الخميس، 10 يوليو 2008

نابلس عاصمة فلسطين الاقتصادية وبيت النار الصهيوني

نابلس عاصمة فلسطين الاقتصادية
وبيت النار الصهيوني

الاحتلال اليهودي : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) . وجاء في صحيح مسلم - (ج 13 / ص 212) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ . وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ . وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) .
أسس مدينة نابلس الكنعانيون العرب حوالي 4 آلاف سنة قبل الميلاد ، وأطلقوا علها اسم ( شكيم ) وتعني المكان المرتفع أو النجد ، وتعتبر نابلس ثاني أقدم مدينة تاريخية في العالم بعد أريحا . وفي عام 72 م أسس الرومان ( فلافيا نيابوليس ) أي نابلس الجديدة في عهد الإمبراطور تيتوس . وفي عهد الخلافة الإسلامية الراشدة وفتح فلسطين ، عام 636 م أطلق على المدينة اسم نابلس الذي احتفظت به حتى الآن . ثم أطلق عليها في عهد الغزوة الصليبية ما بين الأعوام 1099 – 1187 م اسم ( بوليس ) وفي عام 1202 م أعيد بناء المدينة مرة أخرى وأخذت الاسم العربي ( نابلس ) . وأطلق أحيانا على نابلس ( الشام الصغرى أو دمشق الصغرى ) لتشابه العادات والتقاليد فيهما وقربهما الجغرافي من بعضهما إلى حد ما . وفي نابلس نحو 3 آلاف معلم تاريخي وسياحي تعبر عن عبور فيها وتكريس التاريخ البشري .
وتقع محافظة نابلس في الوسط الشرقي من فلسطين الكبرى ، فما يعرف بالضفة الغربية لنهر الأردن . وهي إحدى المحافظات الفلسطينية الست عشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة . تبلغ مساحة محافظة نابلس 605 كم2 ، تشكل مساحة المدينة منها 5 ر28 كم2 . وتبلغ مساحة محافظة نابلس من إجمالي مساحة الضفة الغربية ما نسبته 10 % ، وبنسبة أصغر من مساحة فلسطين الكبرى البالغة 27 ألف كم2 . وترتفع مدينة نابلس التي تقع بين صدفي جبلي جرزيم وعيبال عن سطح البحر بنحو 500 م . ويبلغ عدد سكان محافظة نابلس ، نحو 322 ألف نسمة ، منهم نحو 170 ألف نسمة يقطنون المدينة حسب إحصاءات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء عام 2008 . والسواد الأعظم من المواطنين الأصليين مسلمين ، وبعضهم من أهل الذمة ، أقل من ألف نسمة من النصارى يعيشون في منطقة رفيديا ، ونحو 330 سامري يهودي ، يعيشون في حي السامريين قرب جبل جرزيم الغربي بالقرب من حرم جامعة النجاح الوطنية بنابلس . وللسامريين إمتياز خاص حيث يحملون بطاقتي هوية شخصية : الأولى فلسطينية ولونها أخضر ، والثانية : إسرائيلية ولونها أزرق تمكنهم من الذهاب أينما يريدون وعبور الحواجز الصهيونية بسلام آمنين . وبعض النصارى والسامريين التحق بحركة فتح واعتقل كغيره من أبناء محافظة نابلس المسلمين . ومن العدد السكاني الإجمالي لمحافظة نابلس ما نسبته 5 ر 52 % يقطنون في مدينة نابلس ومخيماتها الأربع : مخيم بلاطة ، مخيم عسكر القديم ومخيم عسكر الجديد ، ومخيم عين بيت الماء ، ( مخيم رقم 1 ) وهو أول مخيم فلسطين للمهجرين عام 1948 ، من ديارهم بفعل إرهاب المنظمات العسكرية الصهيونية ، أقيم في السفح الغربي لجبل عيبال . والباقي السكاني هي النسبة الباقية 5 ر 47 % تقطن في الريف . ويحيط بالمدينة مجموعة من القرى الصغيرة والمتوسطة التي يبلغ عددها 56 قرية وبلدة ، يأتي مواطنوها يوميا لقضاء حوائجهم والتسوق من أسواقها القديمة والجديدة ويعودون أدراجهم إلى أماكن إقامتهم . وهناك خليط اجتماعي متآلف بين الأنصار والمهاجرين في فلسطين ، وبين مثلث التشكيل الجغرافي الاجتماعي المدينة والريف والمخيمات عموما .
وتعتبر نابلس بحق عاصمة فلسطين الإقتصادية كما يطلق عليها رسميا وشعبيا ، فهي مركز المراكز الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وتربط مدن شمال الضفة الغربية بجنوبها وبالتالي فهي الشريان الاقتصادي لجميع المدن الفلسطينية . ويرابط أهل نابلس شامخين بإباء وعزة وكرامة إسلامية كشموخ الجبلين جغرافيا : جرزيم جنوبا وعيبال شمالا ، في القلب النابض بفلسطين الطبيعية الكبرى .
وقد تعرض أهل نابلس لشتى صنوف العذاب الصهيوني ، من بينها الإرهاب الجسدي والمعنوي والنفسي ، عبر القتل والأسر والجرح ، ووصل الأمر بإجبار عشرات الشباب الذكور فرادى على خلع ملابسهم كليا أو جزئيا وتركهم في نوبات البرد الشتوية القارصة ، ومصادرة ملابسهم ، على فترات متباعدة إضافة إلى العذاب الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي .
وتنتشر آلاف المحال التجارية ، في الأسواق النابلسية الفلسطينية ، في الأحياء القديمة والجديدة على السواء ، إلا أن هناك بعض المصانع الكبيرة المشهورة في نابلس من أهمها : مصنع الزيوت النباتية ، ومصنع الأحذية ومصانع الصابون النابلسي الشهير المصنوع من زيت الزيتون الفلسطيني ، الذي تشتهر به قرى المحافظة ، ومعاصر الزيتون ، ومصانع الطحينة والحبة السوداء ( حبة البركة ) التي تراجعت كثيرا بفعل عوامل داخلية وخارجية . وتشتهر نابلس بالحلويات خاصة الكنافة النابلسية اللذيذة التي تنتجها عشرات معامل الحلويات . وهناك مصانع البلاط والطوب الضروري للأبنية ، والمحاجر الفلسطينية وهو ما يعرف بالذهب الفلسطيني الأبيض ، تنتشر بكثرة في منطقة محافظة نابلس الجنوبية ، وخاصة محاجر بلدة جماعين جنوبا . وتنتشر كذلك مصانع النسيج ودباغة الجلود والمحادد والمناجر وصناعة الأثاث وغيرها . ويتواجد في نابلس السوق المالي الفلسطيني ( البورصة ) الذي يتم التداول به من مختلف أرجاء فلسطين وخارجها . وتتخذ الإدارة العليا لشركة الاتصالات الفلسطينية ( الخطوط الثابتة ) من مدينة نابلس مقرا لها في منطقة رفيديا .


ويدير شؤون مدينة نابلس المحلية بلدية حيث تشرف على تقديم كافة الخدمات المحلية فيها من الماء والكهرباء والبناء وترخيص المهن والحرف وتنظيم وشق الشوارع والطرقات ، والدفاع المدني وحالات الطوارئ ، والإشراف على الحالة الصحية والمسالخ والإشراف على سوق بيع وشراء الحيوانات ( سوق الحلال ) وشبكات الصرف الصحي ، ونقل الفضلات والقمامة لأماكن خارج المدينة وحرقها وإتلافها وغيرها من الخدمات .
وتضم نابلس مئات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الخدمية العامة حيث يتمركز بها اتحاد الجمعيات الخيرية الذي يحتضن عشرات الجمعيات الخيرية . ولا ننسى جامعة النجاح الوطنية بأبنيتها القديمة بالقرب من سفح جبل جرزيم الجنوبي ، وأبنيتها الجديدة بين جبلي جرزيم وعيبال في منطقة الجنيد ، التي تعتبر مركز إشعاع حضاري كالطود الشامخ بينهما ، فهذه الجامعة الفلسطينية هي كبرى الجامعات الفلسطينية في ارض الوطن الفلسطيني تحتضن في أحشائها العلمية والإنسانية أكثر من 18 ألف طالب وطالبة لدرجتي البكالوريوس والماجستير من مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية . وكذلك تضم مدينة نابلس عشرات المساجد التي يؤمها المصلون في أوقات الصلاة المكتوبة الخمسة ، وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية خصصت أجنحة نسائية في بعض المساجد لتمكين المرأة المسلمة الفلسطينية من تأدية الصلوات المكتوبة وخاصة صلاتي الظهر والعصر وربما المغرب فيها ، والالتحاق بدروس تعليم وتجويد القرآن المجيد .
وأهل محافظة نابلس ، بمدينتها وقراها ومخيماتها ، يرفضون الذل والإهانة والهوان والظلم والظلام من قوات الاحتلال اليهودي – الصهيوني ، فتسابقوا للانخراط إما في حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) أو في حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) أو في حركة الجهاد الإسلامي أو غيرها من الحركات والفصائل الفلسطينية الأخرى . وفي كل ثورة أو انتفاضة لها باع طويل في المقاومة والدفاع الشرعي عن النفس ، فقدمت على مذبح الحرية مئات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف الأسرى ، ففي انتفاضة الأقصى المجيدة التي امتدت بين الأعوام 2000 – 2006 ، قدمت محافظة نابلس نحو 600 شهيد فلسطيني . وفي كل مرة تندفع فيها قوات الاحتلال اليهودي لارتكاب جرائمها ومجازرها القذرة المقيتة المتواصلة التي تؤدي إلى استشهاد الشهداء بالمفرق أو بالجملة كانت خلايا فلسطينية مسلحة من مختلف الحركات والفصائل الوطنية والإسلامية في فلسطين تتولى الرد الفلسطيني المدافع عن الحق في الحياة الطبيعية والحرية والاستقلال يكون موجعا بصورة كبيرة للاحتلال الصهيوني في أرض فلسطين الكبرى فيذهب في تلك العمليات التفجيرية والاستشهادية عشرات القتلى والجرحى اليهود في مختلف المستعمرات والمستوطنات اليهودية المقامة في مختلف بقاع فلسطين المحتلة عام 1948 أو بقاع فلسطين المحتلة عام 1967 ، الأمر الذي استدعى من الاحتلال اليهودي الصهيوني تسمية محافظة نابلس بأنها عاصمة الانتفاضة والثورة الفلسطينية ( عاصمة الإرهاب الفلسطيني ) ، ولهذا تختلق قوات الاحتلال الأكاذيب والافتراءات لإبقائها تحت بيت النار الصهيوني المشتعل مخلفا وراءه الرماد البني ، وجعلها تحترق كليا أو جزئيا اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو حضاريا بصورة أشمل وأعم ، فرغم انتهاء انتفاضة الأقصى الفلسطينية وحالات التهدئة التي تنفذ بين الحين والآخر بين أهل فلسطين الأصليين والجاليات اليهودية الطارئة في فلسطين في شتى أماكن تواجدهم إلا أن الحواجز العسكرية الصهيونية لا زالت تفصل مدينة نابلس عن قراها ومخيماتها أولا وعن بقية المحافظات الفلسطينية ثانيا ، ويعاني أهلها من الإغلاق والحصار المشدد حيث تحيط الحواجز العسكرية اليهودية بمدينة نابلس من الجهات الأربع ، وهي حواجز ثابتة مثل حاجز بيت ايبا غربا وحاجز حوارة جنوبا وحاجز بيت فوريك شرقا ، وحاجز الباذان في الشمال الشرقي ، وحاجز عصيرة الشمالية أيضا . وبهذا يمكننا القول ، إن مدينة نابلس ، محاصرة من الجهات الأربع ، والمراقبة اليومية والليلية متواصلة برا وجوا على السواء ، فكثيرا ما يرى أهل نابلس الطائرة الصهيونية ( الزنانة – وهي طائرة بلا طيار ) التي تحلق في سماء نابلس لتقوم بالتجسس على المواطنين ومراقبة من تريد مراقبته وأحيانا تلقي بحممها القاتلة على أهدافها البشرية من بعض الناشطين الفلسطينيين فيسقطون شهداء ويلتحقون بالرفيق الأعلى .
وتحتضن نابلس العديد من محطات التلفزة والإذاعات المحلية من أبرزها تلفزيون نابلس وآفاق ، وتلفزيون جاما ، والسنابل ، وآسيا وغيرها ، وإذاعة القرآن الكريم التي يصل بثها لمناطق فلسطينية واسعة ، وتبث على الانتر نت . وإذاعة صوت جامعة النجاح الوطنية ، وإذاعة طريق المحبة ، وإذاعة نابلس ويهتم الإعلام الفلسطيني والعربي والغربي بمحافظة نابلس ، كمثل اهتمام قوات الاحتلال الصهيوني الساعية إلى تخريبها وتدميرها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا . وقد اخترقت تقنية قوات الاحتلال موجات كل المحطات الإذاعية والتلفزيونية في نابلس عدة مرات لتبث دعاية وإعلانات وبيانات عسكرية لجيش الاحتلال لتبرير الهيمنة على المدينة ومحاصرتها داخليا بحجة البحث والتفتيش عن مطلوبين فلسطينيين يشكلون خطرا على الأمن الداخلي لليهود . وبهذا المناسبة فإنني احيي الكرامة والشهامة فيمن يقف صفا واحدا مدافعا عن فلسطين عامة وعن محافظة نابلس خاصة فليتولى الاهتمام بفلسطين وأهلها وشعبها ، كل في مجاله . تحية وألف تحية لكل واحد من الإعلاميين والناشطين في حقوق الإنسان للدفاع عن جبال النار عاصمة فلسطين الاقتصادية ، وعاصمة الثورة والتغيير والتجديد لنصنع فلسطين الجديدة العربية المسلمة بأشجار الزيتون الباسقة المعمرة كأهل البلاد الأصليين ، للصمود والمرابطة والمجابهة ضد الغرباء الطارئين على أرضنا المباركة ، ونقول إن البكاء الفلسطيني على الإطلال ممتاز للتفريغ والتنفيس عن النفس حبا لفلسطين وموالاة لها ، ولكنه لن يغير من سياسة الهجمة الصهيونية المتلاحقة والعقاب الجماعي عنها وصبرا صبرا صبرا فإن التكوين الفلسطيني قادم لا محالة بإذن الله العزيز الحكيم ، في شتى المجالات والميادين .
ولا بد من القول ، إن من يزور نابلس ، هذه الأيام يلمس الحصار والإغلاق والملاحقة من الاحتلال البغيض ، ويرى بأم عينيه صور حزينة ولكنها تبشر بفجر عربي إسلامي لا ريب فيه ، والصورة الإعلامية التي يضعها بعض الصحفيين عن الركود التجاري والاقتصادي وخروج الرساميل ومقار الصناعات والاستثمارات من الإعلاميين المخلصين لفلسطين وأهلها هي صور حية ومعبرة عن مدى المعاناة الأليمة للأسواق التجارية مثل سوق خان التجار في البلدة القديمة بنابلس الذي غادرته مجموعات المسلحين الفلسطينيين بعدما كان الملاذ شبه الآمن لهم وذلك بعد اتفاقيات التهدئة الجزئية المبتورة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيوني . وعندما أشاهد وأدقق النظر في بعض الصور الإعلامية المنشورة على وسائل الاتصال المتعددة من المطبوعات والانترنت والتلفزيونات الفلسطينية والعربية والعالمية وكيف جرت عملية اختيارها بعناية في هذه الظروف التي تعاني منها نابلس من ركود اقتصادي خانق ومؤلم كثيرا حيث تكون الأسواق مزدحمة في الأعياد والمناسبات الإسلامية مثل تزاحم المواطنين من الباعة والمشترين في سوق الخان الشعبي ، في البلدة القديمة أو السوق الشرقي أو السوق الغربي حيث تتزاحم الأقدام وتعج الحياة الطبيعية بتلك الأمكنة ، ولكن سرعان ما يتبدد هذا الإزدحام في حالة استشهاد مواطن فلسطيني أو إلقاء صاروخ صهيوني باتجاه هدف مدني فلسطيني للتخريب وتعكير الجو السياسي والاقتصادي والاجتماعي النابلسي .
إخواني وأخواتي الكرام الطيبين ، في خارج نابلس الأبية العصية على الاحتلال الصهيوني ، في جميع المجالات والميادين ، محافظة نابلس بمدينتها ومخيماتها وقراها الآن محاصرة بحاجزين ثابتين مركزيين عند الغرب في منطقة بيت ايبا والغرب عند منطقة حوارة وعند الشرق عند بلدة بيت فوريك ، وأحيانا كثيرة عند الشمال ( الباذان ) وبلدة عصيرة الشمالية . وهذه الحواجز العسكرية من حواجز الاحتلال الصهيوني ترهق المواطنين وتحد من حريتهم وتنقلهم وعملهم ، مما يشكل اعتداء على الحرية الشخصية والجماعية في الحركة والتنقل فترى طوابير الشباب والمواطنين ذكورا وإناثا يجبرون على الاصطفاف للمرور عبر البوابات الالكترونية مثل المواسير الالكترونية ( معاطات الدجاج ) التي تمعط ملابس المواطنين الفلسطينيين معطا معطا كما هو حال الحاجزين العسكريين اليهوديين عند بيت ايبا وحوارة ، فيطلب من كل شاب أو فتاة وضع المفاتيح أو فئات العملة المعدنية أو الجوالات وحتى كل ما هو معدني على ملابس المواطنين أو أحذيتهم لتفتيشهم الكترونيا وخاصة عند حالات الخروج من عرين نابلس الحبيب ، هذا عدا عن مؤازرة الكلاب البوليسية اليهودية التي تشم الأمتعة جيئة وذهابا للكثير من المواطنين ، وتلقي فيها بلعاب ولهاث نجاسة الكلاب الحيوانية القذرة بتصميم يهودي لئيم ، وتبدو هذه الحواجز اليهودية وكأنها عندما تطلب التدقيق في بطاقات الهوية الفلسطينية حدود سياسية وإدارية بين دولتين مع فارق بسيط وهي عدم ختم الجواز أو الهوية والاحتلال الصهيوني هو المسيطر في كلا الجانبين للحاجز .
قبل أيام اقترب مني كلب بوليسي تجره برصن في عنقه فتاة يهودية حمقاء فنهرت الكلب بصوت عالي خوفا من نجاسته ونجاسة من تقوده فتضايقت وهرب الكلب الذي وضع على فمه غطاء خيشي .. يا لها من مهازل على الحواجز وإذلال وإهانة وكم سلكنا المسالك والطرق الوعرة تجنبا لهؤلاء الأوغاد الجالسين مثل قطاع الطرق من بنات وشباب اليهود المحتلين ببزات عسكرية صهيونية ملوثة بصورة رسمية لتحاشي التفتيش أو شم الزهرة اليهودية النتنة ذات الرائحة القذرة المنبعثة من ملابسهم وشعرهم وبنادقهم التي يشتم منها رائحة الموت .. فالموت أحلى وأفضل من هذه الحياة المرة الكئيبة الظالمة في ظل تخلي الجميع عن شعب فلسطين ومبادرة بعض الدول العربية والإسلامية للتطبيع مع الأعداء .
وتحياتي للإخوة والأخوات النبلاء الذين يسعون لخدمة فلسطين ، ولكنني أقول لهم إن مركز نابلس السياحي باتجاه الباذان قد تضرر كثيرا هو الآخر جراء الحواجز العسكرية الصهيونية اللئيمة خاصة حاجز الباذان الذي يفصل نابلس عن محافظة طوباس والقرى القريبة منها ، ويا إخوتي وأخواتي وجميع القراء الكرام ، لم يعد الباذان السياحي كما عهدناه فهو اليوم يئن تحت وطأة السلخ والحصار اليهودي فترى طوابير المركبات بانتظار الدور لتعبر جنوبا باتجاه عاصمة جبل النار وعاصمة فلسطين الاقتصادية الجريحة أو الخروج منها على استحياء في ساعات الصباح والظهيرة والمساء فقد كانت ترابط بين الباذان ونابلس دبابة صهيونية بطاقمها الكبير العدد والعتاد من آخر طراز . ورغم قرب قريتي عزموط على بعد 5 كم شمال شرق نابلس من منتجع الباذان السياحي الشعبي إلا أننا لا نتمكن من زيارته إلا في أوقات قليلة فلم يعد كما هو في السابق عندما كنا نصطحب الأهل والأبناء لنقضي فيه ساعات قليلة من يوم تحت ظلال حفيف أشجاره الوارفة وخرير الماء الدافئ من ينبوع الحياة الفلسطيني المتدفق ودا ومحبة ودفئا ولطفا وصفاء ، في متنزهات الباذان ، نتمنى أن ترجع الأيام الحلوة بعيدا عن الغرباء الطارئين ، وتعود فلسطين العربية المسلمة لأهلها الأصليين الصامدين المرابطين رغم الجراح فاختلطت الدماء بالدموع بحبات العرق الندي لتصنع من فلسطين ملحمة كبرى في مواجهة الأعداء .
وعود على بدء ، تواصل قوات الاحتلال اليهودي اقتحام أحياء وشوارع وأزقة وأسواق مدينة نابلس ، الشعبية والأهلية والعامة ، بدعاوى المطاردات الساخنة للمسلحين والنشطاء الفلسطينيين ، الذين يتصدون للآلات العسكرية التابعة للاحتلال الصهيوني البغيض ، ليلا ونهارا ، فنرى مدينة نابلس أو أجزاء منها في أحايين كثيرة وكأنها ثكنة عسكرية صهيونية ، عشرات الجيبات وجنود الاحتلال المدججين بالسلاح وطائرة تصول وتجول جوا في سماء نابلس المرابطة وعلى موعد مع النصر القريب مع أخواتها المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية الصابرة .
وفي صيف هذا العام ، 2008 ، وتحديدا منذ مطالع شهر تموز اللهاب اللهيب مناخيا ، بعد الاتفاق على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني في قطاع غزة المحاصر من كل حدب وصوب ، كثفت قوات الاحتلال اليهودي من اقتحاماتها ، لمدينة نابلس ، وتركزت هذه المرة على دخول مقرات الجمعيات الخيرية والمشافي والمدارس الخيرية ذات الطابع الإسلامي بحجة أنها تابعة لحركة حماس ، علما بأن هذه الجمعيات كانت قائمة قبل إنشاء حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) بسنوات وسنوات . فقد اقتحمت قوات الاحتلال وأغلقت مؤخرا 37 جمعية خيرية فلسطينية في محافظات نابلس والخليل ورام الله وقلقيلية وغيرها من المدن الفلسطينية ، وكان لمحافظة نابلس نصيب كبير من هذه الاقتحامات والإغلاقات العدوانية ، فقد أغلقت مقار جمعية التضامن الخيرية ، والمشفى التابع لها ، وسوق نابلس ( المول ) التجاري ، بالقرب من الملعب البلدي في المدينة ، واعتبرتها ( منظمات محظورة ) وأصدرت الأوامر العسكرية بإغلاقها لمدة ثلاث سنوات ، دون مسوغ قانوني وهي جمعيات خيرية قائمة منذ عشرات السنين فمثلا جمعية التضامن الخيرية أنشأت عام 1977 ، قبل إنشاء حركة حماس بعشر سنوات أي منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، علما بأن حركة حماس أنشأت في 14 كانون الأول عام 1987 م . وكذلك جرت ملاحقة المدرسة الإسلامية الثانوية وصادرت بعض الباصات لهذه المؤسسات الاجتماعية الخيرية ، وحظرت نشاط مخيطة ملابس نابلسية فهل يعقل أن تكون هذه مؤسسات إرهابية كما يدعي الاحتلال الصهيوني ؟؟ إنها دعاوى فارغة وباطلة وغير قانونية بل تصب في مصب الاعتداء والعدوان المتواصل على أبناء شعبنا في فلسطين عامة وفي محافظة نابلس خصوصا . وكلمة لا بد منها ، وهي لجوء الاحتلال الصهيوني لحظر نشاط ( إئتلاف الخير ) والذي يطلقون عليه ( اتحاد الصالحين ) بدعوى أنه منظمة إرهابية تساعد الشعب الفلسطيني ، علما بأن هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية هي جمعيات إنسانية تقدم خدمات ومساعدات عينية ومالية بسيطة للمتضررين من الأيتام والأرامل والمرضى والفقراء والمحتاجين المغلوبين على أمرهم ، وتهتم كذلك بعائلات الأسرى والشهداء الذين قضوا نحبهم من فوضى الاحتلال وعقاباته الجماعية القاتلة ، كنوع من الرعاية الاجتماعية ، النفسية والمعنوية والمادية ، فهل هؤلاء إرهابيين يا ترى ؟؟؟ وهل يعقل ويقتنع العقل والضمير أن هذه مؤسسات ( تخريبية ضد يهود الجاليات اليهودية بفلسطين ) من البنية التحتية لحركة حماس أو غيرها من الحركات المجاهدة في فلسطين ؟؟ فهي عبارة عن مؤسسات خدمية إنسانية خيرية لا أكثر ولا اقل ، مثلها مثل الجمعيات الخيرية في العالم التي تحاول إنقاذ المقهورين والمظلومين من براثن الفقر والعوز لتمكينهم من الحفاظ على استمرارية حياتهم الطبيعية حتى يأتيهم اليقين ، وينتقلون من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة بعدما ينتهي أجلهم الذي حدده الله لهم ولجميع الكائنات الحية في هذا العالم الدنيوي .
وبلدية نابلس هي الأخرى من المحليات الفلسطينية ، لم تسلم من التخريب والمصادرة الصهيونية لبعض ممتلكاتها وخاصة أقسام الحاسوب والمالية والحرف والمهن خدمات الماء والكهرباء وخلافها . وبناء عليه ، نقول ، إن الإدعاءات الصهيونية بملاحقة جمعيات واتحادات ومنظمات إرهابية هي لذر الرماد في العيون ، فكل هذه المؤسسات والجمعيات هي مؤسسات مدنية لا علاقة لها بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال ، ولكن الاحتلال يبقى سادر في غيه ، لخرق حالة التهدئة الجزئية التي شملت قطاع غزة هاشم فقط وطبقت مؤخرا . وتستعد قوات وأجهزة الاحتلال الصهيوني لتقديم القائمين على المؤسسات الاجتماعية الخيرية والبلدية والتعليمية والصحية للمحاكمة أمام محاكم عسكرية صورية وإصدار الأحكام الخيالية ضدهم دون وجه حق ، أو اعتقالهم إداريا كما تعتقل قوات الاحتلال رئيس بلدية نابلس الحاج عدلي يعيش اعتقالا إداريا منذ أكثر من عام تقريبا وغيره من أعضاء المجلس البلدي المنتخب في كانون الأول عام 2005 ، بحجة أن أعضائه من حركة حماس ، والمعروف أن خدمات البلدية هي خدمات مدنية لا عسكرية أصلا في جميع بقاع العالم .
وهناك أمر آخر يقض مضاجع أهل نابلس فيما يعرف بقبر النبي يوسف الصديق غير الحقيقي في شارع عمان في الجهة الشرقية من نابلس ، بالقرب من مدرستي الحاج معزوز المصري وقدري طوقان الثانويتين ، التي فصلتها قوات الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى الباسلة لجناحين هما : نابلس الشرقية ونابلس الغربية لتسهيل السيطرة العسكرية الصهيونية عليها وفرض عقاب جماعي مشدد على أهل نابلس جبال النار وجبال الدينار الاقتصادي الفعال ، كعاصمة ثورية واقتصادية لفلسطين الأبية في الآن ذاته . ويتمثل هذا الأمر المفزع لأهل نابلس وهو السيطرة على مبنى صغير قديم لا تتعدى مساحته 100 م 2 بدعوى أنه مقام النبي يوسف عليه السلام ، فيوسف عليه السلام مات ودفن في مصر ، والافتراءات الصهيونية هي في الحقيقة مغايرة ومناقضة للتاريخ ، فذلك المبنى هو مقام الشيخ يوسف دويكات من قرية عسكر البلد وبلاطة البلد وهي المنطقة الموجود بها المبنى ، الذي ترتاده مجموعات المستوطنين اليهود المتزمتين ، بين الحين والآخر ، وجعلوه كنيسا ومعبدا دينيا لهم ومدرسة يهودية ، كمسمار جحا في قلب نابلس الشرقي بالقرب من المنطقة الصناعية النابلسية والمدارس الأساسية والثانوية الفلسطينية .
هذا بالإضافة إلى العقاب الجماعي بخصوص الأبنية السكنية المدمرة ، حيث دمرت قوات الاحتلال الصهيوني بشكل كلي أو جزئي نحو 10 آلاف منزل لأبناء نابلس أثناء الاجتياحات العسكرية وما يسمى بعملية السور الواقي في نهاية آذار ومطلع نيسان 2002 ، منها عشرات البيوت لعائلات الاستشهاديين الذين فجروا أنفسهم في المستعمرات الصهيونية في فلسطين أو قاوموا قوات الاحتلال التي تقتحم أحياء وأزقة وشوارع ومؤسسات مدينة نابلس . هذا ناهيك عن تدمير المبنى الرئيسي للسلطة الوطنية الفلسطينية بواقع أربعة طوابق بمساحة دونمين لكل طابق بحده الأدنى ، وهو مبنى مركز المحافظة ومقر محافظ محافظة نابلس والأجهزة الأمنية ، وجعلته ركاما فوق ركام ، ولم تبق له من باقية باستخدام صواريخ جو - أرض انبعثت من طائرة إف 15 العسكرية الصهيونية . وكذلك تدمير جزءا من المدارس الفلسطينية وسحق نحو 2000 سيارة مدنية لأهل المدينة أثناء العبور العسكري بالدبابات الكبيرة بعد ربيع 2002 حتى الآن حيث كانت تلك السيارات متوقفة على جوانب الشوارع والأرصفة والكراجات المخصصة لها . وفي المجال التعليمي ، تلجأ قوات الاحتلال الصهيوني لمنع طلبة جامعة النجاح الوطنية من المدن الأخرى والقرى القريبة من المدينة من دخول المدينة للالتحاق بمسيرة التعليم العالي ، وخاصة أوقات الامتحانات النهائية ، والمناسبات القومية اليهودية المتعددة ، وتمنع كذلك طلبة منطقة نابلس التعليمية في جامعة القدس المفتوحة من الدخول لتأدية الامتحانات الفصلية والنهائية في كثير من الأحيان . هذا عدا عن افتعال الاقتحامات والاستفزازات لطلبة المدارس ومحاصرة مدارس معينة في أوقات الامتحانات الفصلية والنهائية ومنع دخول وخروج المعلمين للالتحاق بمدارسهم داخل وخارج المدينة بالاتجاهين .
وكذلك منع المرضى من ذوي الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان وغسيل الكلى وغيرها ومنع الحوامل من دخول مشافي المدينة وصلبهم لساعات طويلة خلف الحواجز العسكرية الصهيونية الثابتة والمتنقلة مما أدى إلى استشهاد العشرات منهم وهم بانتظار الدخول والخروج من وإلى المدينة ، فلم يسمح لهم بذلك .
ويمكننا القول ، إن هذه الحرب الصهيونية المتواصلة ضد شعب فلسطين ، والتصعيد المتصاعد نوعيا وكميا ، بتدنيس وانتهاك حرمة بيوت الله في فلسطين ، وانتهاك حرمة مؤسسات المجتمع المدني ، هي حرب سادية ظالمة شعواء ، غير مبررة ، لتجويع وتركيع المظلومين من فئات شعب فلسطين المرابط في أرض الآباء والأجداد ، والهدف العلني والخفي من العقاب الجماعي هو بث حالة اليأس والقنوط بين المواطنين ، وتهجير أكبر عدد ممكن منهم لخارج البلاد ، ونزع هيبة السلطة الوطنية الفلسطينية من نفوس أبناء الشعب الفلسطيني ، حيث تقف السلطة مكتوفة الأيدي أمام هذه الإجراءات الاحتلالية الظالمة ، لا حول لها ولا قوة ، وكذلك تهدف الإجراءات الاحتلالية من الملاحقة والإغلاقات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية للأفراد والشخصيات والجمعيات والهيئات والنوادي الاجتماعية والخيرية إلى تقليل شعبية الحركات الإسلامية والوطنية المجاهدة في فلسطين ضد المحتلين . وفي ظل الضغط والضرب الاقتصادي والعسكري والاجتماعي والثقافي المتلاحق ، بالفعل تم إخراج عشرات المنشآت والمصانع الفلسطينية من محافظة نابلس فضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني في هذه المحافظة ، في مقتله ، وذلك إرضاء للعنجهية والوحشية والسادية الصهيونية والتلذذ في عذاب الفلسطينيين ، فهم الشعب المعذب في الأرض أصلا ، ولكن هذه الإجراءات من الحصار الشامل الاقتصادي والاجتماعي والعسكري جاءت لزيادة العذابات والآهات وفتح جروح جديدة في الجسد الفلسطيني رغم كثرة جروحه غير المندملة أو الشافية أصلا من الملاحقات الاحتلالية السابقة .
في السياق ذاته ، وكذلك الحال ، فإن المساجد في مدينة نابلس لم تسلم هي الأخرى من الأذى والعبث والنهب والسلب الصهيوني ، جهارا نهارا وليلا سباتا ، فقد اقتحمت ودنست قوات الاحتلال اليهودي عدة مساجد وصادرت بعض محتوياتها الدينية كرايات ( لا إله إلا الله – محمد رسول الله ) وغيرها ، كما فعلت بمصادرة محتويات مقار الجمعيات الخيرية من حواسيب ومواد عينية مخصصة للغايات الإنسانية النبيلة . فهل بعد اقتحام وتدنيس بيوت الله المخصصة للعبادة من ذنب ؟؟
على العموم ، مارست قوات الاحتلال الظالم إجراءات عقابية شنيعة ووحشية ضد أبناء محافظة نابلس خصوصا ومحافظات فلسطين الأخرى عموما ، ، فلم تبق على إجراء عقابي جماعي أو فردي إلا واستخدمته لإرواء ظمأها المتعطش لتعذيب ومحاولة تذويب أهل نابلس في بوتقة استسلامية ولكن أهل نابلس وقفوا بالمرصاد فلم يهنوا ولم يحزنوا فهم الأعلون لأنهم من المؤمنين والراضين بالله الحي القيوم جل جلاله ربا وبالإسلام العظيم دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
وكانت قوات الاحتلال الصهيوني قبل قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 تشرف على سجنين عسكريين في مدينة نابلس ، للتعذيب والتنكيل بأبناء شعب فلسطين وهما : الأول سجن نابلس المركزي ، والثاني : سجن الجنيد حيث كان أكبر سجن للأسرى الفلسطينيين في البلاد لحجز المجاهدين والتنكيل بهم . وقد سجنت انا شخصيا في هذا السجن كمعتقل إداري مدة شهرين تقريبا في نهاية آب 1985 بتهمة التحريض على الجهاد والثورة ( الإرهاب الفلسطيني ) ضد الاحتلال الصهيوني ، ثم نقلت لسجن بئر السبع بتهمة تحريض الأسرى على الإضراب المفتوح عن الطعام كاحتجاج سياسي ضد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لاستكمال مدة اعتقالي الإدارية لستة شهور متواصلة .
ولا بد من وضع النقاط على الحروف ، إن المستهدف هو شعب فلسطين برمته ، كائنا من كان المواطن منظما في هذه الحركة الإسلامية أو الوطنية أو تلك ، أو لا انتماء تنظيمي سياسي له ، ديني أو قومي أو وطني ، ذكرا أو أنثى ، لا فرق ، فالاحتلال لا يميز بين أعضاء ومناصري حركة فتح أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو الجبهات الماركسية فالكل سواء بسواء تحت السكين الصهيوني المسلط فوق الرقاب للنحر والاهانة والملاحقة والعقاب الجماعي . والحرب مع الأعداء هي حرب مفتوحة ومستمرة ولن توقفها بعض اتفاقيات التهدئة في قطاع غزة هاشم المحاصر حتى الآن حتى في ظل ما يسمى بالتهدئة أو الهدنة المؤقتة ، التي أعلن عنها مؤخرا ولم تشمل محافظات الضفة الغربية في الوسط الشرقي من فلسطين الكبرى .
وتبقى الحاجة ماسة لدعم فلسطين عموما ونابلس خصوصا معنويا وسياسيا وإعلاميا وماديا خاصة للحالات المتضررة من العقاب الجماعي الصهيوني الذي يطبقه قادة الجاليات اليهودية في فلسطين الأنذال الهابطين على مشافر جهنم وبئس المهاد وسيلاقون عذابهم مثل ملكهم وقائدهم السابق أرئيل شارون الرجيم الذي لا يموت فيها ولا يحيى منذ دخوله المشفى الصهيوني منذ 4 كانون الثاني 2006 – الآن ، فلا يأكل ولا يتنفس إلا صناعيا ولا يتحرك ، ولا يتكلم ، فهو من جماعة صم بكم عمي فهم لا يرجعون ولا يفقهون ، ولا يعلمون ، ولكن قادة عصابات الصهيونية المحتلين لأرض فلسطين الكبرى لا يتعظون ولا يعتبرون ؟؟ فتعسا لهم من محتلين لأرض فلسطين المباركة التي قدسها الله سبحانه وتعالى للعالمين . وبهذا الخصوص ينطبق عليهم قول الله الحميد المجيد عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . وكما وصفهم الله العزيز الحكيم ، جل جلاله ، الذي يمهل ولا يهمل : { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
وختاما ، نقول نابلس تحيي وتقدر من يقف معها رافدا ومدافعا عن الحق والحقيقية الخالدة ، ونحن كأبناء لجبال النار واقتصاد الدينار الإسلامي لسنا بحاجة لدموع وآهات الآخرين بقدر ما نحن بحاجة للاستمرار في الدفاع عن الحق الفلسطيني التائه في التائهين ، الحق القانوني والتاريخي في الحياة الكريمة دون خوف أو وجل . وتحياتي وسلامي للجميع من أرض نابلس الشامخة بأهلها كالطود العظيم بين جبلي جرزيم وعيبال الكبيرين ، فهي عاصمة فلسطين الاقتصادية والثورية الباسلة عبر التاريخ الفلسطيني القديم والمعاصر واللاحق إن شاء الله تبارك وتعالى ولن تستسلم للأعداء مهما كلف الثمن . والتاريخ النابلسي في فلسطين أكبر شاهد على ما نقول ، وإنا لصادقون .
نترككم في أمان الله ورعايته . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: