الاثنين، 31 مايو 2010

مجزرة صهيونية ضد حملة أسطول الحرية المدنية لغزة هاشم الأبية 31 أيار 2010

مجزرة صهيونية

ضد حملة أسطول الحرية المدنية

لغزة هاشم الأبية

31 أيار 2010

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية

الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد – البقرة ) .

وجاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 44) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ " . وورد في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 63) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ " .

استهلال

أسطول الحرية لنصرة قطاع غزة ، إنطلق من الموانئ التركية نحو غزة الأبية على الساحل الجنوبي الغربي لفلسطين المحتلة . وكان من المفترض أن يصل هذا الأسطول المؤلف من 6 سفن مدنية إلى الشواطئ الغزية يوم الاثنين 31 أيار 2010 ، ولكن البحرية العسكرية الصهيونية ترصدت هذه الحملة الإغاثية لقطاع غزة منذ بدايتها ، وتوعدت بملاحقتها عسكريا مهما كلف الأمر . وفي صبيحة يوم الاثنين 31 ايار 2010 أغارت قوات الاحتلال الصهيوني الجوية والبحرية على سفن الإغاثة الإنسانية الدولية الآتية من حوالي 50 دولة عربية وإسلامية ودولية ، من شتى قارات العالم ، لتضم 750 متضامنا دوليا من جنسيات شتى ، عربية كالجزائر وإسلامية كتركيا وأوروبية كاليونان وأمريكية وغيرها . وحملت هذه الحملة الإنسانية العالمية الأولى من نوعها حوالي 10 آلاف طن من المساعدات الغذائية لأهالي قطاع غزة بفلسطين المحتلة المنكوبة بنكبات متعددة التي تعاني من الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الخانق منذ عدة سنوات ونيف .

المذبحة الصهيونية ضد قافلة الحرية البحرية الإنسانية

لقد هجم مئات جنود الاحتلال الصهيوني على قافلة ( أسطول الحرية ) وهم بالمياه الدولية على بعد أكثر من 20 ميلا بحريا ، في قلب البحر الأبيض المتوسط ، وذلك بطريقتين وحشيتين هما : الإنزال الجوي باستخدام الطائرات العمودية والغوص البحري باستخدام السفن والبوارج الحربية الصهيونية ، مستخدمين الرصاص الحي والغازات المدمعة السامة للسيطرة على المدنيين الذين يمخرون عباب البحر الأبيض المتوسط بإرادتهم الطيبة وإنسانيتهم الفولاذية ، لإغاثة الملهوفين والمحتاجين في قطاع غزة الأشم . وكعادتها اتخذت قيادة الكيان الصهيوني المتمثلة بالثلاثي : رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو ووزير الحربية إيهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان ، قرارا حديا بمنع دخول القافلة المدنية الإنسانية المتجهة لميناء غزة المحاصر بشتى الطرق الهمجية ، كقرصنة بحرية فريدة من نوعها ، وقبل ساعة الصفر للهجوم الوحشي ، أحدثت العسكرتاريا الاتصالية الصهيونية التشويش اللاسلكي والاتصالي على القادمين من وراء البحار لنجدة وإغاثة إخوانهم ابناء الأرض المقدسة ( فلسطين المباركة ) في قطاع غزة الصامد ، وبذلك فقد منعت وسائل الإعلام الجماهيري وخاصة القنوات الفضائية والتلفزيونات من تغطية الأحداث المتلاحقة لهذه القافلة الإنسانية باتجاه غزة ، وفي جنح الظلام ، فوجئ المتضامنون من السياسيين والبرلمانيين والإعلاميين والأطباء والمحامين وغيرهم من الفئات الاجتماعية النبيلة ، بالهجوم الصاعق علهيهم بحرا وجوا ، فأطلقت العيارات النارية باتجاه الأجسام ، من الرؤوس والقلوب والبطون والأرجل ، وفي كل مكان من أبدان القادمين بإنسانيتهم للتضامن مع المحاصرين ونصرتهم غذائيا ومعنويا وإعلاميا ، فارتقى إلى السماوات العلى ، أكثر من 20 شهيدا وجرح أكثر من 60 متضامنا ، وغالبية الشهداء والجرحى كانوا من السفينة التركية التي تقود القافلة الإنسانية .

لقد كانت قرصنة بحرية وجوية مستنفرة من جنود الاحتلال الصهيوني وقيادته القابعة في تل أبيب ، ضد هؤلاء المدنيين العزل المتضامنين مع أبناء الأمة العربية والإسلامية ، وسط صمت عالمي رهيب ، فقد أضيفت مجزرة صهيونية جديدة للمجازر السابقة ، الممتدة والمتوغلة في أعماق التاريخ العربي عامة والفلسطيني خاصة ، وفي ثنايا الجغرافيا الفلسطينية ، واللبنانية والأردنية والسورية والمصرية والعراقية وغيرها .

الدماء الحمراء الطاهرة تنزف من أسطول الحرية

لقد تحولت وصبغت مياه البحر الأبيض المتوسط الزرقاء بلون جديد وهو لون الدم الأحمر القاني الطاهر الزكي الذي نزف من الجراح الغائرة من رصاص المعتدين المجرمين ، نزفت من أبدان المجاهدين الدوليين الجدد ضد العنصرية والوحشية والبلطجية الصهيونية المقيتة ، وسط ذهول عربي وإسلامي ودولي ، مليئ بالغضب والاستنكار والادانة المخملية لهذه الفعلة الإرهابية كمذبحة جديدة تضاف لرصيد المذابح الصهيونية ضد المستضعفين في الأرض سواء في الأرض المقدسة أو محيطها وكل من يتضامن معها بأي أسلوب إعلامي وحضاري وإنساني واجتماعي .

على أي حال ، لقد استدعت بعض وزارات خارجية دول يشارك منها متضامون في أسطول الحرية ، وخاصة وزارة الخارجية التركية السفراء الصهاينة وأجروا مباحثات مباشرة مع المجرمين الكبار الذين أصدروا الأوامر العسكرية للتعرض للقافلة الإنسانية لنصرة غزة المحاصرة ، ولكن هذه الاستدعاءات لا تسمن ولا تغني من جوع ، والقرصنة الصهيونية لا تأبه لمثل هذه الاحتجاجات السياسية والإعلامية الجوفاء . وسؤال يطرح نفسه بنفسه : ماذا لو قتل أفراد صهاينة في عرض البحر من قوة عسكرية تركية أو يونانية أو أوروبية أو عربية ؟؟ ستقوم الدنيا الإعلامية والسياسية والعسكرية ولا تقعد ، وستبادر قوات الاحتلال الصهيوني بالرد العسكري ، ولن تصغ تل أبيب ابنة صهيون للتعزير والتأنيب الأدبي والسياسي والإعلامي ؟؟! فمالكم كيف تحكمون ايها القادة الأتراك ؟؟ فهلا تثبتون أنكم أحفاد العثمانيين القدامى الذين حكموا العالم بالعدل والقوة ، أم أنكم ستكتفون بالإدانة والشجب والاستنكار الأجوف ؟؟

قرصنة صهيونية في المياه الدولية

على العموم ، إن المذبحة الإجرامية الصهيونية ضد المدنيين الأبرياء المتضامنين الدوليين الإنسانيين ، هي جريمة لا تغتفر ، وتعد جريمة دولية من الجرائم التي يعاقب ما يدعى القانون الدولي ، ويجب محاكمة من أمر بها ونفذها دون خوف أو وجل من أحد ؟؟ فأين ما يسمى بمجلس الأمن الدولي ؟؟ واين الجامعة العربية ؟؟ وأين منظمة المؤتمر الإسلامي ؟ .. وأين ... وأين .. وأين ؟ تبا لهذه الوحشية القذرة التي قتلت المدنيين العزل في أسطول سفن الحرية الضائعة في متاهات القرارات الدولية ، ومتاهات البحر الأبيض المتوسط في المياه الدولية ؟؟ فاي ذنب ارتكبه هؤلاء المتضامنون الذين جاؤوا لنصرة المستضعفين في الأرض المقدسة من عشرات الدول بالعالم .

كسر الحصار الصهيوني فورا

وغني عن القول ، إنه يجب إنهاء الحصار الصهيوني الإجرامي الشامل المفروض على فلسطين المحتلة ، ورفع الحصار السياسي والاقتصادي والإغلاق العسكري الجائر يكون باستكمال المبادرة التي بادرت لها سفن أسطول الحرية ، لتكريمهم وتحقيق مبتغاهم في تحرير قطاع غزة من العذاب اليومي الصهيوني اللئيم ، فلتستكمل مسيرة أسطول الحرية بكسر الحصار عن غزة الأبية .

شهادة بإقبال لا إدبار وسط البحر الهادر

لقد استشهد متضامنون مع غزة هاشم الأبية ، وسط ظلم وظلام الصهيونية ، فكانوا مقلبين غير مدبرين غير آبهين بنيران وسياط الوحشية الصهيونية ، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، وتصاعد دخان بنادق تل أبيب الإرهابية في يوم التدخين العالمي ، فأين هي الإنسانية ؟ ومن هو الإرهابي يا ترى : تل ابيب الصهيونية أم سفن الإغاثة التركية ؟؟ وأين هي الفضيلة ونصرة المستضعفين والثكالى والأطفال المحاصرين دون وجه حق . إن الشعب الفلسطيني يتوق إلى التحرر والحرية والاستقلال الوطني ، وتكون له المنافذ البرية والبحرية والجوية مفتوحة أسوة بجميع شعوب العالم في مختلف القارات وراء البحار والمحيطات .

الحداد والاضراب في فلسطين الجريحة

وعلى الصعيد الفلسطيني ، لقد أعلنت الرئاسة الفلسطينية من مدينة رام الله الحداد العام وتنكيس الأعلام الفلسطينية لمدة ثلاثة أيام . وفي فلسطين المحتلة عام 1948 أعلنت اللجنة العليا للجماهير العربية ، الاضراب الشامل يوم الثلاثاء 1 حزيران 2010 . ومن جانبها ، أعلنت الحكومة الفلسطينية بمركزها بمدينة غزة الاضراب العام في البلاد اليوم الاثنين 31 ايار 2010 . وأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الأبي ، سيخرجون يتضامنون مع المتضامنين معهم ، الذين قضوا شهداء وانتقلوا للرفيق الأعلى في أعلى عليين ، ومع الجرحى الذين أصابتهم وحشية السلاح الصهيوني البغيض ، ومع أسرى أسطول الحرية رغم السجن الكبير الذي يحتضنهم ليلا ونهارا ، بمساحته الصغيرة التي لا تتجاوز 363 كم2 ، وعدد المواطنين البالغ زهاء مليون ونصف مليون فلسطيني .

فهل ستنطلق المسيرات والمظاهرات الجماهيرية في فلسطين وشتى العواصم والمدن العالمية أمام السفارات والقنصليات الصهيونية . وذلك لنصرة شعب فلسطين عموما وأهل قطاع غزة خصوصا ، وتضامنا مع المتضامنين الدوليين الآتين من كل فج عميق لإغاثة المحاصرين والمعذبين في الأرض المقدسة دون وجه حق أو مبرر أو مستساغ قانوني أو سياسي أو اقتصادي .

أين النخوة والكرامة الإنسانية ؟؟!

لقد جاهد وسعى المتضامنون المدنيون الإغاثيون لنجدة قطاع غزة المحاصر ، بإقبال لا إدبار ، لفضح العنصرية الصهيونية ضد أهل البلاد الأصليين ، وتزويد المعذبين في أرض غزة هاشم بالأطعمة والأدوية ، وإعلاء كلمة الحق ، لأن كلمة الحق هي جهاد في سبيل الله الحي القيوم إلى يوم القيامة . فقد جاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 209) جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .

ومهما يكن من أمر ، ذرفت دموع وسالت دماء إنسانية لتلاصق دماء وأنين وحبات عرق شعب فلسطين الندية ، وتجمهر أهالي قطاع غزة الأبية ، استقبالا لسفن التضامن والحرية ، ولكن بني صهيون كعادتهم يحبون سفك الدماء الطاهرة الزكية ، فاقتحموا ليلا سفن الإغاثة العالمية ، وسط المياه الدولية ، فقتلوا الشهداء وأصابوا عشرات الأفراد من سياسيين وبرلمانيين وإعلاميين وإنسانيين من المشاركين بسفن أسطول الحرية ، وأعلنت فلسطين الحداد العام والاضراب العام وسط أهل البرية ، وتناقلت وسائل الإعلام هذه الأنباء الطرية ، وتكاثرت الادانات والاستنكارات والتهويلات الكلامية ، العربية والإسلامية والعالمية ، والجريمة كانت مجزرة صهيونية ، ولا يهتم بني صهيون لهذا الواقعة الرئيسية ، فلكم الأجر والثواب الجزيل يا أيها الشهداء والجرحى وأهاليهم من رب البرية ، وليخسأ المهاجمون الوحوش في طائراتهم وبوارجهم البحرية ، ولن تثني الأسرى الجدد في معتقلات الصهاينة الحمقى الغبية ، فالسجون الصهيونية ستزيد عددا فوق أعداد أسرى فلسطين بلا حكمة ولا روية . فلا قرارات ولا إدانات أو استنكارات تنفع أهل غزة الأبية ، فلك المجد كل المجد يا سفن أسطول الحرية . يا من قدمت الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح الحرية .. حرية فلسطين الأرض المقدسة العصية ، ورغم الاستيلاء الصهيوني وجر السفن المدنية ، إلى الموانئ الفلسطينية الأصل والمنشأ التي تديرها العصابات الصهيونية ، فإن المباردة الإنسانية كانت ضرورة حتمية ، لإعلان الثورة على الظالمين الطارئين اليهود في الموانئ الفلسطينية .. فترى ميناء أسدود الفلسطيني المحتل على الساحل الشرقي للبحر الأخضر سابقا ، والبحر الأبيض المتوسط حاليا ، يستقبل سفن أسطول الحرية .. وعيونه دامعة ويئن أنين الباكية المشتكية .. فيا أيها البحر الأبيض لقد غير أسمك بني صهيون باسم جديد هو البحر الأحمر الثاني من الدم الأحمر الزاكي ، وأعادوك لاسمك الماضي بحر الظلمات والوحشية الاستعبادية .. ولم يعد اسمك البحر الأخضر كما كنت تحب أن يطلق عليك في الجيوش والجحافل الإسلامية .. فلا الاستنكارات أو الادانات تنفع ولا الاستدعاءات الدبلوماسية أو البهرجات السياسية ولعلها تنفع وتجدي المقاطعات الاقتصادية الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية .. فلا الأسف الأمريكي من البيت الأبيض نقيض البحر الأبيض ينفع .. فما يجيب الصاع إلا الصاعين كما هي العادات الحربية المثلية .. فهل تتهيأ بعض الدول العربية والإقليمية لهذه المواجهات العسكرية القوية ..

انتفاضات سلمية .. انتفاضة بحرية .. مع إنتفاضة اقتصادية

بدأت في فلسطين انتفاضة اقتصادية في أيار 2010 ، كانتفاضة سلمية ، وتغطية واسعة من وسائل الإعلام الجماهيرية ، الطباعية والسماعية والبصرية ، وهذه الانتفاضات الجديدة ، يشارك بها جميع أفراد الشعب الفلسطيني في أرض الرباط الأبدية ، وتبعها انتفاضة السفن البحرية ، في 31 أيار 2010 ، بعد 62 عاما على نكبة فلسطين الكبرى ( 1948 – 2010 ) وفي مقدمتها انتفاضة أسطول الحرية ، من سفن إنسانية شتى ، جاءت لمواجهة حصار قطاع غزة من المافيات الصهيونية ، فاستشهد البعض وجرح البعض الآخر ووضع الصنف الثالث في الباستيلات والمعتقلات البربرية ورحل الصنف الرابع لبلاده من أبناء قوافل الإنسانية .. لقد تقدمت جميع السفن المدنية سفينة إمداد غذائي عثمانية تركية .. حنت لأمجادها العثمانية السوية .. وتداعت لنصرة الملهوفين في قطاع غزة وحملت على ظهورها المواد الغذائية و100 من المنازل المتنقلة السكنية .. لتعويض المواطنين الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم في الهجمة العدوانية الصهيونية في كوانين 2008 و2009 فافترشوا الأرض وتلحفوا السماء وسط البرية .. ولا يعلم بحالهم إلا رب العالمين رازق البشر في البر والطير في السماء ولا ينسى من فضله أي مخلوق مهما تعاظمت الأوجاع والأمراض العصية .. فمرحى ثم مرحى لمنظمات الإغاثة التركية ..

انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا .. من الإرهابي يا ترى ؟؟

إن الشعب المسلم العربي في فلسطين ، هو شعب مضطهد ومظلوم في أرض وطنه ، وبهذا يتوجب إتباع الأمر النبوي الشريف لنصرته من أبناء أمته الوسطى في الوطن العربي الكبير ، والوطن الإسلامي الأكبر ، كما جاء في صحيح البخاري - (ج 21 / ص 283) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ " . وعلى الجانب الآخر ، ينبغي على الموالين للصهاينة في جميع أنحاء العالم الأخذ على أيدي قادة وجيش الكيان الصهيوني الإرهابي وردعه ومنعه من إرتكاب المجازر تلو المجازر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ، وضد الحملات الإغاثة الإنسانية الدولية ، ففي تزايد العدوان الإرهابي أصبح الكيان الصهيوني هو الإرهابي الأول بامتياز ؟؟؟

الانتقام الشعبي التركي قادم لا محالة

من نافلة القول ، إن الشعب المسلم التركي ، هو شعب حي ، وسينتقم من الأنذال القتلة الصهاينة الذين قتلوا بدم بارد 15 شهيدا وجرحوا من أبنائهم في أسطول سفن الحرية لقطاع غزة ، إن عاجلا أو آجلا ، وتكمن سهولة رد الفعل الشعبي التركي ، بوجود يهود من الدبلوماسيين والعسكريين والاقتصاديين والسياح في تركيا ، فعائلات الضحايا المسلمين الأتراك وغيرها ستأثر لأبنائها كما هو عادة المظلومين المسلمين الذين لا يرضون بالظلم والضيم وسيردون الصاع صاعين على أقل حد ، والأيام دول وماذا عسى ابنة صهيون أن تفعل آنذاك ؟؟؟ ستلملم جثث قتلاها وإنغدا لناظره قريب . فالمظلوم لا بد له أن ينتقم من جلاديه وظالميه ولو بعد حين من الدهر . وعلى الصعيد ذاته ، سيرى بنيامين نتانياهو وإيهود باراك وأفيغدور ليبرمان ، الذين أصدروا الأوامر بارتكاب المجزرة الجديدة ضد قافلة التضامن والنجدة الدولية لقطاع غزة ، ويلات العذاب الإلهي المقبل بصورة حتمية إن شاء الله العزيز الحكيم ، كما فعل الله شديد العقاب العزيز ذو انتقام بأرئيل شارون الرجيم صاحب المجازر الكبرى ضد المسلمين والعرب والفلسطينيين ، الذي لا زال تحت التغذية الصناعية والتنفس الصناعي منذ 4 / 1 / 2006 حتى تاريخ هذه المجزرة الصهيونية الرهيبة ، ويوم كتابة هذه السطور ( 31 / 5 / 2010 ) .

كلمة أخيرة

يقول الله العلي العظيم جل جلاله : { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) }( القرآن الحكيم – آل عمران ) .

تحية وبليون تحية لأرواح الشهداء المتضامنين مع شعب فلسطين المحاصر والمعذب في الأرض ، من شتى الجنسيات والقارات ، وفي مقدمتهم الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية بفلسطين المحتلة عام 1948 ، ولتفتح الموانئ الفلسطينية والمطارات الفلسطينية والمعابر البرية الفلسطينية للتواصل مع العالم بلا هرطقات وسفالات صهيونية ، بلا معوقات أو معيقات مهما كان نوعها أو شكلها ومهلا يا بني صهيون فالعقاب الشديد من رب العالمين فهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين ويحكم بين مخلوقاته كافة بالعدل والسوية . ومصير الظالمين إلى زوال مهما تطاولت الاجراءات العسكرية الاستفزازية ..

فليرفع الحصار كاملا عن قطاع غزة ، وعن جميع أرض فلسطين ، ففلسطين أرض عربية إسلامية ، لا بد من نصرتها عاجلا أو آجلا . فمهما تمادى الباطل وأهل الباطل ففجر الحق والحرية آت لا محالة لا ريب فيه ، والله على كل شيء قدير .

فطوبى وألف طوبى ، لشهداء أسطول الحرية ، في يوم الحرية ، والله نسأل أن يدخلهم في الفردوس الأعلى في أعلى درجات الجنة ، وأن يتعافى الجرحى الذين نزفت دمائهم فاختلطت بمياه البحر الهادر قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .

ورحم الله الخليفة العباسي المسلم المعتصم بالله منطلقا من بغداد لعمورية حينما لبى نداء المرأة المكلومة واستغاثتها بكلمة واحدة ( وامعتصماه ) . ولكن في هذه الأيام تسمع أنات الثكالى والجريحات والمرضى والمحاصرين والمستضعفين والمعذبين في الأرض المقدسة .. ( واإسلاماه ) و ( واعرباه ) و( وانسانيتاه ) ولكن لا مجيب إلا رب العالمين ولو بعد حين .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: