الخميس، 9 مايو 2013

الغاز الطبيعي في الكيان الصهيوني .. بين الانتعاش الاقتصادي والتمدد البحري ( د. كمال إبراهيم علاونه )


خريطة حقول الغاز الصهيوني في البحر الابيض المتوسط
الغاز الطبيعي في الكيان الصهيوني .. بين الانتعاش الاقتصادي والتمدد البحري

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) {( القرآن المجيد - المائدة ) .

إستهلال

بدأت الأجهزة الفنية في الكيان الصهيوني بمصادقة سياسية ، في ، يوم الاحد 31 آذار 2013 ، بعملية استخراج وضخ مبدئية لموارد الغاز الطبيعي من الموقع البحري المسمى ( تامار ) على بعد 90 كم قبالة مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة ، على ساحل البحر الابيض المتوسط إلى المستهلكين في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة "اسرائيل" وفي طليعتهم شركة الكهرباء القطرية الصهيونية .
وذكرت الإذاعة العبرية الصهيونية  انه تم الشروع بعملية ضخ الغاز من موقع (تامار) البحري كانطلاقة جديدة للاقتصاد العبري باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة في البلاد .
وأكدت مصادر عبرية مطلعة ، أن الخزينة الصهيونية في الكيان اليهودي "اسرائيل" يمكنها الاستفادة خلال بضعة أعوام بمبالغ مالية طائلة بنسبة  12% من مجموع عائدات الشركات الخاصة التي اكتشفت حقل الغاز الطبيعي المذكور والمقدرة بقيمة  76 مليار دولار امريكي .
ويحتوي حقل الغاز حسب التقييمات المتوفرة على اكثر من 283 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ويمكن أن يوفر استخراج الغاز الطبيعي من حقل "تامار" قبالة السواحل الفلسطينية الغربية الوقود اللازم بصورة تامة ، إلى محطة توليد الكهرباء للاستهلاك الداخلي القطري ، والمصانع الانتاجية الكبرى ليساهم ذلك في توفير مليار شيكل شهريا ، مما يوفر العملة الصعبة للاقتصاد الصهيوني  .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، سيوفر تدفق الغاز الطبيعي المستخرج من حقل " تامار" والحقول الأخرى الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ، بيئة صالحة بعيدة عن التلوث البيئي الناجم عن محطات الكهرباء والمصانع الكبرى ، وكذلك العمل على تقليل أسعار الطاقة الكهربائية بعد استخدام الغاز الطبيعي المفلتر ليتناسب مع أجهزة محروقات وسائل المواصلات كالحافلات والشاحنات مستقبلا كبديل على المازوت او السولار .
هذا بالاضافة الى ان التحول لاستعمال الغاز سيؤدي  إلى الاستغناء عن مخازن الكيماويات المتمثلة في الامونيا الضخمة التي تهدد حياة سكان مدينة حيفا وضواحيها .

ما سبب تسمية حقل ( تامار ) للغاز الطبيعي ؟

تم العمل على استخراج الغاز الطبيعي تحت الهيمنة الصهيونية بتعاون تقني ومالي أمريكي - صهيوني مشترك ، من حقل البحر الابيض المتوسط المقابل لمدينة حيفا شمالي فلسطين المحتلة ، باطلاق اسمه ( تامار - تمار ) نسبة لاسم حفيدة العالم الجيولوجي اليهودي ( الإسرائيلي ) يوسي لينغوتسكي، وهو مكتشف موقع الحقل الحالي .
وبهذا فإن شركات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شرقي البحر الابيض المتوسط تسارع لاطلاق تسميات عبرية على منابع أو حقول النفط المكتشفة باسماء المستغلين المستثمرين أو المكتشفين الجدد ، في إشارة الى تملكها من الكيان الصهيوني ، والحق المزعوم في استخراجها ، رغم معارضة الكثير من شركاء المياه الاقليمية في المنطقة .
وهذه التسميات العبرية الجديدة ، هي تزوير وتزييف لحقائق تسميات التاريخ والجغرافيا والماء والبحار ، بدعم أمريكي وغربي ، لاقتطاع أجزاء برية ومائية ، قديمة وجديدة ، من حوض البحر الابيض المتوسط والحاقها جغرافيا وسياسيا واقتصاديا بالمشروع الصهيوني في فلسطين .

أهمية الغاز الطبيعي المكتشف

أكدت الحكومة العبرية في الكيان الصهيوني ، ان الاكتشاف التجاري للغاز الطبيعي ، سيمكن السكان اليهود من تعزيز الاوضاع الاقتصادية العامة في البلاد . فقد وصف رئيس الحكومة العبرية في تل ابيب بنيامين نتنياهو هذا الحدث باستعمال الغاز الطبيعي بالاعتماد على الذات ، بأنه : " يوم عظيم ذي مغزى للاقتصاد الاسرائيلي .. ان بدء ضخ الغاز الطبيعي سيعود بالفائدة على الاقتصاد وعلى كافة السكان ( الاسرائيليين )" .
ووصفت تقارير صحفية اقتصادية عبرية هذا الاكتشاف الاقتصادي للغاز الطبيعي بأنه "وصول اللحظة المنتظرة" للاقتصاد الإسرائيلي ولقطاع الطاقة المحلي، وذلك بعد أربع سنوات من الحفر وتمديد الأنابيب من الحقل الذي يبعد عن سواحل حيفا نحو 90 كيلومتراً، وهو ما يتوقع أن يسهم في اكتفاء قطاع الطاقة من الغاز بحلول عام 2035.
على العموم ، سيعمل حقل الغاز الطبيعي الكبير نسبيا مع الحقول الصغيرة الأخرى ، على توفير المادة الخام اللازمة من الوقود الحيوي  لتوليد الطاقة الكهربائية في مختلف محطات إنتاج الكهرباء العامة والخاصة، وهو ما سينعكس على أسعار توصيل التيار بالنقص للسكان في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة .
ومن جانبه ، أوضح وزير الطاقة والمياه الصهيوني ( سيلفان شالوم ) أن ضخ الغاز الطبيعي من الحقل البحري ( تامار ) الى منشآت شركة الكهرباء القطرية سيعمل على التوفير لمرافق الطاقة االعبرية في البلاد بقيما مليار شيكل شهريا ( الدولار الامريكي يعادل 3.6 شيكل ) .
وتبين من التصريحات الصحفية للسياسيين والاقتصاديين الكبار اليهود بفلسطين المحتلة ، أن توقف ضخ الغاز الطبيعي من مصر الى ( إسرائيل ) استنادا لاتفاقية كامب ديفيد بين الجانبين المصري والصهيوني عام 1979 ، والانتقال الى استخدام المازوت تسببا في تكوين عجز مالي في ميزانية شركة الكهرباء القطرية ( الاسرائيلية ) بقيمة تبلغ 9 مليارات شيكل.
وقالت وزارة الطاقة والمياه ( الإسرائيلية ) في أواخر شهر آذار 2013 م ، إن : " الغاز سيؤدي إلى انخفاض تكاليف الإنتاج لشركة الكهرباء الإسرائيلية الحكومية وكذا انخفاض سعر الكهرباء".
وأكد رجل الاعمال الصهيوني ( اسحق تشوفا ) صاحب الحصة المسيطرة في مجموعة ديليك العبرية إحدى الشركات العاملة في حقل تمار "اليوم (نبدأ) الاستقلال في الغاز الطبيعي الإسرائيلي . إنه إنجاز هائل للاقتصاد الإسرائيلي وبداية لعهد جديد".
وذكر رئيس مجلس إدارة شركة ( نوبل انرجي ) الأمريكية ورئيسها التنفيذي تشارلز ديفيدسون إن تجهيز حقل تمار للإنتاج في أربع سنوات "انجاز أحدث تحولا" وأضاف أن الشركاء في الحقل سيعملون الآن على الاستثمار في زيادة سعة الأنابيب . وأضاف قائلا "انطلاقا من هذا النجاح سنعمل مع شركائنا ومع الحكومة على إقرار المرحلة القادمة للتطوير في حقل تمار ومرحلة التطوير الداخلي في حقل ليفياثان".

حقول آبار الغاز الطبيعي في الكيان الصهيوني

لقد بدأت رسميا في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، في 31 آذار 2013 ، عملية ضخ الغاز الطبيعي من منابع  الاستخراج البحرية قبالة شواطئ حيفا ، إلى محطة خاصة في ميناء أسدود جنوبا مروراً بمنصة عائمة متخصصة في هذا المضمار .
ونشرت الصحف العبرية في تل ابيب ، الصادرة في 31 آذار 2013 ، عناوين احتفالية كبرى مثل: «دولة عظمى في الغاز»، و «استقلال في الغاز»، و «(إسرائيل) بلاد السَّمْن والحليب والغاز»، في استعارة من كتاب التوراة اليهودية حيث ذكر أن الأراضي المقدسة هي «بلاد السمن والحليب والعسل»، وغيرها.

الغاز الطبيعي بين الاستيراد والتصدير

تم اكتشاف حقلي غاز طبيعي كبيرين في عرض مياه البحر الابيض المتوسط ، تخضع للهيمنة الصهيونية عسكريا وهما : حقل تامار ، وحقل ليفياثان بالاضافة لحقوا اخرى .
ولم تكتف الجهات الصهيونية المشرفة على مشروع الغاز الطبيعي بالمناداة بسياسة الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة ، بل أطلقت التصريحات والاقاويل المؤيدة لفكرة تصدير الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) الى قارة اوروبا عبر تركيا ، بعد تسوية العلاقات المضطربة بين تل ابيب وأنقرة بعد مجزرة اسطول الحرية ( مافي مرمرة ) التي ارتكبها جنود البحرية بالجيش الصهيوني في 31 ايار 2010 ، ضد المتضامنين الاتراك والدوليين مع قطاع غزة لرفع الحصار المطبق على هذا الجزء من الشعب الفلسطيني .
وتخطط الحكومة العبرية في تل ابيب بعد الشروع في ضخ الغاز الطبيعي من أكبر حقل قبالة سواحل حيفا ، في خطوة استراتيجية اقتصادية جديدة لرفع مستوى الإنتاج اليهودي لهذه الطاقة الحيوية للتخفيف من اعتمادها على الاستيراد الخارجي إقليميا ودوليا  .
ومن جهتها ، أعلنت وزارة الطاقة والكهرباء الصهيونية في يوم الاحد (31 آذار/ مارس 2013) أنها بدأت ضخ الغاز الطبيعي من أكبر حقل قبالة السواحل الغربية ، لتقليص الاعتماد على الغاز الخارجي المستورد من عدة دول مثل مصر وقطر وغيرها ، ولتقليل النفقات على عملية الاستيراد والتوفير في اثمان الشراء واختزال الوقت اللازم للنقل كذلك . وأصدرت هذه الوزارة الصهيونية بيانا عبريا جاء فيه : انه : " بدأ ضخ الغاز الطبيعي من موقع تامار إلى منصة جديدة للإنتاج البحري قرب اشدود، ومنها سيصل في غضون أربع وعشرين ساعة إلى محطة اشدود" جنوبَ البلاد .
على اي حال ، سيساهم انتاج الغاز الطبيعي ، في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، في رفع مستوى إنتاج الطاقة في ( إسرائيل ) في العقدين القادمين، علما بأن تل ابيب استوردت منذ 1979 حتى 2011  ما نسبته 43 % من حاجتها للغاز الطبيعي من مصر وحدها .
وبعد الثورة المصرية ، وإنهيار النظام المصري الحاكم سابقا ، تضررت خطوط الانابيب التي تنقل الغاز المصري لكل من الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) والاردن عبر صحراء سيناء المصرية عدة مرات لعمليات تفجير وذلك منذ الاطاحة بنظام الرئيس المصري حسني مبارك، في 11 شباط/فبراير 2011، مما ادى الى انقطاع هذه الواردات لفترات طويلة.
ومع بداية المرحلة الاولى من استخراج الغاز الطبيعي بالبحر الابيض المتوسط تحت الهيمنة العسكرية والسياسية الصهيونية ، اضحى الكيان الصهيوني يعول على انتاجه من الحقول الغازية المكتشفة ، لتقليل الاعتماد على الخارج في الحصول على هذه المادة الاستراتيجية الحيوية.
وفي السياق ذاته ، إن تطوير حقلي الغاز الطبيعي ( تامار وليفياثان ) سيساهمان في تقليص الاعتماد الصهيوني ( الإسرائيلي) على واردات الطاقة الخارجية ، وسيمكن الكيان الصهيوني من تصدير كميات هائلة من الغاز الطبيعي بأسعار متفاوتة .
ووقعت إدارة حقل ( تامار ) للغاز الطبيعي فعليا عددا من اتفاقيات الطاقة الكبيرة منها اتفاق لتزويد شركة الكهرباء ( الإسرائيلية ) بكميات من الغاز الطبيعي بقيمة 23 مليار دولار وبكميات بقيمة أربعة مليارات دولار لوحدات تابعة للشركة ( الإسرائيلية ) ، وبالتالي فهناك سوقا كاملا داخليا تفضيليا صهيونيا لمستخرجات الغاز الطبيعي الصهيوني .
على اي حال ، قدرت اللجنة الصهيونية المختصة بمتابعة شؤون قطاع الغاز الطبيعي في الكيان الصهيوني ، أن الطلب الاستهلاكي المحلي سيكون خلال فترة عقدين ونصف حوالي 450 مليار متر مكعب ، بينما يمكن العمل على تصدير نحو  500 مليار متر مكعب للخارج ، بالاستناد لتقديرات اقتصادية أمريكية سابقة التي تنبأت بعد اكتشاف حقلي ( تامار وليفياثان )  الكبيرين . وبالرغم من تقدير أن إجمالي كشوف الغاز الطبيعي ربما يبلغ نحو  1,480 مليار م3 ، إلا أن اللجنة الصهيونية المختصة بنت توصياتها على حجم يقدر ب 950 مليار م 3 كاحتياطي اجمالي .

أمكنة حقول الغاز الطبيعي البحرية التابعة للكيان الصهيوني

حسب الخرائط الجغرافية التفصيلية ، فإن حقل ( تامار ) الكبير والحقول الغازية الاخرى ، للغاز الطبيعي في البحر الابيض المتوسط على بعد يتراوح ما بين 90 كم -  130 كلم قبالة مدينة حيفا المطلة على البحر الابيض المتوسط ، وفي منطقة يطالب بها جيران الكيان الصهيوني على اليابسة ، وفي مقدمتهم لبنان وتركيا وقبرص بحقوهم الجغرافية والمائية والاقتصادية .
واكتشف موقع تامار للغاز الطبيعي في عام  2009  ، بينما بدأ التشغيل والاستخراج الفعلي رسميا لهذا الحقل في 31 آذار 2013 ، اي بعد نحو اربع سنوات من بداية الاكتشاف تمت عملية النقل والتوزيع للاستفادة الحقيقية لانعاش الاقتصاد الصهيوني ( الإسرائيلي ) بإدارة وإشراف خبراء يهود وأمريكيين بتوافق شركة نفط أمريكية وثلاث شركات عبرية هي :  شركة النفط الأميركية الكبيرة "نوبل"  المشاركة مع ثلاث شركات عبرية ( إسرائيلية ) هي : ديليك واسرامكو ودور آلون .
ومن المعروف أن حوض البحر الابيض المتوسط الشرقي ، تتقاسمه فلسطين المحتلة ولبنان وقبرص . وبالتالي سينشب صراع اقتصادي جديد بين الاطراف الثلاثة ، ولن تبقى الهيمنة الصهيونية لفترة طويلة ، خاصة في مياه البحر الابيض المتوسط .

قيمة وكميات الغاز الاحتياطي المكتشف .. 4 حقول غاز طبيعي

أولا : حقل ليفياثان للغاز الطبيعي

ذكرت شركة نوبل اينرجى الأمريكية للطاقة في واشنطن ، في نهاية شهر كانون الاول 2010 ، أن حقل ليفياثان البحرى للغاز الطبيعي فى ( إسرائيل ) ، يحتوى على نحو 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى ، مما يفتح الباب التصديري أمام ( إسرائيل ) كى تصبح دولة مصدرة للغاز مستقبلا .. وأوضحت الشركة - التى تمتلك حصة كبيرة فى الحقل - أن التقديرات الجديدة تدل على أن مخزون هذا الحقل بعد التنقيب العميق ، أكبر بكثير من مخزون حقل تامار الذى يعد ثانى أكبر حقل غاز طبيعى ل ( إسرائيل ) . وجاء فى بيان صحفي لرئيس مجلس إدارة الشركة الامريكية ( تشارلز ديفيدسون ) : " أن حقل ليفياثان هو أحدث اكتشاف كبير لشركة نوبل اينرجى وربما يكون أكبر اكتشاف فى تاريخنا .. وأن هذا الاكتشاف يمكن أن يجعل من إسرائيل دولة مصدرة للغاز الطبيعى ".
وقالت الإذاعة العبرية ( الإسرائيلية ) الرسمية إن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن هذا الحقل من الغاز الطبيعي يتضمن كمية من الغاز بقيمة 45 مليار دولار  .

ثانيا : حقل تامار للغاز الطبيعي

يحتوي حقل الغاز الطبيعي الصهيوني الجديد ( تامار ) على كميات شبه مؤكدة تصل احتياطيا نحو  283 مليار متر مكعب ، ووصل عمق الحفر البحري لاستخراجه قرابة  5 كم  تحت سطح البحر .
ومن الناحية الاقتصادية العالمية ، الاستخراجية والتصديرية والاحتياطية ، تعتبر نسبة احتياطي هذا الحقل الغازي في موقع ( تامار ) ضئيلة جدا قياسا بمخزون الدول المنتجة للغاز الطبيعي في العالم .
وقدرت الشركات العاملة في انتاج الغاز الطبيعي في حقل تامار في بيان صحفي أن إمدادات الغاز الجديدة ستوفر للاقتصاد الصهيوني ( الإسرائيلي ) المعتمد بشدة على الواردات النفطية 13 مليار شيكل ( 3.6 مليار دولار ) سنويا ، موضحة أنها خصصت ثلاثة مليارات دولار في تطويره .
واشارت التقديرات الصهيونية الاولية ، إلى أن حقل الغاز الطبيعي ( تامار ) يحتوي على احتياطات من الغاز تبلغ 283 بليون متر مكعب ستسدّ حاجات الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) من الغاز الطبيعي لـ 20-30 سنة، وسيتيح لها مع نهاية العقد الحالي تصدير الفائض إلى بعض ارجاء الكرة الأرضية .
وتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن يساهم حقل «تمار» بمدخولات مالية مرتفعة على الخزينة العبرية تصل إلى 37 بليون دولار، ومبلغ 39 بليون دولار للشركات الأربع المساهمة في الحقل . وكذلك العمل على توفير قرابة مبلغ بليون دولار سنوياً في مصروفات إنتاج الطاقة للاقتصاد الصهيوني ، وتخفيض أسعار الوقود أو استبدالها بالغاز الطبيعي، ما سيتيح خفض تكلفة إنتاج الكهرباء والصناعة وخفض أسعار استهلاك الكهرباء التي ارتفعت في السنوات الأخيرة بصورة مذهلة .

ثالثا : الحقل الثالث : " الون A "

كانت ( إسرائيل ) أعلنت عن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي قبالة ساحل حيفا عشية عيد الفصح اليهودي "البيسح" في نيسان 2012 .
وتقدر كميات الغاز في الحقل الذي بدأت اعمال التنقيب فيه بداية ايار من العام ذاته، بـ 31,5 مليار متر مكعب .
ووفقا لما نشر بوسائل الإعلام العبرية ، فإن الأمر يتحدث عن منطقة ما يسمى " الون أ " على بعد 120 كيلو متر غربي السواحل الشمالية لفلسطين المحتلة ، حيث بدأت الإدارة الصهيونية بعمليات التنقيب والحفر في البئر "تنين 1" بداية شهر ايار عام 2011 وبتكلفة بلغت نحو 50 مليون دولار، للغوص البحري بعمق 5.5 كم تحت سطح البحر .
وهذا الاكتشاف من الغاز الطبيعي بكمية كبيرة يعتبر هو الثالث من نوعه ، حيث سبق وتم اكتشاف كميات وصفت بالكبيرة في الحقلين "تمر ( تامار) ، لويتن ( لوتيان ) ".

رابعا : حقل "دولفين 1"
ويقع منبع حقل الغاز في موقع الحفر على بعد نحو  110 كم قبالة سواحل البحر الابيض المتوسط التي تزخر بالغاز الطبيعي . ويتملك هذا الحقل : شركة نوبل إنرجي ومقرها تكساس حصة بنسبة  39.66% في امتياز دولفين وتمتلك كل من إفنر أويل وديليك للحفر حصة 22.67% بينما تمتلك ريشيو أويل حصة 15% . ويقدر احتياطي حقل "دولفين 1" على 0.55 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي .
وعموما ، تقدر كمية الغاز الطبيعي الموجودة في الحقلين الكبيرين بنحو 1480 مليار م3 ، والمعضلة الحقيقية تتمثل بعمليات توسيع وتطوير التنقيب في هذه المنابع النفطية ، في ظل التكلفة المادية المرتفعة لبدء الاستخراج من حقل الغاز المكتشف حيث تكلف عملية التنقيب وافتتاح البئر الواحدة من الغاز الطبيعي ما بين 50 مليون - 100 مليون دولار حسب الارقام المعلنة من شركات التنقيب والاستخراج النفطي .

من يشرف على مشروع الغاز الطبيعي

يشرف على شؤون ااستخراج ونقل الغاز الطبيعي في الكيان الصهيوني رجل الاعمال اليهودي ( يتسحاق تشوفا ) الذي يتولى عملية نقل الغاز الطبيعي من الحقل البحري ( تامار ) الى مرافق ومنشآت شركة الكهرباء القطرية ( الإسرائيلية ) باعتباره أحد اصحاب هذا المشروع الاقتصادي الصهيوني الضخم .
ويتقاسم شركاء يهود بفلسطين المحتلة ، واصحاب رؤوس أموال أمريكيين ملكية هذا المشروع الكبير من الغاز الطبيعي ( حقل تامار ) وذلك على النحو الآتي :
أولا : شركة نوبل انرجي ومقرها ولاية تكساس الأمريكية ، تمتلك حصة تقدر بما يعادل 36% من الخزان.
ثانيا : الشركات اليهودية ( الإسرائيلية ) يتوزع تملكها على 3 شركات هي :
1- شركة  ديليك 31.25 % ، ( شركتي أفنير أويل اكسبلوريشن وديليك دريلينج التابعتين لمجموعة ديليك حصة قدرها 15.625 % ) لكل منهما .
2. شركة إسرامكو نيجيف 28.75 % .
3- شركة دور جاز اكسبلوريشن  4% .

وهناك هيئة يهودية أنشأت رسميا في تل ابيب ، للاشراف على حقول الغاز الطبيعي في البحر الابيض المتوسط تدعى صندوق ( إدارة ثروة الغاز الطبيعي الإسرائيلي ).

الى أين سيتم تصدير الغاز الطبيعي الصهيوني ؟

هناك خطة اقتصادية وسياسية صهيونية لتصدير الغاز المكتشف بحقوله الثلاثة الرئيسية ، والحقول الصغرى المنتجة حاليا والمتوقعة لاحقا ، الى عدة دول من أهمها ثلاث دول أساسية هي : تركيا ومصر والأردن . هذا بالاضافة إلى بحث إمكانية التصدير لاوروبا عن طريق تركيا أو قبرص في المستقبل القريب .
زد على ذلك ، جعل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تعتمد على الغاز الصهيوني المستخرج من عرض البحر ، وفق التصورات والتقديرات الرسمية الصهيونية .
وستحول عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي السابقة والحالية واللاحقة ، الكيان الصهيوني من مستورد للطاقة إلى مصدر للطاقة ، وفق ما يسمى ( الاكتفاء الذاتي ) أو الاستقلال الصهيوني في مجال الثروة الغازية الضرورية لحياة السكان اليهود بفلسطين المحتلة .
وهذا التصدير سيوفر مليارات الدولارات سنويا للكيان الصهيوني من الفائض ، مما يخل بموازين التصدير في المنطقة بين القارات الثلاث ، وسيجعل الكيان الصهيوني منبع مصدر للغاز الطبيعي ، وبالتالي التمهيد لدخول منظمة الاقطار المصدرة للنفط ( الأوبك ) ، وتخصيص حصة رسمية للكيان الصهيوني في هذه المنظمة الاقتصادية العالمية . وسيتح هذا الأمر للكيان الصهيوني تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والثقافية مع عشرات الدول التي يمكن أن يصلها تصدير كميات من الغاز الطبيعي خلال الفترة المقبلة وخاصة بعد العزلة السياسية الاخيرة في المجتمع الدولي .

الصراع الإقليمي على منابع الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط

بعد نجاح جولات التنقيب عن الغاز الطبيعي ، بالمياه في البحر الابيض المتوسط ، تظهر سياسة إدارة الصراع الاقليمي حول منطقة المياه الاقليمية للكثير من الدول في المنطقة منها تركيا وقبرص ولبنان وفلسطين وسوريا ومصر .
وكعادته ، فإن الكيان الصهيوني ، يحاول امتلاك كل شيء بقوة السلاح ، وهناك صراع إقليمي مستفحل حاليا ظاهريا وباطنيا على السواء ، في السواحل الشرقية للبحر الابيض المتوسط ، وكل يحاول أن يأخذ نصيبه من هذا الاكتشاف بمجال حيوي للانسان في الحياة المعاصرة . ولا أحد يمكنه أن يتوقع الى ماذا سنؤول إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية مستقبلا في ظل تصارع التنقيب على النفط والغاز الطبيعي في حوض البحر الابيض المتوسط بجميع شواطئه وخاصة الشرقية .
وحسب تقديرات خبراء شركات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي ، فإن الاحتياطيات الهائلة المكتشفة من الغاز الطبيعي في منطقة شرقي البحر الابيض المتوسط التي تقدر بحوالي 9.700 تريليون م3 من الغاز الطبيعي من شأنها إعادة رسم خريطة سوق الغاز في قارات العالم .
وحسب تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الامريكية هناك احتياطيات ضخممة للغاز الطبيعي تبلغ حوالي 122 تريليون قدم مكعب من الغاز ونحو 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج من الناحية الفنية.
ويمكن القول ، إن خريطة طاقة جديدة ستظهر في وقت قريب لتصدير الغاز الطبيعي في المنطقة ، بعد تطوير حقول الغاز الحالية والسعي للتنقيب لاكتشاف حقول جديدة أخرى .
وقد برز الصراع اللبناني - الصهيوني حول منابع الغاز الطبيعي في المياه الاقليمية ، فتوسطت الإدارة الامريكية بين الجانبين ، لتسوية النزاع بين الجانبين ، مقترحة تعيين حدود بحرية بالاستناد الى القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ، وفقا لما يسمى ( المياه الاقتصادية ) لكل دولة . وبذلك بغية تهيئة المناخ الآمن لتنقيب الشركات الاجنبية عن النفط والغاز الطبيعي ، وخاصة دخول شركة أمريكية عملاقة ( نوبل إنيرجي ) من ولاية تكساس ، في هذا المجال الاستثماري . وتقسم الحدود بين الجانبين اللبناني والصهيوني الى قسمين الاول : على اساس خط طول  12 ميل من الشاطئ ( السيادة الكاملة ) . والقسم الثاني على أساس خط طول  100 ميل ( منطقة اقتصادية حصرية ) تعتبر بمثابة ( مياه اقتصادية ) ، تشتمل على حقوق اقتصادية وبحثية حول الموارد الطبيعية كالنفط والغاز الطبيعي ومناطق الصيد البحري .

الهجوم العسكري .. والمعاملة بالمثل وفق سياسة الند للند

كثيرا ما تقوم قوات الاحتلال الصهيوني ، البرية والجوية والبحرية بشن الهجوم على العرب في فلسطين ولبنان وسوريا ، وهناك بعض الردود العسكرية الصغيرة أحيانا ، والمتوسطة أحيانا أخرى . وبعد الاكتشاف للغاز الطبيعي في حق ( تامار ) قبالة سواحل يافا على بعد 90 كم ، وغيره من الحقول والمنابع الاخرى ، تظهر المسالة الحربية بين العرب والكيان الصهيوني ، أو حتى بين ايران والكيان الصهيوني أو الصراع بين حكومتي انقرة وتل ابيب ، ويمكن أن يكون حقل ( تامار ) هدفا عسكريا حيويا كغيره في الوقت الحالي ، أو مستقبلا في عرض البحر الابيض المتوسط ، في ظل صعوبة توفير الحماية العسكرية الصهيونية اللازمة ، لاستفحال الصراع الاقليمي على الطاقة ، وبالتالي يعتبر هذا الحقل الغازي هدفا حيويا لالحاق الضرر والتدمير باحدى المرافق الاقتصادية الحيوية الصهيونية وفق مبدأ أو سياسة المعاملة بالمثل والند للند . وفي حالة تفجير هذا الحقل من الغاز الطبيعي فيمكن أن يعيش سكان الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة في حالة من الذهول والرعب النفسي والاقتصادي ، فيعيشون تحت الظلام الدامس لفترة من الوقت قد تقصر أو تطول حسب نوعية الهجوم المضاد ضد حقول الغاز الطبيعي المنتشرة في عرض البحر الابيض المتوسط التي تخضع للهيمنة الصهيونية الحالية .
الى ذلك ، أمر الجنرال موشيه يعلون، وزير الجيش الصهيوني ، سلاح البحرية للاستعداد وتعزيز قواتها لحماية منشآت الغاز الطبيعى ، كمنشآت حيوية استراتيجية للاقتصاد الصهيوني ، فى حوض البحر الأبيض المتوسط.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ، ان تصريحات يعلون جاءت خلال لقاء جمعه بنظيره القبرصى فوتيس فوتيو، في أوائل شهر أيار 2013 ، حيث تناولا تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين الصهيوني والقبرصي .
كما نقلت القناة التلفزيونية العبرية العاشرة عن يعلون قوله، "قبرص حليفتنا فى المنطقة.. وإسرائيل وقبرص ستبدآن بالاستفادة من الغاز الطبيعى، ونحن بالتأكيد نتطلع إلى تعزيز التعاون فى هذا الموضوع".

كلمة أخيرة .. التمدد الاقتصادي الصهيوني الجديد والتصدي العربي

يقول الله العلي العظيم عز وجل : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)}( القرآن المجيد - المائدة ) .

استطاع الاحتلال الصهيوني بفلسطين المحتلة ، النشوء والانتشار في فلسطين المحتلة عام 1948 ، بدعم برطاني سابق وامريك لاحق ، واحتلال بعض المناطق العربية في سوريا ( مرتفعات الجولان منذ حزيران 1967 حتى الآن ) وصحراء سيناء المصرية ( 1967 - 1982 ) ، وأن يفرض هيمنته على فلسطين الكبرى ، برا وبحرا وجوا ، خلال فترتين زمنيتين متباعدتين ، ما بين الأعوام 1948 ( الجليل والمثلث والنقب والساحل ) و1967 ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) ، وأن يحتل جزءا من لبنان ( الشريط الحدودي الجنوبي حتى نهر الليطاني ) ما بين 1978 - 2000 .
وتضاف حقول الغاز الطبيعي الجديدة كهدف من الأهداف الاستراتيجية الصهيونية لما يسمى ( إسرائيل الكبرى )  للثبيت الذاتي والامبريالي على الخريطة السياسية العالمية بفلسطين الكبرى أولا ، ثم الانطلاق الجغرافي والاقتصادي والسياسي ما بين نهري النيل الى الفرات ، وفق سياسة استعمارية ، عسكرية وسياسية واقتصادية ، عبرية وأمريكية وأوروبية ، لا زالت تحاول اقتناص الفرص المؤاتية للتمدد الصهيوني المتجدد حسب الاوضاع والظروف السائدة في الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة .
وباكتشاف حقول الغاز الطبيعي في البحر الابيض المتوسط ، يطفو على السطح في هذا الاقليم الساخن من المشرق العربي ، قضية التمدد الاقتصادي الصهيوني ، لاضافة مناطق بحرية جديدة لسيطرة الإدارة الصهيونية في تل ابيب ، لتوفير موارد الطاقة الحيوية الضرورية لقطاعات الوقود والكهرباء والمواصلات العامة والخاصة ، المدنية والعسكرية ، للجاليات اليهودية بالكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة .
ويبقى السؤال : إلى متى سيبقى التمدد الصهيوني ، عسكريا واقتصاديا وسياسيا ، بمركزة في تل ابيب في المشرق العربي والمغرب العربي ؟ ومتى سينحصر هذا الوجود الصهيوني بحريا وبريا وجويا ، ما بين قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا ( حوض البحر الابيض المتوسط ) ؟ ومن سيوقف هذا التمدد الصهيوني السياسي والاقتصادي المتعاظم ؟ وهل هناك بارقة أمل في فرض التقلص الصهيوني لارجاعه لحالة الجزر والتكلس والنكوص ، كما حدث في الانسحاب الاستيطاني العسكري الصهيوني البري من قطاع غزة عام 2005 ؟
هذا السؤال سيجيب عليه الشعب الفلسطيني أولا ، والعرب ثانيا ، والمسلمين ثالثا ، والمدافعين عن الإنسانية رابعا وأخيرا ، إن عاجلا أو آجلا ، متى وكيف ؟ وإن غدا لناظره قريب .
وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تحريرا في يوم الخميس 29 جمادى الآخرة 1434 هـ /  9 أيار 2013 م

جوال فلسطين :
0598900198

بريد الكتروني :
k_alawneh@yahoo.com
خريطة  فلسطين Map of Palestine

ليست هناك تعليقات: