السبت، 12 مايو 2012

الإعتقال الإداري للفلسطينيين بالسجون الصهيونية .. والإضراب المفتوح عن الطعام .. بين الحق والحقيقة د. كمال إبراهيم علاونه


أسرانا في القلوب
الإعتقال الإداري للفلسطينيين بالسجون الصهيونية ..
والإضراب المفتوح عن الطعام .. بين الحق والحقيقة
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
المعتقل الإداري الفلسطيني السابق
نابلس - فلسطين العربية المسلمة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) }( القرآن المجيد – يوسف ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 10 / ص 257) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فُكُّوا الْعَانِيَ يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ " .


إستهلال


لجأت قوات الاحتلال الصهيوني ، منذ الإعلان عن قيام الكيان العبري الصهيوني اليهودي ( الإسرائيلي ) في 14 ايار 1948 ، على لسان دافيد بن غوريون فوق مبنى بلدية تل أبيب ، إلى سياسة القبضة الحديدية لإرهاب أهل البلاد الأصليين ، من ابناء الشعب المسلم العربي الفلسطيني ، فدمرت المدن والقرى وهدمت البيوت ، وحطمت المساجد ، وشردت الأهالي ، ولجأت للقمع العسكري البدني والنفسي ، وإعتقلت مئات آلاف الفلسطينيين ، إذ وصل عدد الأسرى الفلسطينيين من الذكور والإناث حوالي مليون فلسطيني حتى عام 2012 ، أدخلوا في متاهات السجون العنصرية اليهودية الصهيونية البائسة ، لفترات مختلفة ، ما بين الإعتقال الإداري ( بلا محاكمة ) أو الإعتقال العادي والتحقيق مع الأشخاص وتعذيبهم بشتى الوسائل الفنية والمادية والنفسية ، وإصدار المحاكم العسكرية الصورية أحكاما جائرة ضد عشرات الآلاف من أهل فلسطين الأصليين .
وعلى الجاب الآخر ، لم يستسلم شعب فلسطين ، ولم يرفع الراية البيضاء أمام الصهاينة الغزاة المحتلين الأجانب الجدد الآتين من كل فج عميق ليستعمروا ويحتلوا فلسطين بدعاوى زائفة ومزيفة ، ويشردوا أهلها وشعبها لمختلف أصقاع الكرة الأرضية .
ومن ضمن البلاء والإبتلاء لشعب فلسطين الأبي ، سياسة الاعتقال الإدارية الصهيونية الهمجية ضد المواطنين الفلسطينيين ، بصورة عشوائية أو بشكل مبرمج ، لملاحقة الشرفاء الأحرار الأباة من أهل فلسطين ، وتنكيد حياتهم وحياة أهاليهم ، وجعلها مريرة شديدة المرارة كالعلقم أو أشد فتكا .
وتتمثل سياسة الاعتقال الصهيوني الإجرامية في مداهمة بيت المواطن الفلسطيني ليلا أو استدعائه للتحقيق ، واحتجازه بلا محاكمة ، حتى وإن كانت هذه المحاكمة صورية ، لا أساس قانوني لها ، والإبقاء على المواطن الفلسطيني ، في الحجز الإداري الصهيوني العفن ، لفترة من الزمن تحدد لمدة ما بين 3 – 6 شهور في الغالب ، ويمكن التجديد والتمديد لهذا المعتقل الفلسطيني أو ذاك ، لمدة سنة أو سنتين أو بضع سنين وصلت في بعضها 8 سنوات ، وفق ما تقرره الأجهزة الأمنية الصهيونية ، حسب مزاجها بالاستناد لكيد ومكائد العملاء والجواسيس المندسين في صفوف الشعب ، كحب الزوان وسط بيادر القمح ، الذين يزودونها بالمعلومات المضللة ، مقابل شيكلات بخسة ، وفق ما يطلق عليه ( الملف السري للمعتقل الإداري الفلسطيني ) .
وقد ورثت حكومة الكيان الصهيوني خطة الإعتقال الإداري ، عن إمبراطورية الشر البريطانية إبان الاحتلال ( الانتداب ) البريطاني للأرض المقدسة ما بين الأعوام  1917 – 1948 ، فسارت قوى الشر الصهيونية على خطى ومسار رواسب الاحتلال البريطاني الهمجي للديار الفلسطينية طوال السنوات العجاف .
وهذا الابتلاء للمعتقلين الفلسطينيين في السجون العبرية الصهيونية يقع ضمن الجبروت الصهيوني لقمع أهل فلسطين .


المعتقلون الإداريون الفلسطينيون والإضراب المفتوح عن الطعام ( الجوع )


يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
ورد في المعجم الكبير للطبراني - (ج 6 / ص 84) عَنْ عَامِرِ بن عَطِيَّةَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"إِنَّ أَطْوَلَ النَّاسِ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا، يَا سَلْمَانُ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ" .
أذكر جيدا عندما اعتقلتنا قوات الاحتلال الصهيوني في 28 آب 1985 ، أواخر أيام دراستي الجامعية الأولى بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ، بحوالي شهر ونصف ، إتفقنا ( أكثر من 80 معتقلا إداريا فلسطينيا من شتى الفصائل الوطنية الفلسطينية ) على إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام ، في سجن الجنيد المركزي بنابلس ، شمالي الضفة الغربية المحتلة . فرفضنا أوامر الاعتقال الإداري ، وخططنا لعدم تسلم وتناول وجبات الطعام الثلاث يوميا داخل السجن ، وأعلنه البعض منا صوما دينيا بينما إتخذه البعض الآخر إضرابا مفتوحا عن الطعام ، أو ما بينهما ، فصبت إدارة مصلحة السجون الصهيونية جآم غضبها علينا ، وحاولت قمعنا ، ولكننا صمدنا وتحدينا جبروت الاحتلال الصهيوني ، فصادرت ممتلكاتنا الشخصية داخل غرف السجون المغلقة . ودأبنا على تناول بعض أكواب الماء وحبات الملح بين الفينة والأخرى ، للحفاظ على ابدانا صحيحة سليمة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، ليتمتع الواحد فينا بجسم سليم بالحد الأدنى ، طيلة 10 أيام متواصلة من الإضراب المفتوح عن الطعام ، ولكن هيهات .. هيهات .. فقد غزت الأمراض الطارئة والمزمنة أبدان عشرات المعتقلين الإداريين ، وصدرت بيانات صحفية للرأي العام الفلسطيني ، لمناصرتنا والوقوف إلى جانبنا ، وكانت مطالبنا سياسية بالدرجة الأولى تتمثل بضرورة الإفراج الفوري عنا ، وإلغاء سياسة الاعتقال الإداري الهمجية الظالمة ، فلم تستجب لنا حكومة الكيان الصهيوني ، وعملت مصلحة السجون العبرية على وضع الكثير منا في الزنازين الفردية والثنائية ، وابعدت الكثيرين منا ، من سجن الجنيد المركزي بنابلس إلى سجن بئر السبع الصحراوي لندخل في عزلة مطبقة ، فلم يتمكن الأهل والأصدقاء من زيارتنا إلى بشق الأنفس ، وعلى فترات متباعدة ، كل أسبوعين مرة واحدة لمدة 30 دقيقة فقط ، من خلف الشبك والقضبان الحديدية ؟؟!
ولم تكن ظروف حياة المعتقلين الإداريين الفلسطينيين ، من قطاع غزة بأحسن من حال المعتقلين الفلسطيينين من الضفة الغربية بالسجون الصهيونية الإجرامية ، فالكل خضع لسياسة القبضة الحدييدة الصهيونية السيئة الصيت والذكر في سجن بئر السبع بالنقب جنوبي فلسطين المحتلة .
ولم تتركنا الأمهات والآباء ، وحدنا في ( معركة الأمعاء الخاوية ) مع السجانين اليهود الصهاينة ، وتضامن معنا أبناء شعبنا الفلسطيني المقدام ، بالمسيرات والمظاهرات والإعتصامات أمام مقار الصليب الأحمر في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ونشرت وسائل الإعلام والصحافة الفلسطينية الداخلية والخارجية مطالبا وفعاليتنا الإضرابية المفتوحة عن الطعام ، على صدر صفحاتها الأولى ، وزارنا أعضاء الكنيست العرب والتقدميين ، والمحامين العرب واليهود اليساريين ، ولكن ذلك لم يقدم شيئا فعليا لنا ، وبقيت سياسة الإعتقال الإدارية الصهيونية اللئيمة على حالها دون رادع قانوني أو إنساني عالمي .


المعتقلون الإداريون .. والإضراب المفتوح عن الطعام 2012


جاء في صحيح مسلم - (ج 14 / ص 205) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ " . كما ورد بمسند أحمد - (ج 14 / ص 98) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَسَنَتُهُ فَإِذَا فَارَقَ الدُّنْيَا فَارَقَ السِّجْنَ وَالسَّنَةَ " .
الدنيا سجن الإنسان المؤمن ، وجنة الكافر ، وما أشبه اليوم بالبارحة ، فهاهم نشامى فلسطين في سجون الاحتلال الصهيوني ، أعلنوا ويعلنون الإضراب المفتوح عن الطعام بإرادة فولاذية قوية ، لا تركع إلا لله الأحد الصمد جلال جلاله ، حيث بدأ بعض المعتقلين الإداريين الفلسطينيين بتنفيذ خطة الإضراب المفتوح عن الطعام فرادى مطلع عام 2012 ، ثم بصورة جماعية بعد إنضمام مئات بل ألاف الإسرى ( 5 آلاف أسير فلسطيني ) لهذا الإضراب المفتوح عن الطعام في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني ، للمطالبة بالإفراج الفوري عن أسرى فلسطين ، من مختلف الفئات : المحكومين والإداريين والموقوفين .. وفي تضامن رسمي وإعلامي وشعبي فلسطيني وعربي وإقليمي وعالمي غير مسبوق ، في تسخين ملف الأسرى الفلسطينيين ، المرة تلو المرة ، وذلك بعد عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الجندي اليهودي جلعاد شاليط حيث تم تحرير 1027 أسيرا واسيرة مقابله في خريف 2011 .
ومن أمثلة الفعاليات التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام ، منذ يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان 2012 ، نصب خيام التضامن والإعتصام ، وتنظيم المسيرات الشعبية والكشفية ، وخاصة من طلبة المدارس والجامعات الفلسطينية ، والاتحادات المهنية والفصائل والأحزاب السياسية .. إلخ . والإضراب المفتوح التضامني مع المعتقلين المضربين عن الطعام ، وكتابة رسائل إعلامية موجهة لأسرى فلسطين ، وتنظيم المؤتمرات الدولية بهذا الخصوص ، لتفعيل ملف الأسرى بصورة حية ومتصاعدة . وخصصت خطب صلاة الجمعة بالمساجد الإسلامية ، لنصرة الأسرى الفلسطينيين الميامين ، وتولت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة وشبكة الانترنت نشر فعاليات الأسرى المضربين عن الطعام أولا بأول ، كل حسب الوجهة التي يرتأيها ، فأضحت قضية الأسرى الفلسطينيين الشغل الشاغل للجماهير الفلسطينية .


الإعتقال الإداري .. والملف السري الصهيوني


ورد في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 308)  عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ


تزعم وتدعي قوات الاحتلال الصهيوني ، منذ أمد بعيد ، على إختلاف أذرعها الثلاث : التنفيذية ( الأجهزة الأمنية ) والقضائية ( المحاكم العسكرية والمحكمة العليا ) والتشريعية ( الكنيست العبري ) بوجود الملف السري للمعتقل الإداري الفلسطيني الذي يتم على أساسه توقيف وإحتجاز المواطن الفلسطيني من شتى الشرائح الاجتماعية . ومن خلال التسريبات الإعلامية العبرية بوسائل الإعلام اليهودية الصهيونية ، اليمينية والعلمانية واليسارية ، يتبين أن مواد الملف السري ضد المعتقل الإداري الفلسطيني ، ربما تتمثل في المعلومات المتوفرة المكتوبة من الوشاة والعملاء والجواسيس الكذابين المنافقين ، الخاضعين لإمرة ضباط الاحتلال الصهيوني ، لاعتقال وحجز المواطن الفلسطيني ، وفق سياسة الاعتقال الإداري الظالمة . وهذا الأمر يتطلب من الأسرى الفلسطينيين وأهاليهم وفصائلهم وأحزابهم ، الإسلامية والوطنية ، المواجهة الحقة والحقيقية مع من يكتب هذه المعلومات ويدسها ، عبر التنظيف الأمني والتطهير الشامل للمنافقين والفاسقين الذين يوشون بالأحرار والشرفاء الفلسطينيين ، بكل الطرق المتاحة ، فلا يعقل أن تتم معالجة النتائج دون وضع حل جذري للعوامل المسببة لهذا الاعتقال الإداري ، فالخطوة الأولى كما يراها خبراء الاعتقال الإداري هو الإجتثاث الكبير للوشاة الكذابين . وما إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام سوى خطوة كبيرة من خطوات إجتثاث هذا السياسة الهمجية الظالمة التي تبقي المعتقل الإداري في حالة نفسية غير مستقرة .


كيفية مواجهة سياسة الإعتقال الإداري


وفقا للكثير من الأسرى الفلسطينيين ، ممن تأثروا بالاعتقال الإداري الصهيوني ، عبر سنوات الاحتلال العجاف الماضية ، هناك العديد من سبل التصدي والمواجهة المدنية السلمية والقانونية ، لسياسة الاعتقال الإداري الصهيوني :
أولا : المواجهة القانونية الشاملة – عبر مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات المجتمع المدني .
ثانيا : المواجهة التشريعية عبر الكنيست العبري المتواصلة ، بهدف إيجاد رأي عام يهودي مضاد للاعتقال الإداري ، وخاصة أن حكومة الاحتلال بدأت بتطبيق هذه السياسة على بعض الفئات اليهودية .
ثالثا : المواجهة السياسية ، عبر طرح هذه القضية في الساحة الدولية ، بما فيها الساحة الأمريكية والأوروبية عموما والبريطانية خصوصا بإعتبارها مخترعة هذه السياسة الاعتقالية الظالمة التي أكل الدهر عليها وشرب .
رابعا : تنظيم الحملات الإعلامية الشاملة : محليا وعربيا وإقليميا وعالميا . لإبقاء قضية المعتقلين الإداريين حية في النفوس ، واللجوء للتسخين بين الحين والآخر .
خامسا : المواجهة الذاتية من المعتقلين الإداريين أنفسهم ، لهذه السياسة الاعتقالية الجهنمية ، كالإضراب المفتوح عن الطعام ، ومقاطعة المحاكم العسكرية الصورية الصهيونية ، والتركيز على الجانب الإنساني وحقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام ، والتكبير الجماعي ( الله أكبر .. الله أكبر ) بأصوات مرتفعة ، في الزنازين والسجون الصهيونية ، والثورة على سياسة العد الثلاثي ( الصباح والظهيرة والمساء ) وإبتكار وسائل جديدة بهذا الخصوص .
سادسا : التضامن الرسمي والشعبي الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي .
سابعا : ممارسة الضغوط الدولية ، الدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية ، الجادة والحقيقية للإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين . وتسيير مسيرات أجنبية جماهيرية بإتجاه السجون الصهيونية ، بالتعاون مع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ، وتكثيف الحملات الإعلامية .
ثامنا : وضع قضية الأسرى الفلسطينيين على سلم أولويات المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية ، المباشرة وغير المباشرة ، والإصرار على إخراج المئات قبل كل جولة لقاءات تفاوضية .


( الجوع الإختياري ) الإضراب المفتوح عن الطعام .. بين الحالتين الإيجابية والسلبية


تتمحور سياسة الجوع في السجون الصهيونية حول بندين رئيسيين هما :
الأول : التجويع الصهيوني للأسرى الفلسطينيين ، عبر تقليص نوعية وكمية الطعام المقدم للأسرى كحق قانوني لهم طيلة فترة إحتجازهم .
الثاني : الجوع الفلسطيني الاختياري المنظم من الأسرى الفلسطينيين ، وهو سلاح الضعفاء المسجونين الذين لا حول لهم ولا قوة ، في الزنازين والسجون القمعية الصهيونية ، سوى الاحتجاج السلبي على الإجراءات القمعية الاحتلالية ، وهذا الجوع ينظمه مجموعة من الأسرى أو يلجأ إليه معتقل فلسطيني للتعبير عن إحتجاجه وتظلمه على الممارسات العنجهية الصهيونية .
ولا بد من القول ، إن سياسة إكثار المعتقلين الإداريين الفلسطينيين ، من الإضرابات المفتوحة عن الطعام ، فرادى وجماعات ، هي سلاح ذو حدين :
أولاهما : إيجابي : يتمثل في طرح قضية المعتقلين الإداريين كمسألة ساخنة على الساحة . وثانيهما : سلبي : يتمثل في تضرر صحة المضربين عن الطعام ( الجوعى الاختياريين ) لفترات طويلة ، تؤدي في الكثير من الحالات لأمراض مزمنة ، وإستئصال بعض أجزاء المعدة أو غيرها من جسم المعتقل المريض ، وهذا يشكل خطرا مستقبليا داهما على حياة هؤلاء المعتقلين ، يفترض التنبه لها قبل فوات الأوان ، وهذا ما تسعى له أجهزة الاحتلال الصهيوني ، لمعاقبة الأسرى الفلسطينيين عقابا مزدوجا ، بالحجز البدني والنفسي في غرف السجن بظروف إعتقالية سيئة جدا . وعدم الاستجابة لمطالب الأسرى المضربين لفترة طويلة لإلحاق الأذى الصحي بهؤلاء النخبة من أبناء الشعب الفلسطيني .
فهناك الكثير من المضربين عن الطعام استمروا في إضرابهم لأكثر من 60 يوما أو 70 يوما ، فوفقدوا ما بين 30 - 40 كغم من وزنهم ، خلال فترة شهرين ، وهذا سيؤدي مستقبلا بكارثة صحية لهم ، فتغزوا أبدانهم الأمراض المزمنة المستعصية ، التي تجعلهم يئنون أنينا دائما طيلة سني حياتهم . وهذا الأمر بحد ذاته يعتبر خسارة فادحة للأسرى الفلسطينيين وذويهم ، وشعبهم في جميع المجالات والميادين .


عبادة الصيام الإسلامية .. والإضراب عن الطعام بالسجون الصهيونية


جاء في صحيح البخاري - (ج 15 / ص 218) عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ " .


هناك بعض الأسرى الفلسطينيين الذين يضربون عن الطعام إضرابا مفتوحا ، لفترة طويلة ، متبعين طريقة الصيام الإسلامية ، لنيل رضى الله العزيز الحكيم رب العالمين ، ثم التعبير عن رفضهم للأساليب الهمجية الوحشية العبرية ضدهم . ويتمثل هذا الأمر في نية المضرب عن الطعام ، تنظيم عملية تناول السحور ( كمية من الماء وبعض حبات الملح ) قبل أذان الفجر ، ثم الإفطار بعد أذان المغرب ( كمية من الماء وبعض حبات الملح ) كعبادة إسلامية وفقا ما يسمى : الصيام التطوعي الطوعي الإسلامي . وفي هذه الطريقة من الصيام الإسلامي والإضراب المفتوح عن الطعام ، يتم تحقيق هدفين : الأول : عبادة الله عز وجل بالتقرب إليه بالصيام ، بالإمساك عن الماء والملح بالزنازين والسجون ، طيلة الفترة الشرعية الإسلامية ، الممتدة ما بين أذاني الفجر والمغرب يوميا . والثاني : مقاومة سياسة الاحتلال الصهيوني الظالمة ، والتخطيط لتضامن شعبي واسع .
وغني عن القول ، إن الإضراب المفتوح عن الطعام ، سواء في السجون الصهيونية أو الأجنبية ، في أي بقعة من بقاع العالم ، هو سلاح الضعفاء ، لمجابهة الأقوياء من السجانين الطغاة البغاة الذين يفسدون في الأرض بعد إصلاحها . والهدف من الإضراب المفتوح عن الطعام ، هو رفض سياسة الإذلال والهوان ، ومحاولة تحصيل بعض الحقوق الضائعة من أنياب البشر المفترسين ، بالضغط النفسي والإعلامي وتضامن الآخرين مع المضربين عن الطعام الذين يجوعون أنفسهم طوعا بطريقة مباشرة ، أو كرها بطريقة غير مباشرة .
وهذا الامتحان الرباني البسيط ، يؤكد الإختيار الإلهي لهذا المعتقل الفلسطيني او ذاك ، وتمحيص الصابرين والمجاهدين ، من أهل الحق والحقيقة ، بفلسطين الأرض المقدسة ، ضد الباطل والمنافقين والفاسدين والمفسدين في الأرض . كما جاء في مسند أحمد - (ج 45 / ص 281) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " .


وتجربتي الشخصية ، بالزنازين والسجون الصهيونية ، كأسير فلسطيني عربي مسلم سابق ، جربت حياة السجن والاعتقال الصهيوني ، لمدة خمس مرات ، في 8 سجون صهيونية ( زنازين رام الله ، سجن الفارعة ، ومعتقل المسكوبية ، والجنيد المركزي ، وبئر السبع ، وخيام سجن نابلس ، وعتليت ، وسجن النقب ( أنصار 3 ) ، بواقع (  18 ) ثمانية عشرا شهرا منها 3 مرات اعتقال إداري ، بالسجون الصهيونية ، فإنني أنصح إخوتي وأخواتي الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني ، بما يلي :
أولا : تعزيز العلاقات الطيبة بين ظهرانيكم ، فوحدة الحركة الأسيرة الفلسطينية ، من المعتقلين الإداريين والمحكومين والموقوفين ، تعتبر من أولى أولويات تحقيق مبتغاكم وطلباتكم المطلبية والسياسية وخروجكم للحرية . وليكن شعاركم جميعا ( وحد وجمع تنتصر ) لمواجهة سياسة التفريق الصهيونية السادية السافلة ( فرق تسد ) .
ثانيا : الاستفادة من فترة الاعتقال الإداري أو الحكم العسكري الجائر والتوقيف الإجرامي ضدكم ، بما هو مفيد ، واستثمار أوقات الفراغ ، كالدراسة والتثقيف الجماعي والفردي ، وتعلم اللغات العبرية والإنجليزية والفرنسية ، لتثبتوا للعالم أجمع أنكم من الفئة الفلسطينية الأولى في ميدان العلم المرافق للأحكام التعسفية الصهيونية ، وأنتم طليعة المجاهدين في جميع الأوضاع الطبيعية وغير الطبيعية .
لقد صنع أسرى واسيرات فلسطين من الزنازين والسجون العبرية الصهيونية ( جامعات مصغرة ومراكز إشعاع ثقافية ) لمواجهة غطرسة ووحشية الاحتلال الصهيوني ضد أهل فلسطين المباركة .


السادية الصهيونية .. في تعذيب الأسرى الفلسطينيين


كما نعلم جميعا ، من أهل الإسلام والسلام ، فإن الله العلي العظيم ، لعن الكافرين اليهود على ألسنة الأنبياء والمرسلين ما قبل الرسالة الإسلامية السامية ، فتعالوا بنا ننظر إلى لعن أنبياء الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل ، يقول الله الجبار القهار جل جلاله : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) }( القرآن المجيد – المائدة ) .
وأنتم أيها الأسرى الفلسطينيون ، من مختلف الفئات : المحكومين والمعتقلين الإداريين والموقوفين ، إبقوا على الحق صابرين ، لربكم راكعين وساجدين وذاكرين ، ففرج الله قريب آت لا محالة ، إن عاجلا أو آجلا ، والدهر يومان : يوم لك ويوم عليك . يقول الله الحنان المنان ذو الجلال والإكرام ، تبارك وتعالى : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
وقد تعهد الله العلي القدير تبارك وتعالى ، بنصرة عباده المرسلين وجنده المخلصلين الميامين ، إذ يقول الله ذو الجلال والإكرام ، ناصر عباده المستضعفين في الأرض في الكتاب العزيز : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المبين – الصافات ) .
والنصر النهائي ، للأمة الإسلامية ، في مشارق الأرض ومغاربها ، وستكون فلسطين ( الأرض المقدسة ) مركزا للخلافة الإسلامية الراشدة الأخيرة ، وفقا للتعاليم الإسلامية المستقبلية ، فقد ورد في مسند أحمد - (ج 45 / ص 471) عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الْإِيَادِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ فَقَالَ لِي وَإِنَّهُ لَنَازِلٌ عَلَيَّ فِي بَيْتِي بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا فَقَالَ : " اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَيُفْتَحَنَّ لَكُمْ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ أَوْ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي أَوْ هَامَتِي فَقَالَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ " .


وعلى الجانب الآخر ، حثت المبادئ الإلهية القويمة ، أبناء الأمة الإسلامية ، الآمرة بالمعروف والنهاية عن المنكر ، خير أمة أخرجت للناس ، على الجهاد في سبيل الله ، والصمود والتصدي لأئمة الباطل والإفساد في الأرض ، وعدم موالاة اليهود والنصارى لأن بعضهم أولياء بعض ، يقول الله عزيز ذو انتقام عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }( القرآن المجيد -  المائدة ) .


الإعتقال الإداري لأسرى فلسطين .. وعبرة نبي الله يونس بن متى


ورد في مسند أحمد - (ج 21 / ص 237) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الضُّعَفَاءُ الْمَظْلُومُونَ قَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كُلُّ شَدِيدٍ جَعْظَرِيٍّ هُمْ الَّذِينَ لَا يَأْلَمُونَ رُءُوسَهُمْ " .
فيا أيها الإخوة والأخوات الأسرى من فلسطين خاصة والوطن العربي عامة ، في كافة سجون الاحتلال الصهيوني الغاصب ، لنردد دعاء الأسير نبي الله يونس بن متى عليه السلام وهو في بطن الحوت ، في السجن الحيواني ، الأكبر خطرا وضررا من السجن العمراني الصهيوني اللئيم ، فستخرجون من ظلمات السجون البائسة إن شاء الله رب العالمين . يقول الله خالق الخلق أجمعين عالم الغيب والشهادة : { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}( القرآن المجيد – الأنبياء ) .
وندعو ونلجأ لهذا الدعاء النبوي ، لأننا مظلومين كأبناء فلسطين البررة ، المدافعين عن الحق أمام قوى الطاغوت والبغاة الطغاة من بني صهيون العدوانيين الظالمين المستعمرين ، ولسنا ظالمين للغرباء الطارئين من يهود فلسطين المحتلة ، الذين شردونا وجرحونا وقتلونا واعتقلونا واحتلوا أراضينا واجتثوا أشجارنا وزرعنا وثمارنا ، ظلما وعدوانا ، وعاثوا في الأرض فاسدين ومفسدين ، بل ولأننا ربما ظلمنا أنفسنا وأهالينا ، بابتعادنا ولو لبرهة من الوقت عن الرسالة الإسلامية الناصحة الأمينة . فلقد جاء في صحيح البخاري - (ج 14 / ص 165) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى " . كما ورد في سنن الترمذي - (ج 11 / ص 410) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ " .


كلمة طيبة أخيرة


جاء في صحيح مسلم - (ج 4 / ص 475) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا " . قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ " .
على أي حال ، إن الله العلي العظيم ، سبحانه وتعالى ، سيجتث الظلم والظلام والظالمين ، بنوره العظيم ، وينشر النور الكبير في ربوع فلسطين المباركة ، وستعلو رايات الحق خفاقة في سماء الأرض المقدسة ، ولو بعد حين من الدهر ، فالظلم والظلام إلى زوال ، وسياسة الاحتلال الأجنبي إلى زوال كذلك ، وسيفرح أهل الحق بالنصر المؤز المبين ، الذي سيأتي في يوم لا ريب فيه ، ولو كره الكافرون والفاسقون والمنافقون . وستزول أقدام الاحتلال الصهيوني من فلسطين ، وسيعم الإسلام والسلام وسيزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا ، وسينتصر الحق وتسطع شمس الحرية ، وتغيب وحشية الاحتلال والمحتلين شاء من شاء وأبى من ابى ، فإنتظروا إنا منتظرون ، وإنا لصادقون بمشيئة الله العلي العظيم جل شأنه .
وندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .


والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: