الاثنين، 10 مارس 2008


الشتاء الأحمر الساخن بغزة فلسطين

د. كمال علاونه
دكتوراه علوم سياسية

يقول الله العلي العظيم : { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}( القرآن المجيد ، التوبة ) .
وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . ( صحيح البخاري - (ج 8 / ص 309) .
وقال الشاعر العربي يوما :
وللحرية الحمراء باب بكل يد مدرجة يدق
يا شعبي الفلسطيني العظيم .. إصبر فإنك على الحق ..
انفلتت قوات الاحتلال الصهيوني من عقالها ، ودقت طبول ومزامير الحرب ضد الأهل والأحبة في قطاع غزة الصامد المرابط على الساحل الجنوبي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، فبدأت حرب الإبادة الجماعية ضد أهل فلسطين الأصليين . فرئيس الوزراء الصهيوني أيهود أولمرت الفاشل في حرب صيف 2006 مع حزب الله اللبناني ، ووزير الحرب أيهود بارك ، قررا مع مجلسهما العسكري الهجومي المصغر شن حرب مستعرة على مدن وقرى ومخيمات فلسطين الجنوبية . فدكت الطائرات الحربية الأمريكية الصنع الصهيونية الزناد مواقع للأطفال والنساء والشيوخ نائمين في ساعات غشي الليل وأخذت تعيث في أرض قطاع غزة يمينا وشمالا بالإرهاب الذي يسقط حممه الملتهبة الحاقدة اللئيمة على أهل البلاد الأصليين فسالت دماء حمراء طاهرة قانية لاقت في طيبتها وملامحها مياه البحر الأحمر على الخاصرة الشرقية لقارة أفريقيا قارة الفيلة ، فلاقت الدماء الحمراء الزكية مياه البحر الأحمر الوردية في ارض عربية واحدة ، يقال أنه يجمعها لغة واحدة ودين واحد ومصير واحد وتاريخ واحد وهوية عربية إسلامية واحدة . ولكن الدماء الحمراء الزكية ، روت قطاع غزة الأصيل ، ونثرت فوق ثراه رائحة المسك التي تبعث من نزيف دماء شهداء الحق والواجب المدافعين عن حمى الوطن وعن كرامة وعزة غزة وكرامة هذه الأمة العربية من محيطها لخليجها والمدافعين في الصف الأول عن الأمة الإسلامية من أقاصى الأرض إلى أقاصيها . فبوركت سواعد الصامدين المرابطين الرابضين في العرين العربي الإسلامي .
لقد اثبت شعب فلسطين المرابط في أرض وطنه أرض الآباء والأجداد أنه رغم الداء والأعداء وقلة الدواء ونقص الغذاء وحرق الغطاء ، أثبت للعالم أجمع أنه تواق للحرية والاستقلال ولو كلف ذلك نهر من الدماء الحمراء الساخنة التي هطلت على تراب الوطن الغالي فلا ركوع إلا لخالق الخلق أجمعين ، سبحانه وتعالى ، هو القادر على هزيمة الكفار والمشركين . وهذه القذائف الصهيونية المسمومة التي رمت بحقدها ودناءتها على أبناء شعب ذاق الأمرين من إرهاب الأعداء . ولسان حال الأطفال يقول للأعداء : مهلا مهلا يا صهيون ، بأرض غزة الهوان لن يكون . تبا تبا للساكتين عن الحق يا عصابات الردة والمجون . سنردعكم بدمائنا ولو كلف ذلك الاستظلال بشجر النخيل الزيتون .. تبا تبا يا صهيون .. سنريكم الذل والقهر أسالوا أنفسكم في مرجعيون ، كيف يكون الوقوف دفاعا عن الأهل والأرض ولو كلف ذلك ذوق المنون . يا صهيون ، يا صهيون ، قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة في الفردوس الأعلى هكذا وعدنا الرب كيف الاستشهاد يكون .. فلن ينفعكم شجر الغرقد الذي أنتم في المستعمرات له زارعون . سينطق الشجر والحجر يوما وينادي أين المسلمون ؟ أين المؤمنون ؟ هلموا تعالوا لبني صهيون ، هلموا تعالوا لبني صهيون ، هذا ما وعدنا النبي العربي المصطفى نحن المسلمون . فالحبيب المصطفى صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة ويوم ينتظر المنتظرون لساعات الحساب وهم واقفون وقاعدون ، نحن له مصدقون ، نحن له مصدقون ، ويشفع كذلك للناس الشهداء الذين هم السابقون ونحن اللاحقون ، وسنرى أينا وأيكم المفتون .
ولا بد من القول ، إن هذا الشتاء الساخن الأحمر في قطاع غزة ، حيث نزفت دماء الشهداء والجرحى ، وتسامت دموع الثكالى والمسنون والمهتمون ، ونزفت دموع الأرامل والأيتام من مقلات العيون ، الشتاء الأحمر بغزة هاشم لن يمر مر الكرام في تل الربيع والخالصة وعسقلان وصفد وطبرية وبيسان وبئر السبع وغيرها ، هكذا أهل الثأر يتوعدون ، طوبى للمجاهدين المرابطين في ارض كنعان ، ارض النخيل والتين والزيتون . ولا تنسونا يا عرب ويا مسلمون من سيارات الإسعاف والطوارئ ونحن إلى الشهادة ذاهبون .. ذاهبون .. ذاهبون . لا تقولوا لنا انتحروا فإننا نحو الشهادة في سبيل الله للأكفان لابسون ، وللفردوس الأعلى منتظرون ومشتاقون .
يا أيها الصهيوني الغريب على البلاد المعتدي ..
لن تطهرك من دماء الشهداء الحمراء مياه البحر الأحمر ولو جلبتها وجلبت معها مياه النيل وجميع الأنهار والعيون ، فالفزع والحشد سيأتي من أرض الكنانة التي ما بخلت على فلسطين يوما ولكنهم في هذه المرة يبخلون . فيا أبناء شعب مصر الأبي قوموا لرسالة التوحيد وذروة سنام الإسلام إن كنتم لله الواحد القهار تركعون وتسجدون ، فاهجموا على أسلاك الحدود الوهمية وفتتوها إربا إربا ولاقوا إخوانكم على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، لتبييض الوجوه ولا تكونوا مثل البحر الميت كالميتون . فانصروا أهل فلسطين إخوتكم وأهلكم وجيرانكم الذين هم للشر والبغي يواجهون فانتصروا لهم وقولوا إنا لكم لناصرون . ويا أهل شمال الوطن الفلسطيني من بلاد الأرز العملاق من أهل الشهامة والكرامة انصروا أهل فلسطين كما فعلتم في صيف قبل البارحة ، فسجلوا للتاريخ موقفا كما عهدناكم تسجلون . فالوعد الصادق لا بد منه ثانية فأنتم للنصرة دائما جاهزون فلا تتفرجوا كما يتفرج غيركم ، فما عهدناكم إلا للباطل مدمرون ، فمروا بجولة ، ينصرنا وإياكم الله وأحفروا التاريخ المجيد بحروف من ذهب لأنكم ستكونون للذهب في الجنة لابسون ، إن شاء المولى العزيز العليم ولا تخذلونا هذه المرة فسيرتكم أنكم للحق لا تخذلون . فلتلهب الدنيا إذا حكم أهل الشر الأوغاد المضلون والمضللون .
فقد نادى المنادى لصولات وجولات الحق والجهاد ليوم الوغى ، والجنة تأهبت ولبست زخرفها الأخضر استعدادا لاستقبال أبناء الطائفة المنصورة في ارض فلسطين الحمراء ولو كره بني صهيون . فلا تلقوا لإبنة صهيون بالا ، ولا تخافوا من الأمريكان والاستعمار ولا تهابوا المعتدين الذين هم لأجساد البشر آكلون بحمم النار الملتهبة وبالطائرات من عل يقصفون . فآكلوا لحوم البشر في هذه الأيام فزعون ، فزعون من أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ، وما زالوا على الباطل يصرون وهم الذين يلاحقوا أهل البلاد وللعرب لا يلقون بالا ولا يهتمون .
يا أهل غزة ..
الحياة لا طعم لها دون العزة يا أهل البلاد ويا أهل القرآن المجيد ويا أهل الأقصى المجاهدون . فكونوا من الصابرين الثابتين على الحق وعضوا على الإسلام بالنواجد وأبقوا على الحق وللحق لأنكم للحق مستمسكون .
وأخيرا نطلب العون والغوث لأهلنا من الله العلي القدير ، ذو الجلال والإكرام ونحن به مستغيثون .. لأهل فلسطين ، وأهل غزة الذين هم للأعداء كارهون وقاهرون ، ونقول لهم اصبروا فالنصر آت .. آت . آت ولو كره المبطلون ، فالكل سيأخذ حسابه يوم اللقاء المنتظر فتربصوا إنا متربصون . ويقول الله تعالى يصف حال المعتدين الذين هم للباطل يتزعمون : { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} ( القرآن المجيد ، الجاثية ) . والسلام على آل فلسطين في الأولين والآخرين من أهل البلاد الأصليين . ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين . آمين يا رب العالمين . ويا شعبي الفلسطيني العظيم ردد وقل كما جاء بصحيح مسلم - (ج 14 / ص 293) :( اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، من أرض السلام .

بريد الكتروني
k_alawneh@yahoo.com
جوال : 00970598900198



ليست هناك تعليقات: