الاثنين، 31 مارس 2008

فلسطين .. وذكرى يوم الأرض 1976 - 2008

فلسطين .. وذكرى يوم الأرض
1976 – 2008


د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية – فلسطين

عانى العرب الفلسطينيون من التمييز المدني من قبل السلطة أو المؤسسة اليهودية – الصهيونية - الإسرائيلية الحاكمة في البلاد منذ الإعلان عن قيام الدولة العبرية عام 1948 ولغاية الآن ، وشمل هذا التمييز المدني والعسكري كافة الشؤون الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى التمييز في الشؤون السياسية . وتعترف السلطة الصهيونية على لسان وزراء في حكوماتها المتعاقبة ومسئولين كبار مدنيين وعسكريين على السواء بوجود ظاهرة التمييز الرسمية ضد العرب منذ أمد بعيد .
وقد وقع هذا التمييز أو الإجحاف المدني اليهودي والانعزال الإجباري أو الاختياري الشامل ، بحق المواطنين الفلسطينيين في بلادهم ، كسكان أصليين وليسوا كقادمين جدد من خارج البلاد ، وامتد ليشمل كافة الطوائف ، كأقليات صغيرة متفرقة ، دون استثناء . هذا بالإضافة إلى وجود التمييز العنصري بين البنية الاقتصادية الغربية والشرقية الأصل بين كافة فئات المجتمع العربي - اليهودي في البلاد . وفي أعقاب انتفاضة الأقصى في فلسطين في أواخر أيلول عام 2000 ، ومقتل 13 عربيا فلسطينيا في البلاد على أيدي قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي ، اعترف موشيه آرنس وزير الجيش الإسرائيلي السابق عن حزب الليكود اليميني المتطرف ، بهذا الغبن والظلم المدني الواقع على العرب الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم الدينية ، وقيامهم بتنظيم " الاضطرابات " و " أحداث الشغب " واصفا العرب الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والساحل - كغيره من الحكام العسكريين والمدنيين اليهود - بالسكان غير اليهود . ويؤكد آرنس أن هذا الظلم والغبن المدني امتد عشرات السنين ، الأمر الذي أدى بالعرب الفلسطينيين إلى رفع الأعلام الفلسطينية وتأييد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات .
من جهة أخرى ، أوصت وثيقة استراتيجية أعدتها قيادات وشخصيات يهودية ، عسكرية وسياسية وأمنية وأكاديمية ، في ختام مؤتمر نظمه " المركز متعدد المجالات " في مستوطنة هرتسيليا اليهودية ( المقامة على أراضي قرية الحرم – سيدنا علي – التي دمرت عام 1948 ) " بعنوان " توازن المناعة والأمن الوطني الإسرائيلي " في كانون الأول عام 2000 ، ( ونشرت نتائجه وتوصيانه ، في الثلث الأخير من شهر آذار عام 2001 ) ، وشارك فيه نحو 300 شخصية كل سنة منذ ذلك الحين حتى عام 2008 الحالي . أوصت هذه الوثيقة اليهودية بشكل علني بضرورة ترحيل العرب في البلاد ، وهو ما أطلق عليه ، مغزى امني خطير وتهديد ديموغرافي للدولة العبرية جراء خطر التكاثر الطبيعي للعرب في البلاد حيث وصفته الوثيقة الاستراتيجية ب : " التهديد الديموغرافي الذي يواجه إسرائيل اليهودية من جانب السكان الفلسطينيين ومن قبل العرب فيها ، مشيرة إلى أن معدل الولادة في أوساط الفلسطينيات في " إسرائيل " يصل إلى 6 ر4 نسمة للمرأة الواحدة وهو ضعف نسبة الولادة لدى اليهوديات 6 ر2 ، كما إن واحدا من بين كل خمسة مواطنين في إسرائيل هو مسلم وخلال عشرين عاما ستكون النسبة 1 : 3 " ( 1 ) . وقد أكدت الوثيقة المذكورة على المغزى الاقتصادي والعسكري والسياسي الذي يزعمون فيه أن العرب يشكلون عبئا ثقيلا على السكان اليهود في البلاد .

مصادرة الأراضي العربية الفلسطينية

حسب العقيدة الصهيونية تشكل فلسطين ما يطلق علية زورا وبهتانا ( ارض الميعاد ) و ( وطن قومي يهودي )، وقد اتبعت المنظمات الصهيونية وكافة الأحزاب الحاكمة التي تسلمت زمام الحكومة أو السلطة التنفيذية الصهيونية كافة السبل والطرق للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لإنشاء المستوطنات اليهودية عليها قبل وأثناء وبعد إنشاء الكيان الصهيوني . فالهجرة اليهودية ومصادرة الأراضي العربية الفلسطينية تسيران في خطين متوازيين ( جلب اليهود أو القادمين الجدد وإيجاد مساكن لإيوائهم ومنشآت اقتصادية لاستيعابهم ) . وحسب التوراة اليهودية المحرفة فانه ينبغي على اليهود أن يستولوا على ارض فلسطين ( الأرض التي وعد الله بها النبي إبراهيم عليه السلام ) والإقتداء في هذا المجال بيهوشع بإتباع سياسة القتل والابادة الجماعية و" التطهير العرقي " ضد العرب لانتزاع ( ارض اليهود – بني إسرائيل ) من السكان الموجودين فيها ، ويعتبرون أن هذه الأرض مخصصة ( للشعب اليهودي – شعب إسرائيل ) و( يتحتم ) على اليهود أن يطردوا كل القاطنين فيها بحرب مقدسة ( يهودية ) نصت عليها التوراة ، وترحيل العرب وتهجيرهم عنوة إلى الدول العربية المجاورة : الأردن وسوريا والعراق ( 2 ) .
على أي حال ، إن إجمالي مساحة ارض فلسطين ، بلغت نحو 27 ألف كم2 ، من اليابسة والمياه ( البحر الميت ، بحيرة طبرية ، الحولة ) ، منها 000ر323 ر26 دونم يابسة ، خصص منها قرار التقسيم الدولي الظالم رقم 181 ، الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 ، نحو 000ر500 ر14 دونم للدولة اليهودية ، والباقي للدولة العربية . وقد توزعت ملكية الأراضي التي حددتها الأمم المتحدة لإنشاء الكيان الصهيوني عليها ، على النحو التالي : " 85 % أراضي يملكها العرب ( منها 55 % في النقب ، اعتبرت أنها ارض متروكة بدعوى " أنها بور غير مزروعة ولا يسكنها احد ) ، 3 % أملاك حكومية ( الانتداب البريطاني ) ، 12 % أملاك يهودية ومن ضمنها مناطق مملوكة لليهود بامتيازات بريطانية " ، ( 3 ) . وحسب هذا التقسيم غير المنصف الذي أورده ( غرانوت ) رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي ، عام 1947 ، فان مساحة النقب من ارض فلسطين ، التي تشكل نحو 55 % من مساحة فلسطين الإجمالية ، اعتبرها اليهود أراض بور غير مزروعة ولا يسكنها عرب وملكيتها غير محددة ( 4 ) ، وهي مقولة عنصرية يهودية غير صحيحة إذ إن هذه البقعة الفلسطينية ، هي منطقة يتنقل بها العرب البدو ، على مدار العام ، طلبا للكلأ والماء ، إضافة إلى وجود العديد من القرى العربية ، وهذه المقولة استند عليها قادة اليهودية والصهيونية من : " إن فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض " ، وهي ذرائع غير واقعية ومجافية للحقيقة بل اعتبرت مدخلا لتثبيت المهاجرين اليهود فيها ، وطرد المواطنين العرب ، أهل البلاد الأصليين .
وفي خطوة أولى ، بعد انسحاب الاحتلال البريطاني من فلسطين التاريخية ، أعلنت المنظمات الصهيونية ، على لسان دافيد بن غوريون ( أول رئيس وزراء صهيوني ) ، في مساء يوم الجمعة ، الرابع عشر من أيار عام 1948 ، في ساحة تل أبيب ، عن تغيير اسم فلسطين ، فيما عرف بوثيقة ( الاستقلال ) اليهودية من فلسطين إلى " إسرائيل " في سابقة هي الأولى من نوعها في نهاية العقد الرابع من القرن العشرين ، لتكريس عملية التهويد المبرمجة رسميا وأهليا من قبل اليهود والسعي الحثيث للاستيلاء على ارض فلسطين بشتى الطرق والسبل السياسية والعسكرية والاقتصادية ، بدعوى أنها " ارض توراتية " دعيت بأنها " ارض الميعاد " كما أشرنا آنفا رغم أن التوراة الحقيقة نزلت على النبي موسى عليه السلام في طور سيناء المصرية .
وحسب المعتقدات اليهودية فان كلمة ( إسرائيل ) تعني حرفيا " المجاهد مع الله " أو بطل الله ، وهو اسم أطلق على النبي يعقوب عليه السلام ، وأطلق هذا الاسم حسب المعتقدات العبرية على المملكة اليهودية الشمالية التي بناها اليهود بعد وفاة النبي سليمان علية السلام ، الواقعة بالقرب من بحيرة طبرية . وتفرعت هذه التسمية لتشمل " الشعب اليهودي " كأبناء لإسرائيل ، وفي عام 1948 أعيد إطلاق هذا الاسم على فلسطين التي احتلت عسكريا من قبل القوات الصهيونية – اليهودية للتفريق بين يهود العالم ويهود فلسطين . وسعت المنظمة الصهيونية وربيبتها إسرائيل على إنشاء الدولة اليهودية : " من اليم إلى اليم " ، أي من البحر الميت ونهار الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط . وقد استطاعـت المنظمـات العسكرية الصهيونية في أعقاب انتصارها على القوات العربية ذات العدد والعتاد القليل ، في فلسطين جراء التدخلات الأجنبية السياسية والدعم العسكري المتواصل ، أن تسيطر بعد معارك 1948 - 1949 على أكثر من ثلاثة أرباع مساحة فلسطين ، وقسمت بعد اتفاقيات الهدنة من الدول العربية المجاورة إلى ثلاثة أقسام : الجزء الأول منها والذي تبلغ مساحته 770 ر20 كم2 – أي ما يعادل 4 ر77 % من مساحة فلسطين أقيمت عليه دولة الصهاينة ( إسرائيل ) ، والجزء الثاني : والبالغة مساحته 878 ر5 كم2 – أي ما يعادل 3ر20 % من مساحة فلسطين – والذي يطلق عليه ( الضفة الغربية ) ألحق بإمارة شرق الأردن وشكل معها المملكة الأردنية الهاشمية . والجزء الثالث ، والبالغة مساحته 363 كم2 – أي ما يعادل 3 ر2 % من مساحة فلسطين - والذي يطلق عله ( قطاع غزة ) وضع تحت الإدارة المصرية .
بالإضافة إلى هذا وذاك ، لم تكتف حكومة الاحتلال الصهيوني بالسيطرة على مئات الآلاف من الدونمات التي تعود لأهل البلاد الأصليين من العرب الفلسطينيين بل إن سلطات الحكم العسكري الإسرائيلي ، عملت على تجريد المواطنين الفلسطينيين من عقاراتهم وأراضيهم عبر تجميد ملكية الأراضي ومصادرة عشرات الآلاف من الدونمات . وكان عدد القرى العربية عام 1948 قبل الحرب العربية – اليهودية 458 قرية دمر منها 362 وبقيت 96 قرية . وقد بلغ عدد المهاجرين اليهود المقيمين في فلسطين في ذلك العام حوالي ستمائة ألف يهودي ، سكن 200 ألف منهم بعيد الحرب في ممتلكات فلسطينية احتلت وصودرت بالقوة بشكل غير قانوني ( 5 ) .
والسياسة اليهودية - الصهيونية - الإسرائيلية التي عملت وتعمل على مصادرة الأراضي العربية ، لا تفرق بين أراضي عربية تابعة للعرب سواء أكانوا : مسلمين ودروز ونصارى ، ومن أبناء الطوائف الصغيرة من غير اليهود . وقد بلغت نسبة الأراضي العربية الدرزية التي صادرتها سلطات الاحتلال الصهيوني ، على سبيل المثال نحو 50 % من مجمل مساحات الأراضي الدرزية في الجليل ، عام 1972 ، وأقيمت عليها المستوطنات اليهودية ونقلت إليها بعض المصانع العسكرية اليهودية كما وأقيمت مشاريع صناعية أخرى ، وتمت عملية المصادرة بذرائع أمنية وعدم وجود مستندات ملكية أراضي للدروز أو ما يسمى " طابو " في قرى الجليل والكرمل في شمالي البلاد ( 6 ) .

طرق السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية

لا بد من الإشارة إلى أن عملية مصادرة الأراضي الفلسطينية وترحيل وتشريد المواطنين الفلسطينيين إلى خارج وطنهم استفزت الفلسطينيين وجعلت من حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية صعبة مما فاقم المشكلة ، وجعل المواطنين يلجأون إلى الثورة والتمرد على الأحكام العرفية الصهيونية اليهودية وقوانين الطوارىء الانتدابية التي نفذت . وهناك عدة طرق وأساليب لجأت إليها السلطات الإسرائيلية للاستيلاء على الأراضي العربية الفلسطينية بعد سيطرة قواتها على نسبة كبيرة من مساحة فلسطين التاريخية بعد عام 1948 ، إذ استندت الحكومة الإسرائيلية إلى 34 قانونا ونظاما وأمرا لنهب وحيازة الأرض العربية ( 7 ) . واهم هذه الطرق الترغيبية والترهيبية اليهودية ، على السواء ، للاستيلاء على الأراضي العربية ، ما يلي :
أ‌) قوانين الطوارئ البريطانية
تعددت قوانين الانتداب البريطانية التي سنتها سلطات الانتداب لتسيير الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة في البلاد لمختلف الشرائح السكانية من ذوي الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية وجعلهم يخضعون لسلطاتها كيفما شاءت ومتى أرادت والحيلولة دون مناهضتهم لها بأي صورة من الصور السلمية أو العسكرية أو الاقتصادية . فقد بادرت السياسة البريطانية في البلاد إلى إصدار قوانين متعددة تلاءم احتياجاتها لإيجاد المواد والبنود القانونية التي تخدم أهدافها التوسعية . وقد دفع السكان وخاصة المواطنون العرب تضحيات جسيمة في سبيل مقاومتهم لهذه القوانين الظالمة والتي انتزعت منهم الكثير من حقوقهم في الحياة والتنقل وامتلاك العقارات والتعليم وغير ذلك . واستفادت الدولة العبرية من قوانين الطوارئ البريطانية في نهب وسلب الأراضي العربية من أصحابها واستملاكها كأراضي دولة حكومية عامة وهي نسبة معينة من الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها سلطات الانتداب البريطانية لإقامة المنشآت العسكرية والاقتصادية والمدنية عليها على مدى 26 عاما امتدت منذ عام 1922 – 1948 هي عمر الانتداب البريطاني الرسمي على ارض فلسطين .
ب‌) إصدار القوانين اليهودية
لجأت المنظمات الصهيونية ومن بعدها الحكومة الإسرائيلية الأولى ، والحكومات المتعاقبة إلى شن حرب على المواطنين العرب للاستيلاء على أرضهم وطردهم منها ، حملة ( الإبادة الجغرافية ) من خلال سن العديد من القوانين الطارئة الجديدة أو استخدام القوانين البريطانية الانتدابية لهذه الغاية . وأكد تقرير صدر عن الهيئة الدولية لحقوق الأقليات عام 2000 ، إن السلطات الإسرائيلية مارست عدة أشكال من التمييز العنصري ضد الفلسطينيين منذ الصراع العربي الصهيوني في فلسطين عامة وفي منطقة الجليل والمثلث والنقب خاصة مثل تشريد المواطنين من منازلهم ومصادرة أراضيهم وسن قوانين تمنع المساواة .
وفيما يلي أهم القوانين التي استخدمتها أو سنتها دولة المستوطنين الصهيونيين ( إسرائيل ) للاستيلاء أو الاستحواذ على الأراضي العربية الفلسطينية :
أولا : قانون أملاك الغائبين :
بعد الاحتلال الصهيوني لمساحة كبيرة من فلسطين ، ولاستكمال الاستيلاء على الأملاك والعقارات الفلسطينية فقد عملت الحكومة الإسرائيلية على إصدار أوامر وأحكام طوارئ ، عام 1949 ، سنتها وزارة المالية في 12 كانون الأول 1948 ومدد العمل بها ثم صدر " قانون أملاك الغائبين " وسرى مفعوله في 20 آذار عام 1950 ، واعتبر هذا القانون العنصري الغائب هو : " كل مواطن فلسطيني غادر محل إقامته العادي في أي وقت في الفترة الواقعة بين 29 تشرين الثاني 1948 وبين اليوم الذي يعلن فيه أن حالة الطوارئ التي أعلنها ( مجلس الدولة المؤقت ) قد ألغيت ، أو غادر الفرد العربي لخارج ارض فلسطين " إسرائيل " قبل 1 أيلول 1948 أو إلى مكان داخل إسرائيل " .
وقد طبقت هذه المواد والتفصيلات بشكل فج ضد الممتلكات والأموال العربية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها القوات اليهودية فنهبت مساحات شاسعة من ارض فلسطين ووضعت تحت سيطرة الإسرائيليين المحتلين الجدد . أما بالنسبة لإختصاصات الحارس لأملاك الغائبين حسب وجهة النظر الإسرائيلية ، فان مسؤولية الحارس ومن يعمل تحت إمرته هي مسؤوليات واسعة . وطبقت أحكام " قانون أملاك الغائبين " على أملاك الوقف الإسلامي والأراضي والعقارات المدنية والدكاكين والمشاغل أيضا . وحسب المصادر الرسمية الإسلامية فان مساحة الوقف الإسلامي بلغت سدس ( 1/6 ) مساحة فلسطين التاريخية ، ووضعت تحت وصاية أملاك الغائبين ، وقد قدرت الأمم المتحدة أملاك الغائبين عام 1950 بمليار جنيه فلسطيني أو ما يعادل حوالي 250 مليار دولار الآن عام 2008 . أما مساحة الأرض العربية التي صادرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بمقتضى هذا القانون العنصري فقد وصلت إلى ملايين الدونمات .
على أي حال ، يعتبر قانون أملاك الغائبين ، الصادر عن البرلمان ( الكنيست ) الإسرائيلي عام 1950 ، هو القانون الفعلي الذي نقلت بموجبه المساحات الكبرى من ارض فلسطين إلى ملكية الدولة العبرية الصهيونية ، عبر ما يسمى " سلطة الإنشاء والتعمير " التي تولت الاستيلاء على الأراضي في العام ذاته ، بشكل كبير جدا ، وفق سياسة استملاك الأرض ، في أنحاء فلسطين ، وخاصة في النقب .
ثانيا : قانون نقل الأموال إلى سلطة التعمير :
صدر هذا القانون في 31 تموز 1950 ، واستخدم بدلا من قوانين ولوائح الطوارئ المختصة بالأراضي العربية . وبموجب هذا القانون صنفت الأراضي العربية التي جرى الاستيلاء عليها منذ 14 أيار 1948 ( إعلان ما يسمى بالاستقلال اليهودي الإسرائيلي ) بغية تعميرها والإقامة فيها لغايات أمنية ملكا للدولة الإسرائيلية العبرية ، ولم يتح للمالك العربي المطرود قسريا أن يستعيد امتلاك هذه الأراضي ، وسجلت باسم " سلطة التعمير والإنشاء " .
ثالثا : قانون الأراضي الزراعية المهجورة :
وهو قانون أصدرته سلطات الاحتلال في 30 حزيران 1948 ، يقضي بالاستيلاء على أراضي المواطنين العرب الخربة ( المهجورة ) ، واعتبرت الأراضي مهجورة بعدة حالات هي :
1) إذا كانت استسلمت لقوات الاحتلال اليهودي منذ 16 أيار 1948 .
2) احتلت عنوة من قبل القوات اليهودية ، واعتبارها غنائم حرب .
3) هجرت من قبل المواطنين العرب .
وكان يتم الاستيلاء على الأراضي العربية من قبل وزير الزراعة الإسرائيلي بعد إنذار صاحب الأرض باستغلالها خلال فترة وجيزة مدتها أربعة أيام ، ثم توزع على القادمين الجدد وهم المهاجرين اليهود الذين يستغلون الأراضي ويسيطرون على العقارات القريبة منها وعلى الحيوانات والمواشي العائدة للمواطنين العرب ( 8 ) . على أي حال ، إن المادة 125 من قوانين " الدفاع " لعام 1945 صنفت معظم الأراضي العربية إلى مناطق مغلقة وبالتالي لا يجوز الخروج منها أو الدخول إليها إلا بإذن أو تصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي ، وبالتالي منع المواطنون العرب من استغلال أراضيهم وتمت مصادرة عشرات آلاف الدونمات بهذه الطريقة وقدمت للمستوطنين دونما ثمن يذكر أو تعب ومشقة . ووضعت الأيدي الصهيونية على الممتلكات العربية المنقولة وغير المنقولة بدعاوى أنها مهجورة .
رابعا: قانون استملاك الأراضي 1953 :
صادق الكنيست الصهيوني على قانون استملاك الأراضي بصورة نهائية في 10 آذار 1953 ، الذي اتاح المجال أمام وزير المالية الإسرائيلي مصادرة الأراضي العربية التي تلزم للمشاريع العسكرية وإقامة المستوطنات والمستعمرات ، وذلك بهدف إقامة المنشآت العسكرية ومراكز التدريب العسكرية ، أو إقامة التجمعات الاستيطانية الاستعمارية عليها ، أو شق الطرق الالتفافية ، وتوسيع الشوارع والطرقات ، بدعوى " إن الاستملاك مطلوب وضروري لغرض عام " . كما إن قانون الاستيلاء على الأملاك غير المنقولة ( الثابتة ) ، اقر أعمال التعويضات .
وفي عام 1976 تصاعدت وتيرة المصادرة الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية في الجليل والمثلث فتداعى المواطنون واللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية لتنظيم الاحتجاجات والاضرابات في 30 آذار 1976 وعرف فيما بعد ب " يوم الأرض " فما كان من الشرطة الإسرائيلية إلا أن أطلقت النار على المتظاهرين والمضربين مما أدى إلى استشهاد ستة مواطنين عرب . وقد اعتبر هذا اليوم يوما خالدا للتضامن والتعاضد الفلسطيني للاحتجاج على مصادرة الأراضي الفلسطينية وتضاعفت الاحتجاجات إبان فترة الانتفاضة الوطنية الفلسطينية من عام 1987 – 1994 . وفي عام 1996 سربت أنباء في وسائل الأعلام الإسرائيلية حول نية الحكومة الإسرائيلية مقايضة مناطق أو أراض فلسطينية من مناطق 1948 تسيطر عليها ( إسرائيل) بمناطق فلسطينية احتلت عام 1967 وأقيمت عليها مستوطنات يهودية مثل مقايضة أم الفحم بمستعمرة ارئيل قرب سلفيت ، وهذا ما رفضه الفلسطينيون في مناطق 1948 ، ومناطق 1967 . وخلال العام 1997 بلغت نسبة الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل من مناطق 1948 حوالي 90% وما زالت عملية المصادرة مستمرة حسب الظروف والاحتياجات الإسرائيلية المتزايدة . على أي حال ، إن القوانين العسكرية الإسرائيلية وتلك التي ورثتها الدولة الصهيونية عن الانتداب البريطاني هي قوانين ظالمة للحق العربي في جميع الاتجاهات .

ج ) الإرهاب والتطهير العرقي :

أولا : المجازر والقمع السياسي والاجتماعي

اتبعت القوات اليهودية أسلوب التطهير العرقي بالإرهاب والعنف ونفذت العديد من المجازر بحق الفلسطينيين لتشريدهم وتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم ، ومن ابرز هذه المجازر : مجزرة دير ياسين في 9 نيسان 1948 حيث قتلت منظمة الارغون اليهودية بقيادة مناحيم بيغن 300 رجلا وامرأة وطفلا من الفلسطينيين في ارض قريتهم ودفنتهم في بئر القرية . واعتبرت الحكومة الإسرائيلية كل فلسطيني غائبا غادر أو هجر منزله قبل مطلع شهر آب 1948 ، وبهذا التصنيف تم مصادرة ثلثي الأراضي للفلسطينيين والتي قدرت ب 70 ألف هكتار من اصل 110 آلاف هكتار ، وعندما صدر قانون حيازة العقارات زادت الأملاك العربية المصادرة ( 9 ) . ومجزرة الطنطورة في 23 أيار 1948 ، التي راح ضحيتها أكثر من مائتي عربي ، ومجزرة كفر قاسم في 29 تشرين الأول 1956 ، وراح ضحيتها 49 عربي فلسطيني . وفي النقب لجأت الدوريات الخضراء ( المنظمات الخضراء ) الإسرائيلية إلى التنكيل بالبدو العرب لترحيلهم إلى المناطق التي تحاول الحكومة حشرهم فيها وهي عدة تجمعات سكانية ، مستخدمة عملية جرف البيوت وحرق الخيام والاعتداء على المواطنين بالضرب المبرح وإطلاق القنابل الدخانية وتدمير السدود ، واقتلاع الأشجار ومصادرة المواشي .
ثانيا : الأحكام العسكرية والعرفية :
أما نظام الحكم العسكري اليهودي الذي فرض على الفلسطينيين في مناطق 1948 ، فقد قيد حرية التنقل وساهم في حرمان المزارعين من زراعة أراضيهم وبالتالي مكن اليهود من السيطرة على الأملاك المنقولة والثابتة ، وحتى إن نصف المواطنين الفلسطينيين في الكيان الإسرائيلي الجديد عام 1950 صنفوا بمثابة غائبين وفق قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي جراء القيود الشاملة من والى القرى والمدن الأخرى أو الخروج إلى الخارج ( 10 ) .
وفي المقابل سعت الحكومات اليهودية المتعاقبة للعمل حثيثا على تهويد الجليل والمثلث والنقب والساحل ، وهي المناطق الفلسطينية التي بقيت مكتظة بالسكان بعد حرب 1948 . وتواصلت عملية الاستيلاء اليهودية على الأراضي العربية الفلسطينية بالزحف البطئ أحيانا والسريع أحيانا أخرى حتى عام 1967 ، إذ سارعت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال مساحات جديدة ( حوالي 70 ألف كيلومتر مربع ) من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، والأراضي العربية من الجولان وسيناء .
وفي 10 آب 1967 صرح موشيه ديان وزير الحرب الإسرائيلي لجريدة الجروسليم بوست مبررا احتلال الأراضي العربية الجديدة قائلا : " إذا كنا نملك التوراة ، واذا كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة فمن الواجب علينا أن نمتلك جميع الأراضي التوراتية " . وفي 15 حزيران 1969 صرحت غولدا مائير رئيسة الوزراء الصهيونية لصحيفة الصاندي تايمز اللندنية بأنها لا تعترف بوجود شعب في فلسطين حيث قالت : " لا يوجد شعب فلسطيني ... وكأننا نحن الذين جئنا لإخراجه والاستيلاء على بلده ، فهم (الفلسطينيون ) لا وجود لهم " . ناهيك عن ترديد القول غير الموضوعي وغير المنطقي " فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض " .
ثالثا : الترحيل والطرد الجماعي للمواطنين العرب بالقوة :

تم اقتلاع المواطنين العرب جذريا ، وتهجيرهم إلى مناطق أخرى والاستيلاء على أراضيهم عنوة بدعاوى مختلفة ، لفترات مؤقتة ما زالت سارية المفعول ، وبصورة دائمة . والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، إذ ترفض الحكومة الإسرائيلية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وقراهم المهجرة او المدمرة . وتسعى الصهيونية المتمثلة في الكيان الإسرائيلي الجديد في فلسطين إلى طرد أهل البلاد الأصليين وتفريغ البلاد من أهلها ليتسنى لليهود القادمين من شتى أنحاء العالم بمختلف قاراته ودوله الإقامة فيها . وقد أدى الصراع العربي - الصهيوني عبر العقود الزمنية السابقة ، والذي شنت فيها القوات الإسرائيلية عدة مرات الهجوم على أراض عربية لبنانية ومصرية وأردنية وسورية واحتلت مساحات شاسعة منها إلى شعورها بضرورة تشديد القبضة الحديدية على المواطنين العرب في البلاد واعتبارهم ( طابورا خامسا ) يعملون كجواسيس عرب لسوريا والعراق والأردن ومصر ، والحيلولة دون احتكاكهم بالعرب في الدول المجاورة مما أدى إلى مضاعفة التنكيل بالفلسطينيين في الأرض المحتلة بعد عام 1948 ، وسن قوانين عسكرية بدعاوى الحفاظ على أمن اليهود .
وقد شنت قوات المستوطنين اليهود حروبا وهجمات متعددة على الدول العربية المجاورة مثل الحرب عام 1948 وما نجم عنها من اقتلاع للسواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطيني ، وحرب عام 1956 على مصر بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا ( العدوان الثلاثي ) ، وحرب عام 1967 على الأردن ومصر وسوريا ، وحرب 1978 ، وحرب عام 1982 على الفلسطينيين في والقوى الوطنية اللبنانية حيث ألحقت هذه الحروب القتل والدمار بالعرب في خارج فلسطين وداخلها . وقد كلفت الحروب والمواجهات والأعمال الحربية او العسكرية العربية – اليهودية المتعددة ، اليهود خسائر بشرية جسيمة من عام 1948 وحتى عام 1992 : " كان ثمن البقاء الإسرائيلي جد باهظ : إنه أجساد وأرواح جُلها من الشباب ، وقد أشارت إحصائية رسمية صدرت عن وزارة الدفاع ( الجيش الإسرائيلي ) في أيار عام 1992 ، إن اسرائيل خسرت 500 ر17 إسرائيلي وما يزيد على 56 ألف جريح خلال حروب البلاد السبعة وبقية المواجهات العسكرية " ، ( 11 ) . وحسب الكاتب العربي محمد حسنين هيكل فان العرب خسروا أكثر من مائة ألف شهيد خلال حروبهم مع قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ قيامها وحتى مطلع عام 2001 .
وفي مقابل سياسة التهجير والترحيل للعرب ، فانه على العكس من ذلك ، طبقت سياسة الاجتذاب وسياسة الباب المفتوح لاستقطاب اليهود إلى البلاد والسيطرة على اكبر مساحة ممكنة من الأراضي العربية . وابتدع اليهود كلمتين او مصطلحين لتشجيع الهجرة إلى فلسطين معتبرينها " ارض الميعاد "
د) تدمير القرى العربية واستبدالها بالمستوطنات
رفضت سلطات المستوطنين اليهود عودة القرويين الفلسطينيين إلى قراهم بحجج أمنية ، وعملت على تدمير القرى والبلدات والمدن الفلسطينية بشكل متواصل ، وخاصة في سنوات الاحتلال الأولى .
هـ ) فرض الضرائب الباهظة على الأراضي العربية :
كانت السلطات اليهودية تفرض نسبة ضرائب تزيد عن 5ر2 % سنويا ، من ثمن الأرض على المواطنين العرب ، والحكومة الإسرائيلية ولجانها هي التي تحدد نوعية الأرض ، وذلك بهدف إجبار العرب على التخلي عن أراضيهم وخاصة إن قيمة الدونم الواحد كان يقدر عند رغبة الحكومة في جبي ( ضريبة الأرض ) من المواطن العرب بعشرات بل بمئات أضعاف ما تكون قيمته الأصلية ، وذلك عند ضم هذه الأراضي إلى " مناطق تطوير المدن " الإسرائيلية ، وترقية بعض القرى العربية إلى مدن وفق اعتبارات صحية وتخطيط هندسي يهودي .
وأما إذا أرادت الحكومة الإسرائيلية مصادرة مساحات من الأراضي فإنها كانت تعرض دفع تعويضات مالية رمزية لمالكي الأراضي من المواطنين العرب تقل بمئات المرات عن قيمتها الحقيقية وهو ما عرف بمبدأ " التعويض والمبادلة العنصري " تجاه العرب ( 12 ) .
و ) سياسة التحايل لشراء الأراضي
تتم عملية شراء مئات الدونمات من الأراضي العربية من خلال إغراءات مالية عالية لسعر الدونم الواحد ، والتلاعب باسم المشتري الحقيقي ، والإيحاء أن المشتري للأرض هو مستثمر أجنبي اميركي في حين انه يكون يهوديا ثريا يحمل الجنسية الاميركية
ز) دعاوى السلام والانسحاب من الأراضي العربية ( المصرية والسورية واللبنانية ) المحتلة
كثيرا ما تتذرع السلطات الإسرائيلية بأنها تريد صنع السلام مع الدول العربية المجاورة ، مثل مصر وسوريا ولبنان ، وتقوم بعملية مصادرة واسعة للأراضي العربية في الجليل والمثلث والنقب ، تارة بتوسيع المستوطنات القائمة او لإقامة المطارات والمنشآت العسكرية وما إليها ، تمثل ذلك بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الكيان الصهيوني ومصر في أمريكا عام 1979 ، للتعويض عن ارض سيناء المحتلة فأنشأت المطارات والمستعمرات اليهودية الجديدة .

سياسة تهويد الأرض الشاملة

وعلى صعيد آخر ، فان ملكية ارض فلسطين ، قسمتها الحكومة الإسرائيلية ، وفق تصور
الصندوق القومي اليهودي ، إلى عدة فئات كما يلي : " ملكية الأرض – تقسم ملكية الأرض في اسرائيل إلى أربع فئات : أملاك الدولة ، وأملاك سلطة التطوير ، وأملاك الصندوق القومي اليهودي ، والأملاك الخاصة . وتقسم الأملاك الخاصة ، بدورها إلى : أملاك يهودية ، وأملاك الأقليات ( غير اليهودية ) :
أملاك الدولة وسلطة التطوير 000ر205 ر15 دونم
أملاك الصندوق القومي اليهودي 000ر570 ر3 دونم
الأملاك الخاصة 000 ر480 ر1 دونم
المجموع 000ر255 ر20 دونم
ومعنى ذلك ، إن الأراضي الفلسطينية ( أراضي اسرائيل ) المركزة تحت سلطة إدارة أراضي اسرائيل تمثل 6ر92 % من مجموع مساحة الدولة " ، ( 13 ) .
وبهذا نرى ، إن التعامل اليهودي مع ارض فلسطين ، يتم على أساس اعتبارها ( ارض اسرائيل ) وهي سياسة تزوير للحقائق التاريخية ، وتمييز عنصري يأخذ عدة اتجاهات ومسارات من أبرزها :
أولا : اعتبار نسبة كبيرة من ارض فلسطين هي ارض يهودية ( إسرائيلية ) حكومية " أملاك الدولة وسلطة التطوير وأملاك الصندوق القومي اليهودي " تبلغ نسبتها 6ر92 % ، وهذا يدلل على مدى استفحال إتباع الطرق المتعددة للاستيلاء على ارض فلسطين العربية ، ونهبها وحرمان أهلها منها ، مع العلم إن مساحات كبيرة من هذه الأراضي هي ارض وقف إسلامي صرف ، إذ تبلغ نسبة الأراضي الوقفية الإسلامية 1 / 6 من مساحة فلسطين .
ثانيا : سيطرة الصندوق القومي اليهودي على مساحات شاسعة من ارض فلسطين ، بشتى الطرق ، حيث بلغت مساحة هذه الأراضي التي يسيطر عليها هذا الصندوق العنصري اليهودي لاستملاك الأراضي الفلسطينية ، نحو ثلاثة ملايين وخمسمائة وسبعين ألف دونم ، في حين إن مساحة الأملاك الخاصة للعرب وغير العرب ( اليهود ) بلغت مليون دونم وأربعمائة وثمانين ألف دونم ، وهذا يقود إلى سياسة عنصرية مبرمجة للاستيلاء على الأراضي العربية .
ثالثا : إن مساحة الأراضي ذات الملكية الخاصة للعرب وغير العرب ، هي ذات مساحة صغيرة ، تبلغ نسبتها 4ر7 % فقط ، ويمكن القول إن نسبة الأراضي التي يملكها العرب في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني بشكل حقيقي ما يقارب 5ر2 % من المساحة الإجمالية المذكورة ، وهي معطيات خطيرة تبين مدى درجة الاقتلاع السياسية والاقتصادية التي نفذتها الدولة اليهودية في ارض فلسطين ، وتشريد أهل البلاد الأصليين ، وإبقاءهم في معازل صغيرة المساحة ، والتضييق عليهم بشتى الطرق والأساليب المتاحة ، وذلك رغم أن عددهم بلغ في مطلع القرن الحادي والعشرين نحو مليون وربع مليون فلسطيني .
وتواصلت الدعوات اليهودية الرسمية وغير الرسمية المكملة لبعضها البعض في الاستيلاء على ارض الشعب الفلسطيني ، إذ استخدمت وسائل الإعلام اليهودية المختلفة ، المسموعة والمرئية والمطبوعة ، لبث الدعوات العنصرية للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية .
وتتواصل سياسة الاستيلاء اليهودية على الأراضي العربية الفلسطينية بشتى الطرق والأساليب " القانونية " والسياسية والاجتماعية ، تارة بدعوى التطوير وتارة بدعوى شق طرق عامة او إقامة مناطق عسكرية ضرورية للأمن الإسرائيلي وغيرها من الحجج التي تكررت عبر العقود الزمنية الستة السالفة . ومهما يكن من أمر ، فان السياسة العنصرية التي استخدمت قديما وحديثا للسيطرة على الأرضي الفلسطينية ، تمثلت في عدة طرق يهودية لترهيب المواطنين العرب وتفريغ الأرض العربية الفلسطينية منها : منع الطعام والمياه عن المواطنين وحجزهم ساعات طويلة في بيوتهم ، منع التجول ، وقطع المياه عن المنازل ، وإغلاق المدارس والطرق على أبواب البيوت ليلا بالبنادق وإطلاق العيارات النارية في الهواء لتخويف المواطنين العرب والتعجيل في ترحيلهم إلى مناطق خارج نفوذ القوات الصهيونية ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال .

الاستعمال الصهيوني لأرض فلسطين

تستخدم السلطات اليهودية الأراضي العربية الفلسطينية التي سيطرت او تسيطر عليها لتحقيق عدة أغراض استعمارية مدنية وعسكرية ، باختلاق عوامل ومبررات متباينة : سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية ، بالتضليل والخداع تارة ، والسياسة المباشرة تارة أخرى ، ومن هذه الاستعمالات :
1) إقامة المستوطنات او المستعمرات المدنية اليهودية عليها . وتشمل المستوطنات على اختلاف أشكالها وأنواعها الزراعية والصناعية والدينية او الإسكانية العامة ، وإقامة المواقع والمراكز او المستوطنات العسكرية اليهودية .
2) شق الشوارع العامة التي تخدم التجمعات السكانية اليهودية .
3) إقامة المباني الحكومية اليهودية – الصهيونية - الإسرائيلية الرسمية ( الوزارات والدوائر العامة ) .

أهداف الاستيطان اليهودي

هدفت سياسة الاستيطان الإسرائيلية المستندة إلى التمييز في مصادرة الأراضي العربية ، إلى تحقيق عدة غايات وأهداف يهودية مرحلية تصب في نهاية المطاف في مصب تجريد المواطنين العرب من اكبر مساحة ممكنة من الأراضي ، واهم هذه الغايات والأهداف ما يلي :
أولا : تهويد الأراضي العربية ، وترسيخ أقدام اليهود في البلاد .
ثانيا : أن تلعب المستوطنات المقامة دورا أمنيا واستراتيجيا ، وذلك بالسيطرة اليهودية على المرتفعات وقمم الجبال ، كما هو الحال في الجليل ( 14 ) .
ثالثا : إحداث سيطرة ديموغرافية بين العرب واليهود ، وذلك في أعقاب فشل سياسة التهجير الجماعية الجديدة للمواطنين العرب واجتثاثهم من فوق أرضهم كلية ، كما حدث عام 1948 ، عام النكبة الفلسطينية . وقد وضعت الخطط والبرامج المرحلية لتهويد الأراضي العربية ، مثلما هدفت وثيقة يسرائيل كنج عام 1976 إلى تحقيق سيطرة أكثرية يهودية في البلاد بدعوى " تطوير الجليل " .
وقد لاحظنا أن اليهود الغرباء عن الديار الفلسطينية ، وبصورة مستغربة متصاعدة ، ينظرون إلى المواطنين العرب في ارض فلسطين العربية ، أرضهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، وكأنهم سرطان في الدولة العبرية يسعون إلى اجتثاثه لكي لا يؤثر على نمو الدولة اليهودية في فلسطين . فالعجيب هنا أن اليهود الغرباء ينعتون أهل البلاد الأصليين بالغرباء ، وهي مفارقة عنصرية عن سبق الإصرار والترصد .
رابعا : عزل القرى والمدن العربية عن بعضها البعض بإقامة تجمعات استيطانية يهودية بينها ، للحيلولة دون تواصلها الجغرافي والعمراني .
خامسا : تقليل مساحات الأراضي السهلية الخصبة والجبلية على السواء في أيدي العرب ، وذلك لتحجيم الزراعة العربية ، والحد من امتداد الأبنية العربية على مساحات واسعة من الأراضي وتقييد التوسع المكاني للقرى العربية الفلسطينية .
سادسا : إلحاق الأراضي العربية بالمجالس الإقليمية اليهودية .
سابعا : السيطرة على موارد المياه العربية .
ثامنا : السعي الحثيث لاجتذاب يهود العالم ، وغرسهم في ارض فلسطين .

وكنتيجة لأعمال المصادرة اليهودية للأراضي العربية الفلسطينية المتعددة الأغراض والأهداف فان العرب لم يتبق لهم إلا جزءا بسيطا من ارض وطنهم فلسطين . وبهذا فان السياسة العنصرية اليهودية تجاه العرب الفلسطينيين نفذت بشكل متقن لطرد العرب من أرضهم واستيلاء اليهود عليها ، ويبقى الخطر الصهيوني محدقا بالشعب الفلسطيني في وطنه ، فهو يتعرض لشتى صنوف العذاب والقمع الصهيوني لتجريده من أرضه . والعقلية الصهيونية ما زالت تخطط لجلب اليهود من مختلف قارات العالم ، وإسكانهم في فلسطين ، ولسان حال القادة الصهاينة يؤكد ذلك بصورة مستمرة لاستيطانها لتكون لليهود المشتتين في العالم . وفي عام 2000 ، ظهرت على السطح سياسة صهيونية - إسرائيلية جديدة ، هدفت إلى نزع ملكية آلاف الدونمات من الأراضي العربية من أصحابها الأصليين الشرعيين ، من خلال المبادرة إلى شق شارع طويل يخترق البلاد طوليا من الشمال إلى الجنوب فيما يعرف بشارع " عابر اسرائيل " او عابر " السامرة " ، توخت الحكومة الإسرائيلية من ورائه سلب المزيد من الأراضي العربية الفلسطينية ، واقترحت على المواطنين العرب المالكين لهذه الأراضي التعويض المالي الرمزي ، إلا إن هؤلاء المواطنين أفرادا وجماعات بوساطة السلطات المحلية العربية رفضوا هذه الفكرة التعويضية الرمزية على الأرض ، ورفضت فكرة شق هذا الشارع الطويل الواسع لأنه يدمر الأراضي العربية ، ويخترق المدن والقرى العربية في حين يلتف حول التجمعات الإسكانية اليهودية . ثم تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن فكرة التعويض الرمزي ، واستجابت جزئيا لمطالب المالكين العرب بالتعويض على أساس " الأرض مقابل الأرض " ، ولكن بنسبة 70 % من مساحة الأرض ، شرط أن تقتصر عملية التعويض او الأرض البديلة على من يمتلك ثلاثة دونمات فأكثر وأما من يمتلك اقل من ثلاث دونمات فسيعوض ماليا وبدفعات مالية بخسة وعلى أقساط شهرية ( 15 ) .

الاستملاك والتأجير الأبدي لليهود فقط

على أي حال ، إن الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها الدولة اليهودية للاعتبارات : السياسية والعسكرية والمدنية والاقتصادية ، بالمصادرة او بالشراء ( وهي نسبة قليلة جدا ) على السواء ، اعتبرت حكرا على اليهود فقط ، فقد سنت القوانين اليهودية التي تمنع العرب من استعادة أملاكهم بالشراء ، او المبادلة العينية وغيرها ، واعتبرت بمثابة ملكية قومية يهودية لا يمكن التنازل عنها للمواطن العربي مهما كانت ديانته ، وهو مظهر عنصري حتى النخاع ، يمارس يوميا ، يرهق المواطنين العرب أبناء الأقلية القومية الدينية في البلاد ، وهذا ما درج على إتباعه الصندوق القومي اليهودي ، والحكومة الإسرائيلية التي ورثت هذا القانون العنصري والذي ما زال ساري المفعول لغاية الآن . وفي مجال استئجار الأراضي المستولى عليها يهوديا ، فرضت مبادئ التأجير العنصرية على انه يجب أن يكون المستأجر يهوديا ، سواء أكان فردا او رابطة اجتماعية او شركة . وفي المادة الثالثة من قانون الصندوق القومي اليهودي ، طلب من المستأجر أن يعمل على تنفيذ جميع الأعمال المتعلقة بالأرض المؤجره له : " بالاعتماد ، والاعتماد فقط على العمال اليهود " ، ( 16 ) .
وقد حددت مدة معينة لتأجير الأرض لليهود سقفها 49 سنة ، قابلة للتجديد مرة واحدة نظريا ، وقابلة للتجديد أكثر من ذلك عمليا ، كما أجازت القوانين اليهودية للسكان اليهود توريث الأرض او الوصاية عليها لليهود الآخرين فقط ، مع اشترط أن الأرض هي غير قابلة للتقسيم ومقيدة بالغاية المعينة في عقد الآجار والاستئجار لأغراض : الزراعة او الصناعة والتجارة او الإسكان . وهناك بعض الأراضي التي استثنيت من تحديد مدة تأجيرها بتسعة وأربعين عاما ، مثال ذلك عقد الإيجار المتعلق بجبل ( سكوبس ) في القدس الذي حددت مدته ب 99 عاما ، المقام عليه مباني الجامعة العبرية ، ( 17 ) .
وما زالت " دائرة أراضي اسرائيل " حتى أيامنا هذه تستخدم نماذج عقود وشروط الإيجار التي وضعتها إدارات الصندوق القومي اليهودي منذ فترة طويلة ، في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والإسكانية ، وذلك اثر توقيع اتفاقية صهيونية : بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الصندوق القومي اليهودي عام 1960 . وقد أدت سياسة التمييز العنصرية الصهيونية – اليهودية - الإسرائيلية ضد العرب الفلسطينيين إلى تزايد العداء بين العرب واليهود بشكل مستفحل .

المقاومة الفلسطينية لسياسة مصادرة الأرض

تعددت الطرق والأساليب العربية الفلسطينية التي تصدت إلى سياسة مصادرة الأرض العربية في الجليل والمثلث والساحل والنقب وفلسطين الكبرى بصورة عامة ، من قبل الحكم العسكري الإسرائيلي ، والحكومة الإسرائيلية على مدار العقود الأخيرة ، فشملت الاجراءات " القانونية " باللجوء إلى المحاكم اليهودية الصهيونية وخاصة المحكمة العليا ، إلى جانب الانتفاضات والهبات الجماهيرية الجماعية والتصدي العسكري الفردي او الجماعي عبر الخلايا العسكرية المناهضة للسياسة العنصرية اليهودية . وتفرعت هذه الطرق إلى تنظيم الانتفاضات والمظاهرات الجماعية وترديد الشعارات الوطنية المنددة بالسياسة الإسرائيلية ضد المواطنين العرب ، أهل البلاد الأصليين ، وضد الأرض الفلسطينية ، فوضع الشبان الفلسطينيون المتاريس على الشوارع والطرقات وأشعلوا النار في إطارات السيارات ، وأقيمت الصلوات الجماعية في المناطق المهددة بالمصادرة ، وأضرمت النار في بعض الأحراش القريبة ، ورجموا الدوريات العسكرية الإسرائيلية بالحجارة والقنابل الحارقة ، ورفعوا الأعلام الفلسطينية فوق الأرض المهددة بالمصادرة ، وزرعوا مساحات واسعة من الأرض المصادرة او المهددة بذلك بالاشتال المثمرة كاشتال الزيتون والسرو وغيرها ، كما لجأ المواطنون العرب إلى تنظيم أيام الاضرابات العامة والشاملة لكافة مرافق الحياة الاجتماعية والتعليمية والخدمات المقدمة من السلطات المحلية العربية ، واقتحمت المعسكرات اليهودية الصهيونية الإسرائيلية وأزيلت الأسلاك الشائكة والجدران من حول الأراضي العربية ، ونصبت خيم الاعتصام قبالة مقر الحكومة والكنيست ، وعقدت ندوات ومهرجانات شعبية من أقصى الجليل شمالا إلى أقصى النقب جنوبا .
وكان الرد الإسرائيلي من الدوريات العسكرية والشرطة الإسرائيلية يسير تبعا لمبدأ : " سياسة القبضة الحديدية " ، ودمر واقتل العرب بإطلاق العيارات النارية الحية والمطاطية على المواطنين العرب الفلسطينيين وقتل العديد من المواطنين وجرح العشرات عبر مسيرة الدفاع عن الأرض الفلسطينية ، واستخدمت قنابل الغاز المسيلة للدموع .
والأمثلة كثيرة في هذه المجال ، ابتداء من يوم الاحتلال الأول ، ومرورا بيوم الأرض الأول في 30 آذار عام 1976 ، ومرورا بيوم الأرض الرابع والعشرين ( 30 آذار 2000 ) وما تلاها من تحرشات واستفزازات إسرائيلية ضد المواطنين العرب في البلاد وانتهاء بذكرى يوم الأرض الخامس والعشرين . وانشد احد الشعراء الفلسطينيين يؤكد على حق العربي في أرضه ، في حيفا ويافا ، وعكا وغيرها من المدن العربية الفلسطينية صادحا :
لي فيك يا حيفا ويا يافا بيوت وذكريات من زمان لا يموت
لي فيك يا عكا ويا أم القرى أهل أبوا أن يركعوا للعنكبوت
وفي ذكرى يوم الأرض ، ومهرجان الدعوة لتحرير المقدسات الإسلامية ، ومقاومة سياسة التهويد التي تنتهجها الحكومة اليهودية الصهيونية في الجليل والمثلث والنقب والساحل ، الذي نظم في عكا ، في الأول من نيسان عام 2000 ، انشد الشيخ كمال الخطيب ، نائب رئيس الحركة الإسلامية / الجناح الشمالي قائلا :
فاخلع أخي ثياب اليأس مرتديا ثوب العطاء نشيطا غير كسلان
معاذ ربي أن تنحل عروتنا او نتوه وفينا نور قرآن
إن حييت ليوم لا مرد للفوز للحق لاسترداد أوطاني
لنستعيد بلادا مثلما غصبت بالحق لا بدموع تحنان
لترجع القبلة الأولى مطهرة من كل قرد ومن وغد وخوان
لنلتقي في ثغور الأمس ضاحكة حيفا وعكا ويافا وبيسان
لكي تعود تدوي في مآذنها الله اكبر من آن إلى آن
وقد ألف الشاعر إبراهيم قراعين ، المحرر المسئول لمجلة العودة المقدسية قصيدة عن مصادرة الأراضي العربية الفلسطينية وصف فيها المستعمرات اليهودية المقامة على الأرض العربية بالسرطان حيث وصف واقع الاستيطان الاستعماري الصهيوني العدواني ، وحال الشعب الفلسطيني في المقاومة والصمود في قصيدة له بعنوان " السرطان " ( 18 ) :
بؤر للاستيطان غُرزت بكل مكان
مثل القروح تناثرت في الوجه والأجفان
وقذى بأعين أرضنا فالأرض في غثيان
وبها أناسُ لا ترى شيئاً بهم إنساني
مستوطنون حياتُهم قامت على العدوان
وعلى الأذى .. طباعهم نُسخت عن الشيطان
********
يا شعبنا يا حامي الحمى يا فارس الميدان ِ
يا من بأرضك صامدٌ وتثورُ كالبركان ِ
وبصدرك العاري تواجهُ آلة الطغيان ِ
فتزيل شرا بيننا زرعوه كالسرطان ِ
ما أنت مجهول الإقامة ضائع العنوان ِ
بل في فلسطين الأبية دُرة ِ الأوطان ِ
لك دولة تُبنى فأبشر يومُ نصرك دان ِ

يوم الأرض الأول
30 آذار – مارس 1976

يوم الأرض هو مفصل تاريخي من مفاصل المقاومة الجماهيرية العربية للسياسة العنصرية اليهودية الهادفة إلى الاستيلاء على اكبر مساحة ممكنة من الأراضي العربية ، قررته " اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية " للدفاع عن الأرض العربية وحمايتها من المصادرة اليهودية . فقد اعتبر يوم 30 آذار – مارس من كل عام بمثابة " يوم الأرض " الفلسطينية ، منذ عام 1976 ، اثر سقوط ستة شهداء عرب فلسطينيين في المناطق العربية ، مثلث يوم الأرض ( سخنين – دير حنا – عرابة ) وجرح 49 فلسطينيا واعتقال نحو ثلاثمائة شخص دفاعا عن الأرض . والشهداء الفلسطينيين الستة الذي سقطوا في يوم الأرض الأول ، هم : خير ياسين ( في عرابة البطوف ) ، خديجة شواهنة ، خضر خلايله ، ورجا اغبارية ( في سخنين ) ، ومحسن طه ( من كفر كنا ) ، ورأفت زهيري ( من مخيم نور شمس قرب طولكرم ) سقط في الطيبة ، بالإضافة إلى جرح عشرات المواطنين العرب .
وقد أصدرت " اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي العربية " كتابا اسودا بينت فيه جرائم الاحتلال الإسرائيلي الهادف إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي العربية . جاء في هذا الكتاب :
" لقد كان يوم الأرض ، 30 آذار 1976 ، يوم شرف وبطولة وتضحية بالنسبة للجماهير العربية الفلسطينية في ( اسرائيل ) ، بقدر ما كان يوم عار وجبن وعدوان بالنسبة لحكام اسرائيل . يوم الأرض ، هو يوم قاس طويل .. هو يوم من تسعة وعشرين عاما خاضت خلالها الجماهير العربية في بلادنا معارك شرسة وتعرضت لاعتداءات دامية ، وقدمت تضحيات غالية ، من اجل مجرد البقاء الكريم على ارض الآباء والأجداد " ، ( 19 ) .
وفي 30 آذار عام 2000 ، في الذكرى أل 24 لتخليد وإحياء يوم الأرض ، وفي السنوات التي تلتها حتى 2008 نفذت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ، ولجنة المتابعة العربية العليا للمواطنين العرب في الجليل والمثلث والساحل والنقب سلسلة فعاليات ، فانطلقت المظاهرات ونظمت المهرجانات العربية وسارت المسيرات المنددة بسياسة التمييز الإسرائيلية ضد الأراضي العربية وضد المواطنين العرب ، حيث نظمت المظاهرات الفرعية في معظم أنحاء البلاد ذات الأغلبية السكانية العربية .
ففي عام 2000 في مدينة سخنين ، تخلل المظاهرة الجماهيرية عمليات " كر وفر " بين المتظاهرين المنتفضين البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف فلسطيني وبين مئات من أفراد الجيش الإسرائيلي وقوات الشرطة الإسرائيلية ، المدججين بالسلاح ، استشهدت فيها المواطنة شيخة أبو صالح من سخنين اثر إصابتها باختناق جراء استنشاق الغاز من القنابل المسيلة للدموع التي ألقتها القوات الإسرائيلية ، وجرح فيها نحو 70 فلسطينيا . وقد لف جثمان الشهيدة شيخة أبو صالح بالعلم الفلسطيني أثناء تشييع جثمانها في مدينة سخنين .
وقال بعض الشبان المشاركين في انتفاضة يوم الأرض في 30 آذار 2000 : " لقد سئمنا الكلام والخطابات والبيانات ، لا نريد أن نسمع احد ، نريد المواجهة ، ولا يهمنا الموت او الجرح او الاعتقال " . وأكد المتحدثون في مهرجانات يوم الأرض العزيز عن تمسك الجماهير العربية بأرض الآباء والأجداد على مر التاريخ وأنهم سيواصلون الاحتفاظ بأراضيهم رغم كل العقبات والعراقيل والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تفريغ الأرض العربية من أصحابها .
واثر تنادي العرب المتواصل للحفاظ على الأرض العربية الفلسطينية وحمايتها بكل الطرق المتاحة ، فقد برزت أصوات يهودية رسمية وشعبية تدعو إلى إلغاء إحياء ذكرى " يوم الأرض " السنوية ، من بينها دعوات أصدرها مسئولون كبار في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية ، وهي دعوات رفضتها اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 وهي الجليل والمثلث والساحل والنقب الفلسطيني ، مؤكدة أن إحياء ذكرى يوم الأرض الفلسطينية هي تقليد سنوي ومناسبة وطنية تاريخية مشروعة .
وأصدرت لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في البلاد بيانا حول المطالبة الرسمية اليهودية بإلغاء يوم الأرض ، جاء فيه :
" إن يوم الأرض جاء نتيجة طبيعية للسياسة العنصرية المعادية للعرب التي انتهجتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ولم تتغير حتى اللحظة .. إن يوم الأرض هو الرمز والتعبير عن تمسكنا بكل شبر ارض سلب من أرضنا ظلما وعدوانا ، وهو التعبير عن حاجتنا الإنسانية والحضارية لأرضنا التي أصبح يطلق عليها أراضي دولة ، ونحن أصحابها الشرعيون موجودون ونحرم منها وكأننا غير مواطنين في هذه الدولة ، رغم إننا أصحاب الأراضي المقامة عليها .. إن يوم الأرض جاء ليثبت أقدام الإنسان العربي الذي يسكن فوق الأرض ويثبت حقوق المواطنة الأساسية التي يستحقها … إن تصاعد الهجمة على ما تبقى من الأراضي العربية ومصادرتها تحت حجج ومسميات مختلفة أبرزها مشروع شارع عابر اسرائيل ومحاولة تحويل أراضي الروحة إلى منطقة تدريب للجيش الإسرائيلي ، وانتهاك المقدسات والأوقاف الإسلامية ومنع المسلمين من أداء الصلاة والشعائر الدينية في مساجدهم ، إلى جانب مجمل السياسة الحكومية الإسرائيلية في ما يتعلق بقضايا الجماهير العربية والذي يسبق الانفجار .. إن الاعتداء الذي تعرض له المشاركون في مسيرة سخنين لمناسبة يوم الأرض على أيدي قوات الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود ، وتكرار الاعتداءات على المواطنين العرب وممثليهم المنتخبين ، وخنق القرى والمدن العربية بالمعسكرات والمستوطنات ، تشكل بمجملها نقاطا ساخنة تنذر بانفجار وشيك ، تتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن نتائجه " ، ( 20 ) .
وفي الأول من نيسان عام 2000 ، نظمت الحركة الإسلامية مظاهرة إسلامية بمشاركة الآلاف من المواطنين العرب ، انطلقت من مسجد الجزار في مدينة عكا العربية إلى مسجد الميناء ، تحت شعارات : " يوم الأوقاف والمقدسات – أرضنا مباركة وأوقافنا مقدسة ، نعم لتحرير الأوقاف والمقدسات ، نعم لعودة المهجرين إلى ديارهم ، نعم لعودة أهالي أقرت وكفر برعم ، لا لمصادرة أراضي أهلنا في النقب ، نعم للاعتراف بالقرى غير المعترف بها " .
على أي حال ، إن تزايد حملات السيطرة الإسرائيلية على الأراضي العربية الفلسطينية ، في الجليل والمثلث والساحل والنقب ، لم يبق للمواطنين العرب سوى نسبة بسيطة من مساحة البلاد تصل إلى نسبة 2 % فقط في حين إن نسبة عدد المواطنين العرب في الدولة يشكل أكثر من 20 % ، وهذا يدلل على مدى تصاعد حدة التمييز العنصري اليهودي ضد العرب واستمرار الحملات الرسمية والأهلية للاستيلاء على مساحات جديدة من الأراضي العربية وحرمان المواطنين العرب من أرضهم بشتى الطرق والأساليب الترغيبية والترهيبية على مدى عشرات السنوات الماضية .
والظلم الجماعي الواقع على المواطنين العرب جراء سياسة التمييز الإسرائيلية المتعلق بمصادرة الأراضي ، اضطر المواطنين العرب لإعلان الانتفاضات المتكررة للدفاع عن الأرض العربية المتبقية لديهم ، والحد من عملية مصادرتها للأغراض اليهودية ، بمناسبة ذكرى يوم الأرض السنوية في الثلاثين من آذار ، وغيرها من المناسبات والأيام على مدار العام .
ومهما يكن من أمر ، إن سياسة الاستيلاء اليهودية المتعددة والمتباينة الغايات والأهداف تصب كلها في مصب الاستيطان اليهودي ، وتحرم المواطنين العرب من أرضهم بل وتصر هذه السياسة الإسرائيلية على اقتلاع ما تبقى من عرب فلسطينيين في هذه البلاد ، وهم أهل البلاد الأصليين ، وتعمل السياسية الصهيونية على استقدام يهود من مختلف أنحاء العالم حتى جاوز عدد الجنسيات التي حملها اليهود في دولة المستوطنين اليهود 102 جنسية أجنبية وهي الجنسيات الغربية والشرقية الغريبة عن هذه البلاد ، جاؤا لأول مرة إلى هذه البلاد واستوطنوها بالقوة رغما عن أصحابها الفلسطينيين على مدار هجرات جماعية يهودية متتالية بدعم يهودي جماعي عالمي وحكومي إسرائيلي استعماري . وفي الحين الذي يستولى فيه اليهود على الأراضي العربية من أهلها عبر كافة الطرق والأساليب الترهيبية أحيانا والترغيبية والخداع أحيانا أخرى ، فان ذلك يبين إن سياسة التمييز ستؤول إلى الزوال عاجلا او آجلا ، لأنها تحمل في ثناياها التباين الحضاري والثقافي والقيمي والانسلاخ عن مجتمعات كثيرة مختلفة في كل شيء .

------------------------
هوامش ذكرى يوم الأرض الفلسطيني
1976 – 2008

(1) من تكاثر الفلسطينيين وتوصي ب " الترانسفير " ، القدس ، العدد 11347 ، 27 / 3 / 2001 ، ص 4 . - 1
(2) روجيه جارودي ، محاكمة الصهيونية الإسرائيلية ، ترجمة : حسين قبيسي ( بيروت : الفهرست ، 1998 ) ، ص 24 . 2
(3) انظر : تقسيم غرانوت ، رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي عام 1947 ، في كتاب : وولتر لين ، اوري ديفز ، الصندوق القومي اليهودي ، ترجمة : محمود زايد ورضوان مولوي ( بيروت : جامعة الكويت ومؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 1990 ) ، ص 134 . 3
(4) وولتر لين ، اوري ديفز ، الصندوق القومي اليهودي ، ترجمة : محمود زايد ورضوان مولوي ( بيروت : جامعة الكويت ومؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 1990 ) ، ص 134 . 4
(5) إيليا زريق ، المرجع السابق ، ص 326 . 5
(6) وفيق غريزي ، معاناة الموحدين الدروز في الأراضي المحتلة ( بيروت : دار الكاتب ، 1984 )، ص 37 – 38 . 6
(7) غازي فلاح ، الجليل ومخططات التهويد ، ص 100 ، نقلا عن بكر أبو كشك ، " الأراضي العربية والسياسة الإسرائيلية " ، المواكب – الناصرة ، المجلد الأول ، العددان 1 و2 ، 1984 ، ص 30 – 41 . 7
(8) ضاري السامرائي ، مرجع سابق ، ص 462 . 8
(9) روجيه جارودي ، محاكمة الصهيونية الإسرائيلية ، ترجمة : حسين قبيسي ( بيروت : الفهرست ، 1998 ) ، ص 158 – 159 . 9
(10) ايان لوستيك ، مرجع سابق ، ص 53 . 10
(11) يوسي ميلمان ، الإسرائيليون الجدد – مشهد تفصيلي ، ترجمة : مالك فاضل البديري ( عمان : الأهلية للنشر والتوزيع ، 1993 ) ، ص 161 . 11
(12) كميل منصور ، وآخرون ، تحرير ، الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1975 ( بيروت : مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 1978 ) ، ص 80 – 84 . 12
(13) وولتر لين ، اوري ديفز ، الصندوق القومي اليهودي ، ص 120 . نقلا عن مقدمة تقرير إدارة أراضي اسرائيل لعام 1961 – 1962 . 13
(14) غازي فلاح ، الجليل ومخططات التهويد ( بيروت : مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 1993 ) ص 29 . 14
(15) غازي بني عوده ، " عضو الكنيست – جبارة خلال ندوة في نابلس – المرأة الفلسطينية في الداخل تواجه تمييزا واضحا في سوق العمل ولا تمثيل في المؤسسات الرسمية الإسرائيلية " ، الأيام ، العدد 1537 ، 2 / 4 / 2000 ، ص 5 . 15
(16) وولتر لين ، اوري ديفز ، الصندوق القومي اليهودي ، ص 70 . 16
(17) المرجع السابق ، ص 71 . 17
(18) إبراهيم قراعين ، " سرطان " مجلة العودة ، القدس ، العدد 238 ، 1 / 6 / 1999 ، ص 1 . 18
(19) سميح القاسم ، " يوم الأرض " ، كل العرب ، العدد 642 ، 31 / 3 / 2000 ، ص 2 ، نقلا عن الكتاب الأسود الصادر عن اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي العربية في اسرائيل ، أيلول 1976 . 19
(20) محمد بلاص ، " اللجنة القطرية تعتزم نصب خيمة اعتصام على أراضي كفر برا – لجنة المتابعة في الداخل ترفض دعوة إسرائيلية لإلغاء يوم الأرض " ، الأيام ، العدد 1541 ، 6 / 4 / 2000 ، ص 10 . 20







السبت، 29 مارس 2008

رسالة مفتوحة للأخوة القادة العرب في مؤتمر القمة العربي العشرين بدمشق 2008

رسالة مفتوحة
إلى الأخوة القادة العرب
في مؤتمر القمة العربي العشرين بدمشق 2008
بقلم : د . كمال علاونه
أستاذ العوم السياسية - فلسطين
رسالة مفتوحة إلى الأخوة القادة العرب في مؤتمر القمة العربي العشرين بدمشق 2008
د. كمال علاونه أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم الأخوة قادة الأمة العربية في مؤتمر القمة العربي العشرين في دمشق المحترمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ، الموضوع : متطلبات الأمة العربية المجيدة يقول الله جل جلاله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) . فإننا نكتب لكم بحروف من نور مصقولة من ذهب الحبر العربي الإسلامي الأصيل ، ونتوخى منكم وأنتم تعقدون مؤتمركم العتيد في دمشق الشام ، في 29 آذار 2008 / 1429 هـ ، السداد في مناقشة قضايا أمتنا العربية عامة وقضايا البلدان العربية المحتلة خاصة مثل فلسطين والعراق والصومال ، والدول العربية المحاصرة والمهددة بالحصار مثل سوريا والسودان وغيرها ، والتعاون والتكافل والتكامل الاقتصادي والتنمية الشاملة وفتح الحدود بين أبناء الأمة العربية . آملين اتخاذ القرارات المناسبة في المواضيع الآتية : أولا : الشورى الإسلامية : نتمنى أن تسود العلاقات الأخوية الشورية بين أبناء الأمة العربية جمعاء عموما وزعماء العرب خصوصا . لقد مللنا من ما يسمى بالديموقراطية الغربية على المقاسات الأجنبية ، ونريد أن نلجأ لإسلامنا الحنيف ليكون لنا شخصية عربية إسلامية حقيقية بعيدة عن تقليد الغرب الأمريكي والأوروبي فتعاليم الإسلام العظيم أسمىوأجل من الدعاوى الأجنبية الغربية التي لا تصلح لأبناء أمتنا العربية الماجدة ذات الأمجاد التليدة . ثانيا : الحريات العامة : نتمنى أن يكون هناك متسع من حرية التعبير عن الرأي دون ملاحقات أمنية بوليسية للمواطنين العرب . لقد اصبح الإنسان العربي غير آمن في وطنه بسبب الملاحقات التعسفية بحقه ، فهوخائف من قول رأيه بصراحة ، ويعاني من بطالة متصاعدة ، فأين أموال النفط العربي ، لماذا لا تستخدم في التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وسواها . وغني عن القول ، إن التعددية السياسية مطلب جماهيري فلا نتبع المقولة الأوروبية الدكتاتورية ( أنا الدولة والدولة أنا ) . وبهذا فإننا نتوق إلى وجود تعددية حزبية للمصلحة العربية العليا وفق مبادئ الإيمان الحقيقي بالرأي والراي الآخر . مستفيدين من تجربة العراق السابقة ، ونريد أن يعود المنفيون من المهاجر والشتات ليعيشوا في وطنهم العربي الكبير بعزة واحترام وكرامة شخصية ووطنية وقومية وإسلامية ، فلا داعي لتهجير الكفاءات والعقول العربية للغرب فالأمة العربية أولى بأبنائها المتميزين ولا تلقوا بهم وبأمتنا إلى التهلكة .ثالثا : التعاون العربي القائم على الوحدة الفاعلة لا على الوفاق والاتفاق فقط ، نود التعاون والتكافل والتكامل الاقتصادي ، فنريد إزالة الحدود الوهمية المصطنعة بين أبناء الأمة العربية فيمر المواطن العربي بهوية شخصية أو جواز سفر دون تأشيرات ، ودون جمارك وضرائب وما إليها ، ونريد عملة عربية واحدة موحدة ولا نبقى نعتمد على الدولار الأمريكي الذي يغزو مصارفنا واقتصادنا وجيوبنا ويسعر به نفطنا . وكما يقول الله جل جلاله : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}( القرآن الحكيم ، المائدة ) . رابعا : الإمارة العربية الواحدة : ضرورة تأمير أمير عربي على العرب . فنرجو من حضرتكم مبايعة أمير عربي على الأمة العربية وحكومة عربية واحدة لنحو 350 مليون عربي ، تمهيدا لإقامة الخلافة الإسلامية وعاصمتها المسجد الأقصى المبارك بالقدس الشريف في فلسطين المباركة . فكثرة المناصب والزعامات والأسماء والمسميات اثقلتنا بحق وحقيق . فلا نريد دولا عربية عددها 22 دولة ، بل نريد دولة عربية واحدة ( الإتحاد العربي ) أو الولايات العربية المتحدة أو المملكة العربية فلا داعي لهذه النياشين والتقسيمات بل نبغي ولايات عربية فاعلة كالبنيان المرصوص تشد بعضها بعضا في السراء والضراء . ولا نقول سرا إن تجرأنا وقلنا إن جامعة الدول العربية أضحت هرمة ولا تناسب العصر الراهن طالما بقيت في وضعها الحالي ، فالمفروض العمل على تطويرها لتتحول من اتحاد بين دول لتكون إتحاد بين شعوب عربية تكون جامعة للعرب بشكل مرضي لديها الصلاحيات والإمكانات المناسبة . رابعا : الاهتمام بالإسلام العظيم وجعله الركيزة الأولى للتوحيد العربي الإسلامي لما فيه من مزايا تجميعية وفق سياسة ( جمع تنتصر ) لتتغلب على السياسة الاستعمارية التقليدية ( فرق تسد ) . ولا داعي لملاحقة بعضنا بعضا ، وكفوا عن ملاحقة الإسلاميين بصورة قطعية ، فلا وجود لنا كأمة بين الأمم إلا بالاسلام ومن يقول غير ذلك فهو واهم . خامسا : التنمية الشاملة : يفترض أن تكون هناك خطة شاملة لجميع نواحي الحياة لتساهم في التطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي . ويفترض أن يتم تخصيص موازنة مالية متخصصة كافية ومناسبة للتنمية الشاملة ، والمبادرة للتنمية المحلية والإقليمية في كل بلد عربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي . سادسا : العلاقة مع الغرب : يفترض أن يكون لنا كلمة واحدة في التعامل مع القضايا القومية العامة ، فها نحن نتعرض يوميا ويتعرض إسلامنا العظيم ورمزه الكريم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم للتشويه والإساءة ، فماذا أنتم فاعلون للإسلام ؟ لا تسكتوا على التعرض لديننا الحنيف ، ويجب أن يكون هناك مبدأ المعاملة بالمثل ( الند للند ) ووقف الحملات الغربية المشوهة للإسلام ، فجميع العرب والمسلمين أصبحوا في دائرة الاستهداف الغربي الاستعماري فحتى الدانمارك وهولندا تجرئ على مهاجمة سيد الأولين والآخرين المصطفى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا بسبب الضعف والإخفاق والتشتت العربي ، فلملموا الصفوف ، واعتصموا بحبل الله المتين ، فنحن ندافع عن حقوقنا الشرعية ولسنا إرهابيين كما يصفنا الغرب . سابعا : فلسطين : مساندة قضية فلسطين على المستوى الرسمي ولا يكفي على المستوى الشعبي فالشعب الفلسطيني تستفرد فيه الآن قوات الاحتلال الصهيوني التي تعيث فسادا وإفسادا في البلاد ضد العباد . ففي فلسطين الكبرى من نهرها لبحرها يعيش الفلسطينيون في ضيق شديد وظلم أكيد واستغلال قومي واقتصادي واجتماعي رهيب وتهجير وتشريد مديد بسبب السجن الكبير المفروض عليهم في وطنهم ، ولهذا لا بد من تحرك عربي فعال لتخفيف الضغط على فلسطين وأهلها الأصليين ، لا نطالبكم بالتحرير في هذه المرحلة فكما تقولون لا يوجد توازن استراتيجي بين العرب المشتتين والأعداء الاستعماريين الصهاينة والأمريكيين . ولكننا نستطيع أن نتبع سياسة توازن الرعب فهي السياسة المجدية والعملية في هذا الأوان . ولا تنسوا أن تدعموا المبادرة اليمنية للمصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس توأم فلسطين . ثامنا : العراق : نصرة العراق الشقيق ، وإزالة كابوس الاحتلال الأمريكي عن الشعب العراقي الشقيق كجزء من الأمة العربية المجيدة . فقد عانى ويعاني 27 مليون مواطن من شعب العراق المسلم ويلات الحرب الظالمة المستعرة ضده دون وجه حق ، فقتل نحو مليون عراقي بسبب الأطماع الاستعمارية في الموارد الاقتصادية العربية وخاصة النفط ومنع قيام حضارة عربية زاهرة في المنطقة . تاسعا : ضرورة إخراج القواعد العسكرية الغربية الاستعمارية من بلاد العرب ، بجناحي الوطن العربي الاسيوي والأفريقي وعدم طلب المزيد أو قبول المزيد منها . ولا داعي للاستجداء بالغرب والإرتماء بأحضان المستعمرين قتلة ابناء العرب والمسلمين . ولا بد من القول ، إنه لا أمن ولا استقرار ولا طمأنينة في العالم بدون الأمة العربية . عاشرا : نذكركم بأن الأمة العربية الموحدة تمتلك مقومات الدولة العظمى العصرية إذا أحسنا استثمار الامتداد الجغرافي 7 ر 13 مليون كم2 ، مساحة الوطن العربي الكبير ، والموقع الاستراتيجي المتوسط بين قارات العالم ، والطاقة البشرية الهائلة البالغ عددها نحو 350 مليون عربي ، والأيديويولجية الإسلامية الجهادية المجمعة لأبناء الشعوب العربية ، والموارد الاقتصادية الطبيعية من الماء والنفط والمواد الخام والزراعة والصناعة والسياحة وغيرها . وامتلاك القوة العسكرية والتكنولوجيا العامة من أبناء الأمة ، ولا ينقضنا سوى القيادة العربية الواحدة بأمير واحد أو رئيس واحد لنصل إلى مصاف الأمة العظمى التي فضلها الله العزيز الحكيم في قوله الكريم : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) . وكما يقول الله عز وجل : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }( القرآن الحكيم ، البقرة ) . حادي عشر : ضرورة الإعداد العربي السوي للقوة الشاملة كما أمرنا لله سبحانه وتعالى للدفاع عن الأمة العربية من محيطها لخليجها ، ومن جنوبها لشمالها ، وتذكروان أن فتح فلسطين وتحريرها لم يكن يوما إلا بالإسلام العظيم ، ايام الفاروق عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي وسيف الدين قطز . وما يسمى بخطط السلام المطروحة مع الأعداء لا وجود لها أصلا إلا في الأساطير والأوهام ، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع وهاهم الأعداء لم ينصاعوا لخطة إلا السلام العربية المطروحة في قمة بيروت 2002 . يقول الله الحي القيوم : { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)ؤ( القرآن الحكيم ، الأنفال ) . ثاني عشر : ضرورة الاهتمام بالإعلام العربي الإسلامي الهادف الملتزم بقضايا الأمة ، فالإعلام له الدور الأبرز في هذا الأوان في التأثير والتثقيف العام والتنشئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية الجامعة الشاملة لكل شؤون وشجون الحياة أيها الأخوة القادة العرب المؤتمرين بالشام ، نذكركم بقول الله العلي العظيم : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)}( القرآن الحكيم ، الأنبياء ) ، وقوله تعالى : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}( القرآن الحكيم ، المؤمنون ) ، وقوله تعالى : { وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)}( القرآن الحكيم ، النحل ) . وأخيرا نقول تحية للشام وأهل الشام وهي تستقبل الضيوف الأخوة القادة العرب ، جاء بمسند أحمد - (ج 44 / ص 209) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ " . كنا نتمنى كمواطنين عرب أن يلتم شمل العرب أكثر بحضور الأخوة القادة العرب الآخرين ، ولكن هذا ما كان والعبرة بمن حضر واثمر . أيها القادة العرب إعملوا لأمتكم المجيدة الوسطى لتكون الأمة العربية في طليعة الأمم واستعدوا للنزال فالحرب قادمة لا محالة من الأعداء واجتنبوا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، وتمسكوا بالقرآن المجيد رمز الإسلام العظيم . نترككم في أمان الله ورعايته ، ونستودعكم الله العلي العظيم .
وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام ،،،
تحريرا في يوم السبت 21 ربيع الأول 1429 هـ / 29 آذار 2008
د. كمال إبراهيم علاونه
فلسطين

الجمعة، 21 مارس 2008

محمد رسول الله .. وإنك لعلى خلق عظيم

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .. وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين

يقول الله جل جلاله : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) } ( القرآن المجيد ، الفتح ) .
في ذكرى الميلاد المجيد لإمام الأنبياء والمرسلين ، سيد الأولين والآخرين ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في عام الفيل بمكة المكرمة ( 570 م - 2008 ) تبتهج الدنيا قياما وقعودا وعلى جنبيها كونها تأثرت ببصمات متميزة ومميزة للحبيب في الأرض والسماء ، الذي بعثه الله رحمة للعالمين لإنقاذهم من الظلم والضلال والفساد والإفساد والطغيان ونقلهم إلى عالم النور العظيم المتجلي بالرسالة الإسلامية السامية لجميع الخلق . وغني عن القول ، إن الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول والنبي الأكثر تأثيرا في العالم منذ بدء الخليقة حتى الآن ، فقد كان حافظا للقرآن المجيد وكان قرآنا مباركا متحركا يمشي على الأرض وهو من أولي العزم من الرسل الذين حباهم الله بحبه واصطفاءه ليكون رسولا عربيا عنه إلى عباد الله جميعا في الأرض ، وخاتم الأنبياء والنبيين ، الذين بلغوا الرسالة ونصحوا الأمة .
وفيما يلي استعراض هام لإبرز مراحل الدعوة الإسلامية كما وردت في كلام الله جل جلاله ونطق بها الكتاب المقدس وهو القرآن المجيد الحكيم الكريم المبين ، آخر الكتب السماوية ، الجامع والشامل ، الدستور الإلهي للناس كافة ، وهو الكتاب الرباني الناسخ لها جميعا :
أولا : الدعوة إلى القراءة من شخص أمي : يقول الله تعالى : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) }( القرآن المجيد ، العلق ) .
ثانيا : الإنذار للعشيرة وخفض الجناح للمؤمنين : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)( القرآن المجيد ، الشعراء ( .
ثالثا : الجهر بالدعوة الإسلامية والإعراض عن المشركين : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)}( القرآن المجيد ، الحجر ) .
رابعا : الدعوة الإسلامية العالمية : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)}( القرآن المجيد ، الأنبياء ) .
خامسا : عبادة الله في الأرض حتى إتيان الإنسان اليقين : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) }( القرآن المجيد ، الحجر ) .
صفات الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم
في القرآن المجيد
ورد ذكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كرسول ونبي وعبد ومزمل ومدثر وخاتم الأنبياء والمرسلين ، يتمتع بصفات كريمة جليلة مدحه الله بها بما يليق برسول مبعوث من رب العالمين رحمة للعالمين في عدة آيات قرآنية كريمة لعل من أهمها الآتي ، حيث نترك الحديث للآيات القرآنية المجيدة تتحدث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، بنفسها :
1. الخلق العظيم :{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)}( القرآن المجيد ، القلم ) .
2. الحرص على المؤمنين : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)}( القرآن المجيد ، التوبة ) .
3. اللين في المعاملة : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) . { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)}( القرآن المجيد ، الحجر ) .
4. الاستقامة : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115} ( القرآن المجيد ، هود ) .
5. العفو عن الجاهلين : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
6. التبشير بالإسلام الحنيف : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}( القرآن المجيد ، الأنبياء ) . { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) }( القرآن المجيد ، سبأ ) . { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)}( القرآن المجيد ، الفتح ) .

تكريم الله للمصطفى
لقد أنشأ الله سبحانه وتعالى ، رسوله الكريم تنشئة سليمة قويمة منذ ولاته حتى مماته . فقد جاء بالقرآن الكريم عدة حالات واضحة بينه كرم فيها الخالق تبارك وتعالى رسوله الكريم من أهمها :
1. الهداية والإيواء الكريم : { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) }( القرآن المجيد ، الضحى ) .
2. الإنشراح ورفع الذكر : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) }( القرآن المجيد ، الشرح ) . وتلازم الشهادتين أولى أركان الإسلام : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، وترديد اسم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة عموما وفي الصلاة الإبراهيمية خصوصا ، كما جاء بسنن الترمذي - (ج 11 / ص 9) " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " .
3. الشهادة على الناس : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
4. الإسراء والمعراج : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) .
5. نصرة الله للرسول الكريم : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) }( القرآن المجيد ، التوبة ) .
6. الكفاية والعصمة للنبي الكريم من اذى الناس حيا وميتا : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}( القرآن المجيد ، المائدة ) . { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)}( القرآن المجيد ، الحجر ) .
7. الفتح المبين وغفران الذنب المتقدم والمتأخر : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}( القرآن المجيد ، الفتح ) .
8. عدم رفع أصوات الناس على الرسول الكريم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}( القرآن المجيد ، الحجرات ) .
9. الإعزاز العظيم : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}( القرآن المجيد ، المنافقون ) .
10. الشفاعة والمقام المحمود : { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)}( القرآن المجيد ، المدثر ) .
11. الصلاة والسلام عليه : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
12 . بعد موته تحريم جسده على الأرض : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}( القرآن المجيد ، الزمر ) . { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
13 . ختم الرسالات السماوية بالإسلام العظيم عن طريق الرسول الكريم : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}( القرآن المجيد ، الأحزاب ) . { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
14 . سورة قرآنية تحمل اسم محمد : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)}( القرآن المجيد ، محمد ) . وهي السورة القرآنية رقم 47 من بين أل 114 سورة قرآنية . وذكر اسمه محمد صراحة بالقرآن المبين 4 مرات ومرة واحدة أحمد ، بينما كانت مخاطبة الله جل جلاله له يا أيها النبي ، يأ ايها الرسول .
15 . الإيحاء الرباني له عن طريق جبريل عليه السلام : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) }( القرآن المجيد ، الأنعام ) . { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)} ( القرآن المجيد ، فصلت ) . { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)}( القرآن المجيد ، النجم ) .
من جهة أخرى ، في أحاديث جامعة شاملة يتحدث فيها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عن نفسه وتكريم رب العزة والجبروت له . جاء بصحيح مسلم - (ج 11 / ص 383) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ " . وجاء بمسند أحمد - (ج 1 / ص 18) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ الضُّحَى ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ أَلَا تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُهُ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ قَالَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَعَمْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَمْرِ الْآخِرَةِ فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ فَفَظِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ فَقَالُوا يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ وَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمْ انْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ إِلَى نُوحٍ { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } قَالَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ وَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا فَيَقُولُ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنْ انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا فَيَقُولُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنْ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى فَيَقُولُ عِيسَى لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنْ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَشْفَعَ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَيَنْطَلِقُ فَيَأْتِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام رَبَّهُ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ قَالَ فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ قَالَ فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ قَالَ فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِدًا فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِضَبْعَيْهِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ الدُّعَاءِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ خَلَقْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الْأَنْبِيَاءَ قَالَ فَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ أَرَادُوا وَقَالَ فَإِذَا فَعَلَتْ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا قَالَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَالَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ فَيَقُولُ لَا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنْ النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ فَيَقُولُ لَا غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ وَلَدِي إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ ثُمَّ اطْحَنُونِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ مَخَافَتِكَ قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ قَالَ فَيَقُولُ لِمَ تَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ وَذَاكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنْ الضُّحَى " . وجاء في مسند أحمد - (ج 5 / ص 447) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا لَهُ دَعْوَةٌ قَدْ تَنَجَّزَهَا فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي قَدْ اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي وَلَا فَخْرَ وَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ فَلْيَشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّي قَدْ أُخْرِجْتُ مِنْ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا رَأْسَ النَّبِيِّينَ فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّي دَعَوْتُ بِدَعْوَةٍ أَغْرَقَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي وَلَكِنْ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللَّهِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيمُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّي كَذَبْتُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ وَاللَّهِ إِنْ حَاوَلَ بِهِنَّ إِلَّا عَنْ دِينِ اللَّهِ قَوْلُهُ { إِنِّي سَقِيمٌ } وَقَوْلُهُ { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ } وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ حِينَ أَتَى عَلَى الْمَلِكِ أُخْتِي وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَكَلَامِهِ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَكَلَّمَكَ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّي اتُّخِذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِي وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ قَالَ فَيَقُولُونَ لَا قَالَ فَيَقُولُ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَأَقُولُ أَنَا لَهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ شَاءَ وَيَرْضَى فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ فَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ نَحْنُ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ فَتُفْرَجُ لَنَا الْأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا فَنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الطُّهُورِ فَتَقُولُ الْأُمَمُ كَادَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ أَنْبِيَاءَ كُلُّهَا فَنَأْتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ فَيُقَالُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ فَيُفْتَحُ لِي فَآتِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُرْسِيِّهِ أَوْ سَرِيرِهِ شَكَّ حَمَّادٌ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي وَلَيْسَ يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَقُلْ تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ ثُمَّ أُعِيدُ فَأَسْجُدُ فَأَقُولُ مَا قُلْتُ فَيُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا دُونَ الْأَوَّلِ ثُمَّ أُعِيدُ فَأَسْجُدُ فَأَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيُقَالُ لِيَ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَقَالَ أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا دُونَ ذَلِكَ " .
وأخير ، لا بد من القول ، إن تكريم الأمة الإسلامية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يكون باتخاذه قدوة لها في السراء والضراء ، في السر والعلن ، في الظاهر والباطن ، فقد كان لنا قدوة حسنة للمرور من دار الفناء وهي الحياة الدنيا إلى دار البقاء وهي الحياة الآخرة ، والآخرة خير وأبقى . يقول الله تبارك وتعالى : { وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }( القرآن المجيد ،الحشر ) . { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) }( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
وهناك الحكم من الأحاديث النبوية الشريفة التي اوصتنا نحن المسلمين بأن نكون في الدنيا عابري سبيل وابتغاء الحياة الآخرة لأنها الحياة المثلى والفضلي للمتقين المحسنين العابدين لربهم والحامدين من الذكور والإناث . فما أعظم الرسول الكريم وهو يوصي بوصاياه الخالدة أبد الدهر . ونقطتف هنا في ظل الذكرى العزيزة علينا جميعا ، الذكرى المجيدة لميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ( 570 م - 2008 م ) ، جاء بسنن الترمذي - (ج 8 / ص 69) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ : " أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ " . وفي وصية أخرى ، سنن الترمذي - (ج 9 / ص 287) عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَوَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ " .
وتجدر الإشارة إلى أن الحاسدين والمنافقين والمشركين والكافرين والضالين والمغضوب عليهم يوجهون سهام الحقد والكراهية للمصطفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم للتشكيك بالإسلام العظيم ودعوته الحقة التي كلفه الله بها سبحانه وتعالى ، فما هو إلا بشر مثلنا أكل وشرب ومشى في الأسواق وتزوج وجاهد في الله حق جهاده ودعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وابتغى فيما آتاه الله الدار الآخرة ولم ينس نصيبه من الدنيا ، ولكنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، ينطق بما يأمره به ربه ، وكما جاء على لسانه صلى الله عليه وسلم ، بالقرآن المبين : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}( القرآن المجيد ، الكهف ) . { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) }( القرآن المجيد ، فصلت ) . وعليه فإن الدعوات الاستهزائية والاستخفاف والعنصرية والقبلية السياسية ضد المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم تهدف إلى نسف الإسلام من جذوره عبر التعرض لشخصية المصطفى ودعوته المستقيمة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر . وهناك الكثير من الناقدين والكتاب والسياسيين الذي تبحروا في شخصية المصطفى صلاة الله وسلامه عليه أعلنوا إسلامهم ، بعدما هداهم الله جل جلاله .
وأما بشأن عقوبة الناس الذين يسبون الذات الإلهية ويعتدون على الإسلام ورموزه من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن المجيد فهي عقوبة وقائية وعلاجية في الوقت ذاته ، كما جاءت بكلام الله المقدس : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }( القرآن المجيد ، المائدة ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الخميس، 20 مارس 2008

الزواج في الإسلام

الزواج في الاسلام
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد ،
ايها الاخوة المؤمنون .. ايتها الاخوات المؤمنات .. اهلا ومرحبا بكم جميعا في حلقة جديدة من مجلة ( آفاق ايمانية ) . على درب التقى والتقوى نتواصل واياكم . في هذه الحلقة :
قال الله تعالى في القرآن المجيد :{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) } سورة الروم ، الآيات 20 - 21 .
وقال تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، والله واسع عليم ، وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله } سورة النور : 32 - 33 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من إستطاع منكم الباءة فليزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ، رواه البخاري ومسلم واللفظ لهما ورواه ابو داود والترمذي والنسائي .
ما معنى الزواج ؟؟
الزواج لغة هو: الاقتران 0 واجتماعيا هو اتحاد جنسي بين الذكر والانثى او بين الرجل والمرأة اتحادا شرعيا يعترف به ويقره المجتمع من خلال إقامة شعائر وحفلات خاصة ، ويترتب على الزواج حقوقا وواجبات لكلا طرفي العلاقة 0 والزواج او النكاح في دين الله ( الاسلام ) هو عقد متين وميثاق غليظ ، يقوم على نية المعاشرة الدائمة بين الطرفين ما داما أحياء لقطف ثماره النفسية والسكينة والمودة والرحمة وعمارة الأرض والتكاثر 0
اهداف الزواج
للزواج عدة اهداف انسانية واجتماعية ودينية نبيلة من ابرزها :
1. اشباع الرغبات الجنسية بالنكاح الحلال لدى الرجل والمرأة على حد سواء 0 قال الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ، ذلك أدنى ألا تعولوا } سورة النساء : 3 0 وقال تعالى يحرم العلاقات الجنسية غير المستقيمة او غير الشرعية { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } سورة الإسراء : 32 0
2. التكاثر وانجاب الاطفال 0 قال تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } سورة النحل : 72 0
3. تحقيق التعاون والتفاهم والتكافل والتعارف بين افراد المجتمع 0 قال تعالى : { يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم } سورة : 0





المحرمات للزواج
قبل ان يبدأ الرجل المسلم التفكير في الزواج من احدى النساء العفيفات المحصنات عليه ان يراعي عدم الاقتراب من عدة فئات نسوية حرمها الله عز وجل عليه للزواج وهي كما يلي :
اولا : المحارم :
1. الأم والجدة وان علت من قبل الأب او الأم 0
2. وزوجة الأب ( سواء طلقها او مات عنها ) 0
3. البنت : وتشمل بنت الأبن اوابنة الابن وان امتدت الفروع 0
4. الأخت : شقيقة او من اب او ام 0
5. العمة والخالة 0
6. بنات الأخ وبنات الأخت 0
ثانيا : المحرمات بالرضاعة : وهن المرأة التي ارضعت الشاب ، والأخوات من الرضاعة ، وما يتبع ذلك من قرابات من الخالات والعمات واسئر المرحمات بالنسب 0
ثالثا : المحرمات بالمصاهرة : أم الزوجة ( وتحرم بمجرد عقد النكاح على ابنتها سواء دخل بها ام لا ) ، والربيبة ( وهي بنت الزوجة التي دخل بها الزوج ) ، وحليلة الأبن ( الأبن من صلب الرجل لا الأبن المتبنى ) 0
رابعا : الجمع بين الأختين 0 وكذلك اضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم الجمع بين المرأة وعمتها او خالتها ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها " ، متفق عليه 0
خامسا : المتزوجات : فالمرأة المتزوجة اذا كانت في عصمة زوجها لا يجوز ان يتزوجها شخص آخر ما لم تكون ارملة او مطلقة وتستوفي العدة الشرعية ( وهي اربعة اشهر وعشر ليال ) 0
خامسا : المشركات : قال تعالى : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم ، اولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة بإذنه } سورة البقرة :221 0
سادسا : تحريم نكاح الزانية : قال الله تعالى : { الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك ، وحرم ذلك على المؤمنين } سورة النور : 3 0
تحريم المحرمات من النساء في القرآن
قال الله تعالى : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف ، إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا 0 حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ، وامهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة ، وأمهات نسائكم ، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ، وحلائل أبناءكم الذين من اصلابكم ، وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ، إن الله كان غفورا رحيما ، والمحصنات من النساء } سورة النساء : 22 – 24 0
والمحرمات بالطرق الآخرى فقد جاء ذكرهن في القرآن الكريم كما يلي :
{ والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في ارحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر } سورة البقرة : 228 0
{ واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر، واللائي لم يحضن واولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } سورة الطلاق : 4 0
{ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بانفسهن أربعة اشهر وعشرا } سورة البقرة : 234 0
الزواج من الكتابيات
أباح الاسلام الحنيف للمسلم ان يتزوج من الكتابيات باعتبارهم اهل دين رباني سماوي 0 قال الله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ، وطعامكم حل لهم ، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن اجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخذان } سورة المائدة : 5 0
وقد تزوج النبي الكريم ( ص ) بعض الكتابيات مثل مارية القبطية المسيحية التي اسملت ، وبنت حيي ابن اخطب اليهودية التي اعتقها وتزوجها ، وكان صداقها عتقها 0
الا انه من الافضل ان يتزوج المسلم الانسانة المسلمة المستقيمة لتشابه الدين والملة والعقيدة فيكون ذلك اسهل وافضل للتفاهم بين الزوجين ( الذكر والانثى ) والزواج بين المسلمين ذكورا وإناثا يساهم في تقوية عرى الاسلام الحنيف ، ويقلل من الفرقة والاختلاف في الحياة الأسرية المشتركة وينشأ الاطفال في كنف ابوين مسلمين بالفطرة اولا وبالتنشئة الاسلامية الحقيقة ثانيا وبذلك تقوى لبنات المجتمع الاسلامي وتتوطد العلاقة 0
عدم جواز زواج المسلمة من غير المسلم
حرم الاسلام على المرأة المسلمة ان تتزوج من انسان غير مسلم ويستوي في ذلك الشخص الكتابي او الوثني 0 قال الله تعالى : { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } سورة البقرة : 221 0
وبناء عليه ، فإنه يجوز للمسلم ان يتزوج كتابية ( نصرانية من اهل الانجيل او يهودية من اهل التوراة ) حتى وإن بقيت على دينها ، ولا يجوز للمسلم ان يتزوج مشركة او وثنية ، هذا في حين انه لا يجوز باي حال من الاحوال العكس أي زواج المسلمة من غير المسلمين سواء في ذلك كانوا من النصارى او اليهود او الوثنيين 0 وفي فلسطين ، ارض الإسراء والمعراج وفي ظل الاحتلال الصهيوني – الاسرائيلي لفلسطين منذ عام 1948 م فان الكثير من علماء الاسلام حرموا زواج المسلم من اليهودية 0
ايها الاخوة الشباب 00 يا معشر الرجال 00 بادروا الى اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالزواج او النكاح الحلال ، لأنه بالزواج يغض البصر عن المنكرات والكبائر تتحصن الفروج لكلا الجنسين ، وتستقيم الحياة الأسرية وتنتشر الاخلاق الحميدة من المودة والمحبة في المجتمع وبذلك يسود التعاون والتكافل الاجتماعي والتفاهم وتمتد العلاقات 00 وإن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول : " لتغضن ابصاركم ولتحفظن فروجكم او ليكسفن الله وجوهكم " ، رواه الطبراني 0
الخطبة ( اختيار الزوجة )
اخي الشاب الذي يعتزم الزواج بالعفة والطهارة التي ارتضاها الله العزيز الوهاب لعبادة الاخيار ، عندما تريد ان تخطب فتاة للزواج ، هي فارسة الاحلام وتكمل نصف دينك 00 فما عليك إلا ان تتبع قواعد الاسلام الحنيف من القرآن المجيد وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لتكون ممن ينال رضى الله في الدارين : الدنيا والآخرة بالدرجة الأولى ، وممن يسعد في حياته الزوجية والأسرية العامة والخاصة ، ويقطف قطوفا دانية من الحب والمحبة السامية والعشرة الحسنة الطيبة والمودة والرحمة والاستقرار النفسي والمعنوي وهناك عدة صفات ينبغي ان تبحث عنها في الفتاة التي ستكون شريكة حياتك ما دمت حيا ، ومن ابرز هذه الصفات والمزايا :
اولا : المرأة ذات الدين القويم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " ، رواه البخاري ومسلم وابو داود والنسائي وابن ماجه ( وتربت يداك : اظفر بالفتاة المسلمة ذات الدين سلمت يداك ولا تلتفت الى المال وغيره من الامور الزائلة 0
وقد جعل الله للشاب الذي يختار الفتاة للزواج على اساس المال الوفي ذلا ما بعده ذل ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله الا ذلا ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله الا فقرا ، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله الا دناءة ، ومن تزوج امراة لم يرد بها الا ان يغض بصره ويحصن فرجه او يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه " ، رواه الطبراني في الاوسط 0
وفي حديث نبوي شريف آخر ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن ان يرديهن ولا تزوجهن لاموالهن فعسى اموالهن ان يطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة خرماء سوداء ذات دين افضل " ، رواه ابن ماجه .
فالظفر بذات الدين من الامور المستحبة في الاسلام الحنيف ، وعن ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر او كثر ليس في نفسه أن يؤدي اليها حقها خدعها فمات ولم يؤد اليها حقها لقى الله يوم القيامة زان " ، رواه
ثانيا : تزوجوا الودود الولود :
فأحد اهداف وغايات الاسلام السامية النبيلة هو التكاثر وانجاب الاطفال لأنهم زينة الحياة الدنيا ، ويعملون على حفظ الجنس البشري ، وبالزواج الاسلامي تكثر اعداد الامة الاسلامية ، قال صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر بكم الامم " ، رواه ابو داود والنسائي والحاكم 0
ثالثا : تزوج الفتاة الحرة الصالحة :
قال الله جل جلاله : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم ، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله } سورة النساء : 34 0 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من اراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر " ، رواه ابن ماجه 0 والحرة هي الفتاة ذات الصفات النجيبة : من الطهارة والعفة والأخلاق الحميدة ذات التقى والتقوى التي تقدر الله حق قدره ، وتعمل على اسعاد زوجها وتكون عفيفة النفس قانعة مقتنعة بما قسمه الله العزيز الحميد لها 0 ومن نافلة القول ان المرأة الصالحة ذات المنبت والأصل الثابت تحفظ زوجها في نفسها وماله اثناء وجودة وغيابه على حد سواء ، اما المرأة غير الصالحة فانها قد تضيع وتبذر اموال زوجها واموالها دونما رقيب او حسيب لمجارة الآخرين ، وقد تميل بعض الميل الى الآخرين من ذوي النفوس المريضة 0
رابعا : السعي للاقتران بفتاة من اتراب الرجل ( أي من ذات الفئة العمرية ما أمكن ) وذلك لأن الفارق الكبير في السن يجعل من الحياة الزوجية في كثير من الاحيان بين الزوجين ( الذكر والانثى ) صعبة التفاهم فلكل جيل مفاهيمه وقيمه الفرعية اما الاصول والجذور الاسلامية فتبقى كما هي 0
خامسا : اختيار المرأة الطيبة :
طلب الاسلام من الرجل الذي يود الزواج ان يتحرى المرأة الطيبة الخلق والدين لأنها سببا للمودة والرحمة والتراحم والاشتراك في هذه الحياة ، كما اسلفنا ، وان يبتعد عن الخبيثات المائلات المميلات ، الكاسيات العاريات ، لانه من الصعب ترويض هؤلاء النساء على الخلق القويم واللباس المحتشم الا بشق الانفس ، هذا ان استجبن لأمر الله 0 قال الله تعالى :
{ الخبيثات للخبيثين ، والخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } سورة النور : 26 0
سادسا : السعي لرؤية الفتاة التي يود خطبتها :
اباح الاسلام للمسلم الذي يود خطبة فتاة من الفتيات للزواج ان ينظر اليها ، وان يحادثها بحضور ولي امرها او احد محارمها ، ليكون على بينة من أمره ، لينظر الى وجهها وكفيها بتمعن الى حد ما وقد اباح بعض الائمة والعلماء المسلمين للرجل الخاطب ان ينظر الى شعر الفتاة او ما تبرزه لمحارمها شرط وجود المحارم او ولي الأمر وان يتأكد من أنها غير مريضة باحد الأمراض العضوية او العقلية المزمنة 0 فقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم المغيرة ابن شعبة ان ينظر للفتاة التي يريد خطبتها فقال له : " انظر اليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " ، رواه احمد والترمذي وابن حبان والدارمي 0 ومعنى يؤدم بينكما : أي ان تحصل الموافقة والقبول بين الاثنين 0
سابعا : تحريم خطبة المسلم على خطب أخيه دون إذنه :
حرم الاسلام على المسلم الراغب في الزواج ان يخطب على خطب اخيه حيث قال الرسول الكريم ( ص ) : " المؤمن اخو المؤمن ، فلا يحل للمؤمن أن يبيع على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطب أخيه " ، رواه مسلم 0 وفي حديث نبوي آخر ، روى البخاري ان الرسول ( ص ) قال : " لا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له " 0 وفي حديث نبوي آخر ، قال رسول الله ( ص ) : " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سوم أخيه ، ولا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا تسال المرأة طلاق اختها لتكتفئ ولتنكح فإنما لها ما كتب الله لها " ، رواه مسلم 0
اما ما يحصل في أيامنا هذه من ان " ابن العم ينزل عن الفرس " ، كما هو دارج في المثل الشعبي فهو لا يمت للاسلام بصلة ، إذ أن من يخطب اولا هو صاحب الحق في الزواج من الفتاة ، وما دام هناك تراضي من قبل اهل العريس واهل العروس على خطبة العروسين ، فلا داعي لاقتحام طرف ثالث قريب للفتاة وتحريها وحرمان الشخص الذي تقدم لخطبتها بالقوة او بدعوى القرابة من جهة الدم 0
ثامنا : الحرص على موافقة الفتاة بنفسها على الزواج :
والفتاة هي صاحبة الحق الأول في اختيار شريك حياتها المستقبلية وليس الأب او الأم ولا ينبغي اجبار الفتاة على الاقتران بشخص ما ليكون شريكها في الحياة ، إذ ان الشراكة من باب اولى ان تكون بتراضي وقبول الطرفين : الرجل والمرأة 0 قال صلى الله عليه وسلم : " الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها ، وإذنها صمتها " ، رواه البخاري ومسلم
، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تنكحوهن إلا باذنهن " ، رواه البزار اسناد جيد ، وابن حبان 0 وف حديث نبوي آخر ، قال ( ص ) : " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن " ، قالوا : يا رسول الله : وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت " ، رواه مسلم 0
ولا بد من القول الى ان الفتاة المكرهة على الزواج من الشاب فان الحياة الزوجية او الاسرية قد لا تكون على ما يرام في المستقبل ، في الايام المقبلة 0

المهور في الاسلام
قال الله العزيز الحكيم في سورة النساء : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ، فإن طبن لكم عن شيء فكلوه هنيئا مريئا } سورة النساء ، آية 4 0
مهور ازواج النبي ( ص )
سأل ابو سلمة بن عبد الرحمن عائشة ام المؤمنين ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، كم كان صداق رسول الله ( ص ) ، قالت : كان صداقه لأزواجه تنتي عشرة اوقية ونشاً ، قالت : أتدري ما النش قال : قلت : لا ، قالت : نصف اوقية ، فتلك خمسمائة درهم ن فهذا صداق رسول الله ( ص ) لأزواجه " ، رواه مسلم 0
صداق ازواج بعض الصحابة
رأى النبي ( ص ) على عبد الرحمن آثار عرس ، ( أثر صفرة ، فقال : ما هذا ؟ قال : يا رسول الله إني قد تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب ، قال : فبارك الله لك ، أولم ولو بشاة " ، رواه مسلم 0
زواج فاطمة الزهراء ( بنت النبي ص )
نحن معشر المسلمين لنا قدوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال النبي لابنته الصغرى فاطمة الزهراء ، سيدة نساء الجنة ذات الفضائل التي لا تحصى ولا تحصر ، عندما زوجها لعلي ابن ابي طالب كرم الله وجهه : " أي بُنية ، إن ابن عمك عليا قد خطبك ، فماذا تقولين ؟ فسالت الدموع على وجنتيها الطاهرتين وقالت : " كأنك يا أبت إنما ادخرتني لفقير قريش " ، فقال لها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم : " مالك تبكين يا فاطمة ؟ فوالله لقد انكجتك اكثرهم علما ، وافضلهم حلما ، وأولهم سلما " 0 فوافقت على الزواج من ابن عمها عليا وكان علي من ائمة الزاهدين وليس لديه مال وفير 0 فباع درعه الحطمية " باربعمئة درهم " ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يجعل " ثلثها في الطيب ، وثلثها في المتاع ففعل 0 ثم دعا النبي ( ص ) انس بن مالك وقال له : " انطلق وادع لي ابا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعدتهم من الانصار " ، فجاؤا فقال النبي ( ص ) : " يا علي اخطب لنفسك " ، فقام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وقال : " الحمد لله شكرا لانعمه واياديه ، واشهد ان لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه ، وهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنته فاطمة على صداق مبلغه اربعمئة درهم ، فاسمعوا ما يقول واشهدوا " 0
وبعد ذلك الطلب خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة الزواج فقال : " الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المهروب إليه من عذابه ، النافذ في ارضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، ونيرهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم 0
إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وحكما عادلا ، وخيرا جامعا ، أوشج بها الارحام ، وألزمها الأنام ، فقال الله عز وجل : { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا } سورة الفرقان : 54 0 وأمر الله يجري إلى قضائه ، وقضائه يجري الى قدره ، ولك أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، وأشهدكم أني زوجت فاطمة من علي على اربعمئة مثقال فضة ، إن رضي علي بذلك على السنة القائمة ، والفريضة الواجبة ، فجمع الله شملهما ، وبارك لهما ، وأطاب نسلهما ، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ، ومعادن الحكمة ، وأمنَ الأمة ، أقول هذا ، وأستغفر الله لي ولكم " 0
وقد نهى المصطفى رسول الله ( ص ) عن تبادل البنات للزواج او زواج الشغار ، عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نهى عن الشغار ، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق " ، رواه مسلم 0 وقال ( ص ) : " لا شغار في الاسلام " ، رواه مسلم 0
مهر او صداق من نوع قرآني
عن سهل بن سعد الساعدي قال : جاءت امرأة الى رسول الله ( ص ) فقالت : يا رسول الله : جئت أهب لك نفسي ، فنظر اليها رسول الله ( ص ) فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله راسه ، فلما رأت المرأة انه لم يقض فيها شيئا جلست ، فقام رجل من اصحابه ، فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ؟ فقال : فهل عندك من شيء ؟ فقال : لا والله يا رسول الله ، فقال : إذهب الى أهلك فانظر هل تجد شيئا ، فذهب ثم رجع فقال : لا والله ما وجدت شيئا ، فقال : انظر ولو خاتما من حديد ؟ فذهب ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري ن قال سهل ما له رداء فلها نصفه ن فقال رسول الله ( ص ) : ما تصنع بإزارك ؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام 0 فرأه رسول الله ( ص ) موليا ، فأمر به ، فدعي ، فلما جاء قال : ما معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا ، فقال : تقرؤهن عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم ، قال : إذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن " رواه مسلم ، وفي رواية قال : " إنطلق فقد زوجتكها ، فعلمها من القرآن " ، رواه مسلم 0
الهجرة الى الله ورسوله 00 والهجرة لزواج امرأة
الهجرة نوعان كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " إنما الأعمال بالنية وإنما لكل إمرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته الى الله ورسوله ، فهجرته الى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة يتزوجها ، فهجرته الى ما هاجر اليه " ، رواه مسلم 0
وليمة العرس
قال ( ص ) : " إذا دعي أحدكم الى وليمة عرس فليجب " رواه مسلم 0 وقال ( ص ) : " من دعي الى عرس او نحوه فليجب " ، رواه مسلم 0 وفي حديث آخر ، قال ( ص ) : " إذا دعي احدكم الى طعام او نحوه فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك " ، رواه مسلم 0 وفي احاديث نبوية اخرى ، قال ( ص ) : " أولم ولو بشاة " ، رواه مسلم 0 فالوليمة ضرورية لاعلان النكاح على الملأ ، وهي نوه من انواع الفرح واطعام الطعام للناس ، ولتوثيق عرى الأخوة والتعاون بين افراد المجتمع الاسلامي الواحد 0
ايها الاخوة والاخوات 00 ما نراه في أيامنا هذه من غلاء المهور وتعدد طلبات العروس وأهلها ليس من الاسلام في شيء ، وأنما هو ارهاق للشاب الذي يعتزم الزواج ، فنرى الطلبات المتلاحقة ، من المهر المعجل والمؤجل ، من الاموال النقدية والعينية والذهب ، وما ادراك ما الذهب ؟ هذا المعدن ذو اللون الأصفر ، الذ يقهر مئات الشباب ويحول بينهم وبين الزواج في كثير من الاحيان ، فقد يطلب اهل العروس ان يشتري العريس 1كغم ذهب او اكثر ، عدا عن توابع العرس اوملحقات الزواج الأخرى من شبكة الخطبة الى الأثاث والمسكن واالحفلات في الصالات والفنادق الفخمة والكسوة وما اليها 0
وقد حث الاسلام على عدم المبالغة في تحديد قيمة المهر 0 وكان النبي المصطفى يزوج الرجل بما معه من القرآن كمهر للمرأة ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن أعظم النكاح بركة ، أيسره مؤنة " ، وقال في حديث آخر : " يمن المرأة خفة مهرها ، ويسر نكاحها ، وحسن خلقها ، وشؤمها غلاء مهرها ، وعسر نكاحها ، وسوء خلقها " 0
من جهة ثانية ، فان الله يأخذ بيد الرجل الذي يريد العفاف وغض البصر وتحصين الفرج ، فيهيأ الله سبحانه وتعالى سبل توفير المال من حيث لم يحتسب لما للزواج ما أهمية في حياة الفرد والأسرة والمجتمع ، وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : " ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف " ، رواه الترمذي 0
استوصوا بالنساء خيرا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء فان المرأة خلقت من ضلع ، وان اعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج فاستوصوا بالنساء " ، رواه البخاري 0 وفي حديث آخر قال النبي عليه الصلاة والسلام : " ان المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فان استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ، وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها " ، رواه مسلم 0
وكان الرسول صلوات الله وسلامه عليه بارا باهله حيث قال : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " ، رواه ابن ماجه والحاكم 0
حقوق الزوجة على الزوج
هناك العديد من الحقوق التي يجب ان يؤديها الزوج تجاه زوجته من الناحية الاسلامية الشرعية ، واهم هذه الحقوق ما جمعها النبي المصطفى : صلى الله عليه وسلم في حديث جامع مانع حيث جاء في الحديث النبوي الشريف عندما سأله معاوية بن حيدرة رضي الله عنه ، قلت يا رسول الله ما حق زوجة احدنا عليه قال: " أن تطعمها اذا طعمت وتكسوها اذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر الا في البيت " ، رواه ابو داود وابن حبان 0 ولا تقبح ان لا تقول لها قبحك الله 0 وبهذا فان للزوجة عدة حقوق على الزوج واضحة المعالم ، من ابرزها :
1. الانفاق : قال صلى الله عليه وسلم : " دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار انفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك " ، رواه مسلم 0 وفي حديث ثان قال صلى الله عليه وسلم : " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت عليها حتى ما تجعل لي في امرأتك " ، رواه البخاري ومسلم 0
وقد جعل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الزوجة بعد النفس في الانفاق ، فقد قال لاصحابة يوما : " تصدقوا ، فقال رجل يا رسول الله عندي دينار ، قال : أنفقه على نفسك ، قال : إن عندي آخر ، قال : أنفقه على زوجتك ، قال عندي آخر ، قال : أنفقه على ولدك ، قال عندي آخر ، قال : أنفقه على خادمك ، قال : عندي آخر ، قال : أنت أبصر به " ، رواه ابن حبان 0
2. المعاملة الحسنة : والصبر على النساء والرفق واللين والاحسان 0
3. المعاشرة بالمعروف : قال الله سبحانه وتعالى : { وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } سورة النساء ، آية
وقال الله عز من قائل في آية اخرى : { فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه } سورة البقرة ، آية
4. الاعتزال في المحيض : قال الله تعالى : { ويسالونك عن المحيض ، قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يتطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } سورة البقرة : 222 0
واجبات الزوجة تجاه زوجها
قال تعالى : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ، وللرجال عليهن درجة ، والله عزيز حكيم } سورة البقرة ، آية 0
اولا : الطاعة فيما يرضي الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي باب الجنة شئت " ، رواه احمد والطبراني 0
ثانيا : عدم افشاء سر الزوجية ( الجماع )
قال تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } سورة البقرة : 187 0 وقال الله تعالى :
{ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم ، وقدموا لأنفسكم ، واتقوا الله ، واعلموا أنكم ملاقوه ، وبشر المؤمنين } سورة البقرة : 233 0
وعن حفظ سر الزوجية ، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجل يفضي الى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه " ، رواه مسلم 0 وعن اسماء بنت يزيد رضى الله عنها انها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده ، فقال : لعل رجلا يقول ما فعل بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ، فأرم القوم ، فقلت أي والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وانهن ليفعلن قال : فلا تفعلوا فانما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانه فغشيها والناس ينظرون " ، رواه احمد 0
ثالثا : الزوجة جنة ونار الزوج
فعن حصين بن محصن أن عمة له جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لها : أذات زوج ؟ قالت : نعم ، قال : فاين انت منه ؟ قالت : ما آلوه الا ما عجزت عنه ، قال : فكيف انت له ، فإنه جنتك ونارك " ، رواه احمد والنسائي 0
وكذلك فان للزوج عدة حقوق على زوجته 0 وقد اخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الزوجات فقال : " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة " ، رواه ابن ماجه والترمذي 0 وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو كنت آمرا احدا ان يسجد لأحد لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها " ، رواه الترمذي 0 وقد جاء ت امراة الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يار رسول الله اخبرني ما حق الزوج على الزوجة فاني امرأة ايم فان استطعت والا جلست ايما ، قال : فإن حق الزوج على زوجتة ان سالها نفسها وهي على ظهر قتب ان لا تمنعه نفسها ومن حق الزوج على الزوجة ان لا تصوم تطوعا إلا بإذنه فان فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع " قالت لا جرم لا اتزوج ابدا " ، رواه الطبراني 0
وفي حديث آخر قال النبي ( ص ) : " اذا دعا الرجل امرأته الى فراشه فلم تاته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " ، رواه البخاري ومسلم وابو داود والنسائي 0 وربط النبي ( ص ) طاعة الزوجة لزوجها بالاستفادة من بركة الصلاة ، عمود الدين ، والا فلا ، قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان " ، رواه ابن ماجه وروى الترمذي نحوه 0 وللرجل ان يهجر زوجتة في البيت اذا اقترفت بعض الذنوب او اساءت معاملته لعلها ترجع الى صوابها وفق ما يحدده الاسلام الحنيف 0 وعن الهجر في المضاجع ، قال الله عز وجل : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، إن الله كان عليا كبيرا } سورة النساء ، آية 34 0
رابعا : غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا لفئات محرمة
قال الله عز وجل : { وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن او آبائهن او آباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الأربة من الرجال اوالطفل الذي لم يظهروا على عورات النساء ، ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون } سورة النور ، آية 31 0
وعن اللباس الساتر للمرأة قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم ارهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كاسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " ، رواه مسلم 0 وجاء في حديث نبوي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون في آخر امتي رجال يركبون على سرج ، كأشباه الرجال ، ينزلزن على ابواب المساجد ، نساؤهم كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كاسنمة البخت العجاف ، إلعنوهن فإنهن ملعونات ، لو كان وراءكم امة من الامم خدمتهم نساؤكم كما خدمتكم نساء الامم قبلكم " ، رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له وقال صحيح على شرط مسلم 0 وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاسماء بنت ابي بكر الصديق عندما رآها لابسه ثياق رقاق بعد ان اعرض عنه : " يا اسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح ان يرى منها الا هذا وهذا واشار الى وجهه وكفيه " ، رواه ابو داود 0
خامسا : القر في البيوت وعدم التبرج
قال الله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } سورة الاحزاب ، آية 33 0 وقال الله تعالى : " يا ايها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } سورة الاحزاب : 59 0
سادسا : عدم ادخال من لا يرغب الزوج الى البيت
قال الرسول الكريم في الحديث النبوي الشريف : " لا يحل لإمرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ، ولا تخرج وهو كاره ، ولا تطيع فيه احدا ، ولا تعتزل فراشه ، ولا تضربه ، فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه ، فإن قبل منها فبها ونعمت ، وقبل الله عذرها وافلج حجتها ولا إثم عليها ، وإن هو لم يرض فقد ابلغت عند الله عذرها " ، رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد 0
سابعا : التزين بالطيب للزوج
اذ يفضل ان تتزين المرأة لزوجها ، كما يجب ان يتزين الرجل لزوجتة للعمل على استمرار المودة والسكنينة والمحبة بينهما 0
وصية أب لأبنته عند الزواج
اوصى جعفر ابن ابي طالب ابنته وقال لها : " إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق ، وإياك وكثرة العتب ، فإنه يورث البغضاء ، وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة ، وأطيب الطيب الماء "
تعدد الزوجات شرط العدل بينهن
قال الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ، ذلك أدنى ان لا تعولوا } سورة النساء ، آية 3 0
وبهذا فقد حدد وعين الاسلام الحد الاقصى المسموح به الزواج للرجل المسلم باربعة نساء وطلب منه ان يعدل بينهن الا ان العدالة المطلقة مستحيلة كما قال الله عز وجل : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ، فلا تميلوا كل الميل } سورة النساء : 129 0 وكان الناس قبل الاسلام يتزوجون عدة نساء فوق الاربع نسوة فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم الى اختيار اربع منهن ، فمثلا قال لغيلان الثقفي الذي اسلم وله عشرة نسوة : " اختر منهن اربعا وفارق سائرهن " ، رواه الشافعي واحمد والترمذي وابن ماجة وغيرهم 0
عدم العدل بين الزوجات
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط " ، رواه الترمذي 0
حكمة تعدد الزواج من اكثر من واحدة
الاسلام هو دين الله في الأرض وهو خاتم الرسالات السماوية التي ارتضاها الله جل جلاله لبني آدم على وجه الكرة الارضية ، فهو صلح لكل زمان ومكان ، وهناك عدة اهداف وحكم جعلت الاسلام يبيح تعدد الزوجات ، من ابرزها :
1. ملائمة احتياجات الزوج ذو المقدرة الجنسية القوية والشهوة الغريزية الجامحة ، فيعمل على تفريغها في نطاق الحلال شرعا وعدم اللجوء الى الزنا .
2. زيادة عدد النساء على الرجال وخاصة في حالات الحروب وانتشار الأمراض الفتاكة 0
3. مرض الزوجة الأولى او امتداد فترة الحيض او طول فترة النفاس للمرأة التي وضعت حملها ، فبدل ان يلجأ الزوج الى طرق غير شرعية لإرواء نهمه الجنسي فانه يمكنه ان يعدد الزوجات وكما يقول المثل : " حليلة افضل من خليلة " .
4. عقم الزوجة 0 فالانسان بطبعه يحب الاطفال فهم زينة الحياة الدنيا كما قال الله تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } سورة الكهف ، آية 46 0
على أي حال ، وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : " من سعادة ابن آدم ثلاثة ، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة 0 من سعادة ابن آدم : المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، ومن شقوة ابن آدم : المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء " ، رواه احمد والطبراني والبزار 0
رعاية الزواج
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع ومسئول عن رعيته ، الامام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته " ، رواه البخاري ومسلم 0
وقال رسول الله ( ص ) : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا الا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك الينا " ، رواه ابن ماجه والترمذي 0
الطلاق
الطلاق هو الفراق او انفصال الزوجين عن بعضهما البعض اذا فشلت العلاقة او الشراكة الزوجية بينهما - لا سمح الله – وهي رخصة شرعية اسلامية ، إلا ان الاسلام لم ينصح بها الا في حالات الشقاق بين الزوجين التي لا يمكن الحل الا بها 0 قال الله تعالى : { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } سورة النساء : 130 0
وقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم : " أبغض الحلال الى الله الطلاق " ، رواه ابو داود 0 وفي رواية اخرى قال صلى الله عليه وسلم : " ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق " ، رواه ابو داود .
انتهى .