الجمعة، 23 يوليو 2010

كوسوفا المسلمة .. بين التطهير العرقي الصربي والإدارة الدولية والإستقلال

كوسوفا المسلمة ..

بين التطهير العرقي الصربي

والإدارة الدولية والإستقلال

د. كمال إبراهيم علاونه
استاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) }( القرآن المجيد – آل عمران ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 10 / ص 19) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ " .

تمهيد

بإعتبارها آخر دولة أوروبية مستقلة ، أعلنت حكومة كوسوفا بعاصمة البلاد بريشتينا ، على لسان رئيس الحكومة ( هاشم تاتشي ) أمام البرلمان الكوسوفي ، في 17 شباط – فبراير 2008 ، الاستقلال الوطني بدولة ديموقراطية لكل العرقيات ، من جانب واحد عن صربيا ، وإعتزامها الإنضمام للإتحاد الأوروبي ، وحلف شمال الأطلسي ، وذلك بعد فترة حكم أو إدارة دولية طويلة ، امتدت لعشرة أعوام ، منذ عام 1999 ، فاعترفت باستقلال كوسوفا 69 دولة بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ، و22 دولة من دول الإتحاد الأوروبي ، بينما لم تقبل صربيا وروسيا بهذا الأمر ، فلجأت صربيا بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 تشرين الأول – اكتوبر 2008 ، لمحكمة العدل الدولية ، كما لجأت كوسوفا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا أيضا ، للإستفسار حول الأمر المستجد سياسيا وعسكريا وهو ( مدى شرعية إعلان استقلال كوسوفا ) بقارة أوروبا . فأيدت المحكمة الدولية قرار الاستقلال لكوسوفا ، في 22 تموز – يوليو 2010 ، وأضفت الشرعية الدولية على الاستقلال الوطني لهذا الشعب المسلم في أرض آبائه وأجداده ، ولكن قرار المحكمة الدولية استشاري غير ملزم كما هو معروف . ويبقى قرار استقلال كوسوفا خاضع للجدل الأوروبي والعالمي ، كون هذا الإقليم الجغرافي كان تابعا ليوغسلافيا السابقة طيلة عشرات السنين ونال الحكم الذاتي ضمن صربيا أو يوغوسلافيا ، منذ الإعلان عن الاتحاد اليوغسلافي عام 1945 .

على أي حال ، إن ألبانيا هي احد دول قارة أوروبا إذ تقع هذه الدولة التي تتخذ من تيرانه عاصمة لها جنوب غرب يوغوسلافيا . ويحدها ألبانيا شمالا يوغوسلافيا وجنوبا اليونان والبحر الادرياتيكي الذي يفصلها عن جنوب ايطاليا ، ويحدها شرقا يوغوسلافيا واليونان وغربا البحر الادرياتيكي ، فتبدو هذه الدولة دولة صغيرة المساحة قياسا بمساحة الدول المجاورة .
وأما بالنسبة ، لكوسوفا ، فإن تكوين كيان كوسوفا السياسي عبر التاريخ يرجع إلى عام 1868 م بعد صدور قانون الولايات العثمانية ، عندما أقيمت ولاية " قوصوة " بأغلبية البانية وأقلية صربية ، بعاصمتها بريزرن . وفي إعقاب الانتفاضات والثورات الألبانية ضد الحكم العثماني المتأخر في الأعوام 1909 و 1910 و 1911 و 1912 ، وسيطرة الثوار على العاصمة وافقت استانبول على منح ولاية " قوصوة " الحكم الذاتي في 12 آب 1912 م ، إلا أن بروز صربيا اثر الحرب البلقانية في خريف 1912 حرم هذه الولاية من الحكم الذاتي ، واحتلت النمسا صربيا وكوسوفا حيث اعترفت النمسا بالحكم الذاتي لهذه الولاية حتى أواخر الحرب العالمية الأولى . وبعد قيام يوغسلافيا عام 1918 ، بنهاية الحرب العالمية الأولى ، أضحت كوسوفا من القضايا التي تؤرق يوغسلافيا إضافة إلى ( كرواتيا والبوسنة ومقدونيا ) مما أدى إلى انهيارها وضم جزء كبير من كوسوفا إلى ألبانيا عام 1941 . وفي إعقاب قيام يوغسلافيا الاتحادية الحديثة ، عام 1945 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، تمتعت كوسوفا بالحكم الذاتي الواسع ضمن صربيا ما بين الأعوام 1945 – 1971 م وبعد ذلك في إطار يوغسلافيا .
وفي عام 1974 صدر الدستور اليوغسلافي الاتحادي الذي ساوى تقريبا بين الجمهوريات اليوغسلافية " دستور ، برلمان ، رئيس ، حكومة " . وبعد وفاة الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو ،عام 1980 تولى الرئاسة مجلس جماعي ، وأصبح لكوسوفا ممثل في " مجلس الرئاسة " ، وفي الفترة الممتدة ما بين 15 أيار 1985 – 15 أيار 1986 تولى ممثل كوسوفا رئاسة يوغسلافيا .

أزمة إقليم كوسوفو المسلم

يقول الله السميع البصير تبارك وتعالى : { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) }( القرآن المجيد – النحل ) .

إقليم كوسوفا ( تسمية إسلامية ) أو كوسوفو ( تسمية غربية ) الذي يسكنه أغلبية البانية يشكلون حوالي 90 % من إجمالي عدد السكان فيه البالغ عددهم نحو مليوني نسمة منحه الرئيس اليوغوسلافي الراحل جوزيف بروز تيتو حكما ذاتيا موسعا طيلة فترة حكمة من عام 1945 – 1980 . وفي عام 1987 تولى سلوبودان ميلوسيفتش الحكم في يوغسلافيا ، واستمرت كوسوفا تتمتع بالحكم الذاتي . وفي عام 1989 بعد تولي الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفتش الحكم بعامين ألغى الحكم الذاتي الممنوح للألبان المسلمين والحق وضم كوسوفا ( كوسوفو ) بصربيا . وقد ادعى ميلوسيفتش في الذكرى المئوية لانتصار العثمانيين في معركة ( صقل اللؤلؤ ) أن صربيا يجب أن تكون قوية ومميزة ، وان كوسوفو هي مهد المقدسات الصربية ورمز العرق الصربي وانه لا ينبغي التخلي عنها مهما كانت الأسباب . فأخذ التوتر يظهر بصورة جلية بعد ذلك اثر شروع قوات الصرب النظامية الصليبية المتعصبة ، بقمع مواطني إقليم كوسوفو الألبانيين واستخدم شتى الطرق الوحشية للتنكيل بهؤلاء السكان ( 1 ) . وفي إعقاب إلغاء الحكم الذاتي لكوسوفا عمت المظاهرات والانتفاضات الاحتجاجية كوسوفا ، وفي عام 1990 أعلن الألبان " جمهورية كوسوفا " ثم نظموا انتخابات رئاسية عام 1992 فاز فيها " إبراهيم روغوفا " . وفي 1 أيلول 1996 وقعت اتفاقية بين إبراهيم روغوفا وميلوسيفيتش بوساطة ايطالية - أميركية إلا أن الاتفاق تعثر ، مما أدى إلى ظهور " جيش تحرير كوسوفا " عام 1997 . وتدخلت بعض الدول الغربية والزمت بلغراد على توقيع اتفاق ( ميلوسيفتيش – هولبروك ) الجديد في 13 تشرين الأول 1998 أقرت ووافقت بموجبه بلغراد على وجود دولي مراقب . وبعد وقوع مجزرة راشاك طلبت بعض الدول الغربية من الطرفين اليوغسلافي الصربي والكوسوفي التوجه لإجراء مفاوضات في رامبوييه الفرنسية ، يتم بموجبه " تخلي الألبان عن الاستقلال وقبول بلغراد بوجود دولي اكبر لضمان تنفيذ هذه الاتفاقية " ، المتمثلة بإعادة تطبيق الحكم الذاتي الموسع لشعب كوسوفا بوجود دولي قوي ، إلا أن الصرب رفضوا ذلك .

المقاومة الوطنية والإسلامية للصرب العنصريين

يقول الله القوي العزيز ذو الجلال والإكرام ناصر المستضعفين في الأرض : { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}( القرآن الحكيم – الحج ) .

ظهرت قوى وحركات البانية داخل كوسوفا تدافع عن حقوق ومصالح ومطالب هؤلاء المواطنين ومن هذه الحركات السياسية الآتي :
1. الجبهة الديموقراطية في كوسوفو بزعامة إبراهيم روغوفا الذي أطلق عليه ( غاندي البلقان ) ، ووصف بأنه زعيم معتدل . وقد نادت هذه الجبهة بإعادة الحكم الذاتي لإقليم ( كوسوفو ) والمحافظة على العادات والقيم والتاريخ الخاص بهؤلاء المواطنين عبر السنين ، وقد فشلت المحاولات السلمية لإعادة الحكم الذاتي لكوسوفا فلجأ المواطنون إلى استخدام الكفاح المسلح للمطالبة بحقوقهم . واتهم قادة ألبانيون من كوسوفا هجروا إلى مقدونيا إبراهيم روغوفا بالتعاون مع الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفتش .
2. جيش تحرير كوسوفو : وتزعمه سياسيا هاشم تاجي ( تقي ) ، رئيس الحكومة المؤقتة لألبان كوسوفا ، فبعد وصول المباحثات والمطالبات الألبانية لسكان كوسوفا مع اليوغسلافيين والصرب خاصة بالاستقلال إلى طريق مسدود لجا المواطنون إلى الكفاح المسلح العنيف ضد اليوغسلافيين العنصريين الجدد بهدف استرجاع الهوية الألبانية المسلمة وحمايتها من الاندثار . وعن ذلك يقول تاجي الزعيم السياسي لجيش تحرير كوسوفو : " دون جيش تحرير كوسوفو لن يكون للإقليم مستقبل " ، ورفض فكرة نزع سلاح جيشه الذي أقرته الدول الثماني وأعرب تقي عن أمله في : " مواصلة المقاومة ( ضد الصرب ) حتى تحقيق استقلال كوسوفو " ، ( 2 ) ودعا هاشم تقي إلى توحيد صفوف الكوسوفيين لتحرير كوسوفا وطالب بعقد الاجتماعات والتنسيق مع إبراهيم روغوفا : " آن الأوان كي يتحدث ألبان كوسوفو بصوت واحد ومن اجل ذلك من الملح أن نلتقي في تيرانا .. بالرغم من نشاطاته المشبوهة ( روغوفا ) فمن واجبه السياسي والأخلاقي المساهمة في تسوية اقليم كوسوفو " ، ( 3 ) .

الجهاد في سبيل الله

جاء في صحيح البخاري - (ج 8 / ص 440) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ . قُلْتُ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ : " أَعْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ تَدَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ " .

لقد تدفق مئات المتطوعين الكوسوفيين والألبان وغيرهم من المسلمين والعرب ، للوقوف في وجه الأطماع الصربية العرقية وللدفاع عن كوسوفا ، من مختلف الجنسيات . فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة " ترود " الروسية الصادرة في موسكو أن مقاتلين من الجمهورية الشيشانية الواقعة في القوقاز انضموا إلى صفوف جيش تحرير كوسوفا ، وان زعيمي الحرب الشيشانيين شامل باساييف وأمير خطاب اللذين برزا خلال حرب الاستقلال عن موسكو ما بين كانون الأول 19994 – آب 1996 من بين المتطوعين ، وأضافت الصحيفة أن اتفاقا وقع بين جيش تحرير كوسوفو والشيشانيين لإنشاء معسكر تدريب على الأراضي الشيشانية يتألف من متطوعين من البلدين وقد تم إقامة هذا المعسكر بالفعل في نيسان – إبريل 1999 في منطقة ( فيدينو ) شمال الشيشان بدأ ب 70 ألبانيا ومقدونيا مسلحا لتلقي تدريبات عسكرية لمدة ثلاثة أسابيع .
وكانت نشطت دعوة لمعاونة المسلمين في كوسوفا من خلال تجنيد شيشانيين وداغستانيين وتتار من بلاد القرم أو أذربيجان من المسلمين الرجال وفي المقابل ساندت موسكو حليفها الصربي ضد قوات الأطلسي ( 4 ) . وعن دور جيش تحرير كوسوفا قال متحدث باسم وزارة الحربية الأميركية " : إن القوات اليوغسلافية في كوسوفو تواجه نشاطا متجددا لجيش تحرير كوسوفو إضافة إلى خطر الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي " .

صربيا الكبرى .. والتطهير العرقي ضد مسلمي كوسوفا

في عام 1993 أسس فوك داركوفيتش حركة سياسية أرثوذوكسية متطرفة أطلق عليها ( حركة التجدد الصربي ) للمناداة ب ( صربيا الكبرى ) فالتف وتجمع حوله المنادين بالتطهير العرقي ضد المسلمين الألبان ، مطالبا بضرورة الاحتفاظ بإقليم ( كوسوفو ) تحت ظل السيادة والأرض الصربية وان الحوار مع ألبان كوسوفو غير مجد ولا فائدة منه أي انه لا يؤمن بالحوار السياسي مع الألبان في كوسوفو وان هؤلاء السكان هم " مواطنون صرب " مشيرا إلى أن حل الأزمة هناك يكمن في : " إعلان واضح من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي ومجموعة الاتصال بأنه لا يمكن أن يكون إقليم كوسوفو مستقل أو ألبانيا الكبرى ولا كوسوفو جمهورية يوغوسلافية ثالثة " إلى جانب جمهورية صربيا وجمهورية الجبل الأسود ( 5 ) .
لقد تعرض شعب كوسوفا إلى حرب إبادة وتطهير عرقية في البلقان في أواخر القرن العشرين الميلادي : " وتأتي حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الألباني في كوسوفو على يد الصرب تماما مثل حرب الإبادة التي سبقتها قبل سنوات في البوسنة والهرسك على أيدي الصرب أيضا ... عندما نتوقف عند تفاصيل الجرائم التي ارتكبها الصربيون نجد أنها صورة طبق الأصل للجرائم التي ارتكبها ولا زال يرتكبها الصهيونيون ... ولا شك أن ما جعل قضية كوسوفو في موضع الاهتمام العالمي هو ما جرى الكشف عنه من الجرائم البشعة التي ارتكبها الصرب بالألبان المسلمين عندما اكتشفت المذابح الجماعية للعديد من القرى اليوغسلافية في كوسوفو التي كان جنود الصرب يدخلونها بأسلحتهم المتفوقة ويقومون بعمليات الإبادة الجماعية بقتل الأطفال والنساء والرجال ومن ثم إحراق جثثهم ونهب بيوتهم ثم القيام بتدمير منازلهم بقلوب لا تعرف الرحمة والشفقة ... ومن يدرس عقلية وتصرفات وأفعال زعماء الحركة الصهيونية ومعظمهم في الأصل من منطقة البلقان يدرك أنهم تشبعوا بالأفكار والعقيدة الفاشية والنازية ولهذا كانوا يؤمنون بالإرهاب والقتل وسفك الدماء والتهجير هي السبيل الوحيد لسرقة وطن الآخرين والسطو على حقوق أصحاب البلاد الأصليين " ، ( 6 ) .

التدخل الخارجي السلمي لحل الأزمة

بعد اندلاع الحرب الشاملة عسكريا وسياسيا وإعلاميا واقتصاديا ، بين ألبان كوسوفو والصرب بدأت الوساطات الغربية عبر ريتشارد هولبروك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي بيل كلينتون الذي فشل في مساعيه التوسطية ، فأسندت عملية التوسط بين الجانبين الصربي وممثلي كوسوفو إلى مجموعة الاتصال التي تألفت من ست دول هي : الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا وألمانيا . فوضعت هذه اللجنة خطة لإحلال السلام في كوسوفو تتمثل في منح إقليم كوسوفا حكما ذاتيا لمدة ثلاث سنوات ويقرر بعدها السكان مصيرهم عبر مفاوضات سياسية ونزع سلاح ميليشيات الصرب وسلاح جيش تحرير كوسوفو وتمركز قوات عسكرية من بلدان المجموعة في كوسوفو . وقد رفض ممثلو ميلوسيفتش هذه الخطة السلمية في آذار 1999 في حين وافق عليها بعض ممثلي إقليم كوسوفو ( 7 ) . وأعلن داركوفيتش بصفته نائبا لرئيس الوزراء الصربي أن بلغراد مستعدة لتسوية ما مع الحلف الأطلسي خاصة مسالة تواجد قوات تابعة للأمم المتحدة وحلف الأطلسي في كوسوفو وشدد على انه " على قادة يوغوسلافيا الكف عن الكذب على الشعب وقول الحقيقة له .. وأن يوغوسلافيا لا تستطيع الانتصار على قوات الأطلسي وانه يعبر عن آراء ميلوسوفيتش " ، وبعد ثلاثة أيام من إعلانه عن هذا التصريح نقلت الوكالة اليوغسلافية للإعلام نبأ إقالة داركوفيتش ووزرائه الثلاثة من الحكومة الصربية بتهمة زعزعة الثقة بالحكومة وخيانة القضية اليوغوسلافية الجديدة .

لاجئو كوسوفا

إثر تزايد العمليات العسكرية الجوية الغربية على صربيا وكوسوفا وازدياد عمليات القمع والاضطهاد الصربية الرسمية وغير الرسمية وإزهاق أرواح المئات من مواطني كوسوفا المسلمين من القتل والنهب والسلب واغتصاب النساء ازدادت عمليات التهجير القسرية والفرار من الجحيم الصربي المبرمج عبر الحدود الدولية ، فتعددت الملاجئ والمخيمات والمعسكرات لهؤلاء المهجرين بالقوة داخل كوسوفا ذاتها أو في دول الطوق المجاورة . ففي ألبانيا ، في الجنوب والوسط ، أنشأت عدة مخيمات جديدة لعشرات الآلاف من المسلمين المرحلين من كوسوفو من أبرزها : ( كوكيس ، سوكدير ، فايزي ، كوميه ، ديخار ، لايزخيه ، دوريس ، الباسان ، بيرات ، كورتشي ، فلوريه ، جييركا ستير ) وفي الحزام المقدوني مخيمات : ( براجدا ، رادوتشا ، نيبريستينو ، بوياني ، سينوكوفتش ، نافروفو .. ) أو المونتينيغري مخيمات ( الجبل الأسود ) : ( روازتش ، نوفي بازار .. ) . ( 8 ) .


أجهزة التطهير العرقي الصربية

نشر النظام اليوغوسلافي الصربي نحو ستين ألف جندي نظامي وغير نظامي منهم : أربعين ألف جندي صربي نظامي وعشرين غير نظامي بحوزتهم أربعمائة دبابة ومدرعة ( 9 ) ، وذلك لتنفيذ سياسة التطهير العرقي وتهجير وترحيل المواطنين من سكان كوسوفا الذين في غالبيتهم من المسلمين الألبان .
ويقول احد البرلمانيين الغربيين عن عقلية التطهير العرقي الصربي في كوسوفا قبل اندلاع الأزمة بين الجانبين الصربي الصليبي والكوسوفي المسلم : " وكما طالب هتلر بتوسيع حدود ألمانيا حتى تشمل كافة الألمان الذين يعيشون في الأراضي المجاورة كذلك قام ميلوسيفيتش بغزو سولفينيا ثم كرواتيا وبعد ذلك غزا البوسنة حتى يجمع كافة الصرب في دولة واحدة يحكمها بنفسه ، وها هو الآن يطرد الألبان من كوسوفو حتى يجد مكانا للاجئين الصرب الذين اضطروا للهجرة كنتيجة للحروب التي أشعلها ... عرفنا نحن بقمع ميلوسيفيتش لبرلمان كوسوفو لكننا لم نكن على استعداد للتحرك طيلة العقد الماضي رغم أن النظام اليوغسلافي جرد ألبان كوسوفو من حقوقهم في التعليم وحتى العمل في أراضيهم وبلادهم " ، ( 10 ) .

وسائل التنقل

لجأ لاجئو كوسوفو إلى إتباع عدة طرق في أعقاب إجبارهم على الخروج من وطنهم : " وينتظم الأهالي المهجرين والمرحلين قسرا من بلداتهم وقراهم ومدنهم قوافل لا يدرون هم على وجه الضبط كيف نظمتهم وجمعتهم وقد خرجوا من بيوتهم ومدارسهم ومحالهم وأراضيهم أشتاتا وعلى ما يحسبون فرادى ... يروون أن قوات صربية نظامية أو شبه نظامية حاصرت البلدة فجأة في الصباح أو مساء وقصفت عشوائيا مواضع مختلفة منها ، ثم دخل بعض أفرادها البلدة وجالوا على البيوت عصبا صغيرة ومسلحة وحطموا البوابات وأطلقوا النار في الهواء أو على الجدران ، ورمى بعضهم قنابل في أفنية البيوت وأذاعوا بواسطة مكبرات الصوت أمرا قاطعا بالخروج والتجمع في ساحة البلدة أو على مدخلها ( مخرجها ) والاستعداد للرحيل في حراسة المسلحين المقنعين ومواكبة آليات مدرعة " ، ( 11 ) .
ووسط القمع والتنكيل بالصفع والضرب بالأيدي والشتم والرفس بالأقدام تارة والضرب بأعقاب البنادق- الكلاشن كوف - تارة والطرح على الأرض تارة ثالثة ، يتم تهجير ثلاثة أجيال من الكوسوفييين المسلمين : الجد والابن والحفيد ، ذكورا وإناثا ، " فيأمر الصرب الجماعة ، المجتمعة من العائلات بالتفرق فريقين : واحد من الذكور الفتيان والشبان والرجال ، وآخر من النساء والأولاد والرجال المسنين ، فإذا خرج الذكور من الجماعة أمر المسلحون الباقين بالمشي والترك واستبقوا الرجال ورائهم ، حتى إذا مشت النساء والأولاد والمسنين وخلفت ورائها فتيانها وشبانها ورجالها منبطحين على بطونهم ومعقودي اليدين وراء رقابهم ووجوههم إلى الأرض ، دوت في أسماع الراحلين أصوات انفجار الرصاص .. فعلموا أن بعض الرجال قتلوا ترويعا وتمثيلا وشبهة – بعلاقة بجيش تحرير كوسوفو وأيقنوا أن اللحظات التي كانوا فيها للتو قد تكون آخر أوقات اجتماعهم ، ومعظم أفواج المهجرين والمرحلين وصلوا إلى ملاجئهم الألبانية والمقدونية والمونتينيغرية من غير رجال . وأحصت منظمات الرعاية والإغاثة نقصا في عدد الوافدين من كوسوفو يبلغ 15 % من متوسط العدد الإجمالي الأصلي وهي نسبة الذكور البالغين بين 15 سنة و45 سنة " ، ( 12 )
وتستمر رحلة التهجير من الوطن ، من كوسوفو ، إلى المخيمات المعدة لإيواء المهجرين ما بين ثلاثة أيام إلى الأسبوع أو الأسبوعين وذلك حسب وسيلة النقل المتوفرة للهرب من جحيم الحرب والقتل والتدمير والترويع والفقر والجوع و .. و .. الخ . وتتنوع وسائل النقل لتشمل السير مشيا على الأقدام أو التنقل عبر الجرارات الزراعية أو السيارات المتوفرة ....

ترويع صربي أثناء التهجير

تعددت أساليب الصرب في إرهاب وتخويف وترويع المهجرين المسلمين من كوسوفا فشملت القتل والاعتقال والفتك بالمال والمتاع والنساء أثناء ترحيلهم إما من قبل جنود الحواجز الثابتة أو المواكبة المسلحة من العصابات المسلحة والقوات النظامية : " وإذا احتاجوا إلى اتقاء قصف الطيران الأطلسي والى توريط الحلفاء في قصف مرفق عسكري يلبسونه لباسا مدنيا أو " درعا بشرية " على ما حصل في كوريتشا .. كما إن للحواجز " خوة " الحراسة . وهذه " الخوة " على أنواع : فهي تارة بعض المتاع الذي نجا من المصادرة ، وهي تارة ثانية صبية جميلة لم ينتبه المسلحون لها في أول الأمر ، وهي تارة ثالثة طعام قليل نجح المهجرون في إخفائه " ، ( 13 ) .
وقد عملت القوات الصربية على احتجاز عشرات آلاف من ألبان كوسوفا المسلمين في " معسكرات اعتقال جماعية " فمثلا نقلت صحيفة " صنداي تلغراف " اللندنية البريطانية أن قوات حلف الأطلسي عثرت على 60 ألف لاجئ كوسوفيين في خمس قرى كوسوفيه أحرقت هي : ( سايكوفاتش ، دوموتش ، سوركيتش ، سفيتشل وسيكيراتشا ) قرب بودوييفو شمالي كوسوفا ، جمعتهم القوات الصليبية العنصرية الصربية من مخابئ جبلية في أواسط نيسان 1999 لاستخدامهم كدروع بشرية إذا شنت القوات الأطلسية هجوما بريا ، وقد طوقت هذه المعسكرات الجماعية بالدبابات والجنود الصرب وأي شخص يحاول الهرب تطلق عليه النار فورا ( 14 ) .
وفي مخيم كوكيس بألبانيا لإيواء المهجرين المسلمين من إقليم كوسوفو ، وصف عدد من الأسرى الرجال الذين أفرجت السلطات الصربية عنهم من سجن سمريكونيتشا في أواخر شهر أيار 1999 بعد احتجازهم لمدة نحو شهرين منذ آذار 1999 ، بآنهم تعرضوا لعمليات ضرب يومية من قبل الصرب على الأيدي أو الكلى أو الركب وان ما بين 5 – 20 رجلا من أسرى كوسوفو المسلمين كانوا يفقدون الوعي أو يصابون بجروح خطيرة يوميا في السجن على مدى عدة أسابيع للاشتباه بأنهم أعضاء في " جيش تحرير كوسوفو" ، مع العلم انه لم تكن هناك أدلة بأنهم أعضاء في هذا الجيش الكوسوفي ، وقد " بدا عليهم الهزال والألم والشعور بالصدمة " ، ( 15 ) .
وأفاد احد الأسرى من بلدة ميتروفيتشا وسط كوسوفو الذي اعتقل مع مجموعة كبيرة ( تضم 583 رجلا ) من اللاجئين في أواسط نيسان 1999 وأفرج عنه في أيار من السجون الصربية ويدعى ( فيتيم سيلا ، 24 عاما ) انه كان من الضعف بحيث لم يستطع رفع حتى خمسة كغم ، وقال : " كنت سعيد الحظ ، ضربت على اليدين فقط بين ( 70 – 100 مرة ) واجبر آخرون على التقاتل بعضهم مع بعض ، أعطوهم عصي مكانس وطلبوا منهم أن يتقاتلوا " ، ( 16 ) .
ويبدو أن السلطات الصربية كانت تتعمد الإفراج عن عشرات الأسرى بين الحين والآخر ، للإيحاء بان الأسرى والمعتقلين المسلمين من كوسوفا الذين يتم احتجازهم في السجون الصربية يتم إطلاق سراحهم لاحقا وأنهم لا يقتلون ، والحقيقة إن عمليات قتل الرجال المسلمين من كوسوفو كانت تتم بالجملة وبالمفرق، وفي بعض الأحيان ، على مرأى من ذويهم كما أفاد العديد من اللاجئين المهجرين من إقليم كوسوفو المنكوب بالوحشية والعنجهية الصربية الإرهابية .
وعقب روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مخيم كوكيس بالبانيا ، على إطلاق سراح مجموعة كبيرة من أسرى كوسوفو في أيار 1999 ضمت 583 أسيرا خرجت من بلدة ميتروفيتشا في أواسط نيسان 1999 قائلا : " تلك كانت أسوأ مجموعة من الناحية البدنية شاهدناها منذ فترة طويلة .. إنهم أفرج عنهم من السجن ... وجدنا قليلا منهم مصابا بكسور واحدهم كان مصابا بكسر في قدمه ، كانوا يعانون من الصدمة والذهول .. بعضهم كان يعاني من مشاكل في المعدة عندما قدمت لهم وجبة في ساعة متأخرة .. هؤلاء الرجال كانوا يطعمون بالخبز والبيض ولكنهم كانوا لا يحصلون على طعام لفترات قد تصل إلى ثلاثة أيام أثناء سجنهم " ، ( 17 ) .
من جهتها ، منظمة المعونات " أطباء بلا حدود " أكدت أن هناك شواهد طبية تدل على عمليات الضرب التي تحدث عنها اللاجئون المعتقلون الذين أطلق سراحهم في أيار 1999 .


أعداد المهجرين من كوسوفا

التهجير لمسلمي كوسوفو إتخذ نمطين أو شكلين أساسيين هما :
الأول : تهجير داخلي : حيث بقي المهجرون داخل مناطق إقليم كوسوفو وبلغ عددهم أكثر من 700 ألف شخص ، مع ما يرافق من عذاب وتشرد وغربة في الوطن ذاته بسبب القمع العسكري والنفسي والاقتصادي الصربي .
الثاني : تهجير خارجي : خارج إقليم كوسوفا ، وهو التهجير الأكثر شمولا وفظاعة ، إذ بين ليلة وضحاها يصبح الإنسان الكوسوفي خارج وطنه دون ذنب اقترفه ، بفعل عمليات الإرهاب الصربية العنصرية .
على أي حال ، بلغ عدد المهجرين من كوسوفا منذ بداية عمليات التطهير العرقي ضد المسلمين والكاثوليك وفق بعض الإحصاءات الدولية نحو مليون إنسان والبعض الآخر قدر عدد اللاجئين بنحو ( 940 ألف شخص ) توجهوا إلى عدة مخيمات خارج كوسوفو إقيمت خصيصا لاستقبال هذه الأفواج أو الأمواج البشرية المهجرة ، على النحو التالي :
= 440 ألف هجروا إلى ألبانيا وخاصة في المخيمات الشمالية ، أما المخيمات الجنوبية الألبانية فان المهجرين في معظمهم رفضوا التوجه لها بانتظار بقية أهلهم للحاق بهم .
= 240 ألف توجهوا باتجاه مقدونيا ( وهي محطة تسفير وترحيل ) للاجئي كوسوفا ، وفي مقدونيا البالغ عدد سكانها نحو 2.2 مليون نسمة منهم جالية ألبانية يقدر عددها ربع عدد إجمالي السكان هناك ، ويتم هنا استقبال المهجرين بشروط جافة الأمر الذي اضطر نحو 40 ألفا إلى ترك مقدونيا ثم توجهوا إلى قارتي استراليا وأمريكيا الشمالية وبعض البلدان الأوروبية مثل ألمانيا حسب إحصاءات شبه دقيقة حتى أواسط شهر أيار 1999 .
= 124 ألف نسمة هجروا إلى قارة أوروبا ومعظمهم استقر في ألمانيا .
= 64 ألف نسمة هجروا إلى الجبل الأسود أو مونتينيغرو من خلال سهولة المرور ورشوة حرس الحدود الصربي للقدوم إلى هذه المنطقة .
= 18 ألف نسمة توجهوا إلى البوسنة والهرسك ، وهم مجبرين مع العلم أن كثيرا من أهالي البوسنة المهجرين لم يتمكنوا من العودة لبلادهم بفعل الأعمال الإجرامية الصربية السابقة ضدهم .
= 170 ألف نسمة هجروا إلى بلغاريا ورومانيا وتركيا واليونان .

وقد أعلنت الولايات المتحدة على لسان نائب الرئيس الأميركي آل غور آنذاك عن استعدادها لاستقبال عشرين ألفا من لاجئي ألبان كوسوفو : " سنستقبل على الأراضي الأميركية ما يصل إلى 20 ألفا من لاجئي كوسوفو المشردين ممن تربطهم صلات قرابة وثيقة بمواطنين في أمريكا والمعرضين للخطر بشكل خاص ... لكن هذه الخطة ألغيت بعد أن أثارت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة وهيئات أخرى شكوكا فيها قائلة إن ألبان كوسوفو سيعانون من العزلة في مكان يبعد 9600 كم عن موطنهم " ، ( 18 ) .
على أي حال ، إن أعداد اللاجئين من كوسوفا اخذ يتصاعد شيئا فشيئا ، في تلك الحقبة من الزمن ، بنهاية القرن العشرين المنصرم ، اثر تزايد الحملات العنصرية التطهيرية ضد شعب كوسوفا ، وذكرت الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين والنازحين من كوسوفا إلى البلدان المجاورة ومنتينغرو خلال ثلاثين يوما بين أواسط شهري آذار ونيسان 1999 ارتفع من مائة ألف إلى أكثر من 600 ألف لاجئ كوسوفي ، حيث طلبت الوكالات الإنسانية 625 مليون دولار لمساعدة 1.25 مليون لاجئ من كوسوفا .

حياة المهجرين الكوسوفيين في المخيمات

المهجرون الكوسوفييون كانوا يحاولون عند إجبارهم على الرحيل عن مدنهم وبلداتهم وقراهم من قبل القوات الصربية النظامية وغير النظامية الوحشية ، أن يحملوا من الأمتعة والأغراض الشخصية والأموال المنقولة غير الثابتة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ليقتاتوا بها أثناء رحلة العذاب والدمار التي لم تكن متوقعة في يوم من الأيام أو أثناء استقرارهم في بلاد المنافي هنا أو هناك ، إلا أن السواد الأعظم منهم لم يتمكن من نقل إلا أمتعة قليلة وخفيفة الوزن لعدم توفر وسائل النقل من الشاحنات أو السيارات أو الجرارات الزراعية ، وأصبح هم الإنسان الكوسوفي أن ينجو بنفسه وأهله وعرضه بالدرجة الأولى وهي حاجة إنسانية غريزية وهي حب البقاء وتفضيل النفس على المتاع والممتلكات المنقولة والثابتة كالعقارات . وكم كان الكوسوفيون يترددون في اجتياز رحلة العذاب مفضلين الموت في وطنهم على الرحيل المجهول الزمان والمكان .
هذا ، وكان يتلقى المهجرون في ألبانيا معونات غذائية ومالية بصورة رسمية أو أهلية ويسكن نحو 40 % من هؤلاء المهجرين في بيوت ، والباقي من المهجرين في البلدان المجاورة لكوسوفو يعيشون في خيم عائلية ، طول الواحدة منها عبارة عن ثلاثة أمتار أو أوسع قليلا في ظل ظروف معيشية متقلبة غير مستقرة ، قاهرة وبائسة وسط انتشار الأمراض الطارئة والمعدية أو المزمنة بالإضافة إلى الحالة النفسية المتوترة التي يحياها المهجرون . فالأطفال ينتظرون الأب أو الجد أو الأم والفتاة تنتظر الأخ أو الأب أو كليهما والمرأة تنتظر عودة زوجها أو أبيها أو أخيها بفارغ الصبر ... و .. ولسان حالهم يقول لماذا نحن هنا مشردون ؟ ماذا ارتكبنا ؟ ومتى سنعود إلى وطننا كوسوفا ؟ ومتى نرى الأحبة من الأهل والأصدقاء ؟ لقد أصبحنا في وضع بائس وبئيس لا نحسد عليه من المأوى والمأكل والمشرب والحياة العامة الضنكى .. الخ ، إنها ظروف مأساوية بكل ما في الكلمة من معنى ، فالمشاهد – إذا كان من ذوي الضمائر الحية - لصور هذه المخيمات التي توصف عادة بأنها سجون محاطة من جميع الجهات الأربع ، بأسلاك شائكة ، لهذه الجالية المسلمة التي هجرت ورحلت بالعنف والجبروت ، وشريعة الغاب ، لا يملك إلا أن تذرف عيناه الدموع وبغزارة جراء سياسة التطهير العرقي الصربية العنصرية المحمومة ضد المسلمين في هذه البقعة من بقاع هذا العالم التي يتفرج وينظر بأم عينية إلى الجرائم البشعة التي شابهت وماثلت بل فاقت العنصرية الفاشية والنازية في أوروبا في بداية العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين واختتمتها القوات الصربية بجرائم يندى لها الجبين في أواخر العقد التاسع من القرن العشرين ، وعلى أبواب الألفية الثانية ، وكأنها هدية عنصرية من الصرب العرقيين .
وكانت الناطقة بإسم الأمم المتحدة تيريز غاستو قالت : " إن الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة طلبت أموالا إضافية للاجئين والنازحين من كوسوفو إلى ألبانيا ومقدونيا ومنتينيغرو والبوسنة نظرا للتدهور السريع في للوضع في الإقليم ( الصربي ) ، وتشير التقديرات إلى احتمال أن يبلغ عدد اللاجئين والنازحين 950 ألفا قبل 30 حزيران ( 1999 ) ... وقد طلبت من الدول المانحة 625 مليون دولار للنصف الأول من العام بعدما كانت طلبت في كانون الأول الماضي 359 مليون دولار . وتبلغ قيمة المساهمات والأموال التي تم التعهد بدفعها الآن 180 مليون دولار أي اقل بنسبة 30 % من الملايين إلى 625 المطلوبة " ، ( 19 ) .
على أي حال ، ان المعونات الغذائية والطبية المحلية والدولية : العربية والإسلامية والأوروبية والأمريكية وسواها ، وان كانت لا تفي بالغرض المطلوب لغاية تلك الفترة لكثرة عدد المهجرين إلا أنها ساهمت إلى حد ما في التخفيف عن أناس نكبوا بوطنهم وهجروا من ديارهم بالحد الأدنى ولكن ليس للجميع . وليس ذلك كان هو المطلوب فقط إنما كان المطلوب العمل الحثيث على تنفيذ الحل الجذري المتمثل في الرجوع إلى الوطن أولا والتمكن من الحياة بعزة وكرامة ثانيا وسط قانون يحفظ للإنسان حقه في الحياة الكريمة والعمل وتلقى العلم وفق مبادئ العدالة الاجتماعية وبعيدا عن التطرف والعنصرية الصربية النتنة . وبصورة مؤقتة كان لا بد من مضاعفة الاهتمام الدولي وخاصة العربي والإسلامي بإغاثة هؤلاء المنكوبين كشريحة من شرائح الأمة المسلمة ، ونصرة الحق بشتى السبل والطرق التي تضمن مستقبلا العودة لهم . كما إن الحرب التي دارت رحاها في البلقان لا بد من وضع حد لها لأنها تضر بمصلحة أهالي كوسوفا وساهمت بتهجيرهم كما ساهمت بذلك السياسية العنصرية الصربية على حد سواء .

التدخل العسكري الغربي ضد يوغوسلافيا

بعد فشل مفاوضات رامبوييه الفرنسية بين اليوغسلافيين وممثلي كوسوفا بحضور رعاة المفاوضات بين الجانبين والذين ضموا ممثلين عن مجموعة الاتصال من : الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا وروسيا برفض الصرب واليوغسلافيين " ميلوسيفيتش" ( منح إقليم كوسوفا حكما ذاتيا لمدة ثلاث سنوات يصار بعدها إلى تقرير مصيره عبر مفاوضات سياسية ونزع سلاح الميليشيات الصربية في كوسوفو وسلاح جيش تحرير كوسوفو وتمركز قوات عسكرية من بلدان المجموعة في كوسوفو ) ، وموافقة بعض ممثلي شعب كوسوفا على هذه الخطة التي لا تلبي الطموحات الحقيقة لشعب كوسوفا المتمثلة في الاستقلال الناجز عن يوغوسلافيا بعامة وصربيا بخاصة ، وإعلان ( دولة أو جمهوريا كوسوفا ) وإثر انتهاء المهلة الأطلسية المحددة ليوغوسلافيا للموافقة على خطة السلام الغربية ، 24 آذار عام 1999 لجأ حلف الأطلسي إلى شن عدة أشكال وأنواع من الحرب على يوغوسلافيا ، ولم يتم استبعاد أي خيار ، من الحرب والسلم ، ليس حبا في شعب كوسوفا بل لتقسيم البلقان ، لدويلات صغيرة وتفتيت يوغوسلافيا السابقة باعتبارها مناوئة لحلف شمال الأطلسي ، وتزعمت دول عدم الإنحياز مع دول عربية وإسلامية ، ومن هذه الأشكال والأنواع :
1. غارات جوية : شملت قصف وتدمير منشآت عسكرية واقتصادية يوغوسلافية : " مدرعات ومرابض مدفعية في كوسوفو ومحطة كهربائية بالقرب من بلغراد .. ومخازن للشرطة الصربية ... وعدد من مواقع تخزين المحروقات والذخائر .. ومحطات للإذاعة والتلفزيون " . وخلال شهرين من القصف الجوي الأطلسي المكثف من ( 24 آذار – 24 أيار 1999 ) شنت قوات حلف الأطلسي نحو 25 ألف طلعة جوية ضد يوغوسلافيا . وقال جايمي شي الناطق باسم الحلف الأطلسي ( الذي يضم 19 دولة ) بعد مرور شهرين على العمليات الجوية ضد يوغوسلافيا : " إن الحلف دمر في ستين يوما من الضربات على يوغوسلافيا ثلث الأسلحة الثقيلة للجيش اليوغوسلافي وأكثر من مائة طائرة لسلاح الجو التابع له ( تمثل حوالي نصف الطائرات اليوغوسلافية الأمامية ) ... وأن 75 % من المواقع الثابتة للصواريخ أرض جو تم تعطيلها .. الحلف دمر 550 قطعة عسكرية مهمة " ، ( 20 ) .
وقد حاولت عمليات القصف الجوية الغربية تدمير مقر ميلوسيفيتش في بلغراد لقطع رأس النظام ، حيث تعرض مقر الرئاسة إلى تصدع كبير في الجدران واقتلاع أشجار في حديقة المقر ، ألا أن الرئيس اليوغسلافي لم يكن بالمقر ساعة القصف . وقال الناطق باسم وزارة الحرب الأميركية ( البنتاغون ) كينيث بايكون : " إننا لا نستهدف الرئيس ميلوسوفيتش أو الشعب الصربي ... إننا نستهدف الجنود والبنى التحتية العسكرية التي تدعم أدوات القمع في كوسوفو .. انه هجوم على الطرفين : الرأس والقاعدة " ، ( 21 ) . واعتبر الحلفاء أن إستراتيجية القتال الجوي ضد يوغوسلافيا- رغم تكبد بعض الخسائر المالية والأسلحة والطائرات الاستطلاعية - قد نجحت لأنها تحظى " بدعم واسع من الحلف " وتبقى أفضل سياسة للاحتفاظ " بعلاقة ايجابية مع روسيا " ، ( 22 ) .
2. تدريب ثوار ألبان للقيام بعمليات تخريب ضد المواقع اليوغوسلافية ، وقد منح بيل كلينتون لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( سي آي إيه ) تفويضا ماليا لتمويل تدريب الثوار الألبان ضد الصرب مثل قطع خطوط الهاتف وتفجير منشآت أو تخريب مستودعات للوقود( 23 ) .
3. شن حرب الكترونية على شبكة الانترنت : بهدف التلاعب بالحسابات المصرفية للرئيس اليوغسلافي " سلوبودان ميلوسيفتش " المودعة بالعملة الصعبة في البنوك الأجنبية . وقد ذكرت مصادر إعلامية أمريكية : " ذكرت مجلة نيوز ويك الإخبارية الأمريكية إن الرئيس الأميركي بيل كلينتون وافق على تنفيذ عمليات تخريب ضد الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفتش ... كان من المقرر تدريب ثوار من الألبان العرقيين للقيام بعمليات تخريب في الوقت الذي تستخدم فيه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قراصنة كمبيوتر لشن حرب الكترونية على شبكة الانترنت تشمل التلاعب بالحسابات المصرفية لميلوسيفيتش التي يودعها بالعملة الصعبة في بنوك أجنبية " ، ( 24 ) . وبالفعل أعلن البيت الأبيض الأمريكي أن بيل كلينتون وقع قانونا للنفقات الطارئة بقيمة 15 مليار دولار لتمويل العمليات الحربية في كوسوفو في 22 أيار 1999 ( 25) .
4. السعي لإرسال قوات برية إلى كوسوفو : وأطلق حلف الأطلسي على وسائل أو طرق الحرب الأخرى ( خيارات عسكرية أخرى ) وخططوا لإرسال نحو خمسين ألف جندي من الحلف الأطلسي وروسيا إلى حدود كوسوفو " كقوة سلام " لحفظ ما يسمى بالأمن والأمان لأهل كوسوفو إلا أن خيار إرسال قوات برية اعتبر خيارا صعبا كما وصفه الأميركيون .
5. التحركات الدبلوماسية : كمحاولة لقطف الثمار السياسية من خلال القصف العسكري .

أهداف الحملة الغربية على يوغوسلافيا

إن أهداف وغايات الحملة العسكرية الغربية من قوات حلف الأطلسي على يوغوسلافيا التي بدأت منذ نهاية آذار عام 1999 شملت جملة أهداف عامة وخاصة ، دولية وقارية وإقليمية : إستراتيجية وعسكرية واقتصادية وإيديولوجية وسياسية ، وهي في مجملها تعمل على إثارة الرعب في الساحة الدولية بان الولايات المتحدة أولا والغرب ثانيا هو الآمر الناهي في العالم في هذه المرحلة من التاريخ المعاصر ، واهم هذه الأهداف والغايات ما يلي :
1. الهدف الاستراتيجي : وينقسم إلى جناحين : الأول : التفرد الغربي وخاصة الأمريكي في السيطرة على البلقان : وتحمل هذه الأهداف في طياتها استبعاد روسيا وتقليل تأثيرها في أوروبا القريبة من الحدود الروسية وتحجيم علاقاتها بيوغوسلافيا ، واستمرار النهج في تقليل التأثير الروسي في كافة بقاع العالم وتحييدها . فأوروبا مجال حيوي للولايات المتحدة . عن ذلك قال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون : " إن عودة اللاجئين ضرورية لاستقرار البلقان .. إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجب أن يفعلا في أوروبا الجنوبية ما فعلناه لأوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ولأوروبا الوسطى بعد الحرب الباردة " ( 26 ) . والثاني : إيصال رسالة إلى الأوروبيين الذين يحاولون إقامة الاتحاد الأوروبي أن الولايات المتحدة هي الدولة العظمى الأولى في العالم وأنها تأتي من أقصى الغرب لتضرب الأهداف المعادية في قارة أوروبا .
2. الهدف السياسي : التخلص من بقايا معسكر ( دول عدم الانحياز ) السابق وإظهار أن دول حلف شمال الأطلسي هي المدافعة عن حقوق الأقليات والدعوة إلى إتباع ما يسمى بالنظام الديموقراطي في العالم وفق المنظور الغربي بعامة والمنظور الأمريكي بخاصة ، والتخلص من القوة العسكرية والاقتصادية اليوغوسلافية التي كانت إحدى الدول الرئيسية في إنشاء دول عدم الانحياز أو الحياد الايجابي في العالم والتي تشكل عقبة أمام تنفيذ السياسة الأمريكية ( ذات القطب الواحد ) .
3. الهدف العسكري : وهو على قسمين : القسم الأول ويتمثل في استكمال تجريب الأسلحة الغربية الحديثة على ارض الواقع مثل قنابل الكربون الأسود " الغرافيت التي تشل عمل المحطات الكهربائية دون تدميرها " وغيرها من الأسلحة المخترعة والمصنعة حديثا في المصانع الغربية عامة والأمريكية خاصة وتدريب الجنود والطيارين والمهندسين وطواقم الحرب الأخرى بصورة فعلية بالذخيرة الحية ، كما حدث مع العراق ، والتخلص من بقايا أسلحة الترسانة العسكرية الأمريكية والأوروبية ( أعلنت ايطاليا عن قلقها من إلقاء قوات الأطلسي ذخائر تالفة في البحر الادرياتيكي بالقرب من مياهها الإقليمية ) من المخازن الغربية بفواتير مالية متعددة : عربية وإسلامية وسواها . والقسم الثاني يتمثل في كسب ود الناخب الأمريكي في الولايات المتحدة وخاصة أصحاب المصانع العسكرية في الانتخابات القادمة .
4. الهدف الاقتصادي : جذب المعونات الاقتصادية لتنفيذ السياسة العامة الأمريكية .
5. الهدف المحلي – الإقليمي الأوروبي : الحيلولة دون ظهور دولة جديدة من خلال الثورات مثل ثورة كوسوفو " جيش تحرير كوسوفو " وتهديد القارة الأوروبية والتذرع بحماية الأقلية الألبانية في كوسوفا . ولم تسلم مواقع جيش تحرير كوسوفو على بعد 10كم من الحدود مع ألبانيا من قصف الغارات الجوية الأطلسية بدعوى " الخطأ " بسبب سوء الأحوال الجوية أو أن تلك المواقع للجيش اليوغوسلافي سابقا ، فمثلا ، سقط سبعة قتلى في صفوف الثوار الألبان في بلدة كوشاري في 22 أيار 1999 واعترف جايمي شي المتحدث باسم حلف الأطلسي انه " بالفعل ضربنا مركزا قياديا حدوديا كان إلى وقت قصير تحت سيطرة الجيش اليوغوسلافي ، يبدو أن جيش تحرير كوسوفو استعاد السيطرة عليه " . وأثناء قصف يوغوسلافيا حدثت الكثير من الأخطاء في تحديد المواقع وبالرغم من ذلك ، ادعى جيمس روبن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية : " أن الحملة الجوية كما نراها تمثل أدق استخدام انتقائي في التاريخ " زاعما أن قنبلة واحدة فقط أخطأت هدفها من مجموع عشرة آلاف أطلقت على يوغوسلافيا " وقال :" إن ذلك يعني إن نسبة الخطأ لم تتعد 0.12 % " .
والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، فالسياسة الأمريكية ساعدت الثورة الإسلامية الأفغانية للقضاء على نفوذ الإمبراطورية السوفياتية السابقة في أفغانستان ليس حبا في الثورة الأفغانية وإنما بهدف إزالة النفوذ الروسي من قارة آسيا وخاصة أن أفغانستان كانت موقعا متقدما للسوفيات في تلك المنطقة . وهنا تأتي المساعدة لألبان كوسوفا ليس حبا من الغرب في ألبان كوسوفا ولكن لاستمرار محاصرة النفوذ الروسي في أوروبا وتحجيمه قدر المستطاع بشتى الطرق والقضاء على كل من يرفع يده ويقول لا للسياسة الوحشية الأمريكية الشريرة بغض النظر من كان عربيا أو مسلما أو أعجميا أو غربيا . ونحن لسنا بهذا الصدد بتحليل السياسة الأمريكية القارية والعالمية ، بل نحن معنيون كمسلمين وعرب أن يعود أهالي كوسوفو إلى ديارهم التي هجروا منها آمنين مطمئنين ، وان يتمكنوا من إقامة دولتهم المستقلة إن شاء الله تبارك وتعالى .
وعن هدف الحملة الغربية على كوسوفا يقول عرفات حجازي : " ولا شك إن الإدارة الأميركية تخطط لضرب الإسلام والمسلمين في كل مكان ويكفي للتدليل على ذلك هو ملاحظة أن ميلوسيفيتش استطاع أن يحقق أكبر أهدافه وهو تهجير مسلمي كوسوفو .. في ظل الحرب الأميركية التي لم تحاول مطلقا وقف عملية التهجير لان الولايات المتحدة تهدف من عدوانها السيطرة على القوة العسكرية المتمردة للصرب ... أما الهدف الآخر فهو تشريد المسلمين حتى لا يبقوا أكثرية في أي بلد خشية من محاولة إقامة الدولة الإسلامية التي تحاربها الولايات المتحدة بكل شراسة في شتى أنحاء العالم ( 27 ) .

خطة السلام الدولية في كوسوفا

بعد مداولات واخذ ورد ومفاوضات مضنية سرية وعلنية تمت بين يوغوسلافيا من جهة ومجموعة الدول الأطلسية من جهة ( مجموعة الثماني ) ووساطة وتدخل روسيا تم الاتفاق على إحلال ( السلام ) في كوسوفا ، فتوصل وزراء خارجية مجموعة الثماني الذين اجتمعوا في مدينة كولونيا الألمانية نقلت وكالة الصحافة الفرنسية الفقرات الرئيسية من خطة السلام في كوسوفا وافقت عليه بلغراد وذلك حسب ترجمة صاغتها وكالة الصحافة الفرنسية عن اللغة الصربية ، وفيما يلي أهم هذه النقاط ( 28 ) :
1. " وقف فوري وقابل للتحقق لعمليات العنف والقمع في كوسوفو .
2. سحب قابل للتحقق لجميع القوات العسكرية وشبه العسكرية والشرطة من كوسوفو وفق جدول زمني سريع ، ويحدد الاتفاق سبعة أيام لإنهاء الانسحاب و48 ساعة لسحب المدفعية المضادة للطائرات من منطقة أمنية محددة .
3. نشر وجود دولي فاعل مدني وأمني في كوسوفو يحدد بمدة عام المهلة الأصلية تحت رعاية الأمم المتحدة يعمل وفق قرارات تتخذ استنادا إلى الفصل السابع من شرعية الأمم المتحدة ويكون قادرا على تحقيق الأهداف المشتركة .
4. يجب أن يكون الوجود الدولي الأمني الذي سيتم بمشاركة أساسية للحلف الأطلسي تحت قيادة ورقابة موحدتين لكنه يسمح للدول الأعضاء والمنظمات الدولية المناسبة ويسمح له بإقامة بيئة آمنة لمجمل السكان في كوسوفو وبتسهيل عودة جميع اللاجئين والنازحين إلى منازلهم بأمان .
5. إقامة إدارة مؤقتة لكوسوفو باسم الأمين العام للأمم المتحدة وبمساعدة المنظمات الدولية المناسبة ، كجزء من الوجود الدولي المدني يقرها مجلس الأمن الدولي ويمكن لشعب كوسوفو في ظلها أن يتمتع بحكم ذاتي جوهري واسع داخل جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وتسهيل انتقال إقليم كوسوفا إلى الحكم الذاتي بعد إجراء انتخابات .
6. بعد الانسحاب سيسمح لعدد يتفق عليه من الموظفين اليوغسلاف والصرب بالعودة إلى كوسوفو للقيام بالمهمات التالية : ( تأمين الارتباط مع البعثة المدنية الدولية والوجود الأمني الدولي ) ، تحديد الحقول المزروعة بالألغام ، تأمين وجود في أماكن التراث الصربي ، تامين وجود على المعابر الحدودية الرئيسية ) مع ملاحظة أن عودة هؤلاء الموظفين ستتم ( تحت إشراف الوجود الدولي الأمني كما سيكون عددهم محدودا ومتفقا عليه ، بالمئات وليس بالآلاف .
7. عودة جميع اللاجئين والنازحين بأمان وحرية تحت إشراف المفوضية العليا للاجئين وإمكانية دخول جميع المنظمات الإنسانية إلى كوسوفو من دون عراقيل ، وتعاون جميع الأطراف بمن فيهم الوجود الدولي الأمني مع محكمة لاهاي الدولية .
8. البدء بعملية سياسية تهدف إلى إبرام اتفاق – إطار سياسي انتقالي يضمن إدارة ذاتية واسعة الصلاحيات في كوسوفو مع الأخذ بالاعتبار اتفاق رامبوييه ومبادئ سيادة وسلامة أراضي جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وباقي دول المنطقة فضلا عن نزع السلاح من جيش تحرير كوسوفو ، يجب على المفاوضات بين الأطراف العمل لإيجاد حل لا تؤخر أو تعيق إقامة مؤسسات ديموقراطية للإدارة الذاتية .
9. معالجة شاملة لمسألتي التنمية الاقتصادية والاستقرار في المنطقة وهذا ما يتضمن تطبيق ميثاق الاستقرار لجنوب شرق أوروبا مع مشاركة دولية واسعة لتشجيع الديموقراطية والازدهار الاقتصادي والاستقرار والتعاون الإقليمي .
10. ولوقف النشاطات العسكرية من المفترض أن تتم الموافقة على المبادئ المذكورة أعلاه وتطبيق العناصر الأخرى المطلوبة ( ملاحظة : تعلق جميع الأنشطة العسكرية بعد بدء الانسحاب القابل للتحقق ) ، وبعد ذلك ، سيتم بسرعة التوصل إلى اتفاق عسكري وفني يوضح بشكل خاص الترتيبات الإضافية بما فيها دور وعمل الموظفين اليوغسلاف والصرب في كوسوفو " .


الوضع في كوسوفا بعد وقف القصف الجوي الغربي

اثر توقيع اتفاقية السلام بين اليوغسلافيين وحلف شمال الأطلسي ، اعتبرت " الصحافة الصربية الرسمية أن قبول بلغراد خطة السلام الدولية انتصارا في حين تؤكد وسائل الإعلام الأجنبية أنها هزيمة للصرب " . هذا في حين أن الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفتش كان يعد الصربيين بأنه لن يتخلى عن كوسوفا بأي ثمن ولن يوافق على وجود قوات أجنبية على أرض يوغسلافيا .
على أي حال ، تم إنزال وتدفق الآلاف من القوات الأطلسية والروسية في كوسوفا لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين اليوغسلافي وحلف شمال الأطلسي الغربي ( خطة السلام الدولية ) ، والتي قدرت بنحو 50 ألف جندي من مختلف الجنسيات . وبعد وقف عمليات القصف الجوي الأطلسي على كوسوفا ويوغسلافيا بدأت تلوح في الأفق عدة معطيات جديدة وهي :
1. انسحاب القوات الصربية من كوسوفا .
2. حدوث بلبلة كبيرة في صفوف صرب كوسوفا من مصيرهم القادم ، هل هو البقاء في الحكم الذاتي أو الاندماج بصربيا أو البقاء في الوضع الراهن أو الاستقلال الوطني .
3. إنزال عشرات الآلاف من القوات البرية الأطلسية والروسية إلى كوسوفا .
4. عودة الآلاف من النازحين واللاجئين من المهجرين داخل كوسوفا ذاتها أو من المهجرين قسريا إلى البلاد المجاورة فاخذ هؤلاء اللاجئون والنازحون يشدون أمتعتهم وهجر المخيمات الطارئة لهم ، والعودة إلى قراهم ومدنهم في أرض الوطن .
5. بروز عمليات المقاومة الوطنية الكوسوفية للجيوب الصربية في كوسوفا سواء من الأهالي أو من أفراد جيش تحرير كوسوفو انتقاما لمقتل ذويهم من الآباء والأمهات والأبناء والزوجات وغيرهم ، ففي 5 حزيران 1999 شن بعض الثوار من مقاتلي جيش تحرير كوسوفا هجوما بالأسلحة الرشاشة ضد حافلة صربية في منطقة بوديجيفو على بعد 6 كم شمال مدينة بريشتينا عاصمة كوسوفا مما أدى جرح عدة صربيين .

الإنزال البري في كوسوفا

لقد زار ممثل الأمم المتحدة كوفي عنان بعض المخيمات المنصوبة للاجئي كوسوفا في جمهورية مقدونيا القريبة من كوسوفا ( التابعة سابقا للاتحاد اليوغسلافي ) ومكث يومين للاطلاع عن كثب على أوضاع هؤلاء اللاجئين اثر حملات التطهير العرقي الصربية ضدهم . عن دور الأمم المتحدة في كوسوفا قال كوفي عنان ، الأمين العام للأمم المتحدة : " إن الأسرة الدولية موحدة الصفوف في سعيها إلى سلام يحقق العودة الكاملة والسريعة لألبان كوسوفو إلى ديارهم آمنين مطمئنين مكرمين وان السبيل إلى بلوغ هذا السلام يحتل الآن مركز الاهتمام في مفاوضات مكثفة تشمل الحكومات الغربية الكبرى وروسيا ( الثماني الكبار ) والأمم المتحدة ... نعمل نحن في الأمم المتحدة على تكثيف جهود العون والإغاثة بكامل مداها فنحن نوسع هذا العون من حيث نطاقه وعمقه ... كما إننا نتطلع إلى المستقبل وإعادة البناء الاقتصادي في كوسوفو وعموم المنطقة ... إن أزمة كوسوفو اختبار حاسم للأسرة الدولية فهناك جهود جبارة تبذل وموارد عظيمة تكرس لهذه القضية بدرجة لم يشهد لها أي نزاع سابق في العالم مثيلا له ، ومن الواجب علينا أن نعضد شعب كوسوفو المقتلع والمعذب وان نعينه على العودة إلى دياره آمنا بأسرع ما يمكن " ( 29 ) .

الحل الجذري لقضية شعب كوسوفا


هناك عدة حلول تطرح على الساحة لحل أزمة كوسوفو ومن أبرزها حلان :
1. إسقاط ميلوسيفيتش من رئاسة السلطة بالجمهورية الاتحادية اليوغوسلافية وإتباع النظام الديموقراطي وإتاحة المجال لجميع الشعوب بتقرير مصيرها بنفسها والعيش بسلام وأمان وهدوء . وهذا ما تم لاحقا .
2. إتاحة المجال لإقليم كوسوفا الاستقلال التام والتعهد بحمايته من التطرف الصربي . وهذا هو الحل الجذري الأنسب للجميع وينهي معضلة يمكن أن تتجدد في كل لحظة جراء الشوفينية المتطرفة . وأوضح الرئيس الألباني رجب ميداني ( آنذاك ) انه يؤيد التدخل البري الغربي في كوسوفا وأكد : " أنه ينبغي استبعاد تقسيم كوسوفو لأن ذلك اخطر فكرة ، .. إن استقلال الإقليم في دولة ترتبط مباشرة بأوروبا أمر ممكن وان القرار يعود للكوسوفيين " ، ( 30). وقد تم فعليا إعلان استقلا كوسوفا عام 2008 ، بعد فترة طويلة من الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي ضمن صربيا .
3. إلحاق أو دمج إقليم كوسوفو مع ألبانيا القريبة باعتبار أن السكان من أصول البانية إما على شكل اتحاد فدرالي أو كونفدرالي ، ولكن أمريكيا وأوروبا ربما لا توافق على ذلك لأنه يقوي ألبانيا ذات الطبيعة السكانية المسلمة ، والغرب يريد التفتيت لا التوحيد أصلا .
4. إعادة تطبيق الحكم الذاتي على شعب كوسوفا ، والإبقاء على تبعية كوسوفا للصرب اليوغسلافيين العنصريين ، وبقي شعب كوسوفا المسلم يعاني من ويلات الحكم الذاتي في ظل الهيمنة الصربية اللئيمة .
5. جعل إقليم كوسوفا محمية دولية : ويبدو أن النية الغربية تتجه لهذا الحل من خلال خطة السلام التي تم توقيعها في كولونيا بين ممثلي حلف الأطلسي ونظام ميلوسيفيتش بوساطة وتدخل روسي ، والنية غير موجودة لدى الولايات المتحدة لتقسم كوسوفا منذ بداية اندلاع الحرب في كوسوفا : " وكانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت استبعدت تقسيم كوسوفو لكنها قالت إن فكرة جعل هذا الإقليم اليوغسلافي محمية دولية محل دراسة ، غير أن أولبرايت أبلغت لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب انه نظرا لأن الأماكن المقدسة للصرب ( متناثرة في أنحاء كوسوفو ) فانه من غير الممكن اعتماد تقسيم واضح ... وكررت أولبرايت معارضة حكومة بيل كلينتون لمنح كوسوفو الاستقلال وهي فكرة لاقت تأييدا في الولايات المتحدة وسط أنباء متزايدة عن فظائع الصرب في حق الأغلبية الألبانية في الإقليم " ( 31 ) .

ويرى محللون وسياسيون وإعلاميون غربيون انه من الضروري أن تؤخذ مصالح كافة الأطراف في الاعتبار عند حل قضية كوسوفا ، عن ذلك أكد يوشكا فيشر وزير الخارجية الألماني : " إن النزاع في كوسوفو مثال رهيب آخر لما يجري عندما تنتهك الديموقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون ... إن قضية كوسوفو يجب أن تفهم على إنها تحذير جدي بان النزاعات لا يمكن حلها على المدى الطويل إلا إذا أخذت مصالح الأطراف في الاعتبار " ، ( 32 ) .
وختاما ، فإن شعب كوسوفا ، البالغ عدده في أرض آبائه وأجداده ، أكثر من مليوني نسمة ، يعيش على مساحة جغرافية قدرها حوالي 10.877 كم2 ، بقارة أوروبا ، هو من يقرر مصيره رغم تكالب الآخرين عليه ، من القمع اليوغسلافي الصربي ، أو الوجود العسكري الأمريكي والأوروبي والروسي والغربي عموما ، فشعب كوسوفا هو صاحب الحق في إتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب . ومن نافلة القول ، إن أي شعب في العالم يتوق للحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي ليتمتع بالسيادة الوطنية على أراضيه .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

==========================

المراجع

1. عفيف رزق ، " الحلول الجذرية للنزاع في كوسوفو" ، جريدة القدس – مدينة القدس – فلسطين ، 27 / 5 / 1999 ص19 .
2. ا.ف.ب ، " روغوفا يؤجل زيارته إلى مقدونيا وألبانيا " ، الحياة الجديدة ( فلسطين ) ، 23 أيار 1999 ، ص 16 .
3. المرجع السابق ، ص 16 .
4. . ا ف ب " صحيفة روسية : " شيشانيون يقاتلون مع جيش تحرير كوسوفو " ، الأيام – رام الله – فلسطين ، 9 / 6 / 1999 ص 12 عفيف رزق ، ص 19 .
5. عفيف رزق ، المرجع السابق ، ص 19 .
6. عرفات حجازي ، " الصهيونية الصربية - جرائم كوسوفو وفلسطين .. من نبع واحد " الدستور – عمان ، 17 نيسان 1999 ص 12 .
7. وضاح شرارة ، " لاجئو كوسوفو .. آلام في طريق المنافي " ، عن الحياة اللندنية ، أعادت نشره جريدة الأيام – رام الله ( فلسطين ) ، 26 أيار 1999 ، ص 17 .
8. المرجع ، ص17 .
9. كين ليفنغستون ، " ليس من خطأ إذا شبهنا ميلوسيفتش بهتلر " ، عن اندبندانت ، أعاد نشرها الدستور الأردنية – عمان ، 23 نيسان 1999 ، ص 11 .
10. وضاح شرارة ، مرجع سابق ، ص 17 .
11. المرجع السابق ، ص 17 .
12. المرجع السابق ، ص 17 .
13. رويتر ، " لاجئون ألبان من كوسوفو يتحدثون عن عمليات التنكيل التي تعرضوا لها على أيدي القوات الصربية " ، نشرتها جريدة القدس – القدس – فلسطين ، ، 24 /5 /1999 ، ص 18 .
14. رويتر ، " حلف الأطلسي يعثر على معسكرات اعتقال في كوسوفو " ، نشرتها القدس في فلسطين ، 21 / 6 / 1999 ص 12 .
15. رويتر ، لاجئون ألبان يتحدثون عن عمليات التنكيل ... " ، مرجع سابق ، ص 18 .
16. المرجع السابق ، ص 18 .
17. رويتر ، ا.ف.ب ، " كلينتون لم يعد يستبعد التدخل البري في كوسوفو : طائرات الأطلسي قامت ب 25 ألف طلعة جوية ضد يوغوسلافيا " ، نشرتها جريدة القدس ( فلسطين ) 24 / 5 / 1999 ، ص 22 .
18. وكالات الأنباء ، " واشنطن تستقبل 20 ألفا والمفوضية توقف عمليات الإجلاء " ، الدستور الأردنية 23 نيسان 1999 ص 11 .
19. وكالات الأنباء ، " الوكالات الإنسانية تطلب 625 مليون دولار لمساعدة 1.25 مليون لاجئ من كوسوفو " ، الدستور الأردنية 24 نيسان 1999 ، ص 17 .
20. رويتر . ا . ف . ب : " كلينتون لم يعد يستبعد التدخل البري في كوسوفو ، مرجع سابق ، ص 22 .
21. وكالات الأنباء : " بلغراد اعتبرتها محاولة اعتداء ضد رئيس دولة " ، الدستور الأردنية 23 نيسان 1999 ص 11 .
22. رويتر ، ا ف .ب ، كلينتون لم يعد يستبعد .. " ، مرجع سابق ، ص 22 .
23. المرجع السابق ، ص 22 .
24. ا.ف.ب ، " كلينتون يوقع قانون تمويل العمليات في كوسوفو " ، الحياة الجديدة ، 23 / 5/ 1999 ، ص 16 .
25. رويتر ، ا.ف.ب ، " كلينتون لم يعد يستبعد التدخل في كوسوفو 000 " ، مرجع سابق ، ص 22 .
26. وكالات ، " الأطلسي كثف غارته مع تحسن الأحوال الجوية ... " ، الحياة الجديدة ، رام الله – فلسطين ، 23 / 5 / 1999 ، ص 16 .
27. عرفات حجازي ، " الصهيونية الصربية ، جرائم كوسوفو وفلسطين .. من نبع واحد " ، الدستور ، عمان ، 17 نيسان 1999 ص 12 .
28. ا ف ب : الفقرات الرئيسية في خطة السلام التي وافقت عليها بلغراد في كوسوفو " الحياة الجديدة ، رام الله ، 4 / 6 /1999 ، ص 16 ، 9-6-1999 ،ص 16 .
29. كوفي عنان ، كوسوفو : سباق مع الزمن ، عن لوس أنجلوس تايمز ، أعاد نشره القدس ( فلسطين ) 30 /5 /1999 ، ص 17 .
30. ا. ف . ب : ميداني : بلغراد تريد زجنا بالحرب ، الدستور الأردنية 23 /4/ 1999 ص 11 .
31. وكالات الأنباء ، " عشية الذكرى الخمسين للتحالف الغربي : الأطلسي يراجع خطط استخدام قوات برية في كوسوفو " ، أعاد نشرها جريدة الدستور الأردنية- عمان ، 23 نيسان 1999 ص 11 .
32. ا . ف . ب ، " في المؤتمر الأوروبي المتوسطي : الحرب في كوسوفو أعادت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين إلى الواجهة " ، الدستور الأردنية – عمان ، 17 نيسان 1999 ص 24 .

























__________________

ليست هناك تعليقات: