الخميس، 18 يونيو 2009

رسالة مفتوحة إلى السيد آية الله علي خامنئي - المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية


رسالة مفتوحة
إلى السيد آية الله علي خامنئي المحترم
المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية

د. كمال إبراهيم علاونه
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،

حضرة السيد آية الله علي خامنئي المحترم
المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية

الموضوع : الانتخابات الرئاسية الإيرانية العاشرة
ومستقبل إيران القادم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) ( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
أولا : قراءة في النتائج النهائية للانتخابات الإيرانية 2009
1. الترشيح للرئاسة الإيرانية :
فإن الانتخابات الرئاسية العاشرة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي نظمت يوم الجمعة المباركة 12 حزيران – يونيو 2009 ، وتنافس أربعة مرشحين أساسيين ببرامج انتخابية تكتيكية متقاربة وإستراتيجية ثابتة ، هم :
1. الدكتور المهندس محمود أحمدي نجاد ، الرئيس الإيراني المنتخب عام 2005 . وهو من المحافظين .
2. مير حسين موسوي – رئيس الوزراء الإيراني 1980 – 1989 . وهو من الإصلاحيين .
3. مهدي كروبي – رئيس مجلس الشورى الإيراني السابق ، ومؤسس حزب الثقة الوطنية ( اعتماد ملي ) . وهو من الإصلاحيين .
4. محسن رضائي . القائد السابق للحرس الثوري الإيراني . وهو من المحافظين .
وهؤلاء المرشحين الأربعة ، من أصل 475 مرشحا بما فيهم 42 إمرأة ، سجلوا رسميا في الفترة الرسمية إلكترونيا ويدويا ، في الفترة الواقعة بين 4 – 9 أيار 2009 ، انتقاهم من مئات المرشحين العاديين ليكونوا المرشحين الحقيقيين من الكثرة الكاثرة ، مجلس صيانة الدستور الإيراني ، في 20 أيار – مايو 2009 ، كما هو منصوص عليه في الدستور الإيراني الذي ينص على ضرورة أن يتمتع المرشح الرئاسي بخلفية سياسية ودينية وأن يحملالجنسية الإيرانية وأن يؤمن بمبادئ الجمهورية والديانة الرسمية في البلاد ، متضمنا بيانات رسمية وفعلية ، حسب القوانين الإيرانية يجب أن يكون المرشح للرئاسة رجل ( ذكر وليس أنثى ) و صاحب سابقة فيالدين أو السياسة ومن أصول إيرانية وتابع للجمهورية الإسلامية الإيرانية ويتمتعبحسن الشهرة ، ومؤمن وملتزم بالأصول والقوانين الإيرانية ومذهبها الرسمي . وهذا الانتقاء والاختيار النوعي والقليل العدد هو عين الصواب ، فلا داعي لمئات المرشحين وخاصة لمنصب هام لقيادة الشعب الإيراني في شتى المجالات والميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية ، والقليل في هذه الحالة يغني عن الكثير .
2. حملة الدعاية الرئاسية في إيران
انطلقت الحملة الدعائية الرئاسية للمرشحين الأربعة ، اعتبارا من 22 أيار – 10 حزيران 2009 ، لنحو ثلاثة أسابيع متصلة غير منفصلة ، ببرامج مختلفة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والنووية والفكرية المحلية والإسلامية والإقليمية والعالمية ، وذلك لتمثيل 72 مليون إنسان من الشعب الإيراني المسلم الشقيق ، يعيشون على مساحة شاسعة تقدر ب 1.648.195 كم² ، وأعطي الحق ل 46.26 مليون ناخب من الذكور والإناث ، بالمشاركة السياسية في التصويت ، ووزعت وزارة الداخلية الإيرانية 45713 صندوق اقتراع في 386 مدينة و558 ناحية ومنطقة في إيران ، ممن بلغ سن الثامنة عشرة من عمره ، ذكورا وإناثا ، في الاقتراع العلني العام في صناديق الاقتراع في مختلف أرجاء الجمهورية الإسلامية وتوجه أكثر من 39 مليون و165 ألف شخص لصناديق التصويت بما يشكل نسبة 85 % من مجمل أصحاب حق الاقتراع ، وما يكلف ذلك من جهد ومال ووقت ، لهو عرس شعبي إسلامي شوري ليس له مثيل في العالم . فقد اثبت الشعب المسلم الإيراني أنه على قدر المسؤولية وقادر ومستعد لتحمل الأعباء في الحرية والتحرير والاستقلال الوطني ، والمشاركة السياسية ، وأنه لفظ الامبريالية الأمريكية والبهلوية الشاهنشاهية البغيضة إلى غير رجعة ، التي أنهتها الثورة الإسلامية الكبرى بشهر شباط 1979 ، شهر الخير والبركة على إيران والوطن الإسلامي برمته ، والعالم أجمع ، حيث ولى وزال عهد الشاة البائد الذي كان قاعدة إستراتيجية من قواعد الاحتلال الأمريكي والهيمنة الاستعمارية الشريرة على مقدرات الأمة الإسلامية من أقصى العالم إلى أقصاه وذلك بفعل زخم الثورة الإسلامية الكبرى بقيادة الإمام الراحل آية الله روح الله الخميني طيب الله ثراه . على أي حال ، أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية العاشرة في 12 حزيران – يونيو 2009 ، اشتملت على حملة دعائية محلية وإقليمية وعالمية بأن الشعب الإيراني يمارس حقه في الشورى الإسلامية الموجهة ( الديموقراطية على النهج الغربي ) في اختيار الرئيس الإيراني ، لولاية محددة بفترة زمنية وفقا لما هو سائد في غالبية دول العالم ، باعتبار الولاية الانتخابية أربع سنوات قابلة للتجديد حسب ما يقرره الناخبون الإيرانيون . وقد أدلى كل مرشح بدلوه أمام أنصاره ، وأمام الشعب الإيراني قاطبة عبر وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية والانتر نت ، ويفترض أن تنتهي لنقول لجميع الناخبين والمنتخبين والمرشحين .. يا أيها الذين تنافسوا في الانتخابات الرئاسية الإيرانية ، الفائزين والمهزومين ، وما يتبعها من الانتخابات البرلمانية القادمة ، اتبعوا قول الله جل شأنه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) }( القرآن الكريم ، الأحزاب ) . فلا تستمروا في الردح الإعلامي وأوقفوا حملات التعرية والتشهير والاستخفاف بالآخرين ، وكونوا عباد الله إخوانا يرحمكم الله .
3 . نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية حزيران 2009
يقول الله تبارك وتعالى : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)) ( القرآن المجيد ، يوسف ) . توجه ملايين الناخبين الإيرانيين لصناديق الاقتراع كل في منطقة سكناه ، يوم الجمعة العظيمة في 12 حزيران – يونيو 2009 ، وبلغت نسبة التصويت الإجمالية حوالي 85 % من أصحاب حق الاقتراع ، أو ما يعادل أكثر من 39 مليون نسمة ونيف ، وامتنع أو عزف أكثر من 7 ملايين نسمة عن التصويت لأسباب خاصة بهم . وتعتبر نسبة التصويت المذكورة نسبة عالية ، في المعايير الفعلية العالمية ، حيث لوحظ التهافت على مراكز الاقتراع قبيل فتح أبواب المراكز الانتخابية منذ ساعات الصباح الباكر ، فاصطف الناس في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم ، لتحقيق أمنياتهم في انتخاب من يريدون . وتنافس الناس في التأشير كل على مرشحه ، فعملوا على إدخال الأوراق والبطاقات الانتخابية في صناديق الاقتراع التي ابتلعتها بنهم شديد ، وما لفت الانتباه وقوف المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد حوالي 40 دقيقة في طابور الصف للإدلاء بصوته ، كغيره من الناخبين ، وهي دعاية انتخابية ناجحة جدا ، من ناحية ، وتشير إلى التواضع العام لهذه الشخصية التاريخية في سماء الانتخابات الإيرانية ، ومناصرته للفقراء والمحرومين الذين دافع عن حقوقهم وسعى لإنصافهم عبر سني حكمه الأربع سنوات الخالية ما بين 2005 – 2009 . وقد حصل الدكتور المهندس محمود أحمدي نجاد ، صاحب الشعار البسيط والمتواضع الذي آتى أكله للمرة الثانية ( نستطيع ) على نسبة كبيرة من المصوتين بواقع 62.63 % من مجمل عدد الأصوات يجمل عددها في 24.527.516 صوتا لصالحه ، من أصل 39.165.191 صوتا ، على منافسه الآخر مير حسين موسوي صاحب شعار طويل براق لم يؤتي أكله ( تطور ايران بالقانون والعدالة والحرية ( فحاز على نسبة تصويت بلغت 33.75 % من مجمل عدد المشاركين في الاقتراع العام ، بما يساوي 13.216.411 صوتا ، وحاز محسن رضائي صاحب شعار ( حكومة إئتلافية ) على نسبة 1.73 % من إجمالي الأصوات المقترعة ، وحصل مهدي كروبي صاحب شعار ( التغيير ) على نسبة 0.85 % من الأصوات . فلم ينجح ثلاثة وفاز واحد بصورة طبيعية في انتخاب شوري مشهود ، فكان يوما مشهودا من الأيام الإسلامية الإيرانية المجيدة في التاريخ المعاصر ، يعتد به ويحسب في التقويم العام من الأعراس الشعبية الحقيقية في البلاد . وبحصول نجاد على أكثر من 50 % من مجمل عدد المقترعين الإيرانيين ، فقد تلافى حصول جولة ثانية من الانتخابات بعد أسبوع من الجولة الأولى ( الجولة الأولى 12 حزيران 2009 والجولة الثانية المفترضة 19 حزيران 2009 ، في حال عدم حصول أي مرشح على أكثر من نصف عدد المقترعين ) .
فيا أيها الإيرانيون النشامى ، عليك بالسواد الأعظم من الشعب ، ولا تنشروا الفوضى في الشوارع ، وتجعلوا الأجانب والغربيين يشمتوا فيكم وفي النظام الشوري الإسلامي ، فاقبلوا بالنتائج فالرئاسة تكليف وليست تشريف . ونورد هذه المعطيات من المعلومات التفصيلية نوعا ما وباختصار شديد ، للقاصي والداني ، للتذكير والذكرى ، فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، وتردع الكافرين والمنافقين والمشككين ، وهذا رد إجمالي على كل من يحاول الإدعاء بوجود تزييف وتزوير في الانتخابات الرئاسية الإيرانية فقد سارت هذه العملية الانتخابية ، كعرس وطني إيراني إسلامي كبير ، كما قال المرشد الأعلى خامنئي ( عرس حقيقي ) وعيد كبير لجميع الإيرانيين والرئيس المحترم المنتخب هو رئيس لكل الإيرانيين ، بلا استثناء ، وفق القانون وتحت القانون ، وإن شابها بعض التجاوزات هنا أو هناك ، فهي أمور سطحية وصغيرة وتافهة لا بد من تلافيها مستقبلا ، والشعب الإيراني المسلم مدعو للوحدة والتمسك بالإسلام العظيم ، والاعتصام بحبل الله المتين ، ونبذ الفرقة والنزاع ، لأن النزاع يجلب الفشل وذهاب الريح ، وذوبان توازن الرعب الحالي بين إيران الإسلامية وقوى الظلام الطغيانية . فإيران ليست محورا من محاور الشر وفق المقاييس الأمريكية ، بل هي خلية نحل دائبة الحركة ، تنتج العسل للأمة الإسلامية العظيمة بين الأمم ، أمة ذي القرنين المسلمة .
4. دروس وعبر من الانتخابات الرئاسية الإيرانية العاشرة
في كل شؤون الحياة الدنيا ، الزائلة الفانية ، يتعلم المرء كل ما هو جديد ، ويحاول التقييم والتقويم ، ويستخلص الإنسان الدروس والعبر والعظات الكبيرة والصغيرة على السواء ، للاستفادة منها في المرات المقبلة ، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية ، وبرأينا المتواضع ، من أهم هذه العبر الآتي :
أولا : تطبيق الأنظمة والقوانين على الجميع ، وكل راشد بالغ عاقل ذكرا أو أنثى ، يحق له المشاركة في التصويت ، فالناس سواسية كأسنان المشط ، ولا فرق بين صغير وكبير ، ويجب مكافأة المصيب ومحاسبة المخطأ .
ثانيا : اختيار الزمان والزمان المناسب : فقد كان زمان ومكان الانتخابات الإيرانية مناسب للجميع في صيف 2009 .
ثالثا : وضع ضوابط ومعايير شاملة وعامة للجميع ، وفق القواعد الإسلامية الصحيحة ، فالانتخابات هي من السياسة الإسلامية في إتباع نهج السواد الأعظم من الشعب في شؤون الحياة الدنيا والقرآن المجيد هو الدستور الإلهي الذي ارتضاه الله عز وجل لخلقه أجمعين حتى يوم الدين . وقد أحسنت القيادة الإيرانية صنعا حينما قلصت عدد المتنافسين لأربعة مرشحين فقط بعيدا عن التهويل والتزمير والتطبيل الإعلامي الأجوف والشكليات القاتلة ، فالجوهر والمضمون هو الأجدى والحل الأمثل ، ورحم الله إمرا عرف قدر نفسه ، وبهذا يجب إنزال الناس منازلهم على الصراط المستقيم .
رابعا : تمكين الذكور من المنافسة على الانتخابات الرئاسية ، وفق الأسس الإسلامية ، وتجنيب المرأة خوض المنافسة على منصب الرئيس مع السماح لها بالمشاركة في الانتخاب والترشيح والتصويت في الانتخابات البرلمانية والمحلية البلدية والجامعية والنقابية وسواها . وهذه عبرة وإستفادة إسلامية من حديث نبوي شريف مشهور ، كما جاء في صحيح البخاري - (ج 21 / ص 497) لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ : " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً " .
خامسا : قبول المرشحين ، الفائزين والمهزومين ، على السواء بنتائج العملية الشورية الإسلامية ، وعدم اختلاق الفوضى والاضطرابات والشغب في الأماكن العامة والشوارع ، لئلا يصطاد الأعداء في المياه العكرة . وبعد ظهور النتائج الرسمية يجب التصافح وتقديم المباركة للفائز والصف صفا واحدا خلف القيادة المنتخبة والابتعاد إفتعال المشكلات والتكسير للمباني والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة ، بل ينبغي اللجوء لكظم الغيظ وعدم الغضب .
سادسا : عدم الالتفات لضغوطات الأعداء ، وعدم السماح بالتدخل بالشأن الداخلي الإسلامي .
سابعا : الضبط والربط في الدعاية والحملة الانتخابية التي تسبق الانتخابات ، ويجب الالتزام بقواعد العملية الانتخابية وعدم التشهير بالآخرين ، وتوزيع الاتهامات جزافا دون وجه حق ، لأن ذلك يضعف من تماسك المجتمع المسلم والشعب المسلم ويخلق البلبلة في الصفوف مما يسهل عملية الاختراق الأمني للقوى الغربية المعادية .
ثامنا : إشراك مندوبي المتنافسين في الانتخابات في جميع مراكز التصويت والفرز قبل إعلان النتائج النهائية .
تاسعا : التعهد الإجباري من المرشحين بالحفاظ على الأمن والنظام وعدم افتعال الفوضى والشغب في الشوارع ، مهما كانت النتيجة للمتنافسين .
عاشرا : إشراك المنافسين الآخرين ومؤيديهم في تولي بعض الصلاحيات والسلطات حسب حجمهم في الانتخابات ، لأن وحدة الشعب ، ضرورية وحيوية للاستمساك بالعروة الوثقى لا انفصام لها . وسياسة الردح والتشويه والحملات الإعلامية المغرضة تساهم في شق الشعب وتمزيقه ، ولهذا يجب تحاشي كيل الاتهامات جزافا دون حسيب أو رقيب بشري أو قانوني .
5 . لماذا نجح محمود أحمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية الإيرانية ؟
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي سرعت في إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد وحصوله على نتيجة انتخابية ساحقة وصاعقة في الآن ذاته لولاية ثانية مكونة من أربع سنوات خضر جديدة ، لعل من أهمها الآتي :
أولا : الدعم القيادي من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي يشرف على الشؤون الإستراتيجية الكبرى والمصلحة العليا لإيران الإسلامية .
ثانيا : خلفيته العسكرية ، في الحرس الثوري الإيراني ، حامي الثورة منذ انطلاقتها في شباط 1979 حتى الآن . وكان مهندسا عسكريا في الحرس الثوري .
ثالثا : زهده وتواضعه وشعبيته بين الناس . حيث كان يجلس معهم على البساط الأرضي والحصير ويحتك بهم يوما بيوم ويأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون ويمشي معهم في الأسواق وتركيزه على الأرياف وعدم إغفال المدن . وقيل إنه يلبس جاكيتا ثمنه دولار أمريكي واحد ، وهو ثمن قليل ورخيص . فقد حمده الناس نتيجة صنائعه الجامعة السابقة فأعطوه ثقتهم بيسر وسهولة .
رابعا : الولاية الرئاسية السابقة لأربع سنوات امتدت ما بين 2005 – 2009 ، مما مكنه من تحقيق فوز ساحق وماحق لمنافسيه الثلاثة الآخرين . ومساعدة الحكومة الإيرانية له لعلمها بشجاعته وزهده وترابط المصالح العليا في المؤسسات الحكومية في البلاد . وفي الجانب الآخر ، غياب منافسه الرئيس مير حسين موسوي عن الساحة السياسية قرابة 20 عاما وقد لعبت الدعاية الإعلامية الناجحة واللقاءات الشعبية في الترويج الواسع لبرامجه الآنية والمستقبلية على حد سواء .
خامسا : الشهادة العلمية العليا : فمحمود أحمدي نجاد متحصل على الشهادة الجامعية الثالثة في الدكتوراه في الهندسة والتخطيط ، وعمره الشبابي ( 52 عاما ) ، الذي استقطب فئات الشباب أكثر من منافسه مير حسين موسوي الطاعن في السن ( 67 عاما ) .
سادسا : خلفيته البلدية السابقة ، خاصة وأنه كان رئيسا لبلدية طهران ، العاصمة الإيرانية ، أكبر المدن الإيرانية ، قبل انتخابه رئيسا للبلاد في الولاية الثانية التي بدأت عام 2005 . وتشكل طهران نحو 12 مليون من أصل 72 مليون نسمة عدد سكان إيران .
سابعا : تحديه للغرب من الأمريكان والأوروبيين ، وتهديد الكيان الصهيوني ، بالإزالة عن الوجود ( محو إسرائيل عن الخارطة السياسية في العالم ) . وتحالفه مع أعداء أمريكا مثل روسيا وفنزويلا وغيره ، وخطاباته النارية الجهادية الإسلامية المعبرة ومعاملة الغربيين الند للند دون خوف أو وجل ، بعكس المرشحين الثلاثة الآخرين الذي كانوا يدعون في برامجهم الانتخابية للتعاون مع الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا . وقد لعبت هذه المسألة دورا مهما في إعادة انتخابه كونه ارتقى بمستوى إيران لمصاف الدول العالمية حيث يقول ( إيران الإسلامية دولة عظمى ) .
ثامنا : دخول أطراف خارجية تصطاد في المياه العكرة في إيران . فالابن الأكبر لشاة إيران المخلوع ظهر على السطح الإعلامي فجأة وبدأ يناطح إعلاميا متحديا الإرادة القومية والإسلامية الإيرانية مما دفع الناس تجاه انتخاب نجاد كشخصية دينية مهنية لها باع طويل في مقارعة الأعداء .
تاسعا : الإشراف الشخصي على المفاعلات النووية الإيرانية ، متحديا وكالة الطاقة النووية الدولية والتهديد الأمريكي والغربي .
عاشرا : استمرار المقاطعة الأجنبية ( الأمريكية والأوروبية ) لإيران ، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، وبناء علاقات طيبة مع روسيا والصين وغيرها من الدول المعادية لأحادية القطب العالمي . فرأي الرأي العام الإيراني أن نجاد هو الشخصية المناسبة لقيادته لأربع سنوات قادمة .
حادي عشر : الدعم الرسمي الإيراني في عهده لحركات المقاومة في فلسطين : حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وحركة الجهاد الإسلامي ، وفي لبنان حزب الله الذي تصدى لأعتى هجمة عدوانية في صيف 2006 . ويذكر أن بعض استطلاعات الرأي العام الأمريكي التي سبقت الانتخابات الرئاسية كانت أظهرت تفوق نجاد على منافسه الرئيسي موسوي بنسبة 2 : 1 وهذا ما حصل تقريبا .
ثاني عشر : انتشار فساد بعض المرشحين المناوئين له ، وفضحهم عبر وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية . وثنائية المرشحين الإصلاحيين ( مير حسين موسوي ومهدي كروبي ) وعدم اتفاق الإصلاحيين على مرشح واحد يمثلهم .
على كل حال ، ساهمت هذه الأسباب والعوامل في جلب وحصد ملايين الأصوات حوالي 24.5 مليون صوت ، للمرشح الرئاسي محمود أحمدي نجاد . وفي جميع المقاييس الانتخابية والقانونية ، الرسمية والشعبية ، فإن الانتخابات الإسلامية الإيرانية صحيحة تمام الصحة ، وهذا هو خيار الشعب الإيراني المسلم ، وكل من يحتج على هذه النتيجة ، أو يشكك في نزاهتها ، ويطالب بإعادتها ، هو واهم كل الوهم ، ومخطئ كل الخطأ ، فالشعب أدلى بدلوه وما على الجميع من الأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء ، إلا القبول والتسليم بالنتائج مع هذه النتيجة الشعبية الزخمة ، ولو كانت حلوة أو مرة المذاق ، وشمس الحقيقة لا تغطى بغربال . وقد وقفت إيران الإسلامية في وجه المخطط التآمري الاستعماري الأمريكي – الأوروبي – الصهيوني الجديد ، فيما يسمى بالشرق الأوسط الجديد ، شاء من شاء وأبى من أبى ، وكلمة الحق دائما لا تعجب الفجار والمنافقين والكفار من دول ومحميات الاستكبار ومن ملف لفهم ، في جميع أرجاء الكرة الأرضية . وكلمة حق تقال ، إن إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي ينادي دائما بالثورة الإسلامية مدعوما من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية علي خامنئي ، قد أثلج صدر السواد الأعظم من أبناء الأمة الإسلامية عامة والشعب الفلسطيني خاصة ، وهذا ما كان يتوقعه أصلا ، فالأصول والمنابت الإيرانية التي تتصدى وتتحدى لعنجهية وإرهاب الكيان الصهيوني في المحافل العالمية السياسية والاقتصادية والإعلامية والفكرية نجحت في نيل ثقة الشعب المسلم في إيران الإسلامية ، بعيدا عن أشباح الاستعمار الأمريكي القديم والحديث وما بينهما وما بين بينهما .
ثانيا : مستقبل إيران المنظور والبعيد
تتمتع إيران بموقع استراتيجي وجغرافي واقتصادي ونفطي مهم في العالم ، وتمتلك إيران قوة بشرية هائلة ، أكثر من 72 مليون نسمة ، ومساحة واسعة ، وحضارة زاهية ، طيلة قرون خالية ، وخاصة زمن الملك قورش الفارسي ، الذي قضى على مملكة بابل في أرض الرافدين ( العراق ) وتاريخ إسلامي مديد مجيد ، ونفط عالمي وجيد ، فإيران هي خامس دول العالم إنتاجا للذهب الأسود ( البترول ) وهو سلعة إستراتيجية حيوية للجميع ، وعلى كل هذا وذاك يتوقف مستقبل إيران في الآجال القصيرة والمتوسطة والطويلة ، الآجلة والعاجلة . وحسب العقيدة الإسلامية السمحة ، فإن ساحة إيران ستكون ملتقى للحرب القادمة ، زمن ظهور المسيخ الدجال في قرية مرو بمنطقة أصفهان ( أصبهان ) ، حيث يتبعه 70 ألف من يهود ، من أصحاب الطيالسة . ورد في صحيح مسلم - (ج 14 / ص 181) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ " . وورد في مسند أحمد - (ج 26 / ص 412) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْيَهُودِ عَلَيْهِمْ التِّيجَانُ " . وجاء في مسند أحمد - (ج 49 / ص 483) أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي . فَقَالَ لِي : مَا يُبْكِيكِ ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتُ الدَّجَّالَ فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ يَخْرُجْ الدَّجَّالُ وَأَنَا حَيٌّ كَفَيْتُكُمُوهُ وَإِنْ يَخْرُجْ الدَّجَّالُ بَعْدِي فَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَدِينَةَ فَيَنْزِلَ نَاحِيَتَهَا وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكَانِ فَيَخْرُجَ إِلَيْهِ شِرَارُ أَهْلِهَا حَتَّى الشَّامِ مَدِينَةٍ بِفِلَسْطِينَ بِبَابِ لُدٍّ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ مَرَّةً حَتَّى يَأْتِيَ فِلَسْطِينَ بَابَ لُدٍّ فَيَنْزِلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقْتُلَهُ ثُمَّ يَمْكُثَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِمَامًا عَدْلًا وَحَكَمًا مُقْسِطًا " .
ثالثا : المطلوب من إيران ..

الثورة الإسلامية .. والجمهورية الإسلامية
يقول الله القوي العزيز عز وجل : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)}( القرآن العظيم ، الأنفال ) . في سبيل التفوق والتقدم ، والمبادرة العامة الشاملة ، لخير الشعب الإيراني ، وخير الأمة الإسلامية جمعاء ، هناك جملة من المطالب الشعبية الإيرانية ، واجبة التحقيق والتطبيق ، من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية ، والرئاسة الإيرانية ، ومجلس صيانة الدستور الإيراني ، ومجلس الشورى الإيراني ، والقضاء الإيراني ، والجيش الإيراني ، والحرس الثوري والميليشيا ، للتمهيد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية المقبلة مستلهمة العبر والعظات من الحياة السياسية المنقوصة ، كما ظهرت بالانتخابات الرئاسية العاشرة في البلاد ، من أهمها :
أولا : ضرورة التعددية السياسية والحزبية في الحياة السياسية الإيرانية وفق نظام الشورى الإسلامي القويم .
ثانيا : كفالة الحرية الدينية وحرية التعبير عن الرأي للجميع : من المسلمين والنصارى واليهود وغيرهم . فلا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي . وعدم إجبار الناس على مذهب واحد من المذاهب الإسلامية السمحة ، بل ينبغي التركيز على الحياة الإسلامية الحقيقية وسيرة رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قلبا وقالبا ، ، ذكورا وإناثا ، كما وردت بالقرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة دون تغيير أو تحريف أو تبديل . وبهذا يجب تواصل العمل الفعلي على ترسيخ بنيان الإنسان المسلم والأسرة المسلمة والمؤسسة المسلمة والدولة المسلمة ، في البلاد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، وعدم تقليد الغرب الفاسد والمفسد الماجن بأي حال من الأحوال . ومن نافلة القول ، إن الحرية الدينية تشمل حوالي 300 ألف نصراني ، و40 ألف يهودي في جميع أرجاء إيران حسب التقديرات الإجمالية القصوى . ونعلم أن هناك 20 كنيسا يهوديا في طهران وحدها ، إذ يبلغ عدد سكان العاصمة الإيرانية قرابة 12 مليون نسمة .
ثالثا : تقوية الاقتصاد الإيراني : بالاعتماد على شتى الأجنحة الاقتصادية وخاصة النفط كممول أساسي للتطوير الزراعي والصناعي والسياحي والتجاري . وتحجيم نسبة البطالة ، والقضاء على الفقر ، وتحسين توزيع الدخل بين الأسر الإيرانية بشتى السبل والطرق الشرعية المستقيمة .
رابعا : إيران دولة عظمى في المنطقة والعالم : وهذا الأمر يُعزز ويُرسخ عبر الوحدة الوطنية الإيرانية الحقيقية ، ليكون الرأي العام الإسلامي في إيران متقارب الآراء والأفكار قادرا على صد العدوان الامبريالي المقبل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني عبر التهديد اليومي الظاهر والباطن .
خامسا : تعزيز القدرات العسكرية العامة : البرية والبحرية والجوية ، وتقوية المفاعلات النووية الإيرانية للاستخدام السلمي والحربي للردع النووي والوقاية والدفاع العسكري عن حمى البلاد الإسلامية الإيرانية كجزء من الوطن الإسلامي العزيز . فامتلاك السلاح النووي في إيران يحفظ التوازن العسكري والنووي في المربع القاري الآسيوي والإفريقي والأوروبي والأمريكي .
سادسا : ضرورة تطوير العلاقات العربية – الإيرانية ، والعلاقات الإيرانية – الإسلامية . ويتمثل هذا الأمر في ترسيخ العلاقات الطيبة مع الأمتين العربية والإسلامية ، وخاصة في أفغانستان والعراق وفلسطين . ودعم الثورة في أفغانستان والعراق لطرد المحتلين الأجانب ، من بلاد المسلمين ، ومن محيط إيران الإقليمي أيضا لتحاشي محاصرة إيران من حدودها الشرقية أو الغربية أو الجنوبية أو الشمالية ، برا وبحرا وجوا . وبهذا من الضروري لعب دور أكثر حنكة وحكمة في التعامل مع الملفات العربية والإسلامية الساخنة والعادية على السواء .
سابعا : وضع حد للتهديد الأمريكي – الأوروبي - الصهيوني لإيران ، سواء أكان تهديدا فرديا أو ثنائيا أو جماعيا ، والاستمرار في التعبئة الجهادية الإسلامية بشتى الطرق والأساليب بالاعتماد على الله العزيز الحكيم ثم على الشعب الإيراني المسلم في دحر الطغاة والبغاة في العالم . ويفترض تأسيس علاقات إيرانية – عربية – إسلامية – عالمية ، عبر التعبئة الإسلامية بالجهاد في سبيل الله ، والتصدي للذين يهددون الأمن القومي الإيراني والعربي والإسلامي العام ومناصرة المستضعفين في الأرض .
ثامنا : الإبقاء على التحالف مع روسيا والصين ، كونهما عضوين في ما يسمى مجلس الأمن الدولي ، ويلزمان في منع تمرير قرارات دولية فعلية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية . وكذلك ضرورة تعزيز العلاقات مع قارات آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا للوقوف ضد النظام العالمي الجديد بأحاديته القطبية المفرطة .
تاسعا : دعم الشعوب الإسلامية المغلوبة على أمرها والمستضعفين في الأرض من الإحتلال الأجنبي الأمريكي والأوروبي والصهيوني ، سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا ، بحيث تكون إيران مصدرة للثورة الإسلامية الحقيقية ، بعيدا عن المذهبية والقبلية والقومية والقطرية الضيقة .
عاشرا : دعم الشعب العربي الفلسطيني المسلم بكل السبل المتاحة ، والعمل الحثيث على توحيد الشعب والقضية ، وتقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي والإعلامي اللازم ، للشعب أولا وللحركات الإسلامية والوطنية سواء بسواء ، مثل حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها ، لأن قضية فلسطين ، قضية إسلامية مركزية ، وليست فقط قضية عربية ، أو قطرية فلسطينية ، والدفاع عن الأرض المقدسة واجب إسلامي حتمي لا مفر منه بتاتا . ولا بد من التوازن في الدعم الشامل بين الحركات الفلسطينية قاطبة ، الداعية للحرية والتحرير والاستقلال ، وذلك بهدف إبعاد شبح الضغوط الأمريكية والصهيونية والأوروبية على الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية . ولا بد من التذكير ، أن الإمام آية الله الخميني رحمه الله كان متحالفا مع الثورة الفلسطينية وخاصة حركة فتح ضد الاحتلال الصهيوني ، فلا بد من إعادة أمجاد هذه العلاقة التاريخية المصيرية لجميع الفصائل الفلسطينية ومن بينها حركة فتح ، التي قادت الثورة الفلسطينية طيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن . وتبقى مسألة تصدير مبادئ ومفاهيم وقيم الثورة الإسلامية في العالم من صلب الأمة المجاهدة لتحقيق النصر المبين والفتح القريب على أعداء الإسلام والمسلمين مهما كانت جنسياتهم وأعراقهم وجغرافيتهم وتاريخهم ودياناتهم وأصولهم الاجتماعية وخلافها .
وختاما ، نقول ، وأجرنا على الله جل جلاله ، إن إيران الإسلامية العصرية ، ساهمت في التوازن الاستراتيجي السياسي والعسكري والاقتصادي والنفطي في المنطقة الغربية من قارة آسيا ، ووقفت إيران أمام الإرهاب الأمريكي في أحايين كثيرة ، ويتطلع أبناء الأمة الإسلامية ، أبناء خير أمة أخرجت للناس إلى الوحدة أو الاتحاد الإسلامي الفعلي قولا وفعلا ، سواء في منظمة المؤتمر الإسلامي أو غيرها من المنظمات الجامعة الشاملة لتوحيد كلمة المسلمين ليغادروا خانة الغثاء كغثاء السيل ، والبقاء في الأرض لمنفعة الناس وصالحهم العام والخاص ، أهل البلاد الأصليين في المشرق والمغرب ، وطرد كل قوى الظلم والظلام والطغيان ، فإرادة شعوب الأمة الإسلامية هي من إرادة الله العلي العظيم ، والله هو الغالب على أمره ولو كره الكافرون والمتزلفون والمرتزقة والمنافقون إلى يوم الدين . راجين لجميع أبناء الشعب الإيراني المسلم الشقيق ، قيادة ورئاسة وحكومة وشعبا وأفرادا ، فرادى وجماعات ، محافظين وإصلاحيين ، كل التقدم والإزدهار تحت الراية الإسلامية الخفاقة في سماء الوطن والعالم أجمع ، بعيدا عن تدخلات قوى الاستكبار العالمية ، والشيطان الإنسي الأكبر ، ولينصرن الله من ينصره إن الله على كل شيء قدير .
فيا أيها الشعب الإيراني المجاهد والصابر : انصر الله ينصرك ، واحفظ الله تجده تجاهك ، وأتق الله يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسب . يقول الله العلي العظيم سبحانه وتعالى { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}( القرآن الحكيم ، الحج ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تحريرا في يوم الأربعاء 24 جمادى الثاني 1430 هـ / 17 حزيران 2009 م .

ليست هناك تعليقات: