الجمعة، 25 مارس 2011

بيوم المياه العالمي .. المياة في الوطن العربي .. بين الحقوق السياسية والتجارية ( 2 – 3 )

بيوم المياه العالمي
المياة في الوطن العربي ..
بين الحقوق السياسية والتجارية
( 2 – 3 )

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة
====================

الفصل الثاني
موارد المياه في الوطن العربي

يشكل الوطن العربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي نحو 9 % من مساحة اليابسة في الكرة الارضية حيث تبلغ مساحته حوالى 7ر13 مليون كم2 . وتستثمر هذه المساحه 2ر171 مليار م3 من المياه سنويا ، وتتألف موارد المياه من عدة انواع من الموارد أو المصادر ( 1 ) هي :
- 140 مليار م3 تأتي من المياه السطحية .
- 22 مليار م3 تأتي من المياه الجوفية .
- 9.2 مليار م3 تأتي من تحلية مياه البحر ومياه الصرف الصحي .
-
اما فيما يتعلق بموارد المياه العربية بنوعيها السطحية والجوفية ( وهي من المياه العذبه ) فتقدر بنحو 388 مليار م3 ، وهذا يعادل 7 % من مخزون المياه في العالم ، وهو رقم قليل نسبيا قياسا بمساحته وعددسكانه ( 2 ) .
وتتوزع الامطار والموارد المائية العربية في مختلف اجزاء الوطن العربي في الشمال والجنوب والشرق والغرب كما يلي ( 3 ) :
جدول توزيع الامطار والموارد المائية في الوطن العربي
مليار م3
الاقليم الامطار الموارد المائية المتاحة مليار م3
مليار م3 / سنه سطحية جوفية كامل الموارد المتاحة
المشرق العربي 174 4ر90 5ر6 9ر96
شبه الجزيرة العربية 214 4 7ر4 7ر8
وادي النيل والقرن
الافريقي 1304 2ر100 6ر6 8ر106
المغرب العربي 520 39 14 53
--------------------------------------------------
المجموع 2212 6ر233 8ر31 4ر265
---------------------------------------------------
المصدر : برنامج الأمن الغذائي العربي 1980 .
وعلى سبيل المثال ، ففي عام 1990 ، قدر المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة والمكتب الاقليمي للعلوم والتكنولوجيا في الدول العربية بدمشق ، الموارد المائية التقليدية المتاحة في الوطن العربي بنحو 1ر279 مليار م3 سنويا ، شكلت منها الموارد السطحية 73ر230 مليار م3 سنويا او ما يعادل 7ر82 % ووصلت كمية المياه السطحية من مياه الانهار الدولية 3ر71 % او ما يعادل 4ر164 مليار م3 ( 4 ) .
وتتركز مصادر المياه في الوطن العربي ، بكافة اشكالها السطحية ( الامطار والانهار ) والجوفية والينابيع والمياه المحلاة من البحر بشكل عام على النحو الآتي :
أ - المياه السطحية : وتشمل :
اولا : الانهار العربية - الدولية :
1 - نهر النيل - يبلغ طوله 6650 كم ، ومساحة حوضه 3349 كم2 ، وتؤلف البحيرات الاستوائية وهضبة الحبشة الخزان الطبيعي له ويعد نهر كاجيرا المنبع الحقيقي للنيل اذ يبلغ طول مجراه 480 كم ، ويتألف من تلاقى رافديه روفوفو في بورندي ونيافرونجو في رواندا ويتجه شمالا فالشرق ويصب في بحيرة فكتوريا بين اوغندا وتنزانيا ، ويخترق النيل السودان متوجها الى مصر ويدخل وادي حلفا بعد قطعه 5151 كم من منابعه ، ويبلغ طوله في الاراضي المصرية 1520 كم او ما يقارب 7ر22 % من طول النهر ( 5 ) وبلغ تصريفه السنوي 84 مليار م3 .
2 - نهر دجله - ينبع نهر دجله من المرتفعات الواقعة جنوبي شرقي هضبة الاناضول التركية ، ويدخل العراق عند بلدة فيشابور ، ويصب في هذا النهر عدة روافد من الاراضي التركية
والايرانية والعراقية كالخابور والذاب الكبير والذاب الصغير ، والنهر العظيم وديالي ، ويبلغ مجرى نهر دجله حوالى 1718 كم ( 6 ) ويبلغ تصريفه السنوي بعد اجتيازه ارض العراق نحو 48 مليار م3 مياه .
3 - نهر الفرات - تقع منابعه الاولية من مرتفعات الاناضول التركية ، حيث يجري في تركيا 544 كم ، ويدخل سوريا عند بلدة البوكمال في حين يدخل العراق عند بلدة حصيبة ، ويبلغ طول مجرى هذا النهر 2820 كم ( 7 ) . ويصل تصريفه المائي السنوي بعد اجتيازه ارض سوريا نحو 26 مليار م3 .
4 - نهر الاردن - وهو نهر دولي ينبع من عدة عيون ويتشكل من انهار الشريعة ، بانياس ، والدان من سوريا والحاصباني في لبنان ، طوله 252 كم وعرضه 30 مترا ، ويبلغ تدفقه المائي عند دخوله بحيرة طبريا 732 مليون م3 ، وتنضم اليه مياه السيول ويصل الى 838 مليون م3 ، اضافة الى نصف مليار م3 مياه من بحيرة طبريا ويصبح الوارد المائي الاجمالي لنهر الاردن حوالى 1782 مليون م3 ، وتقدر مياهه من الروافد والسيول بنحو 2 مليار م3 سنويا ( 8 ) . وتشترك في حوضه لبنان وسوريا والاردن وفلسطين الطبيعية .
ثانيا : مياه الامطار : تختلف كميات المياه التي تهطل سنويا على البلاد العربية من دولة لاخرى ومن موسم لآخر ، وفي الاساس يعتبر الوطن العربي من المناطق الجافة او شبه الجافة ، ولهذا فان مياه الامطار ، وفي ظل عدم وجود الخطط الاستراتيجية لتخزينها واستخدامها في الفصول الثلاثة الاخرى ، غير فصل الشتاء ، لا تشكل موردا مائيا متاحا ، وتذهب معظم المياه الهاطلة سنويا الى جوف الارض لتضاف الى مصادر المياه الجوفية . ويبلغ متوسط مياه الامطار السنوية في الوطن العربي حوالى 2212 مليار م3 .
مصادر المياه السطحية ( الانهار والامطار )
تقدر كمية المياه السطحية ، بحسب بعض المصادر المائية العربية ، بنوعيها الانهار والامطار بحوالى 728ر294 مليون م3 سنويا ، تتوزع على الدول العربية ( ما عدا قطر والبحرين والكويت وجزر القمر ) على النحو التالي ( 9 ) :
جدول مصادر المياه السطحية العربية
سنة 1995
الدولة حجم المياه السطحية / مليون م3 النسبة المئويه
العراق 000ر80 1ر27 %
مصر 000ر62 21 %
السودان 645ر60 6ر20 %
سوريا 100ر22 5ر7 %
المغرب 000ر21 1ر7 5
الجزائر 000ر13 4ر4 %
الصومال 156ر8 7ر2 %
موريتانيا 800ر5 9ر1 %
اليمن 500ر4 5ر1 %
فلسطين الطبيعية 000ر4 3ر1 %
السعودية 208ر3 3ر3 %
تونس 630ر2 3ر3 %
عمان 470ر1 3ر3 %
الاردن 900 -
جيبوتي 199 -
ليبيا 170 -
ولا بد من الاشارة الى ان الدول الاجنبية المجاورة للوطن العربي تسيطر على ما نسبته 7ر45 % من مجمل المياه السطحية القادمة لحوالي 400 مليون عربي ، وهذا الامر يشكل خطرا يهدد الامن المائي للوطن العربي ، وهو مصدر قلق متواصل في ظل الاوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية العربية الراهنة والمتوقعة على المستوى المنظور وحتى العقود الاولى من القرن الحادي والعشرين الحالي . وهذا يستوجب اعادة النظر في واقع الأمن القومي العربي ومن ضمنه الأمن المائي لتلافي العجز المائي المتوقع خلال الفترة القادمة ، وذلك من خلال العمل المثابر لاستعادة التكامل العربي في كافة المجالات والميادين للحفاظ على ثروة الامة العربية المائية والحيلولة دون التحكم الخارجي بها او التهديد بذلك ، لما لهذا من اثر على نفسية المواطن العربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي ، لأن من يمتلك المياه باستطاعته امتلاك الحياة بكل ما في الكلمة من معنى .
نصيب الفرد العربي من المياه
بلغ متوسط نصيب الفرد العربي من موارد المياه المتجددة سنويا 1165 م3 في العام 1997 ، على اساس ان عدد سكان الوطن العربي 262 مليون نسمة ، مع العلم ان نسبة 9ر44 % من هذا العدد بلغت حصته من الماء اقل من 1000م3 سنويا ، و6ر44 % من العدد الاجمالي تراوحت حصته ما بين 1000 - 2000 م3 سنويا . وحسب التقديرات السكانية للوطن العربي فان عدد السكان سيزداد عام 2000 ليصل حوالي 300 مليون نسمة وبالتالي سيتقلص نصيبه من المياه الى 949 م3 ، وسيصل عدد السكان للوطن العربي الى 493 مليون نسمة عام 2025 وهذا سيرافقه ايضا ، بعلاقة عكسية ، انخفاض في نصيب الفرد من قطرات المياه الى 566 م3 مياه ، في حين سينتج عجز مائي اضافي قدره نحو 30 مليار م3 عام 2000 ميلادي ، ويرتفع هذا العجز ليصل نحو 210 مليارات م3 عام 2025 ( 10 ) .
وتتوزع عملية استهلاك الفرد العربي من الموارد المائية المتاحة على النحو التالي ( 11 ) :
- 83 % للزراعة .
- 12 % للصناعة .
- 5 % للحاجات السكانية الاخرى .
أسباب نقص المياه في الوطن العربي الكبير
تعاني منطقة الشرق الاوسط عامة ، والوطن العربي خاصة من أزمة مياه في الوقت الحاضر ، وستبقى تعاني اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن حسب المعطيات والتقديرات المائية في هذه المنطقة ، وذلك لعدة اسباب ، من اهمها :
اولا : قلة الامطار التي تهطل سنويا وتذبذبها من عام لآخر .
ثانيا : النمو السكاني الطبيعي واللاطبيعي . تبلغ نسبة الزيادة السنوية للسكان العرب في متوسطها 75ر2 % ، ووصل عدد سكان الوطن العربي في عام 1997 حوالى 262 مليون نسمة وووصل هذا العدد الى حوالى 294 مليون نسمة عام 2000 وحوالى 493 مليون نسمة سنة 2025 . هذا بالاضافة الى استقدام يهود جدد الى مناطق فلسطين الكبرى من خلال الهجرات المتتالية من اليهود كهجرات طارئة غير محددة العدد ، من خلال استجلاب مياه عربية لصالح هؤلاء القادمين الجدد الذين اتوا من مناطق ليس بها نقص في موارد المياه .
ثالثا : سوء استخدام المياه في عدة مجالات وخاصة في الزراعة والصناعة والاعمال المنزلية ، وعدم اتباع مبدأ ترشيد الاستهلاك اليومي او السنوي العام .
رابعا : نقص المخزون المائي الجوفي بفعل التسرب داخل الارض عبر الامطار والسيول والاودية .
خامسا : التبخر : وخاصة المياه السطحية المكشوفة من كمياه الامطار او الانهار التي تقطع مسافات طويلة .
سادسا : صب كميات كبيرة من مياه الامطار والانهار الدولية والمحلية في البحار دون الاستفادة الكاملة منها ، مثل مصب شط العرب جنوب العراق الذي يحتضن مياه نهري دجلة والفرات ، والبحر الابيض المتوسط الذي يحتضن مياه نهر النيل شمال مصر .
موارد المياه الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة
تتنوع موارد ومصادر المياه الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث تشتمل على :
اولا : مياه الامطار : تسقط الامطار في فصل الشتاء بكميات متذبذبة سنويا ، وتتراوح هذه الكميات ما بين 450 - 600 ملم سنويا .
ثانيا : الينابيع او العيون المائية : وخاصة في طبقة الارض القريبة ، وتتوزع الينابيع في الضفة الغربية على حوضين اساسيين ، وهما ( 12) :
1 - الاحواض الشرقية - ويبلغ اجمالي مصادر المياه منها نحو 753ر49 الف م3 ، تعادل 3ر93 % من انتاج عيون الضفة الغربية .
2 - الاحواض الغربية - ويصل مجموع انتاج المياه منها الى 572ر3 الف م3 ، تعادل 7ر6 % من انتاج عيون الضفة الغربية .
ثالثا : المياه الجوفية : تقدر كميات المياه الجوفية بين 850 - 900 مليون م3 ، يستخدم منها بين 600 - 650 مليون م3 ، وتتوزع المياه الجوفية على ثلاثة احواض ، وهي:
أ - الاحواض الشرقية - ويبلغ حجمها ما يقارب 125 مليون م3 .
ب - الاحواض الغربية - ويقدر حجمها 335 مليون م3 ، وهي قريبة من ينابيع فلسطين المحتلة عام 1948 داخل ما يسمى بالخط الاخضر حيث تؤثر على المياه الجوفية هناك وبشكل خاص على ينابيع نهري العوجا والزرقاء .
ج - الاحواض الشمالية الشرقية - يقدر حجمها ب 140 مليون م3 ( 13 ) .
ويتم استخراج المياه الجوفية من الآبار الارتوازية ، للشرب والري ، من عدة مناطق : من الاغوار وعدد الابار 96 بئرا ، وادي الفارعة وعدد الابار 23 بئرا ، السفوح الغربية وعدد الابار 185 بئرا ، والمناطق الجنوبية الجبلية 10 آبار ، وبشكل عام تضم الضفة الغربية 245 بئرا ارتوازيا ، منها 35 بئرا لاغراض الشرب و30 بئرا اسرائيليا للمستوطنات ، وقدر انتاج هذه الآبار 110 مليون م3 مياه سنويا منها 66 مليون م3 للآبار العربية و44 مليون م3 للآبار الاسرائيلية في عامي 1989 ، 1990 ( 14 ) . وتبلغ كميات المياه المستخرجة 938ر37 مليون م3 سنويا ، ويتراوح عمق هذه الآبار الارتوازية الفلسطينية في الضفة الغربية ما بين 120 - 150 مترا ومعظم هذه الآبار حفر قبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة عام 1967 ( 15) .
اما بخصوص استهلاك المواطنين في الضفة الغربية من المياه فقد بلغ عام 1987 حوالى 119 مليون م3 سنويا ، استهلكت منطقة اريحا منها حوالي 64 مليون م3 ( والكمية كبيرة بسبب استخدامها في ري المزروعات من الاشجار المثمرة والخضروات . اما عدد سكان هذه المنطقة فهو قليل لا يتجاوز 30 الف نسمة ، واستهلكت محافظات جنين وطولكرم ونابلس 44 مليون م3 ، اما محافظتي رام الله والبيرة وبيت لحم فوصلت كمية الاستهلاك 5 مليون م3 ، ومحافظة الخليل 6 مليون م3 سنويا ( 16 ) .
وفي المقابل ، فان المستوطنين اليهود البالغ عددهم في الضفة الغربية عام 1998 ، حوالى 145 الف شخص ، فقد استأثروا ولا يزالون يستأثرون بنصيب الاسد من المياه الفلسطينية الاصل . يقول د. حسن بكر " حصة الفرد من المياه .. فالعرب في المناطق المحتلة عام 1948 يستهلكون نحو 8 ر1 % من حجم المياه التي تستغل ، علما أنهم يشكلون اكثر من 17 % من حجم السكان ، وفي الاراضي المحتلة عام 1967 يزداد التفاوت ويتضح وبشكل صارخ الغبن الشديد الذي يقع العرب ضحيته ، فتبعا للتقديرات التي نشرتها سارة روي فان متوسط حصة المستوطن الاسرائيلي في الضفة الغربية تبلغ 1420 م 3 سنويا . اما احصائيات ديفيد كهان فتفيد ان حصة المستوطن اليهودي تبلغ 2667 م3 سنويا ، بينما تتراوح حصة المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين 234 - 267 م3 سنويا " ( 17 ) .
المياه في قطاع غزة
قدرت الموازنة المائية لقطاع غزة عام 1991 ما بين 106 - 118 مليون م3 سنويا ، توزعت على النحو التالي ( 18 ) :
- 60 - 72 مليون م3 للري .
- 26 مليون م3 سنويا للشرب والصناعة .
- 20 مليون م3 للمستوطنات ( 30 بئرا للمياه في 19 مستوطنة يسكنها اربعة الاف مستوطن ) ، وهذه الرقام المائية قبل إخلاء المستوطنات اليهودية وانسحاب قوات الاتلال الصهيوني قطاع غزة في أواسط أيلول 2005 .
وبلغ العجز المائي السنوي ما بين 36 - 48 مليون م3 سنويا ، وهذا ادى الى ازمة حادة وخطيرة في المياه . وقد برزت مشكلة شح المياه في قطاع غزة لعدة اسباب كما يقول الدكتور رياض الخضري ( 19 ) :
" زيادة عدد السكان بنسبة 4 % سنويا ، التوسع العمراني ، انشاء المستوطنات اليهودية ، بناء اسرائيل مصائد لمياه الامطار التي كانت تجري في الوديان وتصل الى قطاع غزة ، وحفر اسرائيل لآبار ارتوازية بمحاذاة الشريط الحدودي لقطاع غزة من الجهتين الشرقية والشمالية " .
وقد استمدت محافظات قطاع غزة احتياجاتها المائية قبل عام 1994 م من 1891 بئرا ارتوازيا توزعت على النحو : بيت لاهيا 184 بئرا ، بيت حانون والدمرة 253 بئرا ، النزلة 67 بئرا ، شمال شرق غزة 67 بئرا ، شمال غرب غزة 256 بئرا ، جنوب غرب غزة 184 بئرا ، جباليا 155 ، ابو مدين 45 بئرا ، النصيرات 92 بئرا ، البريج والمغازي 68 بئرا ، خانيونس والسميري 198 بئرا ، بني سهيلة 18 ، عبسان 24 ، خزاعة 5 ، دير البلح 147 ، رفح 137 بئرا .
ويلاحظ هنا ان عدد الابار كبير جدا لعدة اسباب ، منها : قرب المورد المائي من سطح الارض ، وقلة المخزون المائي في البئر الواحد كما انه لا توجد سلطة عامة مشرفة مسيطرة على شؤون المياه بشكل كلي ، فعشرات الابار حفرت بمبادرة من الاهالي نظرا للحاجة الماسة . ووصل الاستهلاك السنوي للمياه في قطاع غزة عام 1998 حوالى 120 مليون م3 ، في حين تبلغ الكميات الواردة الى خزان المياه الجوفية سنويا حوالى 80 م3 ( 20 ) ، ويعتمد المواطنون في تدبير احتياجاتهم من المياه من الموارد الجوفية ، اذ تبلغ مساحة الخزان المائي الجوفي ( 50 كم طول بعرض يتراوح بين 8 - 12 كم ) . واما المياه السطحية فهي غير موجودة ( 21) .
على أي حال ، ان الاحتياجات المائية الفلسطينية عام 1997 سنويا ، في الضفة الغربية وقطاع غزة وصلت الى 800 مليون م3 ، سيطرت قوات الاحتلال الصهيوني على 600 مليون م3 منها وحصل الفلسطينيون على 200 م3 سنويا ( 22 ) ، وهذا يدلل على ان حكومة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) سيطرت على ما يعادل 87 % من الموارد المائية في الضفة والقطاع ، في حين يعاني ما نسبتة 37 % من القرى والبلدات الفلسطينية من غياب شبكات المياة ( 23 ) وهذا يصل الى 153 قرية حرمتها قوات الاحتلال من انشاء شبكات المياه بواسطة حظر نقل المياه من الشركة القطرية الاسرائيلية التي تتمتع بامتياز استغلال المياه الفلسطينية . وهذا الامر يضطر هؤلاء المواطنين الفلسطينين الى الاعتماد على حفر آبار صغيرة لجمع مياه الامطار الهاطلة في فصل الشتاء او لجوء النساء الفلسطينيات الى جلب المياه من الينابيع او العيون القريبة على رؤوسهن او على الدواب او الاضطرار لشراء صهاريج المياه من المستوطنات القريبة . فالفلسطيني يضطر في كثير من الاحوال الى شراء المياه من المستوطنات مع العلم أنه يفترض ان يكون هو مالكها ، فالمعادلة مقلوبه ، صاحب الحق وبسبب الحاجة وسيطرة منطق القوة العدوانية اليهودية الصهيونية على موارد المياه يحتم على كثير من المواطنين الفلسطينيين لدفع ثمن الامتار المكعبة من صهاريج المياه وخاصة في فصل الصيف بسعر مرتفع اذ يصل ثمن صهريج المياه الكبير يتراوح ما بين 25 – 30 دينارا أردنيا وذلك حسب بعد او قرب مكان البيع من مصدر جلب المياه .
وهذا الامر حدا بالجانب الفلسطيني الى ايلاء مسالة توفير المياه للفلسطينيين اهمية لها ما يبررها ، اذ طرح الوفد الفلسطيني المشارك في مؤتمر الدول المانحة لفلسطين الذي عقد في باريس في 14 كانون الاول 1997 اقتراحا لتطوير مشاريع المياه والمجاري للاعوام 1998 و1999 و2000 ضمن الخطة الوطنية الفلسطينية الشاملة بحوالى 284 مليون دولار من اصل 5ر3 مليار دولار اقترحت للخطة الثلاثية العامة ( 24 ) ، منها مليار دولار مستحقة للعام 1997 ، و5ر2 مليار دولار للاعوام الثلاثة الاخرى .
.....................................
هوامش الفصل الثاني
موارد المياه في الوطن العربي

1 - نبيل السمان : حرب المياه من الفرات الى النيل ( دون مكان او تاريخ نشر ) ، ص 15 .
2 - نفس المرجع السابق ، ص 15 .
3 - نبيل السمان ، ص 20 ، عن برنامج الامن الغذائي العربي 1980 .
4 - جان خوري ، وعبد الله الدروبي : الموارد المائية في الوطن العربي ( دمشق : المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة والمكتب الاقليمي للعلوم والتكنولوجيا في الدول العربية ، 1990 ) ، ص 26 - 34 .
5 - محمد الزوكه ، مصدر سبق ذكره ، ص 95 .
6 - نفس المرجع السابق ، ص 90 .
7 - نفس المرجع السابق ، ص 90 .
8 - نبيل السمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 104 .
9 - محمد الزوكة ، جغرافية المياه ( الاسكندرية : دار المعرفة الجامعية ، 1995 ) ، ص 346 .
10 - عدنان هزاع البياني ، “ أزمة المياه في الوطن العربي “ ، المستقبل العربي ، السنة 18 ، العدد 204 ، 1996 ، ص 81 - 89 .
11 - نبيل السمان / مرجع سبق ذكره ، ص 16 .
12 - حمد الموعد : حرب المياه في الشرق الاوسط ( دمشق : دار كنعان للدراسات والنشر ، 1990 ) ، ص 110 - 112 .
13 - نفس المرجع السابق ، ص 111 - 112 .
14 - محمد عبد الهادي ، " موارد المياه في الضفة الغربية وقطاع غزة " ، مركز سبق ذكره ، ص 45 .
15 - حمد الموعد ، ص 112 .
16 - محمد عبد الهادي ، مرجع سابق ، ص 50 .
17 - حسن بكر ، " البعد الفلسطيني في حروب المياه العربية الاسرائيلية " ، صامد الاقتصادي ، العدد 88 ، نيسان - ايار 1992 ، ص 27 .
18 - يوسف ابو صفية : المياه في قطاع غزة المشكلة والحلول المطروحة ( القدس : مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين ، 1991 ) ص 63 - 68 .
19 - رياض الخضري : مشكلة المياه في قطاع غزة والحلول المقترحة ( القدس : مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين ، 1991 ) ، ص 71 .
20 - محمد عبد الهادي ، مرجع سابق ، ص 47 .
21 - حمد الموعد ، ص 117 .
22 - محمد اشتيه ، مدير عام المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والاعمار ( بكدار ) ، مقابلة اذاعية مع صوت فلسطين ، برنامج احداث اليوم ، 10 / 12 / 1997 ، الساعة 30ر2 عصرا .
23 - ضيف الله التميمي ، " هل هناك استراتيجية مائية فلسطينية .. ؟ " ، الميلاد ، العدد 14 ، آذار 1997 ، ص 16 .
24 – د. محمد اشتيه ، المقابلة الاذاعية المذكورة سابقا .
=====================
الفصل الثالث
السياسات المائية الأجنبية في الشرق الاوسط
أولا : السياسة المائية الصهيونية في الوطن العربي
عملت المنظمة الصهيونية العالمية منذ بداية القرن العشرين ، على التنسيق والتفاهم مع الحكومة البريطانية في عام 1903 ، لنقل جزء كبير من مياه نهر النيل الى صحراء النقب لاستخدامها في استقطاب مهاجرين يهود جدد واسكانهم فيها وانشاء استثمارات زراعية ( 1 ) . وفي عام 1956 ، شرعت قوات الاحتلال الصهيوني بإستخدام مياه نهر الاردن ، اذ وضعت خطة لعشرة اعوام تتالف من مرحلتين : الاولى - لنقل المياه من هذا النهر عند جسر بنات يعقوب للمساهمة في ري اراضي مستوطنة تل ابيب المصادرة من المواطنين العرب منذ عدة عقود من الزمن . والمرحلة الثانية لسحب المياة الى صحراء النقب ، تمكنت خلالها من تحويل 700 مليون م3 من المياه سنويا ، وهذا يعادل 60 % من مياه نهر الاردن . في حين رفض الاحتلال الصهيوني ( الإسرائيلي ) المشروع العربي الذي قدم قبل سنتين من ذلك التاريخ ، أي عام 1954 ، والقاضي بتخزين مياه نهر اليرموك في الاردن من خلال بناء سد خالد بن الوليد ( المخيبة ) واستثمار نهر بانياس في سوريا وانشاء سد على نهر الحاصباني واستثماره في لبنان ، وقدم اقتراح لتقاسم نهر الاردن كالتالي :
- حصة الاردن 977 مليون م3 .
- حصة سوريا 132 مليون م3 .
- حصة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) 285 مليون م3 .
وفي حينه تقدمت حكومة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) بمشروع مائي معاكس لذلك في العام ذاته ، وطلبت رفع حصتها الى 55 % من مياه نهر الاردن و400 مليون م3 من مياه نهر الليطاني ، مما عطل المشروع ولم يتم تنفيذه ( 2 ) .
موارد المياه اليهودية بفسطين المحتلة
تنوعت الموارد المائية اليهودية – الصهيونية - الإسرائيلية بفلسطين المحتلة ، منذ قيام الكيان الصهيوني " اسرائيل " عام 1948 مرورا بعام 1967 وما تبعه من اضافة مصادر مائية جديدة من الضفة الغربية وهضبة الجولان السورية واحتلال الجنوب اللبناني منذ عام 1982 ولغاية العام الجاري 2011 ، وذلك تبعا لسياستها التوسعية في الاراضي العربية التي عملت على قضم الموارد الطبيعية الفلسطينية بشكل خاص باصدار الاوامر العسكرية التي عملت على الحاق سلطة الاشراف على المياه بفلسطين الكبرى بشركة ( ميكروت الاسرائيلية ) ومنعت المواطنين الفلسطينيين من حفر آبار المياه الارتوازية ، وسعيها الحثيث للسيطرة على المياه العربية ، القريبة او البعيدة عنها على حد سواء ، بشكل عام . وكما يقول الدكتور عدنان هزاع البياني ، الباحث والاكاديمي العراقي : " ان اسرائيل هي نموذج الدولة التي تقيم تكافؤا أو تلازما بين خريطتها الامنية وخريطتها المائية ، والحدود التي تؤثر اسرائيل ان تحيط نفسها بها هي على الدوام حدود مائية ، سواء اكانت هي حدود اسرائيل الصغرى ( الليطاني والحاصباني وخليج العقبة وقناة السويس ، او حدود اسرائيل الكبرى ( حدودك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ) " ( 3 ) .
وكانت حكومة الكيان الصهيوني “ اسرائيل “ في عام 1974 ، اعادت طرح مشروع التزود اليهودي بمياه نهر النيل تحت عنوان “ ترعة السلام “ ، حيث اقتضت تلك الخطة توسيع قناة الاسماعيلية المصرية ليرتفع معدل تصريفه الى 30م3 / ثانية ، وسحب جزء من مياه النيل الى منطقة النقب ومنطقة الساحل على البحر الابيض المتوسط ( 4 ) .
واطماع الكيان الصهيوني بفلسطين الكبرى المحتلة في المياه العربية تسير وفقا للمفهوم الصهيوني الهادف الى تكامل الموارد الاقتصادية والبشرية والعسكرية ، حيث تضع حكومة الاحتلال الصهيوني في حسبانها عندما تشن حربا ضد العرب السيطرة على موارد مائية جديدة مثلما حصل في حرب حزيران عام 1967 واستيلائها على حوالى 70 الف كم2 من الاراضي العربية من فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) والجولان من سوريا وسيناء من مصر ( 5 ) . كما أوضح الباحث الاميركي توماس ستوفر في الندوة الدولية التي عقدت في العاصمة الاردنية ، عمان ، عام 1986 ، بعنوان “ اسرائيل والمياه العربية - غنائم حرب “ ، اذ قال : “ ان اطماع اسرائيل في المياه العربية هي جزء من مفهوم اسرائيلي متكامل لسياسة الموارد التي تشتمل على : النفط والمعادن والسباق التجاري والحصول على ايد عاملة رخيصة وموارد اقتصادية اخرى بالاضافة الى المياه ، ولا بد من النظر الى الاطماع الاسرائيلية من هذه الزاوية ان تخلي اسرائيل عن الاراضي التي احتلتها عام 1967 يعني تخليها عن غنائم حرب “ ، ( 6 ) . وهذه السياسة الصهيونية اليهودية المبرمجة والمرسومة تؤكدها الممارسة العملية على ارض الواقع ، اذ تحصل ( إسرائيل ) على نسبة كبيرة من احتياجاتها المائية من الاراضي العربية التي سيطرت عليها بالقوة العسكرية عام 1967 ، وعلى حوالى 50 % من مياهها من هضبة الجولان السورية وروافد نهر اليرموك اضافة الى حوالى 60 مليون م3 مياه من ينابيع الهضبة السورية المحتلة . زد على ذلك ما قامت وتقوم به من استنزاف المياه الفلسطينية من اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة حيث تستهلك نحو 450 مليون م3 مياه من الضفة الغربية ، وهذا يشكل ما نسبته 70 % من المياه الجوفية للضفة ، وبذلك يصل معدل استهلاك اليهودي ما ينوف عن 500 % من استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه ( 7 ) .
وقد قدم الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، مشروعا مائيا جديدا عام 1991 لمؤتمر مدريد للسلام ، وتم تسليمه الى المجموعة الاقتصادية الاوروبية في العاصمة البلجيكية ، بروكسل ، مشتملا على الاحتياجات المائية الصهيونية ، وطريقة حلها ، وكانت هذه الدراسة شاملة مرفقة بالخرائط والجداول الاحصائية ، لاستجلاب المياه العربية وخاصة من نهر النيل العربي المصري الإفريقي ( 8 ).
على أي حال ، ضمت المياه موارد المياه المستعملة في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة “ اسرائيل “ ، عدة موارد وذلك في عام 1992 ، وهي ( 9 ) :
اولا : الانهار : وتشمل نهر الاردن ، نهر العوجا ، نهر المقطع ، نهر النعامين ، نهر الكابري ، ونهر روبين .
ثانيا : المياه الجوفية : وتشمل عدة احواض اساسية :
أ - حوض بحيرة طبريه والاردن وقدر مخزونه المائي ب 575 مليون م3 .
ب - الحوض الساحلي وقدر مخزونه ب 283 مليون م3 .
ج - حوض العوجا / الزرقا وقدر مخزونه ب 330 مليون م3 .
د - احواض صغيرة وقدر مخزونها ب 522 مليون م3 .
وفي 28 ايلول عام 1995 ، وقعت الحكومة الصهيونية ( الإسرائيلية ) مع منظمة التحرير الفلسطينية ( الاتفاقية الاسرائيلية - الفلسطينية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة في واشنطن ، حيث نصت المادة الاربعون التي خصصت للمياه والمجاري ، “ على اعتراف اسرائيل بحقوق المياه الفلسطينية في الضفة الغربية ، وسوف يتم التفاوض حولها في مفاوضات الوضع النهائي وتسوى في اتفاق الوضع الدائم الخاص بمصادر المياه المتعددة “ ، وبموجب هذا الاتفاق اعترفت اسرائيل بحاجة الفلسطينيين الى 6ر28 مليون م3 سنويا خلال الفترة الانتقالية ، ولتنفيذ ذلك تم ايراد نص يدعو الى تشكيل لجنة مياه دائمة مشتركة للفترة الانتقالية تحت اشراف لجنة الشؤون المدنية ، الامر الذي شكل تعديا سافرا على حق الكيان الفلسطينية المعروف بالسلطة الفلسطينية في السيطرة على مواردهم المائيه (10 ) .
وفي المؤتمر الاقتصادي للشرق الاوسط وشمال افريقيا الذي عقد في عمان في 1996 ، تقدمت ( إسرائيل ) بـ 23 مشروعا للمياه من 162 مشروعا قدمت للمؤتمر وهذا شكل ما نسبته 2ر14 % من عدد المشاريع المقترحة ، وتركزت جميع المشاريع الاسرائيلية المقترحة للتنفيذ في وادي الاردن والبحر الميت والغور الجنوبي ووادي عربة ، ووصلت القيمة المالية لهذه المشاريع 9 مليارات دولار من بين القيمة التقديرية الكلية لاقامة المشاريع المائية المقدمة لذلك المؤتمر البالغة 32ر25 مليار دولار او ما يعادل 6ر35 % من التكاليف الكلية التي اقترحت ( 11) . ويدلل هذا على مدى اهتمام يهود فلسطين المحتلة في إنشاء مشاريع مائية وتنفيذها على أرض الواقع لاستخدام واستغلال الموارد المائية العربية بخاصة والشرق اوسطية بعامة في اقصى حالة اقتصادية ممكنة في مشاريع جماعية عامة او جماعية محدودة ، لينال منها الاسرائيليون قسطا وافرا ، ان كان على صعيد كميات المياه او الاستثمارات على اختلاف اشكالها وانواعها .
وعلى الجانب الآخر ، لم تقتصر او تكتف السياسة المائية اليهودية بمحاولات استقدام المياه العربية من قلب الوطن العربي بل سعت ايضا الى مساعدة الدول التي تنبع منها الانهار الدولية مثل النيل والفرات والتي تمر او تصب في اطراف الوطن العربي في البحر الابيض المتوسط او الخليج العربي في قارتي آسيا وافريقيا مثل الدولة التركية والدولة الاثيوبية ، فعملت حكومة الكيان الصهيوني مساعدة اثيوبيا في اقامة 26 سدا على نهر الازرق لري 400 هكتار وتوليد 38 مليار كيلو واط من الطاقة الكهرومائية حتى عام 1998 ، وجددت ذلك وضخمت من المشاريع المائية غير العربية في قارة إفريقيا مستفيدة من مياه نهر النيل حتى العام الحالي 2011 ، وذلك بهدف ممارسة الضغوط على القطرين العربيين : مصر والسودان ، كل على حدة او مجتمعين في مصدر حيوي وهام لهما وهو قطرات المياه الضرورية للتنمية القطرية والقومية الشاملة ( 12 ) .
ومن جهة ثانية ، فان سياسة الولايات المتحدة خاصة والعالم الغربي عامة ، سعت وتسعى الى عقد وتنظيم مؤتمرات السلام الاقليمية في الشرق الاوسط لحل النزاع العربي الصهيوني عامة والفلسطيني الصهيوني خاصة عن طريق معاونة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) في تثبيت اقدامها في المنطة العربية والمحافظة على الدور الصهيوني الاستعماري الاستيطاني المتفوق لتبقى القوة الضاربة او شرطي المنطقة ، وقد سعى الغرب وعلى مدار المئة عام الاخيرة الى جعل المنظمة الصهيونية و( إسرائيل ) فيما بعد ، ترسانة عسكرية ونووية ، وما زال الغرب يعمل بشكل متواصل الى تحقيق الامن السياسي والبشري والاقتصادي ومن بين ذلك تواصل تدفق المياه الى الشرايين البشرية والاقتصادية الصهيونية الغريبة عن المنطقة ، وتزايدت حدة ذلك بعد اضطراد الهجرة اليهودية الروسية ( 13 ) .
ثانيا : السياسة المائية التركية والوطن العربي
اولا : تجاه مياه نهر الفرات : لدى تركيا وفرة مائية سنوية تفيض عن حاجتها من مختلف الموارد المائية حيث تعتمد على عدة مصادر مائية تقليدية متجددة ، تبلغ في مجموعها نحو 196 مليار م3 سنويا ،كما يلي :
1 - التصريف السنوي للمياه النهرية التركية وتقدر ب 186 مليار م3 .
2 - المياه الجوفية المتجددة وتصل الى 10 مليارات م3 سنويا .
اما حاجة الاتراك للمياه فتصل حوالى 55 مليار م3 سنويا ، وحسب التقديرات والخطط الموضوعة حتى عام 2000 فمن المتوقع ان ترتفع الى 58 مليار م3 ، ثم إلى 100 مليار م3 خل العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين الحالي الموافق للقرن الخامس عشر الهجري العربي . وبمعنى آخر ، هناك وفرة مائية هائلة اذ لا يصل استهلاك الاتراك من المياه في جميع الاستعمالات اكثر من 28 % من الموارد المائية المتاحة ( 14 ) .
ورغم توفر المياه في تركيا ، فانها لم تتورع في ممارسة الضغوطات المائية المتواصلة على القطرين العربيين : سوريا والعراق وذلك لتحقيق اطماع سياسية واقتصادية مختلفة . ومن أمثلة هذه الممارسات في السياسة المائية ما قامت به تركيا من الاستحواذ لوحدها بمياه نهر القويق منذ العقد الخامس من القرن العشرين المنصرم ، الذي ينبع من منطقة عينتاب التركية ويجرى عبر مدينة حلب السورية ، متنكرة لاتفاقات سالفة تم بموجبها الاتفاق على استثمار مياه ذلك النهر بشكل متساوي بين الجانبين السوري والتركي .
وكذلك عملت تركيا وما زالت تعمل على استغلال مياه نهر الفرات ( الذي ينبع من شمال ارض روم التركية ويواصل جريانه ليدخل سوريا عند بلدة جرابلس ، في حين يدخل العراق عند مدينة حصيبة ، وقبل ان يصب في شط العرب على الخليج العربي يلتقي بنهر دجله قرب كرمة علي شمالي مدينة البصرة ) أي انه نهر دولي يمر بثلاثة دول ورغم ذلك تستغله وفق مصالحها الذاتية ، مستغلة الخلافات السياسية والمذهبية بين جناحي حزب البعث في سوريا والعراق ، ثم هيمنة الاحتلا الأمريكي على أرض الرافدين منذ عام 2003 حتى الآن ( 2011 ) . فأنشأت العديد من السدود والخزانات الكبيرة والمتوسطة على روافد هذا النهر ، وتقتضي الاتفاقات والاعراف الدولية بضرورة تقاسم مياه الانهار الدولية وفقا للمصالح المشتركة بين الدول التي تشترك في منابع ومصاب نهر معين . وقد عملت الحكومات التركية المتعاقبة على تنفيذ مشروع مياه ( جنوب شرقي الاناضول ) الذي إنتهى انشائه عام 2000 ، الذي هدف الى انشاء 21 سدا و17 محطة كهرومائية ، بتكاليف اجمالية تقدر ب 21 مليار دولار ( 15 ) .
وفي حالة الاستمرار التركي في تنفيذ هذا المشروع المائي الكبير ، فان ذلك سيلحق اضرارا متواصلة بكميات ضخ المياه من نهر الفرات الى كل من الاراضي السورية والعراقية . وكانت تركيا عملت على تقليص كميات تدفق المياه من الفرات من 500م3 / ثانية الى 120 م3 / ثانية لمدة ثلاثين يوما في 13 كانون ثاني 1990 ، وتقليص حجم المياه المتدفقة من هذا النهر ايضا نحو 170 م3 / ثانية للفترة الزمنية الممتدة بين 28 كانون الثاني وحتى 3 شباط عام 1991 ، وذلك دون اخذ رأي العراق او سوريا .
وكل هذه التصرفات التركية تأتي رغم انه كان تم توقيع اتفاقين بخصوص تقاسم مياه نهر الفرات ، الاتفاق الاول بين تركيا والعراق عام 1980 ووافقت عليه سوريا بعد عامين ( 1982 ) وتقرر بموجبه اتفاق الدول الثلاث على تقاسم مياه النهر والحصول على كميات مائية عادلة كونه نهر مشترك . وبالاضافة الى ذلك ، اتفقت تركيا وسوريا عام 1987 على تحديد التصريف السنوي للفرات لدى اجتيازه الاراضي السورية 500 م3 / ثانية ، واثر ذلك ، تعهدت سوريا بتقاسم ثنائي لهذه الكمية من المياه مع العراق بنسبة 42 % تحصل عليها سوريا و58 % تحصل عليها العراق ، الا ان السلطات التركية لا تلتزم بتعهداتها واتفاقاتها المذكورة آنفا ، وتخرق مبدأ تقاسم مياه نهر الفرات كاحد الانهار الدولية الذي يهم ويؤثر على الحياة العامة في الدول الثلاث . ونتيجة للمشاريع المائية الحيوية التركية المتتالية ، فقد انخفض معدل التدفق السنوي لنهر الفرات منذ عام 1970 من 5ر31 مليار م3 الى 8ر15 مليار م3 عام 1987 ، وتقلصت هذه الكمية الى 11 مليار م3 بحلول عام 2000 او ما يعادل 350 م3 / ثانية . وهذا بدوره يساوي خسارة عربية لمياه الفرات بنسبة 65 % خلال ثلاثين عام ابتداء من 1970 الى 2000 ( 16 ) .
وقد حذر العراق زمن عهد الحكم البعثي ، بقيادة صدام حسين التكريتي ، تركيا من مغبة الاستمرار في بناء السدود على نهرى دجلة والفرات ، لأن عملية انشاء السدود يضر بالعراق وسوريا على حد سواء ، حيث ناقش المجلس الوطني العراقي ( البرلمان ) الآثار السلبية المترتبة على انشاء المشروع التركي المائي الضخم والذي اسفر عن تقليص منسوب نهر دجلة من 17 بليون م3 الى 5ر13 بليون م3 ، وتقليص منسوب نهر الفرات من 32 بليون م3 الى 5ر13 بليون م3 ايضا ، الامر الذي اضر بستة ملايين عراقي وعرضهم لنقص كميات المياه المتدفقة لهم وقلص مساحات واسعة من الاراضي العراقية المزروعة . وقد جاءت هذه التحذيرات العراقية في اعقاب انشاء تركيا لسد رابع على نهر الفرات لتوليد الطاقة الكهرومائية وري مساحات كبيرة من الاراضي في جنوب شرق تركيا ، وتزايد العمليات العسكرية التركية ضد الثوار الاكراد المتمردين على الحكومة داخل الاراضي العراقية ( 17 ) .
ثانيا : مشروع أنابيب السلام :
بناء على طلب من الحكومة التركية أجرت احدى الشركات الامريكية عام 1986 دراسة الجدوى الاقتصادية لانشاء مشروع مائي اقليمي بسحب المياه من نهري سيحان وجيحان ( الى الجنوب الغربي التركي ) بوساطة انبوبين ، غربي وشرقي ، الى عدة دول عربية هي : سوريا ، الاردن ودول الخليج العربي ذات الامكانات المائية الشحيحة ، قدرت تكلفة مدهما بحوالى 21 مليار دولار (18 ) .
وبلغت طاقة ضخ الانبوب الاول وهو الغربي نحو 5ر3 مليون م3 يوميا ، وكلفته الاجمالية 5ر8 مليار دولار ، بواقع 84ر0 دولارا / م3 مياه . وتوزع كمية المياه المتدفقة المقترحة على عدة دول مستفيدة ، كما يلي ( 19 ) :
اسم الدولة المستفيدة كمية المياه / مليون م3 يوميا
سوريا 1ر1
الاردن 6ر0
الاجزاء السعودية الغربية 5ر1
مناطق اخرى 3ر0
------------------------------------
المجموع 5ر3
الانبوب الثاني - الشرقي : فقدرت طاقة الضخ اليومية ب 5ر2 مليون م3 ، بكلفة اجمالية قدرها 5ر12 مليار دولار ، بواقع 07ر1 دولارا / م3 0 واقترح ان توزع هذه الطاقة المائية كما يلي :
اسم الدولة المستفيدة كمية المياه / الف م3 يوميا
الكويت 600
الاجزاء السعودية الشرقية 800
البحرين 200
قطر 100
الامارات العربية 600
عمان 200
--------------------------
المجموع 500ر2
وقدرت الشركة الاميركية التي وضعت خطة انابيب السلام عمر المشروع بحوالي 50 سنة .وتهدف تركيا من طرح هذا المشروع المائي الكبير الى تحقيق عدة اهداف ( 20 ) ، من ابرزها :
1 - اهداف سياسية حيال المنطقة العربية ، اذ ان من يمتلك مصادر المياه يمسك بمصادر ضغط سياسية متواصلة على الدول المستفيدة .
2 - اهداف اقتصادية : وتتمثل في ان تركيا تجني بعد تنفيذ هذا المشروع الاول من نوعه في الشرق الاوسط حوالى ملياري دولار سنويا ( بحساب سنة اعداد الجدوى الاقتصادية عام 1986 ) .
3 - اختراق الحواجز الطبيعية والسياسية العربية وتوفير كميات معينة من المياه الى الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، حيث صرح الرئيس التركي الاسبق سليمان ديميريل أثناء زيارته الرسمية لتل أبيب في آذار 1996 بأن بلاده ستبيع ( اسرائيل ) 150 مليون م3 من المياه في غضون عامين من تنفيذ المشروع المقترح ( 21 ) .
وبهذا نجد ان السياسة الصهيونية والتركية متفقة علنا وضمنا ، عندما كانت الحكومات العلمانية تسيطر على تركيا ( قبل مجيئ حزب العدالة والتنمية للحكم ) على محاصرة العرب ليس من النواحي المائية فحسب بل ايضا في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لتحقيق مآربهما التوسعية في الوطن العربي ، ويظهر ذلك بشكل جلي في الاتفاق الصهيوني التركي في آذار 1996 للتعاون فيما بينهما .
وقد إنقلب هذا الاتفاق الثنائي التركي الصهيوني وتبدل حاله بعد العدوان الصهيوني على سفن أسطول الحرية في أيار 2010 ، ومقتل عدة مواطنين أتراك جاؤوا للتضامن مع أهل قطاع غزة الفلسطينيين المحاصرين من الاحتلال الصهيوني برا وبحرا وجوا منذ عدة سنوات ، وبصورة مركزة خاصة بعد عام 2006 حتى الآن ( 2011 ) . فتوترت العلاقات التركية الصهيونية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية التركي ذو التوجهات الإسلامية بزعامة رجب طيب أردوغان ، والرئيس التركي عبد الله غول الذين اختلفا مع رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيرس ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو .
..................................
هوامش الفصل الثالث
السياسات المائية الاجنبية في الشرق الاوسط

1 - جورج المصري ، “ حرب المياه في الصراع العربي الصهيوني “ ، الوحدة ، السنة السابعة ، العدد 76 ، 1991 ، ص 64 - 66 .
2 - عدنان البياني ، “ دول الجوار العربي والاطماع الجيوبوليتيكية في المياه العربية “ ، شؤون عربية ، العدد 90 ، حزيران 1997 ، ص 90 .
3 - نفس المرجع السابق ، ص 91 .
4 - نفس المرجع السابق ، ص 95 .
5 - عبد الاله بلقزيز ، “ الاقتصادي ، السياسي ، العسكري في الأمن المائي العربي “ ، الوحدة السنة السابعة ، العدد 76 ، 1991 ، ص 10 .
6 - حمد الموعد : حرب المياه في الشرق الاوسط ( دمشق : دار كنعان للدراسات والنشر ، 1990 ) ، ص 118 ، عن جريدة عل همشمار الاسرائيلية ، 14 / 11 / 1986 .
7 - عدنان البياني ، مرجع سبق ذكره ، ص 91 .
8 - نبيل السمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 21 .
9 - حسن بكر ، “ البعد الفلسطيني في حروب المياه “ ، صامد الاقتصادي ، العدد 88 ، 1992 ، ص 20 - 21 .
10 - الاتفاقية الاسرائيلية - الفلسطينية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة ، المادة الاربعون ، المياه والمجاري ، ترجمة : مركز القدس للاعلام والاتصال ( واشنطن : 28 أيلول 1995 ) ، ص 213 - 218 .
11 - عبد الفتاح الجبالي ، “ قمة عمان بين أوهام السلام وطموح التسوية “ ، المستقبل العربي ، السنة 18 ، العدد 204 ، 1996 ، ص 16 .
12 - جورج المصري ، “ حرب المياه في الصراع العربي الاسرائيلي “ ، الوحدة ، السنة السابعة ، العدد 76 ، 1991 ، ص 64 - 66 .
13 - نبيل السمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 7 .
14 - عدنان البياني ، مرجع سابق ، ص 92 .
15 - عدنان البياني ، مرجع سابق ، ص 93 .
16 - نفس المرجع السابق ، ص 92 - 93 .
17 - وكالة الصحافة الفرنسية ، “ العراق يحذر تركيا من اقامة سدود على نهري دجلة والفرات “ ، جريدة القدس ، العدد 10142 ، 18 / 11 / 1997 ، ص 8 .
18 - جلال عبد الله معوض ، “ تركيا والأمن القومي العربي : السياسة المائية والاقليات “ ، المستقبل العربي ، السنة 15 ، العدد 160 ، ص 92 - 112 .
19 - عدنان البياني ، ص 94 .
20 - نفس المرجع السابق ، ص 94 .
21 - نفس المرجع السابق ، ص 94 .
ملاحظة : يتبع .. بيوم المياه العالمي .. المياة في الوطن العربي بين الحقوق السياسية والتجارية ( 3 – 3 ) .



ليست هناك تعليقات: