السبت، 18 أغسطس 2012

الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة وعودة المهاجرين اليهود للدول العربية وتعويضهم


خريطة فلسطين المحتلة
الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة
وعودة المهاجرين اليهود للدول العربية وتعويضهم
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) }( القرآن المجيد – الحشر ) .
وورد بصحيح البخاري - (ج 11 / ص 277) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " .
في 14 أيار عام 1948 ، أعلن دافيد بن غوريون زعيم منظمة الهاغاناة الصهيونية من على مبنى بلدية تل أبيب قرب مدينة يافا الفلسطينية على البحر الأبيض المتوسط  ، عن إنشاء الكيان اليهودي – الصهيوني – العبري الأجنبي الغربي المصطنع أو ما يسمى ب ( دولة إسرائيل ) في المناطق الفلسطينية المحتلة بمساحة 20.770 كم2 ، أو ما يعادل نسبة  77.4 % من مساحة فلسطين الكبرى البالغة 27 ألف كم2 ، وهي الأراضي التي سيطرت عليها قوات الاحتلال الصهيوني بدعم عسكري واقتصادي أوروبي وغربي ، وخاصة الدعم البريطاني العسكري السابق والأمريكي اللاحق .
وقد إستطاعت المنظمة الصهيونية العالمية حتى عام 1948 ، تجميع قرابة 600 الف يهودي من شتى دول العالم ، تحت شعارات تاريخية وسياسية واقتصادية براقة ، لفلسطين المحتلة ، وفقا للمزاعم الايديولوجية الصهيونية المزورة ( ارض الميعاد ) بالاستناد إلى التوراة والتلمود اليهودي .
وبعد ذلك شرعت الحكومة الصهيونية العبرية بزعامة دافيد بن غوريون وما بعده في استقدام مئات آلاف المهاجرين اليهود من مختلف قارات العالم : آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا . ومن بين الدول التي جلبت المنظمة الصهيونية وحكومة تل أبيب المهاجرين اليهود لفلسطين المحتلة ، كانت الكثير من الدول العربية مثل المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر واليمن والعراق ولبنان وسوريا وسواها ، فلجأت الحكومة العبرية لجميع طرق الترغيب والترهيب لجلب المواطنين اليهود العرب في هذه الدول العربية ، حيث بلغ تعدادهم قرابة 865 الف يهودي ، قدم منهم السواد الأعظم طوعا والأقلية منهم كرها نحو 600 الف يهودي عربي للكيان الصهيوني لاستعمار فلسطين وفق النظرة والعقلية الصهيونية التاريخية المزيفة ، والباقي هاجر لقارتي أوروبا وأمريكا الشمالية لعدم إقتناعة بالقدوم لفلسطين المحتلة والانخراط بالمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني .
وجرى جلب هذه الجاليات اليهودية العربية لفلسطين المحتلة ، بمئات الألوف وفق ما يسمى ( قانون العودة الصهيوني لعام 1950 ) ومنحهم الجنسية الصهيونية ( الإسرائيلية ) الجديدة ، مع احتفاظهم أو تخليهم عن مواطنتهم أو جنسياتهم العربية الأصيلة . كما يجري الآن جلب المهاجرين الأفارقة للكيان الصهيوني للتعويض عن نقص التكاثر الطبيعي اليهودية وقلة الهجرة اليهودية الخارجية للمستوطنات اليهودية بفلسطين المحلتة .
ويبلغ الآن تعداد اليهود القادمين من الدول العربية قرابة مليون ونصف مليون يهودي عربي ، تكاثروا وفقا للتكاثر الطبيعي في البلاد ، من أصل حوالي 5.9 ملايين يهودي بفلسطين المحتلة ، اي نحو 25 % من سكان الكيان الصهيوني اليهود ، إنخرطوا في المشروع الاستيطاني الصهيوني اليهودي المنشئ منذ أكثر 64 سنة ، بينما تزعم مصادر وزارة الخارجية الصهيونية أن نصف ( 50 % ) ، من عدد سكان الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) هم من أصول عربية . ويتمتع اليهود القادمين من الدول العربية بالجنسية والمواطنة الصهيونية بالكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، من البحر الطيب ( البحر الأبيض المتوسط ) غربا إلى البحر الميت ( بحر الملح أو بحيرة لوط ) شرقا ، وذلك رغم الاضطهاد القومي والتمييز العنصري الاشكنازي الأوروبي اليهودي ضدهم واعتبارهم فئات دونية لا ترتقي لمصاف اليهود الغربيين الآتين من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا .
وفي المقابل منعت قوات الاحتلال الصهيوني عودة النازحين واللاجئين الفلسطينيين لمواطنهم الأصلية الذين بلغ عددهم عام 1948 قرابة مليون فلسطيني ، من المسلمين والنصارى على حد سواء ، ويصل تعدادهم في المنافي والمهاجر والشتات ، الآن في صيف 2012 ، حوالي ستة ملايين نسمة ، وذلك رغم مطالبة الجمعية العامة للامم المتحدة ، حكومة تل أبيب بالسماح بعودة النازحين واللاجئين الفلسطينيين لمواطنهم الأصلية ، فقد صدر القرار رقم 194 في 11 كانون الأول 1948 ، في نفس العام الذي تم تهجيرهم من وقراهم ومدنهم وأعيد تكراره أكثر من 120 مرة حتى الآن .
وفي هذا الأوان ، وكذلك قبل عدة سنوات ، طرحت حكومة الكيان الصهيوني في تل أبيب مسألة غريبة عجيبة ، وهي المطالبة بحق اللاجئين اليهود القادمين من الدول العربية الأسيوية والإفريقية على السواء ، بحق التعويض المالي ، بعشرات مليارات الدولارات الأمريكية ، مستفيدة من التجربة الصهيونية اليهودية في ابتزاز تعويضات مالية ضخمة من ألمانيا والولايات المتحدة ، وأعلنت مؤخرا عن شن حملة دولية ، لصالح هذه السياسة الصهيونية الجديدة مسخرة لذلك المؤيدين من الشخصيات الأوروبية والأمريكية مثل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ، صاحب الفضيحة اليهودية مع المواطنة اليهودية الصهيونية ( مونيكا ) لمناصرتها ومؤازرتها للتكفير عن ذنوبه السابقة وتحصيل الابتزاز المالي الكبير للدول العربية  .
وذكرت صحف عبرية صهيونية تصدر في تل أبيب ، أن وزارة الخارجية الصهيونية وجهت دعوات لرجال قانون ذوي خبرة وسمعة مثل آلين درشوفيتس وأرفين كوتلر، ووزير القضاء الكندي. وذكرت أن الوزارة "سوف تعقد مؤتمرا واسع المشاركة في القدس بحضور  ممثلين عن الكونغرس اليهودي العالمي، ومنتدى البرلمانيين اليهود العالمي ومكتب المواطنين القدامى، إضافة إلى عضو الكونغرس الديمقراطي جيري ندلر، الذي بادر قبل أربع سنوات الى قانون في الكونغرس الامريكي يقضي برفع موضوع حقوق اليهود العرب على جدول الاعمال الدولي".
والسؤال الصهيوني المطروح حاليا هو : هل يعترف العالم بيهود الدول العربية كلاجئين ؟ فهذا الأمر الخطير هو ما تريده الحكومة الصهيونية في تل ابيب ، من خلال شن حملة دعائية إعلامية سياسية ودبلوماسية وإقتصادية دولية واسعة النطاق تهدف لتحقيق اعتراف دولي بمكانة اللاجئين لمئات الاف اليهود الذين تركوا الدول العربية بمحض إختيارهم كمهاجرين او مهجرين الى الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) في بداية اقامتها عام 1948 .
وتردد حكومة تل أبيب بصورة رسمية ، مسخرة وسائل الإعلام العبرية ، الفضائية والتلفزيونية والالكترونية والمطبوعة ، هذه الدعاية والأقاويل والأباطيل الجديدة للتباكي على حقوق الإنسان اليهودي العربي الذي ترك أملاكة طوعا في الدول العربية ولجأ للكيان الصهيوني المصطنع للهجرة للأرض الموعودة توراتيا ( أرض الميعاد ) لإقامة ( إسرائيل الكبرى ) وهي دولة اليهودي الأوروبي تيودور هرتزل الكبرى المزعومة لليهود ، وفقا لسياسة الترغيب والترهيب الصهيونية العالمية المشهورة ، من الامتيازات الاقتصادية والإغراءات الثقافية والعسكرية بالهيمنة والتسلط على الآخرين ، والعيش بمستويات معيشة عالية ،  والدعاية الدينية اليهودية الباهتة للقدوم لما يسمى بأرض الميعاد اليهودية .
وتُسخر حكومة تل أبيب شخصيات يهودية ونصرانية بارزة من أعضاء مجلس النواب والشيوخ الأمريكي ، ورجال قانون يهود صهاينة ، ومن بين هؤلاء المسخرين فعليا الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون حيث يعتبر من أهم المشاركين في الحملة اليهودية - الصهيونية الجديدة بقيادة نائب وزير الخارجية الصهيوني "داني ايلون " التي تسعى عبر ما سمي بمرحلتها الثانية لاجراء مفاوضات مع عشر من الدول العربية لتحصيل تعويضات مالية تقدر بعشرات مليارات الدولات لما يجري الترويج العالمي له بالتعويض المالي عن املاك اليهود المتروكة والتي اممتها تلك الدول العربية المعنية بالأمر .

أسباب الحملة الصهيونية الدولية لإعتبار لليهود العرب ( لاجئين )
يقول الله الحي القيوم تبارك وتعالى :{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
ذكرت إحدى الصحف العبرية وهي صحيفة معاريف يوم الأحد 12 آب 2012 ، مستندة لمصدر سياسي عبري كبير قوله "طوال الوقت نسمع عن اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة دون ان نسمع عن حق اليهود الذين طردوا من الدول العربية وسلبت املاكهم وجردوا من حقوقهم لهذا فان الوقت قد حان لعرض الصورة كاملة ونيل الاعتراف التاريخي بهم كلاجئين".
ووفقا لصحيفة ( معاريف ) العبرية الصهيونية ، تخطط حكومة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) لاطلاق حملتها دوليا عبر مؤتمر سيتم عقده في مقر الامم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية ، وهي عاصمة المال الأمريكية اليهودية في العالم ، في 21 أيلول 2012 ، وذلك بالتوازي مع بدء اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة لهذا العام .
وفي سبيل الترويج الإعلامي الدعائي الصهيوني الكبير لتحقيق هذه الأهداف ارسلت وزارة الخارجية العبرية في تل أبيب ، دعوات رسمية للمشاركة بالمؤتمر المذكور لرجال قانون دوليين وساسة سابقين مشهورين منهم الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون .
وادعت وسائل إعلام عبرية بلغة الارقام الاحصائية الإلكترونية ، شبه الرسمية ، أن 865 الف يهودي كانوا يعيشون في الدول العربية عند الإعلان عن اقامة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) بانهم هاجروا الى فلسطين المحتلة لاسباب تتعلق بالاضطهاد القومي والاستغلال الاقتصادي الذي عانوا منه في تلك الدول .
ووفقا للصحيفة العبرية المذكورة فقد وصل 600 الف يهودي الى الكيان الصهيوني لا يحملون سوى ملابسهم وأمتعتهم الشخصية ، بعد ان ( سلبت ) أملاكهم فيما هاجر قرابة 260 الف يهودي منهم باتجاه قارة أوروبا وخاصة بريطانيا وفرنسا ، وأمريكا الشمالية وخاصة الولايات المتحدة .

وكانت حكومة الكيان الصهيوني عملت على جذب وجلب مئات آلاف اليهود من أصول عربية من أكثر من 10 دول عربية بعد نكبة فلسطين الكبرى عام 1948 ، وما تلاها من سنين عجاف على فلسطين ، لزيادة عدد السكان اليهود في البلاد وحسم الصراع الديموغرافي مع أبناء الشعب الفلسطيني ، من أصحاب الأرض الأصليين الحقيقيين ، وزرع المستوطنين اليهود الطارئين بفلسطين المحتلة بدلا منهم . وقد عملت وكالة الهجرة والاستيعاب الصهيونية على تبني جلب هؤلاء اليهود عبر تنظيم جسور برية وبحرية وجوية لتحقيق هذه الغاية ، وأنفقت أموالا طائلة في سبيل ذلك .
على العموم ، هناك العديد من الأسباب التي تهدف حكومة تل أبيب تحقيقها من وراء شن الحملة الدولية لتعويض المهاجرين اليهود من الدول العربية ، لعل من أهمها الأسباب السياسية والاقتصادية والعسكرية والتاريخية والدينية والدعائية التالية :
أولا : الإبتزاز السياسي والدبلوماسي للدول العربية المعنية ، لإقامة علاقات دبلوماسية وفتح السفارات والمكاتب التجارية المغلقة أو فتح سفارات وقنصليات صهيونية في العواصم العربية ، وخاصة بعد الثورات الشعبية العربية في معظم الدول التي رحل منها اليهود العرب في أواخر العقد الرابع من القرن العشرين الماضي مثل مصر وتونس واليمن وكذلك العراق وسوريا ولبنان والجزائر والمغرب وليبيا .
ثانيا : التشويش على مسالة إعادة طرح عضوية فلسطين في الجمعية العامة الأمم المتحدة سواء بصفة دولة كاملة العضوية أو بصفة مراقب . وخاصة إذا علمنا أن مسألة تقسيم فلسطين لدولتين عربية ويهودية جاء بقرار رقم 181 من الجمعية العامة للامم المتحدة في بداية الأمر في 29 تشرين الثاني عام 1947 ، وأقيمت الدول العبرية ولم تقم الدول العربية بفلسطين حتى الآن .
ثالثا : تحصيل عشرات مليارات الدولارات من الدول العربية النفطية ، لإنقاذ الاقتصاد اليهودي المتهاوي في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة . وفتح الأسواق العربية أمام المنتجات اليهودية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية العربية الشكلية ضد البضائع والسلع الصهيونية ، المعمول بها في الوقت الراهن .
رابعا : تذكير العالم بمأساة اليهود مع النازيين الإلمان قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية ، واستعطاف الرأي العام الأوروبي والأمريكي لاستمرار تدفق المعونات والمساعدات الغربية للجاليات اليهودي في فلسطين المحتلة .
خامسا : السعي لإعادة جزء من الجاليات اليهودية للدول العربية المعنية ، لتكون الجاليات اليهودية المصغرة المزمع إعادتها طابورا خامسا للكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي .
سادسا : السعي للتطبيع الصهيوني السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل مع الدول العربية المعنية .
سابعا : مقايضة قضية عودة اللاجئين الفلسطيينين ( حق العودة للفلسطيينين لمواطنهم الأصلية ) مع عودة المهاجرين أوما يطلق عليه صهيونيا ( اللاجئين اليهود ) في الكيان الصهيوني . فنصف أبناء الشعب الفلسطيني تقريبا يعيش في المنافي والشتات في دول الجوار العربية وفي مختلف قارات العالم ، بحيث أصبح شعبا عالميا بفعل الظلم الصهيوني منذ غابر الأزمان .
ثامنا : دعاية سياسية حزبية داخلية من الأحزاب اليهودية اليمينية الحاكمة في تل أبيب لكسب ود الناخبين اليهود من أصول عربية في الانتخابات البرلمانية المقبلة .
تاسعا : التذرع بشن حرب جديدة على العرب ، والاستيلاء على أراضي عربية جديدة في شبة الجزيرة العربية وارض الهلال الخصيب ، لإقامة ( دولة صهيون الكبرى – دولة هرتزل - إسرائيل الكبرى ) ، بذرائع دينية تاريخية في المدينة المنورة بالديار الحجازية المقدسة . فوحدة العملة الصهيونية الصغرى ( الأغورة ) طبع عليها حدود الكيان العبري بحيث تشمل أجزاء من السعودية والعراق وسوريا ولبنان ومصر بالإضافة إلى فسطين الكبرى .
عاشرا : جلب الأصوات الدينية اليهودية المتدينة للأحزاب العلمانية ( الليكود وكاديما وإسرائيل بيتنا وغيرها ) من الأحزاب الحاكمة في الكيان الصهيوني .
حادي عشر : إسكات مطالبات الجالية اليهودية القادمة من الدول العربية ، بتحسين الأوضاع العامة في الكيان الصهيوني ، والسماح لهم بزيارة استطلاعية تراثية وسياحية لديارهم السابقة إن وجدت ، وتملص الحكومة العبرية من تزايد الانتقادات الداخلية العميقة حيال هذه المسألة .
ثاني عشر : تصدير القوى العاملة من اليهود من أصول عربية بالجنسية الإسرائيلية ، لمنابع ومنشآت النفط العربية بصورة مباشرة وليس عن طريق الجنيسات الأجنبية كالأمريكية والكندية والبريطانية والألمانية وغيرها كما هو حالها الأن ، وبالتالي تخفيف أزمة البطالة المستفحلة في ثنايا المجتمع اليهودي بفلسطين المحتلة .
ويمكننا القول ، إن تسمية وتصنيف المهاجرين اليهود من أصول عربية ، آسيوية وإفريقية ، والبالغ عددهم الآن في صيف 2012 ، قرابة مليون ونصف مليون يهودي كلاجئين من أعلى المستويات السياسية والإعلامية الصهيونية العبرية ، يدلل على أن جميع اليهود بفلسطين المحتلة هم لاجئون لبلاد غير بلادهم ، ففلسطين ليست بلادهم بأي حال من الأحوال ، وأن عليهم العودة للدول التي أتوا منها كحق طبيعي لهم . وليس عودة اليهود للدول العربية في قارتي آسيا وإفريقيا فحسب بل السعي الحثيث لتفكيك الكيان الصهيوني الهش المصطنع كمستعمرة أو محمية يهودية صهيونية عبرية عالمية ، وعودة جميع اليهود بفلسطين المحتلة لجميع الدول التي أتوا منها والتي يبلغ عددها 102 دولة في العالم ، تشكل أكثر من نصف عدد أعضاء الدول بالجمعية العامة للامم المتحدة .

العودة الفلسطينية مقابل العودة اليهودية .. بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى

يقول الله الحميد المجيد سبحانه وتعالى : { لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) }( القرآ، المجيد – الحشر ) .
من الممكن دراسة مسألة الموافقة الايجابية من الدول العربية على عودة اليهود الذين هاجروا منها ، مقابل عودة النازحين واللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان والعراق وفي المنافي والشتات والمهاجر لديارهم ومنابتهم الأصلية . بمعنى السماح الصهيوني برعاية أوروبية وأمريكية بعودة 6 ملايين نازح ولاجئ فلسطيني لوطنهم فلسطين ، وتقديم التعويضات المالية الحقيقية ، من شتى الأطراف الأوروبية والأمريكية والصهيونية العالمية ، جراء الظلم والإجحاف الاجتماعي والسياسي والقهر القومي والاستغلال الاقتصادي الذي لحق بهم طيلة فترة الطرد والتهجير الفائتة ، والعمل على قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ، مقابل عودة مليون ونصف مليون يهودي بصورة كاملة أو جزئية ، من الكيان الصهيوني للدول العربية التي خرجوا منها أو خرج منها أجدادهم وآباؤهم قبل عشرات السنين ، شرط التنازل عن الجنسية الصهيونية ( الإسرائيلية ) ونبذ الإرهاب والولاء السياسي للصهيونية ، والقبول بالعيش العادي كمواطنين عرب بديانتهم اليهودية ، في ديارهم السابقة دون تدخل صهيوني بشؤونهم الداخلية .
وبرأينا ، تشكل الحملة الصهيونية الجديدة ، لتعويض اليهود من أصول عربية بالكيان الصهيوني ، مسألة خطيرة جدا كسلاح ذو حدين ، إيجابي وسلبي في الآن ذاته ، للدول العربية والكيان الصهيوني على حد سواء . فالناحية الايجابية للعرب يمكن استثمارها لقلب السحر على الساحر اليهودي الصهيوني ، والإعتراف باليهود من أصول عربية بالكيان الصهيوني كلاجئين يمكن إعادتهم ، وربما تعويضهم بعد عودتهم وليس قبل ذلك .
والناحية السلبية هو إشغال الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي بمسائل هامشية جانبية تسعى من خلالها الصهيونية العالمية ورأسها في تل أبيب ، لتمرير أجندات يهودية – صهيونية سياسية استراتيجية وتكتيكية في الوقت ذاته ، على الساحات الفلسطينية والعربية والعالمية .
وعلى الجانب الآخر ، لا بد للدول العربية ، ذات التخطيط الاستراتيجي الفعال ، دراسة هذه المسالة بروية وهدوء وسكينة، والعمل السريع لإختراق الساحة اليهودية الداخلية ، عبر الجالية اليهودية من اصول عربية ، في فلسطين المحتلة المقموعة والمهمشة داخل الطوائف اليهودية المتناحرة ، وتشجيعهم على إنشاء أحزاب سياسية جديدة خاصة بهم ، وترك عضويتهم في الأحزاب الاشكنازية اليهودية الغربية والتحدث مع قياداتهم ودعمهم سياسيا وربما ماليا بصورة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة لإحداث إنقسام في الجبهة الداخلية الصهيونية .

كلمة أخيرة
يقول الله العلي العظيم عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }( القرآن المجيد – المائدة ) .
ينبغي على الفلسطينيين ، وعلى العرب والمسلمين ، شن حملة وقائية جادة ، ضد الحملات الصهيونية الإقليمية والقارية والعالمية الشعواء ، ضد العرب والمسلمين عموما وضد الفلسطينيين خصوصا . وعدم الانجرار خلف الردود الموسمية ، من هذا الطرف العربي أو ذاك ، بل إتخاذ موقف عربي موحد للرد الفاصل والشامل دون تردد على هذه المزاعم اليهودية القديمة المتجددة ، فاليهود الذين غادروا الدول العربية للكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، غادروا طوعا ، ولم يجبرهم أحد بأي حال من الأحوال ، بل سخرت حكومة تل أبيب الوساطات الأجنبية وخاصة الأوروبية والأمريكية ، للسماح للمواطنين اليهود العرب من مختلف الجنسيات العربية للرحيل إلى الكيان الصهيوني .
ويفترض في الإعلام العربي أن يتصدى للمزاعم والإدعاءات المزورة الصهيونية ، وأن يبقي قضية النازحين واللاجئين الفلسطينيين وعودتهم لمواطنهم الصلية في الجليل والمثلث والنقب والساحل ، حية في المحافل والمؤتمرات الإقليمية والقارية والعالمية ، وعدم ربطها بقضية اليهود من أصول عربية .
وبلغة الأرقام الإحصائية ، في صيف 2012 ، إذا ما حسبنا عدد سكان الكيان الصهيوني من اليهود البالغ نحو 5.9 ملايين نسمة ، فإن الأصول العربية الفلسطينية ( الأقلية القومية العربية في الجليل والمثلث والنقب والساحل ) من المسلمين والنصارى تشكل 1.7 مليون نسمة ، وإذا ما أضفنا أعداد الجالية من الأصول اليهودية العربية بنحو 1.5 مليون نسمة ، فإن نسبة كبيرة من سكان الكيان الصهيوني هم من الديانات السماوية الثلاث من أصول عربية آسيوية وإفريقية : الإسلام والنصرانية واليهودية . وإذا ما علمنا أن عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة يبلغ 4.2 مليون نسمة ، فإننا نتوصل إلى النتائج الديموغرافية التالية :
خريطة فلسطين الطبوغرافية
أولا : تعداد المواطنين الفلسطينيين العرب في فلسطين الكبرى : 1.7 + 4.2 = 5.9 مليون نسمة من المسلمين والنصارى من أصل أكثر من 12 مليون نسمة إجمالي عدد السكان الأصليين والطارئين من أتباع جميع الديانات .
ثانيا : تعداد السكان اليهود بفلسطين المحتلة 5.9 مليون نسمة من شتى الطوائف والأصول والمنابت العربية والأوروبية والأمريكية والإفريقية .
ثالثا : عدد السكان اليهود من أصول عربية حوالي 1.5 مليون نسمة ، وحسب التقديرات الإعلامية الصهيونية 2.7 مليون يهودي عربي .
رابعا : تعداد الأجانب في الكيان الصهيوني 327 ألف نسمة .
خامسا : عدد السكان العرب من الديانات السماوية الثلاثة : الإسلام والنصرانية واليهودية في فلسطين الكبرى ( فلسطين المحتلة عام 1948 و فلسطين المحتلة عام 1967 ) يبلغ : 5.9 مليون من المسلمين والعرب + 1.5 من اليهود العرب = 7.4 مليون شخص .
وكتحصل حال ، يستشف من الأرقام الإحصائية السابقة أن فلسطين المحتلة يقطنها غالبية ساحقة من العرب من الديانات الثلاث من أصول عربية ، وأن االقوة البشرية المهيمنة في البلاد ( فلسطين الكبرى ) هي من اليهود الغربيين ( الاشكناز ) بزعامة الأحزاب العلمانية كالليكود والعمل وكاديما واسرائيل بيتنا ( اليهود الروس ) ، وأن المعادلة السكانية ( الديموغرافية ) ستنقلب يوما ما ، بصورة عاجلة وليس آجلة ، ولكن الأمر بحاجة لتحريك شعبي إجتماعي واقتصادي مدني قبل أن يكون عسكريا ، ويمكن أن تكون الطائفة اليهودية من أصول عربية هي من يبدأ بتفكيك الكيان الصهيوني المصطنع كونها تعامل وفق التمييز العنصري اليهودي الفوقي ، وذلك بتضافر الجهود من الفلسطينيين العرب من المسلمين والمسيحيين .
وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
خريطة فلسطين بالعلم الفلسطيني

ليست هناك تعليقات: