الاثنين، 18 أكتوبر 2010

خفافيش الانترنت

خفافيش الانترنت

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5) النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6) }( القرآن المجيد – الأحزاب ) .


استهلال


منذ أن بزغ فجر الشبكة العنكبوتية الدولية ( الانترنت ) وانتشرت في معظم أصقاع الكرة الأرضية ، في القرن العشرين الماضي ومطالع القرن الحادي والعشرين الحالي ، بالتقويم الشمسي ، والقرن الخامس عشر الهجري القمري الإسلامي العربي الأصيل ، تسابق عشرات الملايين إن لم يكن مئات الملايين ، من الناس للاستفادة من نعمة هذه الخدمة الإلكترونية ، وفي المقابل يتهامس ويتغامز ويتنابز ملايين الناس الآخرين ، لقلب هذه النعمة إلى نقمة عليه وعلى غيره من الناس أفرادا وجماعات ، ما إستطاع إلى ذلك سبيلا .



فئات رواد الانترنت


وينقسم رواد الانترنت لثلاث فئات لا رابع لها : بيضاء ورمادية وسوداء ، تتمثل بالآتي :
الفئة الأولى : وهي الفئة البيضاء ، صافية النبع والتدفق العلمي والأدبي والأخلاقي ، وتضم أصحاب الفكر النير والجرأة والشجاعة لقول الحق وعدم الخوف في الله لومة لائم ، وتعلن هذه الفئة عن رأيها وأسمائها جهارا نهارا أمام أعين المشاهدين والمستمعين والقراء على حد سواء ، سواء في الكتابة الأصيلة والأصلية أو إبداء الرأي حول كتابات معينة . وهذه الفئة هي من الفئات المحترمة التي تحترم نفسها وتحترم عقول الناس وأحترمها أنا شخصيا كثيرا .
وأما الفئة الثانية : فهي الفئة الرمادية ، ليس بلونها وإنما بكتاباتها وممارساتها التي تعبر عنها بالتلون كالحرباء والمصانعة والنفاق العام والخاص ، بالسباب والتعرض للآخرين ، والتنابز بالألقاب ، والسخرية من الناس ، فهي رمادية غير واضحة المعالم ، ضبابية في السر والسريرة ، وماكرة وخبيثة القلب والأخلاق ، وتتخفى خلف الكواليس وتبدي رأيها الضحل ، من وراء حجاب ، وهي فئة ضعيفة ، وجبانة وعاجزة عن قول رأيها بصراحة ، وتخاف من منافسة ومقارعة الآخرين بالحجة والكلمة الدامغة . وهذه الفئة تنتشر بكثرة في التعليقات السخيفة والمقززة على الأنباء والمقالات والتقارير والأبحاث ، وهي فئة خفافيش الليل التي لا تخرج إلا في الظلام ، ولا تعيش إلا في الظلام ، وتخاف من هبوب الرياح الطيبة ، وتخوض وتموج مع الخائضين . وحتى لا نظلم الجميع ، فهناك فئة تخاف من ظلم وظلام وهيمنة وسطوة وملاحقة الأجهزة الأمنية في بلدها أو الأقطار المجاورة ولا تكتب بأسمائها الحقيقية وهذه الفئة يمكن أن تجد بعض الآذان الصاغية ، أو الأعين لمشاهدة ما تقول وتكتب وتخط بيمينها أو بشمالها ، ولكنها في نهاية المطاف لا تستطيع الوصول لأهدافها المنشودة لأنها تعمل بالخفاء ومن يعمل بالخفاء فلا يستطيع التغيير الإيجابي ، ولا تستطيع مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان .
والفئة الثالثة : وهي الفئة السرية ، وتتمثل بعالم الحركات السرية وربما حركات التحرر وأجهزة التجسس المحلية والإقليمية والدولية أو كليهما . وهي فئة تبرر تصرفاتها لقنص الأعداء ، وتوصيل رسالتها الإعلامية والسياسية والعسكرية والاقتصادية من وراء حجاب دون أن يعرفها الأعداء . وهذه الفئة هي الفئة الثالثة عدديا . وتمارس هذه الفئة السوداء أفعالا بيضاء أو سوداء أو رمادية أو بألوان أخرى ، تشتمل على كل الفئات أو الألوان . وتمارس هذه الفئة الدعاية الصحيحة أو المضللة لإكتساب أناس موالين وبث شائعات وأنباء حقيقية أو زائفة ومزيفة فيما يعرف بالدعاية السوداء . وهذه الفئة تنتشر افكارها ورسائلها وأخبارها كانتشار النار في الهشيم ، والكثير من الناس لا يلقي لها بالا بالمرة . وتأثيرها يكون ضعيفا جدا على الجمهور المستهدف ولها جمهور قليل العدد في غالب الأحيان .
وأطلقنا عنوان ( خفافيش الانترنت ) على هذا المقال ، وذلك تشبها بخفافيش الليل ، من الطيور التي لا تظهر إلا بالليل الحالك السواد ، ولا تطير نهارا في وضح أشعة الشمس الذهبية ، بل تحاول وتسعى بالليل وسواده وعتمته علما بأنها لا ترى ، علما بأن الله فالق الحب والنوى جعل الله سباتا والنهار معاشا . وهذا يمثل حال معظم خفافيش الانترنت الذين يقصفون غيرهم بالباطل ويحاولون التمويه على الناس ، وإظهار الباطل ، والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف في مخالفة للقاعدة المشهورة المتمثلة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي والظلم .

الكتابة على الانترنت .. مرآة صاحبها

برأينا ، إن من الأمانة العلمية والأدبية والأخلاقية ، محليا وإقليميا وعالميا ، التي تحتم على الإنسان الذي يكتب مقالا أو يعلق تعليقا أن يذكر اسمه ليعرفه الناس ، ويعرفون أفكاره إن كانت صالحة أو طالحة ، والإنسان المستقيم هو الإنسان التقي الورع الذي يذكر اسمه عند كتابة فقرة أو مقال أو تقرير أو بحث أو غيره على الشبكة العنبكوتية الإلكترونية ، فهي المرآة الطبيعية العاكسة لشخصيته ونفسيته . فإذا كانت شخصية الإنسان إنهزامية أو سطحية أو مهزوزة فستكشف الانترنت هذا الأمر بسرعة كبيرة ، وإذا كانت شخصية الإنسان متوازنة وعقلانية ونبيلة وفاضلة تتمع بأخلاق عظيمة وقيم عليا فإن الانتر نت سترفع هؤلاء الناس إلى العلياء .
وشخصيا لا أحب ولا أميل كل الميل لمطالعة كتابات أو تعليقات من يكتب بأسماء مزيفة أو بالقاب مريضة ، أو يتخفى خلف أسلاك الكهرباء والهواتف النقالة أو الهواتف الثابتة ، ويظلمون أنفسهم ولا يؤمنون بالصراحة والوضوح في الرؤية ، ولا يتكلمون بالمنطق ، ويلهثون خلف أسماء ما أنزل الله بها من سلطان . ولا يحترمون أسمائهم الحقيقية ولا يعترفون بالأسماء التي أطلقها عليهم آبائهم وأمهاتهم ، كمن يخفي نفسه ، عن الآخرين خشية رؤية عورته ، بجميع جوانبها المادية والمعنوية . فالمتخفي خلف الانترنت مثله كمث لالنعامة الضخمة الحجم التي تزن أكثر من 150 كغم ، وتدفن راسها بالرمال وتظن أن لا أحد يراها .
وفي هذه العجالة لا بد من التذكير ، لجهلاء الانترنت ، او قباطنته الجدد ، أن التقدم والإزدهار بعالم الانتر نت يظهر من أين جاء التعليق عبر الايبي أو من أي حاسوب خرج ، ومتى نشر ومن طبعة أو نشره حتى وإن كان غير مرئي أو غير مسموع ... إلخ .

أسباب الحديث الخفي بلا اسم حقيقي من وراء حجاب

يقول الله العلي العظيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)}( القرآن العظيم – الحجرات ) .

من خلال دراسة متخصصة وتمحيص علمي متأن ، وتدقيق في الكثير من التعليقات بأسماء صريحة أو باسماء مجهولة الهوية والعنوان ، للعديد من المواقع الإلكترونية ، تبين لنا أن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تحدو ببعض الناس لأن يتحدثوا ويبثوا أقوالهم وآرائهم دون الإفصاح عن أسمائهم الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية الحقيقية ، التي يحملونها ببطاقاتهم الشخصية ، أو بجوازات سفرهم العادية أو الدبلوماسية ، فيلجأون لكتابة اسم العائلة وحده أو الاسم الأول وحده أو اسم الجد أو اسم مستعار مزيف للهروب من أمور فردية أو شتى .
وللأسف الشديد ، فإن مئات آلاف المواقع الإلكترونية من شبكات إخبارية ومواقع متنوعة ، ومنتديات عامة أو خاصة ، بلغات متعددة ، كالعربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية والهندية وغيرها ، تزخر بالتعليقات الكثيرة من أسماء مزيفة مستعارة ، لا بل إن السواد الأعظم من المعلقين على المواضيع المتنوعة عبر الانترنت هم من ذوي الأسماء المستعارة ، وهي ظاهرة شاذة من شواذ الانترنت المستفحلة بين البشر .
وتتوزع هذه الأسباب والعوامل على الخير والشر كنقيضين لا يمكنهم الإلتقاء أو التعايش معا في بوتقة واحدة موحدة . ومن أهم هذه الأسباب والعوامل والدوافع على سبيل المثال لا الحصر ، ما يلي :
أولا : عدم التمكن من توضيح الرأي ، وضعف القدرة على الإقناع والتأثير المباشر ، فإن صابت فكان به وإن خابت فلا انتقاد أو تسخيف من الآخرين ولا هم يحزنون .
ثانيا : الخوف النفسي والجسدي من التعذيب وملاحقة من جهات معينة .
ثالثا : الخوف من إنتقاد الآخرين ، فيلجأ الإنسان إلى عالم الأسرار الإلكترونية المستورة .
رابعا : التجسس على الآخرين شخصيا وعائليا وفكريا وحزبيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا . وهي من أخطر حالات تقمص الشخصيات المزيفة خاصة في محادثات الشات والتشتت الإلكتروني عن بعد . فربما يحدثك شخص بصفة رجل وهو أنثى ، أو العكس تحدثك إمرأة بصفة أنثى وهي في حقيقة الأمر رجل يتربص بك الدوائر .
خامسا : تقمص شخصيات خيالية أو عالمية أو بهلوانية أو سواها ، والتأثر العام بها .
سادسا : تبني أسماء شخصيات عدائية ونشرها على الانترنت لتشويه سمعتها .
سابعا : السخرية الفجة من الآخرين وإزدرائهم بلا وجه حق أو دون مبرر عام أو خاص .
ثامنا : التخنث بظهور الرجال بأسماء شخصيات أنثوية أو رجالية للنساء بظهور النساء بأسماء شخصيات ذكورية .
تاسعا : كيل السباب والشتائم الشخصية والعائلية للآخرين والتخفي بالحجاب الإلكتروني المانع . وهذه الفئة هي من صنف الناس الجوعى للكلام ومعارضة الآخرين بدون مبرر قانوني أو أخلاقي أو اجتماعي أو ديني .
عاشرا : النفاق العام ، والمداهنة والمصانعة المزيفة ، بالقيام بمديح وإطراء من لا يستحقون ، وتغليب الحزبية السياسية والقبلية والعشائرية لدعم كتاب أو معلقين آخرين .
حادي عشر : تعددية الأسماء والألقاب ، والظهور بتعليقات بأكثر من اسم في المقال الواحد .
ثاني عشر : ممارسة هواية الغزل والتغزل بالفتيات وممارسة هواية السيرك والنط على الحبال . ومحاولة الارتباط بفارسة الأحلام أو بفارس الأحلام عبر استعراض العضلات الإعلامية .
ثالث عشر : التوقيع بأسماء أجنبية وغربية غريبة ، لأسباب شتى . منها الظهور بمعرفة اللغات الأجنبية ، أو البروز كشخصية غير محلية .
رابع عشر : تعظيم النفس وتمجيد الذات ، وقيام الشخص بكتابة تعليقات إيجابية موالية لمقالاته أو سلبية معادية لإعطاء بعض المقالات زخما زائفا ، وتكثير عدد المعلقين هنا وهناك في ثنايا الكتابات .
خامس عشر : التسلية والترفيه عن النفس ، ومقارعة الكتاب والمؤلفين والسير على غير هدى أو كتاب منير .
سادس عشر : رغبة كبار المسؤولين بالظهور بأسماء مستعارة لتحاشي كشف أنفسهم أو وجوههم الحقيقية أمام الناس ، وتوجيه النقد البناء للآخرين وتوجيههم الوجهة الصائبة ، أو لتعالي المسؤولين الكبار على عامة الناس والأدباء والفقهاء والعلماء والبلهاء والسفهاء .
سابع عشر : مهاجمة مواقع إلكترونية منافسة أو معادية وترك بصمات مبهمة لا تمت للإبهام بصلة حقيقية .
ثامن عشر : الدعوة للفتنة الطائفية والنعرات الدينية ، ونشر الفساد في البلاد بين العباد . وتبني أسماء دينية ، ونشر تعليقات متطرفة أو طائفية ، أو سفيهة تحاول تسخيف الدين وتسفيهه عن سبق الإصرار والترصد .
تاسع عشر : الجهاد الإلكتروني ، وتمجيد الثورة ضد الباطل والعدوان والاحتلال وتعظيم منازل الشهداء والأسرى والجرحى والمتضررين ، وهي أمور محببة لأبناء الشعوب المستضعفة والمضطهدة في العالم .
عشرون : التعليق على المواقع الإباحية السافلة والرغبة في التستر على الفضائح أو نشرها بأسماء مزيفة مستعارة . وربما تشويه أسماء شخصيات دينية أو قومية أو وطنية أو إنسانية ، طيبة ومباركة لها وزنها في الرأي العالم وصنع القرار .
حادي وعشرون : عدم التمكن من اللغة ، أي لغة كانت ، والتعليق باللهجات المحكية العامية وصعوبة مخاطبة الآخرين باللغة الصحيحة السليمة .
ثاني وعشرون : الدعاية السياسية لأحزاب معينة أو برامج سياسية أو برلمانية ، والترويج الاقتصادي لصناعة أو بضاعة معينة .
ثالث وعشرون : توصيل رسائل مفتوحة لصناع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والفنية والثقافية وسواها ، والخوف من هذه الشخصيات المتنفذة ، وتوبيخها عن بعد .

إلغاء التعليقات الإلكترونية بأسماء صريحة أو مبهمة

لقد تداركت عشرات آلاف المواقع الإلكترونية على الانترنت هذا الأمر ، وهو ظهور التعليقات بأسماء مستعارة بنسبة كبيرة جدا بين التعليقات الواردة على الموضوع المعين ، وحجبت تقنية التعليقات الظاهرة والباطنة ، بأسماء واضحة أو مخفية ولكل أسبابه ودوافعه السياسية والاقتصادية والتشغيلية والاجتماعية والفكرية والإيديولوجية وغيرها . وفي مقدمتها ، تقليل النفقات المالية وتسهيلا للنشر التقني الإلكتروني ، وتلافيا للإحراج الاجتماعي ، وتجنبا لقلة الوعي السياسي والتشهير الإعلامي الشخصي ، وخوفا وهروبا من المتابعات الأمنية ، والمطاردات والإغلاقات الحكومية بضغوط هائلة على شركات الاتصالات الهاتفية ، وتحاشيا للصراع الطائفي والعقائدي وتحسبا لملاحقات الهكرز والإختراق الإلكتروني ، وخلافها من المسائل والأمور الحياتية العامة والخاصة .

استئجار المعلقين الإلكترونيين .. برواتب شهرية أو بالقطعة

على أي حال ، هناك الكثير من المواقع الإلكترونية المحلية والإقليمية والعالمية ، الحزبية أو الشعبية أو الرسمية ، ممن يتعاقد مع معلقين معينين ، مشهورين أو مجهولين ، كموظفين أو حزبيين ضمن الهيكلية الإدارية ، للظهور بأسماء صحيحة أو بأسماء مجهولة الحسب والنسب ، وتدفع هذه المواقع أو الشبكات أو المنتديات الإلكترونية ، مرتبات شهرية بسيطة أو خيالية ، حسب التمويل المتوفر ، أو على أساس عدد التعليقات للقائمين على هذه الأمور ، يعني بالقطعة ، وذلك بغية كسب ود الجمهور العالمي والظهور بمظهر الاستقلالية والحيادية والموضوعية والنزاهة وقبول الرأي والرأي الآخر . وهناك من الناس العاديين أو المتنفذين أو الحزبيين أو القبليين أو الأشخاص المهووسين الذين يتبرعون ويتطوعون لإبداء الآراء والتعليقات لإظهار الشعبية الزائفة لهذا الموقع الإلكتروني أو ذاك . وهناك طلبات خفية مرعبة عبر البريد الإلكتروني يطلب فيها من الأصحاب والإخوة والأحباب لإبداء الآراء أو التصويت الإيجابي أو السلبي ، حول مواضيع محددة أو استفتاءات معينة ، سواء لتوجيه الانتقادات اللاذعة أو كيل المديح الزائف لهذا الموضوع أو ذاك ، بغية تسفيه بعض المواضع أو الانتصار لاراء مقولبة سلفا ، وكل حزب بما لديهم فرحون . وهناك من يدعو لمقاطعة مواضيع معينة ويطلب كل زعيم قبيلة من افراد قبيلته العائلية أو العشائرية أو الحزبية السياسية عدم إبداء التعليقات او المشاركة في الاستفتاءات في محاولة مدروسة بائسة لتقزيم هذه المواقع الإلكترونية أو الترويج لها بطريقة أو بأخرى .
وهذا ما يفسر ويحلل تدفق التعليقات المتنوعة الكثيرة في العديد من المواقع الإلكترونية المشهورة على الشبكة العنكبوتية العالمية بلحظات أو دقائق قليلة وإنسيابها بسلاسة منقطعة النظير . وكذلك ، يفسر ضحالة وضآلة التعليقات على مواضيع متعددة مثيرة وذات قيمة كبرى في الحياة الشعبية أو الإنسانية العامة والأمثلة زاخرة وكثيرة في هذا الصدد لا مجال لحصرها .

كلمة أخيرة .. كن مبني للمعلوم وليس للمجهول

نصيحة عامة موضوعية ونزيهة وشفافة ، لجميع رواد الانترنت بلا استثناء ، أن يكونوا واضحين في الرؤى والرايات والأحاديث والرسالات دون لف أو دوران أو مواربة ، وإتباع الصراط المستقيم والظهور بالاسم الحقيقي إن كانوا من أهل الحكمة والموعظة الحسنة والسعي لتغيير الواقع الفاسد ، ومحاربة الفاسدين والمنافقين والمارقين ، والسفلة والجهلة وأوباش الناس .
وربما يعذر المرء ، أعضاء وأتباع حركات التحرر والتحرير الوطني والقومي والإنساني ، باتخاذهم الاسماء الحركية أو المصطنعة ( أبو فلان أو علان ) ، أو تمجيد الشهداء ، للدفاع عن النفس ، فلا يظهرون بأسمائهم الحقيقية ، ويتخذ لهم الأعذار المقبولة على مضض ، ولكن لا يمكن أن يقبل أو يستمتع الإنسان بقراءة رسالة أو مقال أو تقرير مجهول المصدر أو المؤلف أو الكتاب ، ويضم نفسه لقائمة النكرة بل النكرات الذين ينكرون أنفسهم ، لضعف الوازع الأخلاقي والديني والاجتماعي العام والخاص . ومصداقية أقوال وكتابات الذين يخفون أسماءهم واهنة وهزيلة أوهن من بيت العنكبوت ، فبئس هؤلاء القوم ، الذين يتشدقون باقوال وكتابات تحت أسماء مستعارة ، يتخذونها لأنفسهم ويعقون والديهم في التنكر لأسمائهم الذين أطلقوها عليهم ، وأنصح هؤلاء الذين يتسترون على أنفسهم خوفا أو حياء أو وقاحة أو همجية أن يلغوا أسماءهم ويتخذوا أسماء جديدة كي لا يتنابزون بألقابهم الجديدة فيما بينهم خلف شبكة الانترنت غير المرئية تارة أو وراء المسموعة تارة أخرى .
فتحية والف تحية ، لمن يدلون بآرائهم واقوالهم صراحة بالكلام السديد ، والعلم النافع الجديد ، بتوقيهم الصحيح الصريح ، وبئس للشاذين الذين يهولون الأمور ويضعونها في غير محلها ، ولا يظهرون بأسمائهم التي يعتبرونها قبيحة حسب وجهة نظرهم ويصيبهم الخزي والولولة من أسمائهم الحقيقية .

وختامه مسك ، لا بد من الاستعانة بدعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد ، نوح ) .
وندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

نترككم في أمان الله ورعايته . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: