الاثنين، 29 أبريل 2013

تداعيات وتحديات استقالة د. سلام فياض من رئاسة الحكومة الفلسطينية برام الله ( د. كمال إبراهيم علاونه )

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء المستقيل برام الله د. سلام فياض
تداعيات وتحديات استقالة د. سلام فياض من رئاسة الحكومة الفلسطينية برام الله

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) } ( القرآن المجيد – الكهف ) .
استهلال
من الناحية النظرية في الساحة الفلسطينية ، هناك ثلاث سلطات : تنفيذية ، وتشريعية وقضائية ، والنظام السياسي الفلسطيني ، ليس كغيره من الأنظمة السياسية في العالم العربي والغربي ، إذ تتداخل هذه السلطات ، وتندمج مع بعضها البعض أحيانا ، فلا السلطة التشريعية ( المجلس التشريعي ) ولا السلطة القضائية ( المحاكم المدنية والعسكرية ) تعمل كما يجب أن تعمل باستقلالية عن الاخرى بل إن السلطة التنفيذية هي الآمرة الناهية في فلسطين وخاصة في الضفة الغربية ، وإن ظهرت بعض العوارض الحياتية ، فلا تحمى السلطتين البرلمانية والقضائية حقوق المواطنين الفلسطينيين في الكثير من الحالات .
وبرأينا ، فإن الحكومة الفلسطينية ، عبر مسيرتها منذ عام 2003 ، هي المتحكمة إداريا وماليا فقط ، لا سياسيا ولا أمنيا في الأوضاع العامة في الأراضي الفلسطينية لان الحاكم الفعلي هو قيادة الاحتلال الصهيوني والحكومة العبرية في تل ابيب حتى في المناطق التي يطلق عليها مناطق ( أ ) .
الانقسام بعد 14 حزيران 2007 .. وبروز حكومتي رام الله وغزة
بعد 14 حزيران 2007 ، وسيطرة حركة حماس على الأوضاع العامة في
قطاع غزة ، وإنهيار حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية برئاسة النائب د. اسماعيل هنية القيادي الكبير بحركة حماس ، فيما عرف بحكومة التوافق الوطني ، حيث انهارت بسبب العجز الفلسطيني والعربي عن رفع الحصار الامريكي والاوروبي والصهيوني عن الحكومة الفلسطينية رغم المحاولة تلو الأخرى ورغم الوعود المسبقة بذلك ، وبسبب الفتنة الميدانية في قطاع غزة ومحاولة إغتيال الشيخ اسماعيل هنية قرب معبر رفح ، بعد عودته من جولة خارجية .
فبرزت فعليا على أرض الواقع ، لأول مرة في التاريخ السياسي المعاصر ، حكومتين تديران الشؤون الفلسطينية العامة : السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية والثقافية والاعلامية ، وهذا خلل سياسي شامل ألقى بظلاله البائسة الكئيبة على نفسيات الشعب الفلسطيني ، في فلسطين الكبرى عموما ، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة خصوصا . فبقي الشيخ اسماعيل هنية رئيسا للحكومة الفلسطينية بقطاع غزة بمركزها بمدينة غزة هاشم رغم اقالته من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وتم تكليف د. سلام فياض وزير المالية في الحكومة الفلسطينية الموحدة ، برئاسة حكومة طوارئ فلسطينية ، سرعان ما تبدل حالها لحكومة تسيير أعمال بشكل غريب وعجيب بعيدا عن القانون الاساسي الفلسطيني ، وبلا رقابة من المجلس التشريعي الفلسطيني ، وبقيت هذه الحكومة برام الله برئاسة د. سلام فياض التي فازت قائمته بمقعدين بالمجلس التشريعي الفلسطيني بالدورة الثانية ، وضمت الكثير من الفاشلين في الانتخابات التشريعية الثانية في 25 كانون الثاني 2006 ، وبعض المطرودين من حركتي حماس والجبهة الشعبية وغيرها ، الذين تحكموا في رقاب الناس بصورة سلبية غير مسبوقة ، وذلك برغم تطعيمها ببعض الوزراء من حركة فتح ، مثار تساؤل وجدل سياسي كبير على الساحة الفلسطينية .
تضررات واضرار لاعضاء وانصار حركتي فتح وحماس
هناك من أيد هذه الحكومة الضفاوية وهناك من اعترض طريقها حسب رؤية وطنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو شخصية . وتم تغيير بعض الوجوه الوزارية بين الحين والآخر ، لإرضاء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ، ولكن دون جدوى سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية . فقد استبعدت هذه الحكومة برام الله في عملية التوظيف الحكومي ، جميع فئات المعارضين من حركة فتح نفسها ، وما أكثرهم ، ومن حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، واحتضنت المؤيدين للظاهرة الفياضية ( الطريق الثالث وأتباعهم ) وبعض الاحزاب والحركات اليسارية الهزيلة ، بلا مبررات قانونية أو دستورية . فاتبعت سياسة الاقصاء الوظيفي للمعارضين ، وتم تهميش المئات بل الالاف من الموظفين الحكوميين المدنيين والعسكريين على السواء ، ومعظمهم من حركة فتح كالاستغناء عن 10 آلف عسكري عام 2008 وفق ما يسمى التقاعد المبكر الاجباري  مع دفع الرواتب الشهرية كاملة . وكذلك برزت سياسة الابتزازات والاستدعاءات الامنية والتحقيقات الهمجية مع أعضاء وأنصار المعارضة دون وجه حق ، ولا ننسى طرد آلاف الموظفين ممن تم استيعابهم إبان عهد الحكومة العاشرة التي شكلتها حركة حماس وحدها ؟ وشكل هذا الامر مثار معارضة شعبية واسعة في صفوف الشعب عامة وفي صفوف الكثير من أبناء حركة فتح ، ومن أنصار حركة حماس ، الحائزة على الشعبية الاولى في عضوية المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني .
لقد خسر الشعب الفلسطيني بجميع حركاته وفصائله وأطيافه وأحزابه السياسية ، ونقاباته التربوية والمهنية والعمالية وسواها ، خسارة فادحة في استمرار الانشقاق والانقسام الوطني في جناحي الوطن ، ودفع ثمنا باهظا على الصعيدين الداخلي والخارجي ، فانتابه بعض اليأس والقنوط ، وكان الرابح الداخلي الوحيد من هذه الحكومة هي قائمة الطريق الثالث بزعامة د. سلام فياض ، التي فازت قائمته بعضوين فقط في المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التشريعية الثانية التي نظمت في الضفة الغربية وقطاع غزة في 25 كانون الثاني 2006 . حيث تبوأ د. سلام فياض رئاسة الحكومة الفلسطينية برام الله ، بينما تبوأت زميلته بقائمة الطريق الثالث د. حنان عشراوي لاول مرة عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وبالتالي دخل هذان العضوان ( فياض وعشراوي ) ، كلاعبين رئيسيين في النظام السياسي الفلسطيني الجديد المزدوج ( الرئاسي والبرلماني ) ، فيما بعد الانقسام الداخلي الفلسطيني ، بمزاعم إرضاء الاحتواء والاملاءات الاوروبية والامريكية والخارجية الأخرى .
الخاسر الأكبر الشعب .. والخاسران الكبيران ( فتح وحماس )
والخاسر الأول الاكبر في مسيرة الانقسام كان الشعب الفلسطيني ، بجميع أطيافه وشرائحة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية ، في جميع أماكن تواجده عامة وفي فلسطين الكبرى خاصة ، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة على وجه التخصيص .، جراء الالتهاء بصراع جانبي هامشي ، في ظل غياب الحكومة الحقيقية والسلطة الحقيقية وانعدام السيادة الفعلية ، البرية والجوية والبحرية ، لهذه السلطة الفلسطينية على الارض . فأستغل الاحتلال الصهيوني هذا الانقسام الداخلي الفلسطيني ، وتزايدت وتيرة تعزيز الاستيطان اليهودي بالضفة الغربية ، والتعدي المبرمج على حرية العبادة في المسجد الاقصى المبارك بالقدس المحتلة ، اضافة الى الضغوطات والابتزازات الاقتصادية للشعب الفلسطيني في ظل غياب المواجهة الشعبية والفصائلية الفلسطينية الفعالة الرادعة .
وكان الخاسران الكبيران ، وأقول الخاسران وليس خاسر واحد ، وهما الحركتات العملاقتان في فلسطين ، توأم الحرب والسلام ، مع الكيان الصهيوني في البلاد ، أعني بذلك حركتي فتح ، وحماس على السواء بنسب متفاوتة في هذه المحافظة الفلسطينية أو تلك .
فقد خسرت حركة فتح ، الكثير من أعضائها وأنصارها ومؤيديها ، جراء تولية زعيم قائمة الطريق الثالث بزعامة د. سلام فياض ( التي لم يصوت لها ، أبناء حركة فتح ) صدارة الحكومة الفلسطينية بجناحها في رام الله . ورغم استقطاب فياض لبعض الولاءات الشخصية من حركة فتح من كبار المسؤولين والكوادر ، بترقياتهم الوهمية وإغداق الاموال عليهم والامتيازات الجزئية ، إلا أن السواد الأعظم من أبناء حركة فتح ومناصريها ، فقدوا الأمل في مسيرة هذه الحكومة غير المظفرة عبر سنوات إدارتها الست العجاف ( حزيران  2007 – نيسان  2013 ، للشؤون العامة في الضفة الغربية ، والشؤون المالية لموظفيها في قطاع غزة .
وكما نعلم فقد استقال بعض الوزراء من هذه الحكومة ومن بينهم أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح مثل الاقتصادي د. محمد اشتية ، واضطر للاستقالة من اتهم بالفساد الاداري والمالي في الحكومة وخارجها ، وكذلك تمت ملاحقة الكثير من أعضاء الهيئات القيادية العليا والوسطى والميدانية في حركة فتح في قطاع غزة لأسباب شتى من الاجهزة الامنية الفلسطينية وفق سياسة المعاملة بالمثل لما يجري لعناصر حركة حماس بالضفة الغربية من الاجهزة الامنية التابعة للحكومة الفلسطينية برام الله .
وكذلك ، وبسبب الانقسام الفلسطيني ، خسرت حركة حماس ، الكثير من مؤيديها ومناصريها ، في الضفة الغربية ، بسبب الملاحقة الامنية لهم من الاجهزة الامنية الفلسطينية بالضفة الغربية ، ونأت بنفسها عن المشاركة في الانتخابات الطلابية الجامعية وفي النقابات المهنية ، بالضفة الغربية ، بالاضافة لمواجهتها بعض الحركات السلفية الاسلامية في قطاع غزة التي تمردت على إدارتها لشؤون القطاع بصورة منفردة ، كما تقول بعض الحركات السلفية .
والخسارة الكبرى لحركة حماس ، في الضفة الغربية تمثلت في ملاحقة أعضائها ومناصريها من الحكومة الفلسطينية برام الله ، وتجريدها من الهيئات الادارية للجمعيات الخيرية والعامة ، مع ما سببه ذلك من قطع الأرزاق وما يسمى بالمسح الأمني ( حسن السيرة والسلوك ) أو الاقصاء المدني والعسكري ، لشغل الوظائف العامة . وكذلك نشوء ظاهرة الاستدعاءات والملاحقات والاعتقالات والتحقيقات الأمنية المريرة والمثيرة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية لمئات الاعضاء والمناصرين بذرائع ومبررات متباينة ، خوفا من ما يسمى تكرار ظاهرة هيمنة حماس على قطاع غزة .
وبناء عليه ، فإن الرابح الكبير الأول ، من ظاهرة الانقسام ، هو الاحتلال الصهيوني ، فانشغلت حركتي فتح وحماس ببعضهما البعض لفترة زمنية ، ولا زالت لغاية الآن وإن كانت بوتيرة متناقصة . وتراجعت مسيرة المقاومة الفلسطينية بجناحيها المدني الشعبي والعسكري للاحتلال الصهيوني بالضفة الغربية المحتلة بصورة ملفتة للنظر .
الجبهات اليسارية .. وعضوية الحكومة الفلسطينية
لقد استفادت الكثير من الجبهات والقوى اليسارية الصغيرة ، من ظاهرة الانقسام على الصعيد الحكومي ، فاستاثرت ببعض الحقائب الوزارية في تشكيلة الحكومة الفلسطينية برام الله بزعامة د. سلام فياض ، أمثال الجبهة الديموقراطية وفدا وجبهة النضال الشعبي ، سواء من الاعضاء المنتمين لهذه القوى أو المناصرين لها ، علما بأن هذه القوى فشلت فشلا ذريعا وماحقا في الانتخابات التشريعية الثانية مطلع عام 2006 ، وفي المقابل استبعد الفائزون بعضوية المجلس التشريعي بصورة ملفتة للنظر ، فجاء الانقسام ليكافئ الفاشلين في نيل ثقة الشعب بطريقة مباشرة أو ملتوية .
تشكيلات متعددة للحكومة الفلسطينية برام الله
تم عبر فترة الانقسام الفلسطيني ، منذ أواسط 2007 حتى الآن ( 18 نيسان 2013 ) بين حركتي فتح وحماس ، وظهور الحكومتين في رام الله وغزة ، إعادة تشكيل حكومة رام الله عدة مرات ، ولكنها لم تنل ثقة المجلس التشريعي في اي منها . وهي مخالفات صريحة للقانون الاساسي الفلسطيني ، وابتعاد شعبي عن هذه الحكومة الضفاوية ، وكثرت الانتقادات والجدالات العقيمة ، وكان لا بد من تغيير بعض الوجوه الوزارية سواء بالاستقالة او عبر سياسة استبدال الشخصيات الداخلة والخارجة لحكومة رام الله .
وخلال الفترة السابقة جرت استقالة حكومة رام الله عدة مرات ، وأعيدت تشكيلة الحكومة بزعامة د. سلام فياض في كل مرة .
الولاءات الشخصية .. بالحكومة في رام الله
خلال فترة الانقسام الفلسطيني ، جرت عملية ترقية عليا بالتوظيف الأول لموظفين جدد أو قدامى ممن أثبت الولاء الشخصي لرئيس الحكومة رام الله أو لبعض الوزراء أو أتباعهم . وكانت هذه الترقيات على حساب المؤهلات والكفاءة العلمية والادارية من حركة فتح أو المستقلين ، فصعد من أريد له الصعود لتنفيذ سياسة أمنية واجتماعية واقتصادية واعلامية مبرمجة ، وتمت ترقية كل من يؤيدون خط الطريق الثالث المسالم ، الذي يحارب المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني ، وتم إصعاد الكثير من المتسلقين الموالين لشخصيات عابرة لم تساهم في مسيرة المقاومة والنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني .
ويمكننا القول ، إنه جرت عملية تهميش واستبعاد لنهج المسيرة الجهادية المقاومة ، وخاصة ممن ينتهجون نهج الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات ، وتقديم الموالين للعهد الجديد ممن يتقنون النفاق العام والرياء والموالاة الشخصية ( مسح الجوخ ) ، وبرز من هذه الفئة شلة غارقة بالفساد والافساد الاقتصادي والاخلاقي والديني والسياسي ، من دعاة النضال الكلامي والخطابات الطنانة الرنانة الفاغرة المضمون على ارض الواقع ، وممن يحقدون على أتباع مسيرة النضال الحقيقي ضد الاحتلال الصهيوني ، فاختلط الحابل بالنابل ، وبرزت شخصيات وهمية في البناء والتقدم والازدهار وتراجعت قوة شخصيات بانية سابقة بفعل السياسة الجهنمية الجديدة .
ويمكن القول ، إن ظاهرة الانقسام السياسي ولا نقول الشعبي لان الشعب واحد والوطن واحد والراية الفلسطينية واحدة ، والذل والمهانة تحت حراب الاحتلال واحدة ، ساهمت في زيادة اليأس والاحباط والقنوط ، وتغذية روح الهجرة لدى فئة الشباب الفلسطيني ، وزاد طلب العيش في الخارج ، للعمل أو الدراسة أو الاغتراب والبعد عن الاحتقان والملاحقات الأمنية غير المبررة .
المنافقون المدافعون عن د. سلام فياض
منذ تشكيل حكومة الطوارئ برام الله في أواسط حزيران 2007 ، اعترض الكثير من الاكاديميين والأسرى والاعلاميين والسياسيين والنقابيين ، على تكليف د. سلام فياض برئاسة الحكومة الفلسطينية برام الله ، لاسباب متعددة . ومن ضمنها عدم القفز على الارادة الشعبية الانتخابية الفلسطينية ، وضرورة لم الشمل الفلسطيني قبل استفحال الانشقاق السياسي الرسمي وما يليه من تبعات شعبية شاملة مدمرة .
ومن نافلة القول ، إن الكثير ممن يحترمون الجميع ، ويؤمنون بالتعددية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والاعلامية ، فكل يعمل على شاكلته ، ولكنهم استغربوا واستهجنوا مناداة المنادين ببقاء د. سلام فياض ( رئيس قائمة الطريق الثالث ذات المقعدين بالمجلس التشريعي الفلسطيني لعام 2006 ) ، على رأس الحكومة الفلسطينية برام الله ، لعدة دورات بسنوات حالكة السواد ، لعدة عوامل واسباب منها :
أولا : د. سلام فياض شخص من الاشخاص ، له الكثير من الأخطاء السياسية والاقتصادية ، وبعض الايجابيات ، ولا مجال لسرد كليهما . وليس هو المنقذ من الاحتلال العسكري الصهيوني الوحشي ، باي حال من الأحوال ، فالاحتلال الصهيوني بحاجة لفصائل وطنية وإسلامية صلبة ذات شعبية متزايدة ، لتذود عن حمى الوطن ، وحياض الأمة ، وليس بالدعايات السياسية والاعلامية يتحرر شعب فلسطين ولن ينال هذا الشعب الحرية والاستقلال بجرة قلم أمريكية أو اوروبية أو صهيونية بل بالدفاع الفلسطيني الذاتي عن النفس بدعم شعبي عربي وإسلامي وعالمي شامل وجامع .
ثانيا : يجب أن يتم احترام الارادة الشعبية الفلسطينية بالسواد الأعظم ، التي منحت قائمة الطريق الثالث في الانتخابات التشريعية الثانية لعام 2006 ، مقعدين اثنين فقط من أصل 132 مقعدا ، هي اجمالي مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني ، ولم تمنحه الثقة لتشكيل حكومة بالاوقات العادية ، ولا يجوز تخطى هذا الأمر باي حال من الأحوال .
ثالثا : الشعب الفلسطيني ، جرب رئاسة وشخصيات الحكومة الفلسطينية برام الله ، فالبعض منهم نجح في الامتحان والجزء الاكبر منهم فشل بالرهان في الامتحان الأول ، ولا بد من تغيير الوجوة الوزارية التي لا تتمتع برصيد نضالي أو ليس لديها شعبية من الجمهور الفلسطيني ، ويجب تكريم الفائزين بالدعم الشعبي من باب أولى ، وإزاحة ممن ليس لهم قاعدة شعبية أو نضالات تاريخية .
رابعا : إن الحكومة الفلسطينية برام الله ورئيسها المستقيل د. سلام فياض لم تبن مؤسسة جديدة واحد بل كل المؤسسات شيدت وبنيت على أيدي الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات ( ابو عمار ) والادعاء بأن فياض هو باني المؤسسات ومطورها هو كلام غير صحيح ، والشواهد الارضية شاهدة على ذلك . فيجب الكف عن تريد مقولات مجافية للحقيقة لدى بعض المزورين والموالين .
خامسا : يجب أن يحظى الأسرى الذين عانوا من ويلات الزنازين والسجون الصهيونية بالاولوية في التشكيلات الحكومية الحالية والمقبلة وعدم حشرهم في زاوية وزارة الاسرى والمحررين فقط . وعدم رميهم على قارعة الطريق الهامشية ، مهما كانت الظروف والاوضاع ، فمسيرة التحرير لم تنتهي بعد لغاية الآن .
سادسا : تظهر بين الحين والآخر ، بعض التأييدات والمناشدات النشاز للابقاء على رئاسة الحكومة الفلسطينية بزعامة د. سلام فياض ، وكأن هذا الشعب المجاهد العظيم لم ينجب غيره ، فهناك عشرات بل مئات العباقرة الذين يمكنهم قيادة الشعب بالطريق القويم الصحيح ، ولا يرى بعض المحللين السياسيين في هذه الفئة الا النفاق العام ، والمنفعية المتبادلة أو المشتراة أو المدفوعة من خلف الكواليس ، وهذه الموالاة الشخصية لا تلزم السواد الأعظم من الشعب الذي قال كلمته وسيقولها لاحقا . فنرى ونسمع الكثير من المنافقين الذي يعتلون المنابر الاعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي المجانية كالفيس بوك أو المواقع والشبكات الالكترونية المدعومة غربيا وامريكيا وأوروبيا ، ليطالبوا ببقاء الطريق الثالث الذي فشل باختراق الطريقين : الاول والثاني وبقي على قارعة الطريق من الناحية الجماهيرية .
فيا ايها الشاردون ذهنيا وسياسيا وإداريا واقتصاديا عن مسيرة الشعب الفلسطيني العظيم ، عودوا الى رشدكم ، وافيقوا من سباتكم ، فاين هي الدولة الفلسطينية الموعودة عام 2011 ، التي وعدتم بها  ؟ أم أن الدعاية الاعلامية المضللة قد اثرت عليكم واصابتكم بالخبل والكسل والنعس ليس في أوقات القيلولة فقط وإنما في ساعات اليوم والليلة . فالشعب الفلسطيني ليس بحاجة لأحصنة طروادة جديدة ، ونحن لسنا في اليونان بل نحن في فلسطين الأرض المقدسة ، من أبناء الطائفة المنصورة ، وقولوا كما تشاؤون ، فالشعب هو الحكم والفيصل بين الحق والباطل ، مهما طال الزمن . فليس كل من اعتمر الكوفية الفلسطينية وذهب لقطف ثمار الزيتون مرة أو مرات بالقرب من إحدى المستوطنات ، أصبح فلاحا مدافعا عن أرض فلسطين من غول الاستيطان اليهودي الاجرامي !! . وليس كل من لبس الشورت وشارك في الماراثون هو لاعب من الطراز الأول ؟؟
فالشعب الفلسطيني ، ليس بحاجة لمنع تجول ومواكب وزارية وأمنية ضخمة سليطة ، عند زيارة د. سلام فياض لمحافظة أو مدينة أو قرية فلسطينية ، حتى وإن كانت بلدته دير الغصون بمحافظة طولكرم ، أو نابلس أو الخليل أو بيت لحم أو جنين أو غيرها ، لحضور مؤتمر ما ، أو إفتتاح مدرسة شيدت وداومت قبل سنتين ، أو افتتاح ماسورة مياه أو تعبيد شارع لتغلق عدة شوارع فرعية ورئيسية لمناسبة هذا الاحتفال الوزاري الأمني الكبير .
الشعب الفلسطيني بحاجة للأمن والأمان النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، بعيدا عن الاستعراضات البوليسية كافلام الكابوي الامريكي في الأرض المقدسة . لقد سئم شعبنا الفلسطيني عبر سنوات كفاحه ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني حالات منع التجول بقوة الجيش الاجنبي .
أسباب استقالة د. سلام فياض الأخيرة
مرت مسيرة الحكومة الفلسطينية برام الله بالعديد من المراحل ، وتضمنت الكثير من الأخطاء والصواب عبر سياسة التجربة والخطأ ، التي يفترض تحاشيها جملة وتفصيلا في المرحلة المقبلة . والاحتجاجات في معظمها نتجت لمعارضة سياسة فياض السلبية ، رسميا وشعبيا ، على شتى الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والإعلامية .
وجاءت عملية تقديم د. سلام فياض الأخيرة ، وقبولها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، يوم السبت 13 نيسان 2013 ، لتصب في الكفة الراجحة من الميزان الفلسطيني ، فتنفس الجمهور الفلسطيني المثخن بالضرائب والرسوم والاتاوات وزيادتها الصعداء ، وفرح كثيرا ، وذلك للعديد من الأسباب والعوامل لعل أهمها الآتي :
اولا : الاحتجاجات الشعبية المتلاحقة الممتدة من خريف 2012 ، وتفاقمها في الشهور الاربعة الاولى من عام 2013 . فقد نظمت المظاهرات والمسيرات الشعبية المنادية برحيل د. سلام فياض عن رئاسة الحكومة الفلسطينية برام الله . ولا بد من القول ، لو أن اي حكومة في العالم تعرضت لما تعرضت له حكومة فياض من معارضة شعبية عارمة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، من الاضرابات النقابية من الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين ونقابة الموظفين العمومية واتحاد اساتذة وموظفي الجامعات الحكومية والعامة لقدمت استقالتها مبكرا دون ضجة أو ضجيج ، ولكن يبدو أن التمسك بالكرسي ، الطائر في الهواء بلا أرجل رباعية ، والتطلع لرئاسة السلطة الفلسطينية مستقبلا ، هي من أخرت تقديم الاستقالة .
ثانيا : الرغبة الفصائلية في إنهاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني ، والتقارب والتوافق الرئيسي بين حركتي فتح وحماس ، لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قادمة . لتتمتع المؤسسات الفلسطينية بالشرعية الانتخابية بصورة عاجلة لقيادة الشعب في المرحلة المستقبلية .
ثالثا : تزايد الابتزازات الصهيونية للشعب الفلسطيني ، وخاصة في مجالات الاستيطان اليهودي وتدنيس المسجد الاقصى المبارك ، واشتعال انتفاضة الأسرى بسجون الاحتلال الصهيوني ، وعدم فعالية الحكومة الفلسطينية برام الله في التصدي الرسمي السياسي والامني لها .
رابعا : مخالفات قانونية وسياسية ودبلوماسية متكررة ومتعددة للدكتور سلام فياض ، تجاه الصلاحيات الممنوحة له . من أمثلة ذلك ، على سبيل المثال لا الحصر مي يلي :
1. ممارسة الضغوط على وزير المالية د. نبيل قسيس حول مشروع الموازنة الفلسطينية للعلم 2013 ، وبالتالي اضطرار قسيس لتقديم استقالته ، وقبولها من فياض فورا ، دون الرجوع لمؤسسة الرئاسة الفلسطينية . ومسارعة فياض لاعادة توليه وتكليف نفسه بمهام وزير المالية من جديد التي جردته منها حركة فتح بتعب ومشقة كبيرة .
2.  الاجتماع الثنائي المغلق بين الرئيس الامريكي باراك اوباما وسلام فياض خلال زيارة الرئيس الامريكي الاخيرة لرام الله في الثلث الثالث من شهر آذار 2013 . وهذا مخالف للاعراف والتقاليد الدبلوماسية في العالم ، في إيحاء مباشر للدعم الامريكي لفياض .
3. سياسة الدكتاتورية والاستفراد التي مارسها د. سلام فياض ضد الوزراء المعارضين لسياسته ، وضد التطلعات الفصائلية والشعبية في الآن ذاته .
خامسا : الضغوط والاملاءات والابتزازات الامريكية والاوروبية للابقاء على د. سلام فياض بالرغم من المطالبات الشعبية والنقابية المتكررة باستقالة أو اقالة فياض . وكان آخرها التدخلات الامريكية في الشؤون الداخلية الفلسطينية ومطالبة القيادة الفلسطينية بالابقاء على فياض الامر الذي سرع بقبول الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاستقالة د. سلام فياض بلا تردد بعد اجتماع في رام الله استمر لمدة 20 دقيقة .
سادسا : رغبة حركة فتح في تسمية شخصية حركية في تولي منصب رئاسة الوزراء برام الله ، استجابة لضغوط شخصيات مركزية بالحركة والكثير من كوادر الحركة المتضررين من سياسة الحكومة التي أدارت لهم ظهرها بل ولاحقتهم سياسيا وأمنيا وماليا . فقد لعبت قيادة حركة فتح ، من اللجنة المركزية والمجلس الثوري ، الدور الكبير في إجبار فياض على الاستقالة وعدم العودة عنها ، لما الحقه من ضرر بأبناء حركة فتح وقيادتها طيلة فترة هيمنته على الحكومة .
سابعا : الفشل الاقتصادي الذريع في إدارة الشؤون العامة رغم تقلد فياض رئاسة الحكومة لفترة طويلة نسبيا بلغت قرابة ست سنوات عجاف . فقد فشلت السياسة الاقتصادية للحكومة برام الله في توفير الاموال للخزينة الفلسطينية المناسبة ، والتعرض مرات عديدة للقرصنة الصهيونية للاموال الفلسطينية الناتجة عن المقاصة والاستيراد والتصدير عبر المعابر والموانئ الخاضعة للجانب الصهيوني . وبلغت الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية منذ تسلم فياض لوزارة المالية عام 2003 حتى الآن ، قرابة 4 مليارات دولار ، هذا عدا عن استفحال الفساد الاداري والمالي جراء السياسة الاقتصادية المتعثرة . وباءت جميع الخطط الاقتصادية للاعتماد على الذات الفلسطينية بالفشل ؟؟  فتصاعدت وتيرة البطالة ، وكثرت سياسة الاقصاء الوظيفي المدني ، وتشعبت وتضخمت الاحتكارات والوكالات وضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني ، وتم تحويله لاقتصاد استهلاكي واستبعدت خطط الانتاج والتصدير التي تأتي بالعملة الصعبة وتشغل الايدي العاملة الجديدة التي تنضم سنويا للعمل ، وزادت سياسة التهجير الاقتصادية لخارج فلسطين وحرمت سياسة الخصخصة المؤسسات والشركات من التطور كمرافق حكومية شاملة أو جزئية .
ثامنا : الرغبة الشعبية الفلسطينية ، في التغيير الجذري ، والبدء بمرحلة جديدة تهيئ لانتفاضة فلسطينة كبرى ثالثة ضد اجراءات الاحتلال الصهيوني . ولو كان المجلس التشريعي فعالا يمارس صلاحياته ومهمامه ، لما بقيت حكومة فياض يوما واحدا بعد فترة الطوارئ .
تاسعا : الرغبة العربية والاقليمية والإسلامية في إزاحة د. سلام فياض من المؤسسة الرسمية الفلسطينية لمواصلة الدعم المالي .
سبل التخلص التدريجي من د. سلام فياض
لا يخفى على أحد ، أن حركة فتح ، وبعض الفصائل الفلسطينية ، التي تدرك التدخل الامريكي والاوروبي ، عبر رئاسة الحكومة برام الله ، عملت على التخلص من هيمنة د. سلام فياض على الحكومة الفلسطينية برام الله، عبر عدة سبل وطرق علنية وخفية ، من أهمها :
أولا : التعبئة الاعلامية المتواصلة بالأخطاء والسلبيات المتكررة .
ثانيا : نقل الصلاحيات الأمنية ، والحاق الأجهزة الأمنية بمؤسسة الرئاسة الفلسطينية .
ثالثا : الاتفاق بين حركتي فتح وحماس في اتفاقيتي القاهرة (4 أيار 2011 ) والدوحة( 6 شباط 2012 ) لاستبعاد فياض من الحكومة الفلسطينية الانتقالية المقبلة بصورة جذرية ، وجرى التوافق على عدم إدارجه بالحكومة كوزير أو رئيس وزراء .
رابعا : سحب الصلاحيات المدنية بالتدريج ، سحب وزارة المالية أولا ثم الاضطرار للاستقالة من رئاسة الحكومة بين الاختيار والاجبار ( إقالة فعليا في صورة استقالة نظريا ) .
خيارات تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة
هناك العديد من الخيارات المطروحة لتشكيل الحكومة الفلسطينية الكلية أو الجزئية ، من أبرزها :
أولا : التشكيل الحكومي الجامع ، عبر تأليف حكومة توافق وطني ، بالتوافق بين حركتي فتح وحماس وبقية الفصائل والاحزاب الفلسطينية ، لإعادة لم الشمل الرسمي الفلسطيني . ويمكن أن تكون اتفاقيتي القاهرة والدوحة أساسا لهذه الحكومة لتكون حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ( للمجلس التشريعي الفلسطيني والمجلس الوطني الفلسطيني ) ، وتكون هذه الحكومة برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس . وهذا الخيار هو أفضل الخيارات للجميع ، للشعب الفلسطيني والقيادة الرسمية وقيادة الفصائل الوطنية والاسلامية على السواء . ففي حالة تشكيل هذه الحكومة ستكون لفترة محدودة ( 3 – 6 شهور ) ، ليصار الى تشكيل حكومة موحدة جديدة بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في صيف 2013 .
ثانيا : تشكيل حكومة جديدة برام الله برئاسة أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح ، أو أحد المستقلين ممن يسمون بالتكنوقراط ، والاسماء المطروحة كثيرة في هذا المجال . وهو إحتمال قائم ولكنه ليس الخيار الأنسب لأنه يكرس الانقسام ولا يساهم في رأب الصدع بين جناحي فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) .
ثالثا : إعادة تكليف د. سلام فياض بتشكيل الحكومة الفلسطينية برام الله ، وهو احتمال ضعيف لكنه يبقى قائما . وفي هذه الحالة ستتعرض هذه الحكومة لانتقادات سياسية واقتصادية متزايدة ، ويمكن أن تشل المظاهرات والمسيرات والاضرابات النقابية عملها كليا او بصورة شبه كلية .
رابعا : الابقاء على الحكومة الحالية في رام الله ، كحكومة تسيير أعمال لأجل غير مسمى ، وهذا نوع من الانتحار السياسي الفلسطيني ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وإعلاميا . ففي هذه الحالة تفقد المؤسسات الفلسطينية مصداقيتها ، أمام الشعب وأمام العالم .
الانتخابات البرلمانية الجديدة وتشكيل الحكومة الفلسطينية
لا بد من القول ، إن تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للمجلسين الوطني والتشريعي ، إن عاجلا أو آجلا ، ويفترض أن تكون عملية الانتخابات الاستحقاقية ، بالتوافق الوطني بين حركتي فتح وحماس خلال العام الجاري ( 2013 ) للمصلحة الفلسطينية العليا ، وإعادة اللحمة الوطنية ، بالوحدة والاعتصام بحبل الله المتين ، والتعاون على البر والتقوى ، واستخلاص العبر والعظات من السنوات العجاف الخالية . وكتحصيل حاصل ، سيتم تكليف الفصيل أو الحركة الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية لرئاسة التشكيلة الحكومية القادمة ، ومواصلة المسيرة للحرية والاستقلال والتخلص من الاحتلال الصهيوني الأجنبي .
كلمة أخيرة .. لا طريق إلا الطريقين الأول والثاني ( توأم فلسطين : فتح وحماس )
الحق أحق أن يتبع ، فلا يعقل أن تتحكم وتستاثر ، قائمة سياسية صغيرة ( قائمة الطريق الثالث ) ، بدعاوى أنها مستقلة ، وهي ليست كذلك بل تتلقى الدعم الامريكي والاوروبي ، طيلة ست سنوات ، بمصير الشعب الفلسطيني ، لإدارة شؤون خدمية عامة ، فبدت هذه الحكومة وكأنها بلدية كبرى للضفة الغربية ، ولا حول لها ولا قوة في مواجهة الغطرسة والوحشية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني .
فلا يمكن للشعب الفلسطيني في هذه الحقبة الزمنية ، أن يحقق الحرية والاستقلال والانعتاق من الاحتلال الصهيوني الاجنبي إلا بتضافر جهود حركتي فتح وحماس والجهاد الاسلامي ، في أضلعة مثلث قويم ، وهي : الطريق الأول والثاني والثالث بصورة حقيقية ، بالحرب والسلم ، لأنهما توأم فلسطين . وأما قائمة ( الطريق الثالث ) فلا إمكانية أو مجال أمامه بين الطريقين الكبيرين العملاقين ، لأنه طريق تنظيمي وسياسي واقتصادي واجتماعي ، هش وضعيف كالعنكبوت ، لا رصيد جهادي وكفاحي تاريخي له ، في الانتفاضات الفلسطينية الكبرى والكفاح المسلح ، أو المقاطعة الاقتصادية أو الانتفاضة السياسية ، ولا تأييد شعبي له ، لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة ، أو في فلسطين الكبرى ، أمام التحديات الجسام التي تواجه الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج . ورحم الله أمرئ عرف قدر نفسه ، ولا نريد التقليل من جهود الآخرين ولكن هذا هو الواقع الفلسطيني المؤلم .
باختصار لقد كانت استقالة الحكومة الفلسطينية برام الله طيبة ، بل طيبة جدا لمسيرة الشعب الفلسطيني المقبلة باتجاه بوصلة الحرية والاستقلال الوطني الناجز ، وإن جاءت متأخرة إلا أنها تصب في مصب الصالح العام ، في جميع الاتجاهات والتوجهات الوحدوية .
ولا بد من الاستعانة بدعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد ، نوح ) .
وختامه مسك ، فندعو بهذا الدعاء الخالد الذي ورد بكتاب الله العزيز : {  رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد – البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .  { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المجيد – الصافات ) .
نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: