الأربعاء، 24 يونيو 2009

وفاة والدي .. إبراهيم محمد شحادة علاونه 1927 – 2009 يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً



وفاة والدي ..
إبراهيم محمد شحادة علاونه

1927 – 2009

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ .
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً .
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله الحي القيوم سبحانه وتعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) . ويقول الله المحيي المميت جل جلاله : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} ( القرآن المجيد ، الفجر ) .
النشأة والميلاد
ولد المواطن إبراهيم محمد شحادة علاونه ، في قرية عزموط 5 كم شرق مدينة نابلس ، عام 1927 ، عام الزلزال الذي ضرب فلسطين بقوة زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين . وهو الإبن الرابع من أصل خمسة إخوة ذكور ، عفيف وعلي وأحمد وإبراهيم وثامر ، وثلاث أخوات هن : عفيفه وعلياء وخديجة . وكان هذا الإبن من الزوجة الثالثة ( حليمة ) لأبية محمد شحادة الأحمد أحد وجهاء القرية ، ونشا وترعرع في أحضان والديه ، ثم توفي والده في أواسط العقد الرابع من القرن العشرين الماضي . وكان جده شحادة من أولياء الله الصالحين كما أشارت الروايات الإسلامية التاريخية ، فهذه العائلة كانت من العائلات المتدينة وتواظب على أداء الفرائض الإسلامية العامة والأساسية والخاصة ومن الذين يعتصمون بحبل الله المتين ويستمسكون بالعروة الوثقى لا انفصام لها . و لا زلت أذكر منذ كنت طفلا ويصحبني والدي ( أبو جميل ) على المسجد الأقصى المبارك ، في أيام الجمع الرمضانية ، وأيام زيارتنا لعمتي علياء المتزوجة في قرية صور باهر ، القريبة من القدس ، وعمتي عفيفة المتزوجة في قرية سلواد قرب رام الله أثناء الأعياد الإسلامية .
التعليم العام
كانت قرية عزموط زمن الاحتلال البريطاني ، تفتقد لمدرسة ذكور ، وكذلك لا يوجد بها مدرسة للإناث ، وكان يتوجب على كل طفل أو طفلة أن يقطع مسافة عدة كيلومترات ذهابا وإيابا ، للوصول إلى المدرسة البعيدة في بلاطة البلد ، مع ما يسببه ذلك من متاعب وعناء جسدي وفكري ومالي في مختلف فصول السنة وخاصة فصلي الشتاء والصيف ، فالبرد الشديد في الشتاء ، والحر في فصل الصيف . وبهذا فلم يتم تسجيل الطفل إبراهيم في المدرسة البعيدة أسوة بغيره من عشرات الأطفال ، فبقي أميا ، لا يقرأ ولا يكتب في طفولته ، وعندما كبر سنه ووصل مرحلة الشباب قرر أن يتعلم ذاتيا بمساعده بعض المتعلمين ، فتعلم الحروف ، وأرقام الحساب والرياضيات ، وأصبح يوقع ويمضي اسمه ( إبراهيم ) بحروف ملتوية وهي الحروف السبعة المكونة لإسمه الندي البهي ، على اسم نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام ، وذلك في حركات غريبة وعجيبة متقنة ندر مثيلها . فكان شابا ورجلا وكهلا ومسنا ذا إرادة قوية ، في الذكاء والتعليم ورواية القصص والأحاديث الشيقة ، بشهادة الأقرباء والأصدقاء والغرباء على السواء .
الزواج الأول 1949 .. المهاجرين والأنصار
وعندما كان عمره 22 عاما ، وتحديدا في عام 1949 م تزوج الشاب إبراهيم من شابة فلسطينية اسمها سهيلة من المهجرين من قرية الخيرية قرب مدينة يافا المحتلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط . فتعانق المهاجرون والأنصار لنصرة المستضعفين في الأرض ، وآويا إلى مأوى سكني ( سقيفة ) مبني من اللبن المقوى ، نظرا لعدم سماح قوات الاحتلال البريطاني للمواطنين في القرية من الامتداد الجغرافي على ما يطلق عليه الأرض الزراعية . واستمر عيش هذه الأسرة الفلسطينية المرابطة في ثرى الأرض المقدسة حتى عام 1961 حين انتقلت لبناء عمراني إسمنتي جديد مؤلف من غرفتين ، واحدة للبشر والثانية للثروة الحيوانية مع فناء البيت .
الذرية الطيبة .. الأبناء والبنات
في عام 1950 ، بعد قرابة عامين من الزواج الميمون ، أنجب الشاب إبراهيم شحادة الطفل الأول الذي أسمياه ( جميل ) فهو الإبن البكر ،ثم تلاه البنت سهام إلى أن بلغ عدد الأبناء من الذكور والإناث 10 أبناء ، فقد أنجب من زوجته سهيلة ، على التوالي جميل وسهام وجمال وكمال وفاطمة ومحمود وسحر وسمر وسنيورة وكايد . أي أن أسرته تكونت مناصفة بين الذكور والإناث ، فبقيت الأسرة 12 فردا بما فيها الوالدين هذا عدا عن الأبناء الذين توفوا وهم صغارا بفعل المرض . وبهذا فإن والدي رحمة الله شارك في مرابطة عدد كبير من أولاده في أرض الرباط الإسلامية المقدسة ، في صراع سكاني مرير مع الاحتلال الصهيوني البغيض الذي يعمل على تفريغ الأرض الفلسطينية المقدسة من أهلها وابتلاعها . وهذا الإنجاب الأسري الإسلامي الفلسطيني هو نوع من الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حمى الوطن المقدس من الأعداء .
عمل ومهن الحاج إبراهيم
أولا : مهنة الزراعة
كانت المهنة الأولى ، لوالدي الحاج إبراهيم في شبابه ، الزراعة ، فكان يزرع بصحبة والدته وزوجته الأولى ( سهيلة ) في أراضي القرية القريبة والبعيدة على حد سواء ، مثل الحبوب كالقمح والعدس والفول والشعير وغيرها ، والمحاصيل الصيفية كالذرة والسمسم والبامية . هذا بالإضافة إلى زراعة الأشجار المثمرة ، كالزيتون الفلسطيني المقدس ، والتين ، واللوز والعنب وغيرها من أنواع الأشجار المثمرة . وكانت الأرض التي يزرعها تعود له من ورثة أبيه ، بالإضافة إلى مساحات واسعة من الأراضي التي تعود للأصدقاء والأقرباء ، حيث يزرعها وفق ( نظام المزارعة ) فينتج إنتاجا وفيرا له ولأسرته وخاصة من القمح والعدس ، ولثروته الحيوانية من الأبقار والأغنام يزرع ويحصد الشعير والكرسنة والبيكة وغيرها . وكان يستخدم أسلوبي الزراعة التقليدية في الأرض الجبلية ، في مناطق الغور الفلسطيني ( الحبيس والمثابة وتحت العراق والجور ) والزراعة العصرية في المناطق السهلية في سهل عزموط وسهل عسكر باستخدام الجرار الزراعي والدرس الآلي . وكان مواطنا منتميا لأرضه ووطنه بكل معنى الكلمة .
ثانيا : خبير متفجرات بالعمل المدني
وكانت المهنة الثانية ، للرجل الفلسطيني إبراهيم ، هي تفجير العبوات الناسفة في الكسارات مثل كسارة أبو ريحان ، وكسارة فريتخ وغيرها في نابلس . ففي زمن العهد الأردني 1950 – 1967 ، كان يدمج العمل الزراعي مع العمل في الكسارات لإنتاج الناعمة والحصمة والحجارة اللازمة للتعمير السكني في فلسطين و كان من المبرزين في عمله ، حيث كان خبير المتفجرات في الكسارة ، ويتقن عمله كما كان يحدثنا ، ويتحدث عنه الآخرون من زملائه الذين عملوا في المتفجرات في الكسارات . وأذكر مرات عديدة أنه كان يضع قنابل البارود المرخص عندما حفر لنا بئرا وسط الدار ، دون أن يؤذي أي سكن أو مأوى أي مواطن من جيرانه ، فقد حذق عملية وضع المتفجرات بالقدر المعلوم والمحدد لتكسير الحجارة الصلبة دون إيذاء الآخرين .
ثالثا : مهنة الصيد :
والمهنة الثالثة للحاج إبراهيم شحادة هي الصيد ، فقد كان صيادا ماهرا يشهد له أقرانه بحسن التصويب وإصابة الهدف . فقد كان أبو جميل ، يطلق النار على الطيور كالحمام البري والشنانير ( الحجل ) وهي في السماء ويرديها طريحة الأرض ليتولى ذبحها ، وكذلك اصطياد الغزلان والنيص والأرانب البرية والعودة بها لأولاده . وكان له باع طويل في هذا الأمر ، ومشهود له على مستوى محافظة نابلس ، جبال النار ، ونادرا ما كان يعود للبيت من رحلة الصيد خالي الوفاض ، بل كان يكرمه الله سبحانه وتعالى ، ويصطاد فريسته الحلال لإطعام أبنائه الطعام الحلال والمشرب الحلال ، وكانت معظم مأكولاته من الطيور من تلك التي يصطادها بتأن واقتدار بتوفيق من الله عز وجل .
رابعا : مهنة الرعي
كان المواطن إبراهيم يهتم بالثروة الحيوانية ، حيث يربي قطيعا كبيرا من الأغنام ( الماعز السمراء ) والأبقار ، فكان يربي عدة بقرات من النوع البلدي ، وعشرات الماعز ، التي يتم تصنيع بتجميع الحليب بالطريقة اليدوية ، وتصنيع اللبن الرائب ، وصناعة الجبن واللبنة أحيانا أخرى ويجري تسويها في السوق المحلي القريب من القرية . ومن نافلة القول ، إن مخلفات الزراعة والثروة الحيوانية كانت تستخدمها أسرة الحاج إبراهيم كغيرها من الأسر الريفية التقليدية الفلسطينية في صناعة الخبز فيما يعرف ب ( الطابون ) . وكان يرعى الغنم في صغره للمزارعين الفلسطينيين إضافة لأغنام أسرته حيث ورث هذه المهنة عن والده ثم تركها في سنوات شبابه . على العموم ، كنت ألاحظ أن والدي يمتلك بعض المال الكافي ، للأسرة ، ويفيض قليلا أو كثيرا حسب طبيعة الغلة التي يجمعها في الحصاد السنوي من مهنه المتعددة . وكان يستخدم طريقة القرض الحسن ، لإخوته والجيران والأصدقاء ، وكان بمثابة مقرض حسن للجميع دون ربا مالي كما كان يفعل بعض سكان القرية ، ويبتغي رضى الله فقط ، وكان ينفق على الصدقات ، ويساعد المحتاجين ، ويوزع بين أبنائه بعد نهاية جني موسم الزيتون ، حب الزيتون للمخلل ، وزيت الزيتون حسب الطريقة الإسلامية ، وكان يستعين بي في هذا الأمر ويطلب مني دائما الحضور لتوزيع إنتاج الزيتون السنوي ، سواء أكان غزيرا أو شحيحا . وكنت أشاهد كرمه عندما يأتي بعض أخوالي المهجرين من فلسطين منذ نكبة فلسطين 1948 من عمان بالأردن حيث يعمد لسخل من بين قطيع الماعز ويذبحه ويطلب من والدتي رحمها الله أن تطبخه للضيف الكريم والأسرة .
ورثته من أبيه وأمه
ورث الشاب إبراهيم عشرات الدونمات السهلية الجرداء أو المزروعة بأشجار الزيتون الرومي المعمر ، أو الجبلية المزروعة بالأشجار . وكان يستخدم أراضيه ، في الزراعة وخاصة الحبوب ، وأشجار الزيتون واللوز والتين والصبار المثمرة سنويا بانتظام . وهذه الورثة جاءت بعد وفاة والده محمد شحاده ، وخاصة في مناطق سهل عزموط ، والعمارة الشرقية والعمارة الغربية والعمارة الصغيرة والقصيلة ، والمثابة وتحت العراق والجور والحبيس . كما ورث عن والدته بضعة دونمات بمنطقة العروق شمالي القرية التي زرعها بعيد الاحتلال الصهيوني عام 1967 ، بأشجار مثمرة كالزيتون واللوز والتين والعنب أحيانا . ومن هذه الورثة ، من مساحات الأرض ، التي قدرت بنحو 50 دونما ، من أرض قرية عزموط ، بني في جزء منها بيتا في المنطقة الشمالية من قرية عزموط ، وقد تألف البيت في بادئ الأمر عام 1961 من غرفتين وحديقة ومساحة فناء للدار تقدر مساحتها بأكثر من دونم ارض ثم امتدت مساحة البيت وغرفه لتصل إلى 6 غرف وفناء بيت متوسط المساحة . وبقية قطعة الأرض وزعها على ثلاثة من أبنائه الذكور ليبني فيها لاحقا هؤلاء الأبناء جميل وجمال ومحمود كل واحد منهم شقته الخاصة به وبأسرته ، وأما أنا كمال ، فبنيت في منطقة القصيلة بمساحة تقدر مساحتها ب 451 مترا مربعا بشقة مساحتها 130 م2 ، ثم اصبحت 240 م2 ، بمساحة كل طابق من الطابقين ، وأما شقيقي الأصغر كايد فقد بنى فيلا في منطقة العمارة الصغيرة بمساحة 170 م2 على طابقين .
المواطن إبراهيم .. ورحلة الثورة
كان المواطن إبراهيم محمد شحادة مواطنا وطنيا مسلما فلسطينيا بكل فلسطينية الكلمة وتفرعاتها ، يحب أرضه ووطنه ، ويعشقها تمام العشق ، فيقوم بزراعتها ورعايتها كأبنائه تماما . ويرفض بيعها للعرب أو اليهود رفضا باتا . وأذكر أنه في حرب حزيران 1967 كان يستضيف بضعة رجال من الجيش الأردني والحرس الوطني ، فيقدم لها الملابس والطعام والشراب ، وهم متخفين في بستان الأسرة المزروع بالأشجار المثمرة .وبعد اعتقالي ( أنا أبنه الأوسط كمال ) منع من السفر بضع سنوات لخارج فلسطين منذ عام 1989 حتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في تموز 1994 ، بسببي كوني اعتقلت إداريا لمدة ستة شهور في 28 آب 1985 ، وما تلاها من اعتقالات إدارية عامي 1988 و1989 . وكان يرتدي الكوفية الفلسطينية باستمرار كلباس تقليدي وتراثي فلسطيني . وكان رسولا متنقلا للثورة الفلسطينية بين فلسطين والخارج ، فلم يتمكن مع والدتي من حضور جنازتي اثنين من أخوالي ( عز الدين ومحمود ) في عمان .
رحلة الحج .. ووفاة الزوجة الأولى 1999
سجل المواطن إبراهيم محمد شحادة علاونه ، لدى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية ، عام 1999 لأداء ركن هام من أركان الإسلام العظيم ، وهو فريضة الحج ، وعلى الجانب الآخر ، كنت أنا ولده كمال ، قد انتدبتني هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية ، ضمن الوفد الإعلامي الفلسطيني ، لأداء وتغطية مناسك الحج ، فقد كنت ابنه وصديقه وزميله في الحج الإسلامي العظيم . وبعد إجراء القرعة في مقر مديرية وزارة الأوقاف الفلسطينية في نابلس كان نصيب المواطن إبراهيم ( أبو جميل ) ضمن المقبولين لأداء فريضة الحج لذلك العام . دفع الرسوم المالية المطلوبة لبعثة الحج الفلسطينية ، وسجل في إحدى شركات الباصات التي تقل حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة عن طريق البر ، ولم نسافر معا ( والدي وأنا ) كوني سافرت مع الوفد الإعلامي الفلسطيني جوا من مطار عمان لجدة . وقد أدى العمرة مع الحج عن نفسه في عام 1999 م / 1419 هـ ، وسبق ذلك أن قام بتأدية العمرة عنه ، ثم مرة ثانية عن والدته المرحومة ( حليمة ) كما أديت العمرة أنا عدة مرات منها مرة واحدة عن والدتي بصحبته .
وفي أوائل شهر نيسان / أواخر شهر ذي الحجة 1419 هـ / عاد الحاج إبراهيم ضمن قافلة وفد الرحمن من الحجيج إلى قرية عزموط ، وفي نفس اليوم كان زفاف ابنة ابنه ( حفيدته سماهر ) على شاب من مخيم عسكر القديم ، فساهم في إخراجها ودفع نقوطا ماليا لها كما هو المعتاد في إخراج البنات أو الحفيدات أو القريبات . وبعد أسبوع من رجوعه من رحلة الحج الإسلامية الدينية الممتعة ، والصلاة في المسجد الحرام بالقرب من قلب البيت العتيق ( الكعبة المشرفة ) والصلاة في المسجد النبوي الشريف ، مرضت زوجته التي كانت لا تقدر على المشي وتتوكأ على عصا ، فجرى عرضها على عدة أطباء ، واستقر الأمر بأن نصح الأطباء بإدخالها المستشفى ، مستشفى رفيديا أولا ثم مستشفى الوطني ثانيا . وما لبثت أن لبت نداء ربها وانتقلت إلى الرفيق الأعلى فانتقلت إلى رحمته تعالى يوم الخميس 22 نيسان 1999 م / 6 محرم 1420 هـ ، وتم دفن الجثمان الطاهر في مقبرة عزموط الغربية بيوم الجمعة 23 نيسان 1999 ، وكانت جنازتها كبيرة لم يشهد لها مثيلا في تاريخ القرية ، وكان يبدو متماسكا أمامنا ولكنه كان يسر له بأن وضعه أصبح معاناة كبيرة بلا شريكة حياته التي هي والدتي المرحومة بإذن الله .
وبعد وقت معين ، بعد وفاة أمي بأربعين يوما ، أراد الحاج إبراهيم الزواج من إمرأة ثانية ، فشارك الأبناء في طلب بنات كبيرات في السن ( عوانس ) ليتزوج الوالد مرة أخرى بعد وفاة أمهم ، بعض الأبناء كان موافقا ، وكنت في مقدمتهم ، والبعض الآخر كان رافضا ، أو ممتعضا ، ولكن قدر الله ومشيئته المباركة شاءت أن يتزوج في تشرين الأول 2001 ، بعد قرابة سنة ونصف من وفاة زوجته الأولى أم جميل ( سهيلة رحمها الله – وهي والدتي الحنونة ) . وتتدخل قدرة الله دائما ، فلم تنجب المرأة الثانية ، أي طفل ، طيلة فترة زواجهم . وغني عن القول ، إن بيت العائلة مؤلف من طابقين ، فبقي يسكن الزوجين ، إبراهيم وإنعام ، في الطابق الأرضي ، وسكن الطابق الثاني ، كايد أصغر أبناء الحاج إبراهيم ، وحفيده ( محمد ) ، ثم ما لبث كايد أن بنى بيتا جديدا في قطعة ارض قدمها له أبيه ، تبعد عن مأوى الأسرة الأول قرابة 1 كم ، وبقى الحفيد محمد في الطابق العلوي والجد وزوجته في الطابق الأرضي . وما فتئ الحفيد محمد أن بنى له شقة فوق شقة أبيه جمال ، وخطب يوم الجمعة 19 حزيران – يونيو 2009 .
الزواج الثاني خريف 2001
وفي تشرين الأول عام 2001 تزوج الحاج إبراهيم شحادة من زوجته الثانية ( إنعام ) من مخيم عسكر القديم ، وكان عمرها 36 عاما ، وعمره 74 عاما . وبقي الزوجين ، مع بعضهما البعض ، متفاهمين رغم فارق السن بينهما ، حتى وفاة الحاج إبراهيم شحادة ، في 23 حزيران – يونيو 2009 . وكانت زوجته تحمل شهادة الثانوية العامة ( التوجيهي ) . وقد كان والدي رحمه الله ، صبورا رحيما ، خدوما ولا يعمل إلا برأيه ، مع بعض الاستئناس برأي الآخرين إن رأى إنها على صواب ولمصلحة الأسرة العامة أو الخصوصية . وتجد الإشارة إلى أن والدي كان يحب الأطفال حبا جما ، حيث يلاعب أطفالنا الصغار ، وخاصة ابنتي أمل الزهراء وعمر بن أخي كايد وغيرهم من أبناء وبنات أخواتي .
الراتب التقاعدي من الأبناء
وفق مبدأ ( زرعونا فأكلنا .. ونزرع فيأكلون ) في تعاقب الأجيال الفلسطينية الرائدة ، كان الحاج إبراهيم يتقاضى راتبا تقاعديا من أبنائه الذكور ، وخاصة كمال وكايد ، وهي واجبة إسلاميا وأخلاقيا واجتماعيا ، وليست منة منا ، حيث يتم الدفع المالي شهريا ، بالعملتين المتداولتين في فلسطين المحتلة : الشيكل الإسرائيلي ( مني كوني موظفا حكوميا في القطاع الحكومي الفلسطيني العام ) وأتقاضي مثلي مثل 175 ألف موظف حكومي بالعملة المتداولة في الأرض المقدسة ، وهي العملة الإسرائيلية ، ثم الدينار الأردني من شقيقي الأصغر كايد كونه يعمل في شركة الاتصالات الفلسطينية منذ تخرجه عام 1998 ، وكان ينفق بعض هذا الراتب ، ويوفر البعض الآخر .
رحلة مرض الحاج إبراهيم شحادة
( التوقف عن النطق ) 1 شباط 2008
كأي شخص ، تعرض المواطن الحاج إبراهيم شحادة لمرض في يوم من أيام الجمع 1 في شباط 2008 ، فقد أصيب بجلطة في الفم واللسان ، فلم يعد قادرا على الكلام والنطق باللغة العربية ، وجرى نقله على عجل لمستشفى الوطني في نابلس في مركز المدينة ، وهو مشفى حكومي ، ودخله كوني أنا ابنه كمال ، موظفا حكوميا ، ولي تأمين صحي شامل . عالجه الأطباء طيلة عدة أيام ، وطلب الحاج إبراهيم مغادرة المستشفى ، بعد كتابة العلاج الملازم له ، بعد خروجه من المشفى ، وكان يشرف على الحاج المريض إبراهيم شحادة د. ناجح زين الدين . ولكن مشيئة الله جل جلاله ، اقتضت بقاء الحاج إبراهيم في الإبتلاء الرباني ، فلم يعد ينطق سوى بضع كلمات من أهمها : كمال ، كايد ، إنعام ، وصلاة وغيرها كلمات محدودة ويضحك ملء فمه عندما نمازحه ونطلب منه الإعادة في الكلام الخفيف الضيئل العدد الثري بصداه ونغماته الموسيقية الجميلة من أبي جميل . وكان الحاج إبراهيم يداوم على العلاج الذي وصفه له الأطباء المختصين ، وراجع بعض عيادة الأطباء الخاصة ، ولكن دون جدوى ، فبقي يتفاهم مع زوجته وأبنائه ومن حوله بالإشارة بالأصابع تارة وباليد طورا ، وبالإشارة إلى المتشابهات من المأكولات والمشروبات الخفيفة ، من الألبان والعصائر وما شابهها . وكنت أتعامل معه بإحضار معظم ما يلزمه من خضار وفواكه ولحوم وسواها كما أحضر لأسرتي الصغيرة .
المرض والوفاة في 23 حزيران 2009
كان المواطن إبراهيم شحادة أبو جميل منذ أن أدى مناسك الحج والعمرة ، يجتهد في أن يصلي في الصف الأول في المسجد معظم الصلوات إلا ما ندر ، وكان يمارس حياته الطبيعية ، ثم ما لبث أن أحس المواطن بمرض شديد وإعياء كبير ، فنقلناه أنا وبعض إخوتي وأخواتي لمستشفى رفيديا الحكومي في نابلس في 14 أيار 2009 ، ومكث في المشفى حتى 25 أيار من العام ذاته ، وطلب أطباء المستشفي منا توفير 5 وحدات دم ، حيث وصلت نسبة دمه 7.1 ثم 7.5 واستقرت بعد أسبوع على 12 . تبرعت أنا بإحداها في بداية التبرع ، وابن عمي محمد بوحدة ثانية ، وعايد ابن أخي بوحدة ثالثة ، ووحدتين وفرتها إدارة المستشفى مشكورة ، حيث تبرع بها لأبي بعض الشباب النشامى ، ممن لا نعرفهم بارك الله فيهم جميعا ، وجزاهم الله ذو الجلال والإكرام كل خير ، وبعد حوالي أسبوعين ، غادر والدي المشفى بناء على طلبه ورفضه إجراء عملية كان الأطباء يتوقعون ضرورتها وهي وجود إنسداد في الشرايين ، وظهور اصفرار في الكبد ، أو وجود حصى في المرارة ، ولكن بعد الفحص الطبي بالأشعة ، في مستشفى رفيديا ، والصورة الطبقية ، ثم الفحص الطبي بالمنظار في المستشفى التخصصي العربي القريب من مستشفى رفيديا الحكومي تبين أن الحاج إبراهيم يعاني من ورم خبيث وليس من حصى في المرارة ، وقد نصحني الطبيب المختص بأن لا أجري عملية جراحية لشق البطن لوالدي إذ كنت أنا من يصاحبه ، كونه لا يتحمل إجراء عملية جراحية غير مضمونة النتائج بتاتا ، لتدهور صحته ، فعمره قد ناهز 82 عاما ، كما أن العملية الجراحية لن تؤتي أكلها بالمرة ولو بعد حين . فتشاورت مع والدي وزوجته إنعام ، وقرر هو أولا ثم تبعته وأيدته في رأيي أن يعود إلى البيت حالا ، مع توقيف تناول العلاج غير المجدي ، فالنزيف المعوي الداخلي لا يمكن إيقافه ، وهو نوع من أنواع السرطان المستشري في معدة والدي ، كنت أتفاهم معه بالإشارة لأنه لا يتحدث ولا ينطق ، وأعيد عليه السؤال عدة مرات ومرات ، لأطمئن من جوابه ، وكان القرار الصائب منا جميعا ( العودة للبيت بلا عملية جراحية ) وعدم موافقة أطباء المستشفى ، هكذا قرر وهكذا كان ، بإذن الله السميع العليم . وكان والدي الحاج إبراهيم أثناء مرضه يحافظ على أداء فروض الصلاة المكتوبة والسنة بانتظام في وقتها ، وهو جالس على سريرة ولكنه لم يعد ليصلي في المسجد كما هي عادته ، قبل مرضه الأخير . وكان قبل جلطة النطق وبعدها يؤدي معظم الصلوات في مسجد عمر بن الخطاب في قريتنا عزموط من صلاة الفجر حتى صلاة العشاء دون استثناء في غالب الأحيان . ولكن بعد مرضه الأخير ، ودخوله المستشفى في 14 أيار وخروجه في 25 أيار 2009 ، لم يتمكن من الذهاب للمسجد لتأدية الصلاة الجماعية ، رغم حرصه الشديد على تأدية الصلاة على الكرسي في غرفة النوم بصورة منتظمة فيصلي في وقت الصلاة بعد انتهاء الأذان مباشرة .
ثم تراجعت صحة والدي الحاج إبراهيم شحادة بعد عدة أيام ، فلم يقدر على تناول الطعام ، واكتفى لمدة أسبوع بتناول كاستين صغيرتين من الحليب يوميا في الصباح ، وقليل من الشوربة عند الظهيرة أو المساء ، وبعد مدة لم يذق الطعام قبل وفاته بأربع أيام أي في يوم الجمعة 19 حزيران 2009 ، وبقي يعتمد على الماء ، والماء فقط .
لقد توفي ومات والدي بمرض في بطنه وهو الورم الخبيث بالمعدة ( السرطان ) فكان أحد أصناف الشهداء الذين بشرنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال كما ورد في صحيح البخاري - (ج 3 / ص 42) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ : الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " .
وبعد عصر يوم الثلاثاء 1 رجب 1430 هـ / 23 حزيران – يونيو 2009 ، انتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها خالق الخلق أجمعين ، إلى السماوات العلى ، راجين من الله العلي العظيم أن يكرم مثواه ، ويجعله من ورثة جنة النعيم ، في الفردوس الأعلى . آمين يا رب العالمين . وقد صلي عليه ودفن في اليوم ذاته من مبدأ ( إكرام الميت دفنه ) . بعد وفاته في البيت في غرفة نومه ، وعلى سريره ، كنت في بيتي حيث زرته قبل صلاة ظهر ذلك اليوم الحزين المشهود ، ودعوت الله أن يختر له الأحسن والأسلم ، وبعد صلاة العصر ، جائني الخبر أن نبض والدك توقف ، لم أتفاجا ، ولكنني توترت قليلا ، فجددت وضوئي ، وسارعت لمنزل الأسرة الأول ، وهو منزل والدي العزيز ، وقرأت له سورة يس ، وسورة تبارك والفاتحة وآية الكرسي ، ودعوت له بعض الأدعية الإسلامية ، بصوت عال ومسموع وكذلك فعلت اثنتين من أخواتي ، وعلا صياح أختي الكبرى فمنعتها من البكاء والعويل ، لأن ذلك محرم إسلاميا وطلبت من النساء الحاضرات أخواتي وزوجتي وزوجات إخوتي وزوجة أبي وجميع النسوة الحاضرات ، اللواتي جئن للوقوف إلى جانب الأسرة المكلومة ، البكاء بصوت منخفض وعدم الصياح أو اللطم وهذا ما كان والحمد لله رب العالمين . ثم أحضر أخي المحاسب كايد ، الذي عاد قبل أسبوع من عمله في الخليج العربي ، لمتابعة حالة والدي الصعبة ، الطبيب الأخ ناجح النمور زميلنا في الدراسة الإعدادية ، للتأكد من الوفاة ، فأجرى الفحوص الطبية اللازمة ، رغم يقيني عندما لمست يداه وناصيته أنه توفي قبل لحظات ، ولم يعد لديه نبض في القلب أو الشرايين ، ولكن الإجراءات الطبية الرسمية تتطلب إثبات شهادة الوفاة ، من الطبيب ، فقال لي الطبيب ( الله يرحمه ) فقلت له بارك الله فيك يا أخي الدكتور ناجح ، إنا لله وإنا إليه راجعون صبر جميل والله المستعان . ثم قمنا بتغسيله بعد إحضار شيخ مختص بغسل الموتى ، وهو الشيخ أبو السعيد من قرية دير الحطب المجاورة لقريتنا عزموط ، ثم نقلناه بالتابوت الخشبي الذي أحضرناه من مقبرة القرية ، لمسجد القرية الذي يحمل اسم أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصلينا عليه صلاة الجنازة ، أربع تكبيرات ، حيث كنت وبعض إخوتي في الصف الأول ، ثم دفناه بمعية العشرات من المصلين من أهل القرية الطيبين ، ولقنه إمام مسجد القرية الشيخ جمال اشتيه ( أبو بكر ) ، ثم نعاه أبني هلال ، الطالب بالسنة النهائية في الصحافة بجامعة النجاح الوطنية ، بخطبة إسلامية جامعة شاملة موجزة ، وواريناه الثرى ، وسط الحزن والأسى ، ولكنا نؤمن بأن النتيجة الحتمية لكل حي هو الموت للانتقال من الحياة الدنيا الفانية إلى حياة البرزخ الوسطى ، ثم إلى الحياة الآخرة ، والآخرة خير وأبقى لنا جميعا إن شاء الله السميع العليم الحي القيوم تبارك وتعالى .
فيا أبتاه سلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا ، يوم البعث والقيامة ، لقد كنت من عباد الله الصالحين ، وكنت من العابدين الراكعين الساجدين لرب العزة ذو الملك والملكوت وذي العزة والجبروت والحي الذي لا يموت ، كما يقول الله السميع العليم سبحانه وتعالى : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)}( القرآن المجيد ، العنكبوت ) .
فيا والدي العزيز .. رحمك الله رحمة واسعة ، وأسكنك فسيح جناته ، في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصالحين والشهداء والأولياء وحسن أولئك رفيقا . فقد نجحت إن شاء الله الحليم العظيم في الامتحان الدنيوي حيث جعل الله هذه العاجلة اختبارا للناس أجمعين ، كما يقول رب العزة سبحانه وتعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}( القرآن المجيد ، الملك ) .
وتحيات مباركات طيبات أطيرها لروحك في عنان السماء إن شاء الله العزيز الحكيم ، فلن ننساك أبدا ما حيينا ، وسنبقى مخلصين لك ولأحبابك ولأصدقائك .
الميراث والتوريث
ترك المرحوم والدي أبو جميل ، لأسرتنا زوجته وأبنائه وبناته العشرة ذكورا وإناثا ، من العقارات والمباني المشتركة والأموال السائلة :
أولا : مساحة من الأرض : مساحة متوسطة من الأرض في قرية عزموط وسط القرية وشرقها وشمالها وجنوبها ، في مناطق قريبة وبعيدة على السواء حوالي 50 دونما . ومعظم هذه الرض مغروسة بمئات الأشجار المثمرة من الزيتون واللوز والتين . ثانيا : بيت الأسرة التقليدي ، بغرفه الست وفناء البيت الذي تبلغ مساحته 250 م2 . ثالثا : الأموال المنقولة السائلة : ورثنا حوالي 4000 دينار ، و500 دولار ونحو 1000 شيكل . بعضها أقرضه قرضا حسنا ، والبعض الأخر نقدا ، كان قد أمر بتسلمي إياها قبل توجهنا لمستشفى رفيديا في 14 أيار 2009 .
وكلمة لا بد منها في هذا المجال إنه في الميراث حسب الإسلام العظيم يجري توزيع التركة ، كل حسب نصيبه وفق الدستور الإسلامي العظيم وهو القرآن المجيد ، كما يقول الله الغني الحميد جل شأنه : { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) }( القرآن العظيم ، النساء ) .
بيت الأجر ( العزاء )
نظم وإفتتح بيت الأجر ( العزاء ) لوالدي الحاج إبراهيم محمد شحادة المرحوم إن شاء الله تعالى ، في جناح من بيتي بمساحة 50 م2 ، أيام الثلاثاء 23 حزيران 2009 بعد الدفن مباشرة من صلاة المغرب حتى منتصف الليل تقريبا ، والأربعاء والخميس 24 و25 حزيران 2009 . وقدم للمعزين الكرام حبات التمر الممتاز والقهوة السادة بواقع 5 عبوات تمر كل واحدة وزنها 5 كغم ، و2 كغم قهوة ، وقد توافد المئات لبيت العزاء من قرية عزموط ومحافظة نابلس ومن محافظات طولكرم وجنين والقدس وقلقيلية وسلفيت وغيرها عدا عن عشرات الاتصالات الهاتفية ورسائل تعزية خاصة عبر الجوال والبريد الإلكتروني من عدة دول عربية وإسلامية وآسيوية . بارك الله في الجميع وشكر الله سعيهم وأعظم أجرهم وأجرنا . وجزاكم الله كل خير . إنا لله وإنا إليه راجعون .
النعي في صحيفة القدس المقدسية
نشر صباح اليوم التالي الموافق الأربعاء 24 حزيران 2009 / 2 رجب 1430 هـ ، من موت والدي رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، نعي حاج فاضل في الصفحة الأولى من جريدة القدس المقدسية بكلفة حوالي 200 دولار ( 750 شيكل ) ، هذا نصها : ==============
نعي حاج فاضل
عزموط - نابلس - بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ، ينعى أبناء الفقيد الدكتور كمال وكايد وجميل وجمال ومحمود وسهام وفاطمة وسحر وسمر وسنيورة واقرباؤهم وأنسباؤهم وعموم آل شحادة وآل علاونه في الوطن والخارج والدهم وفقيدهم المرحوم
الحاج إبراهيم محمد شحادة علاونه ( أبو جميل ) الذي انتقل إلى رحمته تعالى يوم أمس الثلاثاء 23 / 6 / 2009 م عن عمر يناهز 82 عاما قضاها في طاعة الله وتقواه . وشيع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير في مقبرة البلدة . تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته . تقبل التعازي للرجال في منزل نجله الدكتور كمال في عزموط ، ولمدة ثلاثة أيام اعتبارا من أمس الثلاثاء . وللنساء في منزل الفقيد في نفس العنوان .
====================
تجهيز قبر المرحوم الحاج إبراهيم
جرى تجهيز قبر المرحوم الحاج إبراهيم شحادة ( أبو جميل ) من منشار حجر قريب من عزموط ، ليرتفع القبر الحجري بمقدار 30 سم ، بطول 175 سم ، وعرض 70 سم تقريبا . وكتب على الشاهد الأيمن الغربي للقبر : الفاتحة - قبر المرحوم الحاج إبراهيم محمد شحادة علاونه ( أبو جميل ) الذي توفي في 23 حزيران 2009 / 1 رجب 1430 هـ .
=============
أدعية إسلامية لوالدي
وختاما ، أدعو بهذا الدعاء لوالدي الكريم ، إبراهيم محمد شحادة ، الذي علمنا حب الله ورسوله ، وشد الرحال إلى المساجد الثلاثة ، المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وعلمنا الإخلاص والتضحية والفداء ، والإلتزام بالصلاة وغيرها من أركان الإسلام الخمسة . اللهم ربنا إغفر لوالدي إنك أنت العزيز الغفور ، وألحقه بالصالحين ، وَاجْعَلْ له لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ ، وَاجْعَلْه مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ . اللهم أنزل والدي منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ، رب ابن لوالدي عندك بيتا في الجنة ، { رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَامَعَ الْأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَاتُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) . { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)}( القرآن العظيم ، نوح ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تحريرا في 2 رجب 1430 هـ / 24 حزيران 2009 .

ليست هناك تعليقات: