الاثنين، 28 سبتمبر 2009

وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا .. هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا .. النوم نصف الجمال والصحة

وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ..
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ..
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ..
النوم نصف الجمال والصحة



د. كمال إبراهيم علاونه
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله المحيي المميت جل جلاله : { إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)}( القرآن المجيد ، الزمر ) .

لقد خلق الله الإنسان ، وخلق النهار والليل ، لتمكين الناس من متابعة حياتهم الطبيعية ، فالحياة كد وعمل ، وجهد واجتهاد ، ولا بد للجسم المجهد أن ينال قسطا من الراحة والاستقرار النفسي والبدني ، وهذا ما يوفره له النوم في ساعات الليل . فالحياة الطبيعية تقسم إلى قسمين : قسم فعال ، يتمثل في البحث عن الرزق وعبادة الله تبارك وتعالى ، وقسم خامل يتمثل في الحاجة الطبيعية للنوم . وبدون النوم فإن الحياة تكون طعمها بائس وساعاتها كئيبة . وهناك أمثلة على قلة نوم بعض الناس ، حيث أصبحوا يرون الأشياء بالمقلوب ، ولا يركزون في تفكيرهم ، فإذا نقصت ساعات نوم الفرد فإنه يصبح عبارة عن كتلة بشرية خاملة ، تعاني من التعب والإرهاق ، وعليه فإن الله خالق الخلق أجمعين جعل النهار معاشا وجعل النوم مستقرا هادئا .

النوم .. الحياة والموت اليومي

يقول الله البارئ المصور له الأسماء الحسنى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
والنوم نوع من أنواع الموت اليومي ثم الاستيقاظ في حياة جديدة متجددة ليقوم الإنسان بالأعمال والأفعال المرجوة . وغني عن القول ، إن ظلام الليل ونور القمر في منازله المتصاعدة والمتراجعة ، من الهلال على البدر على المحاق ، ضروري لراحة الجسد والأعصاب لدى الكائنات الحية ، بينما يكون ضوء الشمس ضروريا للحياة العملية النشيطة . يقول الله الحي القيوم سبحانه وتعالى : { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)}( القرآن الحكيم ، يونس ) .

الحاجة للنوم الليلي

يقول الله ذو الجلال والإكرام جل في علاه : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)}( القرآن المجيد ، النبأ ) .

النوم من الاحتياجات الضرورية للإنسان ، سواء أكان طفلا أو رجلا أو إمرأة . ولكن المدة التي يحتاجها كل منهم تختلف باختلاف السن . فالطفل يحتاج إلى ما لا يقل عن 9 ساعات بينما يحتاج الإنسان الراشد ما بين 7 – 9 ساعات نوم يوميا .
ويحدث النوم نتيجة لتراكم وتجمع سموم الجسم على استطالات الحجيرات الدماغية فتنفصل الحجيرات عن بعضها بسبب ثقل هذه السموم وينقطع التيار العصبي بين مختلف مراكز الدماغ فيخدر النعاس الأعصاب لتستسلم إلى سبات عميق مريح . ويستغرق المرء في النوم إذا بذل مجهودا متعبا سواء أكان من الناحية العضلية أو العقلية لأن سموم جسمه الناتجة عن أعماله الكثيرة والمتنوعة تراكمت بغزارة والميل للنوم متقطعا إذا كانت الأعصاب مختلجة مضطربة أو إذا أمضى المرء يومه مستريحا دون عمل أو إجهاد . وبقذف السموم يستعيد الإنسان نشاطه وحيويته وترجع الاستطالات إلى نقل الرسالة العصبية ويعود الدماغ إلى عمله مجددا .

الابتعاد عن المنبهات لتأجيل النوم

إن كل علاج يعطى لتنبيه هذه الاستطالات وإيقاظ الحجرات الدماغية كتناول المنبهات من الشاي والقهوة واليانسون والأدوية الصناعية ، يتسبب في إرهاقها وتراكم السموم فيها فيصاب صاحبها باعتكار الذهن وباضطرابات المحاكمات العقلية وسوء الصحة . وتتوقف أعمال الحياة الحيوانية أثناء النوم توقفا تدريجيا مؤقتا أما الحياة النباتية – اللاإرادية – فتتابع مسالكها الطبيعية وتوالي أعمالها بحركة آلية غير عائدة بكل ما يصدر عنها إلى إرادة وشعور وهذا يعني أن الأعمال الصادرة عن المراكز الدماغية تتعطل وتتوقف بهجوم النقاط المقدرة لأوامرها إذ تسترخي العضلات وتهدأ الأعصاب المحركة لها فتبقى هذه الأعضاء التي ليس للعقل من سلطان على جهدها مثابرة على أعمالها مثابرة منتظمة كرقاص الساعة الذي لا يحتاج إلى من يسهر على موالاة أعماله ذهاب وإيابا . والله خال الخلق أجمعين أخبر بعباده الذين خلقهم في الحياة الدنيا للعبور باتجاه بوابة الحياة الآخرة ، يقول الله الحميد المجيد : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)}( القرآن الكريم ، غافر ) .

صلاة التهجد .. والعبادة الليلية

إن قيام الليل لدى الإنسان المسلم ، واجب فرضه الله رب العالمين على عباده المتقين ، ليكونوا نشيطين على مدار اليوم والليلة دون خمول ، ومسارعة لعبادة الله جل شأنه . يقول الله العظيم الحليم جل وعلا : { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)}( القرآن المبين ، الإسراء ) . ويقول الله مخاطبا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}( القرآن العظيم ، المزمل ) .
ويقول الله السميع البصير : { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}0 القرآن الحكيم ، الطور ) . ويصف الله عباده المتقين بقوله : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) } ( القرآن العظيم ، الذاريات ) . ويقول الله الغفور الرحيم : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .

صفات ومواصفات اللباس في النوم

ويقل قدوم الدم إلى الدماغ أثناء النوم فتتعطل المحاكمات الدماغية وتتوسع الأوعية الدموية المحيطة ، ولهذا يزداد نوعا ما تعرق الجسم ليلا عن تعرق النهار والاستغراق في غيبوبة الكرى يستدعي بطء الدورة الدموية وركود الدم في الشبكة الجلدية المحيطية فينجم عن ذلك وذمة في جميع أنحاء الجسم تتظاهر بانتفاخ الجفون والخدين وتزول بعد مغادرة النائم فراشه .
ومن القواعد الصحية أن يلبس الإنسان للنوم ألبسة قطنية لا حريرية ولا صوفية لتمتص العرق أثناء التدثر بالأغطية الكثيفة شتاء وتمتص ما يتصبب من الجسم في ساعات الحر صيفا .
ويجب أن تكون واسعة فضفاضة خالية من الأزرار والأحزمة كي لا تحول دون انتظام الدورة الدموية . وتنصح المرأة بالابتعاد عن استعمال الأحزمة والمنهدة ( السوتيان ) قبل الذهاب للنوم . ومن الضروري جدا عرض أغطية النوم ونشر الفراش وأغطية النوم في الهواء الطلق
وتحت أشعة الشمس الصباحية ليتبخر ما امتصته من عرق أثناء النوم ليلا .

الحاجة للهواء النقي أثناء النوم

إن النائم يتنفس ببطء ولكن شهيقه يغدو أعمق وأطول مما هو عليه في اليقظة فتزداد حاجته للهواء النقي ولهذا يجب أن تكون غرفة النوم واسعة وجيدة التهوية بحيث تجري عملية تهوية الغرفة يوميا بفتح أبوابها ونوافذها صيفا وشتاء ، فالغرفة التي يدخلها الهواء النقي تنزل السكينة على النائم وتضفي على دماغه الصفاء والنقاء .
ومن الضروري كذلك إجبار الأطفال وتعويدهم على عدم تغطية رؤوسهم أثناء النوم لا صيفا ولا شتاء لأن استنشاقهم الهواء الفاسد يجعلهم صفر الوجوه هزيلي الأجسام ضعيفي الإرادة ، ولا يجوز إيقاد المدافئ والكانون – المنقل – في غرفة النائم ولا وضع الزهور أو الحيوانات لأنها جميعا تستهلك الأوكسجين الموجود في الهواء داخل الغرفة واستهلاكها هذا يكون عبارة استهلاك واستنفاذ لروح الإنسان ، ونوم شخصين في فراش واحد مضر بالصحة – ولو كانا زوجين – لأن الهواء المنفوث من صدر كل نائم والعرق المتصبب من جسده يحتويان على مواد بتومايئينية ووجود هذه المواد السامة في غرفة النائم يعود عليه بالأذى والضرر .
ومن أعراض التسمم شعور النائم مع شخص آخر بثقل في الجسم وتعب حين الاستيقاظ وتكاسل وانحطاط وعدم ميل إلى الحركة أو مغادرة الفراش ويخبل العقل فيغدو خاملا غير نشيط .
هذا بالإضافة إلى أن حركات الشخصين المتجاورين تجعل نوم كل منهما متقطعا فلا يستغرق أحدهما في النوم ولا ينال قسطه من الراحة والسكينة والهدوء . وتقتضى قواعد الصحة أن ينام الإنسان بشكل أفقي لإتاحة الحرية للعضلات والمفاصل الاسترخاء والراحة .

النوم على الجنب الأيمن

جاء في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 372) حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ لَا وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " . وورد في صحيح مسلم - (ج 13 / ص 240) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَلْيَقُلْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ " .

وعلميا ، لقد أثبتت التجارب أن مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء في حالة النوم على اليمين يستغرق من ساعتين ونصف إلى أربع ساعات ونصف بينما تمتد هذه العملية من 5 – 8 ساعات إذا كان النائم مضطجعا على جنبه الأيسر . أما النوم على الظهر فله بعض المحاذير وهي سيلان المفرزات الأفقية على الخلف ودخولها البلعوم واسترخاء عضلات اللسان ولسان المزمار – أي اللهاه – أثناء النوم ويستدعي رجوعهما إلى الخلف إجبار النائم على الشخير وإعاقة تنفسه .
ومن الضروري عدم الاستلقاء على أسرة النوم في أعقاب تناول العشاء مباشرة لتترك فترة من الوقت كي تقوم المعدة بعضهم الطعام قبل أن تسترخي عضلاتها ولتكن وجبة العشاء المسائية أقل من وجبة لأن الاحتراقات وامتصاص الأغذية وتمثلها تبطئ أثناء النوم ، فيتزايد تكون الشحوم وتراكمها وقديما قال الأطباء ( النوم العميق يجلب السمنة ) والبدينون يستغرقون في النوم . أما الجهاز البولي فيتابع عمله ليلا ولكن ببطء بينما عند الطفل فتنشط كليتاه في الليل والنهار على حد سواء ولهذا ينصح الفتيان والفتيات بإفراغ السبيلين قبل النوم لإقصائهم عما يثير أحلامهم ، ومنعا للتبول عند الأطفال . ويبتعدوا جاهدين عن إجهاد الدماغ قبل النوم كأبحاث عميقة كالقراءة والتفكير ليكون الرقاد عميقا يفسح للذهن أن يستكمل راحته .
ويستغرق النائم عادة في نومه آخذا القسط الأوفى من راحته في ساعات الليل الأولى ، لهذا كانت الفائدة المتوخاة من نومه ما قبل الليل ضعف الفائدة المروة من نوم ما بعد منتصف الليل .

توزيع ساعات النوم

وتقتضي الغريزة علينا أن لا نبخس أجسامنا حقها في النوم وأن نوزع ساعات اليوم الأربع والعشرين إلى ثلاثة أقسام : فثماني ساعات للنوم ، ومثلها للعمل والثماني الباقيات نقضيها في قضاء الحاجات كالأكل والشرب والعمل واللهو الملتزم المفيد . وأن طيور الحمام على سبيل المثال – لا تعرف في طيرانها أكثر من 8 ساعات في اليوم الواحد حيث اكتشف هذا الأمر العالم الدكتور ( ستغنون ) ولهذا لا تكثر من السهر ونم مرتاحا .
وأما محاولة النوم أكثر مما تطلبه ويحتاجه الجسم فتسيء إلى الإنسان وتسبب له أمراضا وآلاما هو في غنى عنها لأن كثرة الراحة والنوم تستدعي بطء احتراق الأغذية وتراكم الشحوم في استرخاء العضلات ، فيشعر المرء بالتعب لأقل جهد وأدنى حركة فيلازمه الصداع والخمول ثم يغدو سمينا متشحما فيصبح أهلا للإصابة بالروماتزم والنقرس والبواسير وغيرها .

النوم في ساعات القيلولة

إن الإجهاد النفسي والجسدي في النهار يحتاج إراحة الجسم والعقل والروح ، ومواصلة ساعات العمل بشكل مستمر وطويل يؤدي على الخمول والكسل ، ويولد العصبية والانفعالات النفسية المرهقة ، ولهذا لا بد من الاستفادة من عادة نوم القيلولة لمن يتمكن من ذلك حسب طبيعية العمل . وينصح الطلبة أن يأخذوا قسطا من نوم القيلولة لتجديد نشاطهم ومتابعة التحصيل العلمي .

تفكير أولي الألباب بمعجزتي الليل والنهار

على أي حال ، إن معجزة اختلاف الليل والنهار هي من الأمور التي يحب التفكر بها لدى الإنسان ، ففي تعاقب الليل والنهار ، تستمر الحياة الطبيعية ، لمنفعة الناس وتسهيل شؤون حياتهم العامة والعادية ، وتأتي الأيام والأسابيع والفصول والسنوات والعقود والقرون في حركة دائبة لا تتوقف ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فسبحان الله أحسن الخالقين بديع السماوات والأرض . يقول الله العلي العظيم عز وجل : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .

منافع الليل والنهار

ومن فوائد تعاقب الليل والنهار ، كما ورد بكتاب الله العزيز : { إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}( القرآن العظيم ، الأنعام ) . ويقول الله الأحد الصمد لا إل إلا هو : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)}( القرآن الحكيم ، الفرقان ) .
ويقول الله عالم الغيب والشهادة : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)}( القرآن المجيد ، الفرقان ) . كما يقول الله الغني الحميد تبارك وتعالى : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)}( القرآن العظيم ، الإسراء ) .
وبهذا فإن لليل والنهار منافع وفوائد للإنسان من أهمها :
أولا : العظة والاعتبار بجناحي الحياة والموت والتقريب للأذهان بأن الله هو القادر على معجزتي الحياة والموت بجميع الأشكال والسبل بما فيها حياة الإنسان بالنهار ومماته بالليل ثم إحيائه تارة أخرى وهكذا دواليك .
ثانيا : راحة الإنسان بعد التعب والمشقة .
ثالثا : معرفة عدد السنين والحساب ، في تعاقب الليل والنهار ، والشمس والقمر والنجوم في السماوات والأرض . وتوقيت ساعات العبادة لله في الصلاة والزكاة والصيام والحج وذكر الله الجليل الكبير .
رابعا : خلق النور والظلام المتتابع . فالنهار مبصرا والليل لسكن وإطمئنان الإنسان .
خامسا : الحياة الزوجية والتكاثر الطبيعي وهي حياة اللباس الليلي .

ونوما صحيا هادئا وهانئا نتمناه لكم دوما وعبادة ليلية متقبلة من الله سبحانه وتعالى . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


ملاحظة : نشرت هذه المادة الإعلامية في صحيفة ( الفجر ) المقدسية ، العدد 4326 ، 18 / 1 / 1987 ، الصفحة الأخيرة . مع إدخال إضافات جديدة عليها .

ليست هناك تعليقات: