الأحد، 14 يونيو 2009

الشهيد عمر المختار ( أسد الصحراء - شيخ المجاهدين )

الشهيد عمر المختار

( أسد الصحراء - شيخ المجاهدين )


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة


ولد السيد عمر المختار في دفنة 20 آب - أغسطس 1861 - 16 أيلول - سبتمبر 1931 ، الملقب بشيخ الشهداء أو أسد الصحراء قائد أدوار السنوسية بالجبل الأخضر في ليبيا .
ويعود نسب المجاهد عمر المختار ومكان ولادته ونشأته ، في قرية جنزور الشرقية منطقة بئر الأشهب شرق طبرق في بادية البطنان في الجهات الشرقية من برقة شرق ليبيا .
ويعرف المجاهد عمر بأنه هو عمر المختار محمد فرحات ابريدان امحمد مومن بوهديمه عبد الله – علم مناف بن محسن بن حسن بن عكرمه بن الوتاج بن سفيان بن خالد بن الجوشافي بن طاهر بن الأرقع بن سعيد بن عويده بن الجارح بن خافي (الموصوف بالعروه) بن هشام بن مناف الكبير، من كبار قبائل قريش . وبيت فرحات من قبيلة بريدان وهي بطن من قبيلة المنفة او المنيف و التي ترجع إلى قبائل بني مناف بن هلال بن عامر اولى القبائل الهلالية التي دخلت برقة. أمه عائشة بنت محارب .

وقد تربى عمر يتيما ، لذلك كان كفله حسين الغرياني، عم الشارف الغرباني إذ وافت المنية والده المختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.

تلقى تعليمه الأول في زاوية جنزور، ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسي قطب الحركة السنوسية، فدرس علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن المجيد عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.

وكان عمر ذكيا وعبقريا فاهتم به أستاذه السيد المهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفاً إياه " لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم". و لثقة السنوسيين به ولوه شيخا على زاوية القصوربالجبل الأخضر .
و قد اختاره السيد المهدي السنوسي رفيقا له إلى (( السودان الأوسط تشاد )) عند انتقال قيادة الزاوية السنوسية اليها فسافر سنة 1317 ه. و قد شارك عمر المختار فترة بقائه بتشاد في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي تشاد ) وحول واداي. وقد استقر المختار برهة من القوت في قرو مجاهدا ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلكه) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية.
و بقي هناك إلى ان عاد إلى برقة سنة 1321 هـ و اسندت اليه مشيخة زاوية القصور للمرة الثانية .
وقد عاش المجاهد عمر المختار حرب التحرير الوطني منذ بداية العدوان الإيطالي على ليبيا ، أولا بأول ويوماً بيوم ، فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا العثمانية في 29 أيلول - سبتمبر 1911 م ، وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي : درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس . كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة ، وعندما علم ببداء العدوان الإيطالي ، فيما عرف بالحرب العثمانية - الإيطالية توجه لمراكز تجمع المجاهدين المسلمين الليبيين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة الوطنية العامة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة . وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912 م وتوقيعهم "معاهدة لوزان" التي بموجبها حصلت إيطاليا ليبيا، أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي, منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913 م حيث قتل فيها للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم ، ومعركة بوشمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913 م وعشرات المعارك الأخرى .

على العموم ، عمر المختار هو مجاهد ليبي عنيد جاهد ضد قوات الاحتلال الهمجية الإيطالية لحظة دخولها الأرضي الليبية
في شمال إفريقيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبي حتى سنة 1913 م . وقد جاهد القائد المسلم عمر المختار ضد المحتلين الطليان بقوة وببسالة فائقة ، وكان عمره آنذاك 53 عاماً واستمر في قيادة فعاليات الجهاد ضد الأعداء المحتلين من افيطاليين الذي قدموا من الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط لما يزيد عن 20 سنة جهادية خاض خلالها أكثر من ألف معركة مقبل غير مدبر ، فكان يواجه وجنده المعتدين الأنذال ليل نهار دون فتور أو مساومة . وقد استشهد القائد البطل عمر المختار من قبل الإيطاليين بعد تكبيله وتصفيد يديه ورجليه شنقاً وعمره 73 عاما .




المجاهد عمر المختار وهو في اسر المحتلين الإيطاليين


المحاكمة والإعدام شنقا

نظمت محكمة عسكرية فاشية للمجاهد الكبير عمر المختار ، وهي محكمة صورية ، في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء في 15 ايلول - سبتمبر 1931 ، وبعد ساعة صدر الحكم الظالم من ضباط فاشيين عسكريين طليان على شيخ المجاهدين الليبيبن المسلمين ب ( الإعدام بالشنق حتى الموت ) . وعند ترجمة الحكم التعسفي له ضده ، قال الشيخ عمر ( إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا إليه راجعون ) .
والمجاهد عمر المولود بدفنة ، قبيلة منفة ، عائلة بريدان ، بيت فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد ، يعرف القراءة والكتابة ، اعتقلته قوات الاحتلال الفاشي الإيطالي ، بعد ثورته منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة جنوب مدينة البيضاء بمسافة 10كم في 11 سبتمبر 1931، وقيامه بتحريض المجاهدين المسلمين في ليبيا وإثارة العصيان العام وقيادته ضد الاحتلال الإيطالي للبلاد بتهم وجهتا له قيادة الضباط الإيطاليين بالمحكمة العسكرية الخاصة لمحاكمته ، تتمثل في ( إثارة العصيان داخل أراضي المستعمرة - ليبيا - وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش ، وأعمال البطش والتنكيل ، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم ) . وهي عبارات سخيفة نطق بها الإدعاء الفاشي الإيطالي ، حيث سمى الجهاد في سبيل الله لمقاومة الاحتلال والمحتلين الطليان بأعمال السل والنهب زورا وبهتانا .
وقد ترجم محاكمته من الإيطالية للغة العربية مترجمان الأول : نصراني عراقي ، ثم اعتذر المترجم ، بسبب وعكة فجائية اصابته ، وكلف شخص إيطالي من تونس باتمام الترجمة . واثناء المحاكمة أجاب المجاهد عمر المختار ( منذ عشر سنوات ، تقريبا ، وأنا رئيس المحافظية ... لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة ، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين ، منذ عشر سنوات وحتى الآن ، كان بإرادتي وإذني ، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها .. كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي ) . ثم ينطق بالحكم الفاشي الظالم ( إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه ، بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب ) .

وفي صبيحة يوم الأربعاء 16 ايلول - سبتمبر 1931 م ( الأول من شهر جمادىالأول من عام 1350 (، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران ، واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.
واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم ، وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه . وروى بعض الشهود العيان الذين كانوا على مقربة من المجاهد عمر المختار أنه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة ، والبعض قال انه تتمتم بالآية الكريمة ( يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية ) ليجعلها مسك ختام حياته الجهادية الثائرة ضد الظلم والطغيان الفاشي الإيطالي . وبعد عدة دقائق صعدت روح المجاهد عمر المختار الطاهرة النقية إلي بارئها راضية مرضية بإذن الله العزيز الحكيم تلعن عنت الظالمين وجور المستعمرين .
وكان سبق إعدام الشيخ عمر أوامر مشددة بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يبكي عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار . ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".
على أي حال ، إن المفارقة العجيبة التاريخية التي أذهلت المراقبين الدوليين فقد حدثت في سبتمبر 2008 عندما انحنى رئيس الوزارء الإيطالي برلسكوني، بحضور القائد الليبي معمر القذافي، أمام ابن عمر المختار معتذراً عن المرحلة الاستعمارية الفاشية الإيطالية ، وما سببته إيطاليا من مآسٍ للشعب الليبي، وهي الصورة التي قورنت بصورة تاريخية أخرى يظهر فيها عمر المختار مكبلاً بالأغلال قبيل إعدامه.

وكان أعلن القائد الايطالي الفاشي ، وهي شهادة من الأعداء ، "أن المعارك التي حصلت بين جيوشه و بين السيد عمر المختار 263 معركة ، في مدة لا تتجاوز 20 شهرا فقط".

على أي حال ، كان المجاهد عمر المختار صلب العود لا تثنيه إجراءات قمع الاحتلال الإيطالي الغاشم ، فلم يساوم ولم يستسلم ولم يتهاون مع الأعداء حتى وهو مصفد اليدين والرجلين ، فكانت آخر الكلمات التي نطق بها المجاهد عمر المختار قبل اعدامه بقليل :
"نحن لا نستسلم ... ننتصر أو نموت .... وهذه ليست النهاية ... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم و الاجيال التي تليه ... اما أنا ... فإن عمري سيكون أطول من عمر جلادي."
ولأهمية جهاد المحتلين الإيطاليين في ليبيا الثورة المدافعة عن الحق العربي الإسلامي ضد الغزاة المستعمرين الفاشيين ، انتج فيلم سينمائي لحياة ( أسد الصحراء ) لمصطفى العقاد في عام 1981 م من بطولة الفنان العالمي أنتوني كوين ، في دور عمر المختار، وأليفر ريد بدور غرتسياني. وقام الفنان عبد الله غيث بدبلجة صوت المختار في النسخة العربية.
ولأول مرة ، بث تلفزيون إيطالي فيلم المجاهد عمر المختار ( أسد الصحراء ) المحظور في إيطاليا منذ انتاجه عام 1981 بدعوى الخوف من تشويه تاريخها العسكري.
وكان منع عرض هذا الفيلم في دور العرض السينمائية والمحطات والقنوات المرئية الإيطالية بالكامل منذ إنتاجه . وبث تلفزيون (سكاي سينما) الإيطالي فيلم (عمر المختار) بعد أن تمت دبلجته إلى اللغة الإيطالية . عند زيارة القذافي لروما في حزيران 2009 .


=============
المراجع والمصادر

- ويكيبديا
- شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

=====================

صور إعداد الفاشيين الإيطاليين لأسد الصحراء
المجاهد عمر المختار تمهيدا لإعدامه شنقا

















الزعيم الليبي مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني 10 حزيران 2009






صورة الشهيد عمر المختار على صدر الزعيم الليبي معمر القذافي
أثناء زيارته الأولى إلى إيطاليا 10 حزيران - يونيو 2009



الرئيس الليبي معمر القذافي وعلى صدره صورة الشهيد عمر المختار

يصافح الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو
10 حزيران 2009




الرئيس الليبي معمر القذافي يتنظر محمد عمر المختار
أثناء نزوله على مدرج الطائرة في روما 9 حزيران - يونيو 2009







































قبر الشهيد عمر المختار














ليست هناك تعليقات: