الاثنين، 12 يوليو 2010

المسلسل التلفزيوني التركي ( وادي الذئاب ) .. والتجسس الأمريكي والصهيوني

المسلسل التلفزيوني التركي
( وادي الذئاب ) ..
والتجسس الأمريكي والصهيوني
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) }( القرآن المجيد – البقرة ) .


استهلال

كثيرة هي الأعمال التلفزيونية الدرامية التي يتابعها الناس في مختلف أنحاء الكرة الأرضية ، في فصول السنة الأربعة ، سواء أكانت أعمالا محلية أو إقليمية أو عالمية ، فتجيش بعض الشركات الفنية المتخصصة الأموال والممثلين من ذوي الخبرة والبراعة في إتقان الأدوار وكأنه أمرا واقعا ، وحدثت بالفعل ، لإقناع المشاهدين بحبكة المسلسل التلفزيوني المتدرجة بحلقات يومية تمتد لوقت زمني يمتد لساعة أو اقل مع ما يتخللها من دعايات وإعلانات تجارية متنوعة تستفز المتابعين في كثير من الأحيان .
وشخصيا قليلا ما أشاهد المسلسلات التلفزيونية ، عبر الشاشة البيتية الصغيرة ، باستثناء الأفلام والمسلسلات التاريخية والدينية الناضجة التي حاكت أو تحاكي الواقع المعاش للفرد والشعب والأمة عبر التاريخ الإنساني .
ومن بين أعمال الدراما القليلة ، التي شاهدتها المسلسل التلفزيوني التركي ( وادي الذئاب ) الذي يبث خمس مرات أسبوعيا على قناة أبو ظبي الأولى بعد ساعات العصر أو وقت الضحى كحلقة معادة عن الحلقة المبثوثة قبل يوم واحد تقريبا في فصل صيف 2010 . والجزء الرابع بطله التركي ( نجادي شاشماز ) بشخصيته العربية مراد علمدار أو علي كيدان . و يترأس مراد وميماتي وعبد الحي وعمران والموالين لهم جزء من جهاز ( الكي جي تي ) من الدولة بعد أن أصبح عملهم شبه رسمي .

على أي حال ، إن مسلسل ( وادي الذئاب ) الذي جرى ترجمته ودبلجته للعربية فعليا ليتمكن المشاهد العربي من بثه ومعرفة عالم الجاسوسية البوليسية الأمنية ، الذي دار ويدور في تركيا المسلمة ، كونها مستهدفة من الإمبراطورية الأمريكية الشريرة ، بالإضافة إلى المحاولات الصهيونية من النيل من عزيمة هذه الدولة الراجعة لدين الله المتمثل بالإسلام العظيم ، رويدا رويدا ، بعد أن أنهكتها العلمانية الفاجرة والخزعبلات الرأسمالية الفاضحة والماركسية الملحدة بدعم غربي خبيث مبيت وفق برامج إلهائية وإقصائية مميتة .



( وادي الذئاب ) مهنيا وفنيا


على أي حال ، من النواحي المهنية والفنية والاقتصادية ، فإن مسلسل ( وادي الذئاب ) التركي رغم اشتماله على أمور خيالية ملاصقة أحيانا للوقائع الحقيقية ، وبعض الفكاهات الممتعة والمسلية ، لتكريس دور أبطال المسلسل وأنذاله ، هو مسلسل ناجح جدا بامتياز ، سواء في تصميم الأدوار الفنية والمهنية المتقنة ، أو اختيار الشخصيات الفعالة التي تضفي على الظاهرة الفنية الإبداع الخلاق وتصوير الممثلين بواقعية في مناطق جغرافية وعمرانية مناسبة ، وكأنهم يعيشون الحدث ذاته فعليا . ورغم تسلسل الأحداث التراجيدية المأساوية طورا والأفراح تارة ، والوقائع المتشابكة تارة أخرى ، فإن حلقات المسلسل لم تخلو من المفاجئات الساخنة الطارئة ، التي جعلت الإنسان يمل من متابعة الأحداث ، أحيانا ، وفي المقابل استطاع كاتب السيناريو أن يرجع المشاهد لمتابعة الأحداث المتلاحقة بمفاجئات تجعل المشاهد مشدودا ومتحمسا للمتابعة رغم الإعلانات المتعددة المملة في كثير من الأحيان .



تحليل ( وادي الذئاب ) سياسيا وأمنيا



ومن خلال مشاهدة نحو 30 حلقة تلفزيونية من مسلسل ( وادي الذئاب ) التركي بالجزء الرابع ، المدبلج للعربية مع الاحتفاظ بصور الممثلين الحقيقيين وتولي الحديث باللغة العربية ، فإنه يمكننا إبداء الملاحظات العامة السياسية والأمنية والإعلامية والنفسية التالية :
أولا : إن ( وادي الذئاب ) هو حقيقة واقعة تتمثل بالصراع الساخن والإختراق والإختراق المضاد للأجهزة الأمنية التركية والأمريكية والصهيونية ، على أرض تركيا العثمانية المسلمة ، على السواء ، مع بروز العقلية الأمنية التركية الذكية على أرض الآباء والأجداد العثمانيين التي تحاول السيطرة بجهد جهيد على الفساد والإفساد والعبث الأمريكي والصهيوني بالمواطنين الأتراك ، وتجنيدهم لخدمة الشر والأشرار في واشنطن وتل أبيب . وبذلك استحقت هذه الدراما التلفزيونية هذا الاسم عن جدارة بحق وحقيق ( وادي الذئاب ) حيث تتصارع الجماعات والمافيات المتعددة مع جهاز تركي وطني يحاول كشف المتعاونين من أجهزة التجسس العالمية ووضع حد لهم عبر القتل والملاحقة والمتابعة وإقتحام السفارة أو مقرات يعتقد سياسيا ودبلوماسيا ، أنها نائية عن الاقتحام ، أو غيرها من الأماكن التي يعتقد العملاء الأجانب أنهم آمنون فيها .
ثانيا : يبين ( وادي الذئاب ) ، عقلية الذئاب البشرية الأمريكية والصهيونية ( الغلاديو ) في إفتعال الإنقلابات العسكرية والسياسية ضد القيادة التركية المنتخبة بين الحين والآخر ، وزرع قيادات تركية مدسوسة فعالة أحيانا في صفوف الأجهزة الأمنية التي توجهها أجهزة المخابرات المركزية الأمريكية ( السي أي إيه ) أو جهاز المخابرات الصهيونية الخارجية ( الموساد ) أو كليهما مع تعاون أو تناقض بينهما ، لإبقاء تركيا على جمر من الرماد وتغلغل العسكر في شؤون الحياة الطبيعية للمواطنين الأتراك .
ثالثا : يكشف ( وادي الذئاب ) بصورة مباشرة لا غبن فيها مسألة التجسس التكنولوجي الأمريكي عبر الأقمار الصناعية لما يحدث في أرض الواقع تجاه الجماعات المستهدفة في بعض الأماكن والتشويش في مواقع أخرى تفلت من عمليات التجسس الإلكتروني الخادع الخبيث .
رابعا : يوضح ( وادي الذئاب ) الدور الإجرامي والانتهازي الأمريكي والصهيوني في ترويج المخدرات بين صفوف المواطنين الأتراك لجني الأموال الطائلة وإلهاء أكبر عدد ممكن من الأتراك بقضايا شخصية وحزبية تافهة وثانوية ، مع محاولات التمكين للأمريكان والصهاينة من الإدلاء بقوة بفرض آرائهم وتوجيهاتهم القذرة بالقتل وملاحقة الأخيار من أبناء الشعب عبر عملائهم في المنظومة الأمنية التركية .
خامسا : يحاول ( وادي الذئاب ) عرض حقيقة التعاون والتنسيق بين المتمردين الأتراك وأجهزة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الصهيوني في شن الهجومات المسلحة وتوقيتها وتوزيع المخدرات على المعارضين والموالين للنظام التركي ، فالهدف كله هو بذر بذور الفساد والإفساد بين جميع الأتراك بغض النظر عن كونهم من الموالاة أو المعارضة السياسية أو المسلحة .
سادسا : يكرس ( وادي الذئاب ) السرية والثقة بالنفس المطلوبة في تناول الأحداث الأمنية بعيدا عن العائلية والعشائرية ، عبر عدم إعلام الزوجة أو الأهل أو الأقارب بما يجري التخطيط له وتهريبهم بطريقة مقنعة من صلب الأحداث ما استطاع القائمون على الأجهزة الأمنية إلى ذلك سبيلا .
سابعا : يظهر ( وادي الذئاب ) بعض الثغرات الأمنية في التعامل مع الأحداث الطارئة مثل إقتحام مبنى الجهاز الأمني نفسه أو المشفي دون التفتيش الأمني الدقيق ، ولعل هذه الأمور وضعت لتوضيح الأمور على حقيقتها كما يجري فعليا أو كما هو كائن وليس كما يجب أن يكون .
ثامنا : يوحي ( وادي الذئاب ) للمواطنين والأجهزة الأمنية الوطنية على السواء ضرورة الحذر الأمني الدائم من الغرباء الطارئين ، والأقارب على السواء ، لأن الشغل والعمل الأمني عمل دقيق لا يحتمل أي خطأ مهما صغر أو كبر حجمه . ومتابعة شؤون الأسرة بانتظام للحيلولة دون إختراق الأعداء لها وخاصة عبر الثرثرة النسوية ، ومعرفة معلومات قد تبدو عادية أو سطحية بينما هي مهمة للأعداء في حقيقة الأمر .
عاشرا : يعطي ( وادي الذئاب ) وسائل الإعلام وزنا حقيقيا في تناول الأحداث مع بث الإشاعات والدعايات وفق أسلوب الحرب النفسية المتقنة ، والدعايات المضادة بين المتقاتلين على أرض واحدة من أصحاب الأرض الحقيقيين والدخلاء الطارئين على الديار .
حادي عشر : يقرب ( وادي الذئاب ) إلى الأذهان إتخاذ المهن المختلفة لقادة أجهزة التجسس المعادية للتستر والتخفي عن الأدوار الحقيقية لهم في نخر أوصال المجتمع من عاليه لأسفله دون هوادة أو رحمة ولو أدى ذلك لقتل المزيد من الأشخاص المؤيدين والمعارضين .
ثاني عشر : يؤكد ( وادي الذئاب ) على استحالة بقاء العلاقات والتحالفات والتحالفات المضادة ، سواء الاجتماعية أو العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية ثابتة بل لا بد لها من المرور بحالات من المد والجزر والتقلب حسب الظروف والأمزجة .
ثالث عشر : يقر ( وادي الذئاب ) بضرورة إنتقاء العناصر الأمنية التي تحارب الأجهزة المعادية ، المؤمنة بتقديم الفداء والتضحيات من أجل الحفاظ على المسيرة الطبيعية في البلاد ، وتدريبهم تدريبا مكثفا على جميع الأسلحة ، ووضع الخطط الإستراتيجية والتكتيكية التنفيذية لحماية النظام والصالح العام ، والابتعاد عن الفلتان الأمني وتعريفهم بطرق التعذيب وكيفية التعاطي معها دون إلحاق أضرار بالشخص أو الجهاز الذي يعمل به . واللجوء لمبادلة من يقع منهم في أيدي الأعداء وإخراجه من جحيم العدو ، ليعود لممارسة عمله الأمني الطبيعي مجددا دون الانثناء أو التوقف عن ملاحقة الأشرار المعادين مهما كلف الأمر ، فالحرب مستمرة ولن تتوقف إلا بانتصار أهل الحق على أهل الباطل .
رابع عشر : إن ( وادي الذئاب ) أوضح بصورة جلية أن التجسس الفني والتقني عبر الأقمار الصناعية وجميع أجهزة التنصت والتجسس الإلكترونية الدقيقة لن تثني أصحاب القرار الأمني في ملاحقة العابثين بالأمن والإستقرار الداخلي للبلاد . فالإرادة البشرية الشجاعة ذات الجرأة الفعلية أقوى ، والتخطيط السليم والإيحاء بشيء وتنفيذ شيء آخر له مردود فعال في هذا المجال .
خامس عشر : إن ( وادي الذئاب ) من خلال الوقائع العملية يحتم توفير حماية خلفية لأعضاء الجهاز الذي يتولى مقارعة الإختراقات الأجنبية . وتتمثل هذه الحماية في الحماية البشرية والتوفير المالي للأعضاء وعائلاتهم .

سادس عشر : إن ( وادي الذئاب ) مسلسل تلفزيوني أمني سياسي بامتياز ، يدخل في صميم الدعاية والحرب النفسية ضد الإمبريالية الأجنبية وخاصة الأمريكية والصهيونية في آسيا العربية الإسلامية .

وعلى كل حال ، هذه الملاحظات الآنية هي ملاحظات أولية ، وهي غيض من فيض ، يمكن استلهامها وسبر أغوارها المتجددة لأخذ الدروس من التخطيط العام والخاص لمقاومة الأعمال الجاسوسية على أراضي الغير ، وتوفير الخبرات البشرية الضرورية ورصد الأموال اللازمة لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه أبناء الوطن ، من الأعداء الذين يظهرون في ثياب الأصدقاء والأشقاء أحيانا .



التجسس الأجنبي والفساد


على العموم ، حاولت وتحاول أجهزة المخابرات الأمريكية والصهيونية بذر بذور الفساد والسفاهة في أوساط الأجهزة السياسية والأمنية التركية العليا ، وبهذا ينطبق عليهم قول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)}( القرآن المجيد – التوبة ) .
وهذا ما يفسر ملاحقة بطل المسلسل التلفزيوني التركي ( مراد علم دار ) للغلاديو ، وسط سرية أمنية متينة ، فكل خلية تعرف ما يناط بها ، دون كشف جميع الأوراق أمام جميع أعضاء الجهاز الذي يتزعمه علم دار .



وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ

على أي حال ، إن المسلسل التركي ( وادي الذئاب ) الذي عرض بنسخة عربية شاهدناها عبر قناة أبو ظبي الفضائية ، في شهر تموز – يوليو 2010 ، يستحق المشاهدة المتتابعة ، وينصح جميع المواطنين عامة والعاملين بالأجهزة الأمنية في الوطن الإسلامي والوطن العربي والعالم متابعته وإستقراء الأوضاع المعاشة ، خاصة وأنه يبث بثلاثة أوقات متباعدة بتوقيت مسائي ( الساعة الخامسة مساء بتوقيت فلسطين الصيفي ) وليلي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بتوقيت فلسطين الصيفي ، وبتوقيت صباحي في اليوم التالي ( العاشرة صباحا بتوقيت فلسطين الصيفي ) ، وأخذ العبر والعظات من بين الأحداث والسطور الواقعية على أرض الميدان الأمني والسياسي والعسكري والاقتصادي . وقد إنطلق الأتراك في هذا المسلسل التلفزيوني المكلف اقتصاديا ، من واقعة قرآنية مجيدة ، ذكرها الله في كتابه العزيز ، حيث يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

الخلاصة

ونستطيع أن نستخلص من المسلسل التركي ( وادي الذئاب ) العديد من العبر والعظات المتعددة ، التي تؤكد على استحالة ترك الإمبراطوريات الاستعمارية الشريرة البلدان الإسلامية المستقرة من متابعة مسيرتها الطبيعية في جميع المجالات والميادين دون تدخلات لزرع الفتنة بين أوصال المجتمع الإسلامي الواحد ، وإفتعال الأحداث ، والظهور الأمريكي بمثابة المنقذ من الفتن والإضطرابات والشغب والفوضى ، علما بأن الاستعمار بأجهزته الأمنية والجاسوسية هي التي تقف وراء هذه الأحداث المقيتة . وبهذا يمكننا التأكيد ، أنه لا ولم ولن ترضى الإمبراطورية الأمريكية الشريرة والكيان الصهيوني عن الاستقلالية الإسلامية عامة والتركية خاصة ، مهما كلفها ذلك من جهود بشرية شريرة وإنفاق مالي عظيم ، لتنفيذ مخططاتها ومآربها الساعية للتقسيم والإختراق الجاسوسي حتى الأعماق في البنى الفوقية للإدارة التركية العليا . ولكن تركيا المسلمة لم تقف مستسلمة لما يدور داخلها وباطنها وحولها ومحيطها من هرطقات أمنية وعسكرية ، وفي نهاية المطاف سيكون النصر المدوي المبين لأصحاب الحق ، والهزيمة كل الهزيمة لأتباع الباطل إن الباطل كان زهوقا .
وكل التوفيق والتقدم والنجاح نتمناه لكاتب السيناريو التركي ، ولأبطال المسلسل الذين أدوا أدوارهم بروية وتأن وإقتدار نادر الحدوث في مثل هذه الأمور الحساسة .

كلمة أخيرة

يقول الله الغني الحميد جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .
وختامه مسك ، لا بد من القول ، إن هذا المسلسل التلفزيوني التركي المدبلج للعربية ( وادي الذئاب ) ، هو نوع من التعريف والتوضيح العام لما يجري في المنطقة بتأثير محلي وإقليمي وقاري وعالمي ، وهو نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لإستجلاء المواقف ، وأخذ الاحتياطات اللازمة ونبذ شديد للتجسس والجاسوسية ، فنهاية العملاء هو الوقوع في الفخ ، ونيل الجزاء المناسب على الأفعال المؤرقة التي نفذوها عن سبق الإصرار والترصد .
وتحية وألف تحية لبطل المسلسل التلفزيوني التركي ( وادي الذئاب ) وكاتب السيناريو الفذ ، وتحية وألف تحية لمن أخرج ومثل من الممثلين الأصليين أو من الأصوات التي شاركت في دبلجة المسلسل بإتقان فني مشكور ، وللشركة المنتجة والمدبلجة للعربية كل التحية على جهودها الفنية المخلصة . ومزيدا من الأفلام والمسلسلات المتلفزة الملتزمة السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية الهادفة التي تفضح وتقض مضاجع الانتهازيين والمنافقين والسفهاء والموالين لأعداء الشعب والأمة الإسلامية والإنسانية .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .




















ليست هناك تعليقات: