الاثنين، 22 فبراير 2010

إذا الجامعات أضربت ؟؟!

إذا الجامعات أضربت ؟؟!
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) }( القرآن المجيد ، التكوير ) .
إذا الجامعات أضربت ، وإذا الهيئات التدريسية والإدارية والخدمية عطلت ، وإذا الفتية والصبايا إحتجبت ، عن الأنظار الجامعية وتطلعت ، ليوم الخلاص وما أدارك ما يوم الخلاص ؟؟ يوم يكون الطلبة يدرسون كالطلبة في الجامعات الأجنبية كسائر الناس ، ولا يخافون الوسوسة من الوساوس الخناس ، ويكون الرعاة من أهل الكرم لا من أهل البخل والإبخاس .
وإذا المواصلات الجامعية توقفت ، وإذا الأجور اليومية والشهرية والفصلية والسنوية تحجرت ، وإذا الجموع الطلابية تبعثرت ، وإذا الهندسة بأنواعها وأشكالها تدحرجت ، وإذا كلية الاقتصاد إنخسفت ، وإذا الآداب إختفت ، وإذا العلوم والأحياء تجمدت ، وإذا الصيدلة والبصريات والفنون تمسمرت ، وإذا الرياضة عن التمارين توقفت ، وإذا التربية التكنولوجية وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات تعثرت ، وإذا شمس الإضراب المفتوح بزغت ، فقد دنت وسائل الإعلام وتحدثت ، بالكلام المسموع والمطبوع والمرئي والانتر نت وتبدلت ، فغطت الأنباء بالصياح والعويل والبكاء والفرح والترح وبالعلم تدثرت ، فصورت ما صورت ، وسهرت ما سهرت ، وإذا حلكة ليل الموظفين أزلفت ، وإذا الجامعة أضربت ، وإذا الفلوس انتثرت ، وإذا العملة المعدنية والورقية المعروفة الملونة والمشكلة بالرسوم والصور إندثرت .
وإذا الفتاة الجامعية المخطوبة عن الزواج توقفت ، وإذا العريس حياته قد تبهدلت ، فلا قداسة للمواعيد الموعودة التي تغيرت وتبدلت ، بانتظار يوم التخريج ، وما أدارك ما يوم التخريج ؟ سيكون فيها الدبكة الشعبية وبعض التهريج ، وتصفيق الأيدي العالي بالتصحيج ، فعم الضجيج تلو الضجيج ، فامتزج البكاء بالفرح بنكهة طبيعية الذوق والطعم ذو المزيج ، وبادرت بعض الأفواه الصغيرة والكبيرة بالصفير والتهييج ، بانتظار الفرحة العارمة بالحصول على الشهادات الجامعية الأولى والنصفية بالصيف المقبل بعيدا عن الجدار والتسييج . وإذا العباءات التخريجية توزعت ، وإذا الزغاريد النسوية التراثية صدعت ، وإذا الشبوبية بانتظار العرس الفلسطيني الكبير تزينت ، بمرافقة الطفولة البريئة التي حضرت .
وإذا المواد الدراسية الجامعية تبخرت ، وطارت من عقول ونفوس الطلبة وتدحرجت ، ما لها من عودة إلا بعودة ميمونة للجامعة الفتية التقليدية والدراسة انتظمت ، وإذا المظلومة تنهدت ، ما لكم يا ربعي لا تنصتون لأنين الحليمة إذا إنتهرت ، وإذا جيوب ونتوء جموع الموظفين تقهقرت ، وإذا البقالات والدكاكين عن البيع إعتذرت ، وإذا الديون تضخمت ، وإذا وسائل النقل والمواصلات عن العمل انقطعت ، فلمن الشكوى يا بلادي لتلملي الجراح فانقهرت ، وكانت تظن أنها فازت فانتصرت ، وإذا جموع العاملين من الإداريين والأكاديميين والخدميين تراجعت ، وإذا بعض الجموع الثائرة تقدمت ، وإذا سياسة تخاذل المتخاذلين تخاذلت ، وإذا شفاه الوشاة قد تساقطت ، وإذا سياسة الباب العالي تراجعت ، علمت ما قدمت ولا تعلم ما أخرت ، وإذا الوزارة بالعاصمة الإدارية لا السياسية والمديرية تغيرت ، بأي حق تطالب النقابات والاتحادات التي من هول الشقاء والعناء انتفضت ، وإذا الوحدة نالت إعجاب الجمهور وتكرست ، وإذا حكومة الوحدة الوطنية انتصرت ، وإذا إدارات الجامعات استوزرت ، وإذا بطون الجائعين تقلصت ، وعيون المتفرجين اتسعت ، وإذا العيون دمعت ، وإذا القلوب الحية لربها خشعت ، فنادت للمظالم فاستجاب لها الرحمن الرحيم الوهاب من فوق سبع سماوات وقت السحر فهرولت الاستجابة ها قد هرولت .. وذلك بعد دعاء وصبر ومصابرة ورباط على الثغور وتصابرت .
وإذا الأقلام الجافة والرصاصية والسائلة تصدعت ، ولم يعد لها بريق العلم والتعليم فأندثرت ، وإذا بريق البرق والرعد في شتاء البلاد قد تصعدت ، وإذا الحياة البحثية لرونقها قد فقدت ، وإذا أبواب المطاعم الجامعية قد أوصدت ، وإذا بائع الحمص والفلافل والشوكولاته والمشروبات الساخنة والباردة تجارته قد تراجعت ، وإذا الميرمية زرعت فأنبتت ، لمداواة المغص في البطون وتوزعت ، فذلك يوم الوقوف والتوقف بيوم الجمع تجمعت ، فقد ذابت حياة النعيم والعيش الرغيد الكريم وقيل لها اسمعي فتمنعت . ففي ذلك اليوم فإن جموع الموظفين قد حشرت ، والرضيعة التي ترضع من حليب صدر أمها والقنينة ضدها أضربت .
يا أيها الناس ، لا حياة ولا خلاص إلا بالإخلاص ، وأن يحس الكبير بالصغير يوم تقارب الأنفاس ، فقوموا لفجركم القريب ولغدكم المشرق البهي بالحس والإحساس ، ولا تبخسوا بأي جزء من الإبخاس ، فقد تداعت الجموع فأصابها القلق والأرق وفقدت النوم ومن قبله النعاس ، فمن يا ترى ينصف المظلومين ليعيشوا حياة سعيدة بعيدة عن البؤس والبأس ؟ ليتمكنوا من لبس الثياب وستر العورات من طيب اللباس ، بعيدا عن حياة الرهبنة والزهد اليومي بلا نهاية ولا إيناس .
فمرحى للمدافعين عن الحقوق ويقودون الناس ، من أجل العلم والبطولة والشجاعة والفداء والرفاهية والعيش الكريم كبقية الشعوب والأمم من الناس ، وطوبى ونعم للعادلين الذين يعدلون بالحق والنزاهة والشفافية وبئس لمن يريدون وجاهة أو منصب أو إدارة أو استوزار ليهينوا الناس . فالإنسانية هي الأساس .. هي الأساس .. هي الأساس ، ليعيش جميع الناس لا ثلة منهم ، بسرور وسعادة وود ومحبة ومسرات بعيدا عن الإفلاس .. بعيدا عن الإفلاس .. بعيدا عن الإفلاس .. كبقية الجماعات والشعوب والأمم المتحضرة الراقية من بين الناس . ونصيحتي المثلى .. يا بني قومي دوما لا تنسوا الصمود والمرابطة بالأرض المقدسة ، وكونوا للمسجد الأقصى المبارك من الحارسين بل في مقدمة الحراس . فهذا هو اللسان العربي المبين الذي لا ينسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا جد الجد وظهر البأس ، فلا باس ، فلا بأس ، فلا بأس .
وأخيرا ، لا نقول إلا ما يرضي ربنا ، الله العزيز الحكيم جل جلاله ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون . { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن الحكيم ، هود ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: