الأحد، 2 أكتوبر 2011

أزمة الرواتب الشهرية بفلسطين .. خليك في البيت ؟

أزمة الرواتب الشهرية بفلسطين .. خليك في البيت ؟

فلسطين - ابن الأرض المقدسة - تقرير خاص - شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )


يقول الله ذو الجلال والإكرام جل شأنه : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن الحكيم – الذاريات ) .
كما جاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 471) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّهُ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ " .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 52) عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " .
وورد في سنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 294) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ " .
في ظل بوادر الأزمة الاقتصادية المستفحلة في فلسطين ، هناك تذمر واسع في صفوف العاملين بالقطاع الحكومي الفلسطيني ، البالغ عددهم حوالي 180 ألف موظف فلسطيني في مختلف الدرجات الوظيفية ، المدنية والعسكرية ، بالإضافة لأكثر من 30 ألف متقاعد ، يعيلون حوالي 1.5 مليون فلسطيني بصورة مباشرة من أصل 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بسبب عدم إنتظام المعاشات الشهرية ، مما يلحق الأضرار النفسية والاقتصادية والاجتماعية بشريحة واسعة من شرائح الشعب العربي الفلسطيني في الأرض المقدسة .
وتزداد خطورة الوضع المالي الحرج حاليا ، بعد نفاذ السيولة المالية من أيدي السواد الأعظم من الموظفين العموميين ، بعد الانتهاء من شهر رمضان المبارك 1432 هـ / 2011 م ، وعيد الفطر السعيد ، وبدء العام الدراسي الجديد في البلاد ، لطلبة المدارس والجامعات والكليات المتوسطة ، والنقص الحاد من الأموال في جيوب المواطنين الحكوميين ، بسبب الصرف على المستلزمات والحاجيات البيتية والطلابية ، وعدم تمكن الكثير من الطلبة من دفع الرسوم والأقساط الجامعية لأجل غير مسمى ، وما يتبع ذلك من تردي في الأوضاع الاقتصادية العامة ، ووجود شبه شلل في الأسواق الفلسطينية .
وإزاء عدم إنتظام الرواتب الحكومية ، وتقلبات قيمة العملات في فلسطين ، الأربع الشيكل العبري والدينار الأردني والدولار الأمريكي واليورو الأوروبي ، ووجود القروض البنكية والتعامل بالشيكات المالية في تسديد الديون المترتبة على شراء العقارات من الشقق والأراضي والمركبات والمشاريع الاقتصادية المؤسسة لقطاع واسع من الموظفين ، بناء على وعودات حكومية متلاشية أدراج الرياح بالأيام العصيبة ، فأصبحت هذه الوعود المضروبة كتابيا وشفويا على السواء غير دقيقة ، مع ما يسبب ذلك من أزمة ثقة بين الدائنين والمدينين ، وإنعكاس ذلك سلبا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في فلسطين ، وتدني درجة الثقة المتبادلة بين الموظفين والحكومة الفلسطينية في رام الله .
وهناك دعوات لحلول اقتصادية لأزمة الرواتب الشهرية للموظفين الفلسطينيين ، وكل يدلي بدلوه ، الممتلئ أو الفارغ من التقديرات الإحصائية الدقيقة ، وتبقى الأنفاس الاجتماعية والاقتصادية محبوسة خلف جدران البيوت التأثرة بشكل مباشر أو غير مباشر بسياسة التأخير المقصودة أو العفوية في تسديد الرواتب بمواعيدها ، وتتزايد اللعنات وتتصاعد ضربات القلب بين الحين والآخر ، وتزداد التوترات النفسية ، في ظل ضيق ما في الأيدي ، وإضطرار الكثير من الموظفين ، للذهاب إلى وظائفهم في المقرات الحكومية مشيا على الأقدام بعد نفاذ أموال الراتب الشهري ، والاستغناء عن التنقل عبر وسائل النقل والمواصلات بالحافلات والمركبات العمومية ، أو إيقاف السيارات الخاصة ، لعدم التمكن من دفع فاتورة البنزين أو السولار في مركباتهم .
ومن الجدير بالقول حسب ما خبرته شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) إن مئات بل آلاف الموظفين الحكوميين الفلسطينيين ، إضطروا للمكوث في منازلهم في ايام عيد الفطر السعيد ، الماضي الذي لم يكن سعيدا عليهم ، بسبب ضعف وهزال الوضع المادي لهم ، وعدم تمكنهم من دفع مستلزمات العيد ، من صلة الأرحام ودفع ( العيديات للأطفال والولايا من النساء القريبات ) وشراء الملابس والحلويات المعتادة في العيد الإسلامي ، وما شابه ذلك . فكم من معيد لبس ملابسه القديمه ، وكم من معيد من قضى أيام العيد بلا حلويات وكم من معيد من إرتفع ضغطه ، وكم من معيد لم يتمكن من دفع أقساط أبنائه الجامعية المستحقة .. وكم .. وكم .. إلخ .
وتتوالى اللعنات ضد الاحتلال العبري لفلسطين المحتلة من بحرها لنهرها ، الذي يؤثر كليا في ضعف الاقتصاد الوطني الفلسطيني ، واستمرار تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الصهيوني ، المدعوم أمريكيا وأوروبيا وعالميا ، وتتزايد سياسة اللوم للجهات القائمة على الصرف المالي الفلسطيني ، بسبب النفاق العام في المواعيد ، وعدم إلتزام الأشقاء العرب في تسديد الفواتير المالية التي وعودوا بدفعها شهريا بانتظام في مؤتمرات القمة العربية السابقة ، وإجتماعات وزراء الخارجية العرب ، ولكن لا مجيب ؟؟
وكان الله في عون الموظفين الحكوميين ، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والأزمة المالية المتلاحقة لهم ولأسرهم ، وإنعكاس ذلك بصورة سلبية حقيقية على نفسياتهم وخططهم المستقبلية . ولسان حالهم يقول : ( خليك في البيت ) ، ولكن المكوث في البيت ربما يسبب توترا شديدا إذا كان الموظف مستأجرا شقة أو يقوم بتشطيب شقته المستقبلية المنتظرة بفارغ الصبر والعناء ، ويتوجب عليه تسديد الإلتزامات المالية شهريا .

وأصبح هم الرواتب الشهرية من الهموم المستفحلة في فلسطين ، فبدل أن يتم زيادة الرواتب إثر تآكل قيمتها الحقيقية ، يتم تأخير أو التأخر في دفع الرواتب الشهرية ، لا فرق لدى الموظفين ، لأسباب داخلية فلسطينية أو خارجية ، يهودية أو عربية أو أمريكية متفرقة أو جميعها مجتمعة ، والنتيجة واحدة معاناة الموظف الفلسطيني وأسرته ؟

فإلى متى يستمر هذا الكابوس المالي النهاري والليلي ، والشبح الشحيح يلاحق الشعب الفلسطيني المكلوم في أرض وطنه ، أرض الآباء والأجداد ؟!!

ليست هناك تعليقات: