السبت، 23 مايو 2009

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ .. التحريم الإلهي لأكل لحم الخنازير

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ..
التحريم الإلهي لأكل لحم الخنازير

د. كمال علاونه
شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

الأكل من الطيبات من الرزق .. ونبذ الأطعمة المحرمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله في محكم التنزيل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . بنظرة ثاقبة متفحصة متأنية ، يتبين لنا من الآيات القرآنية السابقة في سورة البقرة ، أن الله العظيم الحليم أمر جميع المؤمنين بأكل الأطعمة الطيبة وشكره على هذه النعم التي أنعم بها على البشرية ، من مخلوقات المكرمين ، لفائدتهم والحيلولة دون انتشار الأمراض بينهم ، المباشرة وغير المباشرة ، فهو خالق الخلق أجمعين ، وأعلم بجميع مخلوقاته الآدمية والحيوانية والنباتية . وقد حرم الله عز وجل على المؤمنين أكل لحم الحيوانات الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله ، في تحريم متواصل للأبد ، إلى يوم القيامة ، كون الإسلام هو الرسالة السماوية الخاتمة لجميع الرسالات الخالية على جميع الأقوام في القرون الأولى . واستثنى من التحريم حالة الاضطرار بلا بغي أو عدوان وهي عدم توفر الأكل من أي صنف كان لتناول المحظورات الطعامية الأربعة المذكورة آنفا في آيات سورة البقرة . ويقول الله الحي القيوم تبارك وتعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ }( القرآن الحكيم ، المائدة ) . من قراءة الآيات القرآنية المجيدة السابقة من سورة المائدة ، يتبين لنا التأكيد الإلهي القويم على تحريم الحيوانات الميتة والدماء ولحوم الخنازير والذبائح التي تذبح تقربا للآلهة المتعددة أو الأصنام ، وما شابهها ، وكذلك تحريم المنخنقة ( تخنق فتموت ) والموقوذة ( المضروبة بالخشب يوقذها فتموت ) والمتردية ، التي سقطت من مكان مرتفع وتم ذبحها في آخر لحظة قبل موتها ، والمتردية وهي تردت ووقعت عن جبل أو مكان عالي ، والنطيحة وهي التي تموت وتقتل جراء تصارع الحيوانات فيما بينها ، فما أدركته يا أيها المؤمن بتحرك ذنبه أو بعينه ، فاذبح وكل وإلا فلا تأكل بتاتا ، وما أكل السبع ، وهي الجوارح والوحوش وأبقت جزءا منها ، إلا ما كان من الحيوانات من كان على شفا الموت وتم ذبحه قبل موته . وكذلك ما ذبح على النصب وهي الذبائح المخصصة للأصنام . والاستقسام بالأزلام وهي اختيارها بالحظ لذبحها . وتشير الآيات القرآنية إلى أن الله البارئ المصور جل وعلا قد أتم للمؤمنين الدين الإسلامي القويم ، ورضيه لهم ، وعليهم الإلتزام الحديدي بتعاليمه السمحة لينعموا بنعيم الآخرة ، والتمتع بثواب الدنيا .
إلتزام المؤمنين بالطيبات .. وتفضيل الكفار للمحرمات

حث الله سبحانه وتعالى المؤمنين على الإلتزام والإلزام في الآن ذاته ، بتناول أطعمة أهل الجنة من الطيبات من الرزق ، والإبتعاد عن أطعمة أهل الكفر والفسوق والعصيان ، . يقول الله الرزاق ذو القوة المتين : { فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}( القرآن المبين ، النحل ) . وفي الآيات السابقة من سورة النحل ، أمر الله تبارك وتعالى الناس أن يأكلوا مما رزقهم من الحلال الطيب المبارك ، وشكر أنعم الله كونهم مؤمنين وعابدين لله العزيز الحليم ، وقد جاء ذكر التحريم الرباني على الإنسان ومنع أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله ما عدا المضطرين إضطرارا قطعيا بلا بغي أو تعدي أو عدوان ، ففي حالة الإضطرار فإن الله غفور رحيم . على أي حال ، إن الله خالق الخلق أجمعين ، بين الحلال والحرام عبر الآيات القرآنية المجيدة الكريمة الدالة والحاثة على الأكل الطيب وترك الحرام النتن ، لمصلحة البشرية نفسيا وجسديا ، وتسهيل عملية الهضم والاستفادة من الأطعمة والأشربة المفيدة ونبذ الضارة منها نبذا تاما وعدم الاقتراب منها ، لأنها وردت في آيات التحريم القطعية لتجنيب بني آدم الوقوع في الأمراض الطارئة والمزمنة ، كما حدث ويحدث في انفلونزا الخنازير المنتشرة بكثرة في هذه الأيام في المكسيك والولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية . وغني عن القول ، إن التحريم الرباني لأكل اللحوم والدماء الممنوعة هو للمصلحة الإنسانية العليا ، من النواحي الوقائية والعلاجية في الآن ذاته ، وهذا يؤكد شمولية رسالة الإسلام السامية الدينية والأخلاقية والصحية والنفسية في بوتقة شاملة ، لبني البشر أجمعين ، في الأولين والآخرين ، في القرون الخالية والحالية واللاحقة . وتذكر منظمة الصحة العالمية أنه توفي مئات ملايين البشر في القرن الماضي جراء أكلهم لحوم الخنازير الداجنة المربية في المزارع والحظائر على نطاق واسع ، أو أكل لحوم الخنازير البرية عبر صيدها ، وكلها سواء ، الأليفة والبرية ، على اختلاف أشكالها وأنواعها وأحجامها ، فهي مضرة بجسم الإنسان ، ومقززة لدى المؤمنين ، وهي نجسة في الآن ذاته . وقد حض الإسلام على عدم تربية الخنازير أو أكل لحومها بأي حال من الأحوال باستثناء حالة الضرورة القصوى ، من غير أن يكون الإنسان باغ أو عاد . ومن خلال استقراء الآيات التحريمية لأكل لحوم الخنازير ، نرى أن الله الغني الحميد ، أورد ذكر تحريم الخنازير في ثلاث سور قرآنية مجيدة هي سورة البقرة ، وسورة المائدة ، وسورة النحل ، علما بأن هناك سورة أخرى تطرقت لذكر أسماء بعض الأنعام ( سورة الأنعام ) التي يأكلها بني البشر ، في إشارة واضحة وجلية ، لتأكيد التحريم الأبدي أولا ، والاستثناء الاستثاني ثانيا ، والتذكير بالأكل الحلال الطيب ثالثا ، في تواصل متمم لبعضه البعض ، دون انتفاص أو إشباع فوق المعقول ، والابتعاد عن الأكل غير الطيب ، وهو النجس والدماء وما شابهها ، ولم يقتصر التحريم على لحم الخنزير بل شمل المحظورات الطعامية الآنفة الذكر ، من جميع الحيوانات ، من الموقوذة والنطيحة ودماء جميع الحيوانات والطيور .
أسرار التحريم الإلهي لحوم الخنازير
إن الله هو المبديء المعيد ، المحيي المميت ، وهناك بعض الأسرار الإلهية التي اكتشفت في تحريم الأطعمة النجسة ماديا ومعنويا ، كالمحرمات الطعامية المذكورة في القرآن المجيد ، وبالتالي ينبغي على المسلمين الإلتزام بالتوجيهات والتعاليم والأوامر الإلهية كافة بلا نقاش أو لف أو دوران أو مواربة ، فالحق الرباني أحق أن يتبع ، ومن أبرزها تحريم أكل لحوم الخنازير للأسباب الآتية : أولا : لحوم الخنازير لا تكون مستساغة للمضغ والأكل البشري السوي ، وفي هذا تكريم للإنسان عن بقية الجوارح والوحوش والحيوانات المؤذية لبعضها البعض ، وهكذا . ثانيا : إن آكلي لحم الخنزير يتأثرون بطباع الخنزير ، وهي الدياثة في السلوكيات وتتمثل بعدم الغيرة على الأنثى ، كالزوجة التي لا تغار على زوجها ، والزوج الذي لا يغار على زوجته . وهذا ما يتمثل بالمجتمعات الغربية التي تستهلك لحوم الخنازير من استفحال ظاهرة الزنا واللواط . ثالثا : إن الخنزير يأكل الأوساخ والنجاسات والخبائث ، ولا يعقل للإنسان المؤمن التقي المكرم من الله أن يأكل الرذائل والأوساخ المباشرة وغير المباشرة .
رابعا : عدم نقاء لحوم الخنزير من الأمراض والعاهات بعد طبخها بل تبقى كما هي ملوثة ونجسة المطعم والمأكل . وقد ثبت علميا بالتجارب التطبيقية أن الخنزير نفسه يعتبر وباء يمشي على أربع ، لأن دم الخنزير يحتوى علىكافة أنواع الاوبئه والديدان ، مثل الدوده المفلطحه والشريطيه والاسطوانيه والشوكيه وسواها . وكذلك اثبتت الدراسات العلمية الصحية ان أكل لحم الخنزير يتسبب في إصابة الإنسان بالكثير من الامراض الخطيره المزمنة للأنسان مثل مرض الالتهاب السحائي ومرض الزوهار ومرض الدوسنتاريا ..كما أثبت علماء غير مسلمين ، أن آكل لحم الخنزير يحمل صفات وطبائع الخنزير الجسدية والعقلية ، ويسبب أكل لحم الخنزير أمراضا تناسلية خطيرة ، وتسبب مرض الصرع في الدماغ وغيرها .

خامسا : حيوان الخنزير هو حالة عقابية لجزء من البشرية ، بانتقال من حالة تكريمية لحالة تعذيبية في الدنيا والآخرة ، فهذه الفئة ردت في أسفل سافلين بعدما خلقها الله الخالق البارئ في أحسن تقويم ، فقد جعل الله الجبار القهار طائفة من بني البشر خنازير عبر مسخهم ، كما هو حال مسخ بني إسرائيل لقردة وخنازير . وبالتالي فإن شكل الخنزير ولحمه ودمه هو عقوبة إلهية ، لجزء من بني البشر ، ولا يجوز أن يأكل الإنسان أكل الإنسان الذي قلب على شكل حيوان . يقول الله ذو الطول شديد العقاب : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)}( القرآن المجيد ، المائدة ) . سادسا : المنظر المخيف والشكل المقزز للخنازير وهي من أقذع المخلوقات .
تحريم أكل لحوم الخنازير
واستعمال دهونها وجلودها وبيعها وتربيتها

حول تحريم أكل لحم الخنزير وبيعه وتربيته ، جاء في سنن أبي داود - (ج 9 / ص 356) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ " . وبهذا فإن تربية الخنازير وأكل لحومها هي من الأمور المحرمة على أبناء الأمة الإسلامية ، وهي تختلف عن غيرها من الأمم الكافرة والفاسقة التي تعمل على إنشاء مزارع كبيرة للخنازير وتربيها كما يربي المسلمون الأغنام والأبقار والماعز والطيور والدواجن المحللة الأكل في الإسلام . وبهذا فإن الأمة الإسلامية تمتاز بالطعام والأكل الطيب وتنبذ الأكل والطعام المضر والفاسد الذي يسبب أمراضا طارئة وأوبئة عامة دائمة متنقلة بين مختلف أمم وقارات العالم . وفي حديث نبوي آخر ، جاء في سنن أبي داود - (ج 10 / ص 316) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّأَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا " . كما ورد في سنن أبي داود - (ج 11 / ص 401) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ يَعْنِي عِيسَى وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ " .
أكل وشرب الدم في الجاهلية

جاء في المعجم الكبير للطبراني - (ج 7 / ص 324 – 325 ) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِي أَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ شَرَائِعَ الإِسْلامِ فَأَتَيْتُهُمْ، وَقَدْ سَقَوْا إِبِلَهُمْ وَاحْتَلَبُوهَا وَشَرِبُوا، فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا: مَرْحَبًا بِالصُّدَيِّ بن عَجْلانَ، قَالُوا: بَلَغَنَا أَنَّكَ صَبَوْتَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، قُلْتُ:"لا وَلَكِنْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ أَعْرِضُ عَلَيْكُمِ الإِسْلامَ وَشَرَائِعَهُ"، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فَجَاءُوا بِقَصْعَةِ دَمٍ، فَوَضَعُوهَا وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهَا يَأْكُلُونَهَا، قَالُوا: هَلُمَّ يَا صُدَيُّ، قُلْتُ:"وَيْحَكُمْ، إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ مَنْ يُحَرِّمُ هَذَا عَلَيْكُمْ بِمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ"، قَالُوا: وَمَا قَالَ؟ قُلْتُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ" إِلَى قَوْلِهِ: "وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ" [المائدة: 3]، فَجَعَلْتُ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَيَأْبُونَ، فَقُلْتُ لَهُمْ:"وَيْحَكُمِ ائْتُونِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي شَدِيدُ الْعَطَشِ"، قَالَ: وَعَلَيَّ عِمَامَتِي، قَالُوا: لا، وَلَكِنْ نَدَعُكَ تَمُوتُ عَطَشًا، قَالَ:"فَاعْتَمَمْتُ وَضَرَبْتُ رَأْسِي فِي الْعِمَامَةِ، وَنِمْتُ فِي الرَّمْضَاءِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي بِقَدَحٍ زُجَاجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَفِيهِ شَرَابٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَلَذَّ مِنْهُ، فَأَمْكَنَنِي مِنْهَا فَشَرِبْتُهَا، فَحَيْثُ فَرَغْتُ مِنْ شَرَابِي اسْتَيْقَظْتُ، وَلا وَاللَّهِ مَا عَطِشْتُ، وَلا عَرَفْتُ عَطَشًا بَعْدَ تِيكَ الشَّرْبَةِ".ولا بد من القول ، إن تحريم أكل لحم الخنزير ، يقع من ضمنه تحريم استعمال لحمه ودهنه وجلده في أي استعمال إسلامي ، فعلى المسلمين تحاشي استعمال دهون الخنزير في المواد الصابونية للتغسيل أو إضافته لمواد كيماوية وما على ذلك . ومن الواجب أن يأخذ المسلمون الحيطة والحذر ، وعدم شراء لحوم حيوانات أخرى تكون موضوعة في الثلاجة لدى القصابين ( اللحامين ) بجانب لحوم الخنازير ، لتجنب الرائحة الكريهة أولا ، والابتعاد عن المحرمات تحت أي صورة من الصور . وهذا الأمر موجه للمسلمين الذين يعيشون في مناطق تربية الخنازير أو ذبحها ووضعها بالقرب من لحوم حيوانات الأبقار والأغنام والحبش والدجاج وما إليها . وقد جاء بأحاديث نبوية شريفة ، منها ما ورد في سنن ابن ماجه - (ج 1 / ص 260) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَالذَّهَبَ " . كما ورد في مسند أحمد - (ج 29 / ص 20) أَنَّ عَطَاءً كَتْب يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَنَازِيرِ وَبَيْعَ الْمَيْتَةِ وَبَيْعَ الْخَمْرِ وَبَيْعَ الْأَصْنَامِ وَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَالْجُلُودُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَخَذُوهُ فَجَمَّلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ " .
المسيح عيسى بن مريم وقتل الخنازير

وفي السياق ذاته ، على نطاق الحديث النبوي الشريف ، وجاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 462) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " .كما ورد بصحيح البخاري - (ج 11 / ص 266) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا }" . ونستطيع أن نستقرأ من الحديثين السابقين أن هناك انتشار كثيف لظاهرة تربية الخنازير في نهاية الزمان ، تمهيدا لإنهاء تربيته ، وبهذا تبشير حتمي للمسلمين بأن المسيح عيسى بن مريم ، سينزل أواخر الزمان لقيادة الأمة الإسلامية ، ليحكم بين الناس بالعدل والقسط الإسلامي ، ومن مظاهر هذه العادلة : كسر الصليب الذي يرتديه الصليبيون النصارى ، وقتل دابة الخنزير ، ويضع الجزية على أهل الذمة ، والعمل على إفاضة المال على الناس ، حتى لا يقبله أحد من كثرته ولوجود القناعة الحتمية الآتية لا ريب فيها كما ورد بالحديث النبوي المحمدي المبين .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: