الجمعة، 11 يوليو 2008

من يحترق أولا : تل أبيب أم طهران ؟


من يحترق أولا : تل أبيب أم طهران ؟

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله القوي القهار عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}( القرآن الحكيم ، الصف ) .
تلوح في الأفق بوادر حرب إقليمية شرسة ، يشارك فيها العديد من الأطراف مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، أو ما يطلق عليها ( الملحمة الكبرى ) فقد تصاعدت حدة التوتر الإقليمي وكثرت التهديدات بالهجوم ورد الهجوم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة والكيان الصهيوني في فلسطين والقوات الأمريكية في الخليج العربي والعراق من جهة ثانية . وتصاعدت حدة وتيرة التحذيرات والتحذيرات المضادة بين طهران وتل أبيب ، خاصة في ظل تواصل التدريبات العسكرية الجوية والبرية والبحرية المتسابقة بين الجانبين ، وكل يهدد بضرب الآخر وحرقه . فحكام تل أبيب الصهاينة يهددون بتدمير المفاعلات النووية الإيرانية بضربات صاعقة واستعرضوا بالأمس القريب طائرة تجسس حديثة الصنع ستتولى عملية التجسس على المواقع الإيرانية الحساسة .
وفي المقابل استعرضت القوات المسلحة الإيرانية قوتها من خلال المناورات الحربية الحية التي أجرتها في مياه الخليج العربي فيما عرفت بمناورات ( الرسول الأعظم 3 ) من بينها تجربة إطلاق صواريخ طويلة المدى لمسافة تصل إلى 2000 كم عددها تسعة صواريخ من نوع شهاب 3 وقالت إن مفاعلاتها النووية هي للأغراض السلمية وخاصة توليد الكهرباء ولكن الأمريكان والغرب لا يصدقون هذه التطمينات الإيرانية ويشكون بأن المفاعلات النووية المدنية ستستخدمها إيران عسكريا لصنع القنبلة النووية . من جهتها ، تطرقت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن الجيش الإيراني وخاصة الحرس الثوري الإيراني أجرى تجارب إطلاق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى في الخليج يوم 10 تموز الجاري . وقال مساعد للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي الأسبوع الماضي إن بلاده ستضرب تل أبيب وتحرقها وستضرب وتغرق السفن الأمريكية المعادية في الخليج وستؤذي المصالح الأمريكية وستغلق مضيق هرمز الذي يعبر منه نحو 40 % من النفط للعالم ، ردا علي أي هجوم تتعرض له بلاده .
وهذا التهديد الإيراني الذي يأتي من رأسي الهرم الإيراني من قائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أو من رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد ، أوكليهما ، يعني ضرب الأسطول البحري الأمريكي في الخليج العربي وضرب القواعد العسكرية الأمريكية في دول مجلس التعاون العربية الست في كل من : العربية السعودية والإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت إضافة إلى العراق ، وإشعال حرب جديدة ضد الاحتلال الأمريكي في العراق حيث ستدخل الطائفة الشيعية جنبا إلى جنب مع الطائفة السنية في حرب ماحقة ضد الأعداء الأجانب في العراق .
وأفادت مصادر إعلامية إيرانية مطلعة إن سلاح البحرية الإيراني التابع لقوات حرس الثورة الإسلامية اختبر بنجاح إطلاق طوربيد ( الحوت ) بعد اختبار تسعة صواريخ بعيدة المدى وإطلاق عدد من صواريخ ارض - بحر وارض - ارض وبحر- جو خلال الأسبوع الفائت . وأشارت وكالة فارس للأنباء إلي أن إطلاق طوربيد 'الحوت ' ، الذي يعتبر الأكثر سرعة في العالم ، وعجزت أمريكا عن صنعه ، من المكاسب والانجازات العظيمة لمناورات النبي الأعظم 3 البحرية ، إذ تبلغ سرعة الطوربيد 100 م / ثانية ولا يمكن لأي بارجة مهما كانت متطورة النجاة من نظامه الصاروخي البحري . وغني عن القول ، إن من يسبق بالضربة الأولى هو المنتصر ، أسالوا حزب الله اللبناني في 12 تموز 2006 ، عندما شن هجوما كاسحا على معسكر صهيوني في شمال فلسطين المحتلة وقتل تسعة جنود وأسر جنديين آخرين .
وخيارات وسيناريوهات الحرب الإقليمية الملتهبة المقبلة ، ستكون مئات الصواريخ التي ستلقى على مستعمرة تل أبيب اليهودية الكبرى التي يسكن بها نحو 40 % من يهود فلسطين ، بما يزيد على أكثر من مليوني يهودي ، يقيمون في مساحة لا تتجاوز 80 كم2 ، وتشكل نواة الكيان العبري الغاصب لفلسطين ، ولكن في هذه المرة سيضرب مفاعل ديمونة الصهيوني في النقب أيضا من الصواريخ الإيرانية من جنوب إيران أو جنوب لبنان أو من كليهما ، الذي أنشأ بدعم فرنسي عام 1956 ، وسيتم إلحاق خسائر باهظة في الجانب اليهودي . وفي المقابل سيتم توجيه ضربات قوية للمفاعلات النووية الإيرانية المنتشرة فوق وتحت الأرض في إيران ذات المساحة الكبيرة نسبيا إذ تبلغ مساحتها نحو 195 ر 648 ر 1 كم2 بمعنى أنها تتمتع بعمق استراتيجي كبير ويقطنها نحو 75 مليون نسمة .
ويمكننا القول ، إن إيران إذا بدأت بالضربة الأولى سيكون لها نصيب كبير من هزيمة الأعداء ، وفي حال بدأت تل أبيب بالضربات الصاعقة على المفاعلات النووية الإيرانية والعاصمة طهران سوف تخسر إيران كثيرا حيث ستفقد منشآت نووية عديدة وتواجه تحديات كبيرة ستلقي بظلالها الكئيبة على البلاد . والقيادة الصهيونية لها خبرة في توجيه ضربات إستباقية مفاجأة فهي البادئة في شن الهجوم كما فعلت بضرب مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 ، ولم ترد العراق على ذلك ؟؟ ومن المتوقع أن تبدأ الطائرات الحربية الصهيونية بمعاونة أمريكية أو بضربة مزدوجة صهيونية – أمريكية ضد إيران لأكثر من موقع ، سواء المفاعلات النووية السلمية المصممة لتوليد التيار الكهربائي أم المنشآت المدنية الأخرى ، وكل الدلائل تشير إلى ذلك ، ففيما يبدو لقد تم التوافق مع حكام العراق الموالين للأمريكان بتمكين الطائرات الحربية الصهيونية من اتخاذ معسكرات أمريكية في العراق قاعدة انطلاق لشن الحرب المقبلة على إيران حيث تتخذ الطائرات الحربية الصهيونية من قاعدتي الأسد والإمام علي بن أبي طالب في غرب العراق وخاصة في منطقة الحديثة العراقية مقرا ومركزا للانطلاق باتجاه الأهداف الإيرانية فتتمكن الطائرات الصهيونية خلال 5 دقائق من الوصول للمفاعلات النووية الإيرانية في بوشهر مثلا . وأشارت تقارير صحفية إلى أن إجراء تدريبات عسكرية صهيونية خلال الأسبوع الفائت على شن الهجوم على القواعد العسكرية الإيرانية والمفاعلات النووية في الآن ذاته ، للجم إيران عن اتخاذ ضربات دفاعية أو هجومية في عقر تل أبيب أو ضد المفاعل النووي الصهيوني في ديمونة في النقب .
من جهتها ، هددت تل أبيب على لسان قادتها ، كوزير الحربية أيهود باراك بان الجيش الإسرائيلي سيضرب إيران بدعاوى إجراء المناورات الإيرانية ومن بينها تجربة صواريخ بالستية طويلة المدى التي يصل مداها 2000 كم ، مدعيا أن إيران ليست تحديا للكيان الصهيوني ( إسرائيل ) فقط وإنما للعالم كله ، والتركيز على العقوبات والنشاط الدبلوماسي لثني إيران عن الاستمرار في تخصيب اليورانيوم لإنتاج قنابل نووية ، لن يجدي نفعا ، مشيرا إلى أن تل أبيب هي الأقوى في المنطقة ، وأنها ستأخذ بالحسبان رد فعل أعداء تل أبيب ، سواء كانت حماس أو حزب الله أو سوريا أو إيران فقد تسلم سلاح الجو الصهيوني فعليا ثلاث طائرات حربية من طراز جالفستريم جي 550 المتطورة ويبلغ مداها 12500 كم وذلك للإنذار المبكر والسيطرة عن بعد للمساعدة في شن الهجوم القادم ضد إيران حيث يمكن لهذه الطائرات التحليق والتجسس فوق المواقع الإيرانية لمدة ساعات متواصلة .وتجري في هذه الأيام الطائرات الحربية الصهيونية تدريبات وطلعات جوية مكثفة فوق فلسطين ويسمع صوت هديرها الصاعق بشكل ملفت للنظر ، في سماء الضفة الغربية وخاصة في سماء محافظة نابلس ويلجا سلاح الجو اليهودي لمثل هذه التدريبات والطلعات في حالة الاستعداد الأولي لشن عدوان جديد على أهداف تحددها الحكومة الصهيونية بصورة مبرمجة مسبقا .
وفي السياق ذاته ، فإن طهران لا تخاف من تهديدات أيهود باراك وزير الجيش الصهيوني فهو من هرب بجيشه من جنوب لبنان في أيار 2000 يجر أذيال الهزيمة عندما كان وقتذاك رئيسا لوزراء الكيان الصهيوني ، ومصيره الهزيمة هو وجيشه عند مهاجمة إيران إذا استغلت إيران الوضع جيدا وقدرت الأمور كما تحتمل وعدم إصدار فقاعات إعلامية تتضمن التهديد والوعيد فقط ، كما كان القادة العرب وخاصة الرئيس المصري جمال عبد الناصر يصدرون تهديداتهم عام 1967 فإذا كانت إيران جادة فستلحق هزيمة نكراء بالجيش الصهيوني ويكون بداية السقوط الصهيوني في المنطقة وتراجعه للخلف عشرات الخطوات وتأتي حلقة جديدة من حلقات الترهل والتراجع الكياني الصهيوني لأفول نجمهم في فلسطين خاصة وإقليميا عامة .
ومن جهتها أعلنت الولايات المتحدة أنها مستعدة للدفاع عن حلفائها في إشارة واضحة للتحالف الأمريكي الصهيوني لضرب إيران ، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة في منطقة الخليج المشتعلة وتنتظر شرارة الانطلاق الأمريكي أو الصهيوني فيما يبدو بعد الانتهاء من الإعداد العسكري وخاصة في المجالات الجوية والبحرية .

لماذا التأجيل الأمريكي لضرب إيران ؟

هناك العديد من الأسباب التي حدت بالولايات المتحدة وحلفائها لتأجيل الهجوم على إيران ، من أهمها :
أولا : غرق عدد كبير من القوات الأمريكية في مستنقعات العراق ، بما يقدر بنحو 250 ألف جندي أمريكي ، والحرب السجال التي تشنها عليها حركات وفصائل المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية واستنزافها ، وبالتالي عدم الرغبة في فتح مواجهة إيرانية ثانية كبيرة مع القوات الأمريكية خاصة والقوات الغربية عامة في العراق . وعدم رغبة الولايات المتحدة في خسارة النفط العراقي المجاني الذي تستولي عليه ، وفي حالة إلحاق خسارة في إمدادات النفط العراقية لأمريكا فإن العجلة الاقتصادية الأمريكية والغربية ستتضرر بصورة كبيرة .
ثانيا : سياسة الاستفراد والبلع الاستعماري التدريجي للمعادين لأمريكا : أفغانستان أولا ثم العراق ثانيا ثم إيران ثالثا ثم سوريا رابعا .. الخ لتشكيل الشرق الأوسط الجديد .
ثالثا : إبتزاز إيران أمريكيا وغربيا وصهيونيا ومحاولة إنهاء الملف النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية عبر حزمة الحوافز الاقتصادية الكبرى وسياسة الترغيب ، كما تم التعاطي سابقا مع الملف النووي الكوري الشمالي سلميا ودبلوماسيا ، لأن ذلك لن يكلف الغرب سوى خسائر مالية أو اقتصادية بسيطة مقارنة مع تكاليف الحرب الجديدة المقبلة التي لا تبقي ولا تذر ، وتشكل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية والغربية في أغنى منطقة نفطية في العالم من الناحيتين الإنتاجية والاحتياطية .
رابعا : الوضع الداخلي الأمريكي المطالب بعودة القوات الأمريكية لموطنها والخروج من العراق لتجنب الخسائر اليومية المتوالية ضدها . وفي حالة شن هجوم أمريكي على إيران فإن الجبهة الأمريكية المعارضة ستشتعل مجددا ، وفي حال فشلها فإن ذلك سيلحق فشلا ذريعا بالحزب الجمهوري الحاكم الآن من ناحية ، ويلحق هزيمة نكراء بالولايات المتحدة عالميا ويبدأ العد التنازلي للإمبراطورية الأمريكية الشريرة كدولة عظمى من دول الاستكبار العالمي كما تسميها إيران .
خامسا : قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية واحتدام الصراع بين الحزبين المتنافسين الكبيرين في البلاد وهما الحزب الجمهوري الحاكم والحزب الديموقراطي المعارض .
سادسا : تكاليف الحرب الباهظة التي ستخسر فيها الولايات المتحدة خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات ، وخسارة مصالحها الحيوية في المنطقة ، خاصة في حالة ضعف دفاعها عن حلفاءها وعن قواعدها العسكرية المنتشرة في الجزيرة العربية والعراق والمحيط الهندي . وعدم كفاية مصدات الصواريخ المضادة للصواريخ وارتفاع تكاليف بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ حيث تكلف بطارية صواريخ الباتريوت الواحدة مثلا نصف مليون دولار وعدم كفاية مظلة الدفاع الأمريكية عن المنشآت العربية في المنطقة المحصورة أصلا في الدفاع عن القواعد العسكرية الأمريكية ومنابع النفط المركزية فقط .
سابعا : عدم اكتمال بناء الجبهة الإيرانية الداخلية الموالية لأمريكا ، فالوضع كما يبدو ما زال متماسكا في إيران وقادتها يسيطرون عليها بصورة كبيرة ولا بوادر للتفكك والشرذمة باختراق أمريكي وغربي كبير كما حدث مع الوضع العراقي سابقا .
ثامنا : عدم السماح لإيران الإسلامية بأن تكون قوة إقليمية كبرى مؤثرة في المنطقة وفي العالم ، فالولايات المتحدة ومن أمامها الصهيونية لن تسمح بتهديد مصالحها في المنطقة .
تاسعا : توكيل الكيان الصهيوني بشن الهجوم على إيران ، كضربات فجائية صاعقة وتسهيل المهمة لها . وقادة الكيان الصهيوني متشوقون لضرب إيران لعدة أسباب داخلية وخارجية ، إيديولوجية دينية وعسكرية وسياسية واقتصادية .

لماذا الهجوم الصهيوني – الأمريكي الآتي على إيران ؟

في نهاية المطاف سوف تشن الحرب الأمريكية – الصهيونية مع تحالف دول غربية أخرى ، وقد يدخل حلف الأطلسي هذه الحرب لاحقا ، على إيران لعدة عوامل لعل من أهمها :
أولا : القضاء على القوة النووية الإيرانية المتصاعدة والحيلولة دون إنتاج قنابل نووية إيرانية إسلامية تخدم المسلمين وتحد من النفوذ الإمبراطوري الأمريكي في العالم ، والحفاظ على المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية الغربية وخاصة الأمريكية في منطقة عالمية حساسة .
ثانيا : رغبة الكيان الصهيوني في تقليل أو الحد من التهديدات الإيرانية المتصاعدة التي تهدد بإزالة ( إسرائيل ) عن الخارطة الجغرافية والسياسية العالمية . وإعادة إيران إلى الحظيرة الصهيونية والغربية كما حدث مع العراق وقبله مع أفغانستان .
ثالثا : تصدير الأزمات والخلافات الداخلية الصهيونية بين حزب كاديما الحاكم من جهة والأحزاب اليهودية الصهيونية من جهة ثانية مثل أحزاب العمل وشاس والليكود وسواها سواء بشكل حزبي داخلي أو حزبي ثنائي أو ثلاثي أو أكثر .
رابعا : توجيه ضربة قوية لإيران وإضعافها والحيلولة دون تصدير الثورة الإسلامية للخارج والحد من دعمها لقوات حزب الله اللبناني الذي يؤرق المستعمرات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة ، ووصلت صواريخ المقاومة لعشرات المستعمرات اليهودية في البلاد . والانتقام الصهيوني من هزيمته أمام حزب الله في صيف 2006 بدعم إيراني وسوري عسكري وسياسي واقتصادي . وكذلك لتوجيه رسالة قوية لإيران بعدم التدخل في الشؤون الفلسطينية والابتعاد عن دعم حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية مثل حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وحركة الجهاد الإسلامي .
خامسا : استغلال الأوضاع العسكرية والسياسية المتردية في المنطقة وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين لخارج موطنهم ، واستقدام يهود كمهاجرين جدد بدلا عنهم . وكذلك إجبار الدول العربية على عقد معاهدات أو اتفاقيات صلح مع الكيان العبري ، والاتجاه العام نحو التطبيع الشامل بقوة السلاح ، والتهديد والوعيد ، عبر توجيه الرسالة العسكرية للعرب التي بمقتضاها أنظروا أيها العرب ماذا صنعنا بإيران الأقوى منكم ، فماذا أنتم فاعلون ؟؟
سادسا : إلحاق إيران مرة أخرى بالحظيرة الأمريكية كما كانت قبل الثورة الإسلامية التي قادها آية الله الخميني في شباط 1979 ، وإرجاع شاة إيراني جديد بدل قادة الثورة الإيرانية الحاليين ، كما في أفغانستان وإنهاء إمارة أفغانستان الإسلامية وتنصيب حاكم أمريكي لأفغانستان وهو حامد كرازي عام 2001 وكما حدث بالعراق عام 2003 واستبدال صدام حسين بحكام موالين لأمريكا والحبل على الجرار . ولكن إيران ليست كسابقاتها العراقية والأفغانية بل هي أشد بأسا وقوة عسكرية وبشرية واقتصادية .
سابعا : إبعاد التهديد الإسلامي المتفاقم للجاليات اليهودية في فلسطين ، وإبقاء الكيان اليهودي لأطول فترة زمنية ممكنة كوجود سياسي وديني وعسكري وسياسي ، والحفاظ على القوة الصهيونية أقوى قوة إقليمية في المنطقة وإبعاد تأثير إيران الإقليمي والعالمي الحقيقي المتعاظم في المنطقة العربية الشرقية خصوصا بما فيها فلسطين والعراق .
وتتوقع مصادر عسكرية صهيونية أنه في حال شنت المقاتلات الصهيونية ضربات جوية مكثفة على إيران ، وإلقاء آلاف الأطنان من الأسلحة التقليدية والكيماوية على المدن والتجمعات السكانية المدنية والمواقع العسكرية الإيرانية فإن الرد الإيراني سيتمثل في إمطار المستعمرات اليهودية وخاصة ديمونة وتل أبيب بنحو 5 آلاف صاروخ قصير ومتوسط المدى من قبل حزب الله في لبنان ، على المستعمرات اليهودية شمال فلسطين المحتلة ، ونحو 300 صاروخ بعيد المدى من إيران على المستعمرات في وسط وجنوب البلاد . وهم بذلك واهمون ، فيمكن أن يصل عدد الصواريخ المنبعثة للمستعمرات اليهودية في جميع أرجاء فلسطين لتدك المواقع العسكرية والمدنية والاقتصادية الحساسة والموانئ والمطارات بعشرات الآلاف من ذات المدى القصير أو المتوسط أو الطويل المدى في حال نشوب حرب إقليمية ، فيما إذا استمرت الحرب الثنائية أو المشتركة الصهيونية – الأمريكية – الغربية لمدة أربعة أسابيع فقد يصل عدد الصواريخ المنبعثة من مساحة إيران الشاسعة نحو 50 ألف صاروخ ، على الأهداف الأمريكية البرية بالقواعد العسكرية في الأراضي العربية ومنابع النفط والبوارج والسفن الأمريكية في الخليج ، وعلى الأهداف الصهيونية في فلسطين المحتلة ، ومن لبنان نحو 10 آلاف صاروخ على الأقل ، خاصة وأن قيادة الحرس الثوري الإيراني قالت سابقا إن إيران لديها القدرة بإطلاق 11 ألف صاروخ حالا في الآن ذاته .

لماذا لا تضرب إيران تل أبيب أولا ؟

رغم تبني إيران الأيديولوجية الإسلامية التي تحض على الجهاد ، ومقاتلة الأعداء وفق ما جاء بالقرآن المجيد : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}( القرآن المجيد ، التوبة ) . إلا أنه على الجانب الآخر ، فإن إيران تحاول تأجيل الدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلف شمال الأطلسي في هذه المرحلة ، لعدة عوامل من أبرزها :
أولا : الانتظار ريثما يتم تصنيع القنابل النووية الإيرانية لتكون قوة ردع مستقبلية ضد مهاجمتها ، واستكمال الإعداد العسكري لمواجهة العدوان الآتي لا ريب فيه .
ثانيا : تقليل الخسائر البشرية والاقتصادية والعسكرية لإيران قدر الإمكان .
ثالثا : عدم إعطاء ذريعة إيرانية لتماسك الغرب العسكري والاقتصادي والسياسي ضدها ، وإبقاء الأمور عائمة لكسب الوقت والجهد للإعداد الشامل .
رابعا : الردع النووي الغربي ، فتخاف إيران من إلقاء قنابل أمريكية أو صهيونية نووية عليها كما فعل الأمريكان في إلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان في مدينتي هيروشيما وناجازاكي عام 1945 وألحقوا بها خسائر بشرية واقتصادية وبيئية عظيمة ما زالت آثارها ماثلة للعيان حتى الآن .
خامسا : إن مكان رحى المعركة سيكون بالدرجة الأولى في أرض إيران ، مع ما يسببه ذلك من ضرر إنساني واقتصادي وعسكري وجغرافي كبير ، فالضرب الأمريكي والصهيوني سيستهدف الأماكن السكنية المكتظة بالأطفال والنساء والكبار في السن ، إضافة لمواقع المفاعلات النووية التي يصل عددها لسبعين موقعا ، ولهذا تسعى إيران لنقل مكان معركتها في مياه الخليج ضد الأمريكان وضد رحى المدن اليهودية في فلسطين المحتلة .
سادسا : مواصلة إيران حشد التأييد الدولي لها ، وخاصة من المعسكر المعادي والمنافس لأمريكا والكيان الصهيوني مثل روسيا الصين وفنزويلا وكوبا وغيرها .
وقد نجحت السياسة الإيرانية في تمديد الفترة الآجلة للحرب المقبلة لا ريب فيها حتى الآن ، ويمكن أن تنجح لتمديدها فترة أخرى ، ولكنها لن تفلح في تأجيلها أو إلغائها لفترة مفتوحة إلى ما لا نهاية لها ، فهناك إصرار صهيوني – أمريكي لضرب إيران والحيلولة دون تصاعد قوتها في أغنى بقعة نفطية في العالم وهي المنطقة الإيرانية والعراق وشبة الجزيرة العربية . وكذلك لوضع حد للتهديدات الإيرانية المتزايدة التي تهدد الوجود الصهيوني في فلسطين وتحد من قدوم المهاجرين اليهود على البلاد كما يسمونها ( أرض الميعاد ) . وعلى العكس من ذلك ، فإن الرؤية الصهيونية تقول إن عدم شن حرب على إيران يشكل تحديا وخطرا حقيقيا قويا على الجاليات اليهودية في فلسطين الأمر الذي استلزم إنشاء وزارة صهيونية جديدة ( التخطيط الاستراتيجي ) التي تشمل مخاطر المفاعلات النووية الإيرانية والتزايد السكاني الفلسطيني في البلاد . فهاتان المسألتان تقضان مضاجع قيادة الجاليات اليهودية في فلسطين الكبرى وبالتالي تطالب الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة اليهودية بوضع حد لهاتين المسالتين بشكل يرضي التصلب الصهيوني الداخلي والخارجي . ويتمثل ذلك بمهاجمة إيران عسكريا وإضعافها ، واستغلال أوضاع الفوضى الإقليمية العامة التي تصاحب الحرب وطرد وتهجير أكبر عدد ممكن من أهل فلسطين الأصليين من جميع بقاع فلسطين الكبرى لإحداث خلل سكاني فيما يسمى بالتوازن الديموغرافي الفلسطيني – اليهودي في البلاد .

النتائج العامة المتوقعة
للحرب الأمريكية – الصهيونية – الغربية
ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية

تلحق كل حرب طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأمد ، خسارة عامة على الجميع ، في كافة المجالات والميادين البشرية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية ، وتفرز الحرب القوي من الضعيف . وفي حال شن الطائرات الحربية الصهيونية وحدها الحرب الجوية على إيران ، أو بالتعاون مع القوات البرية والبحرية والجوية الأمريكية ، فإن المصالح الأمريكية تصبح معرضة لضربات مؤلمة وقوية جدا ، في مجالات الطاقة والتصدير العسكري والاقتصادي ، وسترتفع أسعار النفط بصورة خيالية وستقل إمدادات النفط للعالم الغربي عموما والولايات المتحدة خصوصا ، وسوف تندلع مظاهرات ومسيرات أمريكية عنيفة داخل أمريكا والعواصم العالمية تطالب بوقف الحرب بأسرع وقت ممكن ، ولهذا إذا شنت الولايات المتحدة الحرب المباشرة على إيران أو بالوكالة عبر الكيان الصهيوني فإن أمد الحرب سيستغرق شهرا على الأكثر . وسيتداعى مجلس الأمن الدولي لإنقاذ المهاجمين الغزاة كونهم يسيطرون عليه ، كما حصل في صيف 2006 في الحرب التي استمرت 34 يوما بين قوات الاحتلال الصهيوني وقوات حزب الله اللبناني . وسيكون الجانب الصهيوني هو الأكثر تأثرا بصورة سلبية حقيقية ظاهرة للعيان سواء على الصعيد البشري أو الحربي أو الاقتصادي ، وذلك على النحو الآتي :
1. الهجرة اليهودية المضادة : فعشرات الآلاف إن لم يكن مئات آلاف اليهود سيغادرون البلاد ، عبر مطار اللد أو الموانئ على البحر البيض المتوسط ، هربا من الصواريخ العابرة البعيدة المدى ، الآتية من إيران نفسها أو من جنوب لبنان الآتية من صواريخ حزب الله والمقاومة الإسلامية ، وربما الصواريخ السورية أيضا ، وذلك كما حدث في انتفاضة الأقصى الفلسطينية الباسلة حيث غادر نحو 760 ألف يهودي فلسطين المحتلة خلال السنوات الثلاث الأولى من الانتفاضة ، ونسبة كبيرة منهم لم تعد حتى الآن ، وكانت باعت جميع ممتلكاتها قبل مغادرتها . وهذا الأمر يشكل ضربة قوية للنظرية الصهيونية القاضية بتجميع أكبر عدد ممكن من يهود العالم في فلسطين المحتلة في أقصر فترة زمنية ممكنة .
2. اشتعال فتيل الأزمة الفلسطينية – الصهيونية من جديد وقد تندلع شرارة انتفاضة فلسطينية ثالثة أكبر من انتفاضة الأقصى السابقة ، تكون مضادة للحرب الصهيونية – الأمريكية ضد إيران ، وسيهدد هذا الأمر الجبهة الداخلية الصهيونية بصورة كبيرة . ويهدد الجبهة الداخلية الفلسطينية على السواء ، فهناك احتمالات قوية بتهجير مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين العزل من أرض آبائهم وأجدادهم في هجرة كبيرة ثالثة باتجاه دول الطوق العربية المحاذية لفلسطين المحتلة ، وخاصة باتجاه الأردن الذي يسميه اليهود الوطن البديل للفلسطينيين ، وباتجاه مصر جنوبا للتخلص من أكبر عدد ممكن من فلسطيني قطاع غزة وتوطينهم في سيناء المصرية . وتنفيذ المخططات الإستراتيجية اليهودية في فلسطين كإنشاء الهيكل اليهودي الثالث المزعوم وتقسيم أو تدمير المسجد الأقصى المبارك ، وتقزيم السلطة الوطنية الفلسطينية أكثر من الوضع الحالي أو حتى إلغائها كليا .
3. خسائر حجرية وشجرية كبيرة جراء تأثير الصواريخ التقليدية والكيماوية الكبيرة المدمرة ، ويمكن أن يحمل بعضها رؤوسا نووية بدائية إيرانية من تصنيعها أو من تصنيع كوري شمالي أو روسي سابق . فمئات الأحياء السكانية اليهودية ستدمر ، وتنهار بنايات شاهقة ، وستحرق غابات بأكملها كونها تخبئ أسلحة عسكرية مع ما يسبب ذلك من تدمير اقتصادي كبير . وكذلك ستدمر مدن إيرانية كبرى إذا تم استخدام الأسلحة النووية أو الكيماوية أو الجرثومية . وإذا ضرب أحد المفاعلين النوويين الصهيونيين في تل أبيب بالقرب من الساحل أو ديمونة بالنقب فستنتشر رائحة الموت الرهيب عبر تغلغل شظايا نووية حارقة قاتلة لمناطق فلسطينية كثيفة السكان تقتل المئات بل عشرات الآلاف من اليهود والفلسطينيين على السواء .
4. ضرب منابع النفط العالمية في شبة الجزيرة العربية وإيران والعراق ، وحدوث أزمة اقتصادية ونفطية عالمية لا تحمد عقباها تلقي بظلالها السلبية المؤثرة على الاقتصاد العالمي ، ويتضرر من ذلك الفئات الفقيرة والمسحوقة في العالم .
5. دخول أطرف دولية جديدة في الصراع مثل حلف الأطلسي ، والصين الشعبية وروسيا للدفاع عن مصالحها في المنطقة الإقليمية المحتدمة النزاع . فروسيا هي راعية إنشاء المفاعلات النووية الإيرانية ولن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري من صراع إقليمي وهي فرصتها للعودة لأمجاد الاتحاد السوفيتي العالمية السابقة . وحلف الأطلسي سيسعى عبر الولايات المتحدة لجر دول الإتحاد الأوروبي للصراع الجديد وتحجيم إيران كليا ، وتوجيه رسالة قوية لروسيا بالخروج من المنطقة كليا .
6. تزايد حدة التصنيع العسكري الكمي والنوعي لتعويض ما خسرته الأطراف المتصارعة في المنطقة ، وكل يريد زيادة أسلحته ، ونوعيتها ليقف رادعا لخصمه وأعدائه في المنطقة المشتعلة .
7. تغيير خريطة المنطقة سياسيا ، وتفتيت الدول القائمة لمحميات أصغر منها ، وفق سياسة الشرق الأوسط الواسع الجديد ، وتجزئة المجزأ ، في حال توجيه ضربة قاصمة لإيران ، فيخلو الميدان لحميدان الصهيوني الأمريكي . فمثلا سيتم تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية ، شيعية وسنية وكردية متناحرة ، وتقسيم السعودية لمنطقة شيعية شرقية وسنية غربية ، واحتلال أجزاء من إيران وإنشاء قوة إيرانية مهادنة للأمريكان كما يحدث في العراق وأفغانستان وغيرها .
8. تغيير المعادلة السياسية في العراق ، وتبديل التحالف في أرض الرافدين وانضمام الشيعة للجهاد والمقاومة ضد الغزو الأمريكي والأجنبي .

على العموم ، إن الحرب القادمة ضد إيران الإسلامية سيلازمها تبعات نفسية وبشرية وسياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وإعلامية شتى ، حيث ستنزل قوى عالمية وإقليمية للحضيض ، خاصة القوة الأمريكية والصهيونية ، وترفع قوى إقليمية كإيران والعراق وقوى محلية للأعلى كما هو في فلسطين ولبنان . وستكون خسائر شاملة بشرية وحجرية وشجرية متلاحقة ، حيث سيسقط عشرات آلاف القتلى والجرحى والأسرى ، وإذا استمرت الحرب لأكثر من شهر فإنها ستأكل الأخضر واليابس على جميع الجبهات الداخلية والخارجية ، المحلية والإقليمية والعالمية . وستحدث أشياء لم يحسب حسابها بتاتا ، فكلما طال أمد الحرب فإن الجبهة الداخلية الصهيونية والأمريكية ستخسر كثيرا جدا ، وستفقد مقومات وجودها في المنطقة العربية والإيرانية ، وقد يتصاعد الموقف ويتم احتلال بعض المناطق الإيرانية خاصة من شمالي البلاد بالقرب من أصفهان وما جاورها وسوف تتصدع أوضاع الجبهة الإيرانية المتماسكة الآن . إلا أنه يمكن الجزم والقول ، إن تل أبيب بسكانها المليونين ستحترق قبل طهران بسكانها السبعة ملايين ، في جميع الأحوال حسب المعطيات على أرض الواقع ، وموازين القوى التقليدية ، والبأس الإيراني شديد طالما هو متمسك بالإسلام العظيم ولديه فرع إسلامي عنيد في لبنان المتمثل بحزب الله ولن تتفسخ الجبهة الإيرانية بسرعة كما تفسخت الجبهة الأفغانية بسرعة عام 2001 ، أو تشرذمت وتشققت الجبهة العراقية الداخلية في ربيع عام 2003 . وإذا هاجمت وبدأت المقاتلات الحربية الصهيونية بشن الهجوم على المواقع والمدن الإيرانية فستكون خاسرة خسرانا مبينا بصورة غير مسبوقة وغير متوقعة ، فتكون لم تستفد من تجربة الحرب بصيف عام 2006 مع مقاتلي حزب الله الأشداء المراس ذوي البأس الشديد ، حيث يطلبون الموت فتوهب لهم الحياة ويسيرون على نهج الجهاد في سبيل الله ضد الأعداء المعتدين الظالمين الطغاة ، وهذا ما سيكون في حال شن الحرب ضد إيران ، فحزب الله نسخة مصغرة من إيران قلبا وقالبا .
وفي سياق آخر ، حسب العقيدة الإسلامية ، فإن الأعور الدجال سيظهر في منطقة مرو قرب مدينة أصفهان الإيرانية في الشمال الشرقي ، من يهود أصفهان ، لاسترجاع الحكم اليهودي الصليبي الذي ينهيه الإسلام من الكفار ، وسيدعي أنه نبي في البداية ثم إله ، ( لا إله إلا الله – محمد رسول الله ) ويتبعه 70 ألف يهودي من أصحاب الطيالسة الإيرانيين . ثم ينزل المسيح عيسى بن مريم في المنارة البيضاء في دمشق ويلحق بالدجال ويقتله عند باب اللد الشرقي في فلسطين في وقت لا يعلمه إلا الله عالم الغيب والشهادة . فقد جاء بصحيح مسلم - (ج 14 / ص 181) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ ) . وورد في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 197) عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُولُ : ( يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ ) .
وأخيرا ، وختامها مسك ، نقول كما يقول الله رب العالمين : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}( القرآن المجيد ، العنكبوت ) . وندعو بهذا الدعاء الإسلامي العظيم ، كما جاء بصحيح البخاري - (ج 3 / ص 332) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ) . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ : فَقَالَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: