الخميس، 18 مارس 2010

انتفاضة مصغرة بالقدس المحتلة 2010

انتفاضة مصغرة بالقدس المحتلة 2010

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) .
كما جاء في مسند أحمد - (ج 45 / ص 281) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " .

استهلال

نفذت قوات الاحتلال الصهيوني خطة الجماعات اليهودية المتطرفة في عملية إفتتاح كنيس يهودي كبير جديد ( كنيس الخراب – هاحوربا ) في القدس القديمة بجوار المسجد الأقصى المبارك في ثلاثة أيام خطيرة على أحمى من الجمر ، إنتظرها المسجد الأقصى المبارك ، أولى القبلتين ، وثاني المسجدين الشريفين ، وثالث الحرمين الشريفين ، وهي أيام الأحد والاثنين والثلاثاء 14 و15 و16 آذار – مارس 2010 . فأغلقت الضفة الغربية المحتلة ، وفصلت عن فلسطين المحتلة عام 1948 لبضعة أيام ، وحشدت قوات الاحتلال لحماية المتزمتين اليهود في بيت المقدس المحتلة أكثر من 3 آلاف جندي وشرطي وحرس حدود وأجهزة أمنية عاثرة ومتعثرة ، ونصبت مئات الحواجز الشرطية والعسكرية في جميع أرجاء فلسطين ، ومنع المصلون المسلمون من شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك ، وجهزت مئات من الآليات المؤللة من الجيبات العسكرية الصهيونية ( الهمر ) وجيبات الشرطة وحرس الحدود اليهودي المصفحة ضد الرصاص والمشبكة ضد الحجارة ، عدا عن مئات الخيالة والمشاة العسكريين والمستعربين ، في شوارع القدس العتيقة الضيقة ، ومحيط القدس ومحافظتها ، إضافة لمنطاد راداري جوي في السماء وطائرات عمودية تحلق في السماء لرصد جميع التحركات المدنية والشعبية الفلسطينية في عاصمة فلسطين المنتظرة وعاصمة الخلافة الإسلامية المتوقدة لاحقا . وفي المقابل استعدت سواعد آلاف الفتيان المجاهدين الفلسطينيين غير المنظمين للمواجهة الميدانية ، ولكنها ليست لعبة من العاب الانتر نت المكهربة ، على شاشات الحواسيب في البيوت أو مقاهي الانتر نت ، بل هي مواجهة وصراع حقيقي على أرض حقيقية ، برز فيها فرسان المواجهة الصغار لصد الهجمة العسكرية ، ذات التجييش اليهودي الصهيوني الكبير ، وكانت أسلحة المقاومة الفلسطينية عبارة عن الحجارة الصغيرة من حجارة القدس المقدسة ، من بقايا الطوب وحجارة البناء ، والحجارة الطبيعية ، وزجاجات العصائر المخفية في حاويات القمامة ، وإشعال النيران وسط الشوارع .

ثورة أم شغب ؟؟! حجارة مقدسة في مواجهة أسلحة رشاشة
المجاهدون الصغار يواجهون جنود الاحتلال الصهيوني

ولم تفلح هذه الاستعراضات والإجراءات الدينية والعسكرية البرية والجوية التعسفية الظالمة الصهيونية في ثني انتفاضة القدس الجديدة التي اندلعت من أهل فلسطين المحتلة ، سواء أهل القدس المحتلة أو من الداخل الفلسطيني أو من الضفة الغربية ، بعيدا عن قطاع غزة المحاصر بأسلاك شائكة وجدار فولاذي مصري لعين ، فتصدى الفلسطينيون في هذه الانتفاضة الفلسطينية الشعبية لآلة الحرب الصهيونية بأساليب بدائية ، كالحجارة والزجاجات الفارغة وأحيانا الزجاجات الحارقة ، وإضرام النيران في الإطارات المطاطية القديمة للسيارات وغيرها من الوسائل الحجرية التقليدية ، كان أبطالها من فتية محافظة القدس ( المجاهدين الصغار ) في مواجهة أحدث الأسلحة الصهيونية ، وجنود مدربين على مكافحة ما يسمونه ( الشغب والتمرد والإضطرابات والقلاقل ) باستعمال الرصاص الحي من الأسلحة الاتوماتيكية كالعوزي والبنادق من طراز أم 16 ، وإطلاق الغازات السامة ، من الأنواع المحظورة دوليا ، بينما يطلق عليها أهل البلاد الأصليين ( الثورة المجيدة ، والجهاد في سبيل الله ، والتصدي للإرهابيين اليهود الغرباء الطارئين ) .
وقد صاحب انتفاضة القدس الآذارية 2010 تغطية إعلامية شاملة وجامعة مفتوحة متلفزة حية مناسبة تحدى فيها الجميع العنجهية والوحشية الصهيونية ، فظهرت القدس المشتعلة من جديد ، وخاب ظن الاحتلال بجعل القدس السليبة المحتلة الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني موئلا للكنس والمعابد اليهودية العجفاء . فعمت الفوضى في ربوع محافظة القدس جميعها ، وسفكت الدماء الفلسطينية الطاهرة على الشوارع السوداء في رابعة النهار ، وعزت الشهادة في ربيع السنة القمرية الإسلامية وآذار بالتقويم السرياني .

إنتفاضة الصراع بين البحرين : الصغير الميت والكبير الطيب

ورغم القمع الصهيوني المتعجرف لانتفاضة القدس الجديدة التي جاءت للدفاع عن النفس الفلسطينية والعربية والمسلمة في ثلاثي نادر المثيل ، تتقدمه جموع المجاهدين الصغار ، الكبار في أفعالهم الثورية الجهادية ، وإيمانهم الراسخ بحتمية النصر الإلهي ، فإن الجموع الغاضبة استطاعت أن تثني حكومة الكيان الصهيوني بزعامة الثلاثي الشرير : الليكودي بنيامين نتانياهو ( رئيس الحكومة ) والعمالي إيهود بارك ( وزير الحربية ) والروسي أفغيدور ليبرمان ( وزير الخارجية ) في اقتحام المسجد الأقصى المبارك ، أو إفتتاح ما يسمى ( الهيكل اليهودي ) المزعوم في باحات المسجد الأقصى المبارك ، ويبدو أن هذا الثلاثي الصهيوني لم يستفد الاستفادة الكاملة ، من تجربة إنتفاضة الأقصى المجيدة السابقة التي كانت شرارتها تدنيس أرئيل شارون الرجيم لباحات المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة ثلاثة آلاف يهودي مدججين بالسلاح ، بعيدين عن السلم والسلام في بلاد ما بين البحرين الطيب الكبير ( البحر الأبيض المتوسط ) غرب فلسطين والبحر الميت الصغير شرق فلسطين ، فماتت عقولهم وقلوبهم وأفئدتهم كمدا وغيظا وحقدا وحسرة وندامة على الفشل الذريع الجديد من المجاهدين الصغار ، سطر بها أهل فلسطين الأصليين أنبل وأطهر مظاهر المقاومة الباسلة في سبيل الدفاع عن الحق العربي والإسلامي في بيت المقدس عامة وفي المسجد الأقصى المبارك خاصة . وإن دلت الانتفاضات الفلسطينية السابقة ، أو إنتفاضة القدس الجديدة الحالية على شيء فإنما تدل على الحرب المستعرة بين الحق الفلسطيني والباطل الصهيوني في أرض ما بين البحرين الصغير الميت ، والكبير الأبيض المتوسط الطيب .

إنتفاضة القدس المصغرة .. مقدمة إنتفاضة فلسطينية ثالثة

على العموم ، إنه يمكننا القول ، إن إنتفاضة فلسطينية كبرى ثالثة ، قد إنبلج فجرها في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس من أبناء الطائفة المنصورة في فلسطين ، وخاصة ( الفتية المجاهدون الصغار ) من طلبة المدارس الأساسية والثانوية والجامعات ، وقد أخذ أهل القدس الشريف على كاهلهم قيادة هذه الثورة العارمة التي طغت على الأحداث المحلية والعربية والإقليمية والعالمية في أواسط شهر ربيع الثاني 1431 هـ / آذار 2010 م ، وهذه الثورة جاء إسنادها الحقيقي من دعوات الفصائل والحركات الفلسطينية الوطنية : ( مثل حركة فتح ) التي دعت إلى النفير الوطني العام ، والحركات الإسلامية ( حركة حماس ، وحركة الجهاد الإسلامي ) تمثل في يوم الغضب الفلسطيني ونصرة القدس ، إضافة إلى الرافد الأساسي للثورة المسجدية الجديدة ضد الاحتلال وهم فلسطينيو الداخل من الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، من أبناء الحركة الإسلامية ، الذين تداعوا للسهر والإقامة والمرابطة في أحياء وشوارع القدس القديمة ، والإعتكاف في باحات المسجد الأقصى المبارك لحمايته من الترجيس والتدنيس والتقسيم وتلبيس إبليس . وهذه الانتفاضة المصغرة بانتظار الضغط على الزناد الفلسطيني الثوري الوطني والإسلامي لتعم جميع أرجاء فلسطين الكبرى من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها ولكن ذلك لن يتأتى غلا بعد التصالح والمصالحة الوطنية الشاملة وخاصة بين حركتي فتح وحماس توأم فلسطين .

الطائفة المسلمة والظهور على الحق

وقد تداعت الجموع المجاهدة للدفاع عن حياض الأقصى ، وحياض الوطن ، وحياض الإسلام العظيم ، وتلك هي البشرى النبوية السابقة كما جاء في صحيح البخاري - (ج 22 / ص 286)
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ " . فقاتل فتية القدس ، وطلبة القدس ، بأسلحة داود الفلسطيني ليهزموا أهل الكفر والشرك ، الذين استخدموا الأسلحة الرشاشة لرش المجاهدين المسلحين الفلسطينيين بحجارة داود الفلسطيني المقدسة ، ويردوهم على أعقابهم خائبين ، فتلك هي المعادلة الحربية ، ( المجاهدون الصغار ) في مواجهة جيش الاحتلال اليهودي ، والنصر حليف المجاهدين ، فهُزم الأعداء ولم يتمكنوا من بسط نفوذهم على أرض المسجد الأقصى المبارك بمساحته البالغة 144 دونما ، وذهب هيكلهم الكرتوني الزائف أدراج الرياح ، رغم أن قتال الشوارع غير المتكافئ ، بالعتاد والعدة ، وقع خارج أرض الأقصى المسلمين ، الذي بارك الله حوله بسبب هيمنة قوات الاحتلال على أبواب المسجد الأقصى المبارك قبل ذلك بعدة أيام خلت . وكانت سياسة ( الكر والفر ) و( حرب الشوارع ) في الميدان والعنوان ، وهي الطاغية نظرا لعدم وجود توازن بالقوى الإستراتيجية والتكتيكية المنظورة على أرض الواقع .

المجاهدون الصغار ومواجهة أعتى احتلال عالمي

وبناء عليه ، فإن انتفاضة القدس الجديدة ، رغم بدائية أسلحتها ونهجها وعدم وجود قيادة وطنية فلسطينية موحدة لإدارتها ، سطرت بأحرف من نار ونور مجيدين سياسة الدفاع الفلسطيني عن النفس والتحدي والتصدي والمواجهة الميدانية لأعتى قوة احتلال عالمية ، فتراجعت هذه القوة اليهودية الصهيونية المحتلة القهقرى ، مئات الخطوات إلى الخلف ، وتقدمت الجموع العربية المسلمة الثائرة على الفساد والمفسدين في الأرض ، وتمثلت هذه الجماهير المجاهدة جنبا إلى جنب وكتفا إلى كتف ، ورجلا إلى رجل ، بمئات الطلبة والشبان الفلسطينيين بإتجاه الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ، والوجود العربي الفلسطيني الإسلامي والنصراني في هذه الديار المقدسة آلاف الخطوات إلى الأمام لحماية الأرض والمقدسات والبيوت الفلسطينية .
ومما يذكر أن فلسطين قدمت في انتفاضة القدس الجديدة ، حوالي 100 جريح وعشرات الأسرى المدافعين عن الحياض والحمى الفلسطينية والعربية والإسلامية ، بينما أعلنت قوات الاحتلال الصهيوني عن إصابة 8 عناصر من جندها المتوحشين وهي كعادتها تخفي الخسائر البشرية والمادية لتحاشي إحباط قواتها المدججة بشتى أنواع الأسلحة .

القبض على الجمر الأحمر .. وعوامل الشر

وبهذا يمكن أن تكون انتفاضة القدس الجديدة ، بوصلة متجددة لإنطلاقة إنتفاضة فلسطينية ثالثة ، ولكنها بطرق وأساليب جديدة شتى ، ستأكل الأخضر واليابس ، وسيكون لها المردود الإنهزامي العظيم على المسيرة اليهودية الهائجة والمائجة ، كموج البحر المتلاطم الأمواج ، في الأرض المقدسة ، ولكل حادث حديث . ولكن تفيد الوقائع الميدانية ، على أرض بيت المقدس ، بأن أهل أكناف بيت المقدس الكبرى ، سينضمون لاحقا لأهل بيت المقدس الصغرى ، كونهم الطائفة الإسلامية المنصورة القابضة على الجمر الأحمر في الأيدي ، وسينقلب السحر الصهيوني على السحرة الفكرة الفجرة من المغضوب عليهم ولات حين مناص ، وستندلع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثالثة قريبا في ظل وجود العوامل المنبهة والموجهة والداعية لها وفي مقدمتها التهجير القسري من القدس المحتلة وهدم البيوت بالعشرات ومنع الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وتمكين غلاة اليهود من الاستيلاء على عشرات المساكن العربية ، وإنشاء كنس يهودية تحيط بالأقصى المبارك ، وسياسة المصادرة والاستيطان اليهودي المكثف . فستأتي الانتفاضة القادمة لمنع الصهاينة من يهود فلسطين المحتلة من تدنيس أقدس بقعة في الأرض المقدسة .
وقد جاء في سنن أبي داود - (ج 6 / ص 487) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ " . وبهذا فإن قدركم يا أهل بيت المقدس ، أن تمثلوا اصدق تمثيل الطائفة المسلمة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، تقاتلون أعداءكم وتبقون ظاهرين عليهم حتى يقاتل آخركم المسيخ الدجال في مدينة اللد الفلسطينية ، وينتصر الحق على الباطل ، ويزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .

كلمة أخيرة

وأخيرا ، فإن إنتفاضة القدس الجديدة هي رسالة دينية إسلامية ووطنية وقومية ، واضحة المعالم ليهود فلسطين المحتلة وللعالم أجمع ، بأن البديل الوحيد للتهويد هو القتال ، وليس سياسة المماطلة والتسويف والتأجيل والتأخير ، والوعود الكاذبة غير المقدسة ، فتلك هي المقدمة الأولى المتأنية ، والشرارة البرقية للانتفاضة الفلسطينية الثالثة ، التي أخذت تقرع الأبواب بقوة ضد الاحتلال والمحتلين ، الذين يسعون دائبين لتهويد القدس العربية المسلمة ، ويعيثون في فلسطين المباركة بعمليات الفساد والإفساد الكبير المبرمج وسط تفرج العالم على الأساطير الصهيونية الجديدة والإدعاءات التلمودية والتوراتية المزيفة . وفي ظل فشل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني المباشرة وغير المباشرة ، الثنائية والمتعددة ، وبرعاية عربية وأمريكية وأوروبية وروسية ، منذ مؤتمر مدريد عام 1991 ، فلم تحصد فلسطين طيلة هذه المفاوضات العبثية الكارثية سوى خيال الحرية والاستقلال الوطني الذي لا ولم ولن يتحقق بالمفاوضات كخيار استراتيجي وحيد بأي حال من الأحوال . وكان الله في عون الشعب المسلم في فلسطين العربية المسلمة الذي كتب عليه الرباط والمرابطة والصبر والمصابرة ، أمام الاحتلال والمحتلين اليهود الصهاينة إلا أن الحق الإسلامي سينتصر على الباطل الصهيوني الزائف والمزيف كما انتصر نبي الله موسى عليه السلام على الطاغية فرعون ، وكما انتصر المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام على الكفار اليهود الذي حاولوا الفتك به فأنجاه الله رب العالمين ، وخسئ الخاسئون اليهود . فطوبى للمرابطين في حمى بيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس . ومرحى للشهداء والجرحى والأسرى ، فلا بد أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ولو بعد حين . فانتظروا إنا منتظرون .
وكما جاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 373) عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ "
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: