الاثنين، 20 يوليو 2009

وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ .. الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ .. الأعراس والحفلات الصاخبة

وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ..

الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ ..

الأعراس والحفلات الصاخبة


د. كمال إبراهيم علاونه
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
أستاذ العلوم السياسية
نابلس - فلسطين

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله في الكتاب المبين : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) }( القرآن المجيد ، لقمان ) . وجاء في صحيح مسلم - (ج 11 / ص 31) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ " .

توطئة
تكثر الأعراس الشعبية في فلسطين والوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر وفي العالم ، التقليدية الزجلية والحداية والتراث الشعبي ، والأعراس الجديدة التي تستخدم الموسيقى الغربية الصاخبة والصفير القبيح ، والتزمير والتطبيل ، وما يصاحبها من القُبل والتَقبيل ، الشرعية وغير الشرعية ، في ساعات قبل أو بعد صلاة المغرب بصورة يومية أو شبه يومية أو عدة أيام بالأسبوع ، وذلك في فصل الصيف في السنة أكثر من غيره من الفصول .
وهناك بعض العائلات العربية أو المسلمة التي لا تمتلك الأموال الكافية لتمويل المستلزمات الأساسية للأعراس الاجتماعية أو لتمكين أبناءها من التسجيل في الجامعات المحلية أو العربية أو الأجنبية . ولكن هذه العائلات تلجأ للمبالغة في حفلات الأفراح والأعراس عند تنظيم حفل خطبة أو زواج أحد شبابها أو بناتها ، فتستقدم هذه الأسر الزجالين أو الفرق الموسيقية أو كلتيهما معا ، والتي تصطحب بدورها معها مكبرات الصوت الجهورية التي تصدر أصواتا نشازا مرتفعة وكأنها تبث لمدينة كبيرة أو عدة قرى أو مخيمات أو معسكرات أو تجماعت سكانية مجاورة وتبدو كأنها إذاعة مسموعة أو محطة تلفزيونية محلية متنقلة . وتبدأ هذه الإذاعة المتنقلة أو الثابتة بإصدار وبث ونشر الأغاني الشعبية أو الغزلية الماجنة والخليعة أحيانا أخرى في الهواء ، وعلى الهواء مباشرة ، بعد ساعات العصر أو قبل أذان صلاة المغرب ، ولا تتوقف الكثير من هذه الفرق الموسيقية عن الغناء أثناء رفع الأذان للصلوات وخاصة صلوات المغرب أو العشاء أو الفجر في كثير من الأحيان وهي مهزلة هزلية مريبة لاهثة وباحثة عن اللهو غير المفيد .
وغني عن القول ، إن الاحتفال والفرح والمرح الفردي والجماعي والشعبي ، أمر لا مفر منه للمواطن في أي بقعة من بقاع العالم ، للعريس والعروس وأهلهما وذويهما وأصدقائهما وأحبابهما ومن لف لفهما من الضيوف ، كنوع من اللهو المباح إسلاميا ، ولكن الكثير من هذه الاحتفالات تجاوزت الخطوط الحمر ، فمارست الغناء الصاخب والماجن ، سواء لكل جنس على حدة أو بتوليفة الجنسين ، الذكور والإناث في صالة واحدة أو مكان واحد ، فلم يعد يعنيها تطبيق تعاليم الإسلام العظيم ، بالفرح والمرح المعتدل بفصل الجنسين عن بعضهما ، وترديد النشيد الديني أو الوطني أو الشعبي أو القومي الأخلاقي الأصيل ، كما أنه لم يعد يعنيها كذلك راحة واستقرار ونوم الأطفال والمرضى والطلبة الثانويين لشهادة الثانوية العامة ( التوجيهي ) أو الطلبة الجامعيين في امتحاناتهم والعمال والموظفين وربات البيوت وغيرها من الفئات الاجتماعية ، فبدا أن هم هؤلاء الناس هو الغناء والفرح وافتعال الضجة والضجيج العالي بلا داعي ، فهل يا ترى هذا هو الفرح الأكيد ؟ أن يفرح الإنسان ، كالعريس والناجح في الثانوية العامة بعلامة 50 % فأعلى ، ويزعج الآخرين عبر التنكيد النكد النكيد ؟؟ ما لكم كيف تحكمون ؟ وكيف تنظرون ؟ ولماذا هكذا تصفرون وتزغردون وتصفقون ؟ ولماذا ترضون بهذا الأمر العجيب الغريب ؟ فالفرح هو فرح قلبي ووجداني شخصي وجماعي ، وغناء وزجل ودبكة شعبية بصوت هادئ متزن ومتوازن ، بعيدا عن الهبل والاستفخاف بالآخرين ، فلا يزعج الجيران أو الحي بأكمله أو القرية بأكملها أو المخيم بأكمله . فيا أيها الناس افرحوا وأمرحوا ولكن لا تزعجوا غيركم !! وما ترضونه لأنفسكم ارتضوه لغيركم ؟؟ ولا تكونوا من هواة الضجة والضجيج المقيت ، ولا تفتعلوا الفرح بل كونوا معتدلين . وتذكروا أيها المحتفلون بالصخب والضجيج ، كلام الله العزيز الرحيم وشديد العقاب : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}( القرآن الحكيم ، الحجر ) . فلا تجعلوا الأمل المرافق بالفسوق والفجور يأخذ نصيبه لديكم وعندكم في الحياة الدنيا ، في الحياة الخاصة والعائلية والعامة .
وكلمة لا بد منها ، وهي أن كثيرا من المحتفلين بالفرق الموسيقية الصاخبة يكونون قد اقترضوا أموالا من البنوك أو الأقارب لتمويل هذه الحفلات الماجنة ، ولا يستطيعون توفير الحاجيات الرئيسية لبيت الزوجية أو التسجيل الجامعي فيلجأون للكماليات الفارغة من المحتوى والمضمون ، وكأنهم يمارسون هواية الانتحار المالي الذاتي ، في سبيل تفريح الناس أو تقديم الأغاني الممجوجة لهم ، دون وجه حق ودون استشارتهم أو الطلب منهم ، وبعد ذلك بحين قصير يندمون على ما فعلوا وكان يلهون !! . فلا تندموا وحكموا عقولكم لا عواطفكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم ربكم ، رب العزة والجبروت ، وقبل أن يحاسبكم غيركم ويرمونكم بأبشع الصفات والنكات ؟
على العموم ، إن تنظيم الاحتفالات والمهرجانات واستجلاب الفرق الموسيقية وما يدعون بالفنانين والمغنين ، من المخنثين الماجنين ، والديوثين ، والراقصات والمغنيات اللاعبات على أحبال الهوى كأحبال البالية المقيت ، زورا وبهتانا ، واستقدام الزجالين لإحياء الأعراس الشعبية ، لممارسة اللهو الهابط في قعر الحياة الاجتماعية . فالمهرجانات والأعراس الشعبية هي من أنواع الفن والأخلاق والذوق الرفيع ، وليست من قلة الحياء وممارسة السادية والتلذذ بعذابات الآخرين من القريبين من مواقع الاحتفالات ذات البث بموجات صوتية عالية التردد مما يسبب القلق والأرق للجيران في البيوت والأحياء ويولد بعض المشاكل الاجتماعية بين العائلات القريبة والبعيدة على السواء ، وتظهر النعرات الطائفية والعشائرية والقبلية السياسية أحيانا أخرى .
ويذكر أن شكاوى كثيرة من المواطنين العرب والمسلمين والغربيين في شتى بقاع العالم ، من أقصاه على أقصاه ، جراء سوء استغلال الفرق الموسيقية وعشرات من أصحاب الأعراس لمكبرات الصوت العالية الأصوات في الاحتفالات الشخصية للأعراس التي تمتد لساعات ما بعد منتصف الليل ، أو حتى ساعات الفجر الأولى ، مما يسبب إرباكا وإرهاقا للمواطنين العاديين وذوي المصالح والمشاغل الاجتماعية الأخرى وخاصة في فصل الصيف الذي تكثر به حفلات الأعراس التقليدية الشعبية والموسيقية الغربية .
وأفاد العدد من المواطنين والمغتربين في بعض قارات العالم ، وخاصة آسيا وإفريقيا ، عن امتعاضهم من التصرفات اللامسؤولة التي يمارسها البعض ويصر عليها ، وكأنها جزءا من حياته المتقلبة ، لأن هذه الظاهرة الاحتفالية الممزوجة بدموع الفرح في بداياتها ، ودموع الحزن في آخرها ، أنهم لا يتمكنون من النوم الطبيعي في ظل الموسيقى الصاخبة الناتجة عن الأعراس والأصوات العالية النكرة المنبعثة في ساعات الليل وخاصة بعد منتصف الليل وساعات الفجر الأولى ، فيتقلب الإنسان على فراشه دون التمكن من النوم الطبيعي ويضطر في كثير من الأحيان أن يغلق جميع الأبواب والشبابيك ولكن دون جدوى ، فالجدران لا تمنع الصخب ، فالموسيقى صاخبة ، والضجيج عالي التردد ، والغناء الهابط ينتشر أصواته النكرة دونما إلتفات لحقوق الآخرين الذين يتوقون للنوم الهادئ بعيدا عن شخير الشاخرين ، وصولات وجولات المهووسين ، ولا يرغبون في المشاركة القسرية في هذه الاحتفالات الطويلة المدة وذات البث المنتشر لمساحات واسعة من البيوت والأرض .
من جهة أخرى ، فإن استخدام المفرقعات والألعاب النارية الغريبة العجيبة ، ذات الأصوات المرتفعة في الأعراس واحتفالات التخريج الجامعي والنجاح في شهادة الثانوية العامة تسبب مشاجرات ومشكلات بين مطلقيها والمتضررين من استعمالها ن فهذا يلعن هذا وهذا يسب والدي هذا ، وهذا يهدد ويتوعد ، وربما تحضر الشرطة وتشارك في الحجز بين المتشاجرين لأتفه الأسباب .
يذكر أن استعمال الفرق الموسيقية والأغاني الخليعة والغزلية الماجنة ، أصبحت عادة مملة للمواطنين عندما ترتفع أصوات الآلات الموسيقية والمغنين النشاز وتسبب قلقا وأرقا للمواطنين ، وتعطلهم عن أشغالهم ، وتضر بالطلبة الذين يتقدمون للامتحانات الجامعية وغيرها وتسبب إزعاجا كبير للأطفال . ويتمثل الملل بإنبعاث صفارات الصفير الحربي غير الرحب وتواصل التصفيق المتعالي ليصل عنان السماء والزغاريد الهابطة غير السوية .
وعلى سبيل المثال ، في فلسطين ، وخاصة في الآونة الأخيرة ، اتخذت الشرطة الفلسطينية ، قرارات صائبة بمنع استمرار الحفلات والغناء بعد منتصف الليل ، ومنع استخدام المفرقعات والألعاب النارية التي تسبب أضرارا للمجتمع المحلي الفلسطيني ، وإن جاءت هذه القرارات متأخرة ، فأفضل من غيابها ، ولكن هذه القرارات بحاجة لتنفيذ فعلي على أرض الواقع ، وأن تكون الشرطة الفلسطينية بالمرصاد لمن يخالف التعليمات وتحميله المسؤولية القانونية والأخلاقية على التجاوزات بالحجز ودفع الغرامات . ويتطلع المواطن الفلسطيني إلى الشرطة الفلسطينية للحفاظ على أمنه الاجتماعي ، والحيلولة دون الإزعاج والإقلاق وسوء الأخلاق . ومنع الاستمرار في مهاترات الأفراح والليالي غير الملاح للمواطنين ، بالحسنى والقوة معا ، ويدا بيدا في خطين متوازين ، لأن هناك تجاوزات مريبة ومضللة ومرهقة ومزعجة لأمن الناس وأمانهم إجتماعيا وأخلاقيا ونفسيا . وكما استطاعت ونجحت الشرطة الفلسطينية بوضع حد للفلتان الأمني ، وتحريم ومنع إطلاق النار الكثيف والقليل في الأعراس ينظر لها أبناء الشعب الفلسطيني ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كولاية جغرافية واحدة موحدة ، لتأخذ على عاتقها هذه المرة مسألة منع التجاوزات في الاحتفالات والمهرجانات العائلية كالأعراس والنجاحات الطلابية .
المطلوب من أهل الأعراس والحفلات الجماعية

وبناء عليه ، وللحفاظ على مجتمع محلي سوي ، بعيدا عن المشكلات والمنغصات ، والحلول العلاجية ، فإن هناك العديد من المطالب الشعبية الوقائية ، المطلوبة من أهل الأعراس والاحتفالات والمهرجانات في جميع أنحاء العالم ، فلسطين والوطن العربي والوطن الإسلامي ، وقارات العالم كافة ، للأمتين العربية والإسلامية ، التي ينبغي التقيد بها على سبيل المثال لا الحصر :
أولا : مراعاة الأصول والتعاليم والقيم الإسلامية في الأعراس والاحتفالات الطلابية الثانوية والجامعية والنذور والشفاء من الأمراض . والتركيز في الاحتفالات والمهرجانات على المسائل الإسلامية والوطنية والابتعاد عن الانحلال الأخلاقي والاجتماعي ، فأرض فلسطين لا زالت محتلة ، والوطن العربي لا زال يعاني من ويلات الاستعمار الثقافي والأخلاقي والإعلامي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري ، ويجب أن نحافظ على التماسك الاجتماعي والوطني والتعزيز الاقتصادي والابتعاد عن الميوعة والتقليد الأعمى للغرب واستبدال الأغاني الماجنة بالملتزمة أخلاقيا وإسلاميا وقوميا ووطنيا . ولهذا يجب أن نبتعد عن مزامير الشيطان ، وأن نعبد ربنا في كل شيء ، ولا نذل ولا نهان ، فلا تذلوا أنفسكم وترددوا أو تسمعوا مزامير الشياطين الإنسية والجنية على السواء ، سواء بسواء .
يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}( القرآن العظيم ، فاطر ) .
فيا أيها الناس ، لا تكونوا من أصحاب جهنم وأصحاب السعير ، فالمزامير الشيطانية لا تجلب الأفراح بل تجلب الغثيان والأتراح وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة . وتحلوا وتمسكوا بسنن رسول اله المصطفى في إحياء الأفراح وابتعدوا عن التقليد الأعمى للغرب والغربيين الفاسقين ، وما يسمى بظواهر الفن والفنانين الذين يجترحون السيئات وإياكم وشرب الخمور والمسكرات ، بل وزعوا الحلوى والعصائر والشيكولاته ولا تنسوا ذبح الذبائح للولائم العربية الإسلامية الأصيلة وطبخ المناسف وسدور الطبيخ الشعبي التراثي وتقديمها للضيوف الكرام .
ثانيا : عدم الاستمرار فترة طويلة في الغناء والثناء والضحكات والقهقهات العالية ، واستخدام مكبرات الصوت والأجراس غير المستساغة سمعيا وصحيا على أن لا تتجاوز ساعة منتصف الليل . وأنشدوا الأناشيد الشعبية المعبرة ، التي تشحذ الهمم ، وتقوي القلوب والألفة والمحبة والود والتصافي والتصافح الاجتماعي .
ثالثا : تنظيم الأعراس الجماعية لتخفيف التكاليف المادية على أهالي الأعراس ، وتخفيف الضجيج المنبعث من الأدوات الموسيقية الصاخبة .
رابعا : تحديد أماكن بعيدة عن التجمعات السكانية ( قاعات الأفراح ) التي تستخدم آلات موسيقية ماجنة وصاخبة .
خامسا : عدم استخدام المفرقعات والألعاب النارية وسط المناطق السكنية المأهولة ، فهذه الألعاب والمفرقات تسبب إزعاجا اجتماعيا وصحيا ونفسيا للآخرين ، وتثقل من ديون المحتفلين في غالب الأحيان ، فلا داعي لها .
سادسا : تنظيم حفلات أعراس شعبية هادئة ، دون ضجيج عالي ، فيقتصر الغناء والنشيد داخل قاعات الأفراح . وإلزام صالات الأفراح بوضع صوف صخرى ومكيفات صيفية للتغلب عن أصوات الضجيج الخارجي . فيفرح المحتفلين ولا يزعجون غيرهم في البيوت المجاورة .
سابعا : لا داعي للتبذير في التصوير ، تصوير الفيديو ، وإرهاق ميزانية الاحتفال أكثر فأكثر . ولا تقوموا بالتصوير الجماعي للنساء والرجال ، بل افصلوا بينهم ، ولا تصورا النساء الكاسيات وشبه العاريات والراقصات أثناء التصوير وتوزيعها على الآخرين ، من ما يسمون بالأصدقاء والمعجبين ، فهذا إثم مبين .
ثامنا : تسيير دوريات شرطية مدنية ( مثل شرطة الآداب أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) لمراقبة تطبيق القرارات الرسمية الصادرة بهذا الخصوص لمنع الضجيج والزعيق للسفهاء ، والنعيق كالبومة والغربان والنهيق كالحمير بأصوات عالية ، لبعض السُكارى ، في الاحتفالات المذكورة أو شرب المسكرات وممارسة السكير للمنكرات والإعتداء على الآخرين وهو ثمل لا يعقل ما يقول . ومن الضروري احتجاز كل من يخالف هذه القرارات سواء العريس وأقاربه أو الذين يمارسون هويات الإزعاج المنبوذة ومصادرة الالآت الموسيقية التي تتجاوز حدودها ، ويفترض التحديد الفني لموجات التردد الصوتي لتجنب الإزعاج والتباهي بعلو الأصوات المنكرة والنكرة من الجهات الرسمية ذات العلاقة .

أضرار الاحتفالات الصاخبة والماجنة

على أي حال ، هناك العديد من الأضرار العامة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية التي تنجم عن الاحتفالات الماجنة الصاخبة ، كنوع من اللهو غير المشروع ، بل هو منكر من المنكرات الإسلامية التي يجب محاربتها ، وممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها ، أسوة بغيرها من المنكرات . ومما يذكر ، أن من يمارس الغواية والضلالة سيكون له عقاب دنيوي وأخروي في الآن ذاته ، فالله ذي الطول شديد العقاب ، يمهل ولا يهمل . ومن أهم هذه الأضرار المتأتية عن الحفلات الهابطة ذات البذخ والترف الكبيرين ، الآتي :
أولا : الأضرار الاقتصادية المتمثلة بزيادة تكاليف حفلات الزواج غير الضرورية ، من حجز القاعات والصالات الباهظة التكاليف واستئجار الفرق الموسيقية غير الملتزمة ، فتعميم الزواج والفرح وممارسة الحرية الاجتماعية لا يكون بهذه الطرق غير القويمة .
ثانيا : الأضرار الاجتماعية : مما تسببه تلك الحفلات والمهرجانات السفيهة من السفهاء ، من موبقات وكبائر من مسكرات ورقص مختلط خليع بعيد عن العادات والتقاليد العربية والإسلامية الأصيلة والأصلية ، وخاصة لأبناء شعبنا الفلسطيني المرابط في ارض الرباط العربية الإسلامية ضد الاحتلال الصهيوني ، فالاحتلال لا يواجهه السكارى والمخنثين بل الرجال الأشداء والنساء المجاهدات في كل حين من الدهر . وهذه الاحتفالات الماجنة تسبب الاختلاط الماجن المحرم إسلاميا ، وترتكب فيها المعاصي والآثام ، وتصنف هذه الحفلات ضمن التشبه غير الأخلاقي بغير المسلمين من الكفرة الفجرة من الملحدين الشيوعيين والعلمانيين ومن يسير على طريقتهم غير المثلى . وكذلك تسبب هذه الاحتفالات المارقة الخلافات والمشاجرات الداخلية ، والصراعات العائلية المميتة أحيانا المرفوضة أصلا .
ثالثا : الأضرار الصحية والنفسية : كالقلق والأرق وقلة النوم لجيران الحفلات الموسيقية ذات الأصوات المنكرة . فهناك الأطفال والمرضى والكبار في السن والطلبة ، والعاملين الذين سيتوجهون لأعمالهم في القطاعين الخاص والعام . وقلة النوم تسبب لهم الإرهاق الجسدي عدا عن الإرهاق العاطفي والنفسي الذي يترك آثارا سلبية تجاه المحتفلين .
وقال لي بعض الناس إنهم يضعون قطن في آذانهم كمصدات وواقيات صوتية لمنع الإزعاج والانزعاج من جيرانهم ، علما بأن الإسلام ظل يوصي بالجيران خيرا كثيرا ، فحق الجار مطلوب وواجب بحقه بعدم التعرض له بأي أذى مادي أو معنوي .
ومهما يكن من أمر ، فإن الكثير من الأعراس والمهرجانات واللقاءات الجماعية الموسيقية العالية الأصوات ، تنظم في أيام العطل الرسمية والجماعية والإجازات السنوية مما يسبب المتاعب والإرهاق للناس بدل استعادة الأنفاس ، وقضاء أوقات الراحة الطبيعية ، في الظلال الوارفة والحياة العادية البعيدة عن الضجر والتذمر والسفاهات القاتلة صحيا ونفسيا . وهؤلاء الناس المسببين الأضرار الجمة ، الممارسين لهذه الأفعال المشينة ، يساهمون في التوتر الصحي والنفسي والإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع الضغط ، والأزمات القلبية ، والهروب عن الناس ، لهم ولغيرهم ، فبدل أن توثق هذه الاجتماعات عرى العلاقات بين الناس تساعد في تحجيمها . وللأسف الكثير من الناس يستهوون اللهو الخليع الماجن والرقص المخملي الفاسق كرقص الزوج مع زوجته أمام الحاضرين الذكور والإناث على السواء ، أو رقص الفتيات مع الشباب ، أو رقص العريس مع العروس ، أمام كاميرات الفيديو ، كأفلام احتفالية ، وكأنها نواد ليلية تافهة ، والعياذ بالله السميع البصير والنصير من هذه الأفعال الذميمة ، وبعضهم قد يكون من المصلين الغافلين ، ويعتبرونه نوع من أنواع الفرح والتسلية والترفيه عن النفس ، وهو ليس كذلك ، فيجب الابتعاد عن صغائر الأمور وسفاسفها ، وتحاشي إرتكاب الفواحش والآثام بطريقة عمدية أو عفوية غجرية هامشية فكلاهما سواء في الإثم .
وقد ذم الله الحميد المجيد عز وجل الناس الذين يميلون للهو بقوله : { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } ( القرآن المبين ، الجمعة ) .
وكلمة ختامية ، لماذا لا تنظم الاحتفالات لحفلات الأعراس الفردية ، الصغرى على نطاق ضيق ، وأن يستخدم فيها أصوات البشر من المنشدين والمرددين للأغاني الشعبية ذات القيمة العالية ، والتراث القويم ، بلا مكبرات أصوات هادرة تهدر كالرعد القاصف في فصل الشتاء لا الصيف ، الذي يستهدف الأذنين ، فيسبب لها الهلع والخوف والأذى الصحي كالطرش أحيانا .
ونصائح مجانية لأهل الأعراس والحفلات : اجعلوا أعراسكم مسيرات اجتماعية هادئة ، وتعبئة إسلامية وقومية واجتماعية ملتزمة ، غير لاهية بعيدة عن اللهو الغفلة والضلال والضلالة ، ولا تقلدوا الضالين والمغضوب عليهم ، وابتعدوا عن الصفير الطويل والعميق ، والتصفيق الحاد ، وقلصوا تكاليف الحفلات والمهرجانات الزائلة ، وافرحوا بمعايير أخلاقية مستقيمة ، زاهدة غير مسرفة ، وابتعدوا عن أجراس الشياطين ، والموسيقى الزائفة ، وكونوا راشدين ، من المحسنين المتقين الأبرار ، وانتهوا عن الضجيج والإزعاج فهل أنتم منتهون ؟ وإعلموا أن حريتكم تقف عن بداية حرية غيركم . ولا تبذروا أموالكم تبذيرا ، يقول الله الحليم العظيم جل شانه { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) }( القرآن الكريم ، الإسراء ) .
فيا أيها الناس ، ويا معشر الشباب ، ويا معشر الرجال ، ويا معشر النساء والفتيات ، لا تبسطوا أيديكم كل البسط وتكلفوا أنفسكم ما لا طاقة لكم بها ماديا ومعنويا وقولوا قولا سديدا وافعلوا صنيعا مريدا ، ولا تكونوا تبعا للتقليد الأعمى الغربي من الحضارات الزائفة المارقة الهابطة والسافلة في أسفل سافلين ولا تلحقوا بالمزوقين والمزعقين والناعقين بلا استقامة دينية أو دنيوية أو أخروية .
آملين أعراسا واحتفالات شعبية عربية وإسلامية اجتماعية ، تمجد الشخصية والقيم العربية والإسلامية الأصيلة ، هادئة للجميع ، دون مشكلات ومنغصات ، ودامت الأفراح في دياركم العامرة . راجين من الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه لهم ، وأن يزيد التكاثر الطبيعي في صفوف الأمة العربية والإسلامية عموما ، وفي صفوف الشعب المسلم العربي الفلسطيني ، للمزيد من الرباط والمرابطة والمجاهدة والصبر في الأرض المقدسة أرض الآباء والأجداد .
ونقول لكل عريس وعروس : بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ ، وبالرفاء والبنين إن شاء الله تبارك وتعالى .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



ليست هناك تعليقات: