الخميس، 28 مايو 2009

منظمة التحرير الفلسطينية .. بين الإصلاح والتصليح .. في الذكرى الخامسة والأربعين لنشأتها 28 أيار 1964 - 2009

منظمة التحرير الفلسطينية
بين الإصلاح والتصليح ..
في الذكرى الخامسة والأربعين لنشأتها
28 أيار 1964 – 2009
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
1) أحمد الشقيري ونشأة منظمة التحرير الفلسطينية بعد إنتهاء حكومة عموم فلسطين ، ووفاة رئيس الحكومة عام 1963 أحمد حلمي عبد الباقي باشا ، تداعت بعض القيادات العربية وخاصة المصرية والسعودية ، لتأسيس كيان سياسي جديد لتمثيل شعب فلسطين الأصيل لدى جامعة الدول العربية ، فتم تكليف المحامي الدبلوماسي الفلسطيني أحمد الشقيري من مواليد عكا عام 1908 م عربي الانتماء قومي الجذور ، الذي كان رئيسا للجنة القومية في عكا إبان ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 ، ومساعدا لأمين عام جامعة الدول العربية ، وشغل منصب وزير دولة ( كمندوب دائم ) للسعودية لدى الأمم المتحدة ، ما بين 1951 – 1963 م وذلك لجس نبض أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات والمنافي حول مستقبل فلسطين ، الأرض المقدسة . فتشاور مع العديد من الشخصيات الفلسطينية البارزة من الوزراء السابقين والنواب في الحكومة الأردنية ، والجمعيات الخيرية والنقابات العمالية والاتحادات الشعبية ، فدعا لعقد اجتماع عام في القدس بفندق الإمبسادور ( السفير ) في 28 أيار 1964 حيث تم الإعلان الرسمي عن ولادة منظمة التحرير الفلسطينية .
2) المؤتمر الفلسطيني ومؤسسات المنظمة عام 1964عند إلتئام المؤتمر الفلسطيني الأول في 28 أيار – مايو 1964 ، في مدينة القدس الشرقية ، برعاية الملك حسين بن طلال ملك الأردن ، بمشاركة 422 شخصية منهم 212 شخصية فلسطينية من الضفتين الشرقية والغربية ، من القوميين والناصريين والبعثيين ، والفعاليات الاقتصادية والثقافية وغيرها ، تم تكوين عدة مؤسسات لهذه المنظمة الفلسطينية الناشئة ، في الفترة الواقعة ما بين 28 – 2 حزيران 1964 وهي : المجلس الوطني الفلسطيني ، واللجنة التنفيذية للمنظمة وجيش التحرير الفلسطيني ، ثم إذاعة صوت فلسطين – صوت منظمة التحرير الفلسطينية . وقد نظم شؤون منظمة التحرير الفلسطينية الميثاق القومي الذي تألف من 29 مادة . وكان هدف منظمة التحرير آنذاك ، عند تأسيسها تحرير فلسطين المحتلة عام 1948 وهي المناطق الإدارية المعروفة ب ( الجليل ، المثلث ، النقب والساحل الفلسطيني ) بمساحتها البالغة 20.77 كم2 من إجمالي مساحة فلسطين البالغة 27 ألف كم2 . وقد استبعدت وقتها ثلاث مناطق من إشراف المنظمة وهي : الوسط الشرقي من فلسطين ( الضفة الغربية – كونها كانت تابعة للمملكة الأردنية الهاشمية ) والجنوب الغربي من فلسطين ( قطاع غزة – كونه كان خاضعا للإدارة المصرية ) ، ومنطقة الحمة . ثم تغير الميثاق القومي الفلسطيني عام 1968 ليصبح الميثاق الوطني الفلسطيني مؤلفا من 33 مادة . ثم تلا ذلك دخول فصائل منظمة التحرير الفلسطينية على التتابع حسب النشأة : حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) في شباط 1969 ، ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، فالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ، والجبهات القومية والماركسية الأخرى . ولم يتم إنشاء حركة أو فصيل إسلامي داخل منظمة التحرير الفلسطينية علما بأن العديد من قيادات حركة فتح كانت من المتدينين المسلمين .
3) شعارات وأهداف منظمة التحرير الفلسطينية اتخذت منظمة التحرير الفلسطينية ، منذ نشأتها 1964 ، ثلاثة شعارات أساسية هي : الوحدة الوطنية ، والتعبئة القومية ، والتحرير . وبعد نشأة المنظمة كإطار سياسي جامع للشعب الفلسطيني ، نشطت في المجالات السياسية على الصعيد الفلسطيني والصعد العربية والإقليمية مستعينة بالدول العربية . وقد سعت هذه المنظمة للنضال من أجل تحرير جميع فلسطين ، بعيد الاحتلال الصهيوني لكامل التراب الوطني الفلسطيني ، إثر حرب حزيران 1967 ، وهيمنة الاحتلال الصهيوني على الضفة الغربية وقطاع غزة في الاحتلال الثاني ، مستخدمة الكفاح المسلح والعمل الفدائي وحرب التحرير الشعبية . وبذلك انتقلت المنظمة الفلسطينية من مرحلة التحرير الأولي لمرحلة التحرير الكلي لكافة أرض فلسطين من البحر البيض المتوسط غربا إلى نهر الأردن والبحر الميت شرقا ، ومن سيناء وخليج إيلة جنوبا حتى لبنان شمالا . بمعنى ، أضيف عبء جديد على أعباء المنظمة التحريرية ، فأصبحت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت مرمى التحرير الافتراضي ، لتشمل الأرض الفلسطينية المحتلة جميعها حسب ما طرح آنذاك ( فلسطين العلمانية الديموقراطية ) . وبقي هذا الهدف حتى إقرار المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر ، عام 1974 ، ويتمثل بالتركيز على إقامة سلطة وطنية فلسطينية على أي جزء يتم تحريره أو انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني منه . ثم تلا ذلك اعتراف الدول العربية في مؤتمر الرباط بالمغرب بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده .
4) منظمة التحرير الفلسطينيةوالتنقل بين البلدان العربية خاضت منظمة التحرير الفلسطينية معركة نضال مضاعفة جديدة ، متعثرة ومبعثرة ، بعد انتقال قيادة اللجنة التنفيذية من يحيى حمودة الذي خلف الشقيري لفترة مؤقتة ، لحركة فتح ممثلة بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ( محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة )في شباط 1969 ، وأصبحت منظمة التحرير تجمع بين الأجنحة العسكرية والسياسية ، بعد توالي إنضمام الحركات والجبهات والأحزاب القومية والماركسية والمستقلين في عضوية المنظمة كإطار فلسطيني جامع شكل مرجعية وطنية عليا طيلة عدة عقود من الزمن باستخدام الخلايا العسكرية والميليشيات المسلحة للتنظيمات المنخرطة تحت لواء المنظمة . بعد الانتقال من مقر المنظمة بالقدس القدس إلى العاصمة الأردنية عمان ، ثم سوريا ثم لبنان ، ثم تونس . وتشتت قوى الثورة الفلسطينية بعد الخروج الفلسطيني من بيروت في صيف 1982 ، إذ تقلص نفوذ المنظمة الفلسطينية وخاصة السياسي والعسكري ، وبقي لسانها السياسي والاقتصادي والإعلامي منطلقا للتعبئة القومية بكافة السبل من شتى العواصم العربية .وبعيد اتفاقيات كامب ديفيد المصرية – الصهيونية في آذار 1979 ، وطرح مسألة الحكم الذاتي الفلسطيني لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة باستبعاد منظمة التحرير الفلسطينية ، وزج الأردن ومصر ليتوليا الإشراف على الحكم الذاتي بالاعتماد على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولكن هذا المشروع فشل فشلا ذريعا فولد الحكم الذاتي آنذاك ميتا ، فقد رفض الأردن هذا المشروع ، ورفضت المنظمة ذلك ، ورفض سكان الضفة والقطاع ذلك الطرح الجهنمي ، وبالتالي تم وأد المشروع في مهده . وفي عام 1981 ، جرى ترتيب جديد لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة ، عبر إيجاد ميليشيات محلية مسلحة من الاحتلال الصهيوني ، عرفت باسم ( روابط القرى – التي أنشاتها حكومة الاحتلال الصهيوني بزعامة رئيس الإدارة المدنية الصهيونية مناحيم ميلسون ) لتمثيل الفلسطينيين في التفاوض مع حكومة الاحتلال الصهيوني ، ففشل هذا المشروع السياسي المناهض للأماني والتطلعات الوطنية الفلسطينية وذهبت روابط القرى إلى الجحيم . ثم أخذت منظمة التحرير الفلسطينية منحى جديد بعد حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران ما بين 1980 – 1988 ، والحرب الخليجية الثانية 1991 ، وتراجعت مكانة منظمة التحرير على الأصعدة العربية والإقليمية والعالمية ، وغابت قضية فلسطين عن الساحة الدولية نوعا ما . فعملت المنظمة بفصائلها القومية والماركسية على إنشاء الحركات الجماهيرية الشعبية والاتحادات العمالية والمهنية والخيرية والشبابية والنسوية المنظمة ، لتقود قاعدة الشعب في الحرب الضروس غير المتوازنة مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة من بحرها لنهرها . وساهمت منظمة التحرير في قيادة الشعب الفلسطيني شعبيا وعسكريا ضد الاحتلال الصهيوني بالعمليات العسكرية والفدائية والمقاومة المتعددة الأشكال أحيانا والبدائية أحيانا أخرى . فقادت انتفاضتي عام 1976 ، و1987 – 1994 . حيث انضم للانتفاضة الأولى لأول مرة حركات إسلامية فاعلة على الساحة الفلسطينية هي : حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وحركة الجهاد الإسلامي .
5) منظمة التحرير الفلسطينيةمن التحرير إلى التحليلبعد حرب الخليج الثانية ضد العراق 1991 ، عقد مؤتمر مدريد في خريف ذلك العام ، وشارك وفد منظمة التحرير الفلسطينية بوفد مشترك مع الأردن ، وفي 13 ايلول 1993 وقعت اتفاقية أوسلو بين الجانبين المتصارعين ، الفلسطيني والصهيوني ، في واشنطن ، برعاية أمريكية وحضور بعض القيادات العربية تم بموجبها الحصول على ( حكم ذاتي هزيل للفلسطينيين ) عرف باتفاقية غزة وأريحا أولا ، حيث أعادت قوات الاحتلال الصهيوني انتشار قواتها خارج المدن الفلسطينية في قطاع غزة ، وفي مدينة أريحا ثم تلاها إعادة انتشار على خطوات متقاربة أو متباعدة لقوات الاحتلال خارج المدن الفلسطينية الرئيسية مثل نابلس وبيت لحم والخليل ورام الله وجنين وطولكرم وقلقيلية وسلفيت وقباطية وطوباس وغيرها . وبذلك انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية من منطلق التحرير إلى منطلق الحكم الذاتي البدائي ، وهو سيطرة السلطة الفلسطينية على السكان فقط دون الأرض ، باستثناء مناطق محددة سيطر عليها أمنيا ومدنيا الذراع الداخلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو ( السلطة الفلسطينية ) عرفت بمناطق أ ثم مناطق ب بالمجال المدني ، بينما بقيت مناطق ج تحت الهيمنة الاحتلالية الصهيونية ، وجرى تقاسم النفوذ داخل المناطق د وهي الأحراش والأحراج بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني . على أي حال ، إن منظمة التحرير الفلسطينية ، تواجه ترهلا كبيرا منذ اعترافها ب ( دولة إسرائيل ) في اتفاقية أوسلو في أيلول 1993 ، مقابل اعتراف الحكومة الصهيونية بها كممثل للفلسطينيين . ولهذا لا بد من وضع النقاط على الحروف لتفعيل المنظمة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا ، على جميع الصعد ، وكان الأجدى والأجدر اعتراف حكومة الاحتلال بدولة فلسطين وليس بالمنظمة . ومهما يكن من أمر ، فإن منظمة التحرير يجب أن لا تحيد عن الغايات والأهداف السامية التي نشأت من أجلها في تحقيق الحرية والاستقلال الوطني الفلسطيني ، وعليها أن لا تترك التحرير وتلجأ إلى التحايل وتحليل المفاوضات والمساومات ، لأنها بهذا الأمر والمقاس حللت نفسها واندثر تأثيرها السابق ، فلا داعي لوضع جميع الأهداف في سلة المفاوضات الثنائية او المتعددة الأطراف ، فلم تنفع أو تشفع خطة خريطة الطريق لإحلال ما يسمى بالسلام مع الجانب الصهيوني المحتل لأرض فلسطين كما لم تطبق مبادرة ريغان للسلام بعد خروج الثورة الفلسطينية من بيروت . وهناك من طالب بحل منظمة التحرير الفلسطينية جهرا أو خفية من وراء الكواليس ، بعد إنشاء السلطة الفلسطينية ، صيف عام 1994 حيث ظنت تلك الفئة بأن النصر قد تحقق ، علما بأننا لا زلنا في بداية طريق النصر ، ولم ننجزه أو نحققه حتى الآن .
6) منظمة التحرير الفلسطينيةبين الإصلاح والتصليحعلى العموم ، إن أمام المنظمة بعد حوارات القاهرة بين الفصائل والحركات والأحزاب الوطنية والإسلامية ، منذ عام 2005 حتى النصف الأول من العام الحالي 2009 ، العديد من التحديات التي يجب معالجتها بتأن وروية وحنكة سياسية ، لإحداث تغييرات وإصلاحات جذرية في صلب التركيب التنظيمي والسياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي ، وتجنب أو الحد من المؤامرات الاستعمارية الصهيونية والأمريكية والأوروبية ، وذلك على النحو الآتي : أولا : ضم منظمات المقاومة الإسلامية مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي لعضوية مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية . والعمل على تعريب وأسلمة قضية فلسطين ، بعيدا عن القطرية الضيقة ، فهل يعقل أن تبقى منظمات عسكرية جهادية فلسطينية بتوجهات إسلامية خارج إطار منظمة التحرير بينما تتبوأ منظمات فلسطينية يسارية صغيرة لا رصيد جماهيري لها على أرض الواقع داخليا وخارجيا مركز الصدارة ؟ بالطبع لا يعقل ذلك ، ولا يجوز . وبناء عليه يجب المبادرة والإسراع في التشكيل الفلسطيني الجديد الواسع والموسع لحركات المقاومة الفلسطينية بجناحيها الوطني والإسلامي بعيدا عن الشللية والعشائرية والاستزلام وفرض الشروط المسبقة وذلك لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية المثلى . ثانيا : تنحية ممثلي الفصائل والحركات والجبهات الصغرى التي لا وجود لها على أرض الواقع من قيادة مؤسسات المنظمة وليأخذ كل فصيل حجمه الحقيقي . فهذه الفصائل ألحقت أضرارا فادحا بالهيئة الفلسطينية العليا للشعب الفلسطيني ، بسبب المحاصصة الهزيلة ، وأصبحت تشكل عبئا عليه ، بدل أن تكون رافعة للتحرير الوطني والتخلص من الاحتلال الأجنبي الصهيوني . ثالثا : إن منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية وطنية إسلامية لجميع الفلسطينيين يجب أن تكون البيت الفلسطيني الفعلي الكبير الذي ينخرط تحت لوائه جميع الحركات الوطنية والإسلامية مع تقليل أعدادها بثلاث تشكيلات : قومية وإسلامية ويسارية . وذلك عبر دمج وضم المنظمات الصغيرة وتوحيدها في بوتقة واحدة ، ومنع التوالد التنظيمي الفلسطيني بين الحين والآخر ومنع دخول التشكيلات المنشقة عن بعضها مجددا في أطر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية العليا . فلا داعي لأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية جامعة عربية مصغرة أو مركز صراع إقليمي وعالمي ، تحت أي ظرف من الظروف . رابعا : ضرورة إستعادة منظمة التحرير الفلسطينية هيبتها التامة وعافيتها الكاملة وعدم هيمنة أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية عليها ، فالمنظمة هي الجسم الفلسطيني الكبير الأم بينما تمثل السلطة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذراع المحلي لمنظمة التحرير . وخلال الفترة السابقة منذ 1994 – 2009 ، حصل العكس بأن الأبنة ( السلطة الوطنية الفلسطينية ) ابتلعت الأم ( منظمة التحرير الفلسطينية ) ، وهذا لا يجوز فمرحلة التحرير لم تنتهي ، ويجب أن يبقى الجميع واقف على الجبل ولا ينزل لجمع الغنائم المزيفة . خامسا : إبعاد الفاسدين والمفسدين والمنتفعين من أصحاب الوكالات التجارية والمشاريع الاقتصادية الشخصية وأصحاب الملايين عن صنع القرارات المصيرية للشعب الفلسطيني وجعلهم في الصفوف الثانية وليس في صفوف المنظمة الأولى ، لأن قضية فلسطين قضية وجود وليس حدود . سادسا : إدخال تعديلات وتغييرات جوهرية وجذرية في مؤسسات المنظمة وفق خطة إصلاح استراتيجية مرنة بالتوافق الوطني الفلسطيني برضاء جميع التشكيلات القاعدية والتنظيمية العليا على أسس التمثيل النسبي لجميع الحركات والجبهات والأحزاب الفعالة والفاعلة في جميع الاتجاهات والابتعاد عن التعيين والمحسوبية والارتزاق المميت . سابعا : وضع دستور أو ميثاق وطني فلسطيني جديد بإدخال تعديلات لازمة لمرحلة التحرر والتحرير الوطني ، وتنظيم وتأمين عقد مؤتمرات المجلس الوطني الفلسطيني بانتظام ، وإجراء الانتخابات الداخلية لمؤسسات المنظمة بصورة دورية . ثامنا : وضع الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة ، وتنحية معظم القيادات السابقة ، وعقد مجلس وطني ، وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لضخ دماء جديدة في شرايين وعروق الجهاد والكفاح والنضال الفلسطيني الشامل لتعزيز صمود ومرابطة شعب فلسطين في أرض وطنه ، أرض الآباء والأجداد . ولا يجوز تعطيل عقد المؤتمرات الفلسطينية ، إذ عقد آخر مؤتمر للمجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1998 ، وسلخت أجزاء ومواد أساسية من الميثاق الوطني الفلسطيني . تاسعا : تغيير الشخصيات التفاوضية التي أصبحت عالة على الشعب وكأنها ملوك مفاوضات ، وترشيح أشخاص جدد ذوي خبرة تنظيمية وسياسية وعسكرية ومسؤولية لهذه المهام . وهذه المفاوضات السياسية والدبلوماسية تسير جنبا إلى جنب مع الخيار العسكري . عاشرا : تعزيز إيمان الشعب الفلسطيني بأسلوب حرب التحرير الشعبية وإستعادة الثقة المنزوعة بين المنظمة والشعب في الداخل والخارج . والمزاوجة بين الجناحين السياسي والعسكري للمنظمة بالعمل الموازي جنبا على جنب ، فقد جرب الشعب الفلسطيني أسلوب الكفاح المسلح وحدة فلم يجد نفعا ، لاختلال موازين القوى العسكري وجرب المفاوضات والمساومات ولم تجد نفعا وبقي أن يتم تجريب الأسلوبين معا . حادي عشر : إبعاد المنظمة عن الأجندة الإقليمية والاختراق السياسي والأمني ، وعدم موالاة الأمريكان والأوروبيين المناصرين للكيان الصهيوني الدخيل ، بأي حال من الأحوال وعدم الثقة بما يطرحه هؤلاء الأجانب الذين غرسوا شر الصهيونية في فلسطين العربية المسلمة . ثاني عشر : إيجاد تحالفات استراتيجية جديدة ، وفقا للمصلحة الفلسطينية والعربية والإسلامية العليا ، وجعل قضية فلسطين قضية محورية للعرب والمسلمين أجمعين . فمثلا يفترض أن تكون حركتي فتح وحماس في طليعة المسيرة الجهادية الفلسطينية وتبتعدان عن المناكفات والمهاترات والحملات الدعائية والإعلامية ، والاستعراضات الجانبية فالتناقض الأساسي مع المحتلين وليس بين أبناء الشعب الواحد . فلا بد من طي صفحة الخلاف والانقسام والنزاع الداخلي الفلسطيني بسرعة دون انتظار تواريخ زمنية مقبلة . فحركتي فتح وحماس هما توأم فلسطين الحقيقي ، في الحرب والمفاوضات ولا يمكن بدونهما أن تتم أي عملية تحرير أو هدنة مؤقتة أو دائمة . ونختم بقول الله العزيز الجبار القهار جل وعلا : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}( القرآن الحكيم ، الأنفال ) . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: