السبت، 30 مارس 2013

الإبكار الإسلامي .. والتوقيت الصيفي د. كمال إبراهيم علاونه


الإبكار الإسلامي .. والتوقيت الصيفي
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)} ( القرآن المجيد - الروم ) .

استهلال

في الحياة البكر والبكور والإبكار وما أدراك ما الإبكار ؟ إنه الاستيقاظ قبل الناس قبل بزوغ الشمس وحلول النهار ، لعبادة الله الواحد الأحد القهار ، بذكر جليل كريم وقراءة قرآن مجيد وصلاة تهجد ثم صلاة فجر واستغفار ، ثم المسارعة للعمل لتحصيل قوات الأهل والأبناء من الذكور والإناث ، الصغار والكبار ، والسعي في مناكب الأرض ومجالاتها لنيل رضا الله الغافر الغفار ، فهو الذي يقبل توبة المسيء بالليل والنهار ، وهذا ما يدركه أولو الألباب والأبصار . فكونوا ممن يتعظ ويعتبر من غيره ولا تبدوأ حياتكم بالصفر من الأصفار ، بل كونوا ممن يسعى في الأرض حثيثا في الحل والترحال والأسفار ، واسعوا إلى ذكر الله العزيز الحكيم الجبار .

الأصل في التوقيت الزمني في كل بقعة من بقاع العالم أن يكون طبيعيا حسب شروق وغروب الشمس في مشارق الأرض ومغاربها ، ليعيش الإنسان حياته الطبيعية المعتادة دون انتقاص من حق البدن والعقل والعاطفة في الراحة النفسية والجسمية الإنسانية الكاملة المتكاملة . ويتوزع التوقيت الزمني بصورة متباينة في أيام وشهور وفصول السنة في جميع أرجاء الكرة الأرضية ، والقطبين الشمالي والجنوبي خاصة والاختلاف بينها واضح وبين .
وغني عن القول ، إن جسم الإنسان وطبيعته يتعود على نمط معين من الوقت اليومي بكرة وأصيلا ، فيمارس الأعمال اليومية المعتادة بانتظام ، فيتعود الإنسان على وقت النوم مساء والاستيقاظ في صباح اليوم التالي وفق ساعة بيولوجية موجودة في جسم الإنسان منذ خلقه ، فيكيف المرء نفسه مع هذه الساعة الإنسانية البيولوجية ويسير على هداها بانتظام ورتابة يومية وأسبوعية وفصلية على مدارس السنة ليعيش آمنا مستقر مطمئنا بعيدا عن القلق والإرهاق والتعب .
وهناك من ينام مبكرا ، ويستيقظ مبكرا ، لعبادة الله جل جلاله ، ثم الانتقال لحياته العملية في المزرعة أو المؤسسة أو الوزارة أو المصنع حسب ما يحدد مواعيده الآنية المعتادة ، والمواعيد الطارئة التي تحدث وقعا جسديا وعقليا وعاطفيا يتخلل فيها بنيانه الوقتي الطبيعي المعتاد . وقد وجد الأطباء الذين أجروا دراسات عملية صحية على مواعيد الإنسان اليومية أن الإنسان بطبعه يحتاج لساعات محددة من النوم والراحة بالليل والنهار على السواء ، وكذلك فإن الإنسان بحاجة لأوقات عمل يومية يمرن به جسده ويشد بها عضلاته ويجري بها دورته الدموية بانتظام ، ويحصل فيها على قوته وقوت عياله اليومي أو الأسبوعي أو الشهر أو الفصلي أو السنوي ، ويبذل في ذلك الجهد تلو الجهد لتحقيق ذلك .
وفي الآن ذاته ، فإن الإنسان يحتاج إلى تنظيم وقته على مدار اليوم والليلة ( أل 24 ساعة ) بين العمل والراحة والنوم وممارسة الحياة الطبيعية العادية ، ولكن عملية توزيع ساعات اليوم والليلة على حياة الإنسان تختلف من شخص لآخر ، ومن ذكر لأنثى .
ويمكن القول ، إن ساعات نوم الأطفال ، ذكورا وإناثا ، تختلف اختلافا بينا عن ساعات الكبار ، فالصغار يحتاجون لساعات نوم أطول من الكبار ، وتتراوح ساعات نوم الصغار ما بين 6 – 12 سنة حوالي 10 ساعات يوميا ، بينما يحتاج الكبار من سن 21 عاما فأعلى إلى 7 – 9 ساعات نوم يوميا . ونوم القيلولة من الأمور التي تساعد على منح الجسم الطاقة والحيوية أكثر من ساعات النوم العادية ، وكذلك فإن الاستيقاظ المبكر والعمل المبكر يعطيان الجسم الحيوية والقوة وخاصة لفئات الشباب والكهول ، والنشاط الليلي الساكن هو الأكثر صفاء ونقاء للإنسان . وبهذا نلاحظ أن من يستيقظ مبكرا لصلاة الفجر ويؤديها حاضرا ، في البيت أو المسجد ، في المجتمع المسلم ، يكون أكثر نضوجا عقليا بدنيا واستيعابا عقليا ، يمتلأ صحة وقوة وإعتزازا بالنفس ، ويجاهد نفسه ضد الكسل والخمول ويحصل على المال مبكرا ، إن عاجلا أو آجلا ، بينما الذي لا يؤدي صلاة الفجر حاضرا ويتأخر في النوم ينتابه الكسل والخمول وقلة الحيلة ونقصان في المال . وشتان ما بين النشاط والكسل فهما نقيضان لا يتلقيان أبدا ، ويلاحظ الفرق الكبير بين النشيط والكسول ، فالنشيط يكون ممتلئا بالأمل والحيوية بينما يرزح الكسول تحت داء الخمول المقيت وهو بلاء يجب التخلص منه .

التوقيت الشتوي .. والانتقال للتوقيت الصيفي

على أي حال ، إن مسالة تقديم التوقيت بساعة واحدة بتقديم موعد الساعة ب 60 دقيقة لفترة محددة كأن تكون 170 – 180 يوما ، أو أكثر أو اقل ، في هذه الدولة أو تلك يخضع لدراسات اجتماعية واقتصادية ويقررها القرار أو المزاج السياسي ويصدق ذلك قرار الحكومة المعنية أو يكذبه . وتستفيد قطاعات واسعة من المجتمع من التوقيت الصيفي من الفئات النشيطة وعلى العكس من ذلك تتأذى فئات واسعة أخرى من هذا التوقيت وخاصة إذا كان مبكرا ، ويمثل الفئة المتضررة جيل الأطفال الذين يجب أن يستيقظوا باكرا للإلتحاق برياض الأطفال والمدارس الأساسية والثانوية ، عند الساعة الثامنة صباحا ، وكذلك تتأوه فئة ليست بالقليلة من الموظفين بسبب تطبيق التوقيت الصيفي مبكرا في نهاية شهر آذار – مارس أو مطالع شهر نيسان سنويا ، ويتمنون لو تتأخر عملية استبدال التوقيت الشتوي بالتوقيت الصيفي لكي يناموا ساعة صباحية معتادة . ويمكن القول ، إن التوقيت الصيفي يتماشى مع سنن الكون الطبيعية ، في شروق الشمس وغروبها ، ليصحو الإنسان باكرا لتأدية صلاة الفجر المفروضة في وقتها الطبيعي .

أهم مبررات التوقيت الصيفي

إن التعويد على التوقيت المبكر ، بالساعة البيولوجية الإنسانية الطبيعية ، هي من الأمور المحبذة ، في تسيير شؤون الحياة اليومية . وهناك بعض الدول الصناعية التي تحاول كسب التوقيت الصيفي لعدة مسائل حيوية ، من أهمها :
أولا : التكيف الزمني المؤقت مع شروق الشمس وغروبها .
ثانيا : زيادة إنتاجية الفرد العامل أو الموظف .
ثالثا : التوفير في نفقات الضوء الصناعي كإنارة الشوارع والمصانع والمنشآت الاقتصادية والوزارات وسواها والاعتماد على ضوء الشمس الطبيعي .
رابعا : استغلال الأوقات بصورة أكبر وأشمل ، فالتبكير في التوقيت بساعة واحدة يكسب المجتمع ساعة عمل جديدة واحدة مبكرة وبالتالي يساهم ذلك في زيادة الإنتاج وتوزيع الوريدات أو النوبات في العمل بصورة مريحة أكثر من التوقيت الشتوي .

معوقات الاستيقاظ الباكر

يحتاج الإنسان لساعات معدودة معينة من النوم يوميا ، تختلف باختلاف طبيعة الجسد الإنساني ، وباختلاف طبيعة المناخ والجو السائد في كل بقعة جغرافية من بقاع العالم ، ونمط تفكير وحياة الإنسان الروحية والمادية . ويؤثر ويؤخر عملية الاستيقاظ المبكر الإنساني عدة عوامل ، لعل من أهمها الآتي :
أولا : طبيعة المناخ السائدة : خاصة في حالة إرتفاع أو انخفاض درجات الحرارة . ووجود المرتفعات الجوية والمنخفضات الجوية وسرعة سير الرياح البطيئة والسريعة .
ثانيا : البرمجة الذاتية للإنسان : وهي مهمة في عملة تنظيم أوقات الاستيقاظ المبكر أو التأخير في النوم .
ثالثا : النوم المبكر والسهر الطويل : فالنوم المبكر يعطي الإنسان حاجته من الراحة الجسدية والعقلية ، بينما يرهق السهر المتأخر طبيعة الإنسان البيولوجية ويجعل الإنسان يستيقظ كسولا متثاوبا نعسان يترنح بسبب جوعه للنوم وبالتالي ينعكس ذلك على إنتاجيته اليومية .
رابعا : طبيعة العمل الإنساني : فاستيقاظ المزارعين والفلاحين أو العمال والمهنيين يختلف عن طبيعة عمل الموظفين وطلبة المدارس والجامعات . فالدوام الوظيفي للمدارس والوزارات يكون عند الساعة الثامنة صباحا بينما يبدأ عمل المزارعين والعمال في ساعات أبكر قليلا .
خامسا : المسافرون : وقد يكون السفر البعيد أو القريب أو المتوسط للدراسة عبر المحافظات في الدولة أو العبادة الدينية ، أو العمل الوظيفي حاجة من الحاجات اليومية المعتادة . فهذه الفئة من الناس لها نظاما خاصا في الاستيقاظ المبكر أو المتأخر ، وعند عملية تحديد مواعيد السفر يبقى الإنسان متأهبا ومستعدا للسفر قبل أوان الانتقال البري أو البحري أو الجوي .
سادسا : المرضى في البيوت والمشافي والعيادات : فهؤلاء الناس لهم أوقات زمنية في النوم والاستراحة تختلف عن بقية الفئات الآخرى ، فهم قد لا يتحكمون في أوقاتهم للنوم والاستيقاظ بسبب القلق والسهر والتداوي والعلاج .

الأمة الإسلامية والإبكار في الاستيقاظ والعمل

يهتم الإسلام العظيم بالوقت الزمني الاهتمام الأمثل ضمن الاهتمام البشري العالمي ، فتمتاز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم ، بأنها أمة نشيطة ، خير أمة أخرجت للناس ، تحب عبادة الخالق سبحانه وتعالى والإمتثال لأوامره واجتناب نواهيه ، فالأمة المسلمة تحب العمل المبكر ، وتحب الاستيقاظ المبكر في جميع أوقات السنة القمرية والشمسية على السواء . وأهم حالات الإبكار في الحياة الإسلامية العامة والخاصة :
أولا : تأدية صلاة التهجد : وهي صلاة يؤديها المسلم بساعات الليل ، وخاصة في آخر الليل وهو نوع من الإبكار في الاستيقاظ من النوم . جاء في سنن الترمذي - (ج 7 / ص 257) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " . وجاء في مسند أحمد - (ج 48 / ص 302) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَكُنْتُ فِيمَنْ انْجَفَلَ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ " .
ثانيا : تأدية صلاة الفجر : فالصلوات الإسلامية الخمس ( الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ) تتوزع على مدار اليوم والليلة ، وتأتي صلاة الفجر أو الصبح المبكرة لتدب الحياة والنشاط في شرايين وعروق المجتمع الإسلامي الأصيل ، فترى المسلمين من ذوي الهمة والنشاط العالي ، يستيقظون لأداء الصلاة ثم الانتشار في الأرض للبحث عن أرزاقهم ، وهي حالة نشاط يومية تتطلب من الإنسان المسلم والمسلمة الاستيقاظ باكرا .
ثالثا : ذكر الله عز وجل : وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عملية التبكير والإبكار في الحياة في عدة آيات قرآنية مجيدة ، نذكر منها :
- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)}( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
- { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) }( القرآن المجيد ، الفتح ) .
- { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) }( القرآن المجيد ، الإنسان ) .
- { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}( القرآن المجيد ، غافر ) .
رابعا : قراءة القرآن العظيم عند الفجر : يقول الله عز وجل : { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)}( القرآن المبين ، الإسراء ) .
خامسا : الإستغفار في الأسحار : يقول الله سبحانه وتعالى : { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)}( القرآن المجيد – آل عمران ) . وهو تشجيع رباني للتبكير في الاستيقاظ والاستغفار في وقت الأسحار وهي الأوقات التي تسبق صلاة الفجر .
سادسا : تناول السحور لصيام شهر رمضان المبارك : ولا ننسى شهر رمضان المبارك الذي يستوجب من المرء المسلم الاستيقاظ مبكرا أكثر قليلا من الإبكار في الأيام العادية ، وذلك لتناول الطعام المبارك وهو طعام السحور ، لأن في السحور بركة . يقول الله تبارك وتعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}( القرآن الحكيم – البقرة ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 3) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً " .
سابعا : الإبكار في العمل : الإبكار في العمل يولد النشاط وجلب الرزق السريع .
جاء في مسند أحمد - (ج 30 / ص 482) عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " . قَالَ فَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ . قَالَ فَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ " .

كلمة أخيرة
وختاما ، وبناء على ما سبق ، فإننا نقول إن الإنسان يجب أن يعود نفسه الاستيقاظ باكرا وفق الساعة الزمنية الفلكية العالمية المرتبطة بالليل والنهار ، والشمس والقمر والنجوم ، وإقامة صلاة الفجر مبكرا في وقتها دون تأخير ، أو انتظار لبزوغ أشعة الشمس ، وكذلك عليه الذهاب للعمل باكرا ، والسعي في مناكب الأرض . وأما بالنسبة للفئات العاملة في ساعات يومية محددة كالموظفين وطلبة المدارس والجامعات ، فإنه ينبغي عليها الاستفادة من التوقيت الصيفي والاستيقاظ باكرا ، وعدم ممارسة الكسل والخمول وعدم سب وشتم ولعن المجهول أو المعلوم ، وعملية تقديم الوقت بساعة واحدة للإنطلاق وتطبيق التوقيت الصيفي المبكر بستين دقيقة زمنية فإنه لم ولا ولن يضر شيئا ، وكل ما في الأمر هو الانتظام بالزمن بالتبكير ساعة واحدة ، يستفيد منها الجميع أو لنقل على وجه الدقة السواد الأعظم من الناس . ويجب علينا جميعا ، أن نبادر للصلاة الإسلامية ( صلاة الفجر ) وهي الصلاة الأولى في اليوم والليلة في وقتها لنحافظ على كينونة النشاط ونبتعد عن ظاهرة السهر الطويل والاستيقاظ المتأخر من النوم ثم لنبكر في أعمالنا كافة لتسريع الإنجاز ثم نعود ساعة قبل الأوان الطبيعي ونمارس حياتنا الطبيعية .
وصلاة فجر وعبادة وطاعة متقبلة من الله خالق الخلق أجمعين ، وعملا مبكرا طيبا مباركا فيه لجميع . وتوقيتا صيفيا موفقا وناجحا لأبناء المجتمع العربي والمسلم حيث يحين حين التوقيت الشتوي القادم . ولنتعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ومن الكسل والتثاؤب ، وكما جاء بصحيح البخاري - (ج 19 / ص 461) كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ " .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: