الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

الزيتون الفلسطيني والمستوطنون اليهود .. لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ .. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

الزيتون الفلسطيني والمستوطنون اليهود ..
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ..
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}( القرآن المجيد – التين ) .




استهلال

شجرة الزيتون في الأرض المقدسة ، هي شجرة مباركة ، يهتم المزارع الفلسطيني بزراعتها والاهتمام بها ورعايتها الرعاية التامة ، كونها مصدر رزق له ، ولا يمكن للأسرة الفلسطينية أن تستغني عن هذه المادة الغذائية في وجباتها اليومية الثلاث . وتصدر فلسطين كميات كبيرة من زيت الزيتون ، سنويا للدول العربية المجاورة ودول قارة أوروبا . وهناك إقبال عربي وإسلامي أوروبي على هذا الزيت الفلسطيني ذو الطعم والرائحة المميزة . ويستعمل زيت الزيتون الفلسطيني في الطهي وفي تناول الشطائر وفي طعام الإفطار مع الزعتر بالمناقيش ، أصناف الطعام الصباحية الأخرى . وحسب التقديرات الإحصائية الفلسطينية عام 2010 م يوجد بفلسطين أكثر من 12 مليون شجرة زيتون ، رغم التجريفات الصهيونية المتعمدة سنويا ، بعشرات آلاف الأشجار ، لتقليل أعداد هذه الشجرة المباركة في الأرض المقدسة وإلحاق خسائر اقتصادية متزايدة بالشعب الفلسطيني ..
وفي فصل الخريف عامة ، وفي شهر تشرين الأول سنويا ، يتجمع أفراد الأسرة الفلسطينية ، بعد صلاة الفجر يوميا ليتوجهوا لجني ثمار الزيتون ، فيتوجه الأب والأم والإخوة والأخوات والأجداد والجدات والأعمام والعمات ، وبعض الأقارب ، لبساتين ومزارع الزيتون المثمر ، وتزاداد الحشود العائلية لقطف ثمار الزيتون في العطل والإجازات ، وخاصة يومي الجمعة والسبت ، وغيرها من العطل . ويرجعون في ساعات المساء عند أذان المغرب أو قبل ذلك بقليل عند غياب اشعة الشمس الذهبية وقت الغروب اليومي بعد أن يكونوا قد جمعوا عدة أكياس من حب الزيتون بلونيه الأخضر والأسود .


فوائد وأهمية الزيتون المبارك .. يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ

يقول الله الحميد المجيد عز وجل : { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}( القرآن المجيد – النور ) .

يستخدم الزيتون في فلسطين الأرض المقدسة وغيرها من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط ، في العديد من الأغراض الزراعية والغذائية والصناعية والمناخية والبيئية والدوائية ، من أهمها :
أولا : الأكل : بعد عصره ( زيت الزيتون ) بلونه الأخضر الفاتح ، حيث يستخدم في الطهي وإعداد الشطائر وتصنيع المناقيش بالزيت والزعتر وغيرها . ويشتهر أهل فلسطين بأكلة المسخن الشعبية التي يدخل زيت الزيتون البلدي في صلب مكوناتها ، كعزيمة عائلية أو للأصدقاء والأقارب والأحباء .



ثانيا : المخلالات : بتصنيع حب الزيتون الأخضر أو الأسود ، كمخلالات ومقبلات مستساغة مع طعام الوجبات الثلاث وخاصة وجبة الإفطار الصباحية .
ثالثا : الجفت : للتسخين وتحميه الفرن البلدي ( الطابون ) لتصنيع الخبز الريفي المشهور .
رابعا : التدفئة في الشتاء : يستخدم خشب الزيتون للتدفئة في المواقد الشتوية .
خامسا : تصنيع الصابون : تشتهر مدينة نابلس بصناعة الصابون المميز الذي يدخل زيت الزيتون في صناعته كمادة خام أولية مهمة .
سادسا : التصنيع السياحي : من خلال استخدام خشب الزيتون في صناعة الميداليات والبراويز الخشبية الزيتونية الفاخرة ، لتكريم النوابغ والمتفوقين في مجالاتهم .
سابعا : الدواء : يستخدم الزيتون كدواء للعديد من الأمراض الطارئة والمزمنة على السواء .
ثامنا : الإضاءة : كان زيت الزيتون يستخدم سابقا في إضاءة الفوانيس والأضوية في البيوت والمساجد وغيرها قبل إكتشاف النفط المعاصر .
تاسعا : تلطيف المناخ : فزراعة الأشجار المثمرة يعطي الطبيعة منظرا خلابا يأسر عيون الناظرين ، ويلجأ المزارعون للاستراحة تحت ظلال الزيتون وخاصة في فصل الصيف شديد الحرارة .
عاشرا : تصنيع الصناديق الخشبية اللازمة لنقل الخضار والفواكه ، على نطاق عائلي أو تجاري .
حادي عشر : التصدير الزراعي للخارج وجلب العملة الأجنبية للشعب الفلسطيني . ويكون التصدير بالزيت المعصور أو الحب المخلل أو الصابون أو البراويز والأشكال الخزفية المتنوعة . ويبلغ سعر كيلو زيت الزيتون 30 شيكلا أو ما يعادل 8 دولارات أمريكية ، في حين يبلغ سهر حب الزيت المخلل حوالي 3 دولارات أمريكية .
ثاني عشر : تشغيل الأيدي العاملة في قطف الثمار والتصنيع اثناء عصره في معاصر الزيتون الكثيرة ، وتأخذ معصرة الزيتون 10 % من إنتاج الزيت لقاء عملية الدرس والعصر الإلكترونية .
ثالث عشر : يسعى الفلاح الفلسطيني لزرع أشجار الزيتون في المنزل لإضفاء الجمال والظلال كحديقة منزلية يتجمع فيها أفراد الأسرة .


ضبط كامل

خريف الغضب الفلسطيني .. وجمع ثمار الزيتون

وفي هذه الأيام الخريفية ، تعاني العائلات والأسر الفلسطينية من عقبات عسكرية واقتصادية وسياسية كأداء تقف أحجار عثرة أمام تجميع إنتاج الزيتون الفلسطيني ، بالقرب من المستوطنات اليهودية السرطانية المزروعة استعماريا في الجسد الفلسطيني المتعب ، تتمثل في انتشار قطعان المستوطنين اليهود حول بساتين الزيتون الفلسطينية ، فيقوم هؤلاء الأوباش اليهود المتطرفين الغرباء الطارئين على البلاد بتهديد أهل البلاد الأصليين ويمنعونهم من قطف ثمار الزيتون السنوي تحت تهديد السلاح والاعتداء الإجرامي بأشكال متنوعة من العصابات الصهيونية المنظمة . وفي حالات كثيرة أطلق مستوطنون يهود العيارات النارية الحية باتجاه المزارعين الفلسطينيين في بساتينهم ، لتخويفهم وإرهابهم ، وثنيهم عن جمع زيتونهم المبارك .

طرق الإستيلاء الصهيوني على الزيتون الفلسطيني

يقول الله السميع العليم جل جلاله : { كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)}( القرآن المجيد – التوبة ) .

يتسلح المستوطنون اليهود في كافة اشكال المستعمرات اليهودية في فلسطين المحتلة ، بالسلاح الرشاش ، من نوعية ( عوزي وأم 16 ) ومسدسات متعددة ، بترخيص رسمي من حكومة الاحتلال الصهيوني ، رغم الحماية العسكرية الحكومية لهؤلاء المستعمرين للأرض الفلسطينية ، بدعاوى الدفاع عن أنفسهم من ( الإرهاب الفلسطيني ) المزعوم ، فيقوم هؤلاء الأوباش بالتفنن في ممارسة الإعتداءات الهمجية الوحشية على أهل فلسطين الأصليين ، كلما سنحت لهم الفرصة بذلك .
على أي حال ، تتمثل إعتداءات قطعان المستوطنين اليهود على المزارع الفلسطينية ، خلال موسم جني ثمار الزيتون ، بعدة طرق من أهمها ما يلي :
أولا : منع دخول الفلاحين الفلسطينيين لبساتين زيتونهم بالقرب من المستوطنات اليهودية أو بالقرب من الشوارع العامة في مناطق السيطرة اليهودية على فلسطين .
ثانيا : إحراق مستوطنين يهود لآلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون الفلسطينية ، مما سبب خسائر اقتصادية باهظة ، وتلويث البيئة بدلا من تلطيفها .
ثالثا : سرقة الكثير من المستوطنين اليهود لمحصول الزيتون المقطوف بأيد فلسطينية مما أوقع أصحابه في حالات هم وغم وهم يرون أن ثمار أشجارهم المثمرة التي تعبوا وشقوا عليها لا يتمكنون من الوصول إليها .
رابعا : تولي مئات المستوطنين اليهود بعصابات مافيا منظمة ومسلحة ، عملية جني ثمار الزيتون وبيعه لصالح المستوطنين . وتقوم عدة مؤسسات وشركات صهيونية بهذه السرقة الجماعية جهارا نهارا وليلا ، فيعيش الفلاح الفلسطيني في حالة توتر وهياج عام للحرمان الصهيوني الرسمي والأهلي الصهيوني له من جمع ثمار أشجاره ببساتين الزيتون .
خامسا : الاستيلاء على أراض فلسطينية جديدة لضمها لمساحة المستوطنة السرطانية اليهودية في جميع المحافظات الفلسطينية .
سادسا : مداهمة الريف الفلسطيني لملاحقة وترهيب الأهالي ، والإعتداء على الممتلكات الخاصة كالبيوت والسيارات والمحلات التجارية وسرقة الأمتعة الفلسطينية وسواها .
سابعا : قتل العديد من المزارعين الفلسطينيين سنويا على أي متطرفين يهود بتحريض رسمي وحزبي وديني يهودي مقيت ، وهم يقطفون أشجار الزيتون في فصل الخريف وهم تحت أغصان الزيتون أو يعتلون قمة الشجر لجمع حب الزيتون . فكم من شهيد فلسطيني قضى نحبه واختلطت دماءه الحمراء مع قطرات زيت الزيتون شبه الخضراء بفعل نيران عصابات المافيا الصهيونية .
ثامنا : تحطيم سيارات الفلاحين الفلسطينيين من مركبات خاصة وجرارات زراعية أثناء وقوفها قرب بساتين الزيتون لطرد المزراعين من أراضيهم .
تاسعا : الهجوم على الفلاحين الفلسطينيين اثناء جمع ثمار الزيتون وكيل السباب والشتائم لهم وطردهم من أراضيهم الزيتونية وغيرها .
عاشرا : إطلاق النار تحت أرجل المزارعين الفلسطينيين وهم في بساتين الزيتون لتخويفهم وإجبارهم على مغادرة أراضيهم .

حادي عشر : تجريف الزيتون الفلسطيني وقلعه بالجرافات الصهيونية ، لإلحاق خسارة اقتصادية كبيرة بأهل فلسطين .
ثاني عشر : تصنيع المستوطنين اليهود لزيت مغشوش ، وذلك بخلط زيت الزيتون الفلسطيني بزيوت نباتية أخرى ، في مصانع تم اكتشافها مؤخرا لتشويه سمعة زيت الزيتون الفلسطيني الأصلي ، وجني الأموال الطائلة من هذه الجرائم الزراعية بحماية رسمية وحزبية ومؤسساتية يهودية صهيونية عنصرية ، لضرب الانتاج الزراعي من الزيتون الفلسطيني .



تحديد أيام قليلة لجني ثمار الزيتون ؟؟!

على العموم ، تلجأ السلطة الفلسطينية أحيانا وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة ، للتنسيق مع الجانب الصهيوني للاتفاق على فترة جنى حب الزيتون في البساتين والمزارع الفلسطينية بالقرب من المستوطنات اليهودية في مختلف المحافظات الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية المحتلة ، فيتم تحديد ما بين يومين إلى أربعة أيام لكل قرية لجمع الزيتون من عشرات بل مئات الدونمات القريبة من المستوطنات السرطانية اليهودية . فمثلا ، في هذا العام 2010 ، حددت اربعة أيام لكل قرية من القرى الفلسطينية لجمع حب الزيتون ، ما بين 10 تشرين الأول – 20 تشرين الثاني 2010 ، ورغم ذلك فإن الاعتداءات على المزارعين الفلسطينيين لم تتوقف ، وحالات التعدي الصهيوني لا زالت قائمة ، والخوف يراود أصحاب الزيتون من إرتياد مزارعهم لجني ثمارها السنوية المباركة .
وغني عن القول ، إن إصدار تصاريح جماعية أو فردية أو عائلية صهيونية للمزارعين الفلسطينيين لجني ثمار الزيتون ، في شهرين تشري الأول أو تشرين الثاني من فصل الخريف ، لأيام قليلة لا تكفي ، ولا يعترف بها المستوطنون اليهود أصلا ، ولا تكفي مدتها لجمع حب الزيتون ، إذ كيف يتم جمع حب الزيتون لعشرات الدونمات لعائلة واحدة مؤلفة من عدة افراد ؟؟؟ والمعونات أو ايام التجميع الشبابي الفلسطيني أو الفزعة الأجنبية ، أو كليهما ، لجني ثمار الزيتون لا تسمن ولا تغني من جوع زيتوني بأي حال من الأحوال .
ويتطلع الفلاح الفلسطيني ليوم زوال المستوطنات اليهودية كأنوية استعمارية وحشية في الأرض المقدسة ، للخلاص من الاحتلال اليهودي الصهيوني الأجنبي عامة وجحيم قطعان ومافيات العصابات الاستيطانية المجرمة ، المنفلتة من عقالها ، كالحيوانات المفترسة ، والعيش بعزة وكرامة شخصية وقومية في أرض فلسطين الطيبة المعطاءة .

تجربة قرية عزموط بمحافظة نابلس بالضفة الغربية المحتلة

قرية عزموط هي إحدى القرى الجبلية الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة ، المتضررة من سياسة الاحتلال الصهيوني بموسم الزيتون ، حيث تعتمد وتشتهر قرية عزموط بمحافظة نابلس ، بزراعة ورعاية الأشجار المثمرة كالزيتون والتين واللوزيات والعنب والصبر وغيرها وتأتي في مقدمتها أشجار الزيتون المقدسة دائمة الخضرة ، التي تنتشر بكثرة في المناطق الجبلية الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية . وكانت أقيمت مستوطنة ( إيلون مورية ) الدينية اليهودية المتطرفة على أجزاء من قرى عزموط وسالم ودير الحطب شرقي نابلس ، منذ عام 1980 واحتلت هذه المستوطنة السرطانية قمم أعلى الجبال وخاصة جبل عال بالمنطقة وهو الجبل الكبير ( جبل الصحابي بلال بن رباح ) وأطلقوا عليه زورا وبهتانا في نشراتهم السياحية والجغرافية باللغات العبرية والعربية والانجليزية ( جبل يوسف لونص ) وهو الحاكم العسكري اليهودي الذي قتله مسلحون فلسطينيون في بلدة نابلس القديمة عام 1970 .
وقد مارس المستوطنون اليهود شتى أنواع العذابات ضد أهل قرية عزموط القريبة من المستوطنة الاستعمارية اليهودية ، فمنعوا حراثة وزراعة الأرضي ، وحظروا جمع ثماء الأشجار المثمرة ، وأحرقوا مئات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون وخاصة بالمنطقتين الشمالية والشرقية ، بدعاوى أنها قريبة من المستوطنات وقرب الفلسطينيين من المستوطنة يشكل خطرا أمنيا داهما على قطعان المستوطنين وسرقت مئات الأكياس سنويا من الزيتون المجموع بأكياس لنقله لمعصرة الزيتون ، وكسرت مركبات خاصة لبعض الأهالي أثناء قطف الزيتون . وقد تضررت عائلات آل شحادة وآل السبع كثيرا من عمليات إحراق المستوطنين اليهود لأشجار الزيتون غربي المستوطنة المذكورة ، فاشتعلت النار في أكثر من 10 آلاف شجرة زيتون كبيرة عمرها يتراوح ما بين 20 – 30 عاما ، دون أن يتمكن الأهالي من إخماد النيران التي أضرمت فيها عدة سنوات متتالية بسبب وجود المستوطنين اليهود المسلحين ، واستحالة وصول أجهزة الدفاع المدني الفلسطينية لإطفاء هذه الحرائق اليهودي المتعمدة .
ولا ينسى أهالى قرية عزموط البالغ عدد سكانها حوالي 4 آلاف نسمة ، الهجوم الصهيوني المسلح من قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال في خريف عام 2001 حيث أطلقت آلاف العيارات النارية على أبواب وشبابيك البيوت الفلسطينية لإرهابهم وطردهم من قريتهم ولكن صمد أهل القرية ولم يهابوا من هذه الاعتداءات المتواصلة مهما كانت الظروف فخاب ظن المعتدين المجرمين .

كلمة أخيرة .. لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ

يقول الله الحي القيوم جل جلاله ، ناصر المؤمنين المستضعفين في الأرض : { لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}( القرى، المجيد – آل عمران ) .

يتعرض الفلاحون الفلسطينيون لملاحقة المستوطنين اليهود في بساتين الزيتون وغيرها ، طيلة فصول السنة ، ، فيمنع المزارعون الفلسطينيون من زيارة أو زراعة اراضيهم المصادرة من قوات الاحتلال الصهيوني ، في المستوطنات اليهودية وفي محيطها على بعد أكثر من 2 كم بجميع الاتجاهات الأربعة ، فلا يتمكنون من زراعة أو حراثة أراضيهم في فصل الشتاء ، مما ساهم في أن تصبح بورا ، وأدى إلى القضاء على الزراعة بصورة كبيرة جدا ملفتة للنظر ، وكذلك منع الرعاة من ارتياد المراعي الطبيعية ، في فصل الربيع مما قلص أعداد المواشي من الأبقار والأغنام بصورة كبيرة جدا في القرية ، ومنع الأهالي من السياحة الداخلية بزيارة المقامات الدينية التاريخية من الكهوف ومقامات الصحابة والأولياء والصالحين .
لقد إنقلبت حياة الفلسطينيين إلى جحيم يهودي لا يطاق على مدار السنة ، وخاصة في فصل الخريف ، وهو موسم جني ثمار الزيتون الفلسطيني المشهور بطيبته وطعمه اللذيذ المبارك . واستمرت عملية نزول أخلاق المستوطنين اليهود في أسفل سافلين ، فلا تأخذهم رحمة أو رافة بأهل فلسطين الأصليين وجل همهم هو سلخ الفلاح الفلسطيني عن أرضه ، وضرب الزراعة الفلسطينية بشتى الطرق الخبيثة الملتوية في جميع الأحوال وفصول السنة .
ولهذا لا بد للمواطن الفلسطيني ، من الصبر والرباط والمرابطة في أرض وطنه ، مهما كانت الظروف والتضحيات ، فالصراع في أرض فلسطين ، هو صراع وجود قبل أن يكون صراع حدود ، ويتمثل هذا الصراع في سياسة ( أكون أو لا أكون ) وعلى الشعب الفلسطيني أن يكون دائما وأبدا في أرض الآباء والأجداد . وطوبى للصابرين والمرابطين على ثغور وقرى ومدن ومخيمات فلسطين المباركة الداخلية والخارجية . والنصر للحق والهزيمة للباطل مهما امتد سرطانيا هنا أو هناك .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: