة الأخرى وخاصة الجولان ومزارع شبعا ؟؟؟ !!!
يقول الله الحي القيوم ناصر المعذبين والمستضعفين في الأرض : { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) }( القرآن المجيد ، الأنفال ) .
وبالنسبة لمستقبل فلسطين وسبل النصر العربي المقبل ، ونهاية الكيان الصهيوني ، فقد تعددت أسباب وعوامل هزيمة العرب أمام الصهيونية كرأس حربة للاستعمار العالمي لفلسطين والمشرق العربي ، من أسباب سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية وثقافية ونفسية عامة . ويكون سبيل الخلاص الوطني من الصهيونية والانعتاق من الاستعمار العالمي بوضع حد لهذه الأسباب وتلافيها للنهوض العام فلسطينيا وعربيا وإسلاميا . ومن أبرز هذه العوامل المؤدية للخلاص والتحرير الكامل ما يلي : توحيد الحركات السياسية في فلسطين ، الإسلامية والوطنية في كيان سياسي جامع . والتحرير الشامل لفلسطين لا يكون إلا بالإسلام وذروة سنامه ، الجهاد في سبيل الله ، والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد المؤدي للتحرير الكامل . والتهيئة العربية والإسلامية العامة : عبر البناء العسكري والسياسي والاقتصادي الإسلامي الموحد والابتعاد على التشرذم والانقسام والسعي نحو التوحد تمهيدا للصدام القادم . وتجنيد الأمة العربية وتجميع قواها المثلثة : السياسية والعسكرية والاقتصادية من أجل تحقيق النصر المبين . واختيار الموعد المناسب لشن الحرب القادمة ( المفاجأة ) . والاستفادة التامة من امكانات الجهاد والفداء الفلسطيني . واستخلاص العبر والعظات من تاريخ الأمة العربية الإسلامية وكيفية بناء الحضارة المتقدمة والتغلب على الأعداء مهما بلغت قوتهم العسكرية ، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله .

[1] د. طارق السويدان ، فلسطين .. التاريخ المصور ( نابلس : مكتبة دار الإعلام ، 2005 ) ، ص 296 .
[2] مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، فلسطين ، مرجع سابق ، ص 235 – 236 .
[3] مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، فلسطين تاريخها وقضيتها ، مرجع السابق ، ص 238 – 240 ، ود. طارق السويدان ، فلسطين .. التاريخ المصور ( نابلس : مكتبة دار الإعلام ، 2005 ) ، ص 299 .
[4] د. طارق السويدان ، مرجع سابق ، ص 301 .
[5] صلاح خلف ( أبو إياد ) ، فلسطيني بلا هوية ، مرجع سابق ، ص 109 .
[6] مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، فلسطين ، مرجع سابق ، ص 240 .
[7] محمد محمد حسن شراب ، مرجع سابق ، ص 480 .
[8] مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، مرجع سابق ، ص 240 – 241 .
[9]المرجع السابق ، ص 241 .

ليست هناك تعليقات: