الأحد، 30 يناير 2011

الثورة الشعبية المصرية 2011 .. ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ

الثورة الشعبية المصرية 2011 ..
ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ






د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ (56)}( القرآن المجيد – الزخرف ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 167) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .





إستهلال

تعتبر مصر ( جمهورية مصر العربية ) دولة عربية إسلامية ، لها ثقلها ووزنها العالمي والقاري والإقليمي والعربي والإسلامي ، في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، ودول عدم الإنحياز ، والإتحاد الإفريقي ومنظمومات حوض البحر الأبيض المتوسط وغيرها . وذات كثافة سكانية كبيرة ( 82 مليون نسمة ) منهم 94 % مسلمين و 6 % من الأقباط المسيحيين . وفي مصر مؤسساتان دينيتان هما : الأزهر الشريف وجامعته ، للمسلمين . والكنيسة القبطية الأرثوذوكسية ، للنصارى . ومساحة مصر تبلغ حوالي 1.002.450 كم2 ، 96 % من مساحتها صحراء و4 % من مساحتها صالح للزراعة والنشاط الفلاحي أي 35 ألف كم2 ، وذات موقع استراتيجي هام في ملتقى قارات العالم الثلاث : آسيا وإفريقيا وأوروبا . وتعد قناة السويس معبرا لحوالي 60 % من تجارة النفط العالمية . وقد تعاقب على الرئاسة المصرية منذ عام 1952 أربعة رؤساء هم : محمد نجيب ، وجمال عبد الناصر ، وأنور السادات ، وحسني مبارك .

ويسيطر الحزب الوطني الديموقراطي على مقاليد الحكم في مصر ، حيث يهيمن بصورة شبه كلية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والفنية والرياضة بلا منازع أو منافس حقيقي ، ولا يؤمن هذا الحزب بالتعددية الحزبية إلا لماما . ويحظر على الإسلاميين كجماعة الإخوان المسلمين التيار الرئيسي المعارض ، من تشكيل الأحزاب السياسية بأسماء دينية إسلامية ، بدعاوى الطائفية والدعوة للعلمانية المقيتة . ويزج النظام الحاكم بالمناوئن في غياهب الزنازين والسجون ، ويصدر القضاء العسكري وفقا لأحكام الطوارئ الأحكام الظالمة الجائرة على المعارضين السياسيين .



الأحزاب السياسية في مصر .. 19 حزبا


تتعدد الحركات والأحزاب القومية والوطنية والإسلامية في مصر ، فقد خاض السباق الانتخابي لمجلس الشعب المصري في يوم الأحد 28 تشرين الثاني – نوفمبر 2010 م ، من خريف مصر الجديد ، 18 حزبا مرخصا ومحظورا بطرق ملتوية ، لهذه الانتخابات النيابية المصرية ، وهي الأحزاب الآتية : الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم ، ‏ والوفد ‏، ‏ والتجمع ‏، ‏ والناصري‏، ‏ والأحرار ‏، ‏ والغد ‏، ‏ والجيل ‏، ‏ وشباب مصر‏ ، ‏ والجمهوري الحر ‏،‏ والسلام الديمقراطي‏ ، ‏ والعدالة الاجتماعية ‏،‏ ومصر العربي الاشتراكي ‏، ‏ والخضر ‏، ‏ والتكافل ‏، ‏ والمحافظين‏ ، ‏ والدستوري الحر ‏، ‏ ومصر ‏2000 ، ‏ والشعبي الديمقراطي . بالإضافة إلى المستقلين من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا من النظام الحاكم . ورسميا تمنع الحركات والأحزاب الإسلامية ( الدينية ) من ممارسة فعالياتها ونشاطاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية حيث تلاحق سياسيا وقانونيا وقضائيا بصورة فجة ويزج بأتباعها في الزنازين والسجون المصرية تحت طائلة القانون المجحف .





بزوغ فجر الثورة

في ظل الاستبداد والإنسداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل في مصر 1432 هـ / 2011 م ، وبعد الانتخابات البرلمانية المزيفة المزورة بشهادة داخلية وخارجية ، في 28 تشرين الثاني – نوفمبر 2010 ، وتصاعد الغليان الشعبي في أرض الكنانة ، بالقمع الفكري والسياسي والأمني لجميع الأحزاب السياسية المصرية ، القومية والوطنية والدينية ( الإسلامية والقبطية النصرانية ) ، والتدهور الاقتصادي المتزايد والعبث بالأمن والأمان الاقتصادي الشعبي لجماهير الشعب المصري ، إندلعت ( ثورة الغضب ) كثورة شعبية مدوية في الآفاق ، لإجتثاث الظلم والطغيان من ( الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ) الذي لا يحمل من الديموقراطية إلا اسمها النظري البائس الشنيع .

وقد استمدت هذه الثورة أو الانتفاضة الشعبية المصرية العارمة عنفوانها من الإرداة الصلبة لشعب مقهور سياسيا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا ، على مدى حوالي ثلاثة عقود من الزمن ، وتحكم نخبة من الأثرياء من الزمرة الحاكمة ، الذين نهبوا البلاد والعباد وابقوهم ملاذا للفقر والحرمان والظلم في جميع المحافظات المصرية بلا استثناء .
والشعب العربي المسلم المصري ، بسوداه الأعظم من المسلمين وأقلية قبطية نصرانية ، بتعداده المتوسط ، البالغ أكثر من 80 مليون نسمة ، يعيش حوالي 60 مليون نسمة منهم تحت خط الفقر بينما يتمتع المتنفذون بالترف والثراء المالي الكبير ، المتصاعد يوما بعد يوم ، صحا صحوة جماعية وانتفض معلنا اللعنة الشعبية على الزمرة الحاكمة التي عاثت فسادا وإفسادا في البلاد وفق نظاتم فرعوني ظالم بنسخة جديدة موالية للإمبراطورية الأمريكية .



تفجير الثورة الشعبية ( يوم الغضب ) 25 / 1 / 2011

سقول الله العلي العظيم جل جلاله : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 8 / ص 489) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " .

على أي حال ، فعلى منوال الانتفاضة الشعبية التونسية التي طردت الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، في 14 كانون الثاني – يناير 2011 ، دعا وسار أهل مصر على نمط ثورة شعبية شاملة تطيح بالنظام السياسي الحاكم ، والحزب الفاسد الذي يدير شؤون البلاد بالرشاوى والفساد والإفساد الأخلاقي والإنحلال الاجتماعي والتدهور الاقتصادي والتبعية السياسية المتواصلة للغرب الأوروبي والأمريكي . فقد بادرت ودعت شخصيات شبابية مظلومة ومكلومة نفسيا واجتماعيا وسياسيا وفكريا وإعلاميا ، ليوم الغضب في يوم الثلاثاء 25 كانون الثاني – يناير 2011 ، يحدوها الأمل في التغيير والإصلاح الشامل والخروج من عنق الزجاجة الخانق . وهذا ما كان فبدأت الثورة الشعبية في مصر ، بإشعال فتيل الإنطلاقة المجيدة ضد الظالمين المستبدين ، عبر شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) عبر المواقع والشبكات والمنتديات الإلكترونية ، والفيس بوك والتوتير ، في عالم متطور وسريع الدعوة والاستجابة والتغذية الراجعة لينضم لهذه الثورة المصرية العصرية الجديدة ، حوالي مائة الف مدون إلكتروني مسارعين لتطبيق الشعارات الشاملة على أرض الواقع .
وما لبثت هذه الثورة الشعبية المصرية ، عبر وسائلها الإلكترونية العصرية ، إلا أن تطورت أعدادها فانخرط المعارضون تحت لوائها الجليل ، لتشمل عشرات الآلاف في شتى المحافظات المصرية ، ممتدة لمئات آلاف المناهضين للحكم الظالم ، والقيادة التي همشت الدور الشعبي ، وكرست مقاليد الحكم بيد ثلة قليلة من الحزب الحاكم ، الذي طغى في البلاد وظلم العباد ، وأكثر فيها الفساد ، بشهادة الكثير من أعضائه الذين فلوا من صفوفه وتركوه .
فجاءت الثورة الشعبية لتصب جآم غضبها الشديد صوت عذاب على هؤلاء الظالمين ، الذين اثروا على حساب الشعب المصري العظيم ، الذي حرم من ثرواته الطبيعية ، ونهبتها زمرة حاكمة ، مستغلة الشعب والموارد الاقتصادية ، وخيرات النيل العظيم ، بصورة دنيئة وفاحشة فزادت الفقراء فقراء والأثرياء ثراء ماليا فاحشا مقتدية بأسلافها الفراعنة القدماء .

مقدمات الثورة الشعبية المصرية 2011 .. قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ

يقول الله الحي القيوم جل جلاله : { وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}( القرآن المجيد – غافر ) .

على العموم ، هناك العديد من العوامل والأسباب التي جعلت الشعب المصري العظيم ، يثور في وجه الحزب الحاكم ( الحزب الوطني الديموقراطي ) ، في أواخر شهر كانون الثاني – يناير 2011 ، ومن أهم مقدمات الثورة الشعبية المصرية ، ما يلي :
أولا : الإنغلاق الحزبي : فالحزب الحاكم هو الآمر الناهي في جميع الشؤون العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها ، وتمت ملاحقة وتهميش الأحزاب السياسية الأخرى بغض النظر عن أسمائها ومسمياتها .
ثانيا : الاستبداد السياسي والحد من حرية الرأي والتعبير . والدكتاتورية الفردية والعائلية لآل مبارك ، في إدارة شؤون البلاد والعباد .
ثالثا : التردي الاقتصادي الشامل ، وإنتشار البطالة بين صفوف الشباب المصري ، فأدى هذا الأمر الجلل إلى الفقر المدقع والحرمان الاجتماعي ، وتأخر سن الزواج سواء للذكور أو الإناث . وتركز الثروة في أيدي قلة قليلة من المتنفذين ، والنهب والثراء المالي المخيف حيث تمتلك عائلة آل مبارك المصرية حوالي 40 مليون دولار ، بينما يعيش عشرات ملايين المواطنين المصريين على الفاقة والعوز المالي والعيني لا يرتقي إلى حد الكفاف .
رابعا : تغريب المجتمع المصري وبث الإنحلال والفجور الأخلاقي في المجتمع ، الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية ، وزيادة الملاهي الليلية والمقاهي والبارات الفاجرة . فنلاحظ الأفلام والمسلسلات والمسرحيات الهابطة التي تبث ليل نهار في الكثير من القنوات الفضائية المصرية المائعة .
خامسا : التعدي على الحريات الدينية ، وخاصة ملاحقة أتباع الإسلام ، من الجماعات والأحزاب الدينية الإسلامية ، مثل جماعة الإخوان المسلمين ، والزج بهم في غياهب السجون والمعتقلات الرسمية الظالمة .
سادسا : التزوير والتزييف الكبير الشامل في انتخابات مجلس الشعب المصري في تشرين الثاني – نوفمبر 2011 ، والتسلط الفج في تزييف أوراق الإقتراع والحظر المفروض على بعض الجماعات السياسية والدينية . فاستأثر الحزب الحاكم بالسواد الأعظم من مقاعد مجلس الشعب المصري زورا وبهتانا وحرم غيره من الأحزاب السياسية من الالتحاق بالركب البرلماني .



سابعا : الاحتقان الشعبي ، واليأس والملل من التغيير الإعلامي والإلكتروني السلمي بلا أفعال وأصوات عالية ، في البلاد .
ثامنا : قلة الاهتمام بالتعليم العام ، فهناك 35 % من سكان مصر أميين ، منهم 12 مليون إمرأة أمية لا تقرأ ولا تكتب بلغتها العربية .
فكل هذه العوامل والأسباب مجتمعة جعلت ثلة من الشعب المصري تتقدم الصفوف لإعلان يوم الغضب ، كمقدمة للثورة الشعبية العارمة لتشمل جميع المحافظات المصرية في أرض الكنانة ، أرض العزة والكرامة .

قراءة في شعارات الثورة الشعبية المصرية 2011

يقول الله الواحد القهار سبحانه وتعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}( القرآن المجيد – الإسراء ) .
وجاء بصحيح البخاري - (ج 1 / ص 15) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ " .

بلافتات كبيرة ، على خلفية أعلام مصر زاهية ، كتبت العديد من شعارات الثورة المصرية الجديدة المجيدة ، لنشرها عبر وسائل الإعلام المرئية والانترنت والمطبوعة والمسموعة ، ومن أبرز وأعظم هذه العبارات :

- ( الحرية لمصر .. لا للتوريث .. لا للعبودية .. ) في إشارة لرفض توريث الحكم من الرئيس الحاكم ( حسني مبارك ) لأبنه الحاكم المنتظر ( جمال ) كما كانت تتردد الشائعات القوية ؟ فالرئيس المصري مريض كما سرت الشائعات الأمريكية بمرض السرطان ، ويعيش في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر بسيناء ، بعيدا عن القصر الرئاسي في القاهرة ، ولا يعرف هموم ومشكلات الشعب عن قرب ، ويدير مقاليد الحكم بالروموت عن بعد ، مما جعل المصريين يثورون ضده بشكل مخيف غير مسبوق .
- ( حكم الاب باطل .. حكم الام باطل .. حكم الابن باطل ) .. يتمثل في رفض حكم الثلاثي الحاكم : الأب ( الرئيس المصري حسني مبارك ) ، وهيمنة الأبن ( جمال مبارك ) والزوجة ( سوزان مبارك ) التي تتدخل كثيرا في الشؤون السياسية المصرية .



- ( يسقط يسقط حسني مبارك ) .. لرفض سياسة الرئيس المصري الراهنة .
- ( الشعب يريد تغيير النظام ) .. وهي عبارة واضحة للرغبة الكبيرة في تغيير نظام الحكم الاستبدادي فعليا جملة وتفصيلا وليس تغيير أشخاص ويافطات بصورة نظرية .
- ( يا زين قول لمبارك الطيارة بانتظارك ) .. استلهاما من خلع ومغادرة الرئيس التونسي الحكم في البلاد بطائرة ، ليقتفي الرئيس المصري حسني مبارك أثره ويخرج بالطائرة كونه طيارا سابقا .
- ( قول لي مين في الشعب اختارك .. يسقط يسقط حسني مبارك ) .. كناية عن رفض الشعب لتجديد الولاية الرئاسية للرئيس المصري حسني مبارك حيث تولى الحكم منذ أكثر من 29 عاما ، إذ اعتلى سدة الحكم في 6 تشرين الأول 1981 بعد إغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات .
- ( يا جمال قول لابوك كل الشعب بيكرهوك ) .. لرفض سياسة الابن والأب معا .
- ( بن علي بيناديك .. فندق جدة مستنيك ) .. لربط خروج الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وهربه من تونس إلى جدة في السعودية ، ودعوة الرئيس المصري حسني مبارك لإقتفاء إثر نظيره الدكتاتور زين العابدين بن علي .
- ( لكل ظالم نهاية ) و ( كفاية 30 سنة فقر ) و ( كفاية 30 سنة ذل ) .. في إشارة للرغبة في إنهاء الحكم الفرعوني الجديد المستبد .



- ( حسني حسني حسني بيه - كيلو اللحمة ب 100 جنيه ) .. لرفض سياسة غلاء الأسعار ، وخاصة إرتفاع سعر كيلو اللحم في الأسواق المصرية وعدم تمكن المواطن المصري العادي من شرائها لأسرته .
- ( قولوا للشرطة قولوا للجيش موش لاقيين رغيف العيش ) .. للتعبير عن السخط الشعبي لقلة ذات الحيلة ، والضنك الاقتصادي ، ودعوة الشرطة المصرية والجيش المصري لعدم التدخل لحماية النظام الحاكم ، لأن الثورة تهدف للإصلاح الاقتصادي الحقيقي .
- ( لا استقرار ولا أمان مع فساد الاستسلام .. الوحدة الوطنية ضد الفساد .. لا ذل ولا إهانة للمصريين ) .. كناية عن الدعوة لمحاربة الفساد واستسلام النظام المصري للضغوط الغربية وخاصة الأمريكية ، والتوقف عن إذلال أبناء الشعب المصري من أجهزة النظام المصري المستبد .
- ( سلمية .. سلمية ) .. للتعبير عن الثورة المدنية السلمية في الشوارع المصرية بعيدا عن الانقلابات العسكرية والثورات المسلحة .

مجريات الثورة الشعبية السلمية

لم تكن تداعيات وسوابق ، ومجريات أحداث ، ثورة 25 كانون الثاني - يناير عام 2011 في مصر كأحداث انتفاضة الخبز عام 1977 م ، فقد قام بعض المنتحرين بإحراق أنفسهم أمام مجلس الشعب المصري ، أو أمام مباني بعض المحافظات المصرية رفضا للذل والإهانة ، والفقر المدقع ، بعد نجاح الثورة الشعبية التونسية تقليدا لمحمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية المعاصرة الذي أحرق نفسه أمام مبنى البلدية في سيدي بوزيد .
ومن جهتهم ، أعلن شبان أحرار من مصر لاحقا ، على صفحات الانترنت ، منهم ( حركة 6 أبريل ) ، ومجموعات من جماعة الإخوان المسلمين ، وبعض الأحزاب السياسية المصرية ، عن يوم الثلاثاء 25 / 1 / 2011 م ، ( يوم الغضب المصري ) على النظام المستبد الحاكم ، بفعاليات مدنية سلمية ، عبارة عن رفع يافطات منادية بالتغيير والإصلاح الوطني الشامل ، ووضع حد للقمع الأمني ، والظلم الاجتماعي ، والقهر السياسي ، والاستغلال الاقتصادي ، والملاحقة الإعلامية ، وفق نظام بوليسي منظم ، ألحق الذل والمهانة والإهانة بالسواد الأعظم من أبناء الشعب المصري الأبي . وكما تقول القاعدة الكيميائية المعروفة ( كثرة الضغط تولد الإنفجار – ولكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه ) ، فأنفجرت الانتفاضة أو الثورة الشعبية المصرية ، في رابعة النهار ، لا تخاف من الملاحقة والقمع ، فالرب واحد والموت واحد ، فطلبت جماهير الشعب المصري الموت لتوهب لها الحياة الطبيعية ، الآمنة البعيدة عن المنغصات ، بعد حين من الدهر .
وقد قدم الشعب المصري ، على مذبح الحرية والتخلص من الظلم والطغيان الداخلي المدعوم من قوى الشر العالمية ، وخاصة الأمريكية والأوروبية ، حتى الآن أكثر من مائة شهيد ، وبضعة آلاف من الجرحى ، أثناء الانتفاضة الشعبية العارمة ، في محافظات القاهرة والإسكندرية والسويس والمنصورة وسيناء وبني سويف والصعيد وغيرها .
فسيطرت الجموع الثائرة على الشوارع ، واقتحمت مقرات الحزب الحاكم الظالم ، وأحرقت بعض مقرات المحافظات والدوائر الرسمية ، وحاولت دخول مقر وزارة الداخلية المصرية ، وأشعلت النيران في إطارات السيارات القديمة ، ووضعت المتاريس الحجرية وعربات القمامة بالشوارع ، ومزقت صور الرئيس المصري وابنه في الميادين العامة ، وأنزلت صور الرئيس المصري حسني مبارك ، من الساحات العامة ، وحاصرت مبنى مجلس الشعب ووزارة الداخلية القمعية . وافرجت الجماهير الثائرة عن بضعة آلاف من المعتقلين السياسيين الإسلاميين من جماعة الإخوان المسلمين والمناوئين الآخرين للنظام الحاكم من حركة الجهاد الإسلامي العالمي وغيرهم من سجن أبو زعبل أحد السجون الكبيرة شرقي القاهرة بعد أن استولى الأسرى والسجناء الجنائيين على أسلحة السجانين ، كما أخرج المتظاهرون السجناء من سجن الفيوم وسجون أخرى صغيرة في مختلف المحافظات المصرية .



ومن جهتها ، استخدمت قوى الأمن المصرية شتى الأساليب لوقف المد الثوري الزاحف ضد أجهزة النظام ومؤسساته القمعية ، فأطلقت الرصاص الحي على الثوار المدنيين ، والرصاص المطاطي ، فاستشهد من استشهد وجرح من جرح ، وألقت مئات آلاف قنابل الغاز المدمع ، واعتقلت مئات الأشخاص من القياديين والمواطنين على السواء . ولكن النصر المبين كان حليف الثائرين ، فصدرت الأوامر العليا بعد خروج الثورة عن السيطرة ، كأسلوب ترغيب وترهيب ، بوقف تصدي أجهزة الأمن للمتظاهرين من ذوي الإرادة القوية التي لا تلين ، وبدأت بعض عصابات النظام ومافيا الإجرام ، بالإغارة على المحلات التجارية والمنازل لتعيث فيها التدمير والتخريب والسرقة ومصادرة الأموال العامة والخاصة ، تحت جنح الظلام ، لتخويف وإرهاب المواطنين ، وحرف مسار الثورة الحقيقي ، فما كان من الشعب إلا أن شكل خلايا ولجان شعبية للحفاظ على الأمن والنظام ومنع السرقات والتعديات على البيوت وأمسك بزمر النظام التي سرقت ونهبت الأموال .

ومهما يكن من أمر ، لم تفلح قوى الأمن المتعددة الأسماء والمسميات من الشرطة والمخابرات العامة والشرطة السرية وخلافها من السيطرة على جموع الشعب الثائر ، فأندحرت إلى الوراء ، وجرى إدخال وحدات الجيش المصري بالدبابات لمراكز المدن والمحافظات ، وطافت الحوامات العسكرية في سماء المدن الرئيسية ، وأعلن الرئيس المصري حسني مبارك ( الحاكم العسكري العام في مصر ) ، نظام منع التجول في كبريات المحافظات المصرية ومن بينها عاصمة البلاد ( القاهرة ) ، والإسكندرية والسويس وغيرها ، من الساعة السادسة مساء حتى السابعة صباحا ، فلم تفلح هذه الإجراءات القمعية الجديدة في وقف حدة الثورة الشعبية المشتعلة ، بل زادت من إنتشارها وإنضمام جموع الشعب لها ، دون خوف أو وجل من القمع البوليسي ، ورافق ذلك قطع الإتصالات الهاتفية المتنقلة والثابتة ، وقطع الانترنت ، ولكن الثورة إزدادت اشتعالا بأضعاف مضاعفة .
فاضطرت القيادة المصرية بزعامة الرئيس المصري حسني مبارك ، لإجراء تغييرات طفيفة على النظام المصري المستبد ، لعل وعسى أن تُرضى الثوار الجدد ، وتُخمد أنفاسهم ، منها تعيين نائب لرئيس الجمهورية ( اللواء عمر سليمان ) ، والطلب من الحكومة المصرية برئاسة أحمد نظيف الاستقالة ، فجاءت الاستقالة حالا ، وتم تكليف وزير وعسكري مصري كبير مقرب من الرئاسة المصرية ، هو الدكتور اللواء أحمد شفيق ، لتأليف الحكومة الجديدة على وقع وأنغام الانتفاضة الشعبية المتصاعدة ، ولكن هذا الأمر أيضا لم ينطلي على الأحزاب السياسية والمواطنين الثائرين ، مطالبين بإسقاط النظام المصري برمته ، وتنحى الرئيس المصري حسني مبارك ، ومغادرته البلاد ، ليلحق بعائلته الهاربة إلى لندن خارج مصر .

مطالب الثورة الشعبية المصرية

نادت الجماهير الغاضبة بالثورة الشعبية المصرية ، المنطلقة في الشوارع المصرية ، بعزة وكرامة وإباء ، بعيدا عن الفوضى والغوغاء الجماهيري ، بعدة تغييرات وإصلاحات سياسية وإدارية وأمنية واقتصادية وإعلامية ودينية شاملة ، ومتكاملة ، من أبرزها :
أولا : إسقاط نظام الحكم المصري كليا برئاسة الرئيس المصري حسني مبارك ، وإلغاء محاولات التوريث العائلي لجمال مبارك نجل الرئيس المصري . ومنع الالتفاف على مطالب الثورة الشعبية الجديدة . فالشعب يريد رئيسا جديدا من خارج الحزب الحاكم ، بانتخابات حرة نزيهة وشفافة ، وإعادة الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى .
ثانيا : تغيير الدستور المصري جذريا ليتلائم مع متطلبات الحياة المصرية العامة .
ثالثا : إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ، وإلغاء إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة لعام 2010 .
رابعا : توزيع الثروة وفق مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية ، والشتغيل الاقتصادي وتقليل نسبة البطالة في صفوف الشباب الباحثين عن عمل ، وتدني الحد الأدنى من الأجور والقضاء على الفقر والحرمان .
خامسا : وضع حد للغلاء وإرتفاع الأسعار الخيالية في الأسواق المصرية .
سادسا : السماح بالحريات العامة ، المدنية والدينية ، على السواء .
سابعا : التعددية الحزبية الحقيقية وعدم الإهمال والتهميش .

الثورة الشعبية بين الإخماد والانتصار

استخدم النظام المصري الأساليب المدنية الحزبية والعسكرية لقمع إنتفاضة الشعب المصري ، خلال الأسبوع الأول ( 25 / 1 / 30 / 1 / 2011 ) إذ سير النظام المصري والحزب الحاكم مسيرات مضادة للمسيرات المناهضة والمعارضة لنظام الحكم ، فردد أبناء الحزب الحاكم بعض العبارات منها : " لا لثورة 25 يناير" ، " بنحب مصر .. نعم لمبارك "، و " ضد التخريب وكلنا مبارك " . وكذلك أغلقت معظم الجامعات المصرية ، لتجنب التجميع الطلابي الرافض لسياسة الحزب الحاكم ، وحجبت الانترنت عن مصر لأيام عديدة للحيلولة دون التواصل الاجتماعي بين قوى الثورة المصرية العصرية ( عالم الانترنت ) وقطعت خطوط الهاتف الثابت والمتنقل عن معظم أنحاء مصر .
وأمنيا وعسكريا ، لم تستطع قوى الأمن المصرية الكبيرة العدد ، وأجهزة ما يسمى ( مكافحة الشغب والفوضى والتدخل السريع ) والشرطة المصرية العلنية والسرية ، والمخابرات العامة ، من إخماد لهيب الثورة المصرية المشتعلة في شوارع المدن والمحافظات المصرية الرئيسية في البلاد برا وجوا ، بألسنة النار الدنيئة . ففرض حظر التجول الليلي لمدة 13 ساعة من الرابعة مساء حتى السابعة صباح اليوم التالي وطافت طائرات عمودية فوق المشاركين بالثورة الشعبية .
على أي حال ، رغم التعداد الضخم لقوى الأمن المصرية بنحو مليوني عنصر أمن ، منهم حوالي 400 الف جندي في الجيش المصري من أصل 80 مليون مصري هم التعداد الاجمالي السكاني العام لجمهورية مصر العربية . فمليون و 600 ألف عنصر أمني من الشرطة والمخابرات العامة والشرطة السرية لم تستطع أن تجهض نيران الثورة الملتهبة بألسنة من نور لتبلغ عنان السماء ، فأنزل النظام الحاكم وحدات الجيش المصري وخاصة الدبابات ، في الشوارع والميادين العامة ، والإدعاء بحفاظ الأمن والاستقرار في البلاد في اليوم الرابع للثورة الذي صادف يوم الجمعة 28 كانون الثاني – يناير 2011 وهو يوم الثورة الشعبية الكبرى في جمعتها الأولى بعد صلاة الجمعة الإسلامية الجامعة .
ومن جهتهم ، استقبل الثائرون وحدات الدبابات بالجيش المصري بالترحاب وتبادل التحيات والسلام فيما بينهم ، حيث دعا قادة الثورة المدنية السلمية قوى الجيش لنصرة الشعب وعدم الإنصياع لتعاليم دكتاتورية النظام المصري الحاكم الظالم فاعتقل الجيش المصري بضعة آلاف من المحتجين في الكثير من المناطق . كما أحرق المتظاهرون بعض الدبابات وسيارات الشرطة ومقار الأمن المصرية في بعض المحافظات للرد على إطلاق النيران من الأجهزة الأمنية .

الثورة الشعبية المصرية .. بين التجنيد والتأييد والتنديد

يقول الله الواحد القهار جل جلاله : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }( القرآن المجيد – المائدة ) .
وجاء بصحيح مسلم - (ج 14 / ص 83) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتْ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ " .
كما جاء في مسند أحمد - (ج 15 / ص 290) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعْتِ الشَّامُ مُدَّهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ " .

كغيرها من الثورات الشعبية في العالم ، على مدار التاريخ الإنساني ، حصدت الثورة الشعبية المصرية الجديدة 2011 ، التأييد الداخلي والخارجي ، كما نددت بها أنظمة سياسية قريبة وبعيدة ، جغرافيا وأمميا ، ولكن التأييد العام هو السمة الغالبة للثورة المدنية الشعبية المصرية غير المسلحة . فجندت قوى الثورة مئات آلاف المتظاهرين المحتجين عبر المواقع الإلكترونية على الانترنت وعبر بعض الفضائيات العربية كالجزيرة وغيرها ، للمطالبة بحقوقها الإنسانية والسياسية والاقتصادية ، فتحدت ونجحت في التصدي لبيانات وتصريحات المسؤولين المصريين ، عبر وسائل الإعلام المصرية الإلكترونية والمرئية التي كانت ولا زالت بوقا زاعقا وغرابا ناعقا للنظام الحاكم .
ولم تفلح الوعود الرسمية الفارغة المضمون الجوفاء من إسكات أصوات المعارضين لنظام الحكم ، عبر العقود الثلاثة الأخيرة . فاضطروا لحذو حذو التونسيين لإعلان الثورة أو الانتفاضة الشعبية العارمة بشكل سلمي بعيدا عن العسكر والعسكرة والعمليات التفجيرية المسلحة . وانضمت مختلف فئات وشرائح المجتمع المصري للثورة الشعبية المعاصرة ، ذكورا وإناثا ، من الطلاب والفلاحين والمهنيين والعمال والحرفيين والأطباء والمحامين والإعلاميين ، ومن الديانتين الإسلامية والنصرانية ( القبطية ) .
فعلى الصعيد الداخلي ، فجر الثورة ثلة من أحرار مصر الذين رفضوا الذل والخنوع والركوع للظالمين ، فجيشوا الجماهير في مظاهرات ومسيرات تتكون من آلاف المتظاهرين فعشرات آلاف المحتجين فمئات آلاف المشاركين فملايين المؤيديين في مصر وخارجها . وبهذا فقد استطاعت الثورة الشعبية المصرية خلال الأسبوع الأول ، من اشتعالها ، أن تحقق بعض الإنجازات التي فشلت في تحقيقها المذكرات والمطالبات القانونية والإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية السابقة ، فحصدت ثورة الشعب المصري العصرية الجديدة ، بعض الإنجازات البسيطة لتتلوها استجابات متواصلة متراكمة ، بعد استمراريتها وديمومتها الجماهيرية ، لتغيير النظام الحاكم ، وتحقيق مطالب الثورة على الصعد كافة سياسيا واقتصاديا وأمنيا ودينيا . فأضطرت الدكتاتورية الحاكمة ، لتلبية مطالب أولية أساسية لا مجال لصدها ، وهي التخلي عن قواعد التوريث العائلي أولا ، والإعلان عن تأليف حكومة جديدة ثانيا ، تضع برنامجا جديدا للتطوير والانتعاش الاقتصادي .
وفر حوالي 5 آلاف سجين سياسي ومدني سجن أبو زعبل الكبير ، ومن الكثير من السجون المصرية في تحد كبير لأجهزة الأمن المصرية التي تلجأ إلى الاعتقال السياسي للمعارضين ، وفي مقدمتهم الإسلاميين من قيادات وأنصار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا .
ولا بد من تشكيل قيادة موحدة للثورة المصرية الجديدة ، لقيادة مسيرة الحرية والخلاص الوطني ، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني للطوارئ ، جامعة وشاملة لجميع التيارات الإسلامية والقومية والوطنية المصرية ، والوصول إلى شاطئ الأمن والأمان الشامل بدلا من التخبط السياسي والتنظيمي والإعلامي المتعدد المشرذم .
وقد سارعت الولايات المتحدة والدول الغربية بمطالبة رعاياها ومواطنيها بضرورة سرعة الجلاء والخروج من مصر حفاظا على حياتهم من الأحداث الجارية في البلاد . وطلبت منهم ضرورة العودة لبلادهم ، فتكدس وتجمع عشرات آلاف الأجانب في صفوف وأرتال طويلة في المطارات المصرية وخاصة مطار القاهرة الدولي .
فمن جهتها ، تعددت وترددت وتلعثمت الولايات المتحدة ، حليف النظام المصري الاستراتيجي ، في الرد على مطالب الثورة الجماهيرية لإسكاتها ، لبقاء دوران النظام المصري في الفلك الأمريكي الظالم ، الذي يتنكر ويهاجم الحقوق العربية والإسلامية ، داعيا لنصرة الكيان الصهيوني ، ونشر الفساد والإفساد الاجتماعي الأمريكي في الوطن العربي كله . ففي البداية ، أمسكت الولايات المتحدة بالعصا من الوسط ، فهي تطالب القيادة المصرية بتلبية مطالب الإصلاح السياسي والاقتصادي ، وإتاحة الحريات العامة ، وإعادة ربط خطوط الانترنت عبر العالم . ومن جهة ثانية ، تلمح للثورة المصرية الجديدة أنها تؤيد مطالبها ، تحسبا واحتسابا لما ستؤل إليه الأمور السياسية في نهاية المطاف وتهدد بقطع المعونات الاقتصادية البالغة نحو 1.5 مليار دولار سنوي عن مصر بهدف لي سواعد الثورة المستعرة في البلاد .
ومن جانبه ، دعا الإتحاد الأوروبي ودوله المتعددة ، كفرنسا وألمانيا ، إلى تمكين الشعب المصري من أخذ حقوقه السياسية والاقتصادية ، ووضع حد للفساد المستشري في أوصال النظام الدكتاتوري الحاكم لذر الرماد في العيون .
وبالنسبة للشعوب العربية ، في الوطن العربي الكبير ، فإنها تنظر للثورة الشعبية المصرية بعين الرضا والقناعة بحتمية التغيير والإصلاح الشامل ، داعية لها بالتوفيق والنجاح في قلب نظام الحكم المستبد في مصر ، تمهيدا لإزالة كابوس الدكتاتوريات الظالمة ضد أبناء الأمة العربية .
وفي الكيان الصهيوني ، استدعت الخارجية الصهيونية طاقم السفارة الصهيونية في القاهرة ، بتهريبهم جوا ، وطالبت يهود فلسطين المحتلة من حملة الجنسية الإسرائيلية بالخروج من مصر حالا لتجنب الغليان الشعبي المصري ضد الكيان الصهيوني . وساد ويسود قلق حكومي رسمي وحزبي وشعبي شديد ، من الثورة المصرية الجديدة ، خوفا من تصاعد الثورة وتبدل الأوضاع بعد تغير النظام المصري المسالم للكيان الصهيوني ، وحاميه في بعض الأحيان ، من الغليان المصري والفلسطيني والعربي العام . وتسري المخاوف الصهيونية من إلغاء اتفاقية كامب ديفيد بين مصر ( وإسرائيل ) الموقعة عام 1979 ، وتجدد اشتعال الجبهة الجنوبية للكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة .

تسريع الثورة وتحقيق النصر المبين

يقول الله عالم الغيب والشهادة تبارك وتعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .

هناك عدة عوامل تساهم في تحقيق النصر والفوز المؤزر المبين ، للمستضعفين في أرض مصر ، أرض العروبة والإسلام العظيم ، من أهمها :
أولا : العوامل الداخلية : وتشمل ما يلي :
1. المشاركة الشعبية المدنية الشاملة .
2. دخول معظم الحركات والأحزاب السياسية والدينية ( الإسلامية والنصرانية القبطية ) لساحة الحرب المقدسة ضد النظام .
3. التنظيم والتأطير الجماهيري للمعارضة المصرية . ووجود القيادات الحزبية والحركية الخفية المركزية المحركة للفعاليات الجماهيرية .
4. الإعلام العصري المواكب للحدث عبر الانترنت والاتصالات الحديثة .
5. الفساد والإفساد والرشاوى والفجور والظلم والظلام الحزبي القبلي من الحزب الحاكم .
6. المطالبة الحثيثة بالتغيير والإصلاح المدني والسياسي والاقتصادي .
7. إخراج المعتقلين السياسيين من السجون المصرية الظالمة .
8. القيادة المصرية المريضة والبعيدة عن مركز الحدث في القاهرة ، فالرئاسة المصرية توجه عملياتها العسكرية الميدانية من مكان بعيد بمدينة شرم الشيخ المصرية حيث مقر الرئاسة المؤقتة .
9. فشل أجهزة الأمن المصرية في قمع المتظاهرين ، وإنضمام بعض وحدات الأمن للمحتجين ، وخاصة الجيش المصري الذي اتخذ موقفا شبه محايد أثناء دخوله لميادين المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها . فمثلا إعتلى عشرات المتظاهرين ظهور الدبابات مع طواقمها رافعين الأعلام المصرية ، وطافوا بها ميادين وشوارع القاهرة آمنين .
10. شمولية التواصل الجغرافي بين جميع أنحاء مصر في الثورة الشعبية .

ثانيا : العوامل الخارجية : وتشمل ما يلي :
1. الإعلام الفضائي المكثف : نقل الأحداث أولا بأول عبر الفضائيات العربية والأجنبية والانترنت ، وتحريك الشارع المصري عبر الإعلام العالمي .
2. تخلي الحلفاء الغربيين الأمريكيين والأوروبيين عن النظام الحاكم .
3. هروب المستثمرين الأجانب وأجهزة المخابرات الأجنبية من مصر خوفا وهلعا .
4. ضعف التمثيل الدبلوماسي والسياسي المصري الخارجي ، وإنتظار وفاة النظام الحاكم .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

جاء بصحيح مسلم - (ج 12 / ص 376) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا أَوْ قَالَ ذِمَّةً وَصِهْرًا فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا قَالَ فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا " .

لا بد من القول ، إن النظام المصري الموالي للإمبراطورية الأمريكية ( الولايات المتحدة الأمريكية ) والمتنكر للقيم العربية والإسلامية الأصلية الأصيلة ، وتركيز مقاليد الحكم في زمرة قليلة من أتباع النظام السياسي الحاكم ، والرغبة في جعل الرئاسة المصرية مدى الحياة ، وتوريث الرئاسة ضمن عائلة آل مبارك ، والتدخلات الأمنية في حياة المصريين الخاصة والعامة بشكل مفرط ، سرعت في إنطلاق الثورة الشعبية المباركة على الحزب الحاكم في البلاد ، مطالبة رموز النظام والحزب الحاكم بالرحيل والمغادرة ليس عن كراسي الحكم فقط بل والخروج خارج البلاد لأن الأمور زادت عن حدها ولم تعد مقبولة لأبناء الشعب المصري الذي يعاني من الفقر والحرمان الاقتصادي والذل الاجتماعي والقمع الأمني غير المبرر .
ومسيرة الحياة الطبيعية ، اثبتت أن الظلم والظلام لن يدوما أبدا ، فدوام الحال من المحال ، في جميع الظروف والأحوال ، فأهوال النظام المصري ، وقهره لشعبه وجبروته ، جعل المواطنين المصريين ينظرون للنظام الحاكم المدعوم أمريكيا ، بمثابة الفراعنة الجدد الذين تنبغي الثورة عليهم وتغييرهم وطردهم من أرض الكنانة مذمومين مدحورين .
وتجدر الإشارة إلى أن الثورة الشعبية المصرية ، بعد إنهيار النظام المصري الفاسد ، سيكون لها تاثيرات محلية وعربية وإسلامية وإقليمية وعالمية جديدة ، سريعة أو بطيئة ، إن عاجلا أو آجلا ، وإن غدا لناظره قريب .
ولا بد من الاستعانة بدعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
وختامه مسك ، ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) . { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المجيد – الصافات ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .













ليست هناك تعليقات: