السبت، 28 سبتمبر 2013

الحلول المثلى للأزمات المالية بالجامعات الفلسطينية .. جامعة بير زيت نموذجا ؟؟! د. كمال إبراهيم علاونه


مباني جامعة بيرزيت
الحلول المثلى للأزمات المالية بالجامعات الفلسطينية .. جامعة بير زيت نموذجا ؟؟!
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة
د. كمال إبراهيم علاونه - رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) }( القرآن المجيد - المائدة ) .

إستهلال

من المعروف أن التعليم العالي المجاني في فلسطين غير متوفر ، ويبدو أنه لن يكون متوفرا خلال هذا العقد من القرن الحادي والعشرين لظروف ذاتية وموضوعية في البلاد . وتعاني فلسطين بصورة إجمالية من وضع اقتصادي متدهور يسير من سيء إلى أسوأ ن في ظل الاحتلال الصهيوني الأجنبي ، واستفحال ظاهرة البطالة في صفوف الطاقة العامة ومن بينهم نصف الخريجين الجامعيين تقريبا .
تعتبر جامعة بير زيت ، جامعة فلسطينية حضارية ، تقدم العلم والنور ، لحوالي 11 ألف طالب وطالبة في شتى التخصصات العلمية والإنسانية ، لدرجتي البكالوريوس والماجتسير ، ولم ترتقي بعد لدرجة الدكتوراه ؟؟!
هذه الجامعة الفلسطينية ، التي تحتضن 10 % من طلبة التعليم العالي في فلسطين الصغرى ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) ، ويعمل بها قرابة ألف أكاديمي وإداري وموظف خدمات ، هي عنوان التعليم الناضج ، عبر سني حياتها الذي يمتد منذ العقد السابع من القرن العشرين المنصرم وحتى هذا العام 2013 ، من القرن الحادي والعشرين الواعد . ومثلها مثل بقية الجامعات الفلسطينية في أرض الوطن تعاني جامعة بيرزيت من أزمات مالية متلاحقة ومتكررة ، ويظهر الاصطدام السنوي بين إدارة الجامعة والكتل الطلابية ومجلس الطلبة فيها ، حول المتغيرات المالية التي عصفت بالجامعة بين الحين والآخر ، ولكل له مبرراته وتطلعاته وأمانيه العامة والخاصة .
وأحيانا يحصل تضارب في الرؤى والرؤيا ، بين الطرفين ، الذي يحاول كل جانب فيه تجيير الأمور لصالحه ، رغم الاحتياجات المالية التشغيلية والثابتة السنوية لتسيير المسيرة الأكاديمية والإدارية والمالية .

حرب الشيكل في فلسطين

وفي هذا العام الأكاديمي 2013 / 2014 م ، بزغ فجر الأزمة المالية ، فقامت إدارة الجامعة ، بتثبيت سعر سعر الدينار الأردني ب ( 5.6 شيكل ) للحفاظ على الايراد المالي السنوي المتأتي من الرسوم والأقساط الجامعية ، فقد بلغ سعر الدينار الأردني في سنوات سابقة قرابة 6.5 شيكل ، وعندما تراجعت قيمة هذه العملة الأردنية التي تدفع بها أجور العاملين في الجامعة ، بواقع 1.5 شيكل / دينار ، لينخفض سعر صرف الدينار الاردني الى 5 شيكل ، اضطرت إدارة الجامعة في اجتهاد منها ، لتثبيت سعر الدينار الأردني بشكل وسطي ، ( 5.6 شيكل / دينار ) دون التنسيق مع ممثلي الكتل الطلابية ومجلس إتحاد الطلبة ، الأمر الذي رأت فيه الحركة الطلابية رفعا لقيمة الاقساط والرسوم الجامعية بواقع 12 % تقريبا ، وبالتالي رفضه جملة وتفصيلا ، فقامت الكتل الطلابية المشكلة لمجلس اتحاد الطلبة ، كرده فعل احتجاجية بإغلاق ابواب الجامعة بالجنازير ، فأطلق عليها الاعلام المحلي ( جامعة بير زيت - الجامعة المجنزرة ) كما دابت على ذلك في سنوات سابقة لوقف الارتفاع المخيف في الرسوم والأقساط الجامعية بصورة غير مباشرة .

جامعة بير زيت .. الإغلاق بالجنازير

ومع أن مسالة إغلاق الحرم الجامعي بالجنازير والأقفال لا يمت للحضارة الإنسانية بأي صلة ، وبعيدة عن الأعراف والقوانين النقابية والطلابية ، إلا أن الحركة الطلابية اضطرت لخوض هذا الصراع وفق هذه الطريقة العنيفة لإجبار إدارة الجامعة على التراجع القهقرى الى الخلف والابقاء على سعر الدينار الأردني عائما بلا رقيب أو حسيب ، فتبقى الجامعة والاقتصاد الفلسطيني برمته يعاني من حرب العملات المتداولة في فلسطين بين الارتفاع والانخفاض .
ولا بد من التنويه إلى أنه في ظل غياب العملة الوطنية الفلسطينية بفعل الرفض الاحتلالي الاجنبي ، وتواصل  انخفاض سعر الدينار الاردني ، مقابل سعر صرف الشيكل ( الإسرائيلي ) ، من 6.5  شيكل إلى 5 شيكل أو اقل قليلا ، القى بظلال الخسارة المالية المباشرة الكئيبة على قطاعات واسعة من شرائح الشعب الفلسطيني كالعاملين في الأونروا والجامعات الفلسطينية وشركة الاتصالات الفلسطينية والبنوك ، بل شمل هذا الانخفاض المالي بصورة مباشرة ايضا قيمة مهر العروس الفلسطينية الذي يدفع بالعملة الاردنية .
وغني عن القول ، إن ما ينسحب على جامعة بيرزيت ، ينطبق على بقية الجامعات والكليات الجامعية والمتوسطة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، في التعرض للأزمة المالية السنوية ، تبعا لتقلبات أسواق الصرف في فلسطين .

الحلول المثلى للأزمة المالية بالجامعات الفلسطينية .. جامعة بير زيت نموذجا

برأينا ، هناك بعض الحلول المثلى لحل الأزمة المؤقتة للجامعات المحلية الفلسطينية في أرض الوطن ، وجامعة بير زيت خاصة ، وغيرها من مؤسسات التعليم العالي ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، لعل أهمها الآتي :
أولا : تشكيل لجنة تنسيق ثلاثية دائمة بين إدارات الجامعات ونقابات العاملين والكتل والمجالس الطلابية ، للتعاون وطرح الحلول المسبقة قبل استفحال الأزمة المالية السنوية .
ثانيا : الاعتماد على سلة عملات ثلاثية ( الدينار والشيكل والدولار ) لتسعير الرسوم والأقساط الجامعية لتحاشي الانزلاق السنوي في متاهات التيه المالي ريثما يتم إصدار العملة الوطنية الفلسطينية .
ثالثا : تنويع التمويل المالي المنتظم للجامعات الفلسطينية ، عبر :
أ) التمويل الجامعي الذاتي : ويمكن أن يتمثل هذا الأمر بما يلي :
1. إنشاء مشاريع اقتصادية متعددة مدرة للربح لضمان تدفق بعض الأموال للخزينة الجامعية .
2. رفع الرسوم والأقساط الجامعية بين الحين والآخر حسب قيمة العملات المتداولة في فلسطين بالاتفاق الثلاثي .
3. التوسع الأفقي في التعليم العالي جنبا إلى جنب مع التوسع العمودي بمعنى زيادة عدد الطلبة في المساق الأكاديمي الواحد ، لدرجتي البكالوريوس والماجستير ، مع الحفاظ على جودة ونوعية التعليم العالي الفعال .
ويمكن التركيز في هذا المضمار على درجة البكالوريوس في الاعتماد على المدرجات الجامعية بدلا من الصفوف الصغيرة الحجم ، فليكن في الشعبة التعليمية الواحدة 50 طالبا بدلا من 25 طالبا ، وليكن 100 طالب بدلا من 60 طالبا على سبيل المثال لا الحصر .
4. توسيع آفاق التعليم الموازي ليشمل كافة التخصصات المطلوبة ، في الجامعات المحلية ، لزيادة الدخل الجامعي الحقيقي .
5. إفتتاح برامج الدكتوراه في الجامعات المحلية ضمن المواصفات العالمية في التعليم والرسوم والأقساط الجامعية .
6. ومن باب أولى ، وقبل كل شيء ، تقليل النفقات الإدارية غير الضرورية ، وشد الأحزمة على البطون ، وتحاشي صرف الأموال بإفراط وتفريط ، بمعنى الابتعاد عن الإسراف المالي دون وجه حق .
ب) التمويل الفلسطيني : من خلال ما يلي :
1- الاستمرار في تقديم الدعم الحكومي الفلسطيني للجامعات المحلية بانتظام ، بصورة غير خاضعة للمزاج الحكومي أو المؤسسي الشخصي .
2- تفعيل تعاون القطاع الأهلي والخاص لدعم الجامعات المحلية ، والتكريم السنوي للمتبرعين ، وعدم اقتصار التبرع على بناء المباني فقط بل تقديم الدعم النقدي أيضا .
فمثلا ، يمكن اقتطاع نسبة 1 % من ارباح شركتي جوال والوطنية لصالح التعليم الجامعي . وزيادة تبني تعليم الطلبة الفقراء في مؤسسات التعليم العالي . وتوزيع جزء من عوائد الاوقاف وأموال الوقف على التعليم العالي .
3- توسيع ميزانية صندوق إقراض الطلبة للفصول الجامعية ، مع تيسيير عملية التسديد والدفع للمحتاجين ، عبر نظام المداورة المالية الفصلية والسنوية مع الالتزام والالزام بالدفع مستقبلا بعد الاستفادة من خدمة القرض المسترجع بلا فوائد .
4- فرض رسوم شيكل واحد شهريا على كل عداد كهرباء أو مياه لصالح التعليم العالي في فلسطين بالتوافق الشعبي مع الهيئات المحلية ووزارة الحكم المحلي وشركات توزيع الماء والكهرباء .
5- توزيع الكتب المقررة القديمة على الطلبة الجدد كتبرعات من الطلبة المتخرجين لدعم مسيرة التعليم العالي .
6- توزيع جزء من أموال الزكاة الإسلامية على الطلبة الجامعيين المحتاجين من غير المدخنين .
7- اقتطاع دينار واحد شهريا من رواتب العاملين بالجامعة لصالح الطلبة المحتاجين بالجامعة نفسها بالتعاون والتنسيق مع نقابة العاملين .
8- زيادة المنح الجامعية للطلبة المحتاجين ، وفقا لنتائج المسح الاجتماعي بعيدا عن الواسطات والحزبية والمحسوبية .
9- فرض شيكل واحد سنويا على ترخيص المركبات بوزارة النقل والمواصلات ورصد هذه المبالغ لصالح التعليم العالي بفلسطين .
10- تبني الجامعة طباعة الكتب المقررة الرئيسية في مساقات الثقافة العامة ورصد جزء من ريعها لصالح الطلبة المحتاجين سنويا .
ج) التمويل الخارجي : عبر التنسيق مع الجهات الداعمة التالية :
1) دعم الدول المانحة المهتمة بتقديم الدعم المالي والعيني للشعب الفلسطيني ، وتخصيص جزء من هذا الدعم للقطاع الجامعي .
2) دعم بعض الدول العربية النفطية ، التي لديها الاستعداد لدعم الشعب الفلسطيني في ارض وطنه . وهذا الأمر كان معمولا به قبل قيام السلطة الفلسطينية عام 1994 . وهذا المسالة تشمل السعودية والجزائر والكويت والإمارات العربية وقطر وليبيا والعراق وسواها .
د) عقد إتفاقيات توأمة بين الجامعة الفلسطينية وبعض الجامعات العربية والأوروبية التي لديها فائض مالي ، لدعم الجامعة سنويا بالطريقتين المالية والبعثات والزيارات الأكاديمية .
ومهما يكن من أمر ، ينبغي أن تبقى أبواب الجامعات مفتوحة ، أمام الجميع للحصول على المعارف والعلوم المتنوعة ، لمواكبة الركب الحضاري العالمي ، وتمكين الطلبة من الالتحاق بجميع الجامعات المحلية الفلسطينية ، وتحصيل الشهادات الجامعية الممتلئة ، وتجنيب مؤسسات التعليم العالي الصراعات الفصائلية والحزبية والكيدية الشخصية ، وحظر إغلاق الجامعات بالجنازير تحت أي ظرف من الظروف ، فالتعاون والتفاهم والتعاضد والتآخي الإنساني هي السبل الوحيدة لحل الإشكالات الطارئة بين الإدارة الجامعية والحركة الطلابية في اي جامعة فلسطينية في ارض الوطن .

رسالة مفتوحة لإدارة الجامعة والحركة الطلابية

وختاما ، لقد آلمني استمرار إغلاق جامعة بير زيت لفترة قاربت الأربعة أسابيع ، منذ مطلع هذا العام الاكاديمي في الفاتح من أيلول  2013 / 2014 م دون حل جذري مأمول ، لهذا الصرح الجامعي . لقد تلقيت تعليمي لدرجة الماجستير بتخصص الدراسات العربية المعاصرة بجامعة بيرزيت بين الأعوام 1996 - 1998 ، ولم يصل أمر الأزمة المالية الى حد إغلاق الجامعة بالجنازير والأقفال ، ومنع رئيس وإدارة الجامعة من دخول الجامعة ، وذلك قبل انتقالي للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة النيلين بالخرطوم وهي جامعة عربية عريقة ، في حزيران عام 2002 ، وكان أملي متابعة درجة الدكتوراه في هذه الجامعة الفلسطينية الناهضة أعني جامعة بير زيت سراج العلم والنور والمعرفة عبر السنين ، بغض النظر عن الكلفة المالية لتحاشي الغربة الاجتماعية والسياسية عن الأهل والوطن ، هذا عدا عن التكلفة المالية الباهظة للدراسة في الخارج .
اقول هذا الكلام لتوسيع التعليم العالي في فلسطين لجميع الدرجات الجامعية الثلاث : البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في كافة التخصصات العلمية والأدبية حسب الامكانات البشرية المتوفرة ، فلماذا لا تتوسع جامعة بير زيت ، ليكون عدد الطلبة 20 الف طالب بدلا من 11 ألف طالب ، يجب عدم الانغلاق على الذات والتقوقع في درجة الماجستير بالحد الأقصى من الدرجات العلمية .
لقد خرجت جامعة بير زيت كوكبة من الكوادر العلمية والإدارية والثقافية والاقتصادية التي تقود المجتمع في الكثير من الميادين العامة والخاصة ، في شتى المواقع الإدارية والسياسية والاقتصادية والاعلامية والاجتماعية ، وحق علينا أن ننصفها ونجعل رايتها مرفوعة غير منكسة مهما تعاظمت المشكلات والهموم .
ورسالة ابثها لإخوتي وزملائي في إدارة الجامعة ولأبنائنا في الكتل الطلابية ومجلس إتحاد الطلبة ، إقبلوا بالمبادرات التوفيقية المطروحة من نقابة العاملين بالجامعة أو وزارة التربية والتعليم العالي لهذا العام الأكاديمي ، تمهيدا لوضع خطة استراتيجية متوسطة الأجل تكون حيوية وتطويرية وديناميكية ، لمسيرة التعليم العالي الاجمالية بفلسطين ، ولا داعي لاستفحال هذه الأزمة العابرة ، فكونوا متحابين متعاونين ، بعيدا عن التشنج والتسرع وتجاهل الطرف الآخر ، ويجب على الطلبة إحترام الهيئات الإدارية والتدريسية في الجامعة بصورة كلية وشمولية بعيدا عن استعراض العضلات والجنازير ، لأننا لا زلنا تحت مرمى الاحتلال الأجنبي البغيض ، وبحاجة لجهود الجميع لمتابعة مسيرة الحرية والتحرر والاستقلال الوطني ، ولأن هذه المؤسسة التعليمية العليا ، هي ملك للشعب الفلسطيني باسره وليست ملكا لحزب أو فصيل سياسي أو نخبة إدارية أو أكاديمية ، فتعاونوا على البر والتقوى ولا تبقوا متعنتين في آرائكم ، فخير الحلول هو الأمر الوسط والاعتدال بعيدا عن المغالاة .
بعض الحلول المثلى للطلبة المحتاجين
ومن لم يكن مقتدرا على دفع الرسوم والاقساط الجامعية في جامعة بير زيت ، فليتم عمل الآتي :
1. توفير عمل جامعي لهؤلاء الطلبة في مرافق الجامعة أو غيرها عبر النوبات أو الورديات في العمل بالاتفاق مع شركات ومصانع معينة .
2. ومن لم يكن مقتدرا على النفقات المالية في هذه الجامعة فلماذا لم يلتحق بجامعة القدس المفتوحة الأرخص كلفة ،  وهي الجامعة التي تمارس التعلم عن بعد ، ومناطقها ومراكزها التعليمية المنتشرة في جميع المحافظات الفلسطينية ورسوم الساعة المعتمدة فيها قليلة مقارنة بالجامعات المقيمة في فلسطين ، وبإمكان الدارس / ة الالتحاق بإحدى فرص العمل المهنية أو الوظيفية والدراسة في الآن ذاته .
ورحم الله أمرى عرف قدر نفسه ، وأما البكاء والتباكي على من يقدر دفع الرسوم والاقساط وينفق ببذج وإسراف على التدخين وغيره فيجب أن يتحمل تكلفة التعليم العالي دون لف أو دوران أو مواربة .

كلمة أخيرة .. تصالحوا وتوافقوا واعتصموا بالحق جميعا ولا تفرقوا

وما اثلج صدري ، في هذه الأزمة الطارئة في جامعة بير زيت هو عدم التدخل البوليسي لفرض أمر معين ، فنأت الشرطة الفلسطينية عن التدخل بالحرم الجامعي في هذه الأزمة الداخلية بين الإدارة والحركة الطلابية مما يعمق استقلالية الجامعات الذاتية وحبذا لو تلحق بها بقية الأجهزة الأمنية في رفع يديها عن طلبة الجامعة الفلسطينية ايضا فلا تمارس الاعتقال والاحتجاز السياسي .
آملين أن نرى إنفراجا قريبا لحل الأزمة المالية في اي جامعة من الجامعات المحلية الفلسطينية ، وخاصة جامعة بير زيت التي أحن لمبانيها ورقعتها الجغرافية واساتذتها الكرام في وطني ، بعيدا عن الإغلاق والإفلاس المالي لا قدر الله . وللعلم والحق والحقيقة ، فلا بد للمستفدين من الخدمات الدراسية الجامعية تحمل جزء من التبعات المالية المتزايدة سنويا حسب مؤشر غلاء المعيشة والتدهور في أسعار العملات المتداولة ، وهذا يكون بالتوافق المسبق العقلاني بين إدارة الجامعة ومجلس الطلبة والكتل الطلابية الفاعلة بين جموع الطلبة .
ننتظر حلا جذريا مقبولا ، ووحدة راسخة بين جميع أطراف العلاقة الجامعية في بير زيت العريقة النابضة بالحياة العلمية والعملية ، وبقية الجامعات الفلسطينية لأنه ليس من المعقول المقبول أن نبقى في أزمة متكررة متدحرجة بين الحين والآخر دونما تفهم من الجميع لظروف المرحلة التي تمر بها فلسطين ، فالصراع والتناقض الرئيسي ، مع الاحتلال الأجنبي وليس مع بعضنا البعض .
بعيدا عن التجاذبات الجانبية والانفعالات الطارئة ، للاستفادة من الفصل الدراسي والحيلولة دون ضياع الفصل الصيفي على الطلبة الخريجين ، نحو الوحدة والاتحاد والسير العلمي والمالي والإداري والطلابي ، قدما إلى الأمام .
وندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

تحريرا في يوم السبت 22 ذو القعدة 1434 هـ / 28 أيلول 2013 م

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جوال فلسطين : 0598900198
بريد الكتروني : k_alawneh@yahoo.com

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

حل جماعة الاخوان المسلمين .. هو الاعلان الرسمي عن وفاة الانقلاب العسكري في مصر ( د. كمال إبراهيم علاونه )

الاسلام هو الحل - شعار ( الإخوان المسلمون - وأعدوا )
حل جماعة الاخوان المسلمين .. هو الاعلان الرسمي عن وفاة الانقلاب العسكري في مصر
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة
د. كمال إبراهيم علاونه - رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ (56)}( القرآن المجيد – الزخرف ) .
وورد في سنن أبي داود - (ج 11 / ص 316) عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ قَالَ هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ " .

إستهلال
أصدر القضاء ( السياسي - العسكري ) المصري يوم الاثنين 23 أيلول 2013 ، نعي وفاته ، ودفن نفسه في مقبرة التاريخ البشري ، بإصداره قرار بحل وحظر جماعة الإخوان المسلمين ، هذه الجماعة وحزبها الفتي ( حزب الحرية والعدالة ) التي فازت في الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012 ، كما فازت في انتخابات مجلس الشورى أيضا .
إن الاقصاء السياسي والاستبعاد العسكري ، من فراعنة مصر الجدد ، لأكبر قوة سياسية إسلامية في مصر ، بل وفي المنطقة الاقليمية قاطبة ، ومحاولة شطب الأحق بإدارة شؤون الدولة ، رغم بعض الأخطاء ، لهو دليل إفلاس سياسي كبير ، غير مسبوق . لقد تسرعت ومن يصدر قراراته المسبقة لها ، هذه المحكمة  المصرية التي تدعى ( محكمة القاهرة للامور المستعجلة ) بإصدارها أمرا قضائيا عبثيا بحظر جماعة الاخوان المسلمين في مصر يوم الاثنين 23 أيلول - سبتمبر 2013 ، فهذا القرار يناقض نفسه بنفسه ، ويحاول ممالئة سلطة الانقلاب العسكري الدموي الفوقية ، الآمرة الناهية في البلاد منذ 3 تموز الفائت .

قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى

يقول الله العدل الحق تبارك وتعالى : { قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) }( القرآن المجيد - طه ) .

لقد تجددت دعوة الإخوان المسلمين ، بفعل الثورة الشعبية المصرية بقيادة إسلامية ، تجديدا يوميا ضخما ، كونها تتعرض لهجمة فاشية قديمة - جديدة ، فالحظر السياسي المغلف بغلاف قضائي ، هو إنغلاق سياسي وقانوني وحزبي بتأييد جبهة الخراب بمصر ، للذين اصدورا هذا الحكم الجائر . وعلى النقيض من ذلك ، فهذا القرار الانقلابي الجديد للعسكر ، اثبت للمرة الألف صوابية السواد الأعظم من الشعب الذي انتخب بصناديق الاقتراع الانتخابية جماعة الاخوان المسلمين لإدارة دفة الحكم في البلاد ، لفترة اربع سنوات قزمها الانقلاب العسكري الغاشم لسنة واحدة ، واثبت أن قادة الجيش المصري يستحفون الاقصاء الكلي ، ليس من الجيش فقط وإنما من الحياة السياسية العامة ، وهذا ما سيكون قريبا ، فهذه الطغمة العسكرية الحاكمة في مصر من زمرة السفاحين الأربعة : الفريق عبد الفتاح السيسي ، والرئيس المعين عدلي منصور ، ورئيس الحكومة المعين حازم الببلاوي ، ووزير الداخلية محمد إبراهيم .

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

يقول الله الواحد القهار عز وجل : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)}( القرآن المجيد – المائدة ) .

ليس بالقوة العسكرية الطاغية وحدها يحيا الإنسان ، فردا وجماعة وشعبا وأمة ، لقد ثبت بالوجه القاطع ، إن القضاء المصري ، هو قضاء تابع للانقلاب العسكري والحكومة المعينة ، فلا استقلالية ولا شخصية دستورية وقانونية للمحاكم المصرية . وفي ظل غياب مجلس الشورى ، فإن السلطات الثلاث في مصر اختزلت في سلطة عسكرية واحدة فلا وجود للسلطة القضائية بصورة حقيقية ، في أرض الكنانة .
تعلمنا ، من سبر أغوار التاريخ الإنساني ، أن الظلم إذا ما تبجح وعربد كثيرا ، فطغى في البلاد وأكثر فيها الفساد ، فإن مصيره إلى سوط عذاب من رب العالمين الذي يمهل ولا يهمل .
فلينتظر قادة الانقلاب العسكري في مصر على الشرعية الرئاسية والشرعية الدستورية والشرعية التشريعية ، السقوط والانهيار المدوي ، عاجلا غير آجل ، قبل نهاية سنة عجيفة من الاستبداد والظلم والانغلاق السياسي .
لقد دخلت مصر الآن في نفق مظلم ، سيبزغ فجر نوره قريبا جدا ، بنور الإسلام العظيم ، إنه الابتلاء الرباني للمسلمين ، المدافعين عن الحق ، المنادين بالاصلاح والصلاح الشامل ، والنهضة الإسلامية الغانمة للأمة العربية المسلمة . إنها بداية التمكين للأمة العربية حاملة  الرسالة الإسلامية الغراء ، والقرآن المجيد ، والسنة النبوية الشريفة . وهذا دليل جديد على حتمية الانتصار المبين لأصحاب الحق المظلومين ، من المعذبين في الأرض ، فابشروا يا أصحاب الراية الإسلامية لقد إقترب النصر العظيم على الكفرة الفجرة من الفاسدين المفسدين ، ولا تنفعهم الصهيونية العالمية والماسونية الكونية والامبريالية الدولية .
على العموم ، لقد ظهر الحق عاليا وتداعى الباطل نحو الحضيض ، فسوف يتابع تدحرجه نحو أسفل سافلين . لقد فقدنا الأمل بالجيش المصري ، الذي هرم ، وأكله التسوس والفساد ، وقاربت نهايته ، وتفككه وحله بقرار ذاتي ، لتأسيس جيش مصري عصري جديد ، يحتكم للعقل والحق بعيدا عن قادة الفساد والإفساد الكبير في مصر .
على أي حال ، أضحت عملية التفريق بين فسطاط الحق وفسطاط الباطل ، سهلة جدا ولا تحتاج لتفكير أو تأويل أو تنقيح وتصحيح وترجيح ، بل سطع نور الحق باليقين إن الإسلام هو المستهدف من القرار الفرعوني الجديد ، فحل أكبر جماعة في مصر لا يستهدف جماعة الاخوان المسلمين وحزبها الفتي ( الحرية والعدالة ) بل يستهدف الرسالة الإسلامية العظمى ، ليس في مصر وحدها بل في جميع أنحاء الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها .

وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

هذه رسالة مفتوحة للمسلمين في أرض الكنانة ، كما يقول الله العلي العظيم جل جلاله : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .

وغني عن القول ، إن من يريد إقصاء جماعة الإخوان المسلمين عن الحياة العامة السياسية في مصر ،كائنا من كان ، كبيرا أو صغيرا ، حزبا أو قيادة عسكرية أو حكومة معينة أو رئيسا معينا ، سيتم إقصاءه شعبيا بالدرجة الأولى ، وإسلاميا من الإخوان المسلمين وبقية الحركات والأحزاب الاسلامية الحقيقية . فالشعب المصري لن يسكت على رمي قراره الانتخابي في سلة المهملات .
فإذا جاء حل جماعة الإخوان المسلمين أولا ، بقرار قضائي بنكهة سياسية ، فسيتبعه قرار بحل حزب النور ( الجماعة السلفية الاسلامية المصرية ) لاحقا ، ثم حل حزب مصر القوية ( وهو الذي يقوده المنشق عن جماعة الاخوان المسلمين ) وسيتلوها حل كل حزب إسلامي بدعاوى باهتة تتمثل بأنها حزب ديني .
إسلامية .. إسلامية .. لا شرقية ولا غربية .. الإسلام الوسطي ، هو الذي سيقود الأمة المغلوبة على أمرها ، بصورة حتمية لا شك فيها ، إن عاجلا أو آجلا .

كلمة أخيرة .. وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ

يقول الله السميع العليم جل ثناؤه :{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}( القرآن المجيد - غافر ) .
أيها الانقلابيون في أرض الكنانة ، إنتظروا إنا معكم منتظرين ، وإن غدا لناظره قريب . فاسطورة الانقلابات العسكرية قد ولت بلا رجعة في افريقيا وفي العالم أجمع . فلن تستطيعوا إدارة شؤون الديار المصرية ، بالحديد والنار ، ولن تتمكنوا من وقف فعاليات العصيان المدني الآتية لا ريب فيها .

وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد – نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

تحريرا في يوم الثلاثاء 18 ذو القعدة 1434 هـ /  24 أيلول 2013 م

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جوال فلسطين : 0598900198
بريد الكتروني : k_alawneh@yahoo.com

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

اتفاقية أوسلو المرحلية 1993 - 2013 .. والرؤية الفلسطينية للدولة بين الاستقلال والاضمحلال ( د. كمال إبراهيم علاونه )


خريطة  فلسطين Map of Palestine
اتفاقية أوسلو المرحلية 1993 - 2013 .. والرؤية الفلسطينية للدولة بين الاستقلال والاضمحلال
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة
د. كمال إبراهيم علاونه - رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)}( القرآن العظيم – المائدة ) .

إستهلال

تعتبر اتفاقية أوسلو المرحلية الجزئية ، الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني برعاية أمريكية وعربية جزئية ( مصر والاردن ) في واشنطن في 13 أيلول 1993 ، وما تلاها من اتفاقية القاهرة في 4 ايار 1994 ، هي التي نظمت العلاقات الثنائية السياسية والامنية الفلسطينية الصهيونية في فلسطين المحتلة طيلة 20 خريفا ، حتى الآن 13 أيلول 2013 م .
سياسيا ، لقد عملت منظمة التحرير الفلسطينية ، على إنشاء السلطة الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني ، وهو الهيئة الوسيطة بين اللجنة التنفيذية للمنظمة والمجلس الوطني الفلسطيني ، فعاد عشرات آلاف الفلسطينيين من المنافي والمهاجر والشتات الى الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتقدمهم رئيس المنظمة الشهيد ياسر عرفات ( ابو عمار ) في 1 تموز 1994 حين دخل غزة . وأدخلت قوات جيش التحرير الفلسطيني من الدول العربية كالاردن ومصر وسوريا والعراق واليمن والجزائر وتونس وغيرها ، تحت مسميات وأسماء جديدة ، كالأمن الوطني والمخابرات العامة والشرطة الفلسطينية وسواها من الاجهزة الأمنية .
واقتصاديا ، تطورت هذه الاتفاقية السياسية خلال ثمانية أشهر ، لتنخرط في صفها وتتبعها ( اتفاقية باريس الاقتصادية ) في نيسان 1994 ، بين السلطة الفلسطينية والحكومة العبرية في تل أبيب ، وما تلاها من اتفاقيات جزئية مكملة لها في واي ريفر ، والامتداد من ( غزة وأريحا أولا ) الى بقية المدن والبلدات الفلسطينية ، ثم تقسيم المناطق في فلسطين الصغرى ( الضفة الغربية وقطاع غزة - وهي الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 1967 ) الى مناطق خاضة أمنيا وسياسيا للسلطة الفلسطينية ( مناطق أ ) ، ومناطق خاضعة مدنيا للسلطة الفلسطينية ( ب ) ، ومناطق خاضعة للاحتلال الصهيوني كليا ( سياسيا وأمنيا ومدنيا - وهي مناطق ج) ومناطق رابعة وهي المحميات الطبيعية والاحراش والغابات بتقاسم مشترك بين السلطة الفلسطينية والاحتلال . وهذه التقسيمات هشمتها عملية عسكرية صهيونية في أواخر آذار ونيسان 2002 م ن فجعلتها كلها مناطق ج ، بمعنى إعادة احتلال رهيبة لمناطق أ .

اتفاقية اوسلو عام 1993
على أي حال ، لقد كانت اتفاقية أوسلو ( اتفاق المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي ) خطوة سياسية - مدنية - اقتصادية ، بمثابة حكم ذاتي للسكان في معظمها ، وهي مرحلة بسيطة نحو إنشاء الكيان الفلسطيني الجديد فوق جزء من ارض فلسطين . فكانت مساحة هذا الكيان الفلسطيني الناشئ ، عبارة عن 363 كم2 ( قطاع غزة ) ، و56 كم2 في أريحا ، وبهذا حشرت السلطة الفلسطينية ( الحكم الذاتي الفلسطيني ) في بقعة جغرافية صغيرة من مساحة فلسطين الكبرى البالغة 27 ألف كم2 ، وكجزء صغير ايضا من الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 1967 ، البالغة قرابة 6 آلاف كم2 وسط اعادة انتشار قوات الاحتلال الصهيوني خارج المدن والبلدات الرئيسية فقط .
حفلة التوقيع الرسمي على اتفاقية اوسلو في واشنطن 1993

اتفاقية أوسلو .. بين المزايا والخطايا

لكل اتفاقية سياسية ، مبرمة بين طرفي الصراع ، الايجابيات ولو على قلتها ، والسلبيات ولو على كثرتها الكاثرة ، ونحن هنا لسنا بصدد التفصيل في هذه المزايا والخطايا ، الظاهر منها والباطن ، فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني  ، ولكننا باختصار نوجزها كالآتي :

أ) مزايا اتفاقية أوسلو

هناك بعض المزايا لاتفاقية أوسلو ، على الصعيد المحلي الفلسطيني ، مكنت الشعب الفلسطيني في داخل الوطن المحتل من تحقيق بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المنتظرة ، وفق الاتي :
اولا : الميزة الأولى لاتفاقية أوسلو هي تعزيز الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية على ارض الواقع ( نواة دولة فلسطين المنتظرة ) ، رغما عن الإدارة الصهيونية ، وتمثل ذلك على سبيل المثال لا الحصر بإنشاء وترسيخ السلطات الثلاث : التنفيذية والتشريعية والقضائية . فتم إنشاء مؤسسة الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية والأجهزة الأمنية كالأمن الوطني والشرطة والدفاع المدني ، وبناء المحاكم الفلسطينية المدنية والدينية ( الاسلامية والنصرانية ) ومجلس القضاء الاعلى ، ومجلس الفتوى الاعلى ، ومجلس القضاء الشرعي الاعلى ، وبناء النيابة العامة ، وكذلك إنشاء المجلس التشريعي الفلسطيني وتنظيم الانتخابات التشريعية الاولى والثانية ، رغم التلكؤ وتجميد فعالية المجلس التشريعي الثاني بسبب فوز حركة حماس بغالبية المقاعد التشريعية .
ثانيا : الميزة الثانية لاتفاقية أوسلو هي ترتيب أوضاع المحليات الفلسطينية ، وما تبعها من إصلاح البنية التحيتة الفلسطينية ، كشبكات المياه والكهرباء وتعبيد الشوارع والطرقات ، وبناء شركات الاتصالات الفلسطينية الثابتة والخليوية ( جوال والوطنية ) وسواها .
ثالثا : الميزة الثالثة تتمثل في إعادة بناء التعليم العام والعالي ، وافتتاح عشرات المدارس الجديدة ، واستيعاب الطلبة من الذكور والإناث في الفترة الصباحية . زد على ذلك ، تطوير الجامعات القائمة وترخيص جامعات جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة .
رابعا : الميزة الرابعة لاتفاقية أوسلو تتمثل في السماح بإنشاء وسائل الإعلام المطبوعة والسمعية والبصرية كالصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزة والفضائيات السابحة في الفضاء والانترنت وغيرها .
خامسا : الميزة الخامسة لاتفاقية أوسلو هي نقل الصراع الحقيقي مع الاحتلال الصهيوني إلى فلسطين ، لتكون فلسطين ، هي أرض المعركة مجددا كما كانت سابقا ، وتمكين الشعب في الوطن المحتل ، من مقارعة الطغاة البغاة وجها لوجه ، وليس من وراء الحدود .
سادسا : الميزة السادسة لاتفاقية أوسلو هي تمكين الشهداء من الحصول على مدفن في ارض الوطن في ارض الآباء والأجداد .
سابعا : تقوية الاقتصاد الفلسطيني ، وتشغيل قرابة 180 الف موظف بالقطاعين المدني والعسكري العام ، وتقليل حدة البطالة في صفوف الشعب . والاستفادة من الأموال الفلسطينية ( الضرائب ) التي تجمعها وزارة المالية الصهيونية وتتقاضى مقابل ذلك 3 % من قيمتها  لتسيير الحياة الفلسطينية العامة .
ثامنا : تحقيق جزء من حق عودة اللاجئين الفلسطينيين للعيش في الضفة الغربية وقطاع غزة تمهيدا لإعادتهم لمواطنهم الأصلية عندما تسنح الفرصة بذلك ، وهي سياسة يائسة كليا .
تاسعا : إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية بإشراف فلسطيني ، وترسيخ مفهوم التعددية السياسية بعيدا عن الدكتاتورية والاستبداد والأنانية الحزبية والفصائلية والعشائرية نظريا .
عاشرا : زيادة التواصل الاجتماعي بين أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بصورة شعبية ورسمية وفصائلية ، فالشعب الفلسطيني أصبح شعبا عالميا يعيش في جميع قارات العالم ، بفعل التهجير والطرد القسري .

ب) خطايا اتفاقية أوسلو

هناك العديد من الخطايا وهي السلبيات المهلكة للكيان الفلسطيني الجديد ، وللشعب الفلسطيني بصورة عامة ، في الداخل والخارج ، على النحو التالي :
أولا : الخطيئة الكبرى لاتفاقية أوسلو ، تتمثل في اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني وفق ( دول إسرائيل ) مقابل الاعتراف الصهيوني بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني فقط ، وعدم الاعتراف المتبادل بين دولتين ، وفق سياسة الند للند ، فلو اعترفت الحكومة العبرية ب ( دولة فلسطين ) ولو على الضفة الغربية وقطاع غزة ، لاختلف الأمر كليا ، ولكن الجانب الصهيوني هو الذي فرض شروطه ومعاييره على طاقم المفاوضات الفلسطينية وسط انحياز أمريكي متعجرف وتخاذل عربي وأسلامي لنصرة فلسطين .
ثانيا : الخطيئة الثانية لاتفاقية أوسلو هي استبعاد ملفات مركزية وتأجيلها للحل النهائي بلا سقف زمني ملزم : وهي القدس ، والاستيطان اليهودي ، والمعابر والحدود ، وعودة اللاجئين الفلسطينين لمواطنهم الأصلية ، وأسرى فلسطين في سجون الاحتلال الصهيوني وإدارة الموارد الطبيعية وسواها . فقد عزل الاحتلال مدينة القدس ، عن بقية أجزاء الضفة الغربية ، فهو لم يؤجلها بل ركز عليها ، فصب الحواجز العسكرية لمحاصرتها ، ولم يسمح بدخول الفلسطينيين من بقية المحافظات الفلسطينية اليها وخاصة القادمين من الضفة الغربية وقطاع غزة وحرم مئات آلاف المسلمين من شد الرحال الى المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه إلا بتصاريح صهيونية متعجرفة . هذا بالاضافة إلى السماح لعشرات آلاف اللاجئين الفلسطينين بالعودة للضفة الغربية وقطاع غزة فقط ( لم الشمل ) ولم يسمح بعودتهم الى مواطنهم الاصلية ، وفي المقابل زادت وتيرة الاستيعاب اليهودي للقادمين الجديد من شتى قارات العالم ، وكذلك بقي آلاف الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال لفترة طويلة ، وتزايدت وتيرة الاستيطان اليهودية بالضفة الغربية بعشرات المرات ، وتحكم الاحتلال في إدارة المعابر والمنافذ البرية وحرمت فلسطين من الموانئ البحرية والمطارات والسكك الحديدية ، وحرم الشعب الفلسطيني من موارده الاقتصادية كالماء اللازم للشرب والاستعمال البيتي والزراعي والصناعي .
ثالثا : الخطيئة الثالثة لاتفاقية أوسلو هي الحاق اتفاقية باريس الاقتصادية بها ، فبذلك خضع الاقتصاد الفلسطيني الهش والحق بالاقتصاد اليهودي القوي . وكذلك تحكمت إدارة الاحتلال في منح تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين في المنشآت والمصانع والشركات اليهودية . أضف الى ذلك القبول الفلسطيني ببقاء الشيكل الاسرائيلي باعتباره العملة الرسمية للكيان الفلسطيني الناشئ كسلطة حكم ذاتي .
رابعا : الخطيئة الرابعة هي الحدود المفتوحة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني ، في مناطق الضفة الغربية فقط ، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ، مما شكل معاناة اجتماعية واقتصادية وسياسية واقتصادية متعددة الاوجه والاشكال لأبناء الشعب الفلسطيني لا زالت ماثلة للعيان .
خامسا : الخطيئة الخامسة هي تقسيم المناطق الفلسطينية ( أ ، ب ، ج ، د ) ، وتوزيع الصلاحيات فيها بين السلطة الفلسطينية والإدارة الصهيونية الاحتلالية ؟ فبدت المطاردات الساخنة للشباب الفلسطينيين في عقر ديارهم وانتهاك حرمة البيوت ليلا ونهارا ، ولا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تفعل شيئا حيال ذلك .
سادسا : تبوأ السلطة الفلسطينية مكانة الأم لمنظمة التحرير الفلسطينية وليس العكس ، علما بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الأم التي أنشأت ابنتها السلطة الفلسطينية ، على جزء من ارض الوطن . وبذلك فقد تراجعت مكانة المنظمة تراجعا جذريا على كافة الصعد المحلية والعربية والاسلامية والاقليمية والعالمية ، وهذا القى بظلال كئيبة على مسيرة التحرر والتحرير الوطني . فقد الحقت الفصائل الوطنية ولاحقا الاسلامية بالسلطة الفلسطينية . وهذا الأمر قلل من إمكانية التحرير والاستقلال كون الكيان الفلسطيني الداخلي الجديد في الضفة الغربية أهمل بصورة كبيرة قرابة نصف الشعب الفلسطيني في الخارج والذي يبلغ تعدادة نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني .
سابعا : الخطيئة السابعة لاتفاقية أوسلو هي القبول بفصل فلسطيني عام 1948 عن فلسطيني عام 1967 ، مما ساهم في تكريس الانفصال الكلي بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد .
ثامنا : الخطيئة الثامنة لاتفاقية أوسلو تتمثل في انتشار الفساد والموبقات والكبائر ، فمثلا منعت انتفاضات فلسطين الكبرى إنتاج وتوزيع الخمور وافتتاح الملاهي والكازينو وغيرها .
تاسعا : الخطيئة التاسعة لاتفاقية أوسلو هي السكوت على العملاء والجواسيس ( وحمايتهم ) بل واختراق الكثير منهم للمؤسسات المدنية والأمنية في السلطة الفلسطينية وتمكينهم من الحصول على مراتب عليا وترخيص وكالات تجارية وسياحية وخدمية وصناعية واقتصادية عامة لهم مما ساعد على تحكم الكثير منهم في رقاب الناس .
عاشرا : الخطيئة العاشرة لاتفاقية اوسلو تمثلت في توفير الحماية الامنية للمستوطنين والمستوطنات اليهودية ، وفي المقابل قيام قطعان المستوطنين بالاعتداءات المتكررة على المواطنين الفلسطينيين دون أن تتمكن السلطة الفلسطينية من الدفاع عن اصحاب الأرض الحقيقيين ؟
حادي عشر : الخطيئة الحادية عشرة هي التنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني ، والزج بمئات النشطاء الفلسطينيين من المعارضة الوطنية والاسلامية في السجون الفلسطينية لفترات قد تقصر أو تطول ، والامثلة الحية شاهدة على المعاناة الشخصية والأسرية والحزبية . فقد زج بكوادر قيادية من حركة حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية وعشرات من كوادر شهداء الأقصى في سجون السلطة الفلسطينية كمعتقلين سياسيين معارضين لمسيرة أوسلو أو شاركوا في انتفاضة الأقصى الباسلة . وهذا الأمر ساهم في زيادة الحقد والنقمة على السلطة الفلسطينية بين أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن كون السلطة أجبرت على تنفيذ سياسة الاعتقالات السياسية .
ثاني عشر : الخطيئة الثانية عشرة لاتفاقية أوسلو ، تتمثل في عدة خطايا مباشرة وغير مباشرة ، ظاهرة ومستترة ، الحقت اليأس والقنوط وفقدان الأمل بالمستقبل ، بصفوف شرائح اجتماعية متعددة ، وخاصة الأسرى السابقين ممن أمضوا زهرات حياتهم في سجون الاحتلال الصهيوني فوجدوا الفاسدين والمفدسين السابقين يتبوأون مناصب عليا ، في معظم المؤسسات الفلسطينية ، مما سبب الاحباط لدى الكثير من ابناء الشعب الفلسطيني ونزع الثقة بين السلطة الفلسطينية وابناء الشعب في الوطن المحتل .

كيف جاءت إتفاقية اوسلو الهزيلة ؟

انبثق عن مؤتمر مدريد للسلام في أواخر تشرين الاول 1991 ، وفدا فلسطينيا ، انفصل عن الوفد الفلسطيني - الاردني المشترك ، ودارت مفاوضات ثنائية مباشرة برعاية ثالثة عربية أو أوروبية أو أمريكية ، وفي الوقت ذاته تم تشكيل وفد سري غير الوفد الفلسطيني العلني ، وتم إعداد الطبخة السياسية العويصة بمذاق مر كالعلقم ، وهي اتفاقية أوسلو المشؤومة ، الجزئية المرحلية التي وضع لها الحد الزمني الأدنى بثلاث سنوات ، والحد الأقصى بخمس سنوات ، تمهيدا لمفاوضات الحل النهائي في القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات اليهودية والموارد الطبيعية وسواها . ومرت الثلاث سنوات تلاها السنوات الخمس العجاف ولم يتمكن شعب فلسطين وسلطته الوليدة من التطور التدريجي لدولة فلسطين العتيدة المنتظرة .
وغني عن القول ، إن إتفاقية أوسلو جاءت اثناء الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى الأولى ، فكانت ثمرة سياسية فجة من ثمار الأوراق الخريفية السياسية المتساقطة ، في كل خريف ، دون أن تصعد لمستوى الأماني والآمال الوطنية الفلسطينية المتمثلة بحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ، وتطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ، وإزالة المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية وقطاع غزة ، وترسيم الحدود والتحكم الوطني الفلسطيني بالمعابر مع مصر والأردن ، ( معبر رفح جنوبي قطاع غزة ، ومعبر أريحا بالضفة الغربية شرقي فلسطين ) .

فلسطين بين ايلولين .. ايلول اتفاقية السلام وأيلول انتفاضة الأقصى

على العموم ، لقد استفاد الشعب الفلسطيني جزئيا ومرحليا من هذه الاتفاقية الهشة ، وحاول بعد سبع سنوات عجاف أن يفرض شروطه بانتفاضة الأقصى المجيدة في 28 أيلول 2000 وما بعد ذلك ، فوقعت فلسطين بين أيلول الخير وأيلول الويل ، فكان الايلول الاول في اتفاقية اوسلو ، والايلول الثاني الساخن بالانتفاضة الكبرى الثانية ، التي ساهمت في رحيل مئات آلاف اليهود من فلسطين الكبرى المحتلة ، حيث خرج قرابة 750 ألف يهودي خلال السنوات الثلاث الاولى من انتفاضة الاقصى ، اي ما يعادل 17 % من عدد السكان الاجمالي لليهود ، لخارج الكيان الصهيوني بفلسطين الكبرى ، ولكن بسبب التخاذل والضياع العربي والاسلامي والتيه الفلسطيني في ثنايا الخلافات السياسية والتواكل والثقة بالادارة الامريكية المتلونة كالحرباء ، وطرح خطة خريطة الطريق المسمومة ، ذهبت عملية استثمار سياسة توازن الرعب هباء منثورا ، فضاعت فرصة ثمينة للشعب الفلسطيني .

طرد وترحيل المستوطنين اليهود من قطاع غزة عام 2005

كان من نتائج وثمار الانتفاضة الفلسطينية الثانية ( إنتفاضة الأقصى ) إضطرار الحكومة الصهيونية لسحب قرابة 7 آلاف مستوطن يهودي ، من 19 مستوطنة في قطاع غزة من طرف واحد في أيلول 2005 .
وبذلك ، فإن المفاوضات الفلسطينية الصهيونية وفق ما يسمى خطة خريطة الطريق التي طرحت نهاية كانون الاول  2002 ، وسلمت للجانبين الفلسطيني والصهيوني بنهاية نيسان 2003 ، لم تجد نفعا في تحرير أي جزء حقيقي من فلسطين المحتلة في حزيران 1967 .
على العموم ، لقد أصبحت اتفاقية أوسلو نسيا منسيا ، ومن الأفضل للجانب الفلسطيني الاعلان الرسمي عن وفاتها ، وعدم التقيد بها ، فالاحتلال الصهيوني قد زاد من وتيرة ملاحقته للمواطنين الفلسطينيين ، في الضفة الغربية المحتلة ، والحصار الظالم يتزايد يوما بعد يوم على قطاع غزة ليزيد معاناة ابناء الشعب الفلسطيني الحياتية المعيشية لنحو 4.4 مليون فلسطيني بالضفة والقطاع .

ما البديل عن إتفاقية أوسلو ؟  الاستقلال أم الاضمحلال ؟؟!

يقول الله الحي القيوم عز وجل : {  وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}( القرآن المجيد - الأنفال ) .

لم تعد إتفاقية أوسلو ، فعليا سارية المفعول ، لا للمصلحة الصهيونية العليا ، في التسويق والمماطلة والاهمال والتجاهل والاستهزاء بالشعب الفلسطيني ، فلا وجود للتقسيم الرباعي الاداري للضفة الغربية ( أ ، ب ، ج ، د ) فالاقتحامات العسكرية والمطاردات الأمنية الساخنة للشباب الفلسطيني لا زالت ماثلة للعيان في الليالي الحالكة السواد في البلاد ، بغض النظر عن هذه المنطقة أو تلك ، والتهديدات بتوقيف إرسال أموال الضرائب الناتجة عن الاستيراد والتصدير ونقل هذه الأموال للسلطة الفلسطينية لدفع رواتب الموظفين في القطاع العام للمدنيين والعسكريين ، لا زالت تنفذ بين الحين والآخر ، لابتزاز السلطة الفلسطينية ومعاقبتها حسب المزاج الصهيوني المتعجرف ، وممارسة الضغوط والاملاءات السياسية والأمنية على الجانب الفلسطيني .
ولم تضع السلطة الفلسطينية بديلا سياسيا أو شعبيا فعليا ، عن المفاوضات مع الجانب الصهيوني ، كما كان في الانتفاضة الكبرى الثانية ، وذلك رغم تحصيل قرار من الجمعية العامة للامم المتحدة في 29 تشرين الثاني عام 2012 م ، يقضي بالاعتراف بحق قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف .

والبديل القوي لاتفاقية أوسلو هو ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بإدخال الفصائل الاسلامية لها ، كحركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرها ، وتفعيل وثيقة الاستقلال الوطني التي أعلنت في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988 ، وإعلان دولة فلسطين من جانب واحد ، استنادا لقرار تقسيم فلسطين رقم 181 في 29 / 11 / 1947 ، ولقرار الجمعية العامة للامم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين كمراقب في 29 / 11 / 2012 م ، وتقديم طلبات الالتحاق بوكالات الأمم المتحدة كما هي الخطة البديلة المقترحة للانضمام لـ 63 وكالة ومنظمة دولية متخصصة كاليونسكو وغيرها ويقوي هذه التوجهات تبني الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الصهيوني لترحيل المستوطنين اليهود لمواطنهم الاصلية في مختلف قارات العالم .
ومن نافلة القول ، إن استمرار الانقسام والتقوقع واللامبالاة الفلسطينية حيال تصاعد وتيرة نشاطات الاحتلال الصهيوني بشتى الصور والاشكال ، والسكون والتمحور حول الادانة والاستنكار والشجب الاعلامي الغث للسياسة الرباعية الاستراتيجية لدى الجانب الآخر المتمثلة في التهويد والصهينة والأسرلة والعبرنة ، سيسحب البساط من تحت اقدام منظمة التحرير الفلسطينية أولا والسلطة الفلسطينية ثانيا والفصائل الوطنية والاسلامية ثالثا ، وبالتالي العودة للمربع رقم واحد في المقاومة الفلسطينية .
فليسير الجميع ، منظمة وسلطة وفصائل وحركات وأحزاب نحو المستقبل الواعي الواعد بروح الفريق الواحد ، بالتخطيط الاستراتيجي الجماعي الذي يعتصم بحبل الله المتين ، وعدم التنازع والخصام وتوزيع الأدوار بلا استثناء أو إقصاء لأي كان .

دور المفاوضات الثنائية برعاية امريكية .. وغياب توازن الرعب

بعد انقطاع ثلاث سنوات ، ما بين 2010 - 2013 ، استؤنفت المفاوضات الفلسطينية - الصهيونية في 29 تموز الفائت ، بضغوط وإملاءات وابتزازات وضغوط سياسية واقتصادية ، وفق سياستي الترغيب والترهيب ، برعاية أمريكية ( وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وتعيين الموفد الامريكي للسلاك مارتن انديك ) ويتكون الوفد الفلسطيني المفاوض من د. صائب عريقات ، ود . محمد اشتية ، وهما عضوان في اللجنة المركزية لحركة فتح ، بينما يتالف الوفد الصهيوني من تسيفي ليفني وزيرة القضاء الصهيونية ورئيسة حزب الحركة ، والمستشار السياسي لبنيامين نتنياهو اسحق مولخو .
ولا بد من القول ، إن هناك انتقادات داخلية فلسطينية متواصلة ، لاستئناف المفاوضات كخطوة سياسية عديمة الجدوى ، في ظل التراجع الرسمي الصهيوني عن ما تم الاتفاق عليه مع الوفد الصهيوني المفاوض زمن ترؤس ايهود أولمرت رئاسة الحكومة العبرية ما قبل عام 2009 واشتراك تسيفي ليفني نفسها في تلك المفاوضات .
ومن الملفت للنظر ، أن المفاوضات الثنائية الحالية ، التي عقد منها 6 جولات ، نظمت أولاها في واشنطن ، وعقدت معظمها في القدس المحتلة ، وتم الاتفاق على سقف أعلى يمتد لـ 9 شهور ، للتوصل الى حل نهائي افتراضي ( غير ملزم ) حول شتى القضايا التي كانت مؤجلة في اتفاقية أوسلو قبل 20 عاما ، لم تفلح لغاية كتابة هذه السطور في الاتفاق على أجندة أعمال المفاوضات .. فاي مفاوضات عبثية هذه ؟ وأي اتفاق مرحلي أو جزئي سيتم الاتفاق عليه ؟
فالسواد الأعظم من الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل يرفض هذا الابتذال التفاوضي ، والحركات والفصائل الوطنية والاسلامية ترفض الاستمرار في هذه المفاوضات غير المجدية . فحركة حماس مثلا ترفض هذه المفاوضات جملة وتفصيلا ، قلبا وقالبا ، وكذلك حركة الجهاد الإسلامي ، ونسبة كبيرة من حركة فتح ، قاعدة ولجنة مركزية ومجلس ثوري ومؤتمر عام ؟؟؟ واليسار الفلسطيني يرفض ايضا هذه المفاوضات الشكلية الزائفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني .
ويمكننا القول ، إن هذه الاساطير من مسلسلات الحياة مفاوضات في ظل فقدان أو غياب توازن الرعب بين الجانبين المتفاوضين ، كمتوالية حسابية بل متوالية هندسية في الملهاة العامة منذ ما يزيد من عقدين من الزمن ، ساهمت في تعزيز الوجود الاستيطاني الصهيوني في فلسطين ، وزادت من التبعية الاقتصادية الفلسطينية للاقتصاد الصهيوني ، وأحبطت النفسية الفلسطينية العامة ، وجعلت المواطنين الفلسطينيين يقرفون السياسة الاستراتيجية لدى الجانب الآخر المتمثلة في : التهويد والصهينة والأسرلة والعبرنة . ولا يلقون بالا للطاقم الفلسطيني المفاوض الذي يمارس مضطرا سياسة التلقي دون التأثير الفعلي على ارض الواقع .
خريطة  فلسطين Map of Palestine

لماذا هذه الدورة من المفاوضات الثنائية عقيمة عديمة الجدوى ؟

هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تجعل دورة المفاوضات الثنائية الفلسطينية - الصهيونية برعاية أمريكية عبثية وعقيمة لا جدوى منها ، لعل من أهمها :
أولا : تضارب الأهداف بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني :
فالجانب الفلسطيني يهدف من هذه المفاوضات - رغم قناعته بعدم جدواها - لتحاشي الضغوط الامريكية والاوروبية والصهيونية والعربية في حال توقف المفاوضات والظهور بمظهر شريك المفاوضات رغم التعنت الصهيوني ، والاظهار للعالم أن الجانب الصهيوني هو من يفشل المفاوضات ويريد فرض الاستسلام على الفلسطينيين الذين يرفضون هذا الامر جملة وتفصيلا .
وبغياب الانتفاضة الشعبية الفلسطينية العارمة ، وتواصل الانقسام بين جناحي الوطن ، وغياب تقاسم أو توزيع الادوار بين الحركات والفصائل الفلسطينية ، بجناحيها الاسلامي والوطني ، وتبعثر الوحدة الوطنية الفلسطينية ، فإن إدارة ملف المفاوضات سيبقى وفق سياسة ( الغالب والمغلوب ) لصالح الجانب الصهيوني الظالم المعتدي . وبمعنى أدق فقدان سياسة توازن الرعب بين الجانبين المتفاوضين . فمن يريد تحقيق المطالب الحيوية يجب أن يكون لديه القوة الكافية للحسم وفرض الأمر الواقع على الظالمين وليس عبر سياسة الاستجداء التي لا تغني عن الحق شيئا .
وفي المقابل يهدف الجانب الصهيوني من عقد هذه الدورة من المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، لمواصلة التنسيق الأمني لحماية المستوطنين اليهود والمستوطنات في فلسطين الكبرى ، وفك العزلة السياسية والاقتصادية الاوروبية والدولية عن الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) ، وكسب الوقت للهيمنة على مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية للبناء الاستيطاني اليهودي ، والسعي للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك في ظل مفاوضات هلامية شكلية لا طائل من ورائها ، وكذلك تمكين الادارة الأمريكية من التفرغ للملفات السياسية العربية والاسلامية ( مصر وسوريا وإيران ) والعمل على إيجاد الشرق الأوسط الجديد ، وتأمين الأمن القومي اليهودي ، وإيهام الجمهور اليهودي بوجود مفاوضات مع الفلسطينيين للابقاء عليهم في المستوطنات والحيلولة دون هروب نسبة كبيرة منهم عبر الخروج بصورة معاكسة للسياسة المتمثلة بالتفريغ والملء ، وكذلك الظهور أمام العالم بأن المفاوضات جارية مع الجانب الفلسطيني .
ومن الجهة الثالثة ، فإن الادارة الأمريكية تهدف من خلال عقد هذه المفاوضات الثنائية الفلسطينية الصهيونية برعايتها ، للابقاء على الملف الفلسطيني بيديها ساكنا غير متوتر ، وإبعاد اللجنة الرباعية الدولية عنها ( الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ) ، وتهدئة الوضع الفلسطيني ، والاستفراد في معالجة الملفات العربية والاسلامية الساخنة وخاصة تدبير وتأييد الانقلاب العسكري ضد الشرعية المصرية ، والابقاء على تسخين الجبهة الداخلية السورية ، والتلاعب بأوراق الثورة السورية ضد النظام البعثي الحاكم .
ثانيا : عدم الثقة بالراعي الأمريكي :
فالسواد الاعظم من الشعب الفلسطيني يمقت الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية ، طالما هناك تحيز امريكي واضح وتبني للطرح الصهيوني ، فالراعي الامريكي غير نزيه ، يكيل بمكيالين إقليميا وقاريا وعالميا لصالح حلفائه الذين يرتبط بهم بعلاقات مصالح ومنافع متبادلة .
ثالثا : غياب سياسة المصالح المتبادلة بين شعوب الأمة العربية ، في آسيا العربية وأفريقيا العربية مع الولايات المتحدة :
فلو أن الادارة الأمريكية لمست التركيز على المنافع والمصالح الحيوية الجديدة المتجددة في تهديد مصالحها الاستراتيجية لوقفت موقفا غير داعم بشكل قوي للادارة الصهيونية في تل أبيب .
رابعا : غياب التأثير العربي والاسلامي والاقليمي العالمي على الكيان الصهيوني ، في ظل استفراد الامبراطورية الامريكية في إدارة شؤون العالم باتجاه مصالحها وحلفائها .
خامسا : الاستفراد الامريكي والصهيوني بالملف الفلسطيني ، وتوجيه البوصلة باتجاه المصالح الامريكية - اليهودية المشتركة في فلسطين وخارجها .
وبناء عليه ، فإن هذه المفاوضات الثنائية الفلسطينية - الصهيونية ، ستبقى تراوح مكانها ، فهي عديمة الجدوى ، ولا يريد الشعب الفلسطيني استنساخ اتفاقية أوسلو جديدة ، لتزيد الالآم المزمنة الموجعة جرائها ، واقصى ما يمكن تقديمه للجانب الفلسطيني هو تجديد الحكم الذاتي الهزيل باسم جديد يتمثل في دولة فلسطينية مؤقتة بدلا من ( السلطة الفلسطينية ) بحيث تكون هذه الدولة المؤقتة كما هو حال السلطة الفلسطينية الحالية ، لا حول لها ولا قوة ، بلا سيادة أو صلاحيات فعليه على الأرض ، في ظل مواصلة السرطان الاستيطاني اليهودي ، والمطاردة الساخنة للمقاومة الشعبية الفلسطينية ومصادرة شاسعة للاراضي الفلسطينية ، وتدنيس المسجد الاقصى المبارك وتقسيمه زمانيا بانتظار تنفيذ الخطة اليهودية للتقسيم المكاني والإدعاء ب ( ساحات الهيكل اليهودي ) المزعوم .

الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثالثة .. والحل المؤقت الجديد

يقول الله الحميد المجيد جل شأنه : {  إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) }( القرآن المجيد - الأنفال ) .
عدديا ، يقطن في فلسطين الكبرى ، 12 مليون شخص ، نصفهم من أبناء الشعب الفلسطيني الأصيل في الأرض المقدسة ، يعيشون في الجليل والمثلث والنقب والساحل ، والضفة الغربية وقطاع غزة ، ولا يسيطرون على الأرض الا بنسبة ضئيلة جدا . والنصف الآخر الدخيل من القادمين الجدد لفلسطين الأرض المباركة ، الذي يمارس التمييز العنصري والسادية والقوة المفرطة في عدوان عسكري وأمني واقتصادي متواصل منذ 65 عاما ، على اهل البلاد الأصليين . ويتصرف الجانب الصهيوني وفق سياسة ( الغالب والمغلوب ) ونسي أو تناسى أن إرادة الشعوب عبر التاريخ البشري لا تقهر ، ولن يكون ابناء الشعب الفلسطيني هنودا حمرا يمكن حذفهم أو القضاء عليهم بالقوة كما حدث مع الهنود الحمر في أمريكا .
لاحظنا سابقا ، أنه في الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى ( 1987 - 1994 ) تم الاتفاق على اتفاقية أوسلو المؤقتة المرحلية ، وفي الانتفاضة الفلسطينية الثانية ( 2000 - 2006 ) ، تم ترحيل المستوطنين اليهود من قطاع غزة ، مع مواصلة الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي والاعلامي لنحو 1.8 مليون هم عدد سكان قطاع غزة من الفلسطينيين الآن وحشرهم في سجن كبير مفتوح ، ومغلق من جميع الجهات الأربع .
وبرأينا ، فإنه لا يمكن حلحلة الوضع الفلسطيني الراهن بلا انتفاضة شعبية ثالثة ، وفقا للشواهد التاريخية لتحرر الشعوب ، وذلك لتحصيل السيطرة الفلسطينية على اجزاء جديدة من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وبلا هذه الانتفاضة الثالثة ، ستبقى الأمور تراوح مكانها بلا حل فعلي على أرض الواقع . ويمكن الجزم أيضا بأنه لا يمكن أن يقدم الجانب الصهيوني أي تنازل عن احتلاله للضفة الغربية المحتلة ، بلا تضحيات فلسطينية ، في ظل التعنت والصلف الصهيوني والتفوق العسكري ، والتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة .
وفي حال حصول الانتفاضة الشعبية الثالثة ، الآتية لا ريب فيها ، واستحالة اتفاق الجانبين الفلسطيني والصهيوني على حل مرض للشعب الفلسطيني ، فإن قوات الاحتلال الصهيوني ستنسحب من جانب واحد تحت وقع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثالثة ، كما انسحبت من قطاع غزة قسرا لا طوعا . ولكن هذا الانسحاب طبعا لن يكون محققا للتطلعات والأماني الفلسطينية وفق الثوابت الوطنية الحيوية .
وهذا الطرح السياسي - الانسحاب من طرف واحد - كان موجودا في أدراج الحكومات العبرية المتعاقبة ، من حكومة ايهود باراك الى ارئيل شارون الى ايهود أولمرت إلى بنيامين نتنياهو ( الثالثة ) الحالية .
وهذا يعني ، كما اثبتت تجارب الشعوب التي كافحت من أجل الحرية والاستقلال الوطني ، أنه لا يمكن أن يحصل أي شعب على حريته وتقرير مصيره بلا حرب أو ثورة شعبية أو انتفاضة جماهيرية ، مهما بلغت الضغوط الاقليمية والدولية ، فالحق يؤخذ ولا يعطى وليس منة من أحد . ومسيرة كافة شعوب العالم ، بينت أن عملية التحرر والتحرير ، مسيرة شاقة ومتعبة ، يقدم فيها الشعب المظلوم قوافل من الشهداء والجرحى والأسرى ، ولم يحصل اي شعب من شعوب العالم في أي قارة من قارات الكرة الأرضية ، على حريته واستقلاله ودولته على طبق من فضة أو ذهب بأي حال من الأحوال بل إن مسيرة الشعوب في التحرر ونيل الحرية والانعتاق كانت مثخنة بالدم والدموع والعرق .
ومن المعروف أن الحكومة العبرية ( الإسرائيلية ) الحالية بزعامة بنيامين نتنياهو للائتلاف الديني - العلماني المتطرف الحاكم ، هي حكومة استيطانية متطرفة ، ولا يمكن أن تسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة حقيقية قابلة للحياة ولا تؤمن أصلا بحل الدولتين ، بل ثبت بالوجه القاطع أن نتنياهو عبر رئاسته للحكومة العبرية للمرة الثالثة ( 1996 ، 2009 ، 2013 ) لا يريد تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره . وكل ما في جعبته هو المناداة بتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين بشروط أمنية تعجيزية فيما يسمى بخطة ( السلام الاقتصادي ) ويعتبر أن الضفة الغربية هي ما يسمى ( يهودا والسامرة ) كجزء من دولة الاحتلال .
خريطة  فلسطين Map of Palestine

كلمة أخيرة .. الابتعاد عن ملهاة السلام المفقود

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}( القرآن المجيد - آل عمران ) .
وورد بمسند أحمد - (ج 45 / ص 281) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالَ : بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " .

أخيرا يمكننا القول ، عبر استقراء تاريخ الحكومات الصهيونية التي ترأسها بنيامين نتنياهو ، إنه لا يمكن صنع السلام المزيف على الطريقة الصهيونية بأسماء ومسميات جديدة ولو استمر ردحا طويلا من الزمن فهذا السلام الصهيوني يمثل السعي الصهيوني للحصول على الاستسلام الفلسطيني في ظل طروحات السراب السلامية المقيتة .
فالشعب الفلسطيني يريد تطبيق حق تقرير المصير ، ونيل الحرية وتحصيل الاستقلال الوطني عبر تشكيل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين لمواطنهم الأصلية ، وإزالة جميع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ، والسيطرة على المنافذ والمعابر البرية والبحرية والجوية وما عدا ذلك فهو سراب في سراب لن يروي الظمأ الفلسطيني للحرية والاستقلال .
وعلى النقيض من ذلك ، تطرح الحكومة العبرية كحد أقصى الحل المؤقت ( دولة فلسطينية مؤقتة متناثرة الجغرافيا ) تنتشر في جبالها محطات الانذار المبكر الالكترونية ، وضم ثلاث مناطق استيطانية كبيرة في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية المحتلة والهيمنة الكاملة على المدينة المقدسة بشطريها الغربي والشرقي ، وإدارة الحدود مع مصر والاردن ، والسماح للفلسطينيين بالتمتع فقط بما يسمى ( السلام الاقتصادي ) وفقا للخطة الجهنمية الاحتلالية .
وهكذا يتبين لنا ، ان مسيرة المفاوضات حسب وجهة النظر الصهيونية ، هي عبارة عن ملهاة أمنية وسياسية واقتصادية وإعلامية ، والتقاط صور تفاوضية للعلاقات العامة مع الغرب ، ضمن الحرب النفسية الدائرة ضد الشعب الفلسطيني مع اصرار الصهيونية والماسونية والامبريالية العالمية على الاستسلام الفلسطيني والعربي والاسلامي ، والتسليم بحق الكيان الصهيوني بالحياة والوجود بأمن وأمان في آسيا العربية وحرمان الشعب الأصيل في الأرض المقدسة من العيش بعزة وكرامة وإباء في أرض الاباء والأجداد .
وفي تهاية المطاف فإن النصر سيكون حليف السكان الأصليين ، من ابناء الشعب الفلسطيني ، خاصة من أبناء الطائفة الاسلامية المنصورة ، في الأرض المقدسة رغما عن خطط ومهاترات الصهيونية العالمية ومن يدور في فلكها ويدعمها سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا واعلاميا .

وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد – نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

تحريرا في يوم الخميس 6 ذو القعدة 1434 هـ / 12 أيلول 2013 م

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جوال فلسطين : 0598900198
بريد الكتروني : k_alawneh@yahoo.com
خريطة  فلسطين Map of Palestine

الأحد، 8 سبتمبر 2013

الديموقراطية الامبريالية بعد الحرب العالمية الثانية

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والاعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة
د. كمال إبراهيم علاونه - رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}( القرآن المجيد - آل عمران ) .

مجلس الأمن الدولي يتكون من 5 أعضاء من دائمي العضوية + 10 أعضاء من منغيري العضوية .وفي حال التصويت على قرار في مجلس الامن الدولي ورفض عضو دائم العضوية مثل ( الولايات المتحدة أو الاتحاد الروسي أو بريطانيا أو فرنسا أو الصين الشعبية ) هذا القرار فيرمى هذا القرار في سلة المهملات ولن تسمع له همسا .. بمعنى عضو دائم واحد يلغي الديموقراطية الاستعمارية الجديدة .. بمعنى أدق 1 = 14 في المعادلة الاممية الحالية .. هذه هي الديموقراطية الغربية ؟؟؟! فيحوز هذا الرقم الواحد ( الجوكر ) بلغة لاعبي الشدة الميامين على بقية الاوراق ويمسحها مسحا مسحا ؟؟
أهلا ديموقراطية .. أهلا ديموقراطية .. سلاما ديموقراطية .. الى الجحيم ايتها الديموقراطية ..

الديموقراطية العربية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كل انتخابات أو تعيينات لمدة 7 أو عشر سنوات أو عشرين سنة أو 24 سنة ( صدام حسين ) أو 29 سنة ( حسني مبارك ) أو 42 سنة ( معمر القذافي ) وأنتم بالف خير بعيدا عن الانقلابات والانقسامات .. هؤلاء هم عوانس الحكم والسلطة الفاسدة ، مع اعتذارنا الطيب المسبق لاستخدام كلمة عانس ..
الانتخابات المصرية السابقة في العهد البائد الفاسد زمن حسني مبارك .. نتائج الانتخابات 99.99 % ، والمشاركة الشعبية ما بين 7 %- 10 % .. لأن نتائج الانتخابات الرئاسية معروفة سلفا .. تزييف وتزوير ، والويل كل الويل لمن يعارض كلام السيد الرئيس حسني مبارك غير المبارك ..
الانتخابات المصرية الحالية لعام 2012 لولاية 4 سنوات .. وحصول الرئيس الشرعي د. محمد مرسي على نسبة 52 % لولاية دستورية لمدة 4 سنوات ، يلغيه الانقلاب العسكري بعد سنة واحدة ..
نتائج الاستفتاء الشعبي العام قبل الاحتلال الامريكي للعراق بايام قليلة ، حصول الرئيس صدام حسين على نسبة 100 % من أصوات المقترعين حسب مفاجأة محمد سعيد الصحاف .. ثم مزق الاستفتاء بهدير الدبابات الامريكية والبريطانية ( الديموقراطية ) الامبريالية الجديدة ...
بعد وفاة الرئيس السوري المقبور حافظ الاسد تولى ابنه بشار الاسد الرئاسة السورية باجتماع مجلس الشعب السوري وتغيير الدستور خلال ساعتين فقط وسط تصفيق برلماني حار كالفلفل .. فيما يتعلق بسن مرشح الرئاسة ومذهب الرئيس ( السني أو العلوي أو غيره ) .. وتم تنصيب الفريق الاول بشار ليكون القائد الاعلى للجيش ورئيسا للجمهورية .. ما أحلى وأزكى هذه الديموقراطية .. والرئيس القائد حتى نهاية الحياة الدنيا أو الموت لهذا القائد الهمام ؟؟
والانتخابات الجزائرية ما الانتخابات البرلمانية الجزائرية ، وما أدراك ما الانتخابات الجزائرية ؟ وذلك حين تفوز المعارضة السلفية الاسلامية كما هو حال جبهة الانقاذ الاسلامية ، كما كانت عام 1992 ، فقد الغيت الانتخابات ودخلت البلاد في حرب مستعرة ذهب ضحيتها اكثر من مائة الف قتيل .. فالانتخابات حسب المؤسسة الرسمية يجب أن تكون مفصلة تفصيلا على المقاس الشكلي الرسمي بلا نتواءات داخلية أو خارجية ؟؟!!
والديموقراطية الانتخابية في الدول العربية .. توريث في الجمهوريات الملكية ؟؟.. وحدث ولا حرج عن الاقطاعيات والسلطانات والامارات والممالك الوراثية .. ما أحلى التوريث !!.

ما أحلى الديموقراطية الامريكية والبريطانية والعربية ( المصرية والسورية والعراقية ) .. ديموقراطية سكر زيادة ؟؟!
والانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية .. انتخابات شفافة ونزيهة ، فأما نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية ، فالمجلس التشريعي مجمد وليس له صلاحيات قانونية أو دستورية أو إدارية أو .. أو .. إلخ .
أيها العرب من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي .. ارتاحوا ولا تتعبوا انفسكم في الدعاية الانتخابية ، فالمرشح الفائز معروف سلفا .. لأنه المرشح الوحيد الاوحد صاحب الحق الانتخابي ، وفضله يغمر الجميع .. وحفلة تصفيق كبرى مجلجلة ، للمنافقين والفاسدين ، كون الانتخابات الشكلية الهزلية هي الخافضة الرافعة .. والمرشح الفائز الحقيقي ( الذي كان في المعارضة ) إن وجد فمصيره إلى السجن والزنازين المغلقة بلا زيارات عائلية .. وصوما مباركا في صورة اضراب مفتوح عن الطعام ...
كل انتخابات ديموقراطية وأنتم بالف خير وخير .. في الوطن العربي من أقصاه إلى اقصاه ..
وأحلى ديموقراطية أمريكية داعمة للانقلابات العسكرية ( الحمراء والبيضاء والسوداء ) ..
وشبات شالوم للانتخابات اليهودية في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ..
طوبى للصابرين على البأساء والضراء في الوطن العربي الكبير .. وبئست الانتخابات العربية ، وبئست الديموقراطية الغربية المستندة لليونانيين القدماء ( الاغريق ) الذين أغرقوا العالم بمياه بحر الظلمات سابقا ( البحر الابيض المتوسط حاليا ) .

لا نريد انتخابات برلمانية أو حزبية أو تنظيمية .. في جميع الدول العربية ومن ضمنها فلسطين ، فنحن لسنا بحاجة للديموقراطية الغربية الأمريكية والاوروبية والعربية والفلسطينية .. فالقبائل والعشائرية هي عين الحزبية السوية ..
طوبى للشورى الإسلامية .. في كل زمان ومكان .. وما دخلت حركات وأحزاب إسلامية في الانتخابات العامة وخاصة البرلمانية والمحلية إلا وكانت فائزة ، لأنها الأكثر تنظيما وعقلانية وبعدا عن الكراسي والشللية .. ولكن ما بعدها ستكون الانانية المفرطة فلا تستوي الامور بين الراعي والرعية .. فاقعدوا في ذي القعدة مع القاعدين عن الانتخابات المزورة الهزلية في ارجاء الكرة الارضية .

يوم السبت 1 ذو القعدة 1434 هـ / 7 أيلول 2013 م

الخميس، 5 سبتمبر 2013

رسالة مفتوحة إلى الأخت المسلمة المصرية الكريمة التي عقدت قرانها في منصة رابعة العدوية واستشهد خطيبها بالمجزرة الكبرى في 14 / 8 / 2013 م من د. كمال إبراهيم علاونه

 الأخت المسلمة المصرية الكريمة التي عقدت قرانها في منصة رابعة العدوية واستشهد خطيبها بالمجزرة الكبرى في 14 / 8 / 2013 م
رسالة مفتوحة
إلى الأخت المسلمة المصرية الكريمة
التي عقدت قرانها في منصة رابعة العدوية
واستشهد خطيبها بالمجزرة الكبرى في 14 / 8 / 2013 م

من د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع : وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ :
- { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)}( القرآن المجيد - النساء ) .
- { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)}( القرآن المجيد - الزمر ) .
- { وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}( القرآن المجيد - الحديد ) .
هذه الصورة تجعل الإنسان يزداد إيمانا بالحق ، ومناصرته ومقاومة الباطل بشتى الصور والأشكال .
صبرك الله يا ايتها الفتاة المسلمة المصرية المكلومة المحتسبة التي لم تفرح الا لبرهة من الوقت امتدت ليومين فقط ، ، والعقاب الشديد للظالمين من الكفرة الفجرة .. والآخرة خير وابقى .. إنما الصبر عند الصدمة الأولى ..
لا تبكي يا أختاه فالنصر قادم إن شاء الله تبارك وتعالى .. اصبري واحتسبي ..

ايتها الأخت المسلمة الصابرة .. إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى .. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد - آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 5 / ص 29) مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ :" إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى " .
أختاه ما أباك أبكانا ، وما أهمك أهمنا ، ولكن هذه حكمة الله في انتقاء الشهداء والصابرين من بعدهم .
فطوبى للصابرين المحتسبين مثلك .. وطوبى للشهداء ، واسكن الله الشهداء في الفردوس الأعلى ، فهم في أعلى عليين .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .