السبت، 25 أكتوبر 2014

من تجارب الحياة .. " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ " .. ليس كل ما يلمع ذهبا د. كمال إبراهيم علاونه

 د. كمال إبراهيم علاونه رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
من تجارب الحياة .. " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ " .. ليس كل ما يلمع ذهبا
د. كمال إبراهيم علاونه
نابلس - فلسطين

جاء في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 98)
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :" لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ " .

في أحدى المرات ، أثناء انتفاضة الأقصى المجيدة في فلسطين ، في اواخر عام 2002 ، كنت قد حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية حديثا ، وكنت مغتربا لفترة عام دراسي كامل ، وكان يعمل معنا في الوزارة نفسها ، اضطررت للنوم في البيرة بعيدا عن مكان اقامتي في نابلس ، وذهبت لزيارة زملائي في سكن النوم التابع لوزارة التعليم العالي .. حان أذان المغرب ، كنا جماعة أكثر من العشرة أشخاص ، أقمت الصلاة بنفسي ، وطلبت من أحد الكبار في السن ، ممن كان يعمل خارج البلاد ، وعاد بعد قيام السلطة الفلسطينية ، أن يؤم المصلين تكريما له ، فعرض علي الإمامة ، ولكبر سنه ، حيث يكبرني بأكثر من 10 سنوات ، تنحيت وطلبت منه تكريما لسنه ولحيته متوسطة التيلة ، أن يؤمنا بالصلاة جماعة ، فتقدم مسرعا ، وأمنا بصلاة المغرب ، لم اخشع خلفه في الصلاة تمام الخشوع ..
وبعد أن أنهى إمامة صلاة المغرب ذات الركعات الثلاث ، مكثنا نستغفر الله ونسبح لبرهة قصيرة من الوقت ، فما كان من هذا الشخص الملتحي إلا أن حمل العود ( خاصته ) بحجم كبير ، وبدأ يعزف ألحانا موسيقية تائهة ويغني لمطربين مصريين من الجيل القديم السفيه حسب وجهة نظري ، نالت هذه المسألة الفجائية ، استعجابي واستغرابي ، فقلت له ما هذا الذي تفعله ؟؟!
فقال لي يا دكتور كمال ، لم أفعل شيئا ، قلت له سامحك الله ؟؟ بلى مكناك من إمامتنا بالصلاة ، ثم تسرع لتعزف ألحانا بأغاني هابطة ، ولم تفعل شيئا ؟؟! كيف يصير هذا ؟ فقلت له أنا سأعيد تأدية صلاة المغرب ثانية ، وأنا برئ مما فعلت بنا ، وفعلت بنفسك ؟ فقال لي يا دكتور أنت متطرف جدا ؟؟؟ فقلت له هل التطرف أن يمكنك 10 أشخاص لقيادتهم بالصلاة ، ثم تنهي الصلاة وتبادر لعزف معازف الشيطان ؟؟ لقد أعدت أداء صلاة المغرب لوحدي بخشوع ، وسط نظراته الساخطة ضدي ؟؟ فبدأ الجميع يلومه ، ولم يعد يثق به أحد ليصلي خلفه من زملائنا في الوزارة بعد هذه النادرة غير المتوقعة ؟؟
ما أردت أن أقوله ، ليس كل ما يلمع ذهبا ، واحرص أن يقودك من هو أكفا منك ، وأكثر تقوى لله عز وجل ، ولا تقدم غيرك على نفسك ، ولو كان أكبر منك سنا أو أطول لحية ، فلم تعرف ما يخبئه في ذات نفسه له ولك وللجميع ، فيمكن أن تكون تحت اللفة زفة كما يقول المثل الشعبي العربي ، فالسن لا يكرم أحدا ، فأنت أدرى بنفسك ؟ ولا داعي للتكريم والاحترام لأناس لا تعرفهم ، ولا تثق بهم وإن كانت لمسألة عابرة .
هذا الأمر في صلاة واحدة ، فكيف تثق بأناس وتمنحهم الثقة وتنتخبهم ، أو ترشحهم أو تختارهم لإدارة الشؤون العامة لفترة قصيرة أو متوسطة أو طويلة لا يعلمها إلا الله وحده عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم ..
أيها الناس .. لا تسلموا أموركم الخاصة أو العامة لفاسق أو سفيه أو سكير أو مقامر بحياته وحياه الآخرين ؟؟!!! ولا ترضوا توليته لإدارة شؤون العامة ، وإن أدعى الصلاح والإصلاح الظاهري ، والحرص على المصلحة العليا أو ادعى الوطنية أو التدين أو غيره ؟؟!!!
فالطبع يغلب التطبع دائما ...والنفاق والتصنع لا بد أن يظهر ، ويمكن هذا السفيه أو الفاسق أن يلحق الأذى بنفسه وبالناس الآخرين من حيث يدري ويحتسب ولا يدري ، عن سوء نية أو حسن نية ، والنتيجة سيان ، ضياع حقوق الآخرين ... فلا تنفع الندم والندامة ، وقيس قبل ما تغيص ..

والله ولي المؤمنين .

تحريرا في يوم الخميس 30 رجب 1435 هـ / 29 أيار 2014 م  

ليست هناك تعليقات: