الاثنين، 29 أكتوبر 2012

أضحيتي الكبش الأبيض في عيد الأضحى المبارك .. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ .. وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ .. وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ


الكبش الأبيض الاقرع - اضحية عيد الاضحى المبارك
أضحيتي الكبش الأبيض في عيد الأضحى المبارك .. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ .. وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ .. وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ( القرآن المجيد ، الكوثر ) صدق الله العظيم .

استهلال

أحتفلنا بعيد الأضحى المبارك ( العيد الإسلامي الكبير ) بالصلاة في مسجد عمر بن الخطاب بقرية عزموط بمحافظة نابلس بفلسطين المباركة ، يوم الجمعة 10 ذي الحجة 1433 هت / 26 تشرين الاول 2012 م ، وأدينا صلاة الفجر أولا ، وبقينا في بيت الله ، بضع عشرات من المصلين المسلمين ، نردد الأذكار الدينية الإسلامية وهي :  تكبيرات العيد

الله أكبَرُ الله أكبَرُ الله أكبَرُ، لا إله إلا الله
الله أكبَرُ الله أكبَرُ الله أكبَرُ، ولله الحمد
( 3 مرات )
الله اكبرُ كبيرا، والحمدُ للهِ كثيرا
وسبحانَ اللهِ بُكرَةً وأصيلا
لا إله إلا اللهُ وحْده
صَدَقَ وعْده ونصَر عبْده
وأعَزَّ جُنْدَهُ وهَزمَ الأحزابَ وحده
لا إله إلا الله، ولا نعبُدُ إلا إيَّاه
مُخلصين لهُ الدِّين ولو كَرِهَ الكافرون
اللهمَّ صلِّ على سيِّدِنا مُحمَّد
وعلى أصحاب سيِّدِنا مُحمَّد
وعلى أنصار سيِّدِنا مُحمَّد
وعلى أزواج سيِّدِنا مُحمَّد
وعلى ذرّيةِ سيِّدِنا مُحمَّد
وسلّم تسليماً كثيرا
( مرة واحدة )
وبعد ساعة ونصف تقريبا من أداء صلاة الفجر الجماعية ، صلينا صلاة العيد ( ركعتين سنة ) وسط ترديد عبارات الأذكار الإسلامية المعهودة ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) عند الساعة 6.20 دقيقة صباحا ، وألقيت خطبة العيد بما لا تتجاوز 10 دقائق اكد فيها الإمام الخطيب على التضحية والفداء وقصة الذبيح المفرج عنه بقرار إلهي نبي الله اسماعيل عليه السلام بن نبي الله إبراهيم عليه السلام بمكة المكرمة . وبعد الإنتهاء من خطبة صلاة عيد الأضحى المبارك ، تصافح المصلون ثم خرجوا لخارج المسجد ليصطف صف طويل على يسار المسجد بيمين الشارع الرئيسي ، بالساحة العامة وسط القرية ، للمصافحة بين المصلين والرجال والشباب والاطفال الذين كانوا بانتظارهم خارج المسجد ، ثم توجه الجميع لمقابر القرية الثلاث لقراءة  الفاتحة وآيات من القرآن المجيد والأدعية على أرواح الموتى . ثم بدأت عملية صلة الارحام وزيارة بيوت الاقارب والأصدقاء .

أضحية عيد الأضحى المبارك .. واجبة شرعيا على المقتدر

يقول الله الحنان المنان ذو الجلال والإكرام جل جلاله : { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) { القرآن المجيد - الضحى ) .

عدت برفقة إخوتي وبعض أبنائهم كل إلى بيته لتناول طعام الإفطار الصباحي حيث كانت بانتظاري واسرتي كالمعتاد بيوم العيد ( غلاية كبيرة بندورة مع لحمة ) ، ثم تم الاستعداد لجلب خاروف العيد ( أضحية العيد ) إذ كنت وشقيقي كايد ( ابو عمر ) وصينا على خروفين للاضحية ، من جارنا الشيخ أبو الحارث ، لأضحي بخاروف ، وهو بخاروف كل على حدة في منزله وكان خاروف شقيقي باللونين الأبيض والبني الضارب للسواد بوزن 70 كغم .
والأضحية بالإسلام العظيم ، واجبة على كل مسلم ومسلمة من المقتدرين ماليا ، رجالا ونساء ، شبانا وفتيات ، وخاصة لمن بلغ نصاب الزكاة الإسلامي السنوي . ونصاب الزكاة الإسلامي في فلسطين ( الأرض المقدسة ) يبلغ 3000 آلاف دينار اردني بالحد الأدنى حسب مجلس الافتاء الأعلى في فلسطين لعام 1433 هـ / 2012 م .
ويفضل أن يقوم الإنسان المقتدر بذبح شاة أو كبش بنفسه بيوم النحر وأيام التشريق التي تليه ، وفقا لفتاوى أغلب الفقهاء ، وتوزيع لحوم الأضحية على المستحقين ، من الفقراء واليتامى والمحتاجين والأغنياء ايضا ، لما فيه من تذكر إسلامي بقصة الذبيح اسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وفرض ركن الحج الكبير على الذين المقتدرين بدنيا وعقليا وماديا من المسلمين ، ذكورا وإناثا ، مرة واحدة في العمر .

اضحيتي المباركة .. الكبش  الأبيض الأقرع

على العموم ، بلغ وزن خاروف العيد الذي اخترته قبل اكثر من 40 يوما ، في نفس يوم عيد الاضحى المبارك 57 كغم بيوم عيد الأضحى المبارك ، ودفعت ثمن الخاروف 285 دينارا أردنيا ، بواقع 5 دنانير / كغم ( الدولار الأمريكي يعادل 0.71  دينار اردني ) عند استلامه صبيحة يوم العيد بعد العودة من الصلاة وزيارة المقابر .
استلمنا اضحية العيد ، أنا وأبني البكر الصحفي هلال ، وسحبناه للبيت بمسافة 200 تقريبا شمالا عن منزل جارنا الذي يربي اضاحي العيد ، وأدلخناه لحديقة المنزل ، فأخذ يطارد ويصول ويجول في الحديقة المزروعة بالأشجار المثمرة من اللوزيات والتين والعنب والزيتون ، فحشرناه وربطنا من قوائمه الأربع تمهيدا للذبح ( اضحية العيد ) ثم أعددنا أدوات الذبح الخاصة ( موسى كباس أحمر ، وبلطة ( شرخة ) وسكين عادي وحجر لسن السكاكين بعد أن تصبح لا تقطع باللحم والشحم ، كنت قد إشتريتها قبل عدة ايام من نابلس ، خصيصا لذبح الأضحية الإسلامية بواقع 48 شيكلا ( 3.8 شيكل إسرائيلي تعادل دولار أمريكي واحد ) .
الكبش الأبيض الاقرع - اضحية عيد الاضحى المبارك
ويسن ان يقول المضحي المسلم عند ذبح الأضحية ، بعد توجيه مذبح الذبيحة الى القبلة الإسلامية ( جهة توجه راس المصلي المسلم للصلاة باتجاه الكعبة المشرفة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة ) ، وأن يسمي الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : باسم الله والله اكبر وصلى الله على رسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم " اللهم منك واليك فتقبل مني " . ووقت ذبح الاضحية والهدي بعد صلاة عيد الأضحى ويبقى الى غروب الشمس من آخر ايام التشريق ولا يجوز ذبح الاضحية قبل أداء صلاة عيد الاضحى المبارك .
ومهما يكن من أمر ، ونحن في حديقة منزلنا المليئة بالأشجار المثمرة ، ربطنا قوائم الكبش الأبيض ، الذي يسر الناظرين ، ذو الصوف المتوسط الحجم ، ووجهنا رأسه بإتجاه القبلة الإسلامية وساعدني في تثبيت الأضحية كلا من أبني هلال ، وابن أخي وزوج ابنتي حماد جمال ( ابو مهند ) ، ثم بسملت وكبرت وقلت ( قضى الله عليك الذبح .. بسم الله .. الله اكبر ) ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وأخفيت السكين عن عيون الكبش الأبيض ، ثم حززت بالسكين الحاد ( الموسى الكباس ) على رقبة الكبش فتدفق الدم الأحمر القاني ، وسط دعواتي وطلبي من الله المحيي المميت أن يتقبل مني هذا الأضحية المباركة . ثم بدأنا بسلخ الأضحية بعد أن علاقناها بقائمتيها الخلفيتن بكلاب حديد بشجرة لوز مرتفعة تمكننا من متابعة عملية السلخ ، ووضعنا مشتاح خشبي أسفل عملية فصل الجلد عن اللحم ( السلخ ) بالسكين .

اضحية عيد الأضحى المبارك ( كبش ابيض اقرع )
على العموم ، تحتفل الأمة الإسلامية بعيد الاضحى المبارك سنويا في العاشر من ذي الحجة ، وفي هذا العام  المبارك ( 1433 هـ / 2012 م ) كان له حدث خاص على نفسيتي لعدة عوامل شخصية ودينية عامة .

إبعاد الأطفال وقت الذبح عن المذبح .. الأضحية وليس الضحية

لقد عملت على إبعاد ابنتي الصغرى ( أمل الزهراء ) بالصف الرابع الأساسي ( 9 سنوات تقريبا ) عن وقت ومكان الذبح لأضحيتي الإسلامية ناصعة البياض ، بحديقة منزل العائلة ، لعدة أسباب من أهمها :
أولا : إبعاد شبح الخوف على الأطفال واحاديثهم ، وإبقاء بهجة العيد المبارك في قلوبهم . والحيلولة دون الكوابيس الليلية المزعجة .
ثانيا : إبقاء رمزية الأضحية الإسلامية الجميلة في مخيلتهم للتقرب إلى الله الغني الحميد .
ثالثا : إتاحة المجال أمام الأطفال للأكل من لحم الأضحية ، وعدم النظر لمنظر الذبح وتدفق الدماء الغزيرة من عنق الأضحية ، وتجنبيهم لمنظر الذبح والسلخ بصورة عامة .
رابعا : عدم تعويد الأطفال على استخدام الأدوات الحادة كالسكاكين ضد بعضهم البعض لتقليل الجرائم والجنح ضد الآخرين .
خامسا : تجنيب الأطفال عادة التقليد الأعمى للذبح بإيذاء الأخوة والأخوات والزملاء الصغار عند ممارسة اللعب الجماعي .

حبي العظيم لعيد الأضحى المبارك .. والحب الأكبر لسورتي الكوثر والحج

من نافلة القول ، إنني شخصيا ، أحب عيد الأضحى المبارك حبا جما ، لما يذكرني بالحج الإسلامي وهو ركن رئيسي من أركان الإسلام الخمسة بصورة عامة وهو موسم إيماني مشهود عظيم ، يتساوى في المسلمون بغض النظر عن اللون والعرق والجنس والأصل الاجتماعي والجغرافية ، في جميع اصقاع الكرة الأرضية ، فيأتون من كل فج عميق ليؤدوا مناسك الحج والعمرة مقرنين ويشهدوا منافع لهم ، ولما يذكرني بتوجهي للحج العظيم لبيت الله الحرام بمكة المكرمة عام 1419 هـ / 1999 م بصحبة والدي ( إبراهيم شحادة رحمه الله ) وتأديتي للعمرة ثلاث مرات عني ، ومرة رابعة أهديتها لوالدتي ( سهيلة  رحمها الله ) الحنونة قبل وفاتها . هذا بالإضافة إلى حبي العظيم لسورة الكوثر بالقرآن المجيد التي ارددها دائما ، واضعها على جهاز جوالي الخاص ( الهاتف الخليوي النقال ) لتذكرني بهذه السورة القرآنية المجيدة كلما استقبلت رسالة إلكترونية قصيرة من هنا أو هناك من الأحباء والأقارب والأصدقاء وبعض شركات الدعاية والاعلان بصورة يومية متتالية .

عيد الأضحى المبارك لدى الأمة الإسلامية .. قصة الذبيح اسماعيل عليه السلام

يقول الله الحميد المجيد ، سبحانه وتعالى في القرآن الكريم واصفا ابراهيم : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) }( القرآن المجيد - الصافات ) .
في هذا اليوم العظيم ( يوم النحر - عيد الأضحى المبارك ) ، تتجلى اعظم صور العبادة والامتثال لاوامر الله سبحانه وتعالى بالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والصلاة والاستغفار في بيوت الله وفي بيوت المواطنين المسلمين في جميع أرجاء المعمورة ، على حد سواء .
وفي هذا اليوم ، نرى حجاج بيت الله الحرام وهم يؤدون مناسك الحج في مكة المكرمة العاصمة الدينية الاسلامية الخالدة ، في مهرجان اسلامي رائع حيث تجشمت هذه الفئة من المسلمين مشاق السفر وأتت من كل فج عميق وأنفقت المال الوفير ، تخليداً لذكرى الامتحان الرباني الذي امتحن واختبر فيه الخالق سبحانه وتعالى خليله النبي ابراهيم عليه السلام وزوجته هاجر وابنه اسماعيل فامره ان ينقل امرأته هاجر ورضيعها من مدينة الخليل في بلادنا فلسطين المباركة الى ارض صحراوية مقفرة في تلك الحقبة من الزمن الى الديار الحجازية وما تبع ذلك من سعي الأم الرؤوم هاجر للبحث عن الماء بين الصفا والمروة وتفجر عين زمزم وما تلاها من قصة الذبح التي لم تتم وافتداء الله عز وجل سيدنا اسماعيل عليه السلام بكبش عظيم أملح .
ويحتفل المسلمون بعيد النحر او عيد الأضحى بالأضاحي إذ يضحي فيه المسلمون الحجاج بمكة المكرمة بالديار الحجازية وقت الحج ، والمضحين باضاحيهم في بيوتهم ومؤسساتهم بيوم العيد والأيام التي تليه من أيام التشريق ، بانعام انعم الله بها على البشر ، من الغنم والبقر والإبل ، وتظهر صور التكافل الاجتماعي والتآخي والتعاون بين ابناء الامة الاسلامية الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها .

الواقع الفعلي يختلف عن الأمنيات في توزيع الأضحية .. فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ .. وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ .. شكرا لله .. وعذرا للناس

يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)  حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)}( القرىن المجيد - الحج ) .
على أي حال ، لقد أعددت قائمة تضم 50 بيتا سيتم توزيع لحم أضحيتي عليها ، وبعد أن ذبحنا الأضحية وقسمنا لحم الكبش الأبيض لقطع صغيرة ، ووزعنا ثلاثة أرباع اللحم ( 75 % ) على الأقارب والأنسباء والجيران والأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجين وبعض عائلات الشهداء والأسرى والجرحى المتضررين من قمع الاحتلال الصهيوني الوحشي البغيض ، وابقينا ربع ( 25 % ) من الأضحية المتوسطة الحجم للأسرة الصغيرة . فقد تم فعليا تم توزيع اللحم على 40 بيتا من المسلمين من داخل قرية عزموط وفي نابلس ، بالمناطق القريبة منها 12 حصة خارج قرية عزموط و28 حصة داخل قرية عزموط ، ولم نتمكن من التوزيع على 50 بيتا كما كنت خططت لذلك ، بل بقي 10 بيوت أخرى لم تصلها هدايا الأضحية ، وذلك لكون الحصص الموزعة ليست صغيرة ، وليعذرنا من لم تشمله عملية توزيع لحوم الأضحية من الأقارب والأصدقاء ، وقلت في نفسي لو أننا استطعنا التوزيع الكامل كما خططنا ولكن ذلك لم يكن ممكنا من الناحية الواقعية الفعلية . وبذلك فقد استطعنا إنجاز 80 % من خطة توزيع الأضحية المرسومة بلحمها وشحمها وعظمها وأطرافها وراسها .

صلاة العيد أولا .. وصلاة الجمعة ثانيا

كما هو معلوم ، لقد صادف يوم عيد الأضحى المبارك ، يوم الجمعة الفضيل ، 10 ذو الحجة 1433 هـ / 26 تشرين الاول 2012 م ، وقد أنهينا عملية سلخ الأضحية ( سلخ الجلد عن اللحم ) ، وتقطيع لحمها ، قبل صلاة الجمعة الجامعة بقليل ، ثم ذهبت لأداء صلاة الجمعة بمسجد القرية البعيد عن المنزل قرابة 300 م ، وقد هطلت بعض الأمطار علينا ثم نقلنا اللحم لداخل الشقة الأرضية لنا ، وتابعنا عملية التوزيع على البيوت التي تولاها ابني هلال سيرا على الأقدام ، وسط زخات غزيرة من المطر ، فرجع مبلولا بصورة تامة . كما ابقينا جلد الكبش بعد تمليحه بالملح الأبيض للبيت للاستفادة منه كفرش أرضي في فصل الشتاء البارد . لقد هطلت زخات مباركة من الأمطار الربانية على خلقه ، فساهمت في تنظيف المباني والأشجار والشوارع وغسيل خارجي للسيارات الخاصة والعامة ، فكانت تنظيفا وتطهيرا للبشر والشجر والحجر ، في ثلاثية منقطعة النظير ، إنها حكمة ربانية عالية مميزة مباركة في هذا اليوم الفضيل .
وأثناء ذبحي وتقطيعي للأضحية البيضاء ( الكبش الأقرع - بلا قرون ) لم أتمكن كعادتي من أداء صلاة الضحى ( النافلة ) باربع ركعات بسبب الانهماك في العمل وتطلخ يداي وبعض ملابسي بدماء الكبش الأبيض اللون .
وبعد صلاة الجمعة المفروضة ، تابعنا عملية توزيع لحم الأضحية ( الكبش الأبيض ) ، ثم توجهنا لزيارة الأرحام والأقارب من بيوت الإخوة والأخوات داخل قريتنا عزموط ، وفي مخيمي عسكر القديم والجديد ومدينة نابلس ، وتقديم العيديات المالية للأرحام حسب الاستطاعة .
لقد كان عيد الأضحى المبارك ، مقدسا وممتعا بالنسبة لي ، ولكنه متعبا وشاقا للبدن والنفس والروح في الآن ذاته .
وفي العادة والتقاليد الإسلامية الشرعية ، تذبح الذبائح ذات المواصفات الطيبة ، السليمة من الأمراض والعاهات كالعور والعرج أو الهزال وغيرها فالهدية العينية ( الأضحية ) لوجه الله تعالى يجب أن يكون معافاة من جميع الأمراض الطارئة والمزمنة وأن يكون وزنها مناسبا وذات عمر مناسب أيضا لتحوي كمية من اللحم الكثيف . ويقوم المضحي بتوزيع ثلث الاضحية او الذبيحة على المساكين والفقراء والثلث الثاني على الأقارب والاصدقاء والجيران والثلث الثالث يبقى للمضحي واسرته .

الإفلاس المالي .. وعيد الأضحى المبارك

من المعروف أنه في موسم العيد الإسلامي ، عيد الفطر السسعيد ، وعيد الأضحى المبارك ، يتعرض معيل الأسرة المسلم ، بعد الإنفاق في سبيل الله ، من شراء الأطعمة والأشربة والحلويات ، والهدايا المالية ( عيديات الأرحام ) لحالة من حالات الإفلاس المؤقت ، فالموظف الحكومي أو الموظف بالقطاع الخاص ذو الراتب المحدود ، أو الباحث عن عمل ، يجب أن يكيف نفسه مع هذا الواقع الديني الإيماني ، وينبغي على الفرد المسلم ، أن يكون كريما غير بخيل على نفسه وبيته وأسرته والآخرين ولكن دون إسراف أو تبذير أو رياء أو مخيلة وعدم إبطال الصدقات بالمن والأذى باي حال من الأحوال .

وليكن عيد الأضحى المبارك ، رمزا للتضحية والفداء والجهاد في سبيل الله لاحقاق الحق وازهاق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، جهاد النفس والجهاد لتنشئة الجيل الاسلامي الواعي لواقعه لتحرير ارضه وارساء دعائم الاسلام الحنيف .
أعاد الله هذا العيد على شعبنا الفسطيني باليمن والبركات وقد تحققت الأماني في اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . وكل عام وانتم بالف خير يا ابناء امتنا العربية والاسلامية اينما كنتم وحيثما حللتم .
{ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ، { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } .
نقول وندعو ، كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: