الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

رسالة مفتوحة لرؤساء الجامعات الفلسطينية في الأرض المقدسة

رسالة مفتوحة لرؤساء الجامعات الفلسطينية

في الأرض المقدسة


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

=============

الإخوة رؤساء الجامعات الفلسطينية الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،

الموضوع : الإرتقاء بالأوضاع الجامعية في فلسطين

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}( القرآن المجيد ، التوبة ) .
بداية ، نبارك لكم البدء بالعام الأكاديمي الجديد 2009 / 2010 في فلسطين ، ونقدم لكم التحيات المباركات الطيبات لقيادتكم مسيرة التعليم العالي في البلاد ، نحو العلى والأعالي المبتغاة في أبناء الشعب الفلسطيني العربي المسلم ، حيث يتواجد لدينا 15 جامعة محلية : جامعة القدس ، جامعة القدس المفتوحة ، جامعة النجاح الوطنية ، جامعة بير زيت ، جامعة بيت لحم ، جامعة الخليل ، جامعة بوليتكنك فلسطين ، جامعة فلسطين التقنية بطولكرم ( خضوري ) ، الجامعة الإسلامية بغزة ، جامعة الأزهر بغزة ، جامعة الأقصى بغزة ، جامعة فلسطين بغزة ، جامعة غزة للبنات ، الجامعة العربية الأمريكية في جنين ، جامعة فلسطين الأهلية في بيت لحم . هذا بالإضافة إلى حوالي 40 كلية مجتمع وكلية جامعية حكومية ومؤسسية وخاصة . وتضم جميع مؤسسات التعليم العالي أكثر من مائتي ألف طالب جامعي لدرجات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير من بين 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وهي جامعات ما بين حكومية وعامة وخاصة ذات نمطين من التعليم العالي العادي التقليدي والمفتوح ، تساهم في تعزيز صمود أبناء شعبنا الفلسطيني المجاهد في أرض الرباط ضد المحتلين الصهاينة الطارئين على البلاد حيث أتوا من كل فج عميق ليشهدوا الظلم والظلام الاستعماري العسكري والاستغلال الاقتصادي والقهر السياسي والانحلال الاجتماعي والغزو الفكري المتصاعد . فهذه الجامعات تقف في خندق الدفاع الأول عن الثوابت الوطنية الفلسطينية والعربية والإسلامية في أرض الآباء والأجداد .
وإنني من منطلق الحرص على المسيرة التعليمية العليا في فلسطين الأرض المباركة ، لخبرتي في شؤون التعليم العالي الفلسطيني ، منذ سنوات وسنوات ، سواء أثناء دراستي البكالوريوس في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ودراستي الماجستير في جامعة بير زيت قرب رام الله بفلسطين ، وفق نظام التعليم العالي الأمريكي العصري ، وإشرافي على شؤون التعليم العالي في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية ما بين 1994 – 2001 ، وعملي كمدير للعلاقات العامة في وزارة التعليم العالي إبان العصر الذهبي للوزارة ، في الفترة ما بين 2000 وحتى 2003 ، وتدريسي الأكاديمي في عدة جامعات محلية فلسطينية ما بين 1998 حتى الآن ، في جامعة القدس المفتوحة وجامعة النجاح الوطنية كأستاذ متخصص في الشؤون السياسية عامة والفلسطينية خاصة غير متفرغ وكأستاذ متفرغ بجامعة فلسطين التقنية ، وتخرجي من جامعة النيلين بالخرطوم في السودان عام 2002 التي تتبع نظام التعليم البريطاني المتطور ، وسعيي الدائب لتعليم ثلاثة من أبنائي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس بفلسطين في فترة زمنية واحدة . ومن منطلق التذكير للجميع وفق مبدأ { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) }( القرآن المجيد ، الأعلى ) . أتقدم لكم بهذه المطالب والاقتراحات الأكاديمية والإدارية والتكنولوجية والفنية ، لجميع أطراف العملية الأكاديمية الجامعية : الوزارة والإدارة ونقابات العاملين والطلبة ، على السواء سواء بسواء :
أولا : ضرورة الاهتمام بتطبيق إستراتيجية التعليم العالي الوطني الفلسطيني القائمة على التطوير الدائم عبر المسيرة التعليمية العليا وفق خطة طويلة الأجل تتفرع لخطط متوسطة وقصيرة الآجال لضمان الإزدهار والتقدم الجامعي . وذلك على النحو الآتي :
التوسع الأفقي والعمودي السنوي لاستقبال الطلبة الجدد في الكليات العلمية والإنسانية . وذلك لإتاحة المجال أمام أكبر عدد ممكن من دخول التعليم الجامعي وفق التطلعات والأماني الشخصية والوطنية العامة .
ضرورة إصلاح وزارة التعليم العالي الفلسطينية بأن يكون طاقم وزارة التعليم العالي من المتخصصين والمهنيين والأكاديميين ، ومن حملة الشهادات العليا ( الدكتوراه ) في مراكز صنع القرارات الجامعية وممن هم مشهود لهم بالنزاهة والشفافية والتفوق والخبرة الفعلية لا النظرية فقط . وينبغي فصل وزارة التربية والتعليم عن وزارة التعليم العالي بشكل إستراتيجي دائم .
عدم تحديد معدلات قبول عالية للطلبة الجدد في الكليات الجامعية في مؤسسات التعليم العالي . وإتاحة المجال لجميع الناجحين بالثانوية العامة الإلتحاق بركب التعليم العالي المفتوح والتعلم عن بعد دون قيود في جامعة القدس المفتوحة . وتوسيع جامعتي الأقصى بغزة وفلسطين التقنية بطولكرم وتمكينهما من قبول عشرات آلاف الطلبة الجدد بأسعار مالية رمزية للساعات المعتمدة في جميع التخصصات العلمية والإنسانية .
إفتتاح برامج جامعية جديدة مناسبة للسوق المحلية الفلسطينية والتركيز على منح درجة الدكتوراه في التخصصات الإنسانية كخطوة أولى ، على أن يتبعها إفتتاح تخصصات دكتوراه في الكليات العلمية لإرواء ظمأ المتعطشين للعلم وتطوير درجاتهم الجامعية الثالثة ( الدكتوراه ) وإبقاء دوران المال في رحى الاقتصاد الوطني الفلسطيني وتوفير الجهد والمشقة على طلبة الدكتوراه .
ضمان تمويل مالي دائم للجامعات ذاتيا وفلسطينيا وعربيا ودوليا . ومن أمثلة ذلك ، جبي رسوم على مشتركي الماء والكهرباء وجوازات السفر والخدمات العامة وغيرها كرسوم تعليم عالي على الجميع ، والدخول في مشاريع اقتصادية وبحثية وفكرية وفنية وتكنولوجية جامعية تدر دخلا دائما تساهم في تخفيف الضائقة المالية الجامعية بفلسطين .
ديمومة تطوير المواد الدراسية بما يتلاءم مع الاحتياجات النظرية والعملية للخريجين .
عدم إقحام الحزبية السياسية الضيقة والقبلية الدينية والعشائرية في المسيرة التعليمة العليا في مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني ، وإتباع أسس العدالة والكفاءة والمقدرة الأكاديمية والإدارية وتنحية الولاءات الشخصية والحزبية جانبا في التعيينات الإدارية والأكاديمية ، لرؤساء الأقسام وعمداء الكليات ، لإبعاد التعليم العالي عن الانتقاص والرجوع للخلف .
تطبيق سياسية التشجيع والتحفيز الجامعي للمتفوقين سواء من العاملين أو الطلبة .
إتباع دورات إدارية في التعيينات الجامعية وفق سياسة تجديد الدم في شرايين التعليم العالي بانتظام .
طرح برامج أمنية وعسكرية في الجامعات الفلسطينية لتخصصات البكالوريوس والماجستير ، لرفد جيش فلسطين المستقبلي بكوادر عسكرية مدربة .
ثانيا : إنصاف الطلبة الجامعيين الفلسطينيين الجدد والقدامى والخريجين ، المتمثل بالآتي :
تقديم القروض الجامعية للطلبة لتمكين الفئات الفقيرة من استكمال التعليم العالي ، وعدم إرهاقهم أو حرمانهم من إتمام المسيرة التعليمية العليا في البلاد .
تمكين الطلبة من متابعة التعليم العالي دون ما يسمى بالتعليم الموازي أو الدراسة الخاصة إلا في حالات خاصة ونادرة بحيث لا تزيد عن 5 % من إجمالي عدد المقبولين في كل جامعة ، وعدم تحويل التعليم العالي لتعليم تجاري في فلسطين . فإن إلزام الطلبة بدفع مبلغ 500 دينار أردني إضافية للرسوم والأقساط الجامعية للفصل الدراسي أو مضاعفة البدل المالي للطالب في الدراسة الخاصة يجعل من إلتحاق الطلبة أمرا عسيرا لا يسيرا ، وهذا يضر بالمسيرة التعليمية العليا ويحرم مئات العائلات الفلسطيني من تحقيق أمانيها في تعليم أبنائها . ويفترض إتاحة المجال للطلبة الذين حصلوا على معدل تراكمي عالي من التحويل للدراسة العادية .
احتساب البدل المالي للمساقات الأكاديمية في الجامعة على أساس الكلية والتخصص الذي يدرس به الطالب ، وليس إجبار الطالب على دفع بدل مالي للمتطلبات الجامعية وكأنها ضمن الكلية المعنية للطالب . فمثلا يفترض أن يدفع الطالب في كلية الهندسة أو الصيدلة أو الطلب أو غيرها ، رسوم مساقات الجامعة الإجبارية والاختيارية كالدراسات الفلسطينية واللغة العربية والثقافة الإسلامية والرياضة وغيرها وفق ما يدفعه الطالب في الكليات التي تطرح هذه المساقات وليس على أساس مالي مرتفع حسب كلية الهندسة أو الصيدلة أو الطب أو التخصصات العلمية الغالية التكاليف لإنصاف الطلبة وتحقيق العدالة الجامعية قدر الإمكان .
تطبيق نظام إعفاء أبناء العاملين في الجامعة الفلسطينية لجميع العاملين في الجامعات الفلسطينية الأخرى ، وفق أسس مدروسة وليس فقط أبناء العاملين في وزارة التعليم العالي .
توسيع سياسة تنظيم أيام التوظيف لخريجي الجامعات الفلسطينية في الأسواق المحلية والعربية والدولية .
ثالثا : ضرورة الاهتمام بالعاملين والحيلولة دون إرهاقهم نفسيا وأكاديميا واجتماعيا وماليا كالآتي :
احترام نقابات العاملين والتعاون مع هذه الهيئات التمثيلية للموظفين في الجامعات الفلسطينية ، فيما يتعلق بالكادر الوظيفي والزيادات السنوية المواكبة للغلاء المتصاعد ، وهبوط القيمة الشرائية للعملة العربية ( الدينار الأردني ) التي تدفع يها الجامعات رواتب العاملين فيها ، ومراعاة هبوط قيمة العملة الأجنبية المتداولة في البلاد ( الشيكل ) لمنع إعلان الإضرابات الأكاديمية والإدارية والمالية عن العمل ، وبالتالي ضمان استمرارية الفصول الدراسية الثلاثة كالمعتاد دون تأخير .
إحترام الشهادات والدرجات العلمية الصادرة عن وزارة التعليم العالي الفلسطينية ، فالوزارة هي التي تمنح المعادلة الجامعية وليس الجامعة بأي حال من الأحوال ، فقد لوحظ تصرفات غريبة ومريبة في جامعات محلية في البلاد تقضي باحتساب شهادات الدرجة الجامعية الثالثة ( الدكتوراه ) وكأنها شهادات ماجستير لدفع البدل المالي للساعات المعتمدة سواء للأساتذة المتفرغين أو غير المتفرغين وخاصة لخريجي الجامعات العربية ، وكل إنسان مسؤول عن نفسه ، وإن ولحظ بعض التلاعب هنا أو هناك فمن المعروف أن هناك تلاعب عالمي في التخريج الجامعي ونشر مؤخرا أن هناك من يبيع شهادات الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية ب 8 آلاف دولار أمريكي أو أكثر أو اقل . فلماذا تفضيل الخريجين الجامعيين للدرجة الثالثة من الجامعات الغربية على خريجي الجامعات العربية ، وهذا إمتهان للكرامة العربية والإسلامية واحتقار للجامعات العربية والخريج الفلسطيني مما يلقي بظلال كئيبة غير سوية على التعليم العالي في فلسطين .
العمل على تطبيق نظام أو قانون التقاعد الوظيفي للعاملين في الجامعات الفلسطينية أسوة بالعاملين بالقطاع الحكومي العام لضمان حياة هانئة وكريمة ومستقرة تحفظ للموظف الجامعي كرامته بعد بلوغه سن الاستغناء عن استخدامه وهو سن أل 65 عاما في الجامعات .
فمن خلال عملي كرئيس منتخب سابق لنقابة العاملين في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم ( خضوري ) أطلعت على هموم وغموم جميع فئات الموظفين الحكوميين وغير الحكوميين ممن يعمل في مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني في أرض الوطن الغالي ، ورغبت وأرتايت في نقل هذه الرسالة العامة لصناع القرار الجامعي لعل وعسى أن تجد من ينصف العاملين المظلومين في أهم مؤسسات الوطن التي تخرج القيادات والكوادر الشبابية من الذكور والإناث للاضطلاع برقي وإزدهار فلسطين المباركة والسير بها نحو مصاف البلاد المتطورة بصورة منتظمة .
رابعا : ضرورة التعاون الجامعي المحلي الفلسطيني أولا ، والتعاون الجامعي العربي ثانيا ، والتعاون الجامعي العالي ثالثا ، لضمان الإرتقاء بمستويات الجامعات والتعليم العالي ، في المجالات التكنولوجية والأكاديمية والإدارية وتقديم كل ما هو حديث وجديد في ساحة العلوم والمعارف العليا .
خامسا : الاهتمام بالدراسات والأبحاث العلمية ونشرها ، وتطوير المقررات الدراسية الجامعية بانتظام ، وتبني طباعة رسائل الماجستير والدكتوراه لتشجيع الطلبة وتمكين الناس من الإطلاع على المنجزات العلمية والبحثية المتنوعة .
سادسا : التركيز على فلسطين العربية المسلمة لجميع الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، وترسيخ مبادئ العدالة والحرية والتعاون والتكافل والتكامل الفلسطيني والتعددية الأكاديمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والابتعاد عن العصبية والنعرات الحزبية السياسية المقيتة ، وضرورة إدخال مبدأ المساقات العسكرية الإجبارية الجامعية لأبناء فلسطين الأصليين أسوة بالمتطلبات الفلسطينية والإسلامية والرياضية والإنجليزية .
آملين أعواما جامعية متفوقة مليئة بالود والمحبة والتعاون العام القائم على البر والتقوى ، في جميع المجالات لجميع جامعاتنا المحلية في أرض فلسطين ، أرض الإسراء والمعراج النبوية الشريفة في الأرض المقدسة ، وأن تلقى هذه الاقتراحات الأذن الصاغية لتنفيذها على أرض الواقع .
وكما يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) }( القرآن الحكيم ، الغاشية ) .
وتفضلوا بقبول وافر التحية والاحترام ،،،

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تحريرا في يوم الثلاثاء 27 شعبان 1430 هـ / 18 آب 2009 م

أخوكم
د. كمال إبراهيم علاونه

ليست هناك تعليقات: